الفصل السادس عشر - بنات حورية
الفصل السادس عشر
يا جميلة الجميلات .. ويا ملكة الملكات . أنتِ كل شئ بعيني .
صباح يوم جديد ،، استيقظت سبأ علي رنين هاتف سفيان ،، أزعجها هذا الرنين المتواصل حقاً لتتأفف وهي تجلس باحثة بعينيها عنه ،، قبل أن تستمع لهدير المياه العالي بالحمام ،، أمسكت هاتفه بإنزعاج قائلة : لماذا لا يجيب مثلا ما هذه ال ..
وكانت ستشتم المتصل حقاً لولا إدراكها الأمؤ مستغفرة ،، نظرت للهاتف مضيقة عينيها : استغفر الله العظيم ،، ومن لميا تلك .
حروف إنجليزية ظهرت علي الشاشةLamia ،، انتظرته حقاً ولكن تلك الوقحة من كانت هي لا تعرف لا تكف عن الرنين لذا أخذت نفساً تهدأ ذاتها ،، متعبة هي من ليلة أمس ولم تكن لتستيفظ قبل ساعات من الأن لذا أجابت بهدوء : نعم من معي .
بهتت لميا وللحظات استمعت سبأ لصوت تنفسها فقط فسألت مجدداً : من معي .
أتاها صوت الأخرى بقوة : أين سفيان .
سألت سبأ بهدوء : من أنتِ .
وقبل أن يأتيها رد لميا سُحب الهاتف من يديها بهدوء ،، لقد تعامل بلطف مبتسماً لها وقلبه يدق بعنف ما إن رآها تتحدث بهاتفه مجيباً : أهلاً لميا ما الأمر .
لم تستوعب سبأ خروجه وتناوله هاتفه بتلك السرعة ،، استمعت له يتحدث معها بكلمات مقتضبة عملية : حسناً فهمت إلى اللقاء .
أغلق الهاتف وتركه علي الطاولة متجهاً لغرفة الثياب ليبدل ملابسه بهدوء بعد أن قبل جبينها هامساً : صباح الخير .
تبعته بعد قليل ، وقفت تراقبه وهو يرتدى ثيابه وهتفت بفضول : من لميا .
تنهد بعمق وهو يجيبها بصدق : مساعدتي بالعمل .
لم يكذب فهي بالفعل مساعدته الشخصية ،، هي من تدير أمواله بينما هو هنا يسبب لها الألم فقط ،، عادت تسأله : وهل تناديك مساعدتك بسفيان فقط .
ارتدى قميصه وهو يخرج متجهاً للشرفة وهي تتبعه : نعم عزيزتي فهي أيضاً صديقة العائلة ولا يوجد رسميات بيننا .
وقفت علي أعتاب الشرفة تسأله بشك ،، تخشي أن يسافر الأن : وماذا كانت تريد .
حثها بهدوء أن تجلس معه فجلست أمامه فتحدث بما تخشاه : لديها ظرف طارئ وتريد أخذ أجازة من اليوم لذا سأسافر ل..
قاطعته بضيق : ولكن ..
قاطعها مطمئناً إياها : سأكون هنا قبل مناقشتك لرسالتك أعدك ،، أربعة أيام فقط وأعود .
ستناقش سبأ رسالتها بعد أسبوع وكان قد اتفق معها ألا يسافر قبل ذلك وها هو يخلف اتفاقه ، لتحدثه بضيق : حسناً .
عم الصمت قليلاً قبل أن تهتف باستفسار والغيرة تملأ نبرتها : انتظر لحظة ،، لميا تلك من أين أتت بتلك الوقاحة ،، كيف تهاتفك في هذا الوقت ثم ..
قاطعها بضيق صائحاً : سبأ لا أحب أن يتدخل أحد بعملي والفتاة ليست وقحة .
صدمت من صياحه للحظات ثم هتفت بغيظ : وهل أنا أى أحد ثم لماذا تدافع عنها .
مسح وجهه بغضب وغادر المكان متجاهلاً إياها فتبعته بصدمة ،، هل محاولاتها ذهبت هباءاً ،، منذ شهر وهي تحاول معه بشتى الطرق كي يصلا للتفاهم والحوار بينهم ،، هتفت مبهوتة : لا تتجاهلني سفيان ..
