-->

الفصل الثالث والعشرون - عشق ناضج وعشق مجنون



الفصل الثالث والعشرون



"أنت تعرفني؟" نظرت لينا إليه كما فعل صهيب هو الآخر في تعجب من كلاهما 
"أعرفك! مش عيب لما بعد كل الوقت اللي قضيناه مع بعض تقولي الكلمة دي؟" تصنع الحزن والآسى وكأنه متأثر بالفعل 
"معلش أنا آسفة، يمكن حضرتك تقصد حد تاني، أكيد مش أنا، أو يمكن حد شبهي" ضيقت ما بين حاجبيها وهي لا تزال تشعر بالإستغراب الشديد 
"شبهك!" تهكم وهو يتحدث إليها "أنا يا لينا ممكن اعرفك من بين مليون واحدة، بعد كل حبي ليكي ده تفتكري هشبه عليكي غلط؟" نظر لها بإستعطاف لتشعر لينا بالصدمة مما يتحدث به هذا الرجل 
"أنا مش فاهمة أنت بتتكلم عن إيه بالظبط!" احتدت نبرتها قليلاً ليبتسم تامر في آسى 
"دلوقتي مش فاهمة، طبعاً علشان بقيتي مخطوبة لواحد تاني بقيتي مش فاهماني ولا عارفاني، إنما كلامنا سوا بالساعات ومقابلاتنا وخروجتنا وكل الوعود اللي وعدتيهالي نسيتيها، حقيقي مكنتش أتخيل إن يطلع منك كل ده"
"لا ثواني خروجات وكلام ووعود إيه، أنا معرفكش أصلاً" صاحت به في ضيق ليتعجب صهيب وهو يوزع نظراته بين ذلك الشاب وبين لينا 
"طبعاً متعرفنيش، مكنتش أتخيل إنك إستغلالية اوي بالشكل ده، بمجرد ما لقيتي حد احسن مني سيبتيني في ثواني وبقيتي معاه، علشان هو شاب متخرج وجاهز يتجوزك اتخطبتيله، طب وأنا وكل الكلام اللي وعد"
"أنت إيه اللي بتقوله ده، أنا عمر ما كان فيه بيني وبيك أي حاجة، أنا حتى دي أول مرة أشوفك فيها، أنت مجنون ولا إيه" قاطعته صارخة وهي لا تصدق ما يتفوه به هذا الشاب 
"بعد اللي عملتيه وبعد ما سيبتيني اتوقعت إنك تقولي كل ده وأكتر من كده كمان، بس أنا النهاردة مش جاي علشانك، أنا جاي غلشان الإنسان ده هو كمان ميضحكش عليه زي ما ضحكتي عليا" أخبرها وهو يتصنع اللوم والآسى بنبرته بينما رفعت لينا عيناها في دهشة وصهيب وقتها لم يقوى على التحدث، أيُمكن أن يكون كلام ذلك الشاب صحيح؟! 
"أتفضل شوف بنفسك" القى أمامه مجموعة ورقات طُبع بها محادثات عديدة بين لينا وبين حساب له، وبالطبع كلاهما كانا مزيفان ليجد صهيب عيناه رغماً عنه تتفحص تلك الوريقات التي كانت عبارة عن لقطات شاشة لمحادثات بين هذا الشاب وبين لينا "يا ريت متورطش نفسك مع واحدة زيها إستغلالية وطماعة" أخبره وكأنه ينصحه 
"أمّا انتي بقى فأنا مش مسامحك على اللي عملتيه فيا، بجد يا خسارة يا لينا، خسارة الحب اللي حبتهولك" 
"أنت مجنون ولا بتستهبل، ولا أصلاً عرفتني منين وازاي، انا عمري ما عرفتك ولا شوفتك ولا كلمتك، أنت عايز إيه مني بالظبط؟" صاحت به في ارتباك لتجد صهيب يوزع بين ذلك الشاب وبينها نظرات غريبة لم تدرك معناها 
"اللي عايزه خلاص قولته، يا خسارة، مكنتش أتخيل أبداً إنك تتحولي للشخصية دي" رمقها متصنعاً بإحتقار شديد لتشعر هي وكأنما دماءها تفور من كثرة غليانها بدال عروقها
