-->

الفصل الحادي عشر - ظلام البدر - دجى الليل

الفصل الحادي عشر

مرت اثنتا عشرة ساعة منذ تلك الدقيقة التي وضعها بالدولاب، كلما تذكر كم كانت المساحة الداخية به ضيقة يبتسم من فرط السعادة لمجرد علمه بأنها تعاني في كل ثانية تمر عليها، كان يتخيلها بهذا الوجه المتورم والدماء المنسابة أسفل شفتيها ليشعر بالنشوة التامة لقسوة تلك الآلام عليها وكأنه مجنون فقد عقله ولا هناك متعة قد تضاهي متعة إيذاء النساء بداخله..

نهض من سريره الذي تواجد بجناح مختلف تماماً بنفس الدور حيث تركها وحدها في جناح آخر وشعر براحة نفسية فريدة من نوعها ليستحم ثم توجه للخارج ليعدو مُطلقاً هذا الهواء المنعش أن يتسلل رئتيه في حرية ثم مارس بعض التمارين الرياضية وتوجه مرة أخرى لغرفته ثم استحم مجدداً وجلس ليتناول وجبة إفطاره في تأني وتريث تام ثم خرج للشرفة ليحدق بتلك المياة الزرقاء..

فكر كثيراً ماذا سيفعل بعد عودتهما من هنا، هل سيتركها بكل تلك السهولة وهي تستحق العقاب؟ هل يعيدها لزوج والدتها بعد العودة مباشرة وبعد الإنتهاء من الإحتفال بمولد ابنة أخته؟ وهل كريم قد تعلم درسه جيداً أم إنه يُساير ذلك الوضع حتى ينفذ ما برأسه فقط؟

سأل نفسه العديد من الأسئلة التي لم يجد لها إجابات ولكنه ان واثقاً أنه دائماً ما يجد الحل المناسب لكل شيء، فبالنهاية بدر الدين الخولي قد تعلم الكثير خلال سنوات عمره الثلاثة وثلاثين ولم ينس أبدا كيف واجه الأصعب من تلك الفتاة الصغيرة التي ظنت أنها ستحتال على الجميع!!


❈-❈-❈


تساقطت حبات العرق على وجهها لتسيل على ذلك الجرح أسفل شفتها لتشعر بالآلم وتمنت لو أنها فقط تناولت بعض المياة، بللت شفتاها وشعرت بالعطش وجفاف حلقها تماماً.. لا تدري لماذا يفعل بها كل ذلك، كان له أن يطردها خارج منزلهم، أن يعيدها لزوج والدتها، أن يكشفها أمام الجميع.. لكن ما يفعله بها فاق كل الحدود.

كم الساعة؟ كم يوم مر منذ أن أدخلها تلك اللعنة؟ لماذا تشعر بتلك السخونة حولها وكأن أسفلها موقد مشتعل..؟ لماذا يأسرها هنا؟ ومتى سينتهي هذا الكابوس الذي تحيا به منذ أن وجدها مع هذا القذر كريم!! تقسم أنها لم تفعل شيئا وصدت كل محاولاته معها!! لا تدري إلي متى سيظل محتجزاً اياها هنا، اسيحتجزها حقاً حتى موعد عودتهم مرة أخرى؟

أيصدق أيضاً تلك الإدعاءات بأن كريم قد أقام معها علاقة بمثل تلك الطريقة التي سألها بها عنه؟ تقسم أنها لطالما كانت فتاة جيدة ولم يقترب منها رجل من قبل! هي حتى لا تعرف ما معنى أن تنام مع رجل مثل ما ادعى بدر الدين!

دمعت عيناها في صمت ولم تشعر بنفسها بعد ذلك لتتثاقل جفونها من الإرهاق او ربما قد فقدت وعيها.. هي حقاً لا تعرف ولا تعي ما الذي يحدث لها!


❈-❈-❈


ثلاث ساعات سفر وثماني عشر حبيسة بذلك الدولاب.. واحد وعشرون ساعة.. لقد صفعها كثيراً.. بالطبع ستكون مستعدة الآن.. حسناً.. سيجعلهم اربع وعشرون ساعة..

