الفصل العشرون - بنات حورية
الفصل العشرون
كانت تراقبه ،، هو من أسعف والدها للمشفي ،، بعد حديث راما جري للأسفل وهي ارتدت ثيابها علي عجله وجرت خلفهم ،، كان أبيها قرة عينيها فاقداً لوعيه بعد نوبة قلبية أصابته هذا ما أخبرهم به الطبيب قائلاً أن هناك شيئاً يحزنه وعليه البعد عن أى ضغوطات .
كان كذلك سنداً لوالدتها وأختيها المنهارتين أما هي فلم يكن له عين ليقترب منها ،، تكفل بالمشفي و بدفع التكاليف ،، ففكرت أنها لو لم تسمعه لما كانت ستعرف أبداً ،، لما كانت ستشك حتي بشئ كهذا وهي بسذاجتها ظنت أنه واقع بمشكله في عمله تأرقه ولا يود مساعدتهم ،، أتقن دور ابن العم جيداً ولكنه لم يكن ليتقن دور الزوج أبداً سمعته يخبر الجميع : عمتى لا داعى لتواجدكم هنا أكثر من ذلك عمى بخير وسيخرج غداً مساءاً كما قال الطبيب .
قالت حورية بنفي حازمة : لا أترك زوجي أبداً ،، اذهبوا أنتم .
نظر لديم وصهيب وجود طالباً المساندة ،، الجميع كان حزين حقاً ،، دياب ضلع تلك العائلة لم يجرأ أحد أن يخبر حورية أن تتركه وترحل ،، كما لم يأتِ قلباً لأحد أن يرحل ،، كانت جيلان تجلس بوهن مستندة علي قدم جود الواقف جوارها داعماً كتفيها بذراعيه .. لقد انهارت تماماً حين علمت الخبر وبصعوبة سيطر جود عليها من أجل حملها المتعب ولكن مع حلول الليل وقد قاربت الساعة علي الثامنة مساءاً اقترب ديم من لورين الجالسة وسط أخواتها قائلاً وهو يجاس جوارهم : لورين .. يا فتيات جلوسكن هنا لن يفيد غير أنهم سيطردوننا بعد قليل لا يمكن أن نبقي هكذا ،، هيا لنذهب وغداً صباحاً سنأتي مجدداً .
كانت يديه علي قدميها تدعمها ،، كل منهم يواسي الأخر بصمت ،، لغة التفاهم واضحة بينهم ،، وهنا تدخل راكان الذى ما إن عرف الخبر حتي ترك عمله وذهب للمشفي قائلاً بجدية : راما هيا لتذهبي أنتِ وهيا مع ديم لن تبقوا هنا كثيراً .
أيده ديم وتدخلت حورية قائلة : حبيباتي اذهبو مع لورين وديم وغداً تأتون ،، أنا هنا مع والدكم لا تقلقو .
وافقو علي مضض مهمومين ،، أخذهم ديم ثلاثتهم ورحل بينما جلس راكان جوار حورية قائلاً : أمي هل أبقي معك .
نفت قائلة : لا يا بني اذهب أتعبناك معنا .
أومأ قائلاً : تعبكم راحة يا أمى .
وقف وحدث سفيان قبل ذهابه : إن احتجتم لشئ هاتفني .
أومأ سفيان له ،، نظرت حورية لبناتها ومحاولات جود لإقناع جيلان المتعبة بالذهاب ولكنها كانت تهمس : لا أترك أبي .
حورية بأمر : جيلان إلى منزلكِ هيا وغداً تأتين .
نظرت لها جيلان بتوسل قائلة : أمي .
حذرتها حورية بعينيها : هيا يا حبيبتي فكرى بطفليكِ تبدين متعبة للغاية .
واقفت ضد رغبتها ولكن حورية محقة فهي يجب أن تفكر بطفليها أيضاً ،، رحل الجميع لم يتبقي غير سبأ وسفيان ورسيل وصهيب نظرت رسيل لوالدتها قائلة بجدية : لن أتركك يا أمى ،، سبأ يمكنك الذهاب أنا باقية هنا .
قالت شبأ بشرود : أنا أيضاً باقية ،، سأذهب لأحضر قهوة هل أحضر لكِ .