"ده مجنون رسمي، صهيب أنا، أنا بجد معرفهوش ومعرفش هو جه منين أصلاً" أخبرته في حالة من الصدمة الشديدة وهي حقاً لا تعلم من ذلك الشاب ولماذا فعل ما فعله
حمحم صهيب وهو ينظر لتلك الأوراق ثم دفعها بأنامله في هدوء شديد إليها لتنظر بها لتجد العديد من صورها المُرسلة إلي ذلك الشاب الذي وجدت أن اسمه تامر وكذلك هناك العديد والعديد من الرسائل بينهما ليزداد استغرابها وهي تقلب تلك الأوراق بهرجلة شديدة وهزت رأسها في عدم تصديق وصدمة شديدة لما تراه 
"صهيب، أنا بجد معرفش مين ده ولا إيه الكلام ده، أنا فعلاً معرفهوش" أخبرته لينظر صهيب بشرود أمامه "حتى بص الماسينجر عندي مفيهوش أبداً الإنسان ده ولا عمري كلمته" أخبرته وهي تضع هاتفها أمامه ليقتلها صمته المبالغ به ونظراته الغاضبة التي استطاعت رؤيتها 
"أنت فعلاً مصدقه ومش مصدقني ولا إيه؟" تفحصت ملامحه في صدمة وهي لا تصدق أن صهيب قد صدق ذلك الشاب بمنتهى السهولة "صهيب رد عليا!" صاحت به وأخذت خفقات قلبها في التزايد "أنت مصدقه مش كده؟ مصدق كل اللي هو قاله ومش مصدق كلامي، صح مش كده؟" وهنت نبرتها وملامحه التي ظهرت على وجهه كانت تجعلها تشعر وكأنما الثقة انعدمت بينهما تماماً لتتسارع تلك الخفقات بصدرها وهي لا تدري هل تملكها الغضب أم الحزن الشديد.
نهض صهيب دون التحدث إليها، فضلاً عن أنه لم ينظر إليها أبداً ولكنها كانت تتابع تحركاته بعسليتيها المصدومتان ثم أخرج من حافظة نقوده ثمن ما قد قاما بطلبه منذ قليل وألقاه على المائدة أمامه ثم همس بمنتهى الهدوء 
"يالا علشان هنروح" 
"نروح! بجد!" حدثته بتهكم "لا يا صهيب احنا مش هنروح" أخبرته بثقة شديدة 
"مش عايز كلام كتير و"
"أنا اللي مش عايزة اسمع كلام منك تاني أبداً، من النهاردة بعد اللي حصل ده مبقاش فيه احنا يا صهيب، وإياك، إياك تحاول تعرفني تاني!" قاطعته وهي ترمقه لا تدري بتقزز للموقف الذي اتخذه تجاهها، حُزن على ما فعله، أم حُزن على ما ظنه بها، خاصةً وهو حتى لم يتحدث إليها بكلمة واحدة بخصوص الأمر ولكن كانت ردة فعله كافية لتجعلها تنهض وتجمع أشياءها بسرعة وغادرته بعد أن اتخذت قرارها بأن تقطع كل الروابط التي تجمعهما!
❈-❈-❈
دلفت المنزل بعدما رنت الجرس بنفاذ صبر ولم تتوقف حتى فتحت لها والدتها الباب لترى وجهها بأكمله قد ضُرب بحُمرة غريبة لم تراها من قبل على وجه ابنتها 
"لينا، مالك يا حبيبتي، انتي كويسة؟" سألتها والدتها بينما اندفعت هي كالطلقة المتوجهة من فوهة مسدس حيث غرفتها فتبعتها جيهان وهي تتنهد "اتخانقتي انتي وصهيب مش كده؟" سألتها بينما لم تحصل منها على أية إجابات وأخذت لينا تجمع ملابسها بسرعة شديدة وكل متعلقاتها لتضعها بالحقائب دون أن تجيب والدتها!