"وحشتني يا حبيبي.. وصلتوا بالسلامة؟"

"اه تمام.. انتي عاملة ايه يا شاهي؟"

"كله تمام.. هي نور فين وموبايلها مقفول ليه؟"

"معرفش.. هي في اوضتها"

"طيب ابقا خليها تكلمني.. كان نفسي تبقا معانا اوي واحنا بناخد ورادي.. اصل زينة مش بتنيم البيت كله.. صحيح عايزة اقولك على حاجة بس متتعصبش.."

"انجزي وقولي؛ انتي عارفه مبحبش الكلمتين دول"

"يا ساتر عليك يا اخي.." تنهدت في حنق ثم اكملت "كريم طلع عليه بلطجية واتبهدل يا عيني وهديل قلباها مناحة"

" ازاي ده يحصل.. اقفلي وانا هتصرف واشوف مين عمل كده"

" بس يا بد.."

حسناً.. كريم لا يزال ملتزم بإتفاقه معه؛ أو هو ينفذ أوامره، لا يهم أياً كانت تلك الكلمة التي تقصد ما اراده ولكنه شعر بالراحة ثم أجرى اتصالاً هاتفياً آخر

"كريم الدمنهوري.. عايزك تراقبه وكل مكالماته تجيلي.. ازاي بقا معرفش!، كل يوم اي حاجة يعملها تكون عندي.. حتى لو دخل الحمام"

أوصد هاتفه ثم ابتسم براحة وهو يستمتع بتلك الهيمنة التي عاد ليمارسها مجدداً، ولكنها ليست على احدى النساء التي تتناولن المال، بل على من أخطأ بحقه وبحق اخته وبحق عائلته بأكملها ليشعر أن كل ما يفعله مشروع للغاية بل وأقل مما يستحق زوج اخته وتلك العاهرة الصغيرة!

ذهب واراح جسده في ذلك الكرسي الوثير ثم سند رأسه موصداً عيناه ليتذكر ما حدث له منذ سنوات عديدة واختلف تماما عن ذلك الرجل الذي حاوطته الهيبة وتلك الهالة التي تبعث الإرتباك في النفوس ليكون شخصا آخر مختلفا بملامح متألمة!..

كان قد آتى ذلك المنرل لتوه وقد تعرف على شاهندة أخته التي أحبها منذ أن تعرف عليها بالرغم من عمل والدته على جعله يكرهها وإخباره العديد من الكذبات عن أخواته وزوجة أبيه ولكن تلك المعاملة التي رآها عندما ترك والدته وذهب مع أبيه ذلك المنزل جعلته يحب كل من فيه، لقد كان يتمنى دائماً أن يكن لديه أخ أو أخت.. لقد قتلته وحدته كثيراً بمنزل والدته التي بالكاد جلست معه، دائما ما تركته وحيداً دون أن تراه لأيام.. رواية بقلم : بتول طه

تذكر كلماتها القاسية له أمام اصدقائها ومعارفها، كان لديها وقتاً للمرح، لأصدقائها، للشجار مع والده، لعائلتها، لكل شيء سواه هو.. تذكر كيف كانت تتركه بالأيام لا تعرف عنه شيء، نعم لقد كان بالرابعة من عمره ولكن يتذكر كل ما فعلته به.

"يوووه كفاياك كلام بقا، غور من وشي وادخل اوضتك"

"بابا فين.. كان واعدني يجي ياخدني"

"هو انت مبقاش وراك سيرة غيره، أبوك راح لمراته وبناته اللي بيحبهم وسايبك هنا عشان بيكرهك، وأنا كمان مش بحبك، ولو ما مروحتش اوضتك دلوقتي هاجي أضربك، سامع ولا لأ؟!"

ارتسمت ابتسامة على شفتاه عندما تذكر أن كان لديه تلك القدرة على أن يبكي من مجرد كلمات تخرج من عاهرة مثلها.. ازدادت ابتسامته لتتحول لضحكة ساخرة عندما فكّر قليلاً، فهو لا يدري ولا يتذكر متى آخر مرة بكى، لم يعد لديه تلك القدرة على أن يبكي أو أن يشعر بشيء يؤلمه. حدث له اكتفاء حتى أصبحت الدموع والشفقة لا تعرفا مكانا بين طيات قلبه المظلم!

