الفصل السادس والثلاثون - عتمة الزينة - الجزء الثاني من ثلاثية دجى الليل
"أهلاً أهلاً.. حمد الله على سلامتك.. دي مواعيد بردو؟!" حدثها شهاب بسخرية بينما دلفت السيارة ثم التفتت له عاقدة ذراعيها في تحفز
"معلش بقا.. تقدر تقول إني مبقتش خايفة من حاجة وموضوع اللي معاك مش لازمني.." حدثته بثقة ادعتها ببراعة
"بجد!" اندهش بتهكم رافعاً حاجباه "يعني عايزة تقوليلي إن مبقاش فارق معاكي لو حبيب القلب سمع كلامك؟" سألها ساخراً لتتنهد هي في راحة شديدة
"مش حكاية مبقاش فارق معايا.. الحكاية دلوقتي إن أنت اللي محتاجني.. ومحتاج اللي معايا.. إنك تروح تقول لسليم ولا حتى تسمعه مظنش هتعملي مشكلة كبيرة.. زي ما اللي معايا ممكن يوديك السجن!!" ابتسمت له بخبث ثم أكملت ليتريث شهاب قبل أن يُجيبها "وزي بردو ما الفضيحة هتبقا وحشة أوي على رجل الأعمال والوريث الوحيد لكرم الدمنهوري وهو متورط في صفقة سلاح.. مش سلاح بردو اللي بتاجر فيه أنت ووليد؟!" باغتته بسؤالها بينما انتبهت جيداً لملامحه التي لاحظت عليها تلك الصدمة التي حاول أن يُخفيها ولكنه باء بالفشل..
"أنتي تعرفيني يا أروى؟!" همس سائلاً اياها بمنتهى التحكم في أعصابه
"أعرفك ولا معرفكش.. ده ميفرقش معايا في حاجة.. لكن اللي يفرق إنك تعرف إني مبتهددش.. حاجة كده ولا كده هاروح ادي الدليل ده لناس في أمن الدولة وهما يتصرفوا معاك.. ولو عملت نفسك ناسي اللي معاك ده أنا كمان هاعمل نفسي لا شوفت ولا سمعت حاجة ولا فيه فيديو ليك صوت وصورة من أصله معايا.. اتفقنا يا شهاب؟!" ابتسمت له ابتسامة لم تُظهر أسنانها في سماجة ليقهقه هو ضاحكاً ممراً لسانه على شفته السفلى ثم نظر لها لتتحول ملامحه لملامح مُخيفة
"أنا ضيعت وقتي معاكي فعلاً.. متبقيش تزعلي من اللي هيحصل" همس لها محذراً
"ابقا وريني كده ممكن تعمل ايه.. ومتبقاش تزعل من اللي هيحصل.. تصبح على خير يا شهاب" أخبرته ثم تركت السيارة لتوصد بابها صافعة اياه ليزفر شهاب خلفها متمتماً
"للأسف مسيبتليش حل تاني!"
بمنزل بدر الدين..
"عرفتي يا سيدو.. أخوكي متبهدل ازاي.. وكمان اديكي شوفتي بابا وعمتك وصلوا لإيه، وكمان موضوع الشركة ده مفرهدني اوي" ابتسم لها بإقتضاب لتتحول ملامحها للعبوس
"بس ازاي أروى تعمل كل ده بجد!! إنسانة معندهاش دم صحيح.. ولا عمتو.. ليه كل ده بيحصل" أخبرته في حُزن
"لا لأ.. أحنا عرايس وخطوبتنا بكرة ومينفعش الوش ده يكون زعلان.."
"طب يعني أنت دلوقتي هتتجوز زينة ولا أروى ولا هاتعمل ايه؟!" صاحت بإستفسار وعيناها المتوسعتان تشابها عينا نورسين للغاية
"أنا استحالة أتجوز أم أربعة وأربعين دي.. وزينة بقا هي اللي هتحدد أتجوزها ولا لأ.. لما أحس انها بقت واثقة فيا"
"ايه يا سولي اللي بيحصلك ده كله.. أنت زعلتني اوي" همست في حُزن كما ملامحها ليقترب هو منها عابثاً بشعرها
"حبيبتي متزعلش أبداً.. حبيبتي دلوقتي تقوم تنام علشان عندها يوم طويل بكرة وأدهم لازم يشوف عروسته زي القمر.. ومتقلقيش بكرة كل حاجة هتتحل" ابتسم لها لتعانقه بكلتا ذراعيها
"يارب يا سليم.." همست ليبادلها ذلك العناق الأخوي ثم ودعها ليتركها لتنام وتوجه لغرفته..
❈-❈-❈
"مقدرتش يا فيروز أقوله الكلام ده في الموبيل.. حسيت إن بردو مهما حصل مينفعش أقوله كده.. فقولت أقوله بقا بكرة لما أشوفه في الخطوبة" حدثتها بتردد
"طيب اهدي كده.. بكرة أنتي ما دام قررتي واخدتي خلاص القرار في إنك تسيبيه لازم تواجهيه بالحقيقة، علشان لا انتي تتعبي بإنك مخبية عليه ولا تظلميه معاكي وتفضلي مدياله أمل إنكم مكملين مع بعض.. يعني أنتي مثلاً بتحبي سليم، شايفة إنه تصرف صح إنه يفضل يسيبك كده بعد كل اللي حصل ما بينكم وميكلمكيش؟" سألتها لتقع بالمزيد من الحيرة
"أكيد طبعاً مش صح.. بس تعرفي أكتر حاجة مضيقاني انه زي ما يكون بيتجنبني من يومها وانه بـ..." توقفت من تلقاء نفسها وهي من كانت تنتظره طوال الليل لتتحدث معه "طب شكله جاي.. هكلمك تاني.. باي"
أنهت المكالمة وتوجهت مسرعة كي تتحدث له ولكنها تأكدت أولاً أنه سليم ولا تدري لماذا تعالت خفقات قلبها عندما رآته لتناديه "سليم.. استنى" التفت لها بملامح تبدو مُرهقة..
