لعنة الكورونا - مقال ساخر
لعنة الكورونا
استيقظت بالثامنة والنصف صباحاً.. أحاول بجهد كبير أن أواجه تلك الأشعة اللعينة التي انسابت من شرفة الغرفة لتزعج عيناي بكل ما أستطاعت من قوة وكأنما سطعت شمسها لتنتقم مني أنا وحدي دون جميع سكان الكرة الأرضية..
حاولت كذلك أن أوقف عقلي عن السُباب المتواصل لذلك الغبي أياً كان من هو ولكنه السبب في ترك الستائر هكذا دون إسدالها الليلة الماضية!!
حسناً سيتوقف عقلي.. الآن أرجوك أعطي الإشارات لمفاصل جسدي بأن يتحرك.. أحتاج للقهوة وبشدة.. علي الذهاب للعمل كذلك.. يبدأ دوامي بالتاسعة وها أنت تسُب الأشعة وكذلك الشخص المسؤول عن عدم إسدال الستائر ولا تساعدني أبداً..
رائحة القهوة التي يعُدها ذلك العامل البشوش.. قوله كل يوم "صباح الخير يا أستاذة" لهجته الغريبة التي لا أستطيع أن أُميز من أين آتى هذا الرجل، بالرغم من أني سألته أكثر من مرة وأجابني ولكنني لا زلت حائرة أهو ينتسب إلي صعيد مصر، ريفها.. أم إلي ضواحي القاهرة..
لا أكترث لكل هذا.. فقط إمساكه بفنجان القهوة، تلك الرائحة المنبعثة منها، تركه للفنجان على مكتبي .. تهافُتي عليها وكأنها ترياق سُم النُعاس اللعين.. ستناديني زميلتي الجميلة وستصيح بجملتها اليومية "هتفطري معانا ولا بردو زي كل يوم؟!" نعم عقلي أرجوك تذكر ذلك..أتخذه اليوم سبباً كي تعطي الإشارات لجسدي كي أستيقظ.. الثامنة وأربعون دقيقة عليك اللعنة.. دوامي بالتاسعة .. أرجوك لا أريد التأخر اليوم..
شكراً لك أيها الكسول.. أمامي الآن عشرون دقيقة كي أصل بالموعد.. أتعلم أن الطريق وحده يأخذ حوالي ثلاثون دقيقة.. أيها اللعين.. سنتأخر..
هرولت للذهاب للحمام.. وكأنما الروتين الصباحي بتفريش أسناني واستخدام ذلك الغسول اليومي لوجهي سيغير ملامحي.. ولكن الحقيقة أرى أنني أتحول لإمرأة عجوز يوماً بعد يوم.. اللعنة على تلك المستحضرات.. فمهما تكبدنا من أموال لشرائها فهي لا تُحدث أي تغيير ملحوظ.. واللعنة على عقول النساء.. هن كل مرة يقعن فريسة وضحية لتلك المستحضرات وينفقن المزيد والمزيد من أموالهن عليها..
توجهت مسرعة لغرفتي بعدما قررت أنني لن أستخدم ذلك الغسول حتى أجد ما أرتديه.. عجباً لي حقاً.. لقد توقفت عن ارتداء ما يجعلني أنيقة وأتخذت من السروال "الجينز" وأي كنزة كانت كروتين هندامي.. لا يفرق ذلك على كل حال.. لقد تغيرت كثيراً في الآونة الأخيرة..
نظرت بالسقف.. لا زلت نائمة.. ماذا حدث منذ قليل لي؟! أكنت أحلم؟! لا أنا واثقة أنها التاسعة إلا عشرة دقائق.. نعم، نعم، نعم!! أنا مشتاقة..
لقد أشتقت لذلك الروتين.. وتلك القهوة.. وذلك العامل البسيط.. وحتى غسول وجهي اللعين وملابسي غير الأنيقة..
زفرت في قلة حيلة.. لم أكن أدرك أنني لا زلت محاطة بلعنة "الكورونا"، نعم أنا أحيا في زمن "الكورونا"!
لم أكن أتصور في يوم ما أنني سأشتاق لمثل تلك الأشياء البسيطة.. وبسبب ماذا؟! فيروس صغير لعين يُجلسني بمنزلي..
ولكنه جعلني أدرك، أن تلك اللحظات التي ظننتها أنها أبغض ما أواجه في يومي هي في الحقيقة لحظات سعيدة.. ولكن أنا وغيري لم نُقدرها حق قدرها..
عِدني أيها القارئ العزيز أنه عند عودتنا بعد لعنة "الكورونا" سنستمتع سوياً بكل لحظة نحياها ولن نثرثر أبداً ولن نشكو روتيننا اليومي.. عزيزي من تقرأ لي كنا نملك الدنيا بما فيها وها أنا أعدك لن نتركها تتفلت من يدينا مرة أخرى..
وأخيراً أيها القارئ ردد معي "حسبي الله ونعم الوكيل في الصينين وكل أكلهم اللي قعدنا في بيوتنا"!
بقلم - بتول
بقلم - بتول