-->

NEVER LET ME GO 3 (AFTER BURN) - الفصل الرابع عشر (الجزء الاول)


 الفصل الرابع عشر (الجزء الأول)


الحقيقة هي؛

أن كل وحشٍ قابلته أو ستقابله أبدًا،

كان يومًا بشرًا، بروح في نعومة الحرير وخفته..

لكن، أحدهم سرق نعومتها وتركها على هذه الصورة..

لذلك، في المرة القادمة التي تلتقي فيها واحدًا منهم، تذكر هذا دائماً!!..

لا تخَف ممَن أمامك،

بل خِف، ممَن خلقه!!


-نيكيتا جيل-

•¤•¤•¤•


أجفلت فرائصه بسؤالها الباهت، وترك رنينه وقعًا مُرهب في نفسه، جعل ملامحه تتقلص ويظللها الظلام .. ظلام روحه المرهقة من هذا الحِمل الجسيم .. عذرًا عزيزتي، فعمق هذا الظلام لا نهايةً له!!


صَدَمتُه .. لا ينكر، فلم يتوقع أبدًا مبادرتها بهذا السؤال .. وتردد بذهنه هذا الاسم .. "بن ويلسون" .. ومن بعدها توالت على ذهنه الأحداث تِباعًا، منذ بداية الاتفاق على حادثة الاغتيال، وحتى استخلاصه لها من وسط هذه النهاية الدموية.


❈-❈-❈


روبرت:

- وماذا تقترحون أن نفعل؟ 

أجابه أحدهم: 

- "بن ويلسون" موضوع علي قائمه التصفيات الخاصة بي، وقريبًا سيلحق بالجحيم .. فما المشكلة أن نحلقهما معًا حتي يؤنسا بعضهما البعض؟؟ 

أدهم: 

- انا سأتولى أمرها، حذاري من أحد التدخل!

سأله أحدهم: 

- و"بن"، ماذا نفعل معه؟ 

اجاب بلامبالاة: 

- افعلوا ما يحلوا لكم، لا شأن لي به!


❈-❈-❈


تم اقتحام الموقع من قبل صف اضافي من السيارات المصفحة، وبالطبع لم تكن لـ"أدهم"؛ ذلك لأنها نشرت طلقاتها صوب "فريدة" و "بن" قاصدين موتهم .. وفي ذلك الوقت، كانت الفرقة المهاجمة الأولي قد تم تصفيتها باستثناء أربع أفراد .. وكذلك رجال أدهم، كان قد قُتل منهم الكثير، وتبقي معه أقل من 10 أفراد، أما رجال الشرطة فكانوا جميعهم أموات، باستثناء الضابط الذي بقي يحمي "فريدة" و "بن" .. لعن "أدهم" من بين أنفاسه، فهذه هي الخدعة التي تحدث عنها "عادل" قبل حدوث كل هذا .. لقد تمت خيانتهم .. ومن الواضح أن "براون" و"جاستن" كونوا تحالف واحد لتصفيه "فريدة" و "بن" .. ولا يستبعد هو أيضا!!


❈-❈-❈


تجنب التأخير في إجابتها كيلا ترتاب فيه، وتلفظ بصوتٍ أجش، أثقلته عثرات هذا الماضي اللعين:

- كلا فريدة .. لستُ أنا!!


طالعها .. كانت تبدو هشة، ترمقه بعينٍ خاوية .. للحظات، بقيت ترمقه بهذه النظرة بينما تقف أمامه، تشد حول جسدها الغطاء الصوفي بقوة، وكأنها تنشد الاختفاء عن عينه .. رأسها متخم، وثقيل إلى أبعد حد .. تشعر أنها بصعوبة ترفع حِمله فوق جسدها .. مثقل بومضات خافية، تحوي أشخاص من ماضيها، وها هي تحتدم داخلها هناك، تتصارع بضراوة، تتغذى على جدران جمجمتها، تمتص ما بقي من أعصابها وتعقلها، وتنهش فصوص مُخِها بالتناوب، في سنفونية قاتلة تزيد من وطأة هذا الصداع اللعين!!


بالكاد اعطته ايماءة، ومضت تجرّ قدميها جرًا .. وقبل أن تبتعد عِدة خطوات، أوقفها صوته الرخيم وهو يصرح بقتامة، واستطاعت من موقعها هذا -ودون أن تلتفت له- أن تشعر بمدى الظلام المنبعث منه:

- هذا لا يعني أنني لم أقتل أُناسًا آخرين، فريدة!! 


كان لزامًا عليه أن يقول هذا، حتى وإن كان يعني القضاء على ذرة الأمل التي يحملها في علاقتهما .. إذا فُتحت أبواب الحقيقة على مصرعيها، فلا مفر من فتح كل جروحها دفعة واحدة، وإبادة أي ثغرات كذب تشوهها، إبادة جماعية، هذا إذا كنت حقًا تنشد حياة شافية لما فات!!


حدق بتيبس جسدها، وأعدَّ نفسه لتوابع ذلك، أعدَّ نفسه للجزء الأصعب والأكثر ظُلمه في قصتهما .. إلا إنها فاجأته حينما أكملت طريقها برتابة، وكأنها لم تسمعه مطلقًا!!