فتح عيناه ثم توجه للشرفة وهو يتطلع السماء بعينيه المظلمتان، يتذكر الماضي بكل ما فيه، حُلوه القليل ومُره الكثير، يتذكر الكراهية والتعذيب، الشجارات، المشاحنات الدائمة بين والده ووالدته، استغلالها الدائم له؛ معرفة خيانتها له مع أعز أصدقائه، أكتشافه لسرقة أموال أبيه بمساعدة من أمه، لا يزال إلي الآن يسأل نفسه، أين لها بكل ذلك الجبروت لتفعل كل تلك الفجائع بل وتكره ابنها الذي هو قطعة منها؟ كيف لها أن تنظر لإنعكاس وجهها بالمرآة وتتحمل أنها بتلك الحقارة والقسوة بل وتستطيع النوم كل ليلة بمنتهى الراحة؟

غرق في أفكاره التي عصفت برأسه وتذكر العديد والعديد من الأوقات الصعبة التي جعلته الرجل الذي هو عليه الآن.. لقد نسي تلك المُحتجزة التي جنت على نفسها بذلك العذاب. تفقد الوقت ليرى أنه جلس غارقا في ظُلمات بحور الآلم السوداء أكثر من اللازم فلقد مر أكثر من تلك الثلاث ساعات بساعتان أخريتان، ابتسم متهكماً على حالتها، تمنى لو أنها عرفت من تعبث معه لكانت ابتعدت عن طريقه منذ البدية ولكن سوء حظها كان وفيراً جداً.

ارتدى قميصاً رياضياً قطني ثم توجه ليُحضر البيتزا، أكبر حجم وجده، هو لا يعرف ماذا تُحب وماذا تكره، ولكنه تذكر كيف آكلتها عندما كانت معه بالشركة، لقد بدت وكأنها تُحبها للغاية.

توجه للأعلى دالفاً للجناح المُلقاة هي به وأحضر مياة وطعامها ثم دلف للغرفة وأشعل جميع الأضواء ووضع الطعام على منضدة صغيرة أمام أريكة للجلوس ثم أخرجها من مكانها وما أن استطاعت تحمل هذا الضوء الهائل بعد الظلمة التي لازمتها كل ذلك الوقت تقابلت عيناه الثاقبتان بعينيها ليجد الذعر يرتسم على ملامح وجهها وهي تنظر له نظرة جعلته يظن أنه الشيطان بنفسه.

تفقد ملامحها ووجها الذي يحمل آثار صفعاته وتلك الدماء المتجلطة بجانب شفتيها بل وبعض الدماء أيضاً أعلى جانب رأسها وشحوب وجهها وبشرتها التي كانت يوماً ما مفعمة بالحيوية ليبتسم لها ابتسامة لم تلامس عيناه.

"أنا.. أنا معملتش حاجة.. متقربش مني أرجوك تاني.. أنا بكره كريم والله ما سـ..." تحدثت في سرعة وهلع وعادت الدموع لتتكون بعينيها

"هشششش" قاطعها ثم أمسك بوجهها بين يداه الكبيراتان معانقاً بهما وجنتاها ونظر بتلك العينتان الزرقاوتان التي شابهت لون السماء الصافية ثم آخذ يتلمس تلك الأجزاء المتورمة بوجهها لتأن بإرتجافة رعب عند كل لمسة يتلمسها بها ثم جذبها فجأة من ذراعيها لتنهض معه بينما صرخت فجأة

"آآه رجليا مش قادرة أقف عليها.." صاحت بعد أن احست بآثار احتباس الدماء بساقيها المثنيتان أسفلها بذلك الدولاب الصغير

"معلش.." ابتسم نصف ابتسامة مليئة بالتشفي لتنظر له هي في رعب وخوف منه وبنفس الوقت في تعجب من تصرفه ومن قوله.

أجلسها بعد أن دفع جسدها رغماً عنها وهي تكاد أن تسقط، فهي حقاً لا تشعر بقدميها أثر الدماء التي لم تتحرك بساقيها للكثير من الوقت، ثم ناولها بعض المياة التي آخذتها منه في تردد وحذر وبأيدٍ مرتجفة تناولتها منه ثم أخذت تشرب منها حتى كادت أن تنهي الزجاجة بأكملها ثم وضعتها جانباً ليبتسم لها ابتسامة ظهرت معها أسنانه لتبتلع هي في وجل وحاولت الابتعاد عنه وعن عينيه المخيفتان بقدر الإمكان خوفاً من أن يلمسها أو يضربها ثانية.