سألت رسيل لتوافق فسبقها سفيان قبل أن تفف : أنا سأحضر لكم .
سأل صهيب وحورية إن كانا يريدان شيئاً قبل أن يذهب متنهداً بحرقة وقد وجدها فرصة للبعد عن نظراتها المستحقرة والمشمئزة التي ترمقه بهم فتشعل ضميره أكثر .
جائت الممرضة لهم قائلة : يستطيع شخص واحد البقاء مع المريض .
وكان القرار الحاسم حينها أن حورية ستبقي ،، لذا توجهت للفور لغرفة دياب ما إن تمت الموافقة على ذلك ،، في حين عاد سفيان بعد قليل بأربع أكواب من القهوة أخذ صهيب منه اثنين وناول رسيل كوبها وجلس جوارها يشاركها حزنها علي والدها بمؤازرة بينما يشربون قهوتهم ويخبرها أنَّ والدها رجل قوى وسيعود من أجل من الجميع ،، في حين وضع سفيان كوبه علي كرسي واتجه لسبأ يناولها كوبها .. نظرت ليديه لثوانٍ ترفض أى شئ منه ولكنها التقطته دون النظر له كي لا تثير شكوك أختها المتزوجة حديثاً أو تلفت الإنتباه ولكنها وضعت الكوب جوارها أرضاً في حين جلس سفيان جوار كوبه ينظر لها .. وبينما كان كتف صهيب يدعم رسيل كان هو غير قادر علي مواساتها ببضع كلمات حتي فهو خجل من ذنبه العظيم .
.........................................
استندت برأسها على باطن كفة المتهادى جانبه علي السرير وسقطت دموعها عليه بصمت ،، لقد كادت تصاب بنوبة قلبية هي الأخرى عندما رأته يمسك صدره بألم .. منذ الصباح وهو متعب ولكنه آبي ألا يذهب لراما ليكون جوارها معهم ويرى فرحتها ،، تعرف جيداً سبب تلك النوبة التي أصابته .. فالحزن لازمه منذ فراق والده فوالده كان ضلعه الذي يتنفس بتواجده ووفاته هدته حقاً ولكنه دارى حزنه من أجلهم جميعاً حتي لم يحتمل الصمت ،، كذلك قرات عينيه بناته يتسللن كلاً منهن لحياة جديدة حتي فرغت جدران المنزل عليهم فراما ستتزوج قريباً وهيا سبق وأن طلبها أحدهم وبالتأكيد ستلحق بأخواتها هي الأخرى .
_ يارب ،، يارب لا تجعله يتركني يارب احفظه لنا يارب .
هكذا راحت تدعو وجسدها يهتز ببكاء ،، لا يمكنها التخيل حتي أن تفقده ستموت خلفه لا محالة إن حدث ،، هو كل ما تبقي لها في تلك الحياة ،، أخذ الموت كل عائلتها وهو منذ زمن أصبح كل عائلتها
هكذا راحت تدعو وجسدها يهتز ببكاء ،، لا يمكنها التخيل حتي أن تفقده ستموت خلفه لا محالة إن حدث ،، هو كل ما تبقي لها في تلك الحياة ،، أخذ الموت كل عائلتها وهو منذ زمن أصبح كل عائلتها
رفعت رأسها واستقامت جالسة جواره علي السرير ووضعت يديه علي قدميها برفق ثم راحت تمسد علي وجنته ولحيته الخفيفة المختلطة ببعض الشعيرات البيضاء هامسة :
دياب ياعمرى افتح عيناك أرحني أرجوك .
دياب ياعمرى افتح عيناك أرحني أرجوك .
وكأنه استمع لها ،، يديه قبضت علي قدميها برفق وهو يحاول فتح عينيه ،، فانفرجت شفتيها بضحكة فرحة وهو يطالعها أخيراً قائلاً بارهاق : امسحي دموعك يا حورية .
مسحتهم بالفعل وهي تهمس حامدة وسألته : هل تشعر أنك بخير يا عمرى ،، هل هناك ما يؤلمك ،، هل أطلب الطبيب .
ابتسم مميلاً رأسه علي كفها المداعب قائلاً : قولي يا عمرى مرة أخرى .
