الفصل الثالث عشر - بنات حورية
الفصل الثالث عشر
لم يكن ليصدق إن أخبره أحد أنه سيسلم عزيزة أخري علي قلبه في نفس الشهر ،، وأي عزيزة هي النسخة المصغرة من حوريته الكبرى ،، الأن فقط يشعر بكبر عمره .. يشعر بهرمه .. تلك الفترة أجادت اللعب علي أوتار أبوته بشدة .. كيف سيسُلم بسكوتته الصغيرة إذاً بعد انتهاء فصلها الدراسي الأخير في هذا العام _ عامها الدراسي الأول _ .كيف واجه صعوبة بالتعامل مع تقلبات مشاعر حورية هي الأخري .. لقد قاربت لطفولتها مجدداً ببكائها الذي زلزله أكثر وكأن لا يكفيه ما يعايشهُ هو الأخر .
كانت سبأ كملكة متوجة ،، تواجه مشاعر توترها متمسكة بيدي حورية بخوف .. خوف طبيعي في هذا اليوم ،، لا تصدق أنها بعد ساعات ستكون زوجته ،، وجهاً لوجهاً معاً في نفس المنزل ،، لقد كان يحرص علي الاهتمام بها بعد معاتبتها له .. يحدثها يومياً تقريباً ،، كان يلقيها بكلمات غزل تعزز من أنوثتها ولكن يظل ما بينهم حديث فقط ولكن الأن سيكونون وجهاً لوجه ،، طوال ثلاث أشهر لم تراه إلا من أسبوع ،، كان يتابع التحديثات الأخيرة لشقتهم قبل الزفاف .
" أمي " لا تنفك عن قولها كل عشر دقائق تقريباً ،، تتمسك بكفها بقوة بينما مصففة شعرها مندمجة بعملها .. مسدت حورية علي كف ابنتها هامسة بمساندة :
" يا روح أمك يا صغيرتها ،، كَفي توتراً واستمتعي بيوم زفافك يا جميلة " .
أخذت شهيقاً واسعاً : " قلبي سيتوقف " .
أخذت راما تهوي لها بطريقة مسرحية ولورين تتحدث برفق ماكر :
" إذاً لنخبر سفيان أن قلبك سيتوقف وننهي كل شئ وتذهبان للمنزل الأن " .
نظرت سبأ لها بشر محذرة :
" سأقتلك لورين " .
ضحكا ملئ قلبها بعد ذلك ،، لتتنهد سبأ مزيحة توترها قليلاً لتتحدث حورية :
" ستكونين طوال الوقت معنا " .
أومأت لها بإمتنان وأعلن الوقت عن انتهاء تزينها ،، تأبطت ذراع والدها الذي قبل جبينها فاحتضنته بشدة ليبادلها بأكثر قوة منها ،، وكأنها لن تسكن بنفس البناية .. كان سفيان يقف بجوار والدته بحلتهِ الآخاذة ينتظرها .. كانت أروع ما نظر إليه يوماً .. سعيد للغاية بكونها ستكون خاصته و ملكه ،، كل هذا الجمال له وحده !! .
كما سلبت حسه تجاهها بجمالها سلب هو أيضاً قلبها بمشاعر باتت تدغدغ قلبها بشدة ولكن شتان بين الاثنان .. هي تري روح سفيان المختبأة خلف هذا الصرف الذي لم يعاملها كما يجب إلا حين أنبته وهو يري جمال سبأ وليس سبأ علي الأغلب ! .
قبل جبينها بحرارة هامساً مشعلاً توترها من جديد :
" تبدين رائعة " .
شكرته وهي تتأبط ذراعه بخجل ،، وهذه أول مرة تحتك بهِ ،، افتُتِحت الليلة برقصة رومانسية كان يذوبها بكلام معسول حينها ،، بخجل بالغ استحملت يديه التي تحتضن خصرها فازدادت توهجاً ليشتعل هو حماساً بخجلها السالب الآخاذ .
..................................................