أومأ لها مُشيراً لصندوق البيتزا فنظرت له بإستفسار وخشية من رد فعله إذا تلمسته ليومأ لها بالموافقة فتسارعت عليه لتفتحه وأخذت تأكل وتتناول محتوى الصندوق الكرتوني بنهم شديد..

ظل ينظر لها وهي تأكل بمثل هذا النهم وبداخله فرحة عارمة وهو يتذكر كل ما فعله به والده يومها، هي تشبهه كثيراً، نفس الشعور الذي شعر به يومها يتكرر أمامه مرة أخرى فنهض فجأة لتتكوم هي على نفسها في حذر وارتجف جسدها تلقائيا ليبتسم ساخراً ثم توجه للخارج وأحضر بعض العصير ليضعه أمامها في صمت تام لتتناوله هي بأكمله وظل يتابعها بعينيه الثاقبتان وهو يمرر كلاً من ابهامه وسبابته على شفتاه وهو يراقبها حتى شعر بأنها لا تستطيع حتى أن تتنفس بعد أن تناولت هذا المقدار من الطعام.

أحضر كرسي ثم وضعه أمامها ليجلس عليه بجسده الفارع وباعد بين أقدامه متكئاً على فخذاه بساعديه وشابك أصابعه في النهاية وحدق بعينيها المرتعدتان التي تتابع حركته ليسألها من جديد نفس السؤال

"نام معاكي كام مرة؟!" آتى صوته هادئاً للغاية لتنظر له هي في صدمة من نفس ذلك السؤال الذي سأله من قبل وحزنت ملامحها من فجيعة تلك الفكرة التي تُسيطر عليه

"صدقني والله ما حصل حاجة بيننا.. هو كان بـ.."

"هشششش.." قاطعها بهدوء أجفل قلبها

"بس لو تسمعـ.." توقفت عن الكلام عندما نظر لها نظرة أرعبتها وشعرت وكأنما شعيرات جسدها تتوقف من الخوف لتبتلع وحاولت ألا تنظر له وابتعدت بجسدها للوراء لتجده ينهض ويقترب منها "لا بلاش تضربني.. أنا معملـ.."

"اخرسي" قاطعها ثم جذبها من يدها وأعادها لذلك الدولاب وأوصده عليها مجددًا ليتركها ولكن هذه المرة لثلاثة أيام.


❈-❈-❈

ألقى المنشفة على الأرض في غضب بعد أن نظر لوجهه ملياً بتلك الآثار والكدمات التي بدأت في الضمور والشفاء وهو يُفكر في الإنتقام من بدر الدين.

لن يدع ما فعله به ليمر مر السلام، هو لا يعرف حقاً ماذا يستطيع أن يفعل به؛ سيرد له الصاع صاعين، سيفسد عليه حياته بأكملها بشكل لن يتخيله.

سيجعل المصائب تنهال على رأسه ولن يعلم من يفعل به كل ذلك؛ سيحاذر مثلما فعل دائماً؛ هو لا يعرف كريم الدمنهوري بعد..

يملك من الذكاء والحيلة الكثير ولحسن حظه وسوء حظ بدر الدين لا يعرف أحد عن حقيقة ذلك الذكاء شيئاً.

أما تلك الفتاة التي سلبت عقله سيآتي بها وسيتملكها عاجلاً أم آجلاً، وحتى لو سيخوض حرباً مميتة، سينتقم من أجل كبرياءه ومن أجل تلك الملامح التي ينظر لها بالمرآة.

لن يدع تلك الكلمات التي أخبره بها بدر الدين دون رد فعل؛ ويعرف جيداً كيف يرد عليها.

"حبيبي أنت كويس؟" تسائلت هديل بعد أن شعرت بغيابه لتدلف عليه حمام غرفتهما

"أنا تمام" ابتسم لها بإقتضاب لتتوجه هي نحوه

"معلش يا حبيبي؛ ربنا ياخدهم اللي عملوا فيك كده؛ وفي داهية كل اللي اخدوه اهم حاجة انك بخير." أخبرته وهي تلف يداها حول عنقه ليعقد حاجباه في غضب ثم شرد متذكراً ما حدث له.