"نعم" اجابها لتنظر هل له بإرتباك وقد شعر هو بإرتباكها "عايزة مني حاجة؟!" سألها ولا يدري لماذا شرد في عينيها
"بصراحة عايزة اتكلم معاك.." همست له بملامح مضطربة ليتنهد بعمق
"عايزة تتكلمي في ايه؟!" سألها بنفاذ صبر
"احنا.. هنعمل ايه؟" سألته لينظر لها في استفسار "يعني.. من آخرمرة اتكلمنا و.. و.. وكنا.. لما خالو جه.. و.." شعرت بالمزيد من الإرتباك وعلا وجهها الخجل ليعقد هو ذراعيه وأتكأ بجسده على الحائط وهو ينظر لها في استمتاع
"وايه؟! ما تكملي" همس لها مُبتسماً وهو يرى شتاتها أمامه "عايزة تعملي كده تاني؟!" رفع حاجباه وهو ينظر لها بمكر لتتوسع زرقاوتيها
"أكيد طبعاً لأ!!" صاحت به بنبرة مرتفعة قليلاً ليقهقه على مظهرها المُرتبك
"امال عايزة تكلميني في ايه؟" حدثها بنبرة لا زالت تحمل أثار ضحكاته لتعود هي لإرتباكها ولا تدري بمّ ستخبره ولا حتى كيف ستخبره ما تريده!
"أنا هسيب شهاب بكرة وهفسخ خطوبتنا!" زفرت وهي تحاول أن تتحلى بالشجاعة ونظرت له بإصرار
"طب وأنا مالي يعني أعمل ايه؟" رفع كتفاه ثم أخفضهما بتلقائية وهو يقصد أن يُغضبها
"وأنت مالك!!" تمتمت وقد تحولت ملامحها للحزن والإنزعاج بينما بريق الإستمتاع بعيني سليم التي بدت سوداء للغاية في بصيص الضوء البسيط الذي يتسلل بين الغرف يحيط بهما أخذ في الإزدياد "ماشي يا سليم!! أنا غلطانة إني جاية أقولك وبعرفك" أخبرته في حنق ثم تركته وتوجهت لغرفتها ليتبعها دالفاً خلفها وأوقفها ممسكاً بذراعها لتلتفتت له هي في غضب
"لو سمحت سيبني وأطلع برا علشان أنام!!" صاحت به إنزعاج ولم يُلاحظ كليهما نورسين التي مرت بالقرب من غرفتها
"عايزة ايه يا زينة.. بتقوليلي ليه إنك هتفسخي خطوبتك؟!" تفحص عيناها في عشق جارف لا يتماشى مع كلماته التي أستمرت في إزعاجها
"خلاص اعتبرني مقولتش حاجة.. أطلع برا لو سمحت!" أخبرته في حنق ليبتسم لها وهو يرى معاناتها أمام عيناه
"لا قولتي.. قولتي إنك هتفسخي خطوبتك.. ده بقا معناه ايه؟!" سألها مجدداً وهو لا يستطيع أن يترك الأمر ليمر مرور الكرام
"معناه!! يعني أنت مش فاهم؟!" هز رأسه في إنكار وأطلق صوتاً يدل على نفيه وكأنما لا يُدرك ما تقوله بينما عيناه ازدادت هياماً بتلك الملامح التي لطالما عشقها "ماشي.. متفهمش.. سيبني بقا وأمشي.." ازداد انزعاجها منه ليرفع هو احدى حاجباه
"يعني ناديتيني.. وأنا كنت هاموت من التعب وعايز أنام.. وفي الآخر تقوليلي أمشي؟!" سألها بنبرة هادئة لتنظر هي له في عدم تصديق وسألت نفسها منذ متى وسليم قد أصبح غبياً لهذه الدرجة؟!