" بابا هل تأتي معي "
هتفت رسيل ،، مخبرة أبيها أنها تريد الخروج لاستقبال إحدى مرضاها ،، مخبرة إياه أنها أكثر من مريضة لديه ،، رافقها ليستقبلهم .
" أهلاً بكِ بُنيتي " حياها دياب بدفئ وأسيل تعرفه علي بيسان كونها صديقتها :
" وهذا المقدم إسلام زوجها و الأستاذ صهيب شقيقها " .
تلكأت حروفها عند تعريف صهيب بوالدها ،، تلكأ يعرفه دياب حق المعرفة ليصافحهم برسمية وود :
" انرتونا تفضلوا " .
جلست رسيل معهم قليلاً قبل أن تندمج مع أخواتها متحدثة :
" لما لم تلبي دعوتي في .. " .
قاطعها إسلام : " منذ يومين أتينا من شهر العسل ".
" هنيئاً " تحدثت وهي تنظر لصهيب .. الذي يفترسها بنظراته دون خجل بل ومال عليها مؤكداً :" كنت سأكون مفضوحاً إن أتيت بمفردي " .
توسعت عينيها ولكنها ابتسمت بخجل وهي تتركهم متوجهة لسبأ تحت أنظار دياب الذي لاحظ تسلط أنظار هذا الصهيب علي ابنته طوال الفرح .
.........................................
وقف بعيداً عن حشد النساء المتجمعين حول العروس قليلاً ينتظر أن تأتي عينيها بعينه ليناديها ولكنها مندمجة عنه بالفعل ،، لاحظته حورية لتذهب له :
" راكان تريد شئ يا بني " .
تنهد بإتساع مجيباً : " لو تنادي لي راما قليلاً يا أمي لم أسلم عليها حتي الأن " .
" اعذرها يا بني مازالت صغيرة ،، سأناديها لك ". أومأ لها بإمتنان وذهبت حورية تجاه ابنتها لتجذبها لها برفق :
" ابنتي ألن ترحبي بخطيبك " .
وهنا رفعت راما نظراتها لتلتقي بنظراته فابتسمت لوالدتها برفق وهي تجيبها :
" حاضر يا أمي " .
ابتسمت حورية وهي تراها تتقدم منه وراقبتهم بهدوء ،، مازالت تخشي علي راما من تلك العلاقة ولكن إن كان راكان كدياب رغم أنها تجزم أن لا شبيه لدياب لما كانت لتوافق حتي الأن ... ولكن دياب يرى ذلك .
اتجهت راما لراكان بتوتر ،، في الحقيقة هي تخشي رؤيته وتتجنبها منذ أخر مرة رأته بها ،، لقد آتي ليقلها لمنزلها من الجامعة ،، لم تكن تراه ولم ترى الشخص الذي كان يأكلها بنظراته حتي عاكسها بكلام بذيئ وهنا حدثت الكارثة حيث أصبح هذا الشاب كومة تخرج الدماء من علي الأرض .. كان متوحشاً حينها خاصة حين جذبها من يديها بعنف للسيارة صائحاً بها :
" ستغرين طريقة ملابسك تلك " .
وحين لم تجيبه صاح بها مجدداً ،، لتحافظ علي دموعها بصعوبة ولكنها خانتها بالنهاية لتبكي وهي تجيبه : " أريد الذهاب لمنزلي " .
قالتها لأنها تعرف أن اليوم الذي يأخذها فيه من الجامعة تقضيه معه كلياً ولم يتركها في هذا اليوم أيضاً بل توقف علي النيل لينزل من سيارته مهدئاً إشتعاله الغاضب قبل أن يعود إليها ويهدهدها ماسحاً دموعها .. ابتعدت عنه حين لامس وجنتيها بكفيه بخوف ،، ليجذب وجهها قصرا معتذراً :
" سامحيني يا صغيرتي ،، لقد جن جنوني حين رأيت هذا ال.. يعاكسك " .
زادت دموعها ،، لن تنسي رؤيته وهو يضربه بكل هذه الوحشية ،، هز رأسها برفق متحدثاً بذهول : " توقفي توقفي يا حبيبتي ،، لا تجعليني أحتضنك الأن " .
