الفصل السابع - عشق ناضج وعشق مجنون
الفصل السابع
"أنت
حيوان أنت ولا ايه؟ أنت ازاي تمسكني كده؟" صرخت به بعنتين متوسعتين وازداد
غضبها لتتعالى أنفاسه في إنزعاج وقد شعرت بإنعكاسها على وجهها وقتمت زرقاوتيه
"تصدقي إن أنتي اللي حيوانة
وغبية!! كان المفروض فعلاً أسيبك تقعي! أنتي عقلك ده ايه، مبتسدخميهوش؟" همس
بين أسنانه الملتحمة غضباً ثم أوقفها وتركها خلفه ليصعد الدرج وهي تتابعه بعينتين
متسعتين
"آه.. كنت تسيبني أقع!! أنت
فاكر نفسك ايه أصلاً علشان تـ..." توقفت من تلقاء نفسها عن صراخها عندما
التفت لها بسرعة وهبط الدرج مرة أخرى حتى أصبح لا يُفرق بين وجهه وجهها سوى عدة
إنشات بسيطة
"بقولك ايه!! هبل مش عايز..
أنتي تلمي لسانك ده وتحترمي نفسك ومتفكريش تتوجهي ليا بأي كلمة طول ما أنتي قاعدة
هنا في البيت.. أنا لو عليا لساني مش هيخاطب لسانك.. ولولا إن بابا بيحب طنط جيهان
واتجوزها أنا مكنتش هاسمح إنك تدخلي البيت ده.. عايزة شغل خناق العيال ده بتاعك
يوصلهم ويعكنن عليهم وهمّ لسه متجوزين مكملوش تلت ساعات وتتصرفي بغباء روحي اتزفتي
اعملي اللي أنتي عايزاه بس بعيد عني.. لمي الدور وشغل الجنان بتاعك واياكي، اياكي
لسانك يخاطب لساني"
توقف ملتقطاً أنفاسه المتعالية
غضباً ليصرخ بها بنبرة رجولية شديدة البأس "فاهمة ولا لأ؟!" اتسعت
عيناها وتحركا كتفيها في رجفة إثراً على صوته المرتفع بتلك الطريقة وابتلعت وهي
تنظر له في غضب ممزوج بالخوف وتعالت أنفاسها ليرمقها في تقزز ثم التفت وتركها
صاعداً للأعلى لتحاول هي أن ترد على كلماته المُهينة ولكن صوتها لم يغادر حنجرتها
لتصدر أنيناً مغتاظاً خلفه وضربت بقدمها الأرض في حقد من ذلك الغبي الذي لم تكره
شخصاً أكثر منه بحياتها!!
"شوفتي!! شوفتي الحيوان ده عمل
ايه؟! ده أنا مكملتش دقيقتين جوا البيت واتخانقنا!" تحدثت لرولا بالهاتف
ونبرتها مليئة بالإنزعاج ما إن دلفت غرفتها
"اهدي بس.. ايه اللي حصل لكل
ده؟!"
"الكلب ده طول الطريق قاعد
ساكت.. جاي يسألني مين اللي كنت قاعدة معاه ساعة الفرح.. قمت قولتله أنت مالك
وبعدين سيبته و.." أكملت لصديقتها كل ما حدث بينهما من عراك وصوتها ونبرتها
لا تهدأ أبداً
"طيب معلش يا لينا.. بس أنتي
بردو سيبتيه وكان رد فعلك over
اوي"
"ايه الـ over في اني مبطيقهوش؟! وبعدين هو اللي ابتدا من يوم ما جيت أخد موبيل
ماما وبعدها في الكافيه.. زي ما يكون مستقصدني"
"وهيستقصدك ليه يا لينا وهو
أصلاً مكنش يعرفك من الأول؟"
"أديكي بتقولي اهو مكنش
يعرفني.. يبقا ليه يتعامل معايا بقلة ذوق!"
"تصدقي صح!!"
"شوفتي.. عرفتي إن معايا حق..
أنا معرفش أصلاً هعيش معاه ازاي في بيت واحد وهتمسى وأتصبح بوشه
العِكر"
"لا في دي انتي مش صح.. الراجل
مز فتاك وكل الناس شايفة كده"
"تصدقي أنا غلطانة اني
بحكيلك!!" صاحت في انزعاج لاذع
"طيب يا ستي.. وحش ومش حلو..