"اه أمشي" همست بغيظ ثم توجهت لتجلس على سريرها ليميل برأسه رافعاً كلتا حاجباه ليتنهد وهو ينظر لها مُضيقاً عيناه
"ماشي يا زينة!" أخبرها ثم توجه وظنته سيغادر ولكنه فقط توجه ليغلق الباب فهو لم يعد يستطع ألا يقترب منها وحتى ما حذره منه والده تناساه تماماً فالتفت إليها لتجده قد وصد الباب فنظرت للباب ثم له
"أنت بقا هتعمل ايه تاني.. مش كفاية ألمرة اللي فاتت وخـ.." صاحت به ولكنه قاطعها عدما جذب ساقيها بقوة ليستقيم جسدها على السرير وأعتلاها مستنداً على كلتا ذراعيه
"مستنية مني ايه لما تقوليلي هتفسخي خطوبتك يا زينة؟!" همس أمام شفتيها لتشعر بأنفاسه الساخنة التي تُربكها تنعكس على وجهها بينما أفترست عيناه المتفحصتان ملامحها "مستنية أخدك بالحضن ولا أقولك أنا كمان هفسخ خطوبتي؟!" لم يعد يستطيع سوى الهمس وتسليط عيناه على كرزيتيها لتزداد وتيرة أنفاسه في تلقائية
"يا سليم أنا قولتلك إني غلطت.. قولتلك إني بحبك.. وأنت بعد اللي عملته معايا ده كله جاي تقولي مستنية منك ايه!!" نظرت له بينما ازدادت أنفاسها هي الأخرى في ارتباك من تحرك صدره فوق ثدييها الذي ارتطما ببعضهما البعض بفعل ذلك الإنجذاب اللعين الذي لا يتوقف بينهما
"عملت معاكي ايه يا زينة؟!" همس أمام شفتيها ثم سلط عيناه لتخترقا زرقاوتيها وتحولت أنفاسه للهاث وهو يحاول أن يُسيطر على تلك الشهوة التي انبعثت في عروقه ولكن دون فائدة
"لما كنا في أوضتك من يومين.. لما.. لما خالو جه" همست وهي الأخرى لم تستطع تحمل إقترابه الذي يُشتتها وتعالت أنفاسها هي الأخرى في تواتر سريع
"أيوة وعملت معاكي ايه؟!" سألها ثم سحق أسنانه وهو ينظر لكرزيتاها اللاتي تشتته هو الآهر
"عملت.. كنت.." هي حتى لا تدري كيف لها أن تنطقها أمامه وكست الحمرة وجهها بأكمله "بوستني"
"بوستك!!" تمتم مقتبساً من كلماتها وقد أقتربت شفتاه من شفتيها للغاية حتى وهو ينطق بتلك الكلمة شعرت باثر تحرك شفتاه الناطقة على شفتيها لتومأ هي له وهي تحاول النظر لملامحه ليهمس "كده!" قبلها قبلة لم يستطع أن يتهرب منها أكثر من ذلك فهو منذ أن وقعت عيناه عليها الليلة وهو يتمناها أكثر من أي شيء ووصد عيناه في استمتاع بذلك المذاق بين شفتيها ولسانهما يتراقصان في صخب من الإثارة والمشاعر المتبادلة
"لا يا سليم مش هتـ.."
"هششش.." قاطع تلك المحاولة التي كادت أن تبعده عنها ثم ألقى بكامل ثقل جسده عليها وعاد ليلتهم تلك الشفتان بين شفتاه ملثماً اياهما في شغف لا نهاية له وبدأت يده تمتد أسفل كنزتها لتداعب مفاتنها ليشعر بإستجابتها له لتزداد قوة قبلته لها ليتناول شفتها السفلى بين أسنانه في استمتاع ثم نظر لملامحها ليجدها تبكي فابتعد عنها في صدمة وهو يلتقط أنفاسه وكذلك فعلت هي
"بتعيطي ليه يا زينة؟!" سألها في صدمة وقد تناسى تماماً تلك اللعبة الذي لا يزال مستمراً في فعلها وقد شعر بالخوف ما أن سبب لها الإنزعاج أو أنه قد فعل شيئاً لا يروق لها وتحولت ملامحه للجدية الشديدة
"عشان أنت كل مرة بتيجي وتقرب مني وبعدين تسيبني وتمشي ومتتكلمش معايا وأنا تعبت بقا من أسلوبك ده ومبقتش خلاص أفرق معاك" أخبرته في بكاء بعد أن نهضت جالسة على السرير وقاربت ركبتيها من قفصها الصدري ونظرت له باكية في لومٍ شديد
"هبلة!" تمتم ثم زفر في راحة وتوجه ليجلس أمامها بالقرب من قدميها "سؤال واحد ومش عايز نقاش كتير.. الإجابة تكون بآه أو لأ.. اتفقنا؟!" سألها لتحاول هي التوقف عن البكاء وهي تنظر له وأومأت بالموافقة
"واثقة فيا؟!" سألها وهو يتفحص ملامحها وهو حقاً يُريد أن يرى صدقها لتبتلع هي غصة اثار البُكاء بحلقها
"آه" اجابته وقد رأى الصدق بتلك الزرقاوتين التي لطالما عذبته
"عارفة إني بحبك ولا لأ؟!" سألها لتتوقف تماماً عن البكاء
"عارفة.. بس اللي أنت بتعمله وأروى و.."
"ما دام واثقة فيا وعارفة إني بحبك يبقا تهدي كده وتصبري.. فاكراني هاروح اتجوز أم أربعة وأربعين دي؟! ما تعقلي بقا يا زينة واصبري ولو لمرة واحدة في حياتك!" حدثها بجدية شديدة وهو يرمقها بإنزعاج لتنظر هي له في قلة حيلة وهي فقط تود أن تصرخ به لتخبره كم تقتلها تلك الغيرة كلما علمت أنهما سوياً
"طب هتسبها امتى؟" سألته لتجلس القرفصاء وعقدت ذراعيها أمام ثدييها وهي تتحفز للمزيد من الجدال ليزفر هو
"بعد خطوبة أدهم وسيدرا.. مبسوطة كده"
"آه" هزت رأسها بالموافقة وتوسعت عينتيها التي قرأ بهما السعادة لمجرد تلقي الخبر
"ده احنا مستعجلين بقا شكلنا كده!" غمز لها لتضيق هي ما بين حاجبيها لتجده يقترب منها مجدداً لتحاول الابتعاد بجسدها للخلف
"لا.. سليم.. بجد مش كل مرة تـ.." أوقفها عن الكلمات أخذاً شفتيها بين خاصتيه وازاد من حدة قبلته تلك المرة لتجده يدفع جسدها أسفله وأعتلاها من جديد ليقبلها بإستمتاع موصداً عيناه وقبضتاه عبثتا في مفاتنها ليدفع الشهوة لجسدها من جديد..