تنهد بنفاذ صبر هاتفاً بدفئ : " لماذا تبكين " .
" أنتَ كنت .. كنت كالوحش " كانت هيئته غير آدمية هذا ما أرادت قوله ليجيبها :
" سأكون وحشاً حين يتعرض لكِ أحداً يا راما " .
" ليس بتلك الطريقة " همست ببكاء ليهدئها ماسحاً دموعها بكفيه : " حسناً أسف سأحاول ألا يحدث هذا مجدداً ،، ولكن ستساعديني في ذلك " .
هدأت قليلا هامسة : " كيف ،، أنا لم أقل له أنظر لي " .
" بلي قلتي ،، بملابسك الضيقة تلك حبيبتي آبحتي له النظر لكي لذا ستوسعي ملابسك قليلاً " أقر آمراً لتجيبه بخفوت وهي تشعر بنبرته تقول تجرأي واعترضي :
" حسناً هل يمكن أن توصلني للمنزل الأن " .
هتف ببرود وهو يتحرك بالسيارة : " لا " .
وضعت رأسها علي الزجاج بهدوء بابتسامة ،، جزء بداخلها أراد أن يعارضها كما فعل وإن كان وافق لكانت حقاً علمت أنه غاضب منها .
توقف أمام مطعم للوجبات السريعة هاتفاً بمرح : " إذاً سنأكل برجر " .
شعت ابتسامتها وهي تهمس متفاجأة : " برجر "
دائماً ما تخبره أنها تريد البرجر والبيتزا وكل ما هو مضر ودائماً إجابته واحدة لا تتغير : " لا إنه مضر " .
أجابها مبتسماً : " نعم إذا كان سيعيد ابتسامتك أيتها الأميرة المدللة " .
وكم عادت ابتسامتها وهي تلتهم البرجر شاكرة إياه : " شكراً يا راكان " .
أخجلها حينها بقوله : " أريد شكر من نوع أخر ولكن لا بأس " .
انتهي يومها بعد أن أعاد ابتسامتها ولكنها ظلت متوترة مما حدث لذا كانت تتجه له بتوتر بعد حديث حورية معها ،، وقفت أمامه بهدوء وهي تحتضن جذعها هامسة :
" كيف حالك " .
" بخير يا جميلتى ،، اشتقت لكِ " ابتسمت بهدوء وخجل دون إجابة ليتحدث ببرود قبل أن يأخذ خطواته للأخر : " اتبعيني راما " .
لقد أرهقه عدم تجاوبها معه هذا ،، استغل انشغال الجميع ليأخذها بعيداً ،، تبعتهُ بالفعل ولكن خطواته ابتعدت عن قاعة الفندق بقدر كبير لذا نادتهُ بتوتر حيث لم تعد قادرة علي مسايرة خطواته السريعة : راكان .
نظر لها من أعلى كتفه قبل أن يعاود سيره ،، لقد اقترب من مكان هدفه حيث البحيرة الكبيرة التي يطل عليها الفندق ومن أعلاها ممشي زجاجى كالسحر ،، خطواته وضعت علي الممشي بالفعل ولكن راما وقفت خائفة على حافة بدايته بتوتر وهي تراقب المياه الجارية من أسفل الزجاج لتتحدث مرتبكة كالأطفال حين التف يحثها علي المتابعة : أنا خائفة لا أريد الصعود عليه .
اقترب يمسك يديها قائلاً بلين : لا تخافي هذا الممشي سحرى سآتى بكِ لهنا بعد زواجنا حيث يحدث السحر تماما عند منتصف الليل ولكن الأن لتبقي هادئة ولتستمتعي انظرى .
انصتت لحديثه الذي كان كالمهدأ ورغماً عنها تمسكت بيديه وكأنهم امتصوا خوفها بالكامل وسمحت له أن يتوغل بها لعمقه حتى توقف يحثها علي النظر وهنا وعت أنهم بمنتصفه تقريباً لتلتصق بهِ أكثر رغماً عنها برعشة وهي تنظر للأسفل : راكان المنظر رائع حقاً ولكن قلبي سيتوقف بالفعل وكوني ملتصقة بكَ هكذا لا يصح .