ارتاحتي كده؟"
"اقفلي اقفلي بدل ما تفوريلي
دمي أنا كمان.. أنا بكرة هاكلم عمو أمجد يشوف حل معاه"
"يا مجنونة الراجل عريس بدل ما
تقوليله صباحية مباركة هتقوليله تعالى حوش ابنك عني" زجرتها صديقتها لتتنهد
لينا
"ماشي.. عندك حق.. بس والله
العظيم لو اتكلم معايا ولا جه جنبي لهنكد عليه عيشته!"
"اهدي بس وصلي على النبي.. هو
خلاص مش هيتكلم معاكي في حاجة بعد الكلام كله اللي قاله ده"
"لما نشوف!"
"أنتي هتعملي ايه دلوقتي..
واتباد ولا لسه أم المسلسل الخمسمية حلقة بتاعك ده"
"اه هقوم اتفرج عليه.. قرب
يخلص خلاص"
"أنتي صاحبة عرة والله علشان
كل شوية تتفرجي على حاجة ومش عايزة تقري الجزء التاني من الرواية!! كلبة!"
حدثتها في انزعاج
"يا ستي خلاص بقا اهدي.. كلها
يومين بالكتير وهرجع أقرا الرواية تاني.. حقك عليا متزعليش"
"ماشي يا لينا هانم.. بس أنا
وراكي والزمن طويل لغاية أما تقريها"
"ماشي ياختي.. يالا تصبحي على
خير.. هقوم أغير وأشوف حاجة أكلها واتفرج على الكام حلقة اللي باقيين"
"ماشي.. وأنتي من أهله.. أنا
هشوفلي رواية اقراها"
"اوعي تقري الجزء التاني من
غيري!! بموتك والله!"
"طيب طيب.. سلام"
"باي"
❈-❈-❈
"أنا أصلاً غبي ومتخلف إني
كلمتها.. أستاهل كل اللي يجرالي!" زفر أنفاسه الغاضبة وهو يخلع ملابسه
وألقاها على السرير ليرتدي سروالاً صيفياً قصيراً يصل لركبتيه وتوجه لشرفته ليُمسك
بالسور في غضب حتى كاد أن يُهشمه وأخذ يتذكر كل ما حدث بينهما اليوم!
منذ أن رآها بذلك الثوب السُكري
الذي كان أنثوياً للغاية وشعرها الطويل الفحمي في تلك الموجات، كيف لجسدها الضئيل
أن يكون على هذا القدر من الكمال دون أن تكون ملابسها فاضحة؟ ابتسامتها وتحركاتها
بخفة وتلقائيتها كانوا رائعين للغاية.. عفويتها مع الجميع.. ومن هذا الذي كان
يُجالسها ويضحك معها؟ لماذا لم يعرفه؟ ولماذا يكترث هو على كل حال وما الذي يُفكر
به؟ فقط لأن ملامحها طفولية وبريئة بينما جسدها عاكس كل ذلك هي تشغل جزءاً من عقله
ليس إلا!! فهو في هذه الأيام لا يرى سوى تلك العاهرة سمر التي لا تتوقف أبداً عن
إزعاجه بملابسها الفاضحة وملامحها التي دايماً تظهر وكأنها مثارة من شيء ما..
زفر في إنزعاج بعدما شعر بهدوء غضبه
ولكن تلك الطريقة التي كان يُفكر بها منذ قليل لم تُعجبه أبداً.. دلف غرفته ثم
تناول هاتفه ليتفقده ليظهر أنباءاً عن احدى المبارايات التي نسي أمرها تماماً
ليرتدى قميصاً قطنياً مُريحاً ثم توجه لغرفة الجلوس..
