-->

المشهد الرابع _ مروان ورحيق


                              المشهد الرابع " خارج جدرانه الدافئة " . 


كم شعرت باليأس وانهارت أمالها تماماً حين تواجد الجميع خلفها إلا هو ،، لا يهمه إن قتلت نفسها بالفعل أو ربما لأنه يعلم لأنها لن تفعل ولكنها بالفعل رغبت رغما عنها بترك ذاتها للهواء حين قتلها ببروده هكذا فمتي توقف عن حبها لكي لا يُهمه موتها حتي . 

أتي صوت الباشا داوود من خلفها بعد أن هرع يُلاحقها من أمام غرفة السلطان حتي الشرفة الكبيرة للقصر ،، آمراً حارس جناح السلطان قبل ذلك بأن يخبره بالأمر ليتصرف : 
" رحيق اهدأي يا عزيزتي لا يوجد شئ يستحق أن تفعلي هذا " . 

رفعت يديها تخبره بألم هادئ : 
" لن أقتل نفسي با باشا لا تقلق ". 

تناول كفها لينزلها عن سور الشرفة قبل أن يقول بدفئ : 
" رحيق ابتعدي عن المشاكل تلكَ الفترة حتي يعود والدك علي الأقل " . 

كانت عينيها شاخصة علي الممر الوحيد الذي قد يظهر منه لتقل بهدوء غريب أحزنه : 
" مروان لم يأتي " . 

ولم يظهر هو بل حارسه الذي أخبر داوود سراً قبل أن يرحل :
" السلطان يخبرك يا باشا أن تضعها بإحدي الغرف حتي يتفرغ لها " . 

تسائلت بيأس : 
" ماذا قال " . 

جذبها داوود لتسير معه وهو يصرف التجمع من حولهم قائلاً : 
" تعلمين أن السلطان ليس متفرغاً يا رحيق لم يكن هناك داعي لتلكَ الجلبة " . 

تبعته بجمود مخبرة إياه بحدة : 
" لا كان لها داعي بالنسبة لي ،، أنتَ لا تهتم سوي بمولاك وليس لكَ شأن بي " . 

تنهد داوود بإنزعاج قائلاً بتأنيب وهو يدخلها إحدي الغرف : 
" حقاً هل أصبح الأمر هكذا ،، عيب عليكِ " . 

وقفت تنظر له برجاء حينها متسائلة : 
" أخبرني إذا ماذا يحدث أنا واثقة أنكَ تعلم ،، أرجوك أخبرني ولا تتركني أتألم هكذا " . 

زفر قائلاً بجدية : 
" انتظري السلطان هنا يا رحيق ولا تفتعلي المشاكل " . 

لحقت به قبل أن يغلق الباب عليها قائلة بغيظ : 
" أخبرتك أني لن أؤذي نفسي لا تحبسني هنا " . 

أخبرها برفض : 
" إنها أوامر السلطان ، كوني هادئة " . 

بعد كثير من الوقت دخل عليها الغرفة ليغلقها خلفه بعنف متجهاً لها حيث تجلس لتطالعه بألم متسائلة بقهر : 
" أوووه مولاي هل وجدت وقتاً لي شكراً حقاً لأنك تذكرتني " . 

لم تكن ساخرة بل نازفة ولم تعيره احتراماً لمكانته فوقف أمامها قائلاً بحدة : 
" قفي " . 

وقفت ملتصقة بالحائط من خلفها تنظر لجسده الرياضي المشرف عليها وقبل أن تفتح فاهها صرخ موبخاً إياها : 
" هل جننتي تريدين الموت ألا يُمكنكِ أن تكوني عاقلة " . 

زمت شفتيها من صراخه بانتفاض صامته ليتابع بحدة : 
" هما قاعدتين ستلتزمين بهم يا رحيق ،، أولاً ستبقين هادئة ولن تثيري المشاكل مجدداً وثانياً لا أريد لأحد أن يشعر أنكِ متواجدة بالقصر أساسا هل فهمتِ " 

تسائلت برجاء وهي تلتقط كفه بتوسل : 
" مروان لماذا تفعل هذا بي ،، مروان والله لم أعد أحتمل أخبرني بما أخطأت وكيف أغضبتك لتلكَ الدرجة ولكن لا تعاقبني هكذا ،، مروان عاقبني بأي شئ أخر ولكن لا تطردني من حياتك هكذا " . 

سحب كفه منها قائلاً بجمود عذبها : 
" لا يوجد شئ أخبرك به " . 

صرخت بألم : 
" ألم تعد تُحبني إذاً " . 

أولاها ظهره بصمت قائلاً : 
" التزمي بما أخبرتك بهِ يا رحيق أريدك هادئة بهذا القصر " . 

أوقفته قبل أن يرحل هامسة بهدوء مُتألمة : 
" انتظر ،، انتظر يا مولاي " 

تنفست قبل أن ترغم ذاتها علي قول تلكَ الكلمات وهي تستند علي الحائط بقوة كارهة كل شئ حولها عداه نعم عداه هو ،، لا تستطيع أن تكرهه وهي التي لم تري السوء منه يوماً : 
" قلت لي مُسبقاً إن كنت تتذكر أنني أملك حريتي " . 

تصلب جسده قبل أن يلتفت لها بعيون من نار ولكنه ظل صامتاً لتتابع مبتسمة بألم متذكرة : 
" وأنا أخبرتك حينها أنني لن أرغب بحريتي إلا بحالة واحدة ". 

نظرت لعيونه مكملة بحزن : 
" حين .. حين تتوقف عن حبي وبما أنكَ فعلت يا مولاي فأرجوك أعطني حريتي الأن " . 

تنهدت وصمته الذي يؤكد حديثها يقتلها لتطلب بالنهاية : 
" أخرجني من هذا القصر " . 

توسعت عينيها لإجابته التي غرزت بصدرها ناحرة إياها : 
" هل تودين توديع أحد قبل الذهاب " . 

أجابته بانسياب جسدها الملكوم قائلة بعد اكتشافها لحقيقة الجميع المزيفة : 
" لا لا أحد يحبني هنا لأودعه " . 

وبعد وقت كانت تقبض علي تلكَ الفراشة الوردية بهذا المنزل الصغير القابع بأحياء المدينة ،، الشئ الوحيد الذي بقي لها منه ، تلكَ الفراشة الذي أهداها لها يوماً قائلاً لها أنها مثلها تماما تملك حريتها لتجيبه هي بسذاجة حينها : 
" لا أريد حريتي يا مروان أريد أن أبقي بين ذراعيك حتي أموت " . 

وحينها كانت إجابته بتوضيح لها :
" لن تخرجي من داخل ذراعاي يوماً يا لؤلؤتي ولكن أنتِ أيضاً حرة بكل ما تريدين فعله " . 

أجابته بعبث مُتسائلة بترقب لإجابته : 
" حسناً لو توقفت عن حبي يوماً ما سأطالب بحريتي حينها " . 

وفرحت بإجابته كالأطفال حين وعدها بصدق : 
" لن أتوقف يوماً عن حبك يا رحيق " . 

نظرت لتلكَ الفراشة بين كفيها هامسة لنفسها وهي تراقب عربة القصر من شرفة هذا المنزل الجديد تغادر : 
" أنا أصدق كل ما تقوله يا مروان " . 


#يتبع.