اقتربت تقيل وجنته ثم تلثم شفتيه برفق هامسة بعد أن ضحكت : يا عمرى يا روحي يا نبضي يا عائلتي ،، أنتَ كل شئ دياب أنتَ كل العالم .
شهقت ببكاء في نهاية حديثها وقد كان صوتها ينشج رويداً رويداً فزجرها قائلاً : حورية .
مسحت دموعها بقوة قائلة بهدوء : أسفة لن أبكى ولكن أنتَ لتقاوم يا حبيبي أرجوك .
تنهد متنفساً بعمق قائلاً : أنا بخير يا حبيبتي اطمئني .
......................................
توقف سفيان بالسيارة أمام باب البناية وترجل من السيارة يفتح الباب لدياب ،، أسنده حتي دخول المنزل ،، لم يوافق دياب علي الذهاب لغرفته فهو لن يستسلم لكونه مريض ويلزم فراشه ،، أخبرهم أنه يود الجلوس بالصالة معهم جميعاً ،، أمس حينما استيقظ فحصه الطبيب وكانت حالته مستقرة تماماً وكل مؤشراته الحيويه عادت لطبيعتها ،، اطمأنت رسيل وسبأ عليه ثم غادرا لمنازلهم في وقت متأخر ،، وفي الصباح سمح الطبيب لدياب بالخروج فوراً لذا ذهبا سفيان وسبأ ليحضروه هو وحورية والجميع من خلفهم ولكن إلي المنزل .
تحدثت حورية لسبأ : سبأ حبيبتي اصعدى غيرى ثيابك وانزلي لتساعديني لنحضر الغداء ،، الجميع سيتواجد هنا اليوم .
وافقت سبأ قائلة : حاضر يا ماما .
صعدت وبعد قليل رن جرس المنزل ففتح سفيان ،، كانت لورين وهيا وراما .. اندفعن لوالدهن يحتضنوه ويقبلوه بحمد وصدح صوت راما وهي تندفع لأحضانه مستوطنة إياه كلازق ولم تتركه أبداً بعد ذلك : بابا حبيبي .
كانت بين كل دقيقة ودقيقة تقبله وتخبره كم كانت خائفة عليه ،، أحاط هو جسدها إليه وبداخله شعور يخبره أن الئقادم لن يكون خير ،، هذا الهم الذى استوطن تفكيره بعد تلك النوبة التي تعرض لها ،، ماذا إن تركهم ورحل !! هل سلم كل غالية علي قلبه لم سيحفظها حقاً أم أن رؤيته للأمور عاطفية ومخطأة .
حورية كانت تراقبه شارداً وتكاد تجزم أنها تعرف أين يأخذه تفكيره فهي أيضاً تفكر بذات الشئ ،، ولكن يبقي لديهم الدعاء ويبقي الله الحفيظ الذي لا غنى عنه ،، اقتربت منه بعد أن صعد سفيان وراء زوجته قائلاً : أمى سأصعد لأغير ثيابي أيضاً وسأنزل بعد قليل .
حدثت دياب : حبيبى تعال لتغير ثيابك وترتاح قليلاً حتى نحضر الطعام .
طبطب علي جسد صغيرته لتبتعد عنه بهدوء فوقفت تساعده مع والدتها علي النهوض ،، ثم اتجه مع حورية لغرفته قائلاً : لأستحم وأغير ثيابي فقط ثم سأجلس معكم .
أيدته قائلة : كما تريد يا عمرى .
ويبدو أنه لا يريد أن يفوت لحظة بعد ذلك دون التأكد أن الجميع بخير وسيكون بخير .
............................................
صعدت لشقتها ،، نظرت لحماتها الجالسة بابتسامة متوترة لتضيق عينيها فجأة وهي تسألها : كنتِ تعرفين .
ضيقت حنان حاجبيها قائلة : ماذا تقصدين ،، هل أصبح والدك بخير أنا قلقة عليه أود النزول ولكن لا أعلم إن كان نائماً أم لا .
تنهدت سبأ تجيبها ببرود وهي تتجه للأعلى : حمداً لله أبي بخير .
_ سبأ .
نادتها برفق متسائلة : ما بكِ يا ابنتي .
نادتها برفق متسائلة : ما بكِ يا ابنتي .