"ممكن بس تفهميني إيه اللي حصل؟" سألتها جيهان مجدداً بينما لم تلتفت لينا إليها وسلطت تركيزها على جمع المزيد من أشياءها بطريقة جنونية وهي تحاول الرؤية خلال تلك الدموع المتجمعة على عينتاها فجففت أعينها حتى ترى ما تفعله وأستمرت في جمع متعلقاتها بأكملها لتقترب والدتها منها وهي تتلمس كتفها برقة 
"حبيبتي، مش هتحكيلي؟ إيه اللي حصل يا لينا؟" حدثتها بإستفسار بنبرة حنونة لتلتفت إليها لينا بمنتهى الغضب والحزن بآن واحد 
"هيكون إيه اللي حصل تاني يا ماما؟ تفتكري هيكون إيه؟ كالعادة قلة ثقة وعدم تفاهم وسيناريو بيرسمه في دماغه تاني، للمرة الآلف بيني وبينه بتحصل مشكلة بسبب قلة الثقة اللي بيننا! عرفتي؟ فهمتي كده إيه اللي حصل؟! سيبيني بقى لو سمحتي ألم باقي حجاتي علشان مش هاقدر أقعد في بيت واحد معاه ولا دقيقة واحدة!" صاحت بها لتنهمر الدموع من عينتيها ليتفاقم قلق جيهان ونظرت لها بتعاطف بينما توجهت ابنتها لتكمل ما تفعله منذ أن عادت من الخارج
"طيب يا حبيتي استني لبكرة وكمان علشـ"
"لا مش هاستنى" قاطعتها صارخة بحرقة "أنا عملت حساب أكتر من مرة ليكي ولبابا، وصبرت واديت فُرص وضحكت على نفسي وأقول معلش أصل أنا وهو لسه مفيش ما بيننا تفاهم وهيجي مع الوقت، لكن خلاص أنا مبقتش أقدر استنى أكتر من كده، مش هاستنى لغاية ما في يوم يصدق عليا حاجة أكبر من كده" 
"هو إيه اللي حصل يا لينا ما تفهميني وأرجوكي بطلي الغاز وأنا مش قادرة استحمل منظرك وعياطك ده، حاولي تهدي وتحكيلي اللي حصل" لم تستطع جيهان الإنتظار أكثر وخاصةً أن كلمات ابنتها دفعتها للقلق أكثر 
"معرفش يا ماما، معرفش واحد جه منين وبيقول إنه كان على علاقة بيا، ويقولي مكنتش اتصور إنك تسبيني علشان صهيب، أنا معرفهوش وجاب صور conversation ما بيني وبينه، بس مش ده اللي مضايقني، صهيب صدقه، صهيب حتى مفكرش يتكلم معايا أو يسألني، كل اللي قاله اننا هنروح و.." توقفت من تلقاء نفسها لتبكي بمرارة بعد أن أطنبت بالحديث والكلمات تطاير من بين شفتاها بسرعة شديدة لتنظر لها جيهان في آسى ثم أقتربت منها لتعانقها ليتعالى نحيب لينا 
"ليه يا ماما مفيش ما بيني وبينه ثقة؟ ليه مش بيثق فيا؟ أنا حكيتله كل حاجة، اديته كل الأسباب علشان يثق فيا، كنت صريحة معاه في كل حاجة، حاولت اسمعه واديله فرص كتيرة، بس أنا مش هاقدر استحمل على كرامتي اكتر من كده" تحدثت بين نحيبها 
"أنا طول عمري محترمة زي ما انتي مربياني، وطول عمري مبخبيش حاجة عن اللي بحبهم، وحتى لو كنت عرفت حد كنت هقولك وهاقوله ومش هاخبي حاجة زي دي، لكن أنا زهقت بقى من كتر تفكيره الغلط وعدم الثقة اللي بيننا أنا بجد خلاص مبقتش مستحملة كل ده، هو ليه مش حاسس إني فعلاً بحبه، ليه بيعمل كل ده؟ أنا.." اختفت كلماتها بين شقاتها لتزيد جيهان من قوة معانقتها لها 
"اهدي بس يا حبيبتي وإن شاء الله كل حاجة هتتحل بينكو وبكرة تـ."
"لا يا ماما" قاطعتها لينا وفرقت عناقهما بلهجة حادة قاطعة "لا مفيش بكرة ولا بعده، لو صهيب هيفضل كل ما موقف يحصل يشك فيا وطول الوقت معندهوش ثقة فيا يبقى مافيش لا بكرة ولا بعده، ومافيش حاجة ما بيننا تتحل، أنا خلاص مبقتش عايزاه ولا عايوة الخطوبة دي،وحتى لو بحبه" ابتلعت بمرارة بين بكاءها لتتابع "بس طول مافيش ثقة بيني وبينه يبقى علاقتنا ببعض مالهاش لازمة" 
أخبرتها ثم اتجهت لتكمل وضع متعلقاتها بالحقائب لتتابعها جيهان بعينتيها وهي لا تدري كيف تطلب منها أن تنتظر أو تتحدث معه بالأمر وهي من ربتها على الثقة والصراحة دائماً، يبدو لو أن ما تخبرها لينا به صحيحاً ربما لن تستطيع أبداً أن تحاول في إنهاء هذا الشجار بينهما!
