-->

الفصل الثامن والعشرون - شهاب قاتم

 







الفصل الثامن والعشرون

تنويه : الفصل القادم سيتم نشره على مدونة رواية وحكاية بتاريخ 9 أكتوبر 2020 وسيتم نشر نفس الفصل على الواتباد بتاريخ 10 أكتوبر!

الساعة التاسعة مساءا!!

⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢

~ لا نعلم ما تخبئ لنا الأيام ، قد تقابل شخص واحد يغير حياتك للأبد.

(وليم شكسبير)

⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢


ظنت أنه سيتحدث ولكنه عاد للصمت لتجده يرفع قدماه يجلس القرفصاء ويده تعبث بعنقه دون هدف وكأنما شرد بأمر ما ناظرا بداكنتيه لأرض الغرفة فانتظرت هي بالمزيد من الترقب فهي للتو قد ظنت أنه سيخبرها بكل شيء، هل عاد مرة أخرى لحيله التي لا تنتهي؟ 

"كان فيه ميعاد للخناقة، دايما قبل ما أنزل المدرسة الصبح" غابت نبرته فيما يبدو تلك المشاجرات بينهما لتأتي هامسة وهو يزم شفتاه ورآت الضيق يسيطر على ملامحه 

"مش عارف اشمعنى يعني" هز كتفاه ثم نظر نحوها خلل شعره "فلوس وأحنا مش بنشوفك، طلع من الفلوس اللي بتحوشها لمشروعك، واقعد معانا.. ده الملخص يعني" أخبرها لتلتوي شفتاه في تقزز وهو يومأ بوجهه وتحولت ملامحة للسخرية، هل يسخر من نفسه، ذكرياته، أم من والديه؟ 

ساد الصمت لترى تحركه يزداد ليخفض قدماه مرة أخرى ويده لم تتوقف عن العبث بملابسه وعنقه ووجهه ولكنها لم تستطع إنتظار إنتهاء صمته لتقرر أن تسأله عله يُعطيها المزيد من المعلومات التي قد تُساعد 

"وأنت كنت بتعمل إيه وهمّ بيتخانقوا، وبعد الخناقة؟" حمحم وغابت تعبيرات وجهه تماما وهدأت حركاته ليزفر ونظر بعينيها بشراسة كمن يتفحصها وكأنها لتوها قد غرست به سكين لتنظر له بإستفسار فحصلت منه على ملامح متقززة ولكنها لم تدم طويلا

"بسمع الخناقة وبعدين بروح المدرسة" أومأت له في تفهم 

"كنت بتضايق من الكلام ده؟" نظر لها نظرة ثاقبة متوحشة تتحدث وحدها وكأنه يخبرها أتمزحين! "يعني اللي أقصده لما كنت بتضايق، كنت مثلا بتتخانق مع زمايلك، بتكسر حاجة، أو بتقطع كتبك" توقفت عن الحديث عندما استمعت لزفرته العميقة المنزعجة في ارتباك وامتعضت ملامحه لينظر بعيدا عن عينيها اللاتي تقتلاه وأومأ بالموافقة 

"ساعات، مش دايما" اجاب بإقتضاب ويده اليسرى تمر على كتفه اليمنى مجيئا وذهابا ولا يتوقف عن التحرك حتى بدأت فيروز في فقد السيطرة على تركيزها 

"كنت بتعمل إيه بالظبط؟" سألته بنبرة هادئة ورفعت شعرها بيدها للأعلى كي تبعد تلك الخصلات الساقطة على وجهها لينظر لها بغضب شديد 

"متلعبيش في شعرك" تحدث سريعا بمنتهى الغضب لترفع حاجبيها في دهشة 

"وده أفهم منه إنك بتغير الموضوع ورجعت للف والدوران تاني ولـ.."

"أنا منمتش مع واحدة من أكتر من شهر ونص، حاولي متستفزنيش!" قاطعها بينما نظرت له بصدمة وتباعدت شفتيها وعينتيها المتسعتان لم تتلاقى اهدابهما لثوان "مع إنك مش استايلي خالص، بس واحد كان متعود على مرة واتنين واحيانا تلاتة كل يوم لسنين مظنش ده اخرته هتكون كويسة بالنسبالك" نظر لها بخبث مضيقا عيناه بوقاحة لتبتلع هي وحاولت السيطرة على اندهاشهافحمحمت وتحولت ملامحه للجدية

"كنت بتعمل إيه لما بتضايق؟" يستحيل أن تجاريه فيما تحدث به لتعود مجددا لحديثهما الأساسي ونظرت له بجدية

"على حسب.. أشوف شنطة حلوة مع حد أقطعها، ابوظ الحيطان، اخبي حاجات من زمايلي او اكسرها.. اشخبط على هدوم حد من غير ما ياخد باله.." تثاءب ثم تفحصها مطولا بينما هي ذهب عقلها ليُفكر بما تحدث به، ثلاث مرات! كل يوم! مثل تلك التسجيلات التي رآتها من بدر الدين!! لا هو يمزح!! يستحيل أن يكون كلامه حقيقي.. استمعت لزفرته التي صرخت بالسأم ثم وجدته يلقي بجسده على السرير أمامها 