دلف ثم توقف من تلقاء نفسه مفرغاً
فمه عندما رآها تبكي بحرقة جالسة على الأريكة المقابلة للشاشة وتوسعت عيناه في قلق
ليتوجه بالقرب منها ثم وقف أمامها وأخفض رأسه قليلاً
"ايه أنتي بتعيطي كده
ليه؟!" سألها في اهتمام لتنظر هي له بعينتين باكيتين
"مش قولت مش.. هتتكلم
معايا" شهقت بين حديثها له ثم جففت أنفها بظهر يدها "ابعد عني"
تنهد في آسى فهو لم يكن يظن أبداً أنها ستصل لتلك الحالة بسببه هو
"طب معلش حقك عليا أنا زودتها
معاكي.. أنا آسف" أجهشت بالبُكاء المرير ليشعر هو بفداحة فعلته فهي لم تكن
تستحق منه كل تلك القسوة
"خلاص يا لينا أنـ.."
"أنت ازاي تسيبها وتعمل فيها
كده.. ايه معندكش قلب.. منك لله" أجهشت بالمزيد بالبكاء وهي مُسلطة تركيزها
على الشاشة ليلتفت صُهيب في إندهاش ليُدرك أنها تبكي فقط بسبب ما تشاهده ولا تكترث
له ولا لجدالهما منذ قليل ليوصد عيناه في غضب لاذع ثم عقد قبضتيه
"قومي من هنا علشان أتفرج على
الماتش" تحدث في هدوء وهو يحاول تحاشي النظر لها
"لا.. روح اتفرج على اللاب ..
أنا لسه هخلص المسلسل" شهقت بين كلماتها وجففت دموعها ثم امتدت يدها لطبق
التسالي أمامها ليزم شفتيه بغضب شديد
"روحي انتي اتفرجي على اللاب
وقومي من هنا!" تحدث بهدوء مخيف للمرة الثانية ولكنها لم تخف ثم تناولت جهاز
التحكم عن بُعد لتوقف المسلسل الذي تشاهده ثم نهضت وعكصت شعرها لأعلى ليجلس هو
ظاناً أنها ستترك له الغرفة بينما حدثته في صراخ
"لأ بقا كده كتير اوي!! مش
قولت لسانك ميخاطبش لساني!! بعدت عنك وجيت اتفرج.. عايز ايه مني بقا! ما هو كان
قدامك؟ وبعدين جاي تكلمني ليه؟ ولا علشان أتأكدت إنك غلطت فيا!"
"غلطت فيكي؟!" توسعت
عيناه في إندهاش وهو يتحدث إليها متمتماً غير مصدقاً لكلماتها أبداً
"آه غلطت فيا.. واللي على راسه
بطحة بقا"
"أنتي يا بتاعة يا صغيرة أنتي
بتكلميني بالطريقة دي؟!! خشي روحي في أي حتة بدل ما والله هـ.."
"ايه يعني هتعمل ايه؟ وايه
بتاعة صُغيرة دي اللي بتقولها ولا أنت فاكر نفسك ايه أصلاً" صرخت به وقاطعت
كلماته ليتفاقم غضبه بشدة بداخله
"على آخر الزمن بتخانق مع
الشبر ونص دي!!" أخفض رأسه ثم تمتم هامساً لينهض بعدها وهو بالكاد يسيطر على
غضبه لتخرج في صورة أنفاس متعالية غضباً "كلمة ومش هاتنيها، روحي اتفرجي على
اللابتوب وسيبي الأوضة وأمشي" صرخ بها لتتوسع عينتيها ورفعت احدى حاجبيها
لتتركه والتفتت لتغادر وابتسامة غريبة ارتسمت على شفتيها ولكنه لم يكترث ليزفر هو
في راحة شديدة لتخلصه منها ومن العراك معها ثم جلس وتناول جهاز التحكم عند بُعد
ليشاهد المباراة ولم تمر ثوانٍ حتى وجد التيار الكهربائي يختفي من المنزل بأكمله!!
"يارب ايه الحظ المهبب
ده" تمتم ثم توجه لغرفته ليحاول مشاهدة المباراة على حاسوبه المحمول ثم بحث
عن مصدراً للإتصال بالإنترنت فلم يتذكر سوى جهاز الإنترنت المتنقل فذهب ليأخذه
ولكنه لم يجده بمكانه!!