وفي تلك اللحظة، قدّرت كثيرًا نصيحته لها مسبقًا .. حقًا جهلنا ببعض الأشياء قد يكون نعمة في بعض الأحيان .. لقد تخطت حدها هذه الليلة، لم يعد بإمكانها سماع المزيد من الهراء عن حياتها، اللعنة على حياتها، هل تسمي هذه حياة؟! .. هذا فيلم!! .. وفيلم لعين أيضًا، مؤلفه مختل، ومخرجه غشيم، وابطاله مجموعة من الحمقى ردئّ الأداء .. لذلك، كان من الأفضل لها أن تنام .. فهذا حقًا لن ينتهي بشكل جيد، ليس لها .. بل له!!

 

❈-❈-❈


- هل أنتِ بخير فريدة؟؟

- لا .. انا احتاجك!!

ضغطت شفتيها مره اخرى إلى شفتيه، ولكن تلك المرة بقوة .. احتاج تلك المرة ثانية، قبل أن يبادلها قبلتها بأخرى نهمة متلهفة، بينما يشعر بالرغبة تتقد بجسده .. ابتعد عنها وهو يتأملها بنظرة ثاقبة: 

- ديدا، أنتِ تقلقيني؟!

كانت تلهث وهي تقول بنبرة اشبه بالتوسل، تقطر احتياجًا وغبة: 

- اريدك أن تمارس معي الحب .. الحب، وليس الجنس!!

حاول احتضانها ليهدئها وليساعدها علي العودة إلى النوم، ولكنها تمسكت بيده بقوة وهي تقول بيأس: 

- من فضلك .. انا اريدك .. توقفت لتطالع عينه للحظة ثم اكملت بجدية اظهرت مدى هشاشتها، خاصة بعد ان خانتها عينها وهربت دمعة منها لتزيد عينيها احمرار: 

- احتاجك الان اكثر من اي وقتا مضى !!


❈-❈-❈


تجمد عقله تمامًا باللحظة التي سأله والده بهمسٍ جاد وهو ينظر بعينه بينما يودعه: 

- هل تعلم شيئًا عمَن تكون؟؟

مشيرًا بطرف عينه إلى فريدة التي كانت تقف بالخلف .. اطال ادهم النظر لها حتي ارتابت بنظراته، قبل أن يعود ليقابل والده ويتمتم بنبره مظلمة: 

- أنت لن تخبرها!!

- بالتأكيد لن افعل .. ولكن اريد ان اخبرك شيئا ، يجب ان يكون لديك مخطط جيد للأمور .. فبعد ما رأيته اليوم ، تيقن بان تلك الفتاة لن تتقبل الحقيقة ادهم !!


❈-❈-❈


- هل كنتي تريدين الهرب حقا؟؟

- كنت أريد رؤيتك!

ظهر القليل من الاهتمام علي ملامحه ليشجعها علي الاستكمال بهدوء معاتب:

- اردت فقط ان تعطيني تفسير واحد لكل تصرفاتك الغريبة معي .. لم اتوقع قط انك ستوافقنِ بذلك وتأتي ، ولم يرد بحسباني انك ستفعل ما فعلته الليلة .. توافق فقط لتؤلمني بهذا الشكل .. لما تريد إيلام دائما ادهم ؟؟

- لأنني اتألم!

- وهل هذا يخفف ألمك ؟؟لا ، واللعنة بكل مرة أؤذيك ، الألم يزيد هنا.


❈-❈-❈


- أتعلم أمرا؟ نحن نشبه بعضنا ادهم ، نحن نشبه بعض .. ولكني أشجع منك .. نعم ، انا اشبهك بكل هذا الالم ولكني ما زلت امتلك تلك الشجاعة للحب .. لقد أحببتك منذ اول لقاءٍ جمعنا!   

 ابتسمت بحزن بائن يتقطر ألما وهي تضيف: 

- اذا كنت قد عشقتك بالسابق ، وانت تخبرني بكل لحظة كم انك سادي وقاسي عنيف ، لا تلتمس طريقا للحب .. فأنك اكاد اذوب بك شغفا الان ، بعد ان كشفت لي عن ذلك الظلام القابع وراء كل هذا .. كُن ما شئت ادهم، قوي، قاسي، لا تستطيع الحب .. قاوم وعاند اي تيار يشدك لعكس ذلك .. انكر واهرب من دروب العشق، والتعلق وفخاخه .. لكني لن افعل، لن اكون مثلك ادهم .. لقد قلتها لك وسأظل ارددها مهما فعلت، مهما حاولت الظهور لي بمظهر النذل الحقير، الذي لا يستحق الحب .. سأظل احبك اعشقك وأموت شغفا بك ، ﻷنك ببساطة تستحق هذا الحب أدهم .. ولن تنجح ابدا في دفعي لتبديل تلك الكلمة بالكره .. انا افهمك جيدا ادهم، انت تستحق ذلك الحب .. الامر لا يتعلق بعدد الاوغاد الذين حاولوا أن يثبتوا لك عكس ذلك، اعرف جيدا ما يعنيه هذا ، ﻷنني سبق وجربته .. ان يستمر البعض بإرسال رساله واحده لك طوال حياتك ، انك لا تستحق الحب ، وانه بالاساس لا وجود لشيئا يسمى الحب .. دعني انا أخبرك بالحقيقة، يوجد حب أدهم .. وانا إن أخترتك بحياتي أن أحب شخصا واحدا ، سأحبك انت فقط .. لا تقولها انت ، لكن انا لن ايأس قط من قولها .. اترك لي تلك الشجاعة لقولها .. انا أح....     