"تفتكر كان عندك كام سنة ساعتها؟" لم تستطع النظر لملامحه ولا ملاحظتها بسبب ابتعاده عن نظرها بعد أن استلقى على الفراش

"ست سنين من ساعة ما ابتديت المدرسة.. افتكر كانت.." اجبها بنبرة لم تظهر بها أية مشاعر ثم ظهرت الصعوبة بالنهاية عليه "آمال كانت وأنا أصغر من كده بتحاول الخناق ميبقاش قدامي، أو يمكن أنا اللي مش فاكر" تثاءب مرة أخرى والقى بساعده على جبينه 

"طيب شهاب أنت محتاج تنام؟" سألته بإكتراث حقيقي

"لا.. أنا مش عارف أنام أصلا" اجابها بصدق 

"طيب نتمشى على البحر شوية" أخبرته بنبرة هادئة كمجرد إقتراح فهي أولا لا تريده في حالة الخمول تلك، ثانيا وضع الغرفة بمزج ما تحدث به عن ممارسته للجنس لن يكون جيدا لأي منهما!

"ماشي" نهض ثم توجه بصحبتها للخارج واضعا يداه بجيوبه في صمت شديد كلا منهما يُفكر في أمر الآخر..

كيف انساب الكلام منه هكذا بمنتهى السهولة؟ أكان كل ما عليه فعله أن يأخذ ذلك القرار؟ لم يكن يتوقع أنه يجالسها هكذا ويقص عليها بمنتهى الصراحة وبمنتهى الصدق كل ما حدث له.. كيف حدث ذلك؟!

عليها أن تستغل ذلك المزاج سريعا وقبوله بالإنفتاح للكلام بمنتهى السرعة والدقة في آن واحد وعليها أن تكون الآن الأخصائية النفسية دون تشتت!!

"شهاب، لو مش هيضايقك، ممكن تقولي في الخناقات دي كان باباك أو مامتك بتعرضولك بأي نوع من أنواع العنف.. ضرب أو.." ولم تكمل جملتها ليومأ لها بالنفي بملامح استطاعت أن تقرأها بقليل من الصعوبة في قتامة الليل ولكنه كان صادقا 

"باباك ومامتك، حد فيهم كان بيصلي، أو بيقرا قرآن؟" التفت مبتسما لها بسخرية ابتسامة مقتضبة ثم أعاد ليرمق البحر بقاتمتيه ليومأ بالموافقة 

"آمال" اجابها وملامحه ادهشتها، من الواضح أن الأمر لن يكون هينا أبدا كلما تحدثا عن والدته "وبعدين انتي قولتي إن علم النفس ملهوش علاقة بالدين" التفت لينظر إليها بنصف ابتسامة ثم عاد لينظر نحو البحر مرة أخرى لتفاجئه هي بالوقوف أمامه مباشرة وابتسمت له ربما أجمل إبتسامة رآها بسنوات حياته بأكملها لينظر لها في وله تام لم يلاحظ أيا منهما إياه!

"أولا أنا مبسوطة جدا إنك بتكلمني بصراحة، مبسوطة إنك ادتني ثقتك.. لو عليا ولو كان ينفع كنت وقفت الوقت علشان أفضل أسمعك.. ثانيا علم النفس مالهوش علاقة بالدين.. بس أنا بحاول أعرف أنت حياتك كان فيها جزء ديني زمان ولا لأ.. سواء مسلم، مسيحي، يهودي.. أيا كان، أنا بس عايزة أعرف كان فيه إهتمام بالجزء ده في حياتك في يوم من الأيام ولا لأ!" حمحم ليفيق نفسه من الشرود بتفاصيلها ثم زفر بإبتسامة 

"متتبسطيش أوي كده.. أنا لسه موثقتش فيكي.. وكل الحاجات القديمة دي ملهاش لازمة بالنسبالي.."  عقد حاجباه لأنها لم تتوقف عن الإبتسام بتلك الطريقة المستفزة التي جعلته فجأة يود أن يُقبل إمرأة فالتفت بعيدا ومدد جسده على احدى المنامات الموضوعة أمام الشاطئ فتبعته هي وبداخلها تقرر أنها لن تسمح إليه أبدا بالهروب 

"ماشي هصدقك.. قولي بقى.. مامتك كانت بتقولك تصلي وبتعلمك الصلاة ولا لأ؟" سألته بينما جلست على منامة قاربت التي تمدد هو عليها بجسده ليومأ لها في صمت دون تعابير تُذكر 

"مش فاكر اوي بصراحة.. بس كانت بتقولي اه"

"ممكن أقولك على حاجة؟" سألته ليرفع احدى حاجباه وأخفض ساعده عن جبينه ليومأ لها وقد لاحظت الإرهاق واضحا للغاية على تقاسيم وجهه 