رفعت سبأ كتفيها قائلة : ماذا بي ! .
قالت حنان بتأكيد : يوجد شئ أخر يحزنك غير مرض والدك ،، هل هو سفيان هل حدث بينكم شئ .
باغتتها سبأ متسائلة : من لميا ؟ .
توسعت عينين المرآة للحظات قبل أن يمتلئ وجهها حزناً وهي تنظر لسبأ بندم فقالت سبأ بصدمة : كنتِ تعرفين ،، تعرفين أنه يحب أخرى وتركتهِ يتزوجني ،، كيف توافقين على شئ كهذا .
بهتت جنان من معرفة سبأ ،، لقد حذرت ولدها ،، لقد تمنت أن تنسيه سبأ تلك الألمانية ولكن ما حدث العكس لم ينساها ودمر حياتها هي فقط وهي مشتركة بهذا الإثم كونها كانت تعرف وصمتت ، حاولت الشرح : اسمعيني يا ابنتي .
أومأت سبأ برأسها عدة مرات قائلة : تفضلي قولى ما لديكِ أنتِ الأخرى ،، ابنك قال أنني كنت منفذ لرغباته الجسدية ،، ماذا كنت لكِ أيضاً ،، ممتعة ابنك الحقير .
نفت المرأة بدموع نادمة ،، يشهد الله أنها أحبت سبأ كما لو تكون هي من ولدتها ولم تشأ لها الأذى أبداً ،، كما صدمها ما قالت عن ابنها لتنفي بذهول : سفيان لا يقول هذا .
ضحكت سبأ قائلة : هل ستدافعين عنه ،، هل هذا ما تريدين مني سماعه .
نفت قائلة بسرعة : لا لن أدافع عنه ولكن ..
أوقفتهت سبأ قائلة بحرقة : والله حرام عليكم أنتم يستحيل أن تكونو بقية عائلتي ،، لقد أحببت ابنك وماذا فعل هو لقد أخذ ما يريده متعللاً بالوصية .
صرخت بالنهاية وعينيها متوسعة : أنتم أنانيون لقد لعبتم بحياتي .
دخل سفيان حينها فاقترب منهم بسرعة قائلاً : ماذا يحدث .
نظر لوالدتها ولدموعها ثم نظر لسبأ قائلاً بحدة : هل كنتِ تصرخين بوجه أمي للتو .
نظرت له باشمئزاز محروق داخلها من هذا الجمود والبرود الذي يصيبه قائلة بكل تحدى : نعم كنت أفعل .
ثارت ثائرة غضبه بعنف ورفع يديه ناوياً صفعها إلا أن والدته منعته ممسكة بيديه قائلة برعب : لا يا بني .
تسمرت سبأ بدهشة وهنا عرفت أن دموعها ستنزل بالفعل ،، ليس ألماً منه أو حرقة بل خزياً من قلبها الذي أحب هذا الشخص الجاحد ،، انتشرت عروقاً حمراء معكرة صفو بياض عينيها محيطاً بخضراوياتها قائلة بصعوبة : لم أعد أطيق رؤيتك فلترحل من حيث جئت ،، وأنا سأنسي تلك الفترة الحقيرة التي تقرفني من حياتى .
تركتهم وصعدت لغرفتها أخذت ملابس نظيفة واتجهت للحمام ،، وقفت تحت المياة تاركة لدموعها العنان .. لو تعرف فقط لماذا أى قلب يمتلك كي يكون بكل تلك القسوة رغم موضعه المخزى المخجل ،، ماذا فعلت له لقد كانت تفعل المستحيل كي يفتح قلبه لها ،، كي يتحدث معها بحرية .. الأن فقط علمت مصدر تزمته وبعده عنها .. قلبها يؤلمها كم تمنت أن تنال حبه كم قلبها الغبى يحبه ولكنها قادرة علي دفن تلك المشاعر بمعقلها .. ما يؤلمها حقاً تخيلاتها عقب كلمة حبيبتي التي أطلقها دون وعي منه علي ما تظن .
خرجت بعد أن ارتدت ثيابها وجففت شعرها ،، ألقت نفسها علي الأريكة للحظات وهي تنظر للسرير الذي نال عليه جسدها أكثر من مرة بطريقة .. فكرت ودموعها تتجمع كم كان ليناً حنوناً محباً وكأنه يخشي عليها من الكسر لم تظن للحظة أنه يمتع ذاته فقط .