انتفضت وهو يلتفت لها صارخاً بها : لا ترفعي صوتك .
انكمشت ملامحها بتأثر قبل أن تتركه وتذهب وهي تهمس : ستظل هكذا لن تتغير ،، ستظل غامض و منعزل وكأنك لم تصبح زوج ،، لى حقوق عليك سفيان والمشاركة حق لن أتواني به مهما حدث لذا راجع نفسك أرجوك .
....................................
نهضت جالسة نافضة عنها ثوب الكسل فهي حقاً اكتفت من البقاء في فراشه وتريد أن تلُف أركان لبنان كُلها ،، تتذكر كيف أخذها بعد العرس للمطار مفاجئًا إياها بشهر عسل في لبنان ،، حيث بيت الجبل الخاص بوالده ،، وحيث أخبرها أن والديه قضيا شهر عسلهم هنا أيضاً ،، عادت مرتمية بجسدها للخلف بخجل وهي تتذكر الثلاث أيام الفائتة بالكاد كان يجعلها تفعل شئ ،، فقد يريدها بالفراش ملكته ،، يداعبها ويدللها ويصنع الطعام لكلاهما ويطعمها ،، ابتسمت وهي تتجه للحمام لتنعش ذاتها قبل أن ترتدي إحدى قمصانه فهذا ما وجودت نفسها تعشقه بشدة أن ترتدي قمصانه والتي تكاد تبتلعها ،، شمرت أكمام القميص ثم رتبت شعرها ونزلت تبحث عنه .
تسللت لأنفها رائحة شواء ما إن نزلت فخرجت له ، كان يقف قريباً من حافة هذا التل تحديداً ،، يمسك بين يديه ماسك معدني يحرك به قطع اللحم علي المشواة ويهوى عليها بيديه الاخرى ،، لا تعرف هل عليها الخروج له أم لا فالمسافة كبيرة ولا تعرف هل سيكون أحد ما كاشفهم أم لا .. جلست علي أريكة خارج المنزل تراقبه حتي لمحها وهو يلتفت ليلتقط شيئاً من علي الطاولة الواقعة خلفه .. نظر لها بتدقيق قبل أن يقطع المسافة الطويلة التي بينهم فيما تمددت هي علي الأريكة علي إحدى جانبيها بإغواء ،، جانباً اكتشفته بذاتها وهي أن تثير إغوائه بكل هدوء وعشق نعم لقد اكتشفت أنها تعشقه بشدة وخجلها لا يمنعها من التصريح به خاصةً وهو لا يتعمد إحراجها أبداً .
أطلق صفيراً وهو يلقي بذاته فوقها غير عابئاً بآآهاتها بسبب ثقله وهو يقبلها بشغف وهذا ما قصدته تماماً فهو أساساً لا يعطي لها مجالاً للخجل فهو يقتحم حرمتها فجأةً بشغه غير ممهدداً حتي فتجد ذاتها تبادله بخفقان قلبها اللذيذ ،، ابتعد عن ثغرها الشهي قائلاً : أعشقك تعرفين صحيح .
هتفت بغرور : ومن لا يعشقني يا عزيزي آآآه .
عض عنقها بقوة فصرخت صائحة به : توقف توقف آآه أسفة أعشقك أيضاً أعشقك جداً .
قبل شفتيها هاتفاً بتملك : أنا من أعشقك فقط وأنا من سأظل أعشقك فقط وإن فكر أحدهم بالنظر لكِ فقط سأقتله .
ابتسمت بخفوت وهي تغير الموضوع ،، يبدو أن ديم من النوع المتملك الغيور بشدة ولكنها عشقت غيرته : رائحة الطعام لذيذة ولكن كيف تأتي لهنا .
وقف متذكراً الطعام حاملاً إياها برشاقة لتصيح ضاحكة : أنزلني أستطيع السير .
ضحك بالمقابل بسخرية : حقاً لقد اكتشفت هذا لتوى منذ متي تستطيعين السير يا طفلة .
ضربته علي صدره لتطلب بأمر : احملني علي ظهرك إذاً يا بابا .
ضحك ليسألها : تريدين هذا حقاً .