تنهدت ولم تستطع أن توقفها بينما اتجهت للخارج وأوصدت باب غرفة لينا في هدوء لتجد أمجد على مقربة من الغرفة وعيناه تُفيضان بالعديد من التساؤلات لتزُم هي شفتاها في ضيق وزفرت زفرة مطولة وهي تقترب منه بينما بداخل عقلها تحاول انتقاء الكلمات التي ستتحدث إليه بها! 
"إيه اللي حصل يا جيهان؟ اتخانقوا على إيه المرة دي؟" سألها وهو ينظر إليها ملياً وعقدة حاجباه عكست الإنزعاج الشديد على ملامحه 
"المرة دي غير كل مرة يا أمجد، هاحكيلك بسرعة لأني لازم امشي مع لينا!" اجابته ليحلقا حاجباه في دهشة ولكنه تريث ليستمع للمزيد من التفاصيل منها وتوجها سوياً لغرفتهما حيث يستطيعا التحدث!
❈-❈-❈

"يعني بقالك أسبوع مبتروحيش الجامعة ولا حتى بتخرجي معايا ولا عايزة تقري روايات ومشحططة جي جي يا عيني ما بينك يوم وبين عمو أمجد يوم، مش ناوية تفكيها بقى شوية؟"
"رولا، أرجوكي متخلنيش أندم إني كلمتك!" تأففت وهي تتحدث إليها بالهاتف 
"طيب حقك عليا متزعليش" تنهدت ونبرتها مليئة بالإعتذار الشديد وتدل على الندم الصادق "يا لينا أنا بس مش حابة أشوفك في المود ده كتير، ومتضايقة جداً وانتي كده، مش علشان يعني مشكلة حصلت مع صهيب يبقى خلاص هتوقفي حياتك يعني، إن شاء الله بكرة تتصالحوا وتكونوا كويسيـ"
"لأ مش هنتصالح ومش هيبقالي أي علاقة بالإنسان ده غير إنه ابن بابا وبس، ولو سمحتي متجبيش سيرة الموضوع ده تاني يا إما فعلاً هبدأ اتجنب الكلام معاكي" قاطعتها غاضبة
"يا سلام، وهو يعني صهيب هيفرق بيننا ولا إيه؟" سألتها في تعجب شديد لتدرك لينا أنها ما كان عليها التحدث بما تفوهت به
"أكيد مقصدش كده" زفرت في حنق وأوصدت عينتيها ثم هزت رأسها في تخبط مما تشعر به وكذلك ما قالته "بصي، أنا، أنا،" حاولت الوصول لتوضيح مناسب ولكنها زفرت مجدداً "أنا حبيت صهيب بجد، ومش عارفة أنا ممكن أشوفه تاني ازاي، وماما بجد صعبانة عليا اوي، تبات هنا يوم معايا ويوم عند بابا، وبابا كويس جداً معايا بس أنا مش قادرة بجد أرجع البيت وحاسة إني أنا السبب في إن ماما مش قاعدة هناك على طول ومتلخبطة وحاسة إني غلطت لما سمحتله يقرب مني وراسي وجعتني بجد من كتر التفكير، أنا ماكونتش عايزة كل ده يحصل، أنا كنت فاكرة إننا هنكون مبسوطين و..." توقفت عن الحديث عندما باغتتها احدى دموعها التي انسابت وسط حديثها لتشعر صديقتها بمدى معاناتها 
"طيب اهدي وبلاش تعيطي يا لينا علشان خاطري" أخبرتها بتعاطف شديد 
"مش عارفة يا رولا أعمل إيه! بس أنا استحالة أرجعله تاني، أستحالة أتكلم معاه، ماما بحسها بتحاول كل شوية إني اديله فرصة أو بتحاول تخليني ارجع البيت بس أنا مش قادرة بجد، كل حاجة حصلت بسرعة، مشاكلي معاه اللي مش بتخلص، أنا عمري ما كنت راسمة لنفسي التجربة دي وأنا كده لسه صغيرة والموضوع متعب بجد والموقف اللي ماما فيه بسببي مش كويس ومش عارفة فعلاً أعمل إيه" حدثتها في حزن ولكنها أخرجت كل ما تشعر به وكل ما تُفكر به دفعة واحدة لتشعر بالقليل من الراحة 
"أنا فاهمة إنك متلخبطة أوي، وعارفة إنك بتحملي نفسك مسئولية جي جي كالعادة، بس ممكن تخرجي من القوقعة اللي عايشة فيها اليومين دول؟ ارجعي الكلية ونخرج وعيشي حياة طبيعية علشان تعرفي تفكري صح، أنتي دلوقتي أكيد عمالة تفتكري كل اللي حصل بينكو وكل اللي عدى عليكوا سوا المواقف الحلوة والوحشة وده بيشتت ومش هيخليكي تاخدي قرار صح يا لينا في اللي جاي، وبعدين يا حبيبتي مش حل إنك تفضلي في بيت وطنط في بيت، شايفة إنكوا هتفضلوا طول عمركم كده يعني؟" 