شهقت واقفة ومسحت دموعها بعنف ،، يجب عليها استعادة رشدها والنزول لعائلتها _ مكانها الصحيح _ بين حبيب قلبها الأول والأخير أبيها دياب وبين روحها حورية حيث الأمان كله .
خرجت من الغرفة متجهة للباب ولكنه ما إن رآها حتي انطلق باتجاهها فلقد كان ينتظرها ناداها : سبأ .
تنفست بعمق ولم تعيره اهتمام فقبض علي ذراعها يديرها له لتصرخ به دافعة إياه : لا تلمسني .
ابتعد عنها بسرعة كسرعة الألم الذى دق قلبه قائلاً : حسناً ولكن يجب أن نتحدث .
صرخت به : عن ماذا نتحدث هل ستخبرني كم أنك أحببت جسدى أيضاً .
صرخ بها بالمقابل : توقفى عن الصراخ أنتِ زوجتي واللعنة .
أعطاها ظهره مستغفراً ثم نظر لها بندم قائلاً : لم أكن أريد لكل هذا أن يحدث ،، صدقيني حدث هكذا برمشة عين ،، كنت شخص أخر لا أعرف كيف كنت أفكر وكأنني كلما أراكي أنسي العقل والمنطق وأريد أى شئ ليجمعني بكِ حتي لو كانت وصية جدى .
صرخت له وهي تضرب صدره بعنف : مما أنتَ مصنوع ،، أنتَ لا تواسيني هكذا ،، عذرك أقبح من ذنبك ،، أنتَ استغللتني .
بدون وعي وجد نفسه يمسك بذراعيها خلف ظهرها جاذباً إياها له ليتلصق صدرها بصدره مقبلاً إياه بعنف .. شغف .. بأسف .. بالشئ الذي يجد ذاته يريده ويستطيع التعبير به وكأنه يخبرها بمشاعر تخصها ولكن فمهُ يأبي التصريح بها بهيئة الكلمات .
تلوت بين يديه ولكنه كان الأقوى ،، نزلت دموعها وهي تشعر برخصها بين يديه رغم أنها زوجته ،، لم تصلها الرسالة الصحيحة أبداً طالما هو لم يعترف بها لنفسه أساساً ،، ابتعد عنها بوجهه فقط قائلاً : أنتِ زوجتي لم أفعل بكِ حراماً .
نظرت له بحسرة ،، هو لا يقول كلمة واحدة ليدافع بها عن نفسه لا يخبرها أنه نادم : لا تتحدث عن الحرام سفيان ،، فما فعلته بي والله حرام .
ابتعدت عنه بعد ذلك دافعة إياه بقوة قائلة بحدة : كما سمعتك علي الهاتف قلت أنه بقي كم شهر وتطلقني صحيح ،، لن أطلب الطلاق الأن بسبب صحة والدى ولكنك ستختفي من هنا حتي تنتهي المدة التى حددتها للاستمتاع بي وبعد ذلك سنتطلق .
كم كان صعب عليها إخراج تلك الكلمات ولكن كم كان أصعب عليه أن يستمع للحقيقة من وجهة نظرها وكم صعب عليه الشرح والتفسير بأن الأمر ليس كذلك والأعظم من هذا كله الامتعاض الذى أصاب حواسه بنطق كلمة الطلاق .. فهل هو يريد لهذا الطلاق أن يتم !! هذا ما لا يعرفه هو بحد ذاته ،، قال برجاء : سبأ .
توسلته هي الأخرى : كفي سفيان والله أنا متعبة ،، لا أريد كرهك لذا لا تبقي هنا أرجوك .
تركته ورحلت لمنزل طفولتها وفي اليوم التالي كان هو علي متن الطائرة مع والدته لمقر ترعرعه .
............................................