أومأت بطفولة لينزلها ،، حاوط وجهها مقبلاً ثغرها بخفة قبل أن يعطيها ظهره ،، نزل بجزعه قليلاً لتحاوط هي عنقه بذراعيها وخصره بقدميها ،، حاوط قدميها رافعاً إياها متجهاً للحافة ،، وقف أمام طبق لحم مشوي وناولها قطعة متحدثاً : تذوقيها .
التقتطها منه ومضغتها برفق متلذذة بطعمها ،، همهمت بتلذذ طالبة وهي تضع رأسها علي كتفيه : أعطني قطعة أخرى .
أنزلها من علي ظهره مجلساً إياها علي كرسي الطاولة لتمتعض معترضة ذامة لشفتيها ليحشر هو قطعة أخرى بفهما لتمحو هذا التعبير عن وجهها متحدثاً : اجلسي بهدوء يا طفلة .
لقد أعطاها قطعة ريشة فأمسكتها تتلذذ بأكلها بهدوء وهي تهمس بمكر : أنا هادئة جداً يا بابا .
ابتسم بهدوء متابعاً طهوه مخاطباً إياها : اصمتي لورين وإلا لن تتناولى المزيد .
ضحكت بخفة : حسناً سأصمت لأنني جائعة جداً .
انتهت من قطعة اللحم لتقف متجهة له ،، تناولت قطعة أخرى وهي تسأله : متي سنخرج .
ضرب كفها فوقعت القطعة بالطبق مجدداً قائلاً : إن استمرينا هكذا لن تأكلى ولن تخرجي .
ضحكت وهي تتجه للحافة ،، جلست تنظر للبحر الرائع أسفل هذا التل ،، راقبها ديم حتي جلست بهدوء ثم اهتم بطهوه : انتبهي يا حبيبتي .
..........................................
خرجت من الحمام مبهورة حقاً .. مصدومة نعم ملامح الصدمة والزهول كانوا يزينون وجهها .. لقد مر ثلاثة أشهر فقط وها هي تحمل بين أحشائها قطعة منه ،، فكرت كيف ستكون ردة فعله حين يعلم .
تعلم أين ستجده فهو يكون بحجرة الرياضة الخاصة به في ذلك الوقت من الصباح ،، دقت الباب الزجاجي بدلال وهو يراها ودخلت له ،، وقفت قريبة منه : صباح الخير يا حبيبي .
أجابها جود وهو ينهج : صباحك عسل يا نجمتي .
كان يجلس علي جهاز رفع الأثقال ،، عارى صدره وجسده يشر عرقاً بوضوح ،، نظر لها مستفهماً وهو يراها ساكنة تنظر له وكأنه قطعة من السماء وقعت بين يديها وكم يعشق نظرتها تلك وكن يراها هكذا أيضاً قطعة من السماء تحمل اسمه وله وحده ،، حدثته بهدوء : كفي أريدك في ..
قاطعها وهو يقفز من علي الجهاز متلاعباً : أخييراً وأنا أريدك بشدة فهناك قاسية جننتني أمس بجمالها وسحرها ثم سقطت نائمة قبل أن نصل للمنزل .
ثم حملها بين ذراعيه متجهاً لغرفتهم لتمتعض ملامحها بضيق وهي تبتل بعرقه : يا جوووود .
ضحك وهو يقبلها رغماً عنها بوحشية لم تستوعبها حتي تركها تتنفس بعمق مغمضة عينيها : ما بالك مابالك .
اتجه بها للحمام لتتمسك بالحائط قائلة : انتظر إلي أين .
قال بهدوء : لنستحم .
حركت قدميها ودفعت صدره بيديها لينزلها : لا أنزلني أنزلني .
نظر لرفضها باستفهام متضايقاً لتداعب صدره بحزن قائلة : يجب أن أخبرك شيئاً .
ابتعدت عنه تفرك رأسها قائلة بضيق : لقد خربت كل شئ لن أخبرك ونحن بهذا الوضع هووووف .
نفخت بضيق لينظر لتقلبها هذا بعدم فهم متسائلاً : ماذا يحدث معك .
كتفت ذراعيها وزمت شفتيها في صمت تام أقلقه لينهرها بنبرة عالية : جيلان بدأتي تقلقيني .
تلاعبت بحاجبيها تغيظه بصمت قبل أن تضحك ممتصة غضبه قائلة : أسفة اهدأ كل ما في الامر أنني حامل سيأتينا طفل .