زفر مجدداً في إنزعاج ثم ذهب لغرفته
ولكنه استمع لأياً كان ما تشاهده لينا فطرق باب الغرفة ثم دلف عليها ليجد من خلال
الضوء البسيط الخارج من حاسوبها أنها تستخدم الجهاز ليتوجه نحوها في حنق
"هاتي الراوتر علشان أشوف
الماتش" تحدث وهم أن يأخذه لتصفع يده
"أما إنك قليل الذوق صحيح..
ازاي تاخده كده مني؟ مش قولتلي أروح اتفرج على اللاب.. بردو جاي ورايا"
"مش جاي أتشاهد في جمالك في
الضلمة.. الراوتر ده بتاعي وجاي اخده"
"تصدق لو كنت أعرف إنه بتاعك
مكنتش قربت منه.. خد.." أعطته اياه في ضيق "مش عايزة منك حاجة"
أخبرته في تقزز ليتمتم هو بشيئاً لم تستطع إدراكه ثم مشى وتعثر في حذائها لتضحك
بخفوت خلفه
"غبية!!" صاح في ضيق ثم
اعتدل واقفاً ليُكمل طريقه
"يوووه بقا على لسانك ده"
صاح في طريقه ثم ترك الغرفة وخرج لتبتسم هي ثم زفت في انتصار وبسرعة توجهت لتعيد
التيار الكهربائي للمنزل فلقد قامت هي بفصله من اللوحة الرئيسية وتيقنت أنه أستقر
في غرفته وتوجهت بسرعة لغرفة الجلوس لتشاهد المسلسل مرة أخرى..
❈-❈-❈
"يا صباح الخير على أحلى عيون
شافتها عنيا" أخبرها أمجد بإبتسامة لتبتسم له هي الأخرى
"صباح الخير يا حبيبي"
همست له في نعاس
"مممم.. بقينا بنقول حبيبي..
يا ترى ده بسبب ليلة امبارح ولا فيه حاجة تانية وأنا مش واخد بالي" غمز لها
لتتوسع ابتسامتها ثم أقتربت لتتوسد صدره
"بقيت بقول حبيبي عشان بحبك
بجد" عانقها بذراعه التي توسدتها كذلك ليُخفض بصره ناظراً لها في عشق
تام
"لو تعرفي يا جيهان أنا سعيد
قد ايه ومبسوط مش هتصدقي!!"
"ويا ترى ايه السبب اللي مخليك
مبسوط أوي كده؟" همست سائلة
"إني لقيتك" رفعت بصرها
إليه مُضيقة ما بين حاجبيها في إستغراب "متستغربيش.. بس أنا فعلاً مكنتش أحلم
في يوم إني الاقي حد زيك أبداً" تنهد لتبتسم له
"زيي ازاي يعني؟" سألته ليتفقد
ملامحها في عشق
"أنا عمري ما كنت ضد الجواز،
وياما صهيب لح عليا في الموضوع بالذات كل ما كان بيكبر كل ما كان عايز يجوزني.. زي
ما يكون عايز يطمن عليا إن هاكمل اللي باقيلي من حياتي مع واحدة تاخد بالها مني!
بس تعرفي أنا جوازتي الأولانية كانت تقليدية أوي، بنت.. قريبتي.. جميلة ومتفوقة
و.."
"اللي نعرفه احسن من اللي
منعرفهوش؟!" قاطعته لتنظر له بمزاح ثم ضحكا بخفوت سوياً
"بالظبط كده" أكمل حديثه
لتحاوط صدره بذراعها "بالرغم من إن عمرنا ما كان فيه ما بيننا مشاكل الخطوبة
والجواز والخناقات اللي بنسمع عنها بس مكنتش حاسس بالحب.. بالرغم من جمالها لما
كنت بشوفها مكنتش بحس إني مشدود ومش عايز حاجة من الدنيا غير إني أبقا معاها ولا
حتى اللخبطة اللي بتحصل للواحد دي لما بيشوف اللي بيحبه ولا القلب اللي بيدق
بسرعة.. المشاعر دي كلها محستش بيها معاها بس الإحترام اللي ما بينا والهدوء
وتقارب المستويات والعادات اللي ما بين عيلتنا كان مخليني أكمل.. وكمان مسئولية
صهيب حتمت عليا إني مبعدش علشان بس مش حاسس بمشاعر معينة كان نفسي أحس بيها..