أسندها علي حافة الممشي محاوطاً إياها بذراعيه .. أنفاسه الساخنة تحرق وجنتيها رغم برودة الجو المحيط .. بينما تسائل بصوت أجش : لماذا لا يصح .
لامست يديها صدره حيث قلبه النابض بقوة في محاولة واهنة باتت بالفشل في دفعه وهي تتلجلج بارتباك : راكان ابتعد .
قرب وجهه منها أكثر لتشهق بخجل وتوتر بالغ وخوف بينما يعيد سؤاله : جاوبيني .
بصعوبة حاولت النطق .. وكأنه ساحر يشل حواسها فتتبعثر كل كلماتها الرعناء أمامه فتتبدل راما المتمردة بأخرى خانعة .. مرتبكة علي الدوام تحاول مجاراته ولكن عبثاً فأين هي من بين محراب خبرته في العشق المتدفق دائماً من عينيه وكأنه يعشقها منذ قرن :
لستُ زوجتك بعد لا يصح ما تفعله .
همس بخبث أمام شفتيها : إذاً ستسمحي لي بعد الزواج .
بماذا تجيبه الأن .. تشعر أنها تريد مياه تلك البحيرة بأكملها لتطفئ نيران خجلها وارتباكها الشديد بسببه .. تضرجت وجنتيها بحمرة لذيذة وأغلقت عينيها علي دموع عجزها هاتفة بترجي لاهثة بأنفاسها المتسارعة : توقف أرجوك .
حالتها تلك تثير بداخله الكثير والكثير من عدم التعقل ولكن لم يبقي كثيراً لتكون طوعه بالكامل وحينها سيعلمها من أبجديات حبه ما سيذيبها له .. نطق مستلذاً : حسناً سأغير السؤال ولكن افتحي عينيكِ من أجلي يا بسكوتتي .
فتحت عينيها مصاحبة لشهيقها المرتفع من قربه الذي لا يود أن يرحمها فيبتعد قليلاً وقبل أن يسأل سؤاله صرحت هي بتوقف قلبها :
راكان سأفقد وعيى .
لم تكن تحذره أو تهدده بل كانت تخبره بالحقيقة لقد سقطت بين ذراعيهِ بجسد مرتخي
ليحملها بصدمة .. انتفضت أضلعه خوفاً عليها وهو يمددها علي أريكة خشبية بعد أن خرج من الممشي وابتعد عن البحيرة ،، ضرب وجهها بخفة وهو ينادى اسمها بقلق ولكنها تحتاج لشئ ينعش حواسها المضطربة لتستيقظ فحملها متجهاً للفندق حتي ابتعد عن منطقة البحيرة الهادئة .. قابلته فتاة تسير بمفردها فأوقفها متسائلاً بتلهف : أرجوكِ هل أجد برفان معكِ .
ساعدته الفتاة بإعطائه زجاجة عطر من حقيبتها .. بلل يديه برذاذ العطر وقربه من أنف راما بعد أن مددها علي أريكة أخرى لتستنشقه وهو يناديها بترجي : هيا هيا حبيبتي أفيقي .
سألته الفتاة : ما بها لماذا فقدت وعيها .
يمكن أن يلكم تلك الفتاة الأن علي سؤالها الغريب هذا .. ربما لأن الإجابة عليه ستكون غريبة لذا يشعر بالغضب .. استرعي كل انتباهه همهمات راما وهي تفيق ليبتسم براحة وهو يطالع عينيها الزيتونية وهى تراقبه هامسة بتشوش : ماذا حدث .
ابتسم مسانداً إياها لتجلس : أفزعتني يا راما .
عضت شفتيها بخجل وهي تهمس : أسفة حقاً لا أعرف ماذا حدث لي .
غمزها بوقاحة : أنا أعرف سأشرح لكِ فيما بعد .
تأكد أن الفتاة ذهبت حين نطق بهذا لتغمض راما عينيها لثوان بخجل مستجمعة ذاتها قبل أن تعود معه للقاعة وهي تتمني ألا يكون غيابهم ملحوظ متجاهلة همسه المسموع بينما يري ملامحها المنكمشة بخجل وحمرة تجننه :
اللهم صبرك .