بعد مرور اسبوعان ،، كادت سبأ تنفجر من كتمانها للأمر ،، لن تخبر والديها .. لن تسبب الحسرة لهم عليها .. باتت مرهقة حقاً كانت قررت أن تقضي فترة في منزلها لتستجمع ذاتها قبل أن تترك ذلك المنزل نهائياً ولكن ذاتها تتدهور ،، تفتقد وجوده لأنها تعرف أن سفره تلك المرة قد يكون بلا عودة أبداً ،، كل مكان يذكرها به ،، كلما دخلت المطبخ تتذكره وهو يطهو بنفس وكأنه يفعل أكثر شئ مسالم بالعالم فتبتسم ثم تعود تنهر نفسها محاولة إخراجه من تفكيرها ولكن عبثاً !! .
استمعت لجرء منزلها مخرجاً إياها من شرودها فاتجهت للباب بترقب فقد كان الوقت متأخراً ،، ظنته والدها أو والدتها أو ربما إحدى أختيها التي تصعد إحداهما لتبيت معها بين يوم وأخر فحورية أمرتها أن تبقي معهم بعد أن سافر سفيان وخاصةً لأن تلك المرة سافرت والدته معه ولكنها أخبرتها أن سفرة سفيان ستكيل تلك المرة لذا ستبقي بعض الوقت بمنزلها ثم ستنتقل عندهم ،، فتحت الباب لتتفاحأ بجيلان أمامها ،، ابتسمت لانتفاخ بطنها الملحوظ رغم صغره محتضنة إياها بقوة وكأنها وجدت متنفساً من الراحة أخيراً فقالت جيلان وقد تأكد حدسها : حسناً تلك العاطفة تنبئني أنني علي حق .
نظرت سبأ لها مبتسمة بهذل ثم دعتها : اشتقت لكِ تعالي .
جلسا معاً وتسائلت سبأ مدعية المرح : ماذا تشربين ،، أو دعيني أسال حبايب خالتهم ماذا يشربون .
ضحكت جيلان قائلة : اشتهي عصير الأناناس كثيراً تلك الفترة .
وضعت سبأ وجهها علي كفيها مبتسمة بشعور كونها ستصبح خالة : ولكن ليس لدى أناناس .
_ لست غريبة إن أردت شيئاً سأطلب .
قالتها بحدة أخت كبيرة لتشعر سبأ بالدفئ وتدمع عينيها ولكنها مسحتها سريعاً وهي تسمع تسائل جيلان : حبيبتى هل أنتِ بخير .
قالتها بحدة أخت كبيرة لتشعر سبأ بالدفئ وتدمع عينيها ولكنها مسحتها سريعاً وهي تسمع تسائل جيلان : حبيبتى هل أنتِ بخير .
نفت سبأ ودموعها تتسابق للخروج من عينيها لتفزع جيلان وهي تقترب منها محتضنة إياها قائلة : ششششش توقفي عن البكاء ،، ما سبب حالتك تلك .
احتضنتها سبأ ببكاء في حين صمتت جيلان قليلاً قبل أن تقول بحذر : سفيان .
أومأت سبأ وهي تبتعد ماسحة دموعها بضيق قائلة : سأحضر مياه .
اتجهت للمطبخ أحضرت بعض الحلوى وعصير ومياه و جلست جوار جيلان مرة أخرى متحدثة : حمداً لله أنكِ أتيتي كنت سأنفجر وحدى حقاً ولا أريد لأبى وأمي أن يعرفا شيئاً .
أومأت جيلان بتفهم : حسناً أخبريني .
تلاعبت سبأ بثيابها وهي تخبر أختها : سمعته يتحدث بالهاتف مع .. مع حبيبته .
تسائلت جيلان بصدمه : حبيبته .
نزلت دموعها بصمت تخبرها : لديه حبيبة من قبل أن نتزوح من ألمانيا .
تسائلت بعصبية : ولماذا تزوجك إذاً .
قالت سبأ بحقد : لأنه شخص أنانى حقير ،، هل تتخيلين أنه قال لى أنه رغب بي فقط لهذا تزوجني .. جسدياً جسدياً فقط يا جيلان .
نفت جيلان بزهول ،، لقد عاشرو سفيان فترة لا بأس بها ،، لم تتخيل يوماً أنه بتلك الدونية أبداً ،، أساساً لولا دموع سبأ التى قلما تراها لكانت ظنت أنها تمزح معها ،، احتضنت وجهها ماسحة دموعها لتقول : أين سبأ القوية هاا ،، من تتحكم بمشاعرها جيداً ،، كيف تبكين علي حقير كهذا .
