-->

الفصل الثاني والعشرون - عشق ناضج وعشق مجنون



الفصل الثاني والعشرون

بعد مرور اسبوع
"طب مفيش صباح الخير يعني؟" أخبرها صهيب وهو ينظر لها ملياً بينما هي قد دلفت المطبخ للتو لتصنع قهوتها
"بقولك إيه بقا لسه صاحية ومش مركزة، لما أفوّق نتكلم" تناولت أحدى الأكواب الكبيرة لتشرع في إضافة محتويات القهوة باللبن 
"طيب طيب، أفطري الأول قبل النسكافيه بتاعك" ابتسم بإقتضاب ثم ناولها عدة شطائر صنعها لها وهو يتفقد مظهرها، فشعرها غير المنمق وملامحها التي لا يزال النعاس مسيطراً عليها دفعته للإبتسام رغماً عنه 
"لا مبفطرش قبله" تحدثت إليه بنبرة غلب عليها النعاس 
"طيب أنا عملتلك ساندويتشات علشان تخديها معاكي الجامعة"
"يوووه بقا يا صهيب، ماشي شكراً، سيبني أفوق الأول بس ونبقى نتكلم" أخبرته في حنق وهي بالكاد تستطيع تبين محتويات المطبخ أمامها 
"ادلعي كمان! أنا اللي أخدتك على كده" تحدث وهو يقترب منها لتلتفت إليه في تعجب 
"دلع إيه بالظبط، يا صهيب بقا خلاص أنا بجد مش شايفة قدامي، بلاش تكلمني وأنا لسه مفوقتش كده" أخبرته في توسل بنبرة حانقة 
"طيب بقولك إيه، ما تروحيش النهاردة مع رولا" همس وهو يقترب منها أكثر ثم امتدت يده في رفق ليرفع احدى الخصلات المتمردة على وجهها خلف أذنها 
"ليه يعني؟" حمحمت ثم حاولت الإبتعاد قليلاً فهي إلي الآن لا تستطيع الإقتراب منه حتى ولو أصبح خطيبها فهي لا زالت تتوتر من إقترابه 
"هاعدي عليكي بعد الشغل" سلط نظرته على عسليتيها في وله وهو لا يستطيع سوى أن يقترب إليها أكثر ليزداد إرتباك لينا 
"بس أنت بتخلص متأخر" همست له وقد تناست النعاس تماماً وهي تحاول أن تبتعد عنه ليوقفها ممسكاً بكلتا يداها 
"هاخد إذن واجيلك" همس هو الآخر وهو ينظر لها ولم تتلاقى أهدابه ليقترب إليها أكثر 
"صهيب أنت بتعـ" توقفت من تلقاء نفسها عندما وجدته يُقبلها على جبينها ثم ابتعد عنها قليلاً لينظر لها مجدداً ولم يتوقف إرتباكها لشعورها بأنفاسه المنعكسه على وجهها
"الناس بتصحى تقول صباح الخير على فكرة، وفي حالتنا دي بما إننا مخطوبين بيقولوا صباح الخير يا حبيبي" ظل ينظر إليها لتضيق هي ما بين حاجبيها ونظرت إليه في تردد شديد 
"طيب" أخبرته لتحاول الإبتعاد عنه بينما أوقفها جاذباً إياها إليه 
"هتفضلي مغلباني كده لغاية امتى بس؟" حدثها بصوت خفيض 
"أنت عايز إيه بقا، ابعد يا صهيب، وبعدين زمان بابا وماما هيصحوا وماينفعش يشوفونا كده" ارتبكت أنفاسها أكثر ثم حاولت الإبتعاد عنه 
"كده اللي هو ازاي بالظبط؟" سألها ثم أقترب منها مجدداً ليعبث معها لتظن أنه سيقبلها لتدفعه بكل ما لديها من قوة ليرتطم صهيب خلفة بتلك الجزيرة الرخامية التي تتوسط المطبخ وتوسعت ابتسامته 
"على فكرة لو عملت الحركات دي تاني أنا هـ"