..................................................
حملها برفق خارجي ولوجاً لشقتهم بعد توديع الجميع لهم ولكن داخله كله يشتعل .. حماساً .. ذهولاً .. غموضاً .. ذنباً .. وأخيراً سروراً بامتلاك تلك الحورية المشتعلة المحمرة بين ذراعيه التي تحمل جسدها برغبة .
أنزلها برفق في بهو واسع مسنداً ظهرها علي هاندريل السلم ،، مرر يديه علي وجهها بنعومة مستمتعاً بصخب : مُبارك يا سبأى .
إن كان هو يحترق بإنفعال فهي تكاد تبتلعها نيرانها من فرط التوتر والارتباك ،، وسامته المشرفة عليها مع جسده الضخم لم يزيداها إلا رغبة بالإختباء خوفاً .. خوفاً طبيعياً تمكن منها رُبط لسانها علي إثره ليتحدث هو مجدداً متلاعباً بشفتيه يمس شفتيها دون تقبيلها :
أقول مُباركاً يا سبأى ألن تجاوبيني.. مُبارك عليَّ أنتِ .
عينيها أُغلقت تلقائياً وقدميها أصبحت هُلام فرفعت يديها تستند علي كتفه ليُمسك خصرها بإدراك ليعلو صدرها بتنفس سريع ،، احتضنته واضعة رأسها علي كتفه لعلها تهدأ ولكن لم تفعل خاصةً بحمله إياها مرة أخرى صاعداً لغرفتهم ،، وضعها علي سريرهم برفق وأشرف عليها مداعباً وجهها وعنقها برفق : أريني وُريقات شجرك يا صغيرة .
خفق قلبها لدفئ نبرته وفتحت عينيها اللامعة بنظرة حُب ،، وما إن فعل حتي توغل بنظره في خضراء أعيُنها وهالهُ ما رأى .. لمعة عينيها تلك يعرفها جيداً توسعت عينيه بصدمة ظنتها سبأ رغبة بها لتهتف بأنفاسها المأخوذة : سفيان أنا خائفة أرجوك .. فقط اجعلني أغير فستاني وأصلي حتي أتأقلم قليلاً .
اقترب بوجهه مقبلاً جبينها بعمق قبلة طالت بصمت قبل أن يبتعد عنها متجهاً للشرفة تاركاً لها مساحتها الخاصة لتنظر لهُ سبأ بذهول .. هل كانت تلك قبلة إعتذار أم امتنان.. فكرت بخوف مما يخفيه عنها .. هل هذا اعتذاره الأول .. وكم ستطول اعتذاراته .
وقف سفيان في الشرفة مخلخلاً كفه في شعره يشده بعنف ،، حين نظر لعينيها رأى بداية حباً له ُ ،، متي أحبته سبأ وكيف ويلاه وعقباه من هذا الحب .. سبأ تحبه الفكرة أصابته بمقتل .. ففكر ولما لا تحبه .. ماذا تريد الفتاة من زوجها غير أن تحبه بعد أن يحبها ويرعي بها ربه ولكن متي أحبها أو راعى ربه بها حتي تحبه هي .. بالكاد كانا يتحدثان أو يتقابلان فمتي حدث هذا .. فكر ماذا أيها السفيان هل صعب سبأ الموضوع عليك هل ظننت أنكَ ستمتلكها وتكونان علاقة زوجية ناجحة دون ألم .. كيف أقبل علي تلكَ الزيجة وهو يعلم أن ما سيطولها منه ألم فقط .. ولكن هل كان لهُ ألا يقبل وهي كحورية رقيقة تشده لأعماق روحها وهي كقيود تسلسله في عمق عينيها وهي كالمغناطيس كلما أخذ قرار بالإبتعاد عنها جذبته لها مجدداً فيغرق فيها أكثر وأكثر .. هي بجمالها الرائع الذي لا مثيل له .. لقد قضي حياته بين الألمان والخواجات .. لقد رأى من الجمال ألوان حتي رآها ليُصدم أنهُ لم يرى أو يسمع عن الجمال شئ فإن رأى جميلات بعدد شعر رأسه فهي ملكتهم حتي جمال تلك التي سينفجر هاتفه من رنها المتواصل عليه لا تشبهها فشتان بينهم .. شتان بين سبأ الرقيقة والأخرى المتمردة التي يعرف عمق جرحها الأن .. الجرح الذي سببه لها بزواجه من سبأ ولكن هل تركت سبأ له ذرة تعقل لكي يرفض وصية جده لقد أرادها وبشدة وبكل أنانية تزوج بها والأن لقد أصبح الأسوأ في الكون .