نفت سبأ بنشيج مشيرة لقلبها : أنا أبكى على نفسي على قلبى الذى أحبه ،، لقد أحببته يا جيلان ليس بيدى ،، أشعر بنار شديدة قلبى يؤلمنى بشدة .
دعت جيلان عليه وقد أخذها الغضب حقاً : ليأخذه الله هذا الحقير وهل هرب بمجرد أن كشفتيه .
لن تنكر سبأ أنها تمنت ألا تتحقق دعوة أختها ولكنها لم تتفوه بحرف لتعارضها مخبرة إياها : أنا طلبت منه أن يختفي من حياتي وأن نتطلق بعد كم شهر فقط من أجل صحة أبى لا أريده أن يحزن ،، لا أعلم كيف سأخبره حتي بعد عدة أشهر .
نظرت جيلان للفراغ بشر : آآه إن علم أبى تعلمين كيف سيربي هذا الوغد لأنه أذاكي .
أيدتها سبأ وداخلها يعلن أنه آذاها أشد الآذية : أعلم ولكن من أجل صحته .
ضربت جيلان بيديها علي قدم سبأ قائلة بجدية : حسناً والأن سنفعل كالتالى ،، أول شئ ستتركين تلك الشقة نهائياً .
مسحت دموعها نهائياً قائلة : وعدت أمي أساساً أنني سأنزل منذ غد .
نفت جيلان : بل منذ الأن جود في الأسفل وسنتعشى مع أمى وأبى وستأتين معى .
أومأت سبأ بابتسامة لتكمل جيلان : ثانياً وهو الأهم ،، ستشغلين وقتك كى تكفي عن التفكير به .
نظرت سبأ لها مفكرة قبل أن تذكر : سأباشر برسالة الدكتوراة .
تهللت أسارير جيلان : جيد ليتنى أملك هذا القدر من الصبر على كل هذا العلم مثلك ،، أنا لم أصدق متى أنهيت دراستي وأنتِ ما شاء الله .
ابتسمت سبأ بذبول مجاملة لها لتكمل جيلان : والأهم من هذا كله العمل ،، وهذا ما جئت من أجله أساساً ،، لقد تعبنا بالبحث عن مصنع فوجد أبي أنه من الأفضل أن نبنيه علي إحدى أراضينا وقرر أن يترك لكِ تلكَ المهمة .
نظرت لها سبأ بتفكير وهي تومئ بموافقة لتصيح جيلان في حماس : مكتبك سيكون جاهزاً منذ غد وجود سيساعدك بكل شئ .
_ حسناً .
أجابت سبأ بهدوء وهتفت جيلان بأمر :
هيا بنا لننزل .
أجابت سبأ بهدوء وهتفت جيلان بأمر :
هيا بنا لننزل .
مساءاً صنعت كوباً من القهوة لعله يبعد حالة الخمول المسيطرة عليها فتبدأ برسالة الدكتوراة خاصتها ،، كما أنها راسلت العديد من الشركات والمكاتب طلباً لوظيفة منتظرة رداً ،، فهي ستأخذ بنصيحة جيلان فهذا هو الأصح .
..............................................
قد قرر ديم بيه أخيراً أن يخرجا للحياه العملية والإجتماعية بعد أن احتفظ بها ككنز ثمين داخل غرفته لمدة طويلة ،، لم تصدق حين سمعته وهو يخبرها بالأمس أنهم سيذهبوا للعمل منذ غد وها هي تتجهز أمام المرآة وهو في غرفة الملابس يرتدى ثيابه ،، كانت تضع سلسال بسيط قصير علي عنقها حين خرج هو من غرفة الملابس يغلق أزرار كُمي قميصه ،، نظرت له من المرآه بحب ولكنه توقف ناظراً لها ببعض التفكير وهو يرمقها من أعلي لأسفل .
اقترب منها وأخذ السلسال من يديها وألبسها إياه ثم حاوط خصرها النخيل له وقبل عنقها العارى بعمق قبل أن يديرها قائلاً بكل هدوء :
ثيابك ضيقة غيريها .
ثيابك ضيقة غيريها .
