-->

الفصل السابع والثلاثون - عتمة الزينة - الجزء الثاني من ثلاثية دجى الليل


الفصل السابع والثلاثون

 

"بدر بيه.. أنا فهمتها إنها متتكلمش خالص غير لما أكون معاها.. وهي فعلاً مش عارفة أي حاجة.. بس انا لما روحت ساعة ما كلمتني عرفت إن البلاغ واضح وجي بإتهام صريح للشركة نفسها وإن أنتو اللي ليكو المسئولية التامة في المخازن اللي كان موجود فيها شحنة الأسلحة، ومتقدم كل الإثباتات اللي بتقول إن المُهندسة زينة هي اللي مسئولة عن المواقع وهي اللي مستلماها وده بيفيد إنها تحت مسئوليتها.. للأسف مش هنعرف ننفي التهمة عنها غير بعد تحقيقات طويلة وإثباتات هي كانت فين وقتها.. وهل كانت بتزور الموقع ولا لأ، ونثبت سفرها وكل التفاصيل دي هتاخد وقت

سمع سليم تلك الكلمات التي خرجت من فم المحامي لينظر في ساعته ليرى أنه قد مر ساعتان منذ  أن تركت زينة المنزل وغضبه أخذ يتعالى لدرجة أن بدر الدين لم يراه من قبل بمثل تلك الهيئة التي عليها الآن وهو يجوب حولهما يتلك الخطوات الهوجاء..

"معرفتش مين اللي بلغ البلاغ ده؟" سأله بدر الدين 

"للأسف اتقيد ضد مجهول" اجابه المحامي بنبرة اتضح بها خيبة الأمل

"طيب والحل؟!" سأله بدر الدين 

"لسه هنروح ونشوف القضية و.."

"لا مفيش قضية.. الليلادي زينة هتروح ومش هتبات في القسم" صاح سليم مقاطعاً اياه 

"اهدى بس يا سليم لغاية ما نشوف الـ.."

"مش هاهدى.. عايزني اسيبها يا بابا تتسجن؟" نظر له بخوف بعد أن قاطعه وقد شعر بدر الدين بالآسى على حاله وفي نفس الوقت شعر بتلك الورطة التي وقعت بها زينة والخوف الشديد عليها 

"طيب على الأقل يومين لغاية ما نثبت إنها مالهاش علاقة بالمواقع.. أو مش بتشرف عليها.. صعب نخرجها من قضية زي دي بكفالة أو حتى بمنع من السفر" ساد الصمت بينما عقد سليم حاجباه وكأنما وجد الحل

"لأ مش يومين.. دلوقتي حالاً!!! زينة مبتشتغلش في الشركة" همس لينظر له بدر الدين في تعجب بينما نظر له المحامي بإهتمام 

"فيه حاجة تثبت انها مبتشتغلش في الشركة؟!" 

"آه فيه.." صاح ثم تركهم ليتوجه للخارج ليُعد الأوراق اللازمة بمكتب بدر الدين بينما أخرج هاتفه ليجري إتصالاً هاتفياً عله يستطيع أن يُفيدهم! فهو على إستعداد تام أن يطرق كل الأبواب ليجد ولو بصيصاً من أمل لينقذ زينة من ذلك المأزق حتى ولو كان الثمن أن يتحمل هو كل شيء..

--

"أنت قولتله ايه بالظبط؟" صاحت أروى بعصبية بعد أن تمالكت نفسها بصعوبة وهي تحاول أن تُقنع نفسها بأن كل شيء سيكون على ما يُرام مع سليم ولكنها عليها أولاً أن تفهم بم أخبره شهاب لتستطيع حل كل شيء حتى ولو بخطة جديدة أخرى 

"ايه ده.. أنتو اتخانقتوا بسبيي؟" صاح مدعياً الإندهاش بإبتسامة مُستفزة ليتعالى غضبها 

"شهاب متستعبطش! أنت النهاردة كنت واقف مع سليم ووشه قلب لما كلمك.. أنت قولتله ايه؟!" سألته بصياح منزعج 

"أنتي بتلبخي معايا أوي في الكلام.. لاحظي إني ساكتلك من يوم ما عرفتك.. وخلاص صبري قرب ينفد" أخبرها بهدوء وهو يدعي العبوس بينما بداخله يتخيل كل ما سيفعله بها إن تمادت أكثر 

"متحورش الكلام ورد عليا.. قولتله ايه؟" ازداد غضبها أكثر ليبتسم في سخرية

"متحورش!!" كرر كلمتها وهو يتمتم بالمزيد من السخرية وتلك الإبتسامة المستفزة لم تغادر شفتاه 

"ما ترد عليا.. ايه مش فاهم السؤال!! ماشي" تعالت أنفاسها في غيظ بتلك الطريقة التي يتحدث بها معها "رد عليا وقولي قولت لسليم ايه بدا ما أفضحك يا شهاب!" هددته بنبرة ارتفعت من كثرة استفزازه لها

"تفضحيني!! هايل!" أخبرها وتوسعت عيناه بالمزيد من الإندهاش الساخر لكلماتها

"خلاص.. متلومنيش بقا لما الدنيا كلها تعرف إنك متورط مع وليد!" صاحت به وكادت أن تُغادر ليوقفها صوته 