"لما اتكلمنا من كام يوم على وجود ربنا، أنت مش حكاية مش مؤمن ولا مصدق إن مفيش ربنا" حمحمت وهي تنظر لملامحه الساخرة "أنت جازع، زعلان، غضبان عليه.." تناولت شهيقا ثم زفرته وهي لأول مرة تواجه بشيء مثل ذلك "أنت زعلان من كل حاجة ليها علاقة بمامتك.." تريثت لثوان ولكنها لاحظت أنه سيتحدث فأوقفته سريعا

"أنت ذكي، ملامحك وطريقتك وحياتك من حياة أب وأم فاشلين مع ابنهم الوحيد لرجل أعمال زيك.. استحالة يكون كل ده حظ!! عايزاك بس تدي نفسك عشر دقايق تفكير كل يوم في الموضوع! واقرا الكتب اللي قولتلك عنها.." قلبت شفتاها بتلقائية بينما كانت نظرتها متوسلة "هتغير رأيك!" 

"أم فاشلة مش أم وأب!.. وواضح إنك بتحبيها أوي علشان بتدافعي عنها بإستماتة كده" رمقها بسخرية ثم تفحصها بصعوبة بين جفنيه بحدقتيه القاتمتين لتتوسع ابتسامتها هي 

"مش هاخوض معاك في حقوق مرأة، ومين اللي المفروض يشتغل وميشتغلش ومين اللي المفروض يصرف على البيت، بس أنا دلوقتي خلاص عندي طفل، مامته ملهاش مصدر دخل، أظن طنط آمال عمري ما سمعت انها بتشتغل.. يبقى المفروض باباك زي ما كان راجل طموح، كان لازم برضو يديلك حقك.. أنت وهي كنتو مسئولين منه في الآخر!" نظرت إليه بجدية ليبتسم في سخرية 

"هي اللي مستحملتش.. لو كانت صبرت ومرحتش خانته يمكن كانت كل حاجة اختلفت" همس متألما وهو يبتعد عنها بوجهه ليوصد عيناه 

"طيب لو فاكر، ممكن تحكيلي يوم الطلاق بالظبط حصل إيه؟" التفت إليها ناظرا لها بإنزعاج شديد من تلك الذكرى التي حولت حياته لجحيم

"قولتلك اتخانقوا.. زي كل يوم.. كانت تعبانة يومها الصبح وأنا زي العبيط كنت خايف عليها.. كنت فاكرها عندها برد.." ابتسم بإحتقار على ذاك الطفل التافه ثم تابع "كان عندي تمن سنين، كنت في تالتة ابتدائي! جيت البيت ولقيتها مشيت.." تنهد بمراراة ثم تابع "طبعا علشان كنت صغير والدي قالي انها راحت تتجوز واحد تاني.. كان خايف افهم صح.. بس بعدها تاني يوم.. فهمت كل حاجة!" ابتلع وهي تراقبه لتلاحظ ذلك النتوء بعنقه يخلف تحركات في جلبة شديدة 

"زي أي راجل بيعرف بخيانة مراته ليه، اتعصب عليها وطردها من البيت وطلقها قدام الناس في الحارة!" حمحم ثم نهض كمن يهرب من أمر ما لتتبعه هي مسرعة لتراه يتوجه داخل غرفته مرة أخرى فتوقفت هي بجانب الباب لتتفقده وكادت أن تخبره أن يتوقف عن الحديث لو أراد ولكنه باغتها بتناوله لقداحة واحدى السجائر ليشعلها وبدأ في تدخينها بنهم شديد

"ادخلي" لم تحبذ تلك النبرة الآمرة بملامحه التي يبدو عليها الغضب والآلم في آن واحد ولولا أنه بدا صادقا للغاية لما كانت امتثلت آمره.. 

توجهت لتجلس على احدى الكراسي بينما لم يجلس هو ووقف بجوار الشرفة ولكنها استطاعت رؤية بعضا من ملامحه بسبب وقفته الجانبية 

"كل الناس عرفت، واللي أنا مفهمتهوش يومها الناس فهمهوني كويس اوي.. لمدة سنتين كانوا بيفهمهوني" تزايد غضبه ولاحظت هي صدره الذي علا وانخفض في سرعة متزايدة عن الوضع الطبيعي فامتثلت الصمت وتركت له كل الوقت الذي يريده 

"تاني يوم لما روحت المدرسة!" استنشق من سيجارته بشراهة واكفهرت ملامحه بعنف ثم تابع زافرا دخانه "لا من ساعة ما نزلت من البيت، بصات غريبة، والأمهات نفسهم والجيران بيبوصولي بطريقة معرفتش انساها لغاية دلوقتي.. لدرجة إن كان فيه واحدة جارتنا بعدت ابنها عني كأني شيطان!" شرد تماما في تلك الذكرى السوداء وتعالت وتيرة أنفاسه 