"هتعملي إيه بالظبط؟" قاطعها ثم نظر إليها بمكر بينما لا يزال يبتسم 
"لا على فكرة مبحبش الحركات دي، ومتقربش كده تاني لو سمحت" 
"خطيبتي ومن حقي إني أقرب منها وقت ما أنا عايز"
"لا طبعاً مافيش الكلام ده، إيه اللي تقرب مني وقت ما أنت عايز ده أنا مش فاهمة، وأسمع بقا، لو عملتها تاني والله هاروح أقول لبابا وهو يتصرف معاك" حدثته بإنفعال ليرفع حاجبيه في تعجب ولكنه لا يزال يبتسم 
"بتهدديني، ماشي يا لي لي، هنشوف الموضوع ده بعدين" أخذ نحوها خطوة مجدداً ثم جذب يدها ليُقبلها رغماً عن محاولاتها في الإفلات منه "متتغديش علشان هنتغدا سوا، باي" أخبرها مسرعاً قبل أن يستمع إلي أي اعتراضات منها ثم التفت ليغادرها وتركها خلفه لتزفر في راحة لأنه أخيراً تركها وغادر، فهي لم تعد تستطيع إيقاف محاولاته العديدة في الإقتراب منها بين الحين والآخر.
"إيه ده صهيب مشي" تحدثت جيهان التي لتوها دلفت المطبخ حيث لينا 
"آه لسه ماشي" أخبرتها لينا وهي تعد قهوتها ولم تنظر إلي والدتها 
"ملحقتوش بقا" تحدثت في حزن طفيف 
"ابقي كلميه يا ماما لو عايزه منه حاجة" أخبرتها بإقتضاب 
"إيه ده، مال صوتك فيه إيه؟" سألتها جيهان وهي تقترب منها لتتنهد لينا ثم التفتت إليها 
"مش عارفة يا ماما، مش عارفة إيه اللي بيحصل، كل حاجة حصلت بسرعة وحاسة إني مش عارفة أتعامل مع صهيب، والجامعة وفجأة بقيت مخطوبة، وأسلوبه وأنا طريقتي ناشفة اوي وما كنتش متوقعة إني بين يوم وليلة هلاقي نفسي مخطوبة مش عارفة بجد حاسة إن فيه فجأة زادت المسئوليات عليا ودايماً متسربعة ومش عارفة أكون قد المسئولية دي" 
تواترت الكلمات منها بسرعة شديدة وكأنما تخلصت من آلم ما بداخلها وهي تزفر في النهاية ولكن أستطاعت جيهان معرفة أن ابنتها لا تزال تحمل المزيد من الحيرة تجاه كل الأمور
"ممم، فهمتك" همهمت وهي تنظر لها بجدية
"مش عارفة يا جي جي، فجأة بعد ما كنت بنام براحتي وبصحى براحتي وحياتي كلها مفيهاش غير الروايات ورولا في الأجازة والجامعة وقت الدراسة، لقيت نفسي في بيت تاني، بابا، أنتي بقيتي متجوزة، صهيب! الموضوع مخوفني شوية" أطنبت بالمزيد لتومأ لها والدتها في تفهم وإكتراث
"طيب، أنا عندي فكرة، إيه رأيك لو نرجع شقتنا كام يوم، يعني، خديلك كده break وارجعي لينا القديمة واعملي order بيتزا من اللي بتبات في التلاجة تلت أيام واسهري براحتك يوم الخميس واصحي الجمعة متأخر وبهدلي البيت زي ما انتي عايزة" توسعت عيناها وهي تقترح عليها "فكي من صهيب شوية" أخبرتها وهي ترفع كتفيها ثم اخفضتهما في عفوية 
"لا يا ماما مش حل" همست بنبرة حملت القليل من الحُزن لتتوسع ابتسامة جيهان ونظرت لها في خبث بمزاح 
"شكلنا كده مش قادرين نبعد وبنحب صهيب ولا إيه؟" غمزت إليها ليندلع الإرتباك على ملامح لينا 