"مش كنتي من كام يوم ذكية و شاطرة وبتوصلي للي عايزاه.. ايه ذكاءك راح فين؟ جاية تسأليني السؤال ده دلوقتي ونسيتي إنك ذكية؟" زفر في تهكم عندما توقفت قدميها عن الإتجاه نحو بوابة المنزل ليتابع"يا ترى حتة العيل اللي هتموتي عليه اداكي بومبا، ولا مفيش ما بينكم ثقة وصدق كل اللي قولتهوله على طول؟!" التفتت له لترمقه بإحتقار 

"حتة العيل ده على الأقل مش بيتاجر في السلاح.. ولا بيروح يعمل حركات من ورا اللي بيحبها علشان يخطبها.. ولا بوشين زيك يا شهاب!" توجهت للخارج بعد أن شعر بأن تلك الكلمات التي تُطلقها من فمها اللعين منذ أن آتت وتحدثت له قد أشعلت بداخله نيران الحقد من جديد فتوجه خلفها 

"مش ناوية تجيبي اللي معاكي!" جذبها من ذراعها ليوقفها فالتفتت له لتجد تغير ملامحه

"وهو أنت كنت قد كلمتك.. أنت روحت قولت لسليم كل حاجة!" أخبرته في غضب صارخة

"لا يا أروى أنا طول عمري قد كلمتي.. وهوريكي أنا قد كلمتي ازاي!" 

--

 

"إياد.. خد أسما وأقلبوا أوضة زينة.. لو لقيتو نسخة عقد انها بتشتغل في الشركة أو أي استلامات مواقع ولعوا فيها وأخفوها خالص ارموها في الحمام ولا أي حتة.." تحدث سليم لإياد بالهاتف 

"طب فهمني هتـ.." لم يترك له مجالاً بينما هاتف عاصم 

"عاصم.. اسمعني كويس علشان اللي أختك فيه مش هزار.. روح أنت وآسر أقلبوا مكتب زينة لو لقيتوا فيه أي ورق أو نُسخ للعقد اللي يثبت انها بتشتغل معانا أو استلمت أي مواقع أحرقوه وارموه في الحمام.. مفيش وقت يا عاصم!" تحدث بهاتفه وعينيه لم تتركا حاسوبه ولو لحظة واحدة ثم وصد الهاتف الذي أعلن عن إتصال آخر 

"ها.. عرفت توصل لحاجة؟!" أجابه بلهفة 

"ايوة يا Mr سليم.. المفروض إن دلوقتي هيجيلك email بإستقالتها من شهر بالظبط.. وبردو فيه email تاني من حضرتك بقبول الإستقالة

"تمام.. استنى خليك معايا.. هأتأكد" رمق بريده الإلكتروني سريعاً إلي أن وصل لتلك الرسائل منذ شهر وقد وجد ما أخبره به ذلك الرجل الذي أستعان به ليحصل على كل ما أحتفظ به شهاب في حاسوبه 

"اتفضل.." أخبره بينما أستمع لزفرته في راحة وأخذ يطبع كل الأوراق اللازمة 

"شكراً .. لو أحتاجتك تاني هكلمك.." تريث لبرهة ثم أضاف "أنا أو والدي بدر الدين

"تمام يا Mr سليم.. لو فيه أي حاجة عرفني.." أنهى المكالمة معه سريعاً بينما نهض مسرعاً في هرجلة وهو يُمسك بكل الأوراق اللازمة التي زورها من أجلها ثم توجه بخطوات واسعة نحو والده والمحامي الذي يعرفه منذ أعوام..

"أظن كل الأوراق والإيميلات اللي من ايميل الشركة الأساسي تثبت إن زينة أصلاً مبتشتغلش في الشركة وانها جاية فترة تدريب وبس وكمان قدمت استقالتها وأنا قبلتها"

"بس الورق اللي اتقدم مثبوت فيه انها أستلمت الموقع ده من شركة.."

"مزور!!" قاطعه سليم وصدره يعلو ويهبط في غضب "زينة مستلمتش حاجة.. ومفيش ورق غير من اللي مقدم البلاغ.. أتصرف بقا وانفي الكلام ده.." صاح به في لهجة آمره قاطعة 

"بس أنتو فيه ما بينكم عقود وفيه شهود على إن زينة راحت تستلم الحاجات دي.."

"راجع الورق هتلاقيني بكلفها بأنها تستلم بدالي.." قاطعه مجدداً بنفاذ صبر

"بس ده يا سليم يا ابني معناه إنـ.."

"إني أنا المسئول عن كل حاجة.. وهتروح دلوقتي حالاً وتخرجها.." قاطعه في نفاذ صبر بينما تفحصه بدر الدين ولم يستطع أن يُنهيه عما يفعله فإن لم يفعلها لكان ظن أنه لا يعشق زينة مثل ما تأكد دائماً من حقيقة هذا الأمر..

"بس ده بردو مش هاينفي البلاغ اللي متوجه للـ.."