"أكيد لأ!" أجابتها بهدوء
"طيب يا حبيبتي، حاولي ترجعي كده واحدة واحدة تعملي كل حاجة أنتي بتحبيها وعيشي حياتك عادي ومع الوقت هتبتدي تفكري صح وتشوفي كل حاجة أوضح وساعتها شوفي هتعملي إيه" 
"ماشي يا رولا حاضر" تنهدت وهي تخبرها بنبرة مستسلمة 
"يعني هتيجي الكلية بكرة؟" سألتها بحماس
"آه إن شاء الله"
"وبعدها بقى ناكل وبعدين آيس كريم" أخبرتها بمزيد من الحماس
"لو قدرت بعد الكلية نروح مفيش مشكلة" 
"بقولك إيه صحيح، هو صهيب لسه بيكلمك؟" سألتها لتستمع لزفرتها
"معرفش أنا عملتله block في كل حتة وحطيته كمان في الـ black list، وأرجوكي بقى متجبيش سيرة الموضوع تاني" صاحت بها لتشعر رولا بغضبها 
"خلاص بالراحة، يا ساتر عليكي" زفرت في تأفف "صحيح، عندي ليكي بقى حتة رواية هتفرفشك خالص وتنسيكي كل حاجة"
"بتتكلم عن إيه؟! ارغي!!"
❈-❈-❈
"هو أنا هافضل اتصبح واتمسى بالبوز ده لغاية امتى بقى؟" 
"أكرم مش وقتك الله يكرمك" تأفف صهيب وهو يُسلط تركيزه على حاسوبه 
"وامتى بقى وقتي وأنا كل ما اجي اتكلم معاك الاقيك مصدرلي الوش الخشب، ما تروق كده يا عم صاو صاو، مكنتش يعني خطوبة اللي تعمل فيك كـ"
"أكرم!" قاطعه محذراً وهو ينظر إليه برماديتان حادتان 
"يا عم ما بالراحة! أنا غلطان يعني علشان جايلك اعبرك وأسأل فيك!" 
"متشكر يا سيدي، روح بقى على مكتبك وسيبني أشوف شغلي" أخبره وهو لا ينظر إليه بعد أن تظاهر بأنه يعمل ولكنه في الحقيقة لا يستطيع التركيز بأي أمر سوى علاقته بلينا التي تدمرت تماماً 
"طيب نتكلم جد ما دام الهزار مش جايب سكة معاك" أخبره ليزفر صهيب متآففاً "لسه لغاية دلوقتي مش عايزة ترد عليك؟" سأله ليومأ له الآخر بإقتضاب نافياً "طب ما تروحلها يا صهيب وتتكلم معاها وتفهمها إنها فهمتك غلط" 
"مش عايز اعمل مشاكل يا أكرم، أنا سايبها تهدى شوية وبعـدين هابقى اتـ"
"ولا بعدين ولا قابلين، لو سيبتها تهدى هتقول إنها مش فارقة معاك، أنا عارف دماغ الستات كويس! أنت مفيش حل غير إنك تروح وتطب عليها وتجيب من الآخر" قاطعه مسرعاً
""أنا مش عايز أعمل كده غير لما خلاص يكون ده الحل الوحيد" 
"أنا مش فاهم أنت مستني إيه بعد ما قفلتها في وشك من جميع الجهات، متبقاش بارد واسمع الكلام وروحلها بكرة بيت مامتها وهات من الآخر، ومتنساش بقى الحركات التافهة وورد وشوكولاته والحبتين دول بيجيبوا نتيجة حلوة" 
"أكرم، سبني في حالي وأنا هابقى أتصرف بعدين"
"لا مافيش بعدين، قوم روحلها دلوقتي" أخبره في حماس ثم نهض وأوصد شاشة الحاسوب ليرمقه صهيب غاضباً "بطل تتشاهد في جمالي وقوم روحلها يالا" 
"مش هاينفع اروحلها البيت وهي لوحدها، بكرة هابقى اروحلها الجامعة" 
"ده أنت بارد يا أخي، أنا فعلاً غلطان إني جيتلك" أشار بيده في نفاذ صبر ثم توجه مجدداً للجلوس على احدى المقاعد أمام مكتب صهيب "يعني لا عايز تكلمها ولا عايز تفك وتعيش عادي! أنت يا ابني عايز البنت وبتتزفت بتحبها ولا إيه بالظبط؟"
"أيوة طبعاً عايزها وبحبها" 
"طيب، عرفنا! ومصدق الواد الأهبل ده ولا لأ؟!" 