"هو، ممم، مش عارفة" أخبرتها في تردد 
"بتحبيه" أومأت لها في تأكيد لترى محاولات لينا العديدة في التحدث ولكن باءت بالفشل بتلك الأصوات الغريبة التي أطلقتها وهي تحاول التحدث وهي شاردة في محاولة للبحث عن الكلمات المناسبة ثم زفرت ونظرت إليها بجدية 
"يعني، طريقته اللي أتغيرت معايا، من خناق وزعيق لهدايا وخروجات وفسح ورومانسية، وعنيه!! عنيه دي مش ممكن أول ما بيبصلي بنسى كل حاجة ومش بعرف أركز أبداً، ولخبطة، لخبطة كتير، ولما بيقرب مش بكون على بعضي وكل الكلام بيكون صعب وضحكته حلوة اوي بشكل مش طبيعي و" زفرت بعمق وهي تنظر إليها "حاسة يا جي جي إن واحد من أبطال الروايات اللي بفضل أقراها طلع فجأة وبقى قدامي" همست إليها لتبتسم جيهان بعذوبة وأقتربت منها لتعانقها في حنان 
"أظن إن اللي أنتي فيه ده حُب! مش لاقياله أي معنى تاني" همست إليها لتبادلها لينا العناق بشدة 
"أنتي شايفة صهيب كويس يا ماما؟" همست سائلة بين عناقهما 
"جداً" 
"أنا خايفة كل حاجة تبوظ" 
"ما تخافيش! ويوم ما تحسي إن فيه حاجة هتبوظ خدي كده نفس كبير وبعدين فكري بهدوء وفترة الـ break مهمة جداً على فكرة وبتخليكي تشوفي كل حاجة بوضوح، بس من رأيي تستني عليها شوية أنتو لسه في الأول وبتعرفوا بعض"
"خايفة إني أبوظ كل حاجة، الخطوبة والدراسة وكله"
"ما تخافيش وفكري بعقل كده، فاكرة لما كنتي مش قادرة تقرري انتي عايزة تجارة ولا لأ؟" سألتها لتهمهم بالإيجاب "كنتي محسساني خلاص إن القيامة هتقوم، بس أول ما قررتي كل حاجة بقت طبيعية، صح ولا لأ؟"
"صح" 
"يالا، افطري وكملي لبسك علشان متتأخريش على الكلية وصلي وادعي ربنا يريح بالك وإن شاء الله كل حاجة هتكون تمام" 
"يارب يا جي جي" همست إليها ثم افترقت عن عناقهما لتكمل تلك القهوة التي لم تنجح في صنعها منذ الصباح "انتي مش رايحة الشغل النهاردة ولا إيه؟" سألتها وهي للمرة المائة تحاول إستكمال صنع قهوتها
"لا، النهاردة أنا وامجد اجازة وهنفطر سوا برا" 
"أيوة بقا يا جي جي يا جامد، اتاركي مستنيانا نمشي وقال إيه جاية تسألي على صهيب وبتقوليلي كملي لبسك، بتوزعينا يا مُزة علشان يخلالك الجو مع المُز الكبير" التفتت إليها وهي تغمز لها 
"بنت!" توسعت عينتا جيهان في حزم ولكن تلك الإبتسامة على شفتيها خانتها 
"بنت إيه بقا، عليا أنا بردو" غمزت إليها مجدداً بإبتسامة "بس لو حابة يعني متخرجيش انا وصهيب هنتغدا برا النهاردة والبيت فاضي وبابا راضي"
"لينا! خلصي فطارك علشان متتأخريش" أخبرتها بإبتسامة تحاول التغلب عليها وهي تتركها وتذهب للأعلى 
"يا عسلية ياللي بتتكسفي يا جي جي" صاحت لتستفزها بينما هزت جيهان رأسها في غير تصديق وهي في طريقها لتذهب لأمجد!