"هو أنت بتتكلم كتير ليه؟ ما قولت إني متزفت متحمل مسئولية كل حاجة.. ما ان شالله عنه ما نفى بلاغات ولا هباب.. أنت تقوم معايا دلوقتي حالاً وإلا أُقسم بالله لا أطلع روحك في ايدي" قاطعه بعد أن توجه نحوه في غضب لاذع وأمسكه من مُقدمة قميصه يجذبه في عنف وملامحه تملك منها الغضب الأعمى ليرمقه بدر الدين في حُزن ولكن تمالك الموقف فلابد وأن يوقفه عما يفعل

"سليم!!" ناداه مُحذراً وبالكاد تبادل النظرات معه بعد أن التفت له وهو لا يزال يُمسك بمقدمة قميص المحامي "هنروحلها حالاً وهحاول أكلم حد يساعدنا وهتبات معايا النهاردة.. بس اهدى واعقل لغاية ما نشوف ايه اللي هيحصل بالظبط.."

--

 

"مش قولتلك يا أروى إنك متعرفيش مين شهاب الدمنهوري" أخبرها بعد أن أجبرها على ركوب السيارة معه ولم يكترث لصراخها المحتج وأحضرها لمنزله الآخر الذي أعتاد أن يُحضر به النساء وما إن دلف حتى القاها أرضاً لتتعجب هي منه ونظرت له في ريبة مما يفعله

"زهقت بقا منك ومن قرفك وصوتك وزنك.. مناخيرك اللي في السما دي أنا هكسرهالك.. أنتي فاكرة نفسك تقدري تمسكي دليل عليا.. لا يا بنت مامي فوقي.. مش شهاب اللي واحدة زيك تهدده بفيديو بسهولة أبين إنه متفبرك" تعالت أنفاسها في صدمة وبدأت في الشعور بالخوف الشديد لتستند على كلتا يداها وهي تحاول أن تبتعد عنه بدفعها لجسدها للخلف ببطئ وهو يتقدم منها بملامحه الغاضبة المُخيفة ولم تستطع تصديق أنه يُعاملها بتلك الطريقة

"بقا أنتي ماسكة عليا دليل وبتساوميني عشان العيل اللي تعرفيه.. ميتة أوي على الفلوس وهتموتي وتتجوزيه علشان تكحوشي على كل حاجة.. ولا فاكراني مش فاهمك من يوم ما شوفتك.. نسخة وسخة زي باقي الستات الوسخة اللي أعرفها" لا تدري ما تلك الكلمات التي يُلقيها على مسامعها ليزداد تجمع الدموع حول مقلتيها في خوف

"لا.. أنا بحب سليم وساومتك..علشان.. علشان كنت خايفة يضيع مني!" همست بصدق وهي ترتعب بداخلها من ملامحه المُخيفة وهو يتقدم نحوها وهي حتى لا تستطيع القيام من على الأرض

"بتحبي العيل ده.. وعشان كده رايحة تلعبي على أختك.." صرخ بها بملامح أنهال منها الشر ليزداد رعبها "على قد ما مش قادر ابص في وش ولا واحد فيكوا ومن أكبركوا لأصغركوا مقرفين وبقرف من منظركوا إنما أنتي أوسخ واحدة فيهم! أوسخ دماغ.. رايحة تضحكي على البت الصغيرة علشان العيل بتاعك.. وفاكرة بقا إن اللعبة هاتكمل وتحلى وجاية تكمليها معايا.. لا يا روح أمك فوقي.. لا أنا سليم التافه ولا أنا العيل الصغير الأهبل زي أختك.. أنا شهاب الدمنهوري يا حبيبة أمك.. وحذرتك وأنتي استهونتي"

"شهاب أرجوك سيبني أمشي كفاية أوي كده لغاية دلوقتي.. الدليل خده أنا مش عايزاه.. أنا.. أنا هامشي.." همست في رعب شديد لينظر لها رافعاً حاجباه في إندهاش وها هي قد أصبحت أسفل قدماه

"اسيبك تمشي.." ابتسم في سخرية وقد تبدلت ملامحه ليُصبح وكأنه شيطاناً "ده أنا ما صدقت" همس في حُرقة وهو يتذكر كل لحظة عايشها مع تلك العائلة، كلمات هديل لوالده، وجوههم التي يمقتها، مرحهم وجمعهم الذي يظنون أنه كالفولاذ لا يتفرق أبداً.. ترفهم المزعج وهم مجرد أطفالاً لا يعلمون كيف هو مميتاً وموجعاً أن تصل تلك الأموال لأيديهم.. أقترب منها ليُمسك بشعرها

"أنت.. أنت بتعمل ايه؟!" صرخت في فزع بينما أنهالت دموعها

"لا.. ده أنا لسه هاعمل.. وهاعمل كتير أوي.."

--

"كده خلاص.. لو سمحتي أمضي هنا.." أشار لها الضابط لتومأ هي في رعب وهي لا تزال تشعر بالفزع من كل ما يحدث حولها وكذلك لم يكن الأمر هيناً أن ترى سليم يتحمل هو كل شيء بدلاً منها بعدما قص الجميع عليها ما الذي يجب أن تقوله حتى تستطع المغادرة.. 