"سليم!" همست عندما ابتعد عنها وهي لا تدري كيف تستجيب له بتلك السهولة لينظر هو لها بعينتين ماكرتين ليبتسم لها ثم أخذ يلثم عنقها لتنهال جفونها رغماً عنها في متعة شديدة وشبق بالمزيد
ظل يلثم عنقها وهو ينخفض مقبلاً مقدمة ثدييها بعدما نزع عنها كنزتها لتشرد هي في أبحرٍ من الشبق اللامتناهي وأنفاسها علت في شهوة شديدة ولكنه باغتها بتلمس أنوثتها بأنامله التي لم تلاحظ متى وكيف وصل بيده إلي هناك
"آه.. لا يا سليم أرجوك" صاحت في توسل بعدما تأوهت بصوت مرتفع قليلاً ثم توسعت عيناها في رعب عندما سمعت طرقات على الباب!
❈-❈-❈
"أنت عارف لو بدر كان عرف كان هيعمل فيك ايه؟ بقا هو ده سليم اللي ربيته؟!" صاحت به نورسين في غضب وهي توبخه "ده موصيني لو شوفت حد فيكو في أوضة التاني أروح أقوله.. أنت اتجننت يا سليم ولا ايه؟! هو ده سليم المحترم اللي أنا أعرفه؟" وبخته بالمزيد لينظر بالأرضية
"أنا آسف يا ماما"
"آسف!!" عقبت بنفس كلمته في غضب "بدر عرف مرة.. وأنا عرفت المرادي وسمعتكوا.. مستني ايه المرة الجاية.. سيدرا تسمعك ونروح تعمل كده مع أدهم ولا بدر يتخانق معاك؟!" نظرت له بلوم ونبرتها لا تزال منزعجة
"خلاص أوعدك مش هاعملها تاني!"
"لو مش قادر خلاص تتحكم في نفسك روح اتجوزها.. إنما اللي أنت بتعمله ده ميصحش!" أومأ لها في تفهم ولم يستطع رفع نظره بعينيها "إياك يا سليم أشوفك في موقف زي ده تاني، بجد هحس إني معرفتش أربي الراجل اللي دايماً كنت فاكرة نفسي ربيته.. أنا هاديك فرصة ويا ويلك لو لاحظت أنا ولا بدر حاجة تاني عليك" ألقت بكلماتها الموبخه على مسامعه ثم تركته خلفها وتوجهت لغرفتها هي وبدر الدين..
"لقتيه عندها مش كده؟!" تفحصها بثاقبتيه ما أن رآها لتومأ له وزمت شفتيها في انزعاج "يا ابن الكااالب!!!" تمتم في غضب ونهض من على الكرسي ليذهب له بينما أقفته نورسين
"أستنى بس يا بدر!"
"عايزاني استنى وهو بيعمل ده في بيتي يا نورسين! أنتو ايه كلكوا كده شايفني قُرني يعني"
"لا يا حبيبي بس افهمني.. أنا كلمته وهو مش هايعمل كده تاني.."
"مش ايه ياختي.." صاح في تهكم وقد امتعضت ملامحه "نورسين هو انتي عيلة صُغيرة وضحك عليكي بكلمتين ولا ايه؟" حدثها في غضب ورمقته هي لتعلم أن دماءه تغلي بعروقه
"يا حبيبي استنى.. أنت عارف انه بيحبها اوي، وشايفه بيبص ليها ازاي.. حتى لو عايز تعمل معاه واقفة يبقا بعد الخطوبة بكرة.. بدل ما صوتكوا يعلى وسيدرا تضايق.. أنت عارف إنك لما بتتعصب مبتشوفش قدامك.. وعارف إن سيدرا بتحب سليم اوي ولو اتخانقتوا مش بعيد تصحى ومتعرفش تنام لبكرة.. وأنا مسيبتهوش واديته كلمتين في جنابه وهزأته بما فيه الكفاية.. وبعدين لو روحتله دلوقتي يبقا ايه لازمة اننا اتفقنا من وراه.. أنا كده هطلع عيلة قدامه.. يرضيك أطلع عيلة وبطلع سره؟!" نظرت له في لوم ليزفر بعمق حانقاً
"الحيوان مش عارف يسيطر على نفسه.. خلاص هينفجر يعني والهيجان واخد حده معاه" تحدث بعصبية لتضحك هي بخفوت
"سليم يا بدر داخل على تلاتين سنة واللي بيحبها معاه في بيت واحد.. مستني منه ايه؟!"
"مستنيه يلم نفسه!! مش يروح يعط معاها كل شوية!" حدثها غاضباً
"يا سلام!! ما أنت منت أكبر منه يعني وكنت ... ولا بلاش لا تزعل!!"
"وكنت ايه ما تقولي!" نظر لها بسوداوتيه الثاقبتين
"كنت بتقلعني.. و.."
"بس كنا متجوزين يا نورسين!" ضيقت عيناها وهي تنظر له وكلاهما مدركين لما تعنيه تلك النظرة
"لا يا حبيبي من قبل الجواز"
"يعني انتي عايزة ايه دلوقتي؟" تهرب من الأمر في عصبية لتتنهد هي
"عايزاك تيجي تنام في حضني وتحكيلي بقا عرفت ايه عن شهاب.. كنت واعدني انك تحكيلي.. ولا لازم يعني يبقا اسمي سليم علشان تحكيلي وتفضفضلي.. أنا بدأت أغير على فكرة"
"يلعن أبو سليم مليون مرة اللي يخليكي تغيري.. هاحكيلك حاضر كل حاجة.."
❈-❈-❈
الأول من فبراير عام 2019..