❈-❈-❈
"شعرت بزيادة حركة تلك الفراشات بمعدتها كلما أقترب منها، هل هذا هو الحب الذي يتحدثون عنه، هل هذا هو الشعور الذي تشعر به الفتيات الواقعات في الحب!" تنهدت رولا وهي تتحدث بهمس وضمت كفيها إلي صدرها
"تصدقي إنك رخمة، أنا غلطانة إني بحكيلك" أخبرتها في حنق 
"لينا، أنتي بقيتي بتموتي في صهيب، مش شايفة انتي اتغيرتي ازاي؟ انتي مبتتكلميش غير عنه كل شوية وبتفتحي موبايلك كل دقيقتين لا يكون بعتلك حاجة على الواتساب وانتي مش واخدة بالك، وكل ما بيكلمك بتضحكي ضحكة البنات دي اللي عمرك ما ضحكتيها قبل كده، لينا يا حبيبتي انتي بتحبيه" نظرت إليها وهي تحدثها بإبتسامة 
"أنا، أنا، أنا يمكن ارتحتله اكتر وبقيت متعودة عليه بس، بس، مش حب، لا لا، مش حب لأ!" قالت في تردد وهي تشرد بالأرضية لتزفر رولا 
"تمام، مش حب، تعود وارتياح، ماشي" هزت رأسها في اقتناع "بس تعرفي، ممكن تفسخي الخطوبة، وسمر بردو بتحبه وشكلها كانت هتموت عليه و"
"افسخ إيه؟" توسعت عيناها في تعجب وهي تقاطعها
"ما انتي ممكن تتعودي على صاحبك، ممكن تشوفي راجل إنسان كويس وتعجبي بيه وتتمنيله الخير مع حد تاني، لكن الغيرة اللي شايفاها في عنيكي دي وعصبيتك مالهمش اي تفسير غير إنك بتحبيه" 
"رولا!" ضربت الأرض بقدمها في حنق 
"يا بنتي بقا حرام عليكي انتي مكدرة الراجل كده ليه، ما تبلي رييقه بكلمتين حلوين" 
"لا لسه بدري! لما أتأكد الأول إن فيه كده ما بينا ثقة كبيرة واحترام وإنه مستعد يعمل أي حاجة علشاني وأفكارنا متوافقة وبيقدرني ولسه بقا مواضيع الدراسة والشغل ومستقبلي اللي أنا بفكر فيه" نظرت نحو السماء بإبتسامة وتخيُل
"آه، شغل الـ strong independent woman هيبدأ"
"رولا! انتي عارفاني كويس، استحالة اتجوز كده اي حد غير لما احس اننا هنقدر ننجح في كل حاجة" 
"تنجحوا!" عقبت بتهكم على كلماتها لتبتسم في غيظ شديد "طيب بمناسبة النجاح ناقص على المحاضرة الجاية عشر دقايق، بقول نقوم نلحقها احسن علشان ننجح في المادة؟ وبعد المحاضرة نشوف موضوع النجاح في العلاقات ده"
"يالا" 
❈-❈-❈

حاول امجد تهدئة أنفاسه وهو يجذب جيهان لتتوسد صدره ليخفض رأسه قليلاً للأسفل ليبتسم لها لتبادله هي الأخرى ثم ضيق عيناه بمكر وهو يتفقدها 
"بقولك إيه، أنا عندي اجازات تانية كتيرة، ما تيجي نسافر تاني" همس لها بنبرة رجولية خفق لها قلبها وكأنها عرفته للتو لتقهقه بضحكتها التي أصبح لا يعشق سواها 
"ويا ترى ده بقى علشان الوقت الحلو اللي قضيناه النهاردة ولا علشان بتحبني مثلاً؟" سألته في دلال
"أولاً علشان بحبك وبعشقك ونفسي أفضل معاكي طول الوقت، ثانياً علشان الوقت اللي قضيناه سوا النهاردة فكرني بالهوني مون وبصراحة مافيش حاجة في الدنيا اجمل من إنك تفضلي في حضني" تنهدت ثم ابتسمت 
"أنا كمان بموت فيك" اقتربت لتقبله قبلة جعلته يُغمض عيناه في استمتاع شديد ثم فرقت قبلتهما لتتفقد ملامحه بإبتسامة تعتلى شفتاها 
"مش هانسى لأ! متحاوليش! ناخد اجازة ونسافر تاني؟" 
"امجد احنا لسه راجعين يادوب بقالنا كام يوم و"