"لا مش مصدقه!" 
"طيب اهى اتحلت، روح قولها الكلمتين دول وبطل بقى تفكير وبعدين ابقى فكر براحتك"
"لازم أعرف مين اللي ورا إنها تكون بالمنظر ده قدامي" تنهد مُفكراً وقد شرد بالأمر من جديد 
"تلاقيها يا عم واحدة صاحبتها منفسنة منها ولا حاجة" هز أكرم كتفاه بعفوية 
"بس لينا ملهاش أصحاب كتير، هي بس رولا وبنتين في الكلية معاها بس مش قريبة منهم اوي ومظنش هيفرق معاهم خطوبتها" التفت إليه وهو يتمنى أن يُتابع في حديثه بجدية وألا يمازحه مجدداً
"يبقى واحد كان حاطط عينه عليها وعنده شوية أمراض نفسية ولما عرف إنها اتخطبت عمل الحركتين دول" 
"بس يروح يصور الكلام اللي ما بينهم ويجي يديهولي، لو أي راجل حاطط عينه على واحدة مش هايخليها تكون بالمنظر ده قدامي" 
"أف!! أنت عايز توصل لإيه يا صهيب؟" سأله بملل اتضح على ملامحه 
"تكونش سمر؟!" سأله صهيب عاقداً حاجباه ليرفع الآخر حاجباه في تعجب وتريث لبرهة قبل أن يجيبه 
"يخربيتها! هي بجد ممكن يكون تفكيرها شمال اوي كده؟ وبعدين هتعمل الفيلم ده كله علشان إيه يعني؟ فاكرة كده هتسيب لينا وتروح تجري عليها مثلاً؟" تحدث متهكماً ليأخذ صهيب نفساً طويلاً ثم أطلقه بهدوء
"معندكش فكرة هي نفسها شمال ازاي" أخبره متهكماً
"البت دي عايزة إيه بقى! مش كفاية خسرت شغلها! مظنش إنها هي اللي عملت كده!" 
"هنشوف!" نهض صهيب ليتابعه أكرم بعينيه 
"إيه ده أنت رايح فين؟" 
"رايح أشوف هي ولا مش هي!"
"يخربيتك يا أهبل، هتعمل إيه؟" نهض أكرم ليتبعه وهو لا يدري ما الذي يُفكر به صهيب!