تأنق الجميع لأستعدادهم لتلك الخطبة في تمام الثامنة مساءاً وازداد الجمع بحديقة منزل بدر الدين وتوافد المعارف ليهنئون بدر الدين وكذلك أقارب سليم من جهة والدته، فارس وزوجته وأبناءهما، وأخذ العديد من الجمع يتحادثون ويمرحون مقهقهون بصوت الضحكات المرتفع ولم يتغيب أحد سوى هديل وحدها..
"على فكرة شكلك زي القمر.. ده أنتي مش أخت العريس وبس.. ده أنتي أحلى من العروسة نفسها" غازلها إياد هائماً بعسليتيها لتحاول هي التهرب من تلك الكلمات التي أخجلتها ولكن لم يمهلهما القدر لحضور سليم الذي فاجئهما وهو يقصد أن يُزعج إياد مازحاً
"ايه يا أبو حمزة منور والله!" أخبره أمام أسما التي توسعت عيناها عندما ناداه سليم
"لا يا أخو العروسة البيت منور بناسه!" أجابه بإنزعاج
"لا متقلبش وشك كده أنا مش ناقص عكننة النهاردة.." ضربه على كتفه بخفة ثم التفت لأسما "شوفي الموكوس ده ماله.. مش عارف أنا ليه كل ما أقوله أبو حمزة وشه يقلب كده.. خدي يا ماما حبيبك وعقليه كده وفهميه انكو مينفعش تسموا غير حمزة أحسن شاهي تولع فيه" أخبرهما لتضحك أسما بينما غادر وتركهما
"هو سليم يعرف من امتى؟!" سألته بإبتسامة ليزفر حانقاً
"يعرف من زمان.. بس أنا قولت للكلب ده ميعرفش حد و.."
"اهدى يا إياد.. سليم بس كان بيهزر معاك وبيستفزك شوية.. أنت عارف إنه ساعة الجد عمره ما هيضايقك" قاطعته بعد أن ضحكت على ملامحه ليرمقها مُضيقاً عيناه
"انتي عاقلة كده على طول.. مفيش حركات البنات اللي بنسمع عنها دي أبداً"
"لا فيه.." رفعت احدى حاجبيها ثم تابعت "لو جه ولد هنسميه حمزة!!"
❈-❈-❈
"هي هديل دي مش ناوية تكبر وتعقل بقا؟!" تحدثت شاهندة لأخيها بدر الدين
"أنا خلاص جبت أخري منها.. مفكراني يعني طمعان! اديني سيبتهلها تخرب على دماغها اهي لوحدها" زفر في إرهاق لتنظر له شاهندة مُضيقة عينيها
"وأنا كمان!"
"أنتي كمان ايه يا شاهي؟!"
"أنا كمان هسيبها.. تبقا تديرها هي لوحدها بقا" زفر مجدداً وامتعضت ملامحه
"الله يخليكي يا شاهي بدل ما ترجع تقولك غسيل مخ وبتاع أنا مش ناقص.. بلاش أنتي كمان الله يكرمك"
"يا بدر هي عمرها ما هتفوق غير لما تلاقي نفسها بتغرق.. ولو احنا مش موجودين جنبها عمرها ما هتعرف تتصرف"
"معلش خليكي انتي جنبها وأنا كده كفاية عليا اوي بقا تعب ومناهدة لغاية كده"
"أنا قولتها كلمة.. معاك يعني معاك.. وبعدين يا بدوور أنت بقيت حمى ابني خلاص.. عايزنا نبعد عن بعض في الشغل ازاي"
"يااااه!! بدوور.. ده أنا مسمعتش الكلمة دي من أيام ما كنت عيل.." صاح زياد الذي حضر لتوه ليعانق بدر الدين في قوة
"لازم بنتي تتخطب عشان أشوفك يعني؟!"
"مشاغل والله يا كبير" تركه ثم التفت لشاهندة ليُعانقها "وحشتيني أوي يا شاهي.. مبروك يا حبيبتي"
"الله يبارك فيكي يا زيزو.. مش ناوي أنت كمان.. يا ابني انت بقا عندك حاة واربعين سنة واللي زي ولادك بتخطبوا"
"لا يا ستي أنا كده زي الفل.. مش حابب نكد نسوان" تحدث بطريقته المعهودة التي لم تتغير "أنا رايح أسلم على باقي الناس.. بس راجعلكم تاني"
"روح" أومأ له بدر الدين ليبتسم بإقتضاب "عمره ما هيكبر"
"أبداً" عقبت شاهندة على كلماته بإبتسامة بينما أستمرا سوياً ليتجاذبا أطراف الحديث
❈-❈-❈
"شكلك زي القمر" همس سليم لأروى التي اعتراها الخجل
"بجد يا سليم؟" ابتسمت سائلة
"بجد يا روح سليم.." ابتسم لها وهو بكل ما أستطاع من قدرة يحاول أن يُزيف عشقه لها
"أنت فعلاً بقيت بتحبني من ساعة ما أتخطبنا؟!" سألته وهي تبحث في عيناه عن إجابه ليتلمس أصفل ذقنها بأنامله
"طبعاً بقيت بحبك" ابتسم لها ثم قبل جبهتها وهي يعتصر قلبه بداخله ولم يرى أحدهما تلك البُنيتان التي تُحدق بهما بسخرية
"لا فعلاً شكلك ذكية وعرفتي تلعبي عليه" تمتم ثم أخذ يبحث بعينيه عن زينة التي ما أن وجدها بعيني الصقر خاصته توجه إليها على الفور ثم أقترب منها يقبل يدها فحاولت هي رسم ابتسامة على شفتيها بالرغم من توترها وارتباكها الشديد..