وأكتر حاجة كانت بتخليني أكمل هي الإحترام الرهيب اللي كان ما بينا" تنهد
لبرهة وكأنما يتذكر ما عايشه معها وسمعته جيهان بإهتمام شديد
"كانت هادية أوي ومحترمة جداً
وبتحترمني وبتناقشني بمنتهى الهدوء في أي قرار مهم ما بيننا.. أسلوبها هو اللي
خلاني أكمل مش الحب.. صحيح الحب أحلى حاجة في الدنيا بس الإحترام بينجح علاقات
كتيرة" جذبها لصدره بقوة أكثر "بس لما شوفتك يا جيهان معرفش ايه اللي
حصللي" قبل مقدمة رأسها التي تتوسد صدره ليشعر بذراعها الذي يجذبه إليها أكثر
وكأنها تود أن تحتويه هو وكل مشاعره وكلماته بالقرب من قلبها للأبد
"حسيت إني اتشديتلك، كان نفسي
كل الناس اللي حوالينا ساعة الحادثة يختفوا علشان نكون لوحدنا سوا، حصلتلي اللخبطة
اللي بيتكلموا عنها وركزت في عنيكي وملامحك وتوهت أوي، أنا حتى لغاية دلوقتي فيه
كلام كتير قولتيه يومها أنا مش فاكره من كتر ما كنت مركز فيكي انتي، قلبي لأول مرة
كان بيدق بجنون.. أول مرة أحس إحساس الحب اللي بيحكوا ويتكلموا عنه.." تريث
لبرهة لتستند هي بكلتا مرفقيها على صدره وأخذت تنظر له وتتابعه في إهتمام وسعادة
هائلة لكل ما يقوله
"أنا ياما شوفت ستات حلوين،
وياما حاول صهيب يجبلي عرايس زي ما أكون عندي تمانية وعشرين سنة ونفسه يفرح بيا،
بس أنا كنت مصمم إن عمري ما هتجوز غير اللي أحس من ناحيتها بمشاعر قوية.. كنت بس
مستني الاقي اللي تسهرني بليل أفكر فيها.. مكنتش عايز أفرط لحظة في مشاعري لأي
واحدة.. كنت عايز أسعد الإنسانة اللي هحبها وأكرس كل مشاعري وحبي ليها هي وبس!!
وكنت سعيد أوي يوم ما لقيتك وكنت مرعوب تبعدي عني أو ترفضي إني أقرب
منك!"
"لا لا.. الكلام ده كبير وكتير
عليا أوي بقا"
"أنتي كلام الدنيا كله ميوصفش
ولو ثانية واحدة من الوقت اللي بقضيه وأنا جنبك ومعاكي.. أنا بحبك أوي يا
جيهان"
"وأنا بعشقك" أقتربت منه
لتقبله قُبلة احتوت على الكثير من مشاعر الحب التي لم يختبرها أي منهما من قبل سوى
بتلك اللحظة ثم تبادلا النظرات بعدها في هدوء وهوى جياش فاض من عينيهما ليستمتعا
بتلك اللحظة التي ودا كلاً منهما أن تدوم للأبد..
"مش هتكلمي لينا تطمني
عليها؟!" همس لها سائلاً وهو يداعب خصلات شعرها ويحركها بين أصابعه ليضعها
خلف أذنها لتنظرله مضيقة عيناها وهزت رأسها في غير تصديق
"ده أنت عارف اهو وواخد بالك
من كل حاجة"
"لينا دي روحك.. أنتي مبتقدريش
تبعدي عنها ثانية وزمانك قلقانة عليها أوي.. روحي يالا كلميها" قبل جبهتها
عدة قبلات في حنان ثم نهض ليناولها هاتفها ثم توجه للحمام الملحق بغرفتهما لتتنهد
هي وهي تطالعه بعينيها ولا تزال لا تصدق أنها تختبر كل هذا العشق الجم الممزوج
بالتفهم والتقدير لكل مشاعرها لتبتسم في سعادة شديدة على تلك اللحظات الرائعة التي
تحياها وتمنت من طيات قلبها ألا تنتهي أبداً..