"تقدري تمشي.. بس يا جماعة يا ريت بردو تقدروا الموقف.. لو التحقيقات احتاجت انها تـ.." تحدث مرة أخرى بعد أن أخذ منها الدفتر 

"مفهوم مفهوم متقلقش" اجابه المحامي ليقاطعه حتى لا ترتعب زينة بالمزيد من الكلمات فلقد لقنه بدر الدين قبل الحضور حالتها التي قد تتأثر من هول الموقف

نظرت لسليم لتجد عينتيها تذرف الدموع تلقائياً ولم تتوقف ارتجافتها وكأنما تستطيع الإنهيار هنا أمامه هو وخالها بدر الدين دون أن تشعر بخوف أو فزع فهي تعلم أن كليهما لن يتركاها مهما حدث وقد تعالى نحيبها ليقترب منها سليم ليحمحم الضابط الذي لتوه تلقى مكالمة من أحد الرجال الذين لا يستطيع رفض تعليماتهم

"طيب يا جماعة هاسيبكم عشر دقايق بس ياريت متطولوش عن كده.." نهض لينهض كلاً من بدر الدين الذي نظر له سليم نظرة فهمها وأدرك معناها جيداً فلقد اتفقا على أمرٍ ما وبالرغم من معارضة والده له لكن سليم قد صمم على ما يريد فعله وتوجه للخارج ثلاثتهما لتجهش زينة بالمزيد من البكاء

"سليم.." همست ليتهشم هو قلبه لنبرتها المرتجفة الباكية ثم أقترب منها ليجذبها كي تنهض وعانقها هامساً بأذنيها 

"متخفيش يا حبيبتي.. كل حاجة هتكون أحسن.." فرق عناقهما ثم جفف تلك الدموع التي تتهاوى من زرقاوتيها وحاوط وجهها بين كفيه "متقلقيش.. كلها يومين وهتلاقيني معاكي تاني" أخبرها وهو يحاول أن يبتسم لها حتى يُطمئنها ثم تفحص عيناها في عشق ثم أخذ يلعن نفسه آلاف المرات على تلك الأيام التي أضاعها بالقسوة عليها فها هي قاربت أن تتركه 

"يالا يا حبيبي عندك سجن.. وأنتي يا ماما متفضحيناش وسط الصولات والمخبرين" صدح صوت بدر الدين بمزاح ليتعجب الجميع من طريقته في مثل ذلك الموقف ولكنه أراد أن يخفف على الجميع وابتعدت زينة عن سليم في توتر من حضور خالها والمحامي ورجلان آخران معهما "تعالوا امضوا وخلصونا علشان الجوازة النكد دي تخلص"

"جوازة ايه؟!" سألت زينة في صدمة 

"الأهطل عايز يكتب كتابكوا حالاً.." أخبرها بينما جلس المأذون ليعقد قرانهما لتنظر له زينة في صدمة بينما تحدث هو 

"زينة مش وقته .. هفهمك كل حاجة بعدين.." أخبرها بينما هي تعالت أنفاسها في توتر شديد وكأنما تستمع لكلمات من بجانبها بغير وضوح ولا تنظر سوى لعينتي سليم التي لم تفارق خاصتيها ثم تناول القلم ليوقع على تلك الأوراق ولم ينظر حتى أين يوقع وظل ينظر لها في إشتياق علم أنه سيفتته لأشلاء بالأيام القادمة 

"يالا يا زوزا.. امضي.. ولا مش موافقة وأشوفلك عريس تاني؟" تحدث بدر الدين كي يخرجهما من حالة الشرود تلك وناولها القلم لتأخذه ونظرت بالأوراق أمامها حيث يشير لها أين عليها أن توقع 

"كان حبك يا أخويا جواز الأقسام ده؟!" تمتم هامساً له في تهكم "كنت استنى اطلعك منها و.."

"بابا.. أنا حاسس إن شهاب ورا الموضوع ده.. أنت الوحيد اللي هتعرف توقفله" قاطعه ليومأ له بدر الدين في تفهم وقد تبدلت ملامحه 

"مبروك يا جماعة.." تحدث المأذون ليومأ له المحامي ثم توجه معه وهو والرجل الآخر الذي شهد على العقد معه للخارج 

"زينة" توجه سليم ليقف أمامها وهو ينظر لها بجدية "تروحي مع بابا البيت ومتتحركيش منه!! واياكي.. اياكي تكلمي شهاب ولا تروحيله ولا حتى تردي عليه.. سمعاني؟!" حدثها بصرامة لتنظر هي له في ارتباك وأومأت له 

"أظن كفاية كده يا جماعة ولا ايه؟" قاطعهم الضابط الذي عاد لغرفته مرة أخرى 

"مش قولتلك مش وقت غراميات.. أهو جالك الموت يا تارك الصلاة!" حدثه بدر الدين وهو يحاول أن يخفف من تلك الحالة التي يرى سليم عليها، هو مُدركاً تماماً لتلك الورطة ولكن قد يفعل أي شيء حتى يلمح تغير ملامحه ولو لثانية واحدة

"بابا.. متسيبش شهاب.. والفيديو على موبيلي.. الـ Password تاريخ ميلاد زينة.." أومأ له بعد أن همس له سليم 

"متقلقش.. هاجيلك بكرة!" أومأ له سليم ثم نظر لزينة في عشق خالص لتلك الزرقاوتين الدامعتين "اسمعي كلام بابا يا زينة.. وهما يومين وهارجعلك تاني.." أومأت بالموافقة وانهمرت دموعها ليدفعها بدر الدين من كتفيها للخارج كي يغادرا

--

"اروى فين يا إياد.. الساعة بقت تلاتة الصبح.. ومبتردش على موبايلها!!"