❈-❈-❈
"إيه رأيك نروح بقى نودي الحاجات اللي جيبناها دي الشقة؟" غمز لها ممازحاً بينما ادعى الجدية الشديدة وهو ممسكاً بيدها بينما هما جالسان بسيارته ونظر لها بخبث 
"لا طبعاً.. وديها أنت لوحدك!" أخبرته برفض تام ثم حاولت جذب يدها بعيداً ولكنه أمسك بها بقوة 
"خايفة مني ولا إيه؟" ضيق عيناه ناظراً لها لتحمحم ماهيتاب في ارتباك 
"لأ! مش خايفة بس، بس ماينفعش نروح الشقة كده لوحدنا" اجابته في تردد 
"يبقى مش واثقة فيا" أخبرها وادعى الإنزعاج وترك يدها لتتنهد هي في حُزن وخوف طفيف من أن تكون أغضبته 
"يا مازن مش كده، بس ميصحش، يعني، ده هيكون بيتنا اللي هنتجوز فيه، والناس هتشوفنا، وأي اتنين مخطوبين يعني ماينفعش يكونوا كده لوحدهم و، ويعني،" حمحمت وهي لا تدري ماذا عليها أن تقول "مازن متزعلش بس أنا آسفة أنا مش هاعمل كده" 
"طب ما أي اتنين مخطوبين بيجهزوا شقتهم يعني"
"ماشي بس وهمّ معاهم حد"
"حد زي مين؟"
"مامتي، مامتك، حد من الإخوات، باباك، أي حد بس مينفعش نروح لوحدنا" سكت ولم يتحدث إليها ليشعر بأنفاسها المرتبكة ولكنه تركها في تلك الحالة وابتسم بداخله وشرع في قيادة سيارته "مازن أنت زعلان مني؟" 
"لا"
"طيب أنت مش بتكلمني ليه؟" 
"بكلمك اهو عادي، مافيش حاجة" هز كتفاه بعفوية 
"يعني مزعلتش لما قولتلك مش هاروح معاك؟"
"لا"
"طيب مالك كده بترد على قد السؤال! أنت زعلان صح؟"
"والله ما زعلان" زفرت في حيرة ثم شردت أمامها بالطريق بملامح سيطر عليها الضيق ولكن بعد برهة نظرت إليه بعينتين متوسعتين 
"طيب أنت رايح فين دلوقتي؟" 
"رايح أجيب باقي الحاجات، لسه ناقص البراويز اللي أنتي قولتي عليها"
"آه.. صح" أخبرته بإقتضاب ثم عبثت في اصابعها وهي تنظر إليها وطال الصمت لتُفكر هي لماذا أخبرها بذلك وهل غضب من اجابتها أم لا! 
"بتفكري في إيه؟" سألها لتجيبه بإقتضاب
"مافيش"
"ماهي!" التفت ناظراً إليها وكأنه يعلم ما يدور بعقلها ثم أعاد نظره للطريق 
"بصراحة حساك زعلان! وأنا مش عايزاك تزعل، وفي نفس الوقت استحالة اروح معاك الشقة لوحدنا و"
"هششش!! كنت بنكشك!" قاطعها بإبتسامة ونظر إليها سريعاً ثم اعاد نظره للطريق 
"يا سلام! يعني كنت بتشوف هوافق ولا لأ؟" التفتت بمقعدها ناظرة له بإنفعال
"بصراحة، آه!" 
"يعني مش واثق فيا؟" رفعت احدى حاجبيها 
"أكيد واثق فيكي، بس بحب أشوفك وانتي متلخبطة كده مش أكتر" ابتسم بإنتصار "وبعدين كتب كتابنا خلاص كمان اسبوعين، وهتيجي معايا لواحدك يا حبيبتي ونروح في كل حتة براحتنا" غمز إليها لتحاول هي السيطرة على إبتسامة الخجل التي اندفعت تلقائياً على شفتاها 
"طب إيه رأيك بقى، مش هاروح معاك في حتة! ومش موافقة أصلاً على كتب الكتاب!" أخبرته بحنق ثم التفتت مجدداً لتنظر إلى الطريق هي الأخرى 
"يعني خلاص أكلم الناس تاني اللي عزمتهم واقولهم مايجوش؟"
"آه كلمهم"
"طب واهون عليكي اتجوز غيرك، طيب الاقي مين زيك يفهمني كده؟" تغيرت نبرته بينما صف السيارة على جانب الطريق
"آه يهون علشان أنت رخم وضايقتني" 
"وضايقتك ليه بقى؟" سألها وهو يرفع المكابح اليدوية ونظر إليها ملياً متفحصاً ملامحها التي أصبح لا يستطيع التوقف عن الوقوع بعشقها
"تقولي شقة، وبعدين تقولي هاجي معاك لوحدي، وكل الكلام ده.. لا أنا مش موافقة" حدثته بإنفعال ليُمسك بيدها مرة أخرى وهمس إليها 