"أنا مكونتش فاهم كان فيه إيه، ومكونتش أصلا قريب من حد.. بس اليوم ده بعد ما خلصت المدرسة.. أنا كانت أول مرة في حياتي اتخانق، أضرب حد، حاولت بس معرفتش! كانوا أكتر مني" حمحم بعد أن انتبه من غفلته ليُدرك أنه كان صريحا للغاية معها، أين ما قرر أن يتبعه معها؟ لماذا يقص إليها كل شيء بمنتهى السهولة هكذا؟ 

خلل شعره بعنف ثم اقترب من الشرفة والقى ببقايا السيجارة التي تحول تبغها إلي رماد وهو شاردا في تلك الأيام السوداء ثم وجه لها ظهره وأتأخذ من الصمت حصنا بينما لم تتوقف رأسه عن استدعاء تلك المشاهد البغيضة وتلك الآلام التي لا يزال يشعر بها إلي اليوم مما حدث بسبب والدته، لو فقط احد يعلم حقيقة ما حدث بعدها، لن يكون أمام الجميع ذلك الرجل الذي يهابه ويحترمه الناس!

"شهاب" همست بعد أن ذهبت لتتوقف خلفه ليلتفت لها بملامح غضبها مرعب وتنفسه شابه اللهاث الغاضب لتلاحظ تكون بعض قطرات العرق على جبينه وكاد أن يصرخ بها لتقدم له بعض الماء وهي تنظر له بملامح داعمة 

"اشرب شوية مياة" قدمتها إليه ليرمقها ثم رمق المياة وعاد مجددا ليبحث في عينيها اللعينتان عن شيء لا يدري هو نفسه ما هو، وما إن ابتسمت إليه وهي تقرب المياة منه شعر وكأنه مُقيد، مُكتف بالعديد من الأغلال، تلك الإبتسامة واحدة، تلك العينين قيد يعبث برأسه، أما عن ذلك الآلم بداخله الذي جددته مرة أخرى ليشعر نفس تلك المشاعر الذي شعر بها يوما ما، وآخر الأغلال هو ذلك الإصرار الذي يصرخ به أن يصفعها أو حتى يقتلها وينتهي من أمره..

يشعر بالإختناق، يشعر وكأنما ما كان عليه الحديث معها، تنفسه لم يعد مثل السابق، هو يعلم أن أكبر خطأ بالحياة أن يثق بأحد، ولكن هل يثق بها إلي تلك الدرجة؟! 

تناول المياة وهو يحاول أن يستعيد سيطرته على نفسه لتبتعد فيروز وعادت لكرسيها وظلت منتظرة عله يتابع ولو أنها ليست على ثقة من أنه سيفعلها بعد كل ذلك التأثر الشديد.. ولكن ما الذي دفعه للتحول هكذا؟!

ود لو صرخ، لو تحدث بكل ما حدث له، يريد ولو لمرة.. مرة واحدة فقط أن يقص الأمر على أحد.. أسيستجيب لذلك الضعف بداخله؟!

"اتخانقنا أنا وهمّ بعد كلام زي الزفت سمعته منهم، مكنش قدامي غير الطوب اللي في الأرض، ضربت اللي ضربته، هدومي اتبهدلت.. ولحقنا مدرس كان معدي بالصدفة.. يومها أنا مش قادر أنسى كلمة واحدة.. هنوريك بكرة يا ابن الـ.." 

حمحم بعد أن توقف من تلقاء نفسه وأنفاسه أصبحت لاهثة بعنف وتحولت ملامحه للشراسة وعادت قطرات العرق والإنفعال على وجهه من جديد، نظر نحوها بطريقة لن تنكر أنها دفعت خفقات قلبها للتسارع! 

"امشي اطلعي بره" عقدة حاجبيه التي نظر لها بها وداكنتيه القاتمتين وهو مطأطأ برأسه هكذا وينظر نحوها بنظرات حادة كالصقر كانت كفيلة بأن ترسل إشارات الحركة لقدميها لتفر ناهضة دون عقل ولا وعي منها ولم تطل حتى النظر إليه كي تنتهي بسرعة من تلك الملامح القاسية المهيبة 

"تصبح على خير" حاولت أن تتظاهر بعدم الخوف ولكن هيهات!! هي لم تشعر كذلك من قبل ولم ترى تلك النظرات بحياتها، حتى يوم تهديده إليها لم يبدو مخيفا مثل الآن..

أسرعت عندما شعرت بخطواته السريعة خلفها لتأخذ هي الأخرى خطوات أسرع وهي تتمنى ألا يأتي خلفها وتوسلت أن تكون المسافة بينهما كافية ولكن ما جعلها تطلق زفرة راحة وأوقفها عن الهرولة هو صوت الباب الذي خرق صوت صفعته أذنيها بشدة!