"مالك يا كريم؟ سرحان في ايه؟"

"هه.. مفيش"

"عليا أنا بردو؟" نظرت له مضيقة عيناها في تحفز ليقابل نظرتها

"هديل يا حبيبتي، ما بلاش دور الحنية ده، مش لايق عليكي"

"اخص عليك! كده بردو بتقول عليا كده؟" غضبت ملامحها "كريم أنت عارف إني بحبك وبموت فيك ومقدرش استحمل حاجة تحصلك؛ لما شوفتك وأنت داخل عليا بمنظرك ده كنت مرعوبة، وأنا عارفة اني الفترة الأخيرة كنت مشغولة عنك جامد بالشغل والولاد بس من غير كلام كتير أنت عارف ومتأكد إنك عندي بالدنيا وما فيها.. واي حاجة بعملها أو بتشغل بيها عنك بيكون عشان مستقبلنا وحياتنا الجاية، لكن اوعى شوية الخناقات الصغيرة اللي ما بينا تحسسك إني مبقتش احبك زي زمان أو مبخافش عليك" ابتسم لها في سخرية لتعقد هي حاجباها وتقترب منه أكثر وزادت من حدة تعلق يداها به

"طب وحياتك عندي أنا لسه بحبك زي زمان واكتر كمان، وممكن اثبتلك ده بأي حاجة أنت عايزها، وممكن تجربني" أخبرته في دلال وأقتربت لتقبله وأخفضت يداها لتحاوط بها خصره ليشعر باحدى يداها تعبث في جيبه الخلفي أثناء قبلتهم وكأنما تضع به شيئاً ما ليبتعد عنها ونظر لها في ترقب وتعجب ومد يده في جيبه يتحسس ما وضعته ليخرجه ثم نظر لها في دهشة.

"فداك يا سيدي العربية، ومبروك الجديدة" ابتسمت له ليبادلها الابتسامة "كده كده كان بقالها معاك سنتين وموديلها قدم.." توسعت ابتسامته وهو ينظر لمفتاح سيارته الجديدة "عشان تعرف انا بحبك قد ايه.. بلاش بقا يا كريم كل ما اجي اقرب منك تصدني كده.. أنا في حياتي كلها مبحبش قدك"

" ربنا ما يحرمني منك يا حبيبتي" قبل يدها وتصنع اللين عكس ما يبطنه بداخله ونظر لها بأعين امتزجت خبثاً وفرحة ولكنها لم ترى ذلك

"حقك عليا.. انا عارفة اني كنت مقصرة معاك وده مش هيحصل تاني."

"ولا يهمك يا حبيبتي.. أنا عارف انه كان غصب عنك وانك كنتي مشغولة"

"ولا عمري هاتشغل تاني عنك" احتضنته ثم نظرت له "يالا بقا عشان ننزل نتغدى معاهم، هاستناك تحت، ماشي؟"

"حاضر يا حبيبتي هاغير هدومي واحصلك" ابتسم لها لتبادله الإبتسامة ثم توجهت للخارج لتتركه ليضحك هو في خفوت ثم آخذ يتمتم

"ابقى بقا وريني يا بدر الدين باشا هتعمل ايه مع أختك اللي لسه واقعة زي زمان.. جاتلي على الطبطاب ولغاية عندي.. غبائك هو اللي هيوقعك في شر أعمالك.. بكرة تشوف!!" فكر كريم في خطواته القادمة وآخذ يتخيل ما سيحدث لبدر الدين على يده.


❈-❈-❈


توجهت شاهندة خارج بوابة الجامعة وهي تشعر بالقلق الشديد، أربعة أيام لم تحدثها نورسين، وعندما احتضنتها بالمشفى لتودعها شعرت بأن هناك شيئاً ما، بكائها ذلك وصمتها الغير مألوف بتلك الطريقة!! هي حتى لم ترسل لها أسمها مثلما اتفقتا وهاتفها وكل برامج التواصل لديها لا تستقبل أية رسائل أو مكالمات..

صفت سيارتها بجانب الطريق وحاولت الإتصال بأخيها حتى تطمئن على نورسين ولكن وجدت تلك الرسالة المسجلة من شركة الهاتف بأنه لا يزال مغلقا ليتفاقم قلقها عليها..

"أكيد مشغولين أو عندهم اجتماعات.. هي كده كده هانت وقربت تيجي وأكيد يعني بدر حتى لو ايه مش هايسيب حاجة تجرالها" تمتمت وهي تحاول أن تنفض شعور القلق والخوف من عقلها ثم تنهدت وشرعت في القيادة مجدداً.