نظر للحمام واستمع بوضوح للمياه الجارية داخله ثم خرج من الغرفة متجهاً للأسفل ،، فجلس بوجع علي الأريكة وعينيه مُسلطة علي السلم وهو يجيب بقلب وجل لاطماً بالألمانية : يا روحى .
أجابتهُ ثورتهُ المشتعلة : أيها الكاذب لماذا لا تجيب علي هاتفك هل تريدني أن أقتل نفسي .
أغمض عينيه محاولاً امتصاص غضبها : لا تقولي هذا يا حبيبتي لا تفكرى به أصلا لما كل هذا الغضب ألم نتحدث .
ثورتها اشتعلت وهي تجيبه بعربية متقنة :
لما لا تتحدث بالعربية هل تخاف أن تعرف حبيبة القلب سارقتك تلك ،، هل أحببتها أيها الخائن .
أغمض عينيه بضيق مراعياً حالتها : لميا عزيزتي بالله عليك توقفي ،، تعلمين أنني لا أحب غيرك .
لا يعرف حقاً بماذا يهديها ألم يتحدثا من قبل ،، ألم يقل لها أن هذا زواج سورى بسبب وصية جده ،، ألم يلقي بكل همه وكل أسبابه علي تلك الوصية ليمتلك سبأ ولا يخسر لميا ،، كان ندل نعم ولكن حب حياته لميا كانت موجودة حين رغب في سبأ بشدة .
سمع صوت بكائها الناعم الصامت وهمسها بصوت يكاد يُسمع : لم أعد أصدقك .
نيران أحرقته بسبب يأسها الذى وصلهُ من نبرتها : هل تنسين هذا الموضوع الأن ولتخبريني كيف كان يومك .
حاول إخراجها من حزنها لتجيبه ببكاء : هل ستبقي معي علي الهاتف طوال الليل .
سأحاول يا حبيبتي .
أجابها لتنهره بعنف : كيف ستحاول هل تنوى أن تلمسها أقسم لأقتلك وأقتلها وأقتل نفسي إن فعلتها ألم تقل أنك لن تلمسها أيها الكاذب ،، أيها ال ..
تهدج صوتها برعشة وهي تفكر في الأمر قائلة : لا تلمسها أرجوك أنا هنا سأموت .
أعمض عينيه بقهر : أفديكي بروحى يا لميا لا تتحدثي هكذا لن ألمسها .
عدني بهذا .
طلبت منه وعداً صريحاً ليعدها قائلاً :
حسناً أعدك يا حبيبتي توقفي عن البكاء .
هدأت قليلاً هامسة : لدى طلب أخر .
لكٍ ما تريدين .
بكل صدق أجابها عازماً علي تحقيق ما تريده لتهمس خائفة من أن يردها :
أريد رؤيتك غداً .
مسح وجهه بعنف : لا تصعبين الأمر كيف سأفعل ،، هل تعرفين ماذا يعني أن يترك رجل زوجته بعد ليلتهم الأولى .
كان يقصد ما سيقوله الناس ما إن سافر .. يخشي عليها نعم علي سبأ تلك المغفلة في الأعلي عن تلك المكالمة التي تتم فيها خيانتها في أول ليلة في عمر زواجها ،، لم تصمت لميا وهي تجيبه بعنف :لا تقل هذا الكلام ،، من المفترض أن أكون مكانها أنا مستقبلك وليس هي واللعنة لا توجد لكم ليلة أولى ،، هل تخاف علي الهانم ،، إن لم تأتي غداً يا سفيان أقسم سأكون أنا عندك .