 

صاحت هديل بابنها في غضب الذي توقفت خلفه أسما وقد زفرت بهدوء ولا تُصدق أن عمتها لا تزال تتعامل بنفس الطريقة مع أبناءها كما أنها شعرت بالإرتباك فهديل لم تعلم بحقيقة ما حدث إلي الآن 

"معرفش.. معرفش.. معرفش ومتجيش تكلميني وتقوليلي إن الكبير.. متجيش ترمي بالمسئولية اللي أنتي مش عارفة تتحمليها عليا.. معرفش حاجة عنها، ولا عن زينة ولا عن إخواتي.. وارحميني بقا.. ارحميني أرجوكي.. مترميش فشلك بقا على كل واحد فينا شوية.. ارحمينا كلنا بقا.. كلنا بنتدمر بسببك.. أنا وعاصم وأروى وآسر وزينة كلنا أتدمرنا.. كلنا اتبهدلنا بسببك بما فيه الكفاية.. حرام عليكي بقا يا أمي.."

 

انفجر بوجهها بلذاعه شديدة تعجبت لها أسما فهذه ليست طبيعة إياد الهادئ الذي تعرفه وقت آتت شاهندة التي لم ينم لها جفن تلك الليلة على صوته الذي ملئ ارجاء المنزل

"أنت ازاي يا ولد تكلمني بالأسـ.."

"ما أصل أنا مش متربي.." قاطعها في حرقه وملامحه أكتسحتها حمرة الغضب "أنا معرفش يعني ايه رباية علشان أنتي مربتنيش وكنتي مش فضيالي.. متجيش دلوقتي وترمي بفشلك عليا وتحمليني المسئولية" أخذ صوته في التعالي لتنظر له هديل بعينتين متوسعتين وتملكها الغضب 

"خلاص يا إياد يا حبيبي.. أدخل أنت أوضتك ومينفعش تقول لماما بردو الكلام ده" حاولت شاهندة أن تُنهي الموقف حتى لا يقع بلسانه أمام هديل بأي شيء ووقتها لن تنتهي الجدالات وسيصعب الأمر على الجميع

"خلاص ايه يا طنط.. أنتي مش شايفة هي بتـ..."

"أسما يا حبيبتي خدي إياد وأنزلوا اتمشوا تحت" قاطعته وهي تنظر لها نظرة فهمتها جيداً لتدفعه برفق من ذراعه الذي وجدته يرتجف من كثرة الغضب وقبل أن تبادر هديل بالحديث جذبتها شاهندة إلي داخل غرفتها كي تستطيع التحدث لها بعيداً عن مسامع الجميع..

--

"أديني بقا هتشفى فيكو واحد ورا التاني.. أصله مكنش سهل عليا إني أشفكوا كده قدام عيني وانتو بتحرقوا دمي" لهث بشدة بعد أن صفعها ربما للمرة الآلف هو لا يكترث ولا يهتم لبكائها الذي لم تتوقف عنه فهذا بالحقيقة هو أكثر ما يُريحه.. أن يرى فتاة ثرية مثلها تختال بنفسها وتتمادى في غرورها وزهوها بنفسها تصرخ وتبكي بحرقه أمامه "رميت أختك في السجن وزمان التاني حبيب القلب اتجنن علشانها والدنيا قامت ومش هتقعد وبكرة تتفضحوا.. إنما أنتي بقا.. أنتي غيرهم.. عارفة يا أروى نفسي أعمل فيكي كده من امتى؟!" همس سائلاً بلهجة امتلئت حقداً وشراً دفيناً وهو يحيط قبضته بشعرها في قسوة "من يوم ما شوفتك في الإجتماع أول مرة.. أنتي بالذات أكتر من الاهبل اللي اسمه سليم ولا اخواتك.. وأخيراً جيتيلي لغاية عندي

"أرجوك.. متعملش فيا كده..أنا معملتلكش حاجة" همست بين بكائها ليُنهضها رغماً عنها وهو ينظر لها بإحتقار وأخذ العديد من الذكريات تتضارب وتومض بعقله كالرعد والبرق المتصاحبان 

"بتترجيني!! ده أنتي بالذات لو بكيتي بدل الدموع دم مش هارحمك"

 

جذبها خلفه من شعرها لتصرخ في رعب وهو يستمع لصرخاتها في استمتاع واتجه بها نحو غرفته وهو يُفكر في كل لحظة عناها، منذ صغره إلي رفض غادة التي شابهتها للغاية، مروراً بجميع أوقاته مع تلك العائلة اللعينة ووصولاً لموت والده وإمتلاك أروى ذلك الدليل عليه 

رفعها من شعرها الذي يُمسكه ليُرغمها على الوقوف وهو يبتسم بشر وقد لمعت عيناه ببريقاً من الإنتقام الخالص الذي سيختبره لأول مرة..