❈-❈-❈


"كده تمام، كل حاجة خلصت وتقدر تروح البنك وتتعامل عادي"

"يعني كل حاجة بقت بإسمي؟!" تسائل يُسري والفرحة بادية على وجهه ونظر للمحامي في غير تصديق

"حضرتك كده كده كان عندك توكيلات ودلوقتي بعد ما خلصت الإجراءات بتاعت الورث والوصية بقت كل حاجة ملكك رسمياً، الودايع والحسابات والبيت والشركة، كله بقا تحت تصرفك" أجابه المحامي ليتهلل وجه يُسري

"متشكر جداً ليك.. معلش هستأذن عشان عندي اجتماع مهم ومتقلقش فواتير أتعابك ابعتهالي الشركة وهطلع الشيك بإسمك وتقدر تيجي تستلمه أو تبعتلي حد بتفويض عشان يستلمه" صافحه يُسري ليصافحه المحامي مرة أخرى

"لا العفو على ايه يا يُسري بيه.. تحت أمرك في أي وقت"

توجه يُسري للخارج بفرحة كبيرة وهو يشعر بالسعادة، الآن فقط كل شيء أصبح ملكه رسمياً، لم يعد زوج الهانم، لم يعد تابعاً لها.

"يااه بس لو كنت عملت كده من زمان كان زماني ارتحت.. بس يالا أهو كله بأوانه" تمتم متنهداً ثم ابتسم لتلمع عيناه في خبث "الدور بقا عليكي يا حيلة أمك.. الكام مليون مش هيضيعوا من ايديا.. هتتجوزيه غصب عن عينك.. وإلا هابهدلك معايا" هز رأسه في سعادة وتوجه خارج المصعد ليحاول الإتصال بكريم.


❈-❈-❈


توجه داخل ذلك الجناح الذي تركها به وهو يشعر بالراحة التامة ويستعد لما سيفعله بعد ثوانٍ من الآن.. عقله يتخيلها ويتخيل منظرها وملامحها وهي تواجه كل ما خطط له وكل ما انتظر كل تلك الأيام من أجله.. مجرد فكرة أن يصيب سواه بنفس العذاب الذي تلقاه لسنوات أثلجت صدره وجعلته يشعر بالمتعة الشديدة..

أقترب من الدولاب ليفتحه ثم ابتعد عاقداً حاجباه لثوان وها هو يشعر بالتقزز مما سيراه ولكنه استعاد هدوءه وتحكمه وسيطرته على ملامح وجهه وهو يحاول أن يقنع نفسه بأن كل ذلك حدث له يوما ما فلماذا لا يرى مخطئة مثلها تتلقى نفس العذاب ثم جذب الدرفة بعد أن فتحها بالمفتاح ليجد جسدها يرتمي أسفل قدماه واشتم تلك الرائحة العفنة!!

لم تستطع أن ترفع رأسها له وشعرت بالإحراج والرعب في آن واحد، لم تفعلها من قبل في حياتها وحتى عندما كانت طفلة صغيرة لم تتذكر أنها وقعت بموقف مشابه لتتساقط دموعها في وهن وهي لا تدري لماذا كل ذلك يحدث لها.

جذب شعرها لتشعر هي بإقتلاعه وجسدها يُسحب خلف خطواته ورغماً عنها صاحت في قلة حيلة وضعف بين بكائها الحاد "حرام عليك بقا، أنت ليه بتعمل كل ده فيا، أنا معملتش حاجة، كريم هو اللـ.."

"اخرسي يا بت!!" قاطعها ولم يكترث لتشنجات جسدها وبكائها الذي لا يتوقف ثم ألقاها بأرض الحمام ليُمسك بالمياة الساخنة للغاية ثم القاها على جسدها في تمتع تام بعذابها لتصرخ هي.

"يالا يا قذرة يا معفنة عايز كل ده بيبرق في ثواني، تخلي الدولاب والأرض زي الفل، مش ناقص كمان عفانتك اللي زي الحيوانات دي" صرخ بها ونظر لها بإحتقار ليتوجه للخارج وتتهاوى هي أرضاً تبكي على ما يحدث لها بينما هو تركها وتوجه للشرفة وهو يحاول السيطرة على أنفاسه المتلاحقة وقاوم شعور التقزز من ذلك المنظر الذي رآه.