تسمرت بذهول ولكنه قبل شفتيها بخفة وابتعد عائداً لغرفة ثيابه ،، نظرت للمرآة كانت ترتدي ثيابها العملية المعتادة قميص حريرى مع جيب ضيقة تحاوط معدتها وخصرها بتفصيل وتصل حتي ركبتيها ،، حسناً كانت ملابسها تحدد قوامها الممشوق .. تبعته لغرفة الملابس فوجدته يلتقط معطف طويل ليرتديه علي قميصه وبنطاله فقالت بهدوء : ديم ماذا يضايقك في ثيابي .
نظر لها بعمق غير قابلاً اعتراضها ولكن وجد ملامحها راضية غير معترضة هي فقط تستفسر ليجيبها بجدية : لا أريد أن يراكي أحد هكذا عداى طبعاً ،، قوامك المفصل هذا ليس من حق أحد التمتع بهِ غيري .
وقح هكذا فكرت بخجل وهي تتجه لدولاب ملابسها مخرجه منه جاكيت أنيق طويل وأرتدته علي ملابسها وتخصرت بيديها قائلة : ها يا ديم بيه هل أخرج هكذا .
أقترب ضاحكاً راضياً فقد غطي الجاكيت قوامها المنحوت مقبلاً شفتيها : تسلملي الطائعة .
ابتسمت لاعبة بلحيته قائلة بمرح : كم ديم باشا لدى يعني .
......................................
في وقت الغداء قرر الذهاب لها وأخذها لأى مطعم ،، دخل مكتبها فوجد أن زميلها وزميلتها بالمكتب ما زالو هنا وهي ... نظر لها بشراسة وهي خالعة لجاكيتها واضعة إياها علي حرف المكتب جوارها ،، نظر للجميع قائلاً :
أليس الوقت وقت الغداء .
أليس الوقت وقت الغداء .
أجابته لبني بمرح : طلبنا أوردر من الخارج أستاذ ديم ،، بعد قليل يأتي .
نظر للورين بحدة وقال محاولاً الهدوء : هل طلبتي معهم .
أومأت له قائلة : نعم .
قال بتفهم وكأنه يدبر لمكيدة ستقع بها قبل أن يرحل : حسناً .
نظرت لبني للورين قائلة بهمس : أظنه كان يود أن يتغدى معكِ .
أجابتها منبهة : ألم تريني طلبت سآخذها وأذهب له .
وهنا دخل عليهم عاملاً بالطعام فأخذه سامر بهدوء وهو يدفع حسابه ثم أخرج وجبته وأعطاهم الباقي ،، أخذت لبني طعامها ثم أخذت لورين الباقي واتجهت لمكتب ديم بعد أن ارتدت جاكيتها ،، دقت الباب ودخلت له مبتسمو بشقاوة قائلة بعملية : لقد طلبت لكَ الغداء هل تسمح أن أشاركك وجبتك .
أشار لها ناحية الأريكة بصمت فاتجهت تخرج الطعام وتضعه علي الطاولة وذهب هو لها ممسكاً بذراعها قبل أن تجلس قائلاً بحدة أجفلتها : هل تأخذينني علي قدر عقلي ،، أتحسبينني طفل صغير .
كانت قبضته تؤلمها فلمست كفه لتزيحه قائلة : لا أفهم ماذا تقصد ،، أنت تؤلمني ديم .
أمسك ذراعها الأخر وجذبها له بخفة متسائلاً : هل ارتيدته أمام عيني لتخلعيه من خلفي .
قطبت حاجبيها قبل أن تستوعب عما يتحدث فقالت شارحة : لا والله أنا اختنقت قليلاً فقط فخلعته وكنت جالسة خلف مكتبي أقسم لك .
نظر لها بضيق يغار فحدثته وهي تتلمس وجهه لتريحه : أحب غيرتك تلك ولكن لا تتهمني أنني استغفلك ،، أسفة أنا حقاً لم أقصد لن أكررها .
لعبت بحاجبيه المنعقدين هاتفة بمشاكسة : هيا يا حبيبي سيبرد الطعام .
ارتخت ملامحه وقبلها بقوة قائلاً بغيرة : ليبرد الطعام وأسف أيضاً علي إسلوبي ولكن أريحيني فترتاحي .
#يتبع