 - انـا أحبـك!!

بتر كلمتها وهو يزأر بها بدلا عنها هذه المرة ، بنهيجٍ غاضب محتج ، يتخلله تلعثم كمَن يتفوه بتلك الكلمة ﻷول مرة بحياته ، وكأن لم تعرف طريقا للسانه قبل هذه اللحظة !!

   

❈-❈-❈


- أنتِ مجنونة!!

لم يفهم ما بها وقد بدأ يتيقن من جنونها حقا .. فهي تارة تضحك بمليء فمها ، وباللحظة التالية تبكي ؟! .. احتضن وجهها بحب وعاطفه ، يمسح دموعها وقبل أن يسألها شئ .. تمتمت هي بسعادة لا تحتمل :

- انا أحبك .. أحبك جدا أدهم .. ولا أريد شئ سوى من هذه الحياة سوى حبك!


❈-❈-❈


- اعتذر بشده فريدة ، ولكن هذا ما انا عليه!! .. واعتذر لكوني هذا الاناني الذي لا يليق بكِ ومع هذا يأبى تركك.

- اسمعني جيدا ادهم .. فريدة لولا وجودك -بتسبيب من الله- لم يكن لي ذكرا الان .. لذلك انا أؤمن بأنني وجدت من أجلي مثلما انا وجدت من أجلك .. هذا ما يجب ان تؤمن به انت ايضا!!


❈-❈-❈


- لا أدهم .. توقف .. توقف .. لا تفعل هذا ارجوك .. ارجوك أدهم لا تفعل .. ارجوك لا تهدم ما بيننا بهذه الطريقة!! 

زمجر بها بشراسة لتصمت وهو يحاول إفلات رأسه من بين يديها وسمعت صوت حزامه يفتحه اسفل منها فصرخت مره أخرى مستغيثه واصابعها تتشبث به: 

- لا لا ارجوك لا تفعل ارجوك ادهم لا تفعل اللعنة انا احبك ارجوك لا تفسد هذا الان !!

عندما وجدت جسده قد تشنج جراء حديثها اكملت وهي تحتضنه وكأن روحها تعتمد عليه وقد اختلطت دموعها بعرق جبينه : 

- انا احبك ادهم لماذا تفعل بي هذا .. انت ايضا تحبني لقد اعترفت لي لقد اخبرتني انك تحبني .. اخبرتني انك لن تعاود فعل هذا مرة أخرى اذا لما تفعله الان؟؟


❈-❈-❈


- أكـرهـك!!


❈-❈-❈


أطاح بكأسه السادس -وربما العاشر- في ظلمة المحيط، ليحارب تلك الكلمة اللعينة التي دون ما طاف بذهنه من ذكريات، حبذت هي أن تختم توابع ذكرياته العاشقة معها واستبّقت باستماته لتطن بأذنه، تنخر عقله، وتهدم لحظات الصفو الهشة التي بالكاد يحظى بها .. متجاهل تمامًا أن تلك الذكريات هي صدقا كل ما يدخر من هذه الحياة العاهرة!! 


بالثُلث الأخير من الليل، لم يكن يعرف حقا ماذا عليه أن يفعل بعدما تركته هكذا معلقًا بالجحيم وذهبت .. كل ما يعرفه أنه إذا لم يطفئ رأسه بالكحول سيطيح بجسده نفسه في الماء .. وهو ما يقاوم حقا فعله .. وما حال دون ذلك، عقله اللعين الذي تآمر ضده واختبأ خلف اسوار قلبه، ومكثوا هناك معًا، أحدهم يعرض عليه اللقطات الثمينة التي جمعتهما لتهفو روحه بينها، والآخر يعزف ألحان الموت على أطلالها!!


واتخذ هو كرسي المشاهد البعيد!!


تشعبت الشعيرات الحمراء بعينه، ومازالت تلك الكلمة التي تمثل له الموت تطفو حوله برنين مهلك .. يقبض روحه ويسلبه الحياة .. انها تكرهه؟! .. انها تكرهه حقا .. معها كل الحق .. لا يلومها مطلقا .. ولكن لما واللعنة لم تسمح له بأنه يخبرها عن الجانب الآخر بعلاقتهما؟ .. الجانب الصادق على وجه التحديد؛ فرغم الأكاذيب التي كانت تنسج حياتهما إلا أن هذا الجانب لم يمسسه أي تعكر!! .. فكم من مرة احتدمت علاقتهما ووصلت ذروتها، وحال دون انهيارها جانب الشغف المتقد بينهما، ليُحييها كلما اوشك نبضها على الانعدام؟؟  


اللعنة، يعرف أن ذلك لم يكن ليشكل شيئًا لديها .. لقد رأى هذا بعينها .. نظرة الازدراء الخالصة .. ومع هذا، كان يحتاج لذلك .. روحه كانت تحتاج لتخاطب روحها .. لتُعرّفها على ما مضى، ربما كانت تنجح في تذكيرها بالرابط المقدس الذي كان يجمع أرواحهم رغم كل شئ!!