"عايز اسافر تاني" قاطعها متوسلاً وهو يقرب جسدها إليه أكثر 
"طيب، ماشي هنسافر، بس استنى لما الشتى يدخل شوية ونسافر تاني" زفر في حزن 
"ماشي" تصنع العبوس ثم نظر إليها "كنتي بتقولي إيه بقا على لينا وصهيب؟ أصلي اتشغلت في موضوع مهم اوي ساعتها وشكلي هتشغل تاني كمان شوية" قهقهت مجدداً لينظر لها بعشق شديد ولم تغادر الإبتسامة شفتاه 
"لينا بتحب ابنك يا سيدي، بتحبه بجنون، وخايفة ومترددة وحاجات من دي" 
"ممم، بتفكرني كده بمين بمين!" تصنع محاولة التذكر "آه، بجيهان!" 
"بس انا مكنتش كده، ده أنا حتى بين يوم وليلة اتجوزتك" توسعت عيناها وهي تنظر إليه بجدية 
"ده بمناسبة أغنية لأ اللي كنتي بتغنيها لما قولتلك نخرج سوا؟" ضيق عيناه وهو يتفحصها لتضيق ما بين حاجبيها في إدراك 
"يعني لينا حكتلك! ماشي، حسابها معايا بعدين" تحدثت وحاولت الابتعاد عنه ليضحك امجد وأوقفها جاذباً اياها بشدة 
"ما تسيبي البنت في حالها بقى، إيه يعني لما تحكيلي، وبعدين دي لسه حاكيالي من قريب على فكرة" نظرت إليه تتفقده بملامح جادة 
"أنا خايفة عليها اوي يا أمجد" همست إليه 
"ما تخافيش، علشان أول مرة تحس بالاحساس اللي هي حاسة بيه ده اكيد هتكون متوترة شوية"
"عمري ما كنت أتصور إنها ترتبط بسرعة اوي كده، دي لسه عندها تسعتاشر سنة، والكلية، و"
"هششش!" قاطعها واضعاً سبابته على شفتاها يوقفها عن الحديث وهو يحدق بعسليتيها "أنا عارف إن تربية البنات اصعب من الولاد، حساسين زيادة عن اللزوم ولازم تهتمي بيهم وتديهم وقتك اكتر من الولاد، وعلى قد ما لينا دلوقتي متوترة شوية بس مسألة وقت وهتكون كويسة"
"بنات ولا ولاد، الاتنين اصعب من بعض على فكرة وكل واحد فيهم ليه تربية شكل، سواء إنك تربي ولد علشان يطلع راجل بجد ولا بنت تطلع سوية ومفيش في تربيتها حاجة غلط الاتنين بياخدوا مجهود" تمتمت ليعقد أمجد حاجباه وتفقدها لبرهة 
"وإيه رأيك في تربيتي؟ أنفع؟"
"يا حبيبي أنا لو كنت دورت في الدنيا دي كلها على حد كويس للينا مكنتش لقيت حد زي صهيب أبداً" تريثت لثوان ثم تابعت "بس المشكلة إنهم لسه صغيرين ولسه قدامهم كتير ولينا عمرها ما مرت بعلاقة بجد مع حد، وصهيب معرفش إن كان حب بنت قبل كده، والواضح إن من كلامك إن هو كمان عمره ما مر بده، لسه قدامهم الطريق طويل اوي على ما يفهموا بعض، ثقة وصراحة وعقل وهدوء واحترام وصبر كل ده لازم يكون ما بينهم، وهمّ الاتنين مجانين، والله خايفة عليهم اوي" 
"مسألة وقت صدقيني" ابتسم إليها باقتضاب ثم قبل جبينها ونهض ليذهب للإستحمام فتبعته ليشعر بها خلفه 
"احنا مش كنا بنتكلم في موضوع مهم؟ ازاي تسيبني وتمشي كده من غير ما نكمل اللي كنا بنتكلم فيه؟" تحدثت خلفه في حنق ليدلف هو للحمام بينما تبعته للداخل
"مين قال إننا مش هنكمله" التفتت إليها بإبتسامة لعوب ليُمسك بكلتا يديها "بس هنكمله هنا" غمز إليها ثم أخذ يُقبلها بشغف شديد ليُزيل تلك الملامح العابسة من على وجهها ليدفعها برفق إلي صندوق الإستحمام أمامه وبعد مرور ثوانٍ وجدها تبادله ليطمئن أنها لم تعد غاضبة لتركه إياها منذ قليل.