أخذت أنفاسه في الهدوء رويدا رويدا ثم خلع قميصه القطني ليلقي به أرضا وذهب ليشعل احدى سجائره وكاد أن يُجن.. كيف فعلها؟ كيف تلك اللعينة أخرجت منه تلك الكلمات؟ هو لم يُخبر أحد بالأمر أبدا.. كيف فعلتها هي؟!

⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢

أكتوبر عام 1992

"بابا.. هي ماما فين؟"

"ماما مشيت يا شهاب" حدثه والده بشجن

"مشيت ازاي يعني، دي كانت هنا الصبح!"

"قالت إنها مش عايزة تعيش معانا، ولمت هدومها ومشيت وقالت إنها عايزة تعيش مع واحد تاني"

"ازاي.. أنا عايز اروحلها" تجمعت الدموع بعينيه

"يا حبيبي هي مش بتحبك ولا بتحبني، قالت إنها مش بتحب تعيش معانا علشان أنا مش معايا فلوس وهتروح لعمو تاني معاه فلوس اكتر مني.. بلاش تكلمها يا شهاب"

"لا يا بابا ده مش صح، هي مش هاتسبنا، وديني بس عندها وهي هترجع معايا" صرخ به في براءة وشرع في البُكاء

"اسمع كلامي يا شهاب، بلاش تكلمها، ماما لو كانت بتحبك كانت اخدتك معاها.. هي سابتك علشان عايزة اولاد غيرك وعايزة تروح تعيش مع واحد تاني غير بابا"

"لا خليني بس اكلمها وهي هتيجي تاني.. انا عارف إنها بتحبني" ازداد بكاءه ليعانقه والده

"لو كانت عايزة تيجي مكنتش مشيت يا حبيبي وكانت استنتك، بطل عياط يا شهاب.. مش أنت راجل زي بابا وشاطر في المدرسة" همس مهمهماً بين بكاءه ليفرق والده العناق وهو يجفف دموعه ونظر له

"بكرة لما بابا يبقى معاه فلوس كتيرة مش هتحتاج لحاجة، وأنت هتكبر وتبقى شاطر زيي وتشتغل معايا في الشركة وهتساعدني وهيكون معانا فلوس كتير حتى اكتر من اللي مع مامتك.. صح؟" أومأ له شهاب وهو ينظر له ببراءة

"يعني أنا مش هاكلمها تاني؟" سأله في حزن وانهمرت احدى دموعه

"لو رجعت في يوم وملقتنيش في البيت من غير ما أقولك مش هاتزعل مني؟" أومأ له بالموافقة "مش المفروض قبل ما بمشي بقولك؟" أومأ مجدداً ليتابع والده "علشان أنا بحبك عمري ما سيبتك ولا هاسيبك، إنما هي مش بتحبك وزهقت مننا.. معلش يا حبيبي متزعلش" أجهش شهاب مرة أخرى بالبكاء ليعانقه والده مرة أخرى

"يالا يا حبيبي روح أعمل واجباتك، علشان تبقى شاطر.. يوم ما هي تشوفك راجل كبير وشاطر ومعاك فلوس هتتمنى لو بس تسلم عليك وهتجري وراك علشان تعيش معاك!" حدثه كرم 

"طيب أكلمها من عند المحل اللي تحت، أطمن عليها بس، والنبي يا بابا" توسله شهاب وهو يبكي بحرقه 

"يا حبيبي متعيطش علشانها، دي متستاهلكش يا شهاب.. عارف.. دي في بطنها طفل من واحد تاني.. عارف ده معناه إيه؟ معناه إنها بتحبه ومش بتحبك، لو كانت بتحبك وبتحبني مكنتش عملت كده من ورانا" تعالت شهقاته ولكنه لم يفهم ما الذي يتحدث به والده وتوالت دموعه كشلالات جارفة وهو ينظر بعيني والده يريد تفسير، ألديه أخ آخر؟ أم هو فقط لا يعني كيف ببطنها طفل، هو لا يعي الكلمات.. 

"يالا اسمع كلامي خش غير هدومك وأعمل واجباتك" مسح كرم على شعره ثم تركه عندما سمع خبطات على الباب 

"يا بشمهندس.." سمع صوت رجولي ينادي عليه 

"ادخل جوا يا شهاب وروح اعمل اللي قولتلك عليه.. يالا" صاح به بحدة ليفعل شهاب على الفور خوفا من والده الذي قد صفعه من قبل مرة ولا يستطيع نسيانها ولا يُريد إعادة تلك التجربة المريرة مرة أخرى ولكنه ظن أنها والدته فوقف بجانب باب الغرفة في الظلام ليسترق السمع

"إيه يا ابني.. أنت بخير؟" تحدث أبو يوسف الذي لتوه دلف شقتهم البسيطة وترك حقيبتان على احدى الأرائك التي بدأت في الإهتراء ولم يجبه كرم "جبتلك كده عشوة بسيطة لحد ما ربك يفرجها"

"تشكر يا أبو يوسف" أخبره بإقتضاب

"هو حقيقي اللي سمعناه ده كـ.."