❈-❈-❈
أستيقظ وهو يحاول فتح عيناه في
صعوبة شديدة حيث أن النعاس قد سيطر عليه بالكامل وحاول أن يتفقد الوقت بعد إزالة
ذلك التشويش الذي سيطر على زرقاوتيه في تملك تام ليجد أن الساعة قد عبرت الثانية
ظهراً ليحمحم في إنزعاج فهو لا يستيقظ متأخراً أبداً هكذا..
نهض محاولاً التغلب على ارادته في
العودة للنوم مرة أخرى وتوجه للأسفل حيث المطبخ كي يصنع القهوة وبالكاد أستطاع
تحضير المكونات الملائمة لقهوته واستند بيداه على الجزيرة التي تتوسط المطبخ ليلعن
داخل نفسه تلك الصغيرة التي جعلته يسهر لوقت متأخر من الليل كي يكتشف كيف سيتعامل
معها بالأيام المُقبلة دون أن يفقد عقله..
تناول فنجانه ثم توجه ليصعد مرة
أخرى لغرفته فهو لم يهاتف أبيه وعلّه سيحدثه قريباً وهاتفه قد تركه بالغرفة فمشى
بخطوات متباطئة في طريق غرفته ولكن أوقفه صوت ضحكات لينا المنبعثة من غرفتها
ليتوقف للحظة ولا يدري ما الذي أوقفه ولكنه شعر بحتمية معرفة ما وراء تلك
الضحكات
"ده أنا جننته امبارح.. وفي
الآخر زي الأهبل راح أتفرج على الماتش على اللاب.. ده حتى مفكرش يبص حواليه ويشوف
النور قاطع عند الكل ولا البيت هنا بس.. عامل بس نفسه كبير وبتاع وفي الآخر مشكش
للحظة إني فصلت الكهربا عن البيت" تعالت قهقهاتها لتتبدل آثار النوم سريعاً
على وجه للغضب اللاذع
"بس لأ عيب عليكي.. أنا هافضل
وراه لغاية ما أعمله الأدب وأخليه يبعد عني خالص.. أدي آخرة اللي يستقصدني ويحطني
في دماغه" حملت نبرتها آثار الضحك لتتعالى أنفاسه في إنزعاج من تلك
الصغيرة
"ده أنا هاعمل فيه عمايل!!
هجننه.. صبرك عليا بس!! فاكرني صغيرة وعبيطة ولا ايه.. شاطر بس يقوللي متستخدميش
عقلك ويقوللي يا غبية، أنا هاثبتله أنه هو اللي غبي" خلل شعره في انزعاج شديد
من كلماتها
"الله!! انتي بتدافعي عنه
ليه.. أنتي صاحبته ولا صاحبتي أنا مش فاهمة!!"
"وأنا أطول ابقا صاحبته"
صاحت مُقلدة لنبرتها في تآفف "جتك وكسة.. خليكي كده أي راجل شكله حلو تقتنعي
انه ملاك.. لغاية ما في يوم هتاخدي خازوق يطلع من نفوخك!" استمع لها وهو لا
يُصدق حقاً أنهما تتحدثان عنه بتلك الطريقة وبالرغم من أنه لا يستمع لكلمات
صديقتها ولكن كان هذا كافي له للغاية حتى يشعر بالغيظ الشديد وتملكته إرادة باغية
في أن يتشاجر معها دون أسباب
"طب ايه رأيك بقا إني شايفاه
عادي.. مش حلو أوي ولا حاجة.. ده عمو أمجد أحلى منه مليون مرة.. وبعدين شكله أصلاً
شمال وبتاع بنات وواخد قلم في نفسه.. أنتي مشوفتيش البنت القالعة دي اللي جت معاه
الفرح امبارح.. هي هي اللي كانت قاعدة معاه في الكافيه.. واحد زي ده أنا أقرف
أبصله حتى لو واخد ملك جمال العالم عشر سنين ورا بعض" كاد أن يدلف غرفتها
بمنتهى الغضب والغيظ الذي انفجر بدماءه ولكن صوتها الذي أنخفض فجأة أوقفه
"طب هكلمك تاني.. جيجي بتتصل
بيا" حولت المكالمة بين مكالمة رولا ومكالمة والدتها "عروستي القمر