 

"تعرفي.. أنا ياما عذبت أوساخ زيك، وياما نمت مع ستات بأبشع الطرق اللي تتصوريها.. إنما أنتي على قد ما فاكرة نفسك ناصحة وذكية على قد مالكيش في النوم مع الرجالة"

 

"لا يا شهاب .. أرجوك.. أنا.. أنا هاديك الفيديو.. كده كده جم قبضوا على زينة ومحدش هيعرف حاجة.. مش مهم.. خلاص أنا" تضاربت الكلمات في تواتر مرتعب مما أدركت أنه أوشك على فعله ولم تستطع تكوين جملة واحدة ليقهقه هو ضاحكاً وهو لا يزال ممسكاً بشعرها لتُفزع من ملامحه وتحاول الحديث من جديد "والله ما حد هيعرف حاجة.. أرجوك سيبني أمشي.. أنا خلاص مبقتش محتاجة الفيديو في حاجة.. صدقني.. مبقاش ليه قيمة عندي.. حتى.. حتى خد الموبيل أهو.. أنا.."

"يا وسخة!! يعني مش مهم ان أختك تروح في داهية ومهم إنك تمشي.."

 

 ابتسم بسخرية ثم تحولت ملامحه للجدية المُخيفة التي لا تشفق عليها منذ أن رآته الليلة

 

"ياااه يا أروى لو تعرفي بتفكريني بواحدة.. أنتي زيها بالظبط.. مبيفرقش معاها غير نفسها واللي عايزة توصله وبس.." هز رأسه في إنكار وتأثُر تصنعه

 

"بس أنا بقا هطلع فيكي اللي عملته هي فيا زمان، وهاعلمك كويس يعني ايه تبطلي أنانية" دفعها على السرير بيده التي تُمسك بشعرها وكذلك من خصرها بقوة لتلتفت له في رعب وهي تبكي 

 

"لا أرجوك.. مفيش حاجة تستاهل كل ده.. سيبني أمشي وأنا مش هاجيب سيرة لـ.." صفعها بقسوة شديدة ليوقفها عن الحديث 

"أخرسي يا قذرة" صرخ بها ثم ألقى بجسده عليها ليتعالى صراخها وهو يُمزق ملابسها بالكامل..

--

"ولادك بيضيعوا يا هديل.. أروى كذبت عليكي في كل حاجة عشان بس توصل لسليم.." حدثتها شاهندة في جدية شديدة بعدما تحدثت لنورسين طوال الليلة وقد أخبرتها بكل شيء لتضيق هديل ما بين حاجبيها في غضب 

"أروى استحالة تكدب عليا"

 

نهضت وهي تحاول أن تتوارى عن أعين أختها فهي لا تُصدق ما تقوله ولا تتقبل أن تفقد ابنتها الوحيدة التي تطيعها طاعة عمياء

 

"أروى راحت قالتلك انها غلطت مع واحد زميلها مش كده؟!" باغتتها شاهندة لتلتفت لها هديل في صدمة وتعالى غضبها

"أنتي عرفتي الكلام ده منين؟"

"أروى عملت كده علشان تقنعك بخطوبة شهاب لزينة.. عشان سليم من زمان بيحب زينة، وهي كمان بتحبه، وأروى هي اللي بوظت كل حاجة ما بينهم وكانت فاكرة إن سليم بعد ما يبعد عن زينة هيحبها"

 

لم تكترث لسؤالها وقررت أن تأخذ بيديها حتى تواجه تلك الحقائق التي لا تعرف عنها شيء بعد 

 

"أنتي بتكدبي.." أنكرت الحقيقة تماماً

 

"طب تعرفي إن إياد ابنك بيحب بنتي من وهما عيال وناوي يخطبها لما تخلص؟" عقدت حاجبيها في سخرية لاذعة ليتفاقم غضبها 

"وده من امتى.. لا طبعاً مفيش الكلام ده" صاحت بها لتبتسم شاهندة في آسى

"تعرفي إن سر ولادك كلهم مع الناس ما عدا أنتي يا هديل.. فين وجودك كأم في حياتهم؟ ليه مصممة تضيعهم واحد ورا التاني؟ يا حبيبتي احنا خلاص كبرنا ومبقاش فيه وقت نضيعه في خناق ولا إختلاف.. أحضنيهم يا هديل.. ولادك يا حبيبتي بيتدمروا واحد ورا التاني مع إن كلهم ما شاء الله ناس كتيرة تتمنى يبقا عندهم ولد ولا بنت بس زي ولادك"

 

"آه.. قولي بقا كده! جاية تبصي لولادي عشان أنا خلفت قبلك.. وقال ايه جاية بالحنية تخطفي الواد لبنتك.. ويا ترى ده تفكير بدر الدين ولا تفكيرك؟ أصل جديد عليكي يعني تيجي تكلميني بالحنية"

 

صرخت بوجهها لترمقها شاهندة في احتقار وقد تعالى غضبها

 

"بقولك ايه يا شاهندة أنا فاهماكي انتي وبدر كويس اوي.. يخلي ابنه يحاول مع زينة ولا أروى ولو فشل مع زينة يبقا يحضنها هو ويسيب أروى ليه.. وكمان إياد عايم على عومه علشان غسيل المخ اللي بيعملهوله من زمان.. وأنتي طول عمرك مضحوك عليكي.. حمزة يأخرك في الخلفة، بدر يقولك اشتغلي ويطلع عينك في الشغل، وبعدين يجي يقولك ولادنا يتخطبوا.. مش شايفة انه عايز يحاوط على الكل علشان خاطر يفضل كبير زي ما هو وياكل حقنا.. ولا هتشوفي ازاي ما أنتي مضحوك عليكي.. يالا يا ماما روحي شوفي وراكي ايه وبطلي حشرية بقا ومتدخليش في حياتي وحياة ولادي تاني.. أول وآخر مرة اسـ.." 