إلا أن ما لقاه منها لم يكن سوى الكراهية الحارقة .. أنكرت دون تفكير أي عاطفة بينهما .. ليس عقلها، بل الكراهية هي ما حكمت سلوكها .. فحتى عقلها كان ليرى الحقيقة .. مثلما فعلت دائما معه .. أجل، هذه كانت حبيبته، أيما فعل، كانت تمنحه الفرصة كاملة، للنهاية كانت كذلك .. كانت تحتوي جرحه، تبرر على لسانه، وتقرأ ما بروحه دونما حديث .. كان تعرفه أكثر من نفسه .. تخاطب روحه، لا عقله، ولا حتى قلبه .. تلك هي فريدة .. تلك هي معشوقته التي هوى قلبه بها!!


تلك التي شَفته من العفن العالق بروحه بسحر تعويذتها الآسرة .. انتشلته من الدائرة الفارغة التي ظل طوال حياته يدور في مدارها دون أمل للخروج منها.


دائرة عدم استحقاق الحب!!


والده، عاهرة والده، ليتي، الجميع عمل بجدارة على تعزيز هذا وتغذيته أينما وضع قدمه .. سحقا لهم جميعًا، لم يهتم .. لم يهتم حتى آتت هي وأثبتت له العكس!! .. زرعت الأمان مكان الخوف، واستبدلت الألم بالحب!! .. وهو صدقها!! .. صدق انه يستحق الحب، فقط لأن ملاك مثلها قد أحبه!!


أما صاحبة النظرة الزجاجية التي لا تنفك أن تنكسر أبدًا .. ليس له بها قبيل!! .. أخبرته بإجحاف أنه لا يستحق حبها .. مثله لا يستحق الحب مطلقا .. بالأساس، هو والحب لا يتفقان!! .. لديها كل الحق في ذلك .. اللعنة مَن قد تحب وغد مريض مثله؟؟ .. وفوق كل هذا قاتل!! .. باختصار، إذا ظن يومًا أنها احبته في السابق، فهو واهم!!


اللعنة على ذلك من هنا، وحتى الجحيم السابعة!!


هذه المرة أفرغ ما بقي من زجاجة الويسكي داخل جوفه حتى فاضت على حلقه وتشرب بها قميصه .. ليلهث بعد ذلك كغريق يكافح الموت بعد أن طوح بالفارغ .. قبض على قلبه موضع وشمها مرددًا بين ثنايا نفسه، يخاطب شياطينه الجالسين بالداخل:

- اللعنة عليك .. الآن تنبض بعهر وأنت ترى عشقها قد مُحيّا من عينها وقلبها .. سحقًا لك، متى كنت بهذا الاستسلام والضعف؟! .. تجلس وتنتحب كالمخنثين دون أن تفعل شئ!! .. الأولى لك أن تتعفن بالجحيم، على أن ترضى بكراهيتها بعدما كانت كلها لك!! .. إذا لم تسمح لي ذاكرتها اللعينة باستعادة فريدة خاصتي .. فلا مفر إذًا من خوض كل الحروب اللازمة للظفر بشغف فريدة الجديدة!!


فليكرهه من في الأرض جميعًا إلا هي!! .. كرهها له والموت واحد .. ألا تعرف أن ما ينبض داخل أضلعه، ينبض فقط لأجل حبها؟!


❈-❈-❈


لا يعرف حقًا كيف انقضى الليل عليه، ليقابل شمس يومٍ جديد .. بدت له شمس باردة، خلاف سابق الأيام التي قضاها مع فريدة .. يمكن لأنها تغيبت عن لقاءهما الصباحي المعتاد منذ أسبوع .. لم تستيقظ كعادتها مع بزوغ الفجر لتمارس طقوسها الروحية التي تساعد في رَتّق شيئا روحه الممزعة .. تغيبت اليوم ليشغر بالفراغ يتسع داخله وانه قد والت أيام متعته المسروقة قبل الاصطدام، وقد حدث بالفعل أمس!!


وقف بأعصاب متآكلة أمام غرفتها،  يضرب بعقله كل الاحتمالات الممكنة واللاممكنة لمزاجها الآن .. فقد أوصدت ستائر نوافذها لأول مرة ليلة أمس، ولم يسمع لها صوت .. ولنكن صادقين، رأسه تحترق حرفيا الآن مما يطوف بها من خيالات، وبالكاد استطاع تأخير اللقاء للصباح .. يعرف أن ما افضح عنه لم يكن بالسهل مطلقًا، وانه من الوارد تردي حالتها النفسية الآن .. ولكن هيا، بالنهاية كان لابد لها أن تعرف كل شيء!!


ابتلع حسرته، وهو ينتبه للباب يفتح لتطل عليه .. حسنًا، لم تكن كما تركها بالأمس .. بل كانت أسوء!! .. تبا ما هذا؟!


اللعنة عليّ!!