❈-❈-❈
 "أيوة بقى، بقينا رجالة خاطبين وبنمشي بدري وكلها شوية وهتتجوز ومش هتعرف تتنفس، كده بشكلك ده مش هاتعرف تسيطر خالص"
"أنت شكلك فاضي وجاي ترخم عليا في اخر ربع ساعة قبل ما امشي" 
"بناغشك يا صاو صاو! إيه، لينا مبتعملش كده ولا إيه؟"
"مطلعة عين أهلي"
"شوفت، أنا قولت إنك مش مسيطر"
"أكرم اطلع بقا من دماغي خليني أخلص قبل ما امشي" زفر حانقاً وعيناه لا تغادرا الحاسوب أمامه 
"ياغتي كيوته يا ناس، موظفة مثالية ولينا ممشياك على عجين متلخبطوش، قمر يا ناس"
"أف! أكرم بجد مترخمش" نظر له واحتدت نبرته 
"خلاص خلاص" تنهد أكرم وبدأ التحدث في جدية "عمرو مقالكش حاجة من ساعة ما سمر مشيت؟" 
"لأ، هيقول إيه يعني؟" 
"ولا هي حاولت تكلمك؟" أومأ صهيب بالإنكار وهو يستكمل عمله وأطلق صوتاً يدل على النفي "أصل دي مبتبطلش ومش بعيد تعمل مصيبة"
"لا هي على كده بعدت، وبعدين إيه اللي هيخليها تستنى كل ده علشان تعمل حاجة يعني؟"
"مش مطمنلها! ومش متفائل!"
"لا يا أخويا تفائل وطرقني بقا علشان هاقفل وأقوم" 
"ماشي يا صاوصوتي يا جميلة، ظبط بقا المُزة النهاردة متنساش" توسعت ابتسامته وغمز له ولكنه نهض مسرعاً بملامح جادةعندما أمسك صهيب بأحدى الأكواب الزجاجية التي ظن أكرم أنه سيلقيه بها وترك المكتب مغادراً إياه.
"عملت إيه أنا يارب علشان تبتليني بصاحب زي ده!" تمتم صهيب ثم أمسك بهاتفه ليتفقد ما إن كان هناك أية رسائل من لينا ولكنه لم يجد فأرسل لها رسالة ليخبرها بأنه في الطريق إليها ثم نهض ليجمع أشياءه استعداداً للمغادرة.