"الله يكرمك يا أبو يوسف متجيبش السيرة.. دي واحدة واطية واحمدوا ربنا اني مموتهاش بإيديا" قاطعه مُدعيا الغضب الشديد 

"بس يا ابني مراتك طول عمرها ست كويسة و.."

"طول عمرها بتكدب.. طول عمرها كانت مستغفلاني.. ويا خوفي لا تكون بوظتلي الواد وكانت بتعمل كده قدامه" قاطعه مرة أخرى 

"يا ابني أنت متأكد؟" 

"جرا إيه يا أبو يوسف.. فيه راجل يقول على مراته إنها زنت مع واحد تاني من غير ما يكون متأكد؟ الوسخة جايالي حامل وأنا ملمستهاش من تلت شهور!" احتلت الصدمة ملامح الرجل ليومأ في حزن وتلمس كتفه بيده ليحاول أن يهون عليه 

"أنا كنت ناوي أشرب من دمها.. بس فكرت في ابني، فكرت مين اللي هيربيه واحنا ملناش حد.. يوم ما ادخل السجن في واحدة قذرة زي دي مين هيربي الواد اللي حيلتي" 

تقهقر شهاب بساقيه النحيفتان للخلف وهو يبكي، أحقا كانت والدته تكرههما؟ أتركته؟ ألن يراها مرة أخرى؟! ولكن.. لا يستطيع أن يُصدق.. 

تكور على نفسه جالسا باحدى اركان الغرفة الضيقة ونحب في صمت لفترة لم يدري كم كانت، شهقاته لا تتوقف.. لا يُصدق أنه لن يراها مرة أخرى.. لا يعرف كيف سيتحمل التواجد وحده.. لقد كانت تُمثل له كل شيء، فهو بالكاد يرى والده! بالكاد يجالسه.. مع من سيبقى الآن؟!

"شهاب.. يالا علشان مدرستك" استيقظ في خوف وهو لا يدري ما الذي يحدث له على صوت والده الحاد ليدرك أنه قد غرق في النوم دون شعور "أنت مغيرتش هدومك من امبارح.. قوم وريني!!" رفع ذلك الغطاء الخفيف من عليه لتتحول ملامح كرم للغضب الشديد "هتلبس إيه دلوقتي وأنت رايح بعد ما عملتها على نفسك؟" جذبه بعنف ليُنهضه رغما عنه 

"ادخل اغسل نفسك بسرعة والبس أي حاجة تسترك علشان تروح المدرسة.. وإياك.. إياك تكررها تاني.. سامع" صرخ به ليرتجف شهاب وهز رأسه وحاول ألا ينظر نحوه 

"سامع يا بابا سامع" همس في رعب 

"يالا على الحمام" صاح به ليرتجف ثم فر مسرعا ليفعل مثلما آمره والده..

لم يجد سوى ذلك السروال المنزلي فهو لم يكن يملك سوى ملابس يرتديها ليجلس بها بالمنزل وبالرغم من قصر طولها ولكن كان هذا كل ما وجده فمشي في شعور بالخجل وهو يسير نحو مدرسته ليرى الجميع ينظروا إليه نظرات غريبة كمن يريدون الإبتعاد عنه.. ولكن لا يدري أهذا بسبب ما يرتد أم ماذا!

"أمك عاملة إيه ياض.. أبويا بيسلم عليها!!" سمع احدى الأصوات ليلتفت نحوها ولكنه وجد هؤلاء الفتيان الذين لا يكره أكثر منهم بمدرسته

"ده واد ابن وسخة.. مش وسخة ولا إيه" 

"ابعد عنه.. سامع!" رآى احدى النساء اللاتي يعرفهن تجذب ابنها نحوها بعيدا عنه وكأنه سيصيبه بمرض ما وهو يدخل من بوابة المدرسة الصغير "إياك اسمع إنك كلمته" 

"واد يا شهاب.. عندنا فرح وعايزين نجيب رقاصة.. ما تشوف أمك بتاخد في الليلة كام واهو يبقى جيبنا حد معرفة ومروحناش بعيد" تعالت القهقهات من هؤلاء الصغار ليينظر إليهم بإنكسار وتوجه نحو الفصل في رعب من تلك الأصوات..

كان يوما مليئا بالسُباب، مليئا بضحك كريه، لم يستمع لصوت أبشع منه أبدا، كان يود أن ينتهي اليوم بأسرع وقت حتى يعود كي يبتعد عن تلك الأوجه الساخرة منه وعن أصواتهم التي سببت له مشاعرا لم يكن ليدركها طفل في عمره وأنتظر بفارغ الصبر كي يرن جرس نهاية اليوم وما إن استمع إليه حتى توجه بسرعة للخارج قبل أن يواجه المزيد منهم..