رفع حاجبيه مصدوماً من قولها للحظات قبل أن يشتم بهمس وهو يجذبها مقبلاً إياها بشغف : مبارك يا نجمتي أضاعت النجمة الصغيرة اليوم علينا .. ولكن لا يهم ،، المهم أن تأتي وكلاكما بصحة جيدة .
نفت برقة : ربما يكون نجم .
قال بشر لتضحك قبل أن يحملها متجهاً للحمام : ستكون بنت وإلا سترجعيه مجدداً .
...........................................
صهيب .. صهيب .. صهيب .. هذا الصهيب يحوم حولها بسرعة الصاروخ لا يترك لها مجال للتفكير ولكن هل تنكر أنها أحبت تواجده حولها بل أحبت رؤيته بين فترة وأخرى ،، يداعب قلبها بحضوره .. ينشطه وحين يرحل تشعر بخموله .
لم تصدق أنه أتي اليوم ليتحدث في حديث البارحة ،، ليكن صبوراً قليلاً حتي تهيئ نفسها علي الأقل ،، أخبرتها مساعدتها بتواجده في العيادة بل وأنه ينتظرها أيضاً في شرفة العيادة ،، وقفت أمام المرآه تعدل من هيئتها قبل أن تتجه له .
وقف ملتقطاً كفيها مقبلاً إياه برقي قبل أن تسحبه بسرعة متحدثة : لا داعي لتلك التصرفات أرجوك .
جلس ببرود متحدثاً بسخرية : أكملي ، يا أستاذ صهيب .
جلست بهدوء متجاهلة سخريته : لم أظن أنك ستأتي بتلك السرعة .
رفع كتفيه قائلاً : طلبتي التحدث معي وها أنا هنا .
ثم تابع : كلي آذان صاغية تفضلي .
بدأت في الموضوع مباشرة بجدية : ماذا سيكون موقف عائلتك من زوا..
قاطعها بغضب : لا تكملي .
راقبت تفاصيل وجهه الذي تشنج مهتزاً فعرفت أن عائلته وتراً حساس لديه بالفعل ولكنها لا تعلم هل بسبب موقف أخته بيسان أم هناك أسباب أخرى وهذا يجعلها تريد الاطمئنان بالفعل علي العلاقة التي ستكون بينهم ، تابع هو وقد فهم مقصدها : منذ زمن وأنا مستقل بحياتي عن عائلتي ،، لا يقدر أحدهم علي التدخل بحياتي أو معارضة قراراتي خاصةً بعد .
صمت قليلاً ماسحاً علي وجهه الذى احمر من الغضب : بعد حادثة بيسان .
ناولته كوب ماء قائلة : اهدأ صهيب أنا أسفة حقاً .
ابتسم فاستغربت ليفاجئها وكأنه أمسك الفأر في مصيدته : لا تتأسفي ،، لقد قلتي صهيب بدون أستاذ يالسعدى .
ضحكت مبعدة نظرها عنه بخجل ليشؤد بضحكتها هامساً : اجعلي تلك الضحكة من نصيبي أرجوكي .
قالت بوضوح : صهيب أنا خائفة من عائلتك .
بُهت مصدوم للحظات قبل أن يهدأ قائلاً بمكر : أى أنكِ موافقة علي .
نظرت له بعتاب : هل سنتحدث بجدية .
أجابها مطمئناً إياها : عائلتي ربما عالقة بالماضى حيث التفكير القديم لذا أخذت بيسان وابتعدنا في وقت كنت فيه معارضاً لكل تصرفاتهم ،، لا بد وأن لديهم خلفية عن أنني بالتأكيد سأتزوج وأكون عائلة .
التقطت أخر جملة من حديثه متسائلة : أي أنكَ لم تخبرهم .
حدثها بمرح : لتوافق العروس أولاً .
نظرت له بقلق حاسمة أمرها : لتخبرهم أولاً صهيب إن تقبلوني فأنا موافقة وإن لا فأنا لا أريد الخوض بتجربة قد تؤلمني لن أتحمل صدقني .
لاحظت تشنج فكه مجدداً وهو يجيب : تقولين هذا وأنتِ طبيبة نفسية .
رفعت كتفيها وقد أنهت الموضوع تماماً : وإن يكن أنا إنسانة .
#يتبع