لعن تحت أنفاسه وهو يمسحها بنظرة حارقة بينما كانت تستند بإرهاق مُضني على إطار الباب .. شعرها المجعد أكثر تشعثًا وقد تشابك على ما يبدو .. كانت تحدقه بالنظرة الفارغة ذاتها، ورغم عيونها المحتقنة ككتلة دم حمراء، وكأنها تحبس شيء وحشي داخلها .. إلا أن ملامحها صماء، تخلو من أي أثر للحياة أو حتى أي شعور .. وكم حطمه هذا؛ كونه أصبح عاجز عن اختراق افكارها والتنبؤ بما يموج داخل رأسها .. فقد اندثرت تلقائيتها، لم تعد شفافة كما عهدها، لم تعد فريدة التي حفظها عن ظهر قلب .. شيئًا ما بداخلها لم يعد كما كان، شيئًا هو حطمه، شيئًا قضى به على البراءة التي ألفها قلبه .. شيئًا تراءى له الآن أن استرجاعه دربًا من دروبً المستحيل!!


إذا كان قد قضى ليلتك في الانتحاب على فريدة صغيرتك وافتقاد احتوائها وتفهمها .. فكن متيقنًا أنه لم يبق منها شيئًا لتمنحه لك .. بالأساس هي الآن في حاجة مضجعه لمن يمنحها!!


تحمحم ووجد نفسه يسألها وهو متيقن من الإجابة:

- كيف تشعرين اليوم؟؟

- ماذا تظن بحق الجحيم؟!


حسنًا، هذا تماما ما كان يتوقعه .. الآن فقط اطمئن عليها .. هي بخير، ما كان يجعل الخوف ينهشه هو هدوئها وصمتها .. أما الآن، فهي بخير تمامًا!! .. أخذ نفس هدأ به حواسه ثم أخبرها وهو يبتعد بخطوات سريعة:

- بما أنه ليس هناك تأمل اليوم، دعينا نفطر مباشرةً!!


❈-❈-❈


كان يتجاهل الشحنات المتنافرة التي تتقافز داخل أوردته ويسعى لصرف نفسه عنها قدر المستطاع بينما يقوم بتقطيع وخلط ثمرات الفاكهة ليصنع منها سلاط كنوع من التغيير .. شعر بالذنب يدب عميقًا اتجاهها حينما شكت تمررها ليلة أمس من تناول السمك المستمر على مدار أسبوع .. وبدء يذهب تفكيره في كونه قد يتسبب في الاضرار بصحتها إذا تمادى في هذا وتصرف بأنانية .. ليحسم قراره بأخبارها عن المخزن الاحتياطي .. تبا، لن يكون ذلك أسوء مما أعترف به أمس!!


لمح طيفها يعبر الحاجز الرخامي لتقف بجواره في المطبخ وبدت كالضائعة، لا تعرف ماذا تفعل، هذا بخلاف هيئتها الكارثية طبعا .. لم تغير أي شئ من مظهرها، فقد ارتدت تلك الكنزة الثقيلة التي تغطيها من اصابعها وحتى ركبتيها لتخفي ما بقيا بسروال قطني لما تقم بثني أطرافه على غير العادة!!


توقفت يده تلقائيا وسرحت عينه في تأمل مظهرها الغريب .. هو لم يعتاد على رؤيتها بهذا ال...يعني رآها في أسوء حالاتها .. لكن الآن تبدو حتى أسوء من هذا .. تبا ما هذا؟! .. وهذا الكنزة هو لا يتذكر أنه سبق أن أعطاها لها .. مما يعني أن يديها اعتادت على أخذ ما يحلو لها من خزانه .. حسنا، هو لا يمانع، فطالما عشق رؤيتها داخل ملابسه .. ولكن لما كنزة شتوية؟؟ .. تبا، هل تشعر بالبرد؟!

- هل مازالتِ تشعرين بالبرد؟؟


جفلت من سؤاله المباغت لتُسقِط كوب (النسكافيه) الذي كانت منهمكه في اعداده تزامنًا مع خروج صرخة فزعة لترمق بعدها تهشم الكوب بعينٍ ملتاعه وقد أربد ما حدث كل خلية بجسدها.


صدم من ردة فعلها المبالغ فيها، وهو يراها قد تجمدت بموضعها، تكمم فمها بأصابعها وجسدها ينتفض ومازالت عينها معلقه بموضع الزجاج المهشم .. وما ان تحرك حتى رمقته بالنظرة الفزعة ذاتها التي سبق وأن رآها من قبل يوم حبسته في مقصورة القيادة، ومن قبلها أيام القلعة .. وباللحظة التالية كانت تنكب على الارض بأيدٍ مرتجفة تنوي جمع قطع الزجاج المهشمة .. ليسابق أدهم في سحب ذراعها بقوة نسبية ليخرجها من مساحة المطبخ مجلسا إياها على احدى كراسيه العالية بينما يقول بنبرة حازمة:

- حبًا بالله ماذا تفعلين؟!.. فقط أجلسي هنا، واهدئ .. اهدئ فريدة، لم يحدث شئ لتفزعي هكذا!!


لم ينتبه لنفسه أنه خلال هذا أخذ يربت على ذراعها ويمسدها بدفئ، وللعجب، لم تبدي فريدة أي استياء بل سكنت للحظات .. الحقيقة أنها كانت مأخوذة بما حدث وعينيها اسيرة تلك البقعة التي تحوي الزجاج .. بدت وكأنها لا تشعر به مطلقا، ورغم شرودها إلا أن ذلك لم يمنع زمرة من الدموع تدافعت لعينها دونما سبب.