رفع سفيان صوته واعداً وهو يسمع خطوات سبأ علي السلم : حسناً سوف أتي نتحدث فيما بعد سلام .
التقطت سبأ جملته الأخيرة لتسأله برفق : هل هناك مشكلة .
أومأ لها صامتاً وهو يتابع خطواتها المتهادية نزولاً علي السلم حتي اقتربت منه ،، لم تحالفها جرئتها فارتدت منامة حريرية غطتها كلها بدلاً من القميص القصير المجهز مسبقاً لتلك الليلة ،، جلست جواره علي استحياء طبيعي متسائلة : هل تريد أن تحكي .
نظر لها ورؤيتها أصبحت ذنب يتآكله .. هل عليها أن تكون بكل تلك البراءة والنقاء ليظهر هو جوارها كظلام ينافي بياضها ،، أجابها بأسف متردداً كاذباً وداخله يلتوى بهذا الكذب ،، من قبل كان يتهرب من إلحاحها والأن لجأ للكذب : يوجد مشكلة كبيرة في عملي بألمانيا ويحتاجونني ،، يجب علي حجز أول رحلة ذاهبة لألمانيا .
تقهقرت ملامحها بإندهاش .. إنزعجت من الفكرة هل سيتركها حقاً ،، تسائلت بحيرة :
ألا يمكن أن يحلوها بدونك ،، يومان علي الأقل هل ستسافر حقاً .
أحاط وجهها الحزين بكفيه هامساً رغم عدم رغبته بفعل ذلك لا يريد لنفسه أن يكون أقرب لها فتحبه أكثر حتي لا يكون الجرح غائر ولكن معها تجذبه لها قسراً فتصبح تصرفاته عكس ما يريد : لا تحزني سأفعل ما بوسعي لآتي بسرعة.
ابتعدت بجمود حانقة ورغماً عنها تشعر بكذبه لتهتف بخجل من إحراجه : هل تلك المشاكل لها علاقة بما تخبئه عني .
جمود وجهه الذي تبدل في لحظة ونظرة وجع تلك التي احتلت عيناه ورآتها هي لتهتف بسرعة تلحق بهِ بينما يتجه للمطبخ : سفيان لو كنت واقع بمشكلة أخبر أبي قد يستطيع مساعدتك .
أخرج زجاجة مياه مثلجة ليشرب منها علها تطفئ نيرانه الذي أشعلها بنفسه لنفسه لتتحدث سبأ بخوف وهي تراه أنهي نصف الزجاجة : توقف ستتأذي هكذا الجو بارد .
نظر لها بقوة وأومأ بضيق : أنا أعرف كيف أحل مشاكلى يا سبأ وشكراً لإهتمامك لا تقلقي عليَّ .
أراد قول أنه لا يستحق فلا تفعل حتي لا تزيد همه بالمثالية الخاصة بها ولكن أين هو من الإعتراف الأن .
.............................................
تعلم سبأ متضايقة منذ سفر سفيان لذا نحن لا نتركها بمفردها .
تحدثت لورين لديم الحانق يريد رؤيتها ليهتف بغيظ : وما دخل هذا برؤيتك .
أجابته مناشدة التفهم : يا ديم كيف وما دخله لا يمكننى تركها وحدها ماذا ستظن بي .
هتف بحدة : تعلمين منذ متي لم أراكى .
ابتسمت بنعومة وهي تفكر أنهم فقط أربعة أيام منذ حفلة زواج سبأ ،، حيث كان مشغولاً بعمل خارج الشركة فلم يراها واليوم عطلتهم معاً وأراد رؤيتها خارجاً لتجيبه:
ليس بكثير يا ديم باشا أربعة أيام فقط .
تنهد بشوق : لماذا شعرت بهم أربعة أعوام ،، اشتقت .. اشتقت يا فتاتى .
صمتت بخجل ليسألها باحتياج : ألم تشتاقي لي .
همست بخجل : بلي .