الجميلة .. وحشتيني" صاحت في لهفة بإبتسامة لتتقزز ملامح صهيب الواقف خلف
الباب
"طب والله ما بكاشة.. وحشتيني
فعلاً" استمع للمزيد من حديثها
"سيبك مني واحكيلي مبسوطة كده
وشغل العرايس بتاع الجواز عن حب ولا لأ؟!" كاد أن يغادر ولكنه وجد قدماه
متصلبتان لا تريدان التحرك
"عمو أمجد ده أصلاً حاجة وهم
كده.. يارب أرزقني بواحد نسخة منه يارب" لوهلة شعر بالإمتنان لعشقها لوالدة
ولكنه هز رأسه في إنكار، فما تحدثت به لصديقتها لا يزال يشعله غضباً
"ربنا يسعدكم يا ماما، والله
أنتي تستاهليه وهو يستاهلك.. يارب تعيشوا مبسوطين طول العمر" تنهد صهيب للحظة
وابتسم وهو بداخله يتمنى نفس أمنيتها
"لا لا.. صهيب تمام
معايا" تعجب بشدة عندما استمعها تنطق بإسمه وتتحدث عنه
"لا خالص مفيش الكلام ده.. ده
وصلني امبارح ومفيش يعني ولا خناق ولا حاجة وكله تمام.." تحدثت لوالدتها
ليعقد حاجبيه في تعجب ثم صدحت ضحكتها
"لا يا ستي لا بكدب ولا حاجة..
وبعدين يا جيجي انتي عروسة.. ما تروحي بقا للمُز الفتاك اللي اتجوزتيه ومتتأخريش
كده عليه.." تحدثت لها ثم تعالت ضحكتها مجدداً
"الله!! جوز أمي وبعاكسه.. حقي
يا جيجي.. ولا بتغيري ولا ايه؟!" صاحت بمزاح ليتعجب صهيب لطريقتها
"يا سلام.. طب ما تقومي تبوسيه
كده بوسة حلوة من اللي هما وقوليله لينا بعتهالك" قهقهت بشدة ولم يستمع صهيب
لزجر والدتها لها
"مش قولتي مبتغريش.. حصل ايه
دلوقتي يا جيجي.. بتغيري يا مُزة" تحولت نبرتها لخبث ليزفر صهيب من تلك
الفتاة المجنونة
"لا صراحة حقك.. أنا لو معايا
واحد زي عمو أمجد مش هاخرجه برا البيت.. حقك بجد"
"ماشي يا وزة"
"لا معرفش صحي ولا لأ"
"خلاص هاقوم أفطر كده وهبقا
أكلمك ولو فاضية ردي عليا.. انما يعني لو كنتي مشغولة انتي وعمو أمجد ومثلاً
بتلعبوا عريس وعروسة ولا ..." توقفت لتتعالى ضحكاتها بعدما حملت نبرتها
الخبث
"عيب ايه يا جيجي.. هانت
وهتلاقيني عروسة.. في ديلك .. في ديييلك!!" أخبرتها مقهقة
"ماشي يا حبيبتي.. باي"
أنهت المكالمة ليشعر صهيب بالتعجب فهي لم تخبر والدتها عن ما حدث بينهما ليلة أمس
وهي من كانت تهدده بإخبار والده!! أتظنه طفلاً صغيراً مثلها وسيشعر بالخوف مثلاً!!
أطلق زفرة متهكماً وأخذ يفكر ملياً
فيما سيفعله معها فهو لن يتهاون مع أفعالها المجنونة!! إذا ودت أن تدرك معنى
الجنون فسيعلمها ما هو وما تحتويه الكلمة من معاني!! سيلهو معها بنفس الطريقة ولن
يتوقف أبداً حتى تدرك ما معنى أن تمزح معه ولن يتركها حتى تذعن له بالإستسلام
والتوقف عن تصرفاتها الهوجائية للأبد!!
"أنا هوريكي!!" تمتم وأخذ
خطوة وهو يتوجه لغرفته ثم رشف من قهوته ليجدها قد أصبحت باردة ليعيد تلك الرشفة
لفنجانه متقززاً "يا حتة غبية!! اهي القهوة بردت.. والله لأوريكي" تمتم
في غيظ ثم توجه للمطبخ لصنع القهوة من جديد!!
يُتبع..