ابتعد عنها قبل أن تدرك لمسته، ثم انحنى لينظف ما حدث، بينما شرد ذهنها في حالتها الغريبة، وأخذ يتساءل إذا كان هذا بسبب حديثهما أمس؟؟ .. اللعنة، وهل هناك سببًا آخر يصلح لتغيرها؟؟ .. عندما انتهى ورفع رأسه ليحدثها، لم يجدها .. رحلت دون صوت!!


❈-❈-❈


فتحت المرش على أعلى سعة له لتدفع برأسها وجسدها أسفل الماء البارد .. كان بارد جدا ورغم ذلك لم تستشعره مطلقًا .. طبقة من البلادة كانت تكسو حواسها وتفقدها تواصلها المباشر مع الواقع لتأخذها عالم زخم بالأحداث القاتمة التي جعلت جسدها لايزال يرتجف وينتفض كلما عبرته الذكرى.


تعلم تمام العلم ان ذلك ما حدث عندما تنقطع عن الدواء، حواسها بالكامل تصبح في حالة تحفز وتأهب لأقل صوت مفاجئ يصدر بجانبها .. لكن اللعنة، صوت تهشم الزجاج بالتحديد، ألقى بقلبها الرهبة وبعقلها عدة مشاهد متتابعة للذكرى ذاتها .. ذكرى مشهد لا يحوي إلا فتات زجاج متناثر، وجسدها يدفع بينهم لتسقط عليه .. أحدهم يحاول قتلها .. تبا، اقشعر عمودها الفقري وخُيّل لها أنها تشعر بوخيزات الزجاج بظهرها، حتى تحول ليصبح شعور بالحرق، بالكيّ!! .. وتحديدًا بنهاية فقراتها .. آنات خفيضه خرجت من بين أسنانها وهي تحتضن ظهرها لتوقف نبيض الألم الذي بدأ يتصاعد تآزرًا لما ينسجه العقل من خيال، يبدو وكأنها تعيشه!!


وفجأة تبدل هذا المشهد لترى أمامها صورة زجاج سيارة يخترقه وابل من الرصاص ليتفتت ويتهاوى وقد بدى وكأنها هي من تمسك بالمسدس .. وبلحظة أخرى انقلب المشهد ليعرض أمامها زجاج سيارة ملطخ بالدماء!! .. كل هذا قفز بذهنها مرة واحدة حينما أسقطت الكوب، مما أسرها في خوض الذكرى .. إلا أن الجزء الصغير الواعي بعقلها أنبأها بانها ستنفصل عن الواقع عما قريب، وهي تعرف جيدًا لواحق هذا؛ لذا فرت من أمام أدهم قبل أن تتصاعد حالتها ويفلت منها زمام السيطرة.


كافحت للتخلص من تلك الذكريات اللعينة، وألا تنجرف خلفها ككل مرة، ولا حاجة لأن تقول كان لذلك أثر سيء على نفسيتها، وكأنها تحاول طرد جزءًا آخر منها يعيش بداخلها ويتغذى على روحها!! .. نهجت بأنفاس لا يهدئ صخبها أبدًا ولا حتى بروده الماء، وعندها تأكدت أنها على مشارف نوبة فزع ليست بمحلها .. لتضغط بأصابعها قويًا بين عينيها علها توقف سرعة وتدافع تلك المشاهد اللعينة أمامها بجنونها وحينما فشلت .. راحت تصفق يدها بالحائط مراتٍ ومرات وهي تصرخ بصوت مبحوح وتخبط رأسها أيضا:

- توقف .. توقف .. كفى توقف عليك اللعنة .. توقف!!


اللعنة على عقلها اللعين، لا ينتقي سوى أكثر المشاهد قسوة وظلامًا ليراجعها عليها، بكل فرصة لعينة متاحة أمامه، ودون كلل أو ملل .. رباه، ليس هذا ما تريد تذكره .. واللعنة ليس هذا!! .. ليست تلك المشاهد المرعبة، تبًا له، ألا يكفي انها قد عايشتها، الأمر يشبه بقتل مرة تلو الأخرى، وللسخرية أنك في كل مرة تتألم، وكأنها الأولى!! 


خرت أرضًا بهزال قوى، وقد استنزف ما حدث منها كل ما كان في جعبتها من طاقة .. أو بالأصح ما نجا من ليلة أمس .. بعد كل شئ، يبقا هذا أفضل، لقد نجحت هذه المرة ولم تجعله يهنئ برؤيتها هكذا!! .. كانت على حق، اللعين كان يستمتع بكسرها، قالها بلسانه أمس .. لكن الخبر الجيد هنا، انه لا مزيد من الانكسار بعد اليوم، والآن فقط بدأت تشعر ببرودة الماء!!


"انا فخورة بكِ فريدة!!"


بعد دقائق طويلة لم ترد ان تقطعها، أوقفت الماء لتسحب مأزر حمام وضعت على جسدها بينما تتمشى للمرآه .. لم تغلق المأزر، بل تركته مفتوح لتتأمل عينها بنظرة ثلجية لامبالية، وكأنها تطالع أخرى غيرها وليست انعكاسها!!