 

قاطعتها بصفعة على وجهها وهي ترمقها بإحتقار وتقزز شديد وبالرغم من أنها تملك العديد من الدلائل والكلمات كي تدافع عن نفسها وزوجها وأخيها فضلت ألا تقول سوى كلمة واحدة 

 

"هتندمي يا هديل على كل ده وبكرة تعرفي إني أنا وبدر كان معانا حق وخايفين عليكي.. بس ربنا يسترها ميحصلش في ولادك أسوأ من كده.."

 

 أخبرتها في حسرة ثم تركتها وغادرت وهي لا تدري أين ذهبت أروى، فهي قد غادرت منذ ما يقارب من خمس ساعات وليست بمنزل بدر الدين فقررت أن تذهب لإياد كي تحدثه عله يعرف أين هي وكذلك لتتفقد حاله بعد مجادلته مع والدته..

--

أوصدت عيناها تعصرهما ودموعها تتساقط وصراخها لم يتوقف ولو لثانية واحدة من شدة عنفه معها وهو يخترقها دون هوادة أو رحمة..

لا تملك توسلاتها وترجيها له بندم أمامه أية شافع لها ولا يلق لها بالاً وكأنه بيّت أن يفعل بها ذلك منذ وقت طويل ولا تدري على ماذا ينتقم منها..

تشعر بالإهانة الشديدة لتلك الكلمات التي ألقاها على مسامعها، تشعر بالتقزز من نفسها لملامسة جسده المتعرق بغزارة لجسدها وقوة دفعاته قد أصابتها بالغثيان وقد قاربت أن تفعلها 

"آه.."

 

صرخت وجسدها يرتجف بانتظام عندما جذبها من شعرها للمرة الآلف في عنفٍ شديد

 

"أرجوك كفاية حرام عليك اللي أنت بتعمله ده" صاحت في حرقة وهو يخترقها بدفعات عميقة قوية ولا تزال تلك مرتها الأولى التي فجعتها الصدمة بأنها تشعر وكأنها كرهت جميع الرجال بمجرد إدراكها أنها تُغتصب بتلك الطريقة البشعة 

 

"حرام عليا.. وأنتي مش حرام عليكي جشعك واستغلالك وظلمك" صاح بها وهو يُصدق تماماً أنه يُعاقبها على جميع أفعالها بطريقته التي لا تمت للصحة بأي صلة

 

"مش شايفة نفسك أحسن من الكل وأذكى منهم.. دوقي بقا من اللي بتعمليه فيهم"

 

همس لها بين أسنانه ليوصد عيناه وازدادت سرعته بطريقة هيسترية ولم يرى أمامه سوى غادة التي جلست يومها وهي تتحدث لصديقتها، لم يستمع لصرخات أروى وبكائها بل أستمع لتلك الجمل التي مزقته حياً لأشلاء وهو يقف خلفها دون أن تدرك.. لقد كانت كاذبة، جشعة، استغلالية.. مثل أروى تماماً.. غرورها وزهوها بنفسها وبجمالها الأخاذ وبأموال أبيها لم يتركها ولو ثانية مثل ما لم يترك تلك التي أسفله

 

"كلكم أوساخ شبه بعض" همس هاذيًا ليدفع بشدة داخلها 

 

 

"مفيش واحدة فيكو تفرق حاجة عن التانية" تحدث مرة أخرى وأعتصر عيناه في إدراك لما يفعله فهذه هي أروى وليست غادة

 

"ابقي وريني العيلة الكبيرة هتعملك ايه.. اللمة والضحك والعيل التافه هيعملك ايه.. بدر الدين بتاعكو ده مقدرش يحوشني عنك.. مقدرش يلمس شعرة مني.. وجبتكوا كلكوا تحت جزمتي ومحدش فيكوا قدر يعمل حاجة"

 

هذى مجدداً ليرتجف جسده بشدة ليُدرك أنه قد قارب على الخلاص ليُخرج نفسه منها ثم جذبها أرضاً وهي كالجثة التي قاربت على فقد روحها ولا يدل أنها لا زالت على قيد الحياة سوى ببكائها لينظر لها في تشفي ثم وضع قدمه على وجهها ليشعرها بالإهانة وهو يدوسها بتلك الطريقة ثم نزع الواقي جانباً وأفرغ قسوته على وجهها لاهثاً أنفاساً قد تشفت وشعرت بالراحة من كل ما فعله معها بينما هي لم تتوقف عن النحيب وشعرت بالانكسار لتلك الطريقة التي أغتصبها بها..

 

لا.. لن تكون تلك هي نهاية اهانتها لليلة.. هناك المزيد بعد..

 

جذبها خلفه من شعرها إلي حمام غرفته وهي تحاول الصراخ ولكنه لم يغادر حلقها، لم تعد تستطيع الصراخ، لقد تمزقت حبالها الصوتية طوال الليلة ولا تظن أن لديها المزيد..