❈-❈-❈

آخذت تحك جسدها بعنف وهي تبكي أسفل المياة وتُفكر ماذا فعلت لكل ذلك؟ هي لم تقترب من كريم، هي لم تكن فتاة قذرة لتفعل ما يتخيله، كيف لها أن توضح له ما حدث وكل مرة يصدها ولا يستمع لها!!

ماذا عليها أن تفعل الآن؟ كيف تصل لشاهندة وتقص عليها كل ما حدث؟ كيف تجعل بدر الدين يستمع لها؟ كيف سيصدقها وهي لا تملك أي دليل على ما فعله كريم؟ هل سيعودا أم سيحتجزها للأبد هنا؟ لماذا تركتها والدتها لتعاني كل هذا وحدها؟ فقط لو كانت هنا لما كان حدث أيا من هذا!!

عصفت الأفكار برأسها وهي تبكي بشدة وظلت أسفل المياة دون شعور بأي شيء آخر ولسوء حظها أخذت وقتا وغابت أكثر من اللازم لتجد باب الحمام يُكسر عليها!!

"جرا ايه يا روح امك!! فاكراني هستنى الهانم على ما تخلص ولا إيه؟" نظر لها بمنتهى الغضب لتشعر هي بالإرتعاد وهي تحاول أن تخبأ جسدها العاري بيداها وهي تنظر له في رعب وترى نصفه العلوي العاري بلا ملابس لتتواتر العديد من الأفكار في رعب وارتعاد من منظره على رأسها وعقلها الذي بالكاد يواكب ما يحدث وشعرت بالخوف بم قد يفعله معها بمنظره هذا وهو دون ملابس لتتعالى أنفاسها في فزع.

"خايفة اوي لا اشوف جسم واحدة قذرة زيك؟" ابتسم متهكماً ثم توجه نحوها جاذباً اياها من شعرها بينما ألقت على نفسها منشفة بسرعة استطاعت تناولها من خلف الباب

"قدامي يا كلبة" صاح بها ثم توجه أمام الدولاب والقاها أرضاً وهو يسمع بكائها ويرى محاولاتها بإخفاء جسدها عنه.

"القرف بتاعك ده ينضف" قرب رأسها لداخل الدولاب لتشعر هي بالتقزز ورغماً عنها تقيئت فالرائحة تلك فجرت بمعدتها الغثيان!

"يا معفنة يا قذرة! ده انا هطلع روحك!" صرخ بها ثم خلع حزامه وهي أسفل قدماه وجسدها يرتجف

"ارجوك البس أي حاجة بس وهاعمل اللي أنت عايزه" تحدثت بوهن ونبرتها مليئة بالتوسل والإرهاق في آن واحد وجسدها يرتجف في هلع وهي تنظر له في رعب سيطر على قيد كل أنملة بها ولا تصدق أنه قد يضربها بحزامه الممسك به

"تلبسي! قال يعني هتفرق عن الحيوانات حاجة.. يالا نضفي يا بت القرف ده" اجابها ثم وبدون مقدمات انهال على جسدها بجلدة من حزامه لتصرخ هي ثم بكت بشدة وأنفاسه تتلاحق وبداخله يجبر نفسه ألا يدع ذلك الشعور الذي آتاه من قبل كلما رآها تبكي ليتسلله وكأنما أوقف مشاعره عن العمل والإستجابة..

"ربع ساعة وكل حاجة تكون بتبرق!" أخبرها في تحذير لتهز هي رأسها بالموافقة ونهضت وهي تتحامل على نفسها وتوجهت للحمام شبه عارية وهي ترتدي المنشفة بمنتهى السرعة وتحاول إغلاقها على جسدها وكأنها بلا عقل تماماً وكأن جسدها يستجيب لآوامره دون وعي منها لتحضر أي أدوات قد تجدها لتنظف بها بينما تابعتها عيناه الثاقبتان حتى اختفت داخل الحمام ليبتلع ثم توجه ليحضر كرسي ويجلس ليكون خلفها وهي تقوم بالتنظيف وحاول أن يهدأ من احساسه بالإثارة المرضية لرؤية جسدها شبه العاري الذي لم يرى مثله من قبل وانتظر مجيئها وأقسم بداخله أن يريها قسوته التي لم تعرف عنها شيئاً بعد.


يُتبع..