ليلة أمس، لم يكن من المفترض لها أن تنام .. بالأساس كل ما كان يحدث لها يعاكس نومها، ومع ذلك نامت .. ولن تحتاج لأن تقول أن كل الكوابيس التي تجاهلتها الأيام المنصرمة حبذت زيارتها أمس، ولولا عقدة القماش الغليظة التي اعتادت على حشرها بفمها ليلا، لكان ذلك اللعين حظى بعرض مشوق له!! .. خصوصًا، وتلك الليلة كان المعيار مضاعف من كل شئ!! .. لتستيقظ اليوم وهي تشعر بأن ما عانته بأحلامها من ضربٍ مبرح يجعل عظامها تأن كلما تحركت خطوة وكأن أحدهم قام بنشر جسدها بمنشار!! .. بالبداية ظنت أنه سبب توقفها عن الدواء لأكثر من يوم، لكن ذلك لم يحدث بأول مرة حينما رغبت بالانتحار .. يعني هي تألمت حينها، ولكن ليس بهذه الدرجة!!


حقا، كانت تتألم كثيرًا، ألم شنيع، ليس محدد بعضوٍ واحد بل يشمل كل جسدها .. رعشة لا تتوقف، وبرد .. برد شديد للغاية وكأنها عارية .. صداع رأسها اعجزها عن تذكر فحوى حلمها اللعين، لكن ما استيقظ عليه من ألم، جسدها تعرف عليه بسهولة، وأخبرها بأن هذا أثر رجعي للألم الذي عانته بالماضي .. والذي بالمناسب هو سبب ما تراه الآن من ندوب، هي ظاهريًا قد التأمت!!


كان ذلك طبيعي لما سرده لها امس من دهاليز علاقتهما الغريبة، كان محفزًا قويًا للجزء المعتم بذاكرتها .. وجسدها اللعين تداعى ألمًا لم يعبر ذهنها من أشباح الماضي، وكأنه ينفذ ذلك على أرض الواقع .. أعراض سيكوسوماتية (نفسجسدية) أحد اهم الأعراض الرئيسة لاضطراب ما بعد الصدمة PTSD)) .. أجل، هذا تكرر معها كثيرًا كلما اشتدت عليها وطأة الفزع الليلي .. الأمر أقرب لما نشعر به في العادة، حينما نصاب داخل حلمنا، لنستيقظ بعدها وهناك ألم يستوطن ذلك العضو المصاب!!

 

بذات الملامح الجامدة أحكمت ردائها لتخرج من الحمام أخيرًا، وتصدم به جالسًا على فراشها بملامح مبهمة، وما إن رآها حتى انتصب في وقفته أمامها إلا انها تجاوزت صدمتها، وتجاوزته هو أيضا لتقول بفظاظة:

- غادر!!

- لمّ لم تخبريني بأن الأدوية قد نفذت؟؟


توقفت لحظيًا في طريقها لطاولة الزينة بصدمة من سرعة معرفته لهذا، قبل أن تكمل وهي تهز رأسها بسخرية مستهزئة من الحمأة البادية في صوته:

- وهاك قد عرفت، ماذا ستفعل؟! 


لا تصفعها .. إنها فريدة .. لا تصفعها وتحامل غبائها رجاءً!!


اشتدت عروق نحره وهو يحكم قبضته بقوة حتى لا يستخدمها الآن!! .. ثم تقدم منها ولم يعطي لطريقتها المستفزة أي لعنة؛ فقد اكتشف منذ قليل سر تقلبها الغريب .. فبعد أن غادرت المطبخ لحق بها إلى هنا ليطمئن عليها، فلم يمرئ عليه أنها تخفي شيئا خلف تصرفها المريب اليوم .. هيا هو ليس غبيًا، فقد رأى كم كانت متعبة، ولا يبدو له كعارض نفسي جراء حديثه، لا ليس كتعبها النفسي المعتاد، لذلك ذهب اعتقاده لالتقاطها للبرد لليلة أمس .. أجل، هذا اكثر منطقية!!


وعلى هذا، تبعها لكنه وجدها قد نست إغلاق الباب وعندما توغل إلى الداخل سمع صوت الماء قادم من المرحاض لذلك تنهد وكاد لينصرف ويعود بوقتٍ لاحق قبل أن يلمح إحدى علب الدواء والتي كانت ملقاه بإهمال أرضًا وليس معها غطاء .. دون تردد أنتشلها وعقله يزدحم بمئة سؤال .. عقد حاجبيه باستغراب حينما وجدها فارغة وسريعا عاد للكومود وتفقد بقية الادوية ليجدها بمكانها إلا انها جميعها فارغة .. أغمض عينه ليلجم انفعالاته التي تثور .. نعم واللعنة بالتأكيد قد فرغت بعد أكثر من شهر .. أين عقله من كل هذا؟! .. حسنّا، هذا يفسر تغيرها وما تمر به من تقلبات مزاجية سريعة .. تبًا له، كيف سُهِيَّ عنه شيئًا كهذا؟؟ .. إنه أدهم الشاذلي، العقل المسيطر .. الذي لا تغفل عنه هفوة، واعتاد أن يحسب كل حساب كل شاردة وواردة .. كيف غفل عن هذا بحق الحجيم!!