شابك أصابعها بإجبار لم تلاحظه وتحكم لطالما أمتلكه على كل ما تفعله وأخذ يسير معها ليقصد التوقف أمام سليم ثم أقترب منها ليقبل جبهتها ثم رمق سليم الذي بدا كالمعذب "وحشتيني" همس لها وهو ينظر بزرقاوتيها
"أنت كمان وحشتني"همست لتبادله الكلمات من باب اللياقة ليس إلا
"مش كفاية بقا Break لغاية كده؟" نظرلها وهو يُزيف العشق بعينيه، فتلك النظرة لطالما نظرت له غادة بها وقد تعلمها جيداً
"بصراحة يا شهاب أنا.." حمحمت في إضطراب وحاولت التحلي بالجرأة مثلما تحدثت لها فيروز وأخبرتها ثم بعثت خصلاتها خلف أذنها لتنظر له بشجاعة "أنا حاسة اننا اتسرعنا، أنا مش هاقدر أنكر وقفتك جنبي والإحساس الجميل اللي ما بيننا كأصحاب.. بس أنا بصراحة مش هاقدر أكمل معاك.. أنا آسفة" أخبرته ليرفع حاجباه ثم أومأ لها وهو يحاول أن يبدو مصدوماً بينما هو بالحقيقة لم يكترث لها
"خلاص يا زينة.. ما دام أنتي حاسة بكده يبقا خلاص.. أنا عمري ما هاجبرك على حاجة انتي مش قادرة تحسي بيها" ابتسم لها بإقتضاب ثم زفرت بعمق
"ما هو الموضوع طلع سهل اهو .. امال أنا كنت خايفة ليه؟!" ابتسمت وكأنها كانت تحبس أنفاسها منذ بدأ الليلة بأكملها ليبتسم لها بإقتضاب "بصراحة أنا لقيت نفسي لسه بحب سليم و.."
"زينة.. بدر بيدور عليكي" هنا تدخل سليم وقاطعها بينما كانت له الصدمة الحقيقية هي إختيارها وعشقها لذلك الطفل المزعج بدلاً منه..
"طيب بعد اذنك يا شهاب" أخبرته ثم غادرت بينما رمقه سليم بعنتين كارهتين له ونظرة غير مُرحبة لينظر له شهاب بنظرة سخرية وتهكم
"مبروك يا أخو العروسة" حدثه بحقد ليومأ له سليم وكاد أن يتركه ولكنه أوقفه بصوته "شكلك مبسوط أوي مع أروى.. حقيقي مكنتش أتخيل إنك بالغباء ده!" ابتسم له بتهكم لينظر له سليم عاقداً حاجباه
"وأنت مالك مبسوط مع أروى ولا لأ.. يهمك في ايه أصلاً؟"
"هو بصراحة ميهمنيش.. ميهمنيش غير إنك تبقا غبي قدام عنيا وغباءك يزيد دايماً.. أخدت منك زينة، ضحكت عليك أروى بسهولة بكلمتين مفبركين.. لا ولسه التقيل جاي"
"بص يا شهاب!! أنت احسنلك تمشي تطلع برا البيت ده ومتعتبهوش تاني.. زينة وأروى مالكش دعوة بيهم.. مش علشان بقيت في وسطنا كام يوم عقلك يسولك انك بقيت واحد مننا.. يا ريت ماشوفش خلقتك هنا تاني!" حدثه بغضب ليقهقه شهاب بإستفزاز شديد
"لا تصدق خوفتني!!" أخبره بنبرة لا تزال تحمل أثار الضحك "أنا كده كده ماشي.. روح يا شاطر شوف اللي وكلاك على قفاك وخليتك زي الخاتم في صباعها بكلمتين سمعتهم منك وقلبت عليك الترابيزة وخلت زينة تصدق انك متراهن عليها" التفت مُغادراً اياه وقد قصد أن يدفعه للغضب كي يُفسد الأمر على الجميع ويُفرق تجمعهم وكي تراهما أروى التي لاحظها على مقربة منهما وترك ذلك المنزل بأكمله ثم غادر..
"فيه ايه يا سليم كان بيقولك ايه شهاب خلاك تتعصب كده؟!"آتت أروى مهرولة وهي تتوجس خيفة ليرمقها في غضب ولم يدير أن يُحدثها فها هو للتو قد أدرك أن شهاب يعلم حقيقة ما فعلته أروى "سليم رد عليا.. كان بيقولك ايه؟!" سألته مجدداً بينما أخذ خطوات واسعة لتهرول هي خلفه في حذاءها الذي يصعب السير به حتى دلفا المنزل بعيداً عن أعين الجميع
"الكلب ده يعرف ايه عنك يا أروى؟ أنتي أتكلمتي معاه في ايه ولا حكتيله ايه؟" حدثها بغضب لتشعر بإرتفاع خفقات قلبها ولكنها لن تترك شهاب ليُفسد كل ما عملت عليه ولن تسمح لسليم بأن يبتعد عنها
"أأنا.. أنا معرفش هو قالك ايه.. بس فعلاً فيه حاجة حصلت!" أخبرته وقد لاحظ ارتباكها لتزداد عقدة حاجبيه وقد شعر بالخوف ما أن مسها شهاب بسوء
"يوم خطوبته هو وزينة فجأة طلع برا ورد على تليفون غريب.." قصت عليه الأمر بأكمله ثم أرته التسجيل المصور له وأرسلته له وأقنعته أنه فقط يحاول أن يُفرق بينهما لأنها تملك دليلاً عليه بعلاقته المشبوهة بوليد الذي قد ذكره له بدر الدين من قبل وأخذت تتوسله أن هذا كل ما حدث بينهما ليس إلا ولذلك هو يريد أن يرد الصاع لها كما فعلت به ولكنها لم تعلم كم رآها سليم بمنتهى الحقارة أمام عيناه، فكلمات شهاب دلت على معرفته بكذب أروى عليه وتلفيقها لأمر مراهنته على زينة!