ألقاها بحوض الإستحمام بقسوة ليرتطم جسدها الذي قد حمل المزيد من العلامات التي قد خلفها عنفه عليها وأخذ في فتح الصنبور وهو يغسل جسدها بأكمله ليُلقي بمزيدا من الإهانات عليها 

 

"أوعى تكوني فاكرة إنك كده هتنضفي.. لا يا أروى.. ده أنا بس بعمل حسابي إني مسيبش لواحدة زيك دليل.. مبقاش خلاص ينفع تمسكي عليا حاجة.. ولو حتى روحتي لدكتور مش هايعرف يلاقي بصمات عليكي"

 

ابتسم بشر بينما شعرت وكأنها لا تستطيع التحرك جراء كل ذلك العذاب الذي لأول مرة بحياتها تختبره 

 

"دلوقتي أنا بس بقا معايا دليل إن راجل نام معاكي.. كل ده كان متصور" اندفعت تلك الغصة بحلقها لشهقات بكاء هيستيري

 

 "وابقي بقا وريني.. الفيديو بتاعك قصاد الفيديو بتاعي.. ونشوف مين اللي فضيحته هتبقا أكبر.. يا.. يا بنت مامي" أخبرها ثم توجه لأحدى الأرفف المُعلقة بحمامه ولبس قفازاً وتوجه إليها مرة أخرى ليتأكد من غسل جسدها بأكمله بالمياة والصابون وهي ترتجف أسفل يده ليبتسم في راحة وتشفي شديد ثم جذبها من شعرها مرة أخرى لخارج الحمام وهو يجعلها ترتدي ملابسها المُمزقة بالإجبار ثم أحضر قميصه المتسخ ليضعه عليها

 

"ده بس عشان أنتي بنت عمي.." أخبرها ثم أمسك بذراعها وأخرجها يجذبها إلي الخارج..

 

تساقطت دموعها بلا انقطاع ولا تريث في هوان وآسى على حالها وكل ما ذاقته منه في تلك الليلة الأليمة التي جعلتها تنفر من نفسها قبل الجميع وتتقزز من كل ما يلامس جسدها حتى تلك الملابس الممزقة هي لا تستطيع تحملها.. 

 

ظلت تبكي وهو يرمقها بين الحين والآخر في طريقهما لمنزل والده وأخذت لوعته في تدمير تلك العائلة والنزعة الإنتقامية ورغبته في إطلاق العنف تهدأ جميعها واستكان في راحة إلي أن وصلا حيث سيارتها التي تركتها بمنزل والده عندما آتت له

 

"يالا يا بنت مامي.. شطبنا خلاص.. وابقي وريني هتتنطتي على حد تاني ازاي بعد ما بقيتي ولامؤاخذة.. ولا بلاش!!"

 

ابتسم بتهكم وسخرية وهو يُعريها من قميصه ثم أخذ حقيبتها والقى بها هي وحقيبتها بسيارتها

 

"لو شفت وشك أو لو الفيديو ده وصل لحد.. هندمك يا أروى تاني وتالت ورابع.. وأظن أنتي دلوقتي عرفتي مين شهاب الدمنهوري!!"

 

 

بكت في قهر عندما أرتطم الباب في عنف وتركها لتشعر بالحسرة على حالها وبالرغم من تلك الأوجاع التي تفتك بجسدها أخرجت مفتاح السيارة لتشرع في القيادة..

لم تتوقف دموعها وهي تُفكر بكل شيء، تُفكر في سليم الذي لن تستطيع ولن تجرأ على إخباره بحقيقة ما حدث لها، بكت في مرارة وهي تُفكر بوالدتها التي ربت بداخلها تلك الدوافع، أيُمكن أن هذا عقابها على ما فعلته بزينة منذ صغرها وإلي ساعات فاتت؟ أيُمكن أن هذا هو عقابها على تفكيرها بنفسها في أنانية مثل ما قال شها؟ أتستحق كل ذلك؟ أكانت كلماته صحيحة وهي كانت مخطئة طوال تلك السنوات؟ ما الذي أوصلها لذلك على كل حال؟ هي تدري أنها لم تشعر بالعشق تجاه سليم سوى منذ خطبتهما فقط.. أيكون هذا عقاب القدر لها على كل ما فعلته؟ اختفت عيناها ولم تستطع الرؤية خلف المقود وهي تشعر بأنها تلقت جزائها على كل ما فعلته لسنوات من ظلم للجميع وشعورها باستحقاقها للأفضل دون اكتراث لأي أحد ولكنها لم ترى ذلك المُنحنى الذي ألتف به الجسر ليُكمل في طريقه وكادت أن تنعطف ولكنها لم تلاحظ ذلك في الوقت المناسب فلقد تأخرت بإدراكها للطريق أمامها كما تأخرت في إدراك كل ما فعلته بكل من حولها ولم تشعر سوى بصفعات شديدة أصفع مما اختبرتها منذ قليل وزلزالاً قد سيطر على سيارتها أو لربما ارتطام، لا تدري ولكنه شديد للغاية.. شعور مرعب ومخيف أكثر من شهاب.. أهي تفقد حياتها؟ تشعر بتلك الروح تغادرها.. تشعر الآن بفقدها لكل شيء حتى نفسها وتواجدها بالحياة..

 

يُتبع..