"خد ياض رايح فين.. استنى عايزينك" ناداه احدى زملاءه بينما حاول الهرولة ليجد المزيد منهم ملتفون حوله "أمك كانت بتنام مع رجالة وانت بتعـ** عليها؟" صاح احدى الأولاد ليحاول شهاب الهروب بينما دفعه احدهما ليسقط على رصيف اسمنتي قد تأثر خلال سقوطه ليتمزق سرواله فوق ذلك الجرح الذي تلقاه 

"يالا سمعوه الأغنية.. يالا ياض أنت وهو" صاح هذا الشيطان الصغير ليتبعه البقية خوفا منه فهو أكبرهم عمرا في الثانية عشر من عمره، بعد أن أخفق بهذا العام أربعة مرات وبسبب والده البلطجي ذائع الصيت بالمنطقة أصبح الكل إما يهابه وإما يصادقوه..

صاح جميعهم بما يماثل أغنية ولا تحمل سوى السُباب له ولوالدته لينظر لهم جميعا بلهاث طفولي غاضب ثم لمح بعينه احدى الاحجار على الأرض ليُمسك بها ثم القاها على ذلك الكريه في غل شديد فهو لم يعد يتحمل منذ صباح اليوم كل ما يحدث له 

"يا ابن المرا الواطية انت بتضربني.. طب وحياة امي لأكون مبهدلك" صاح نفس الفتى الذي قد انسابت الدماء من رأسه وبدأوا في ركله بأقدامهم ليصرخ هو متألما وكان عددهم أكثر من أن يُلقي على جميعهم المزيد من الاحجار بنفس الوقت ليجد من بدأ في لكمه ومن أخذ في جذب حقيبته المهترئة بالفعل ومن يثبت جسده بعنف

"إيه ده يا ولد أنت وهو.. وسعوا بسرعة" هنا تدخل احدى المدرسين وشهاب يبكي بين أقدامهم "قوم أنت كمان ويالا على بيتك.. واياك اشوف واحد فيكو يكلم التاني" صرخ بهم لينفضوا ليعدو شهاب سريعا بعد أن أمسك بحقيبته أو بالمتبقي منها ليصيح خلفه الشيطان الأكبر بين هؤلاء الفتية 

"طب وشرف أمي لا أكون معلم عليك بكرة.. لو راجل تيجي توريني نفسك" 

لهث بعنف ما إن دلف منزلهم وهو يحاول أن يلتقط أنفاسه من تلك المسافة التي قطعها ثم شعر بالرعب ما إن رآه والده ولكنه أطمئن لأنه يعلم أنه لن يعود سوى متأخرا مثلما يفعل كل يوم فأخذ يغير ملابسه سريعا وهو يحاول إخفاء البنطال الذي لن يصلح بعد اليوم لإرتداءه وكذلك اخفى حقيبته وبدل ملابسه بملابس منزلية فهو لن يخاطر بأن يرى والده تلك الملابس القديمة ولا الحقيبة التي فسدت تماما، فهو لطالما لا يعطي له الأموال ولطالما تشاجر مع والدته بسبب ما يريده وما يحتاجه حتى ولو أمر بسيط!

في صباح اليوم التالي الثاني عشر من أكتوبر 1992..

"يخربيتك ده أنت نهارك أسود.. نايم وسايب النور مفتوح.. هادفع أنا كل ده كهربا منين.. اتفضل قوم علشان تروح المدرسة!" صاح به كرم لينهض في فزع وهو ينظر له في تردد 

"بابا أنا تعبان.. مش عايز أروح المدرسة" تحدث بنبرة مهزوزرة وهو يبتلع في خوف مما قد يجده والده في فراشه وهو يجذب على جسده النحيف الغطاء

"نعم يا أخويا.. وناوي تبقى راجل ازاي لما تقعد في البيت زي النسوان" أطلق زفرة غاضبة ثم توجه نحوه مقتربا منه "شهاب متعصبنيش.. أنت شاطر وناصح، مفيش حاجة اسمها تقعد يوم من المدرسة.. هيفوتك دروس ومش هاتفهم اخدوا ايه.. وأنا معنديش وقت وبشتغل بدل الشغلانة تلاتة علشان في يوم اجيبلك كل اللي انت عايزه.. يالا قوم بسرعة علشان متتأخرش، واياك عقلك يسولك إنك تزوغ من المدرسة وإلا هموتك" 

"يوم واحد والنبي" همس في توسل شديد ولم ير كرم وقتها ذلك الرعب بعينيه 

"هي كلمة واحدة هاقولها.. قوم فز على مدرستك" صرخ به لينظر شهاب إليه في حسرة

"حاضر يا بابا"

"قوم يالا" صاح به مجددا بينما لم يتحرك شهاب ليلاحظ والده قبضتاه على الغطاء فجذبه ليجده قد تبول أثناء نومه مرة أخرى "تاني.. مش قولتلك اياك تعملها" أمسك بأذنه يجذبها في عنف

"غصب عني.. غصب عني.. مش هاعملها تاني.. آه بالراحة يا بابا أبوس إيدك" همس في رعب وارتجف جسده 

"ثواني والاقيك جاهز واياك تحصل تاني!.. جتك القرف عيل معفن" نظر له بتقزز ثم تركه خلفه ليشعر شهاب بالمزيد من الخجل والخوف في آن واحد

كان يود أن يهرب، ألا يذهب للمدرسة، لا يريد أن يعيش يوم أمس بأكمله، ولكن كل ما أراد الهرب منه حدث مجددا!