❈-❈-❈
"مزز اييييه!!! خالك ده لعيب.. مبيحرمنيش ليلة.. كل شوية مزة مش ممكن.. جسم وشعر ودلع حاجة يالهوي يانا يا نهار اسوح.. واحنا بقا مقضينها مليطة كده أنا وهو كل ليلة.. شغل الصبح ونسوان بليل.. تقولي أرجع.. أرجع مين يا عم.. مين يعوضني بالمزز دول كلهم"
تحدث آسر بينما توسعت عينا إياد الذي ينظر خلف آسر في صدمة
"ايه يا عم هتاكلني.. متبصليش كده بقا وتعملي كبير وإني لازم أتلم بقا والجو الفكسان بتاع العواجيز ده.. بذمتك مش خالي ده دماغه ألماظات؟!"
سأله مبتسماً وهو يتسامر معه وقد قاربت الساعة على الحادية عشرة والنصف بينما ابتلع إياد وهو يومأ برأسه مشيراً لما خلفه ليلتفت آسر وقد تحولت ملامحه للرعب عندما وجد بدر الدين خلفه الذي يبدو وكأنه يستمع له منذ الكثير من الوقت
"يا نهار أسوح.. ازيك يا خالو!! وحشتني والله.. كنت حتى بفكر افضل قاعد في مصر.. كفاية كده خالو زياد فسد أخلاقي!! صح ولا ايه؟" نظر له وهو يزدرد وقد شعر بجفاف حلقه
"كنت بتقول ايه بقا على زياد؟!" سأله مُدعياً الجدية ليشعر آسر أنه وقع بورطة شديدة بينما غمز لإياد
"خالي زياد ده راجل.. يا سلام.. مفيش زيه.. طول النهار من الشغل للجامع ومن الجامع للشغل.. والإعتكاف .. أهم حاجة الإعتكاف.. ربنا يكتر من أمثاله!"
"ده زياد أخويا مش كده؟!" لم يستطع إياد أن يتحمل أكثر من ذلك وانفجر ضاحكاً بينما آتت زينة على صوت ضحكة إياد لتنظر لثلاثتهم في تعجب
"آه يا خالو.. راجل مؤمن.. عن إذنك الحق العشا علشان مصليتهاش" نهض مُسرعاً بينما ضحك بدر الدين وزينة يزداد استغرابها ليقص عليها إياد ما حدث وهو بالكاد يستطيع التحكم في ضحكاته..
"بابا.. عايزك ضروري" هنا آتى سليم التي بدت ملامحه غاضبة لتتعجب كلاً من زينة وإياد بينما نهض بدر الدين مُسرعاً وتوجه معه دالفان للمنزل
"فيه ايه يا سليم مالك؟"
"بص كده.." آراه ذلك التسجيل الذي صورته له أروى بمنزلهم ليتأكد بدر الدين من كل ما رآه من أدله على حاسوبه المتنقل لينظر لسليم "الفيديو ده أروى ادتهوني.. لما فكرت إن شهاب جاي يقولي إنه يعرف حقيقة اللي هي عملته بيني وبين زينة!! أنت متخيل.. بردو اللي حذرتها رايحة تعرفه حاجة زي دي.. وتفتري على زينة مرة واتنين.. أنا لو قربت منها دلوقتي ممكن آكلها بسناني" حدثه بغضب لاذع "أنا قولتلها تمشي وتسيبني لوحدي لأني كانت عفاريت الدنيا بتتنطط قدامي ومش عارف أعمل ايه فيها غير إني أمسكها أموتها"أطنب بالمزيد بينما توجه نحوهما احدى المساعدين
"بدر بيه.. فيه ناس برا وجايين من الشرطة" تبادل بدر الدين وسليم النظرات في تعجب
"عايزين ايه بالظبط؟!"
"بيسألوا عن الآنسة زينة!! بيقولوا أنها لازم تروح معاهم حالاً.." هنا شعر سليم بالرعب بينما جمدت ملامح بدر الدين في ريب مما قد تتورط به زينة..
❈-❈-❈
"خالو أنا معملتش حاجة هوفيه ايه؟!" صاحت زينة في رعب شديد باكية بينما تجمعت العائلة بأكملها
"معلش يا حبيبتي روحي وأنا جاي وراكي على طول.. هاجيب المحامي وأجيلك" حاول بدر الدين تهدأتها بينما تأثر الجميع وسليم قد شعر بأنه يُريد أن يقتل من فعل بها ذلك..