❈-❈-❈
"طب وربنا تنفعي تكوني serial killer من بتوع الأفلام"
"اسكت بقا شوية، صدعتني من الصبح" التفتت له سمر في غضب ثم اعادت نظرها حيث سيارة صهيب 
"أنا لولا الحاجة يعني مكنتش وافقتك على الجنان ده، بس تقولي إيه بقا ربنا ابتلاني ببنت خالة مجنونة" 
"انت مش اخدت الفلوس كلها، عايز إيه تاني؟" التفتت له بتقزز ثم أعادت نظرها نحو سيارة صهيب
"ما أنتي على قلبك قد كده"
"خلصلي أنت بس الحوار وأبقى اديك اللي أنت عايزه"
"شوفي، هبهرك، هاحسسه إننا كنا عايشين سوا بقالنا خمسين سنة" 
"طيب اسكت بقى علشان نزل اهو" 
تبعته سمر بسيارتها فهي لا تزال تراقبه من بعيد، فبعد معرفتها بخطوبتهما وكذلك عدم المساس به في العمل وعدم غضب عمرو منه هو الآخر، ولقاءاته المتعددة بلينا وصورهما التي يبدوان بها بمنتهى السعادة عند مراقبتها لهما، لم تجعل كل تلك الأمور الموقف عليها هيناً أبداً وصممت أن تثأر لنفسها أولاً بإزاحة لينا من طريق صهيب ثم بعدها ستحاول معه مجدداً وسوف تدعه يعلم كم تعشقه.
لم يكن أمامها حلاً سوى الإستفادة من ابن خالتها تامر الذي يصغرها بأعوام، يبدو في نفس عمر لينا، أعطته جميع المعلومات التي وجدتها عنها وعرفتها، صورها التي استطاعت أن تجدها بحسابها أو بينها وبين رولا، وتأكدت أن ابن خالتها لن لن يعترض لأنها تعمل جيداً أن أحوالهم المادية ليست مثل والدها، وبالرغم من صعوبة التعامل معه في البداية بعد سنوات من انقطاع علاقة القرابة بينهما ولكنه اقنعته بسهولة بعدما عرضت عليه مبلغاً من المال قد يسعد به أي شاب في عمره.
تابعت سيارته التي توقفت أمام جامعة لينا وأخذت تطرق بأظافرها المطلية على مقود السيارة في نفاذ صبر ثم زفرت وهي تتابع الوقت يمر ولم تستمع حتى إلى ما يقوله ابن خالتها فإن فشلت هذه المرة لن تستطيع بسهولة أن تفسد الأمر بينهما.
أشعلت المحرك مرة أخرى بعد ربع ساعة انتظرت بها حتى وجدت صهيب بصحبة لينا وهو ممسك بيدها بل وذهب للسيارة ليفتح لها الباب بنفسه مما جعلها تتقد غيظاً وانتظرت إلى أن انطلق بالسيارة فتابعته على مقربة لترى إلى أين سيصلا، المنزل أم سيصطحبها للخارج كما يفعل بتلك الأيام الأخيرة.
"لو خرجوا تدخل وراهم وتعمل اللي اتفقنا عليه، واياك يحس إنك مزقوق مني، فاهم يا تامر؟" 
"ماشي يا ستي بس عالله النهاردة يخرجوا، ما هم مسوحنا بقالهم كام يوم وبيروحوا في الآخر"
"متقاطعش بس" تأففت وهي ترمقه بنظرة جانبية بينما استكملت طريقها خلف سيارة صهيب.
❈-❈-❈
"مكرونة تاني يا لينا، انتي مبتشبعيش مكرونة؟" عقد حاجبيه في استفسار بعد أن أخذ النادل بالمطعم طلباتهما
"بحبها يا اخي، وبعدين دي اول حاجة اتعلمت اعملها واتعودت عليها بقى خلاص" 
"ممم، ويا ترى اتعودنا على صهيب ولا لسه بردو فيه شوية لعبكة كده؟" غمز إليها مازحاً
"آه اتعودت" حمحمت ثم شردت بغير اتجاه عيناه 
"طب بقولك إيه!" تلمس يدها ليرغمها على النظر إليه فهو يعلم أن اقترابه منها يوترها كثيراً "همّ مش لما بيتعودوا على خطيبهم بيقولوا كلام حلو وبيدلعوه، زي يا حبيبي، ووحشتني النهاردة، وحاجات من دي يعني" همس لها في مكر لتتوسع هي عيناها 
"لا بقولك إيه أنا استحالة اقول الحـ"
"لينا!" تحدث تامر ليقاطعها بينما رفع كلاً من صهيب ولينا رأسهما ليتفقدا من الذي يناديها بتلك الطريقة! 


يُتبع..