"وده بقى كسوف ولا عِند وخلاص؟"
"افهمه زي ما تفهمه!" أخبرته بإقتضاب وهي لاتنظر إليه ليُقبل يدها ببطئ بطريقة انتفضت على اثرها مشاعرها
"أنا آسف متزعليش مني" أخبرها هامساً لتجذب هي يدها من يده 
"طيب، يالا كمل عشان نجيب الحاجة" أخبرته وهي تحاول ألا تنظر إليه وقد توردت وجنتيها اثراً لتلك القبلات الغريبة التي قبل بها يدها للتو 
"كل ده علشان بوست ايدك، امال لما ابوسـ"
"مازن! لو سمحت يالا وبطل الكلام ده" صاحت به وقد شعر أنها تعاني والخجل يظهر على ملامحها ليبتسم إليها 
"يعني أكلم الناس تاني واعزمهم؟"
"كلمهم ولا متكلمهومش، المهم امشي وخلاص" أخبرته في توسل 
"حاضر يا ستي، هاكلمهم" توسعت إبتسامته ليشرع بالقيادة مرة اخرى بينما استمع لزفرتها التي تدل على راحتها أخيراً ولكنه لا يستطيع التوقف عن إثارة غضبها وإزعاجها فكلما خجلت سلبت عقله بملامحها التي تتحول تماماً من تلك الفتاة الهادئة لأخرى متوترة ومرتبكة 
"صحيح، بمناسبة الناس، أنا كلمت صهيب أعزمه هو ولينا بس للأسف قالي احتمال مايجيش وأنه هو ولينا زعلانين مع بعض" حاول أن يُغير مجرى الحديث ليتوقف عن إزعاجها 
"إيه ده؟ ليه؟! ما كانوا كويسين يوم الخطوبة وكان شكلهم تمام" نظرت له بجدية متعجبة 
"مرضاش يقول حاجة" هز كتفاه "حاولي كده تكلمي لينا ولو عرفتي توفقي راسين في الحلا يبقالك الأجر والثواب، يمكن ربنا يوقفلنا ولاد الحلال لما نيجي نبعد عن بعض ولا حاجة" مازحها بجملته الأخيرة  
"نبعد! تصدق إنك رخم اوي النهالادة!" زفرت في إنزعاج ليضحك هو على ملامحها المنزعجة "هابقى اكلمها" أخبرته بإقتضاب "بس مش علشانك ولا حاجة، بس علشان فعلاً أنا بحب البنت دي وصعبت عليا من اللي عملته فيها سمر زمان.."
"يا سلام! طول عمرك حنينة يا حبيبتي" رمقته بملامح منزعجة وهي تشعر بتهكمه "مش ناوية بقى تحني عليا أنا كمان وتيجي معايا الشقة؟" أخبرها ممازحاً وتوسعت عينتيها 
"تاني يا مازن! أنت ما بتبطلش كلام في الموضوع ده؟" قهقه ضاحكاً على ملامحها ليومأ لها بالإنكار
"وهافضل اتكلم فيه لغاية قبل كتب كتابنا بساعتين كمان"
"رخم!"
❈-❈-❈
أطلق زفيراً مطولاً وهو لا يدري هل سيصل إلي شيء بعد أن آتى إلي هنا أم لا، هو لا يُصدق ذلك الفتى ويشعر بأن سمر وراء الأمر بأكمله ولكن بنفس الوقت هناك شعوراً ضئيلاً بداخله غاضباً، لا يدري، هل هناك أمر تخفيه لينا عنه أم أن حقيقة الأمر أنه مجرد خدعة! لا يعلم ولا يدري حتى هل ما يفعله صائباً أم لا؟ ولا يدري لماذا آتى إلي هنا من الأساس!
ترجل من السيارة ثم أوصدها وهو ينظر إلي المبنى الذي تتواجد به شقة سمر بتردد، فقد أقلها من قبل يوماً ما عندما أخبرته بأن سيارتها بالصيانة، هو يعلم عنوان منزلها جيداً، وهو قريب من البنك الذي يعمل به على كل حال!
أقترب ليسأل حارس العقار عن شقتها ولقد أخبره في النهاية بعد أن نظر له ملياً بنظرات تفحص وقد ابتكر صهيب أمراً طارئاً بالعمل فاقتنع الرجل به وسمح له بالصعود! 
تردد لبرهة وهو أمام شقتها ولكنه بالنهاية ضغط على زر الجرس لتظهر بعد ثوانٍ سمر وهي تنظر له بدهشة وتلاقت زرقاوتيها بخاصته ليبتسم لها بإقتضاب 
"صهيب! إيه المفاجأة الحلوة دي.. أتفضل" ابتسمت له تلك الإبتسامة المقززة التي يكرهها ولكنه دلف تابعاً إياها وهو يتمنى أن يصل إلي كل ما خطط إليه منذ قليل!

يُتبع..