تسائل غير مكتفياً : بلي ماذا؟ .
أسمعته ما يريده بشوقها : اشتقت لكَ .
انتشي بعمق مزمجراً كأسد حبيس : آآه لتصبحي بين يدى فقط .
ثم تسائل : من عندك .
أجابته بحيرة : كلنا هنا أمي وراما وهيا ورسيل ،، أبي أيضاً .
نهرها بزمجرة : إذا الجميع مع سبأ أى لا مشكلة بعدم تواجدك أنتِ لعدة ساعات ،، أساساً لا أرى مشكلة لمساندة سبأ بها الرجل طرأ له مشكلة بعمله هل يتركها حتى تحرق عمله كله ويشحتان بالشوارع .
ضحكت تجيبه : معك حق ولكن الأمر فقط مؤلم أن تحدث المشكلة ليلة زفافهم ،، نحن فقط لا نريد أن تشعر سبأ أنها بمفردها .
استلذ بحديثها بخبث : نعم بالفعل فليلة الزفاف ليلة مميزة لا تعوض أليس ذلك ،، اللهم قرب ليلتنا فلم أعد أطيق صبراً .
مسحت وجهها برعشة لذيذة خجولة لتجيبه بسرعة : آمين ،، سأتجهز حالما تأتي .
أغلقت الهاتف بسرعة واضعة يديها علي صدرها حيث قلبها الخافق بجنون ،، تعشقه ولا تنكر هذا وليس لديها مانع أو حرج بإظهار هذا العشق له .
..............................................
خرجت من حمام مكتبها تشعر ببعض الإرهاق لذا غسلت وجهها لتستفيق لتكمل عملها ،، لمعت عينيها بحلاوة وهي تراه جالساً علي كرسيها يتفحص الملفات بوهم حتى خرجت فاعتدل مبتسماً ،، أرجع ظهره للخلف وغاص بالكرسي لتقترب منه حتى وقفت أمامه تطالعه بعشق :
ما هذه الريح الطيبة التى ألقتك هنا .
التمعت عيناه بشقاوة : أكنتِ تفكرين بي .
وهل لي ألا أفكر بك .
أجابته بهدوء ليفرد ذراعيه هاتفاً : اخلغي حذائك وتعالى .
ضحكت جيلان وهي تستند علي مكتبها لتخلع حذائها ذو الكعب العالى والذي يكرهه بشدة لكونه يجعلها في مثل طوله تماماً وربما إن رفعت شعرها ستكون أطول ،، اقتربت منه ليسحبها مجلساً إياها علي قدمه ثم احتواها بدفئه لتتحدث : لا أعلم ما مشكلتك مع أحذيتي .
قبلها برفق صائحاً : أحبك هكذا بدونة .
دفنت وجهها بعنقه واحتصنت جزعه ،، تكورت بأكملها داخل أحضانه متشممة رائحته بامتنان ،، شاكرة هي لتلك اللحظات التي يريحها بها من العمل لتشعر بالسلام .
هتفت بينما يمسد علي شعرها بحنان : أحبك جود .
ابتسم مقبلاً جبينها ممازحاً : بينما أنا لم تتركي لي خيار لكي أحبك أو لا لقد سحرتني عيناكي منذ كنتِ في السابعة يا نجمة .
احتضنته أكثر بارهاق هامسة بضحك : توقف ،، حتي الأن لا أصدق الأمر أبداً .
ما باله صوتك هل تشعرين بالتعب .
تسائل وهو يرفع وجهها عن صدره ويمنع إعتراضها بألا يحرمها دفئه ويتفحص وجهها لتجيبه : بعض الإرهاق فقط ورغبة عارمة في النوم .
ضحك بينما يعاود رأسها لصدره : أنا أعرف سبب هذا الإرهاق جيداً .
شعر بشفتيها التي تحركت مبتسمة وهي تهمس بخجل : أحدهم كان كالثور وكأنه لم ..
أكمل هو مناكفاً إياها قبل أن يلتقط شفتيها بجموح وشغف هذه المرة مجدداً : لم يرى حلوى كالسكر هكذا من قبل .
#يتبع