"لا يا خالو متخليهومش ياخدوني"
"متقلقيش يا زينة.. أنا هاجيلك في ساعة زمن يا حبيبتي" هنا هرول سليم اتجاهها بينما يجبرها الرجال بجانبها على أن تتقدم ومنعوا سليم في الاستمرار لتتعالى أنفاس أروى الغاضبة وهو يناديها بذلك اللقب الذي لا يستحقه سواها
"سليم!!" هذا كانت آخر ما همست به ببكاء قبل مغادرتها
"كلم المحامي يا سليم بسرعة.." صاح بدر الدين "وأنتي يا شاهي أنتي وزياد ارجعوا مع الولاد.. أنا هاخد المحامي أنا وسليم ونروحلها" صدح صوته الرخيم بالجميع
"استنى يا سليم أنا هاجي معاك.. أكيد عملت حاجة غلط و.." هنا صاحت أروى التي لم تغادر كما أخبرها سليم منذ قليل وادعت الإكتراث الزائف ليلتفت لها هو بمنتهى الغضب أمام أعين الجميع
"أنتي عايزة ايه بقا تاني؟! عايزة تعملي حنينة؟ عايزة بعد ما بهدلتي زينة تعملي حمامة سلام؟ رايحة تقولي لشهاب ايه بالظبط؟ رايحة تأذيها وعايزة تأذيها تاني وتالت؟! أنا عارف كل اللي عملتيه.. عارف بكل حاجة افتريتي بيها عليها.. ويكون في علمك وقصاد كل الناس اللي خطبتك قدامهم أنا بقولك إني أطيق العمى ولا أطيقك.. زينة اللي أنتي بتحاولي تبعديني عنها أنا بحبها من زمان وهافضل أحبها وعمري ما هابطل احبها.. من زمان وأنا واخد بالي من حركاتك اللي بتحاولي تبعدينا بيها عن بعض.. من وأنتي عيلة وأنتي بتفتري عليها.. بس خلاص بقا ده آخرك معايا.. أنا بس الحاجة الوحيدة اللي نجحت فيها هو إني أشوفك قدامي دلوقتي بتعيطي ومقهورة زي ما عملتي في زينة مرة واتنين لما كنا بنحب بعض وأنتي دلوقتي فاكرة إني حبيتك.. غوري في ستين داهية واياك رجليكي تعتب البيت ده تاني!" صرخ بها بمنتهى الحُرقة أمام الجميع بعد أن قاطع كلماتها المسمومة التي كادت أن تخدع بها الجميع وقد وصل لنهاية تلك اللعبة السخيفة ولم يعد يستطيع الإستمرار بها لتتهاوى هي دموعها في غير تصديق على كل ما سمعته..
❈-❈-❈
خرجت وهي بالكاد ترى أمامها من كثرة بكاءها.. لا تدري ما الذي حدث.. بما أخبره شهاب؟ أيُعقل أنه قد آراه الدليل؟ ولكن كيف وهو قد غادر أمام أعينها.. لقد أقنعته أن كلمات شهاب مجرد إفتراء ليس إلا لإمتلاكها ذلك الدليل عليه..
قادت سيارتها بسرعة شديدة لتذهب لمنزل شهاب الذي مكث فيه مع والده، عليها أن تعرف تماماً ما الذي أخبره لسليم حتى يصل به الأمر لتصديقه هكذا..
لن تتركه ليفعل فعلته معها أبداً ويذهب هكذا، وإلا ستسلم ذلك الدليل للسلطات وليذهب للجحيم هو أو زينة لا يهم ولكن لن تتقبل أن تُضيع سليم من يدها بتلك السهولة.. تلك الكلمات التي نطق بها كانت من محض تخيله ليس إلا.. هو لا يعلم أي شيء، لا يدري بكامل فعلتها، هو يحبها!! نعم هو يفعل ولكنه قال تلك الكلمات أمام الجميع لهول الموقف ليس إلا.. ستعيده إليها مهما كان الأمر ولن تتوقف عن المحاولة أبداً ولكن عليها التيقن أولاً مما أخبره به شهاب.. وفقدت عقلها تماماً وهي لا تدري ما الذي تُقدم عليه بسبب غضبها وشعورها الذي يُحركها.. لا تدري أنها ستخسر نفسها بالكامل أمام شهاب الدمنهوري!!
❈-❈-❈
أحتسى من فنجان قهوته وهو يتمتع بذلك النسيم العليل الذي يهب عليه ثم وصد عينيه في استمتاع بعد أن ترك الفنجان على المنضدة أمامه وأخذ يتخيل صدمة سليم البادية على ملامحه وهو كالفتى الصغير لا يدري ما الذي عليه فعله ويموت رعباً ووجلاً.. رأى خوف أروى من أن يُفسد علاقتها بسليم وستأتي مهرولة له لتترجاه ألا يفعل.. تخيل دموع تلك الصغيرة التافهة وهي تغادر منزل خالها وهي لا تدري ما الذي يحدث حولها..
ابتسم في راحة وهو يتخيل أن بدر الدين الخولي سيترجاه، سيتوسل له ألا يفضح أمرهم، أن يتنازل عن إتهامه لهم.. تنفس بمنتهى الأريحية وهو يُدرك الآن أن تلك الضحكات الصاخبة وتجمعهم قد تفرق عندما آتت السلطات لإصطحاب زينة معها.. لقد سقط وليد وتم تسليمه للسلطات مجروحاً فاقد الوعي.. وقبل أن يفيق ستكون روحه قد فارقت الدنيا بأكملها مثلما خطط..
كم أن إنتقامه الذي خطط له يسير على تلك الخطوات التي رسمها وخطها بنفسه للكثير من الوقت وها هو يحصد ثمار ما سهر لليالٍ طويلة يُفكر به..
توقع بأي وقت الآن أن تتصل به أروى في رعب شديد ولكن ما لم يتوقعه هو رؤيتها وهي تدلف منزل أبيه بسيارتها ليبتسم في شر وتوجه للأسفل كي يراها.. فإما أن تُعطيه ذلك الدليل وإما سيُريها كل ما تمنى أن يفعله بها يوماً ما كعقاباً لها هي وعائلتها بالكامل..
يُتبع..