بالكاد تحمل حتى نهاية اليوم ليلم أشياءه في تلك الحقيبة البلاستيكية بدلا من حقيبته فهو لم يجد أيا ما يصلح سواها وهرع سريعا لخارج المدرسة حتى لا يتعرض لما تعرض له أمس ولكن ما كان ينتظره كان أعظم!

وجد هؤلاء الفتية بجانب الطريق مرة أخرى ملتفون حوله كل منهم يُمسك بعصا أو حجر ليتقدم ذلك البغيض الذي القى عليه الحجر بالأمس.. 

"من سكات يابن الخاطية تيجي معانا يا إما هوريك الويل" حدثه ليقترب منه البقية ثم أخذوا دفعه ليُجبر شهاب في خوف على الذهاب معهم حتى وجد نفسه يقف بجانب قطعة أرض عجت بالقاذورات وبجانبه مبنى غريب ولكنه خال من الناس تماما

"روقوه بقى على اللي عمله فيا، وروني شطارتكو.. بقا ابن المعلم رجب يضرب! أنا هوريك" حدثه بمنتهى الشر ليجتمع عليه الجميع وتهاووا عليه بالعصي والركلات واللكمات حتى قارب شهاب على الإغماء 

"تشكروا يا رجالة" حدثهم ذلك الصبي بشر "امسكهولي بقى وقلعوه" فعلوا ما أخبرهم ليُمسك بعصا ودسها بعنف بخلفيته بين صراخات شهاب التي مزقت حلقه وسرقت منه آخر ما تبقى من طفولته وسط ضحكات هؤلاء الفتية الذين صرخوا فجأة واحدة وتركوه مهرولين عندما أخذ ذلك المبنى في الانهيار ليشعر شهاب بالمزيد من الرعب لتلك الإهتزازات العنيفة التي صاحبت اهتزازات جسده من كثرة بكاءه ليجبر نفسه على إزالة تلك العصا بعيدا بيده بالرغم من آلمها المبرح ونهض وهو يحاول الإبتعاد بصعوبة بالغة بعد تلك الآلام التي تعرض لها..

⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢

عودة لليوم الحالي.. السابع من أكتوبر 2019

أين كانت هي وقتها؟ أين ذهبت بعد أن كانت معه؟ فجأة ذهبت لتترك له لا شيء سوى عهرها! وطفولة منتهكة؟

لقد ظن الجميع يومها أن ذلك من تأثير الزلزال الأرضي الذي ضرب البلد بأكملها، ولكن لم يكتشف أحد يومها أن هناك زلزال من نوع آخر قد ضرب به وبكل ما فيه ليتحول بعد ذلك اليوم لشخص آخر تماما!

لماذا يتذكر ذلك من جديد؟ تلك الذكرى التي حاول أن يتناساها منذ سبعة وعشرون عاما!! أكان سيصارح فيروز بحقيقة أنه تعرض لمثل هذا العذاب على يد صبية؟ مجرد صبية فعلوا به ذلك!! 

ولكنه لم يتهاون.. لم يتهاون مع أي منهما.. لقد انتقم.. لقد سمعهم يصرخون ويبكون بمنتهى الجبن والضعف مثلما كان يبكي بين أيديهم! 

لن ينسى أبدا عندما أشعل النيران بأجسادهم بآخر يوم في سنته الدراسية.. أي بعد عامان كاملين!! 

شهاب لا ينسى انتقامه دائما، لا ينسى من أساء إليه.. ويا ليته وجد يوما من أحسن إليه!

مسح تلك الدموع المنهمرة على وجهه وهو يحاول أن ينظم أنفاسه، وازدادت قتامة عيناه الداكنتان في غل شديد.. ليقرر داخله أنه لن يسمح لمخلوق أن يقترب منه مجددا.. ولا حتى هي.. ولا غيرها!! وحتى لو كان على علم واقتناع تام أنه مريض، مريض منذ ذلك اليوم الأسود الذي لن ينساه أبدًا طالما لا تزال روحه بجسده!!

⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢

#يُتبع . . .

تنويه : الفصل القادم سيتم نشره على مدونة رواية وحكاية بتاريخ 9 أكتوبر 2020 وسيتم نشر نفس الفصل على الواتباد بتاريخ 10 أكتوبر!

الساعة التاسعة مساءا!!

ملحوظة.. 

الفصل 4100 كلمة بس مقدرتش أكتب أكتر من كده نظرا لما يحمله الفصل من صدمات بشعة!!