رمقها وهي تجلس أمام طاولة الزينة، متجاهلاه تمامًا وكأن أمره انتهى في اللحظة التي طردته فيها، تتظاهر بأنها منشغلة بتمشيط شعرها وفك التشابكات الخفيفة التي نشأت بين خصلاته بسبب اهمالها له منذ أمس، وكم وخزته يده الآن ليتولى هو هذه المهمة، كما كان يفعل لها في السابق!! .. إلا انه اكتفى بأن يقف خلفها، وبهدوء، ودون أن يزيل عينه عنها، وضع مجموعة من الأدوية على الطاولة أمامها .. متمتما بصوتٍ أجش لا يظهر ما يموج داخله:

- هذه كل الأدوية المهدئة التي وجدتها هنا .. لا أعرف، ربما تجدي من بينها ما ينفع!!


فقط هذا ما قاله، قبل ان ينصرف دون أن يسمع رد فعلها .. والذي لم يشكل فارقًا كبيرًا في جمودها، فبالكاد حركت عينها لترمق الأدوية التي وضعها أمامها بعدم اهتمام بالغ، وكأنها ليست هي من كانت تعاني من ليلة أمس وحتى قبل قليل .. ثم عادت لتستكمل تمشيط شعرها بنفس درجة البرود الجليدية التي تسطون روحها وتغلف مشاعرها!!


❈-❈-❈


في منتصف النهار، وقف أدهم  بالطابق العلوي جانب المقصورة يراقب اسراب الطيور التي تحلق أعلى القارب، عقله كحجري رحى لا يكف عن طحن الأفكار من شتى بقاع حياته اللعينة .. ماذا يفعل مع فريدة الآن، لاحقا، وماذا يفعل حيال ماضيه .. ماذا يفعل، يعلم ماضيه لن يتركه .. سواء فريدة أو المافيا، كلاهما سيان!! 


لم يعد يثق بأنه ما يفعله يُجدي، او وجوده يشكل فارق، ولا حتى مع فريدة .. الشيء الوحيد الذي يربطه بهذه الحياة .. تبا، أليس هناك أي أمل في أن ينتقل لحياة أخرى ليس بها كل تلك الأشباح التي تهاجم روحه أينما كان؟! .. حياة ليس بها سوى فريدة .. فريدة فقط!! .. واللعنة لقد تعب .. تعب ويأس من المحاربة   .. أين استراحة المحارب من كل هذا؟؟، لما كل شئ يصدمه سريعا؟؟ وكأنها فواتير حساب ماضيه الملطخ وحان موعد السداد!! .. يعلم، هو يعلم أنه كالمحكوم عليه بالإعدام ويماطل فقط في تنفذه!! .. سواء كان معها أو بدونها، هي مسألة وقت وينتهي كل شئ .. هو يعلم ذلك!!


كان منغمسًا تمامًا في ضحل أفكاره السوداوية التي اصبحت جزءً منه مذ حادث فريدة، في حين تاهت عينه في ذلك الطائر الصغير الذي من بين كل سربه اختار أن يحط أمامه على سياج مركبه .. بدى وكأنه ينشد استراحة من رحلة هجرته، مثله!!

هه، غريب!!


شعر حينها وكأن عقله قد انفصل جزئيًا عما يحمله من اعباء وبدأ يتنفس .. هل هذه فاعلية التأمل الذي أخبرته عنها فريدة؟! .. ودون مقدمات، فزع الطائر ليحرك أجنحته صوب السماء، بعدما سمع صدوت حركة خافته خلف أدهم.


وكأنه ذكرها فألقت بها الرياح!!


التفت لها ليراها تطيح برأسها في السماء متتبعه بعينها التي يلمع برقها الذهبي الطائر الصغير وهو يحاول جاهدًا اللحاق بسِربة الذي سبقه .. خُيّل له أنه رأى نظرة حسرة تنبض بعينها، وكاد يسألها عن حالها إلا أنها أكدت ظنه السابق وهي تهمس بخفوت مفصحة بصدق:

- طالما تمنيت أن اقتني طائر لدي!!


لم ينكر استغرابه من هدؤها ليصمت عدة ثواني بينما بقيت هي تراقب ابتعاد السرب في السماء بعيدًا في مشهد هيج مشاعر متناقصة داخلها هددت هدوؤها النسبي الذي استيقظت منذ قليل وهي تنعمه به، بعد أن فحص باستسلام بين الأدوية التي احضرها ووجدت ما يسكن ألمها النفسي ولو بشكل جزء، عملًا بالقاعدة التي تقول: "أي شئ افضل من لا شئ!!"


- وما الذي منعك؟؟

اخيرًا صرفت نظرها عن موضع الطيور بعدما أصبحت في نقطة ما بعد حدودها البصرية، وواجهت أدهم الذي كان قد بدل ملابسه عن الصباح ليعطيها انطباع خادع بأن مزاجه منتعش وفي أتم يقظته النفسية إلا أن تعابيره الممتقعة بالحزن أفسدت ذلك الشعور .. لتتنحنح قبل أن تعطي البحر ظهرها وتستند على السياج مواجهه له ثم أردفت بنبرة صوت ناعمة دافئة حركت حواسه:

- ماما .. كانت تسمى ترنيمهم وزقزقتهم بالضوضاء .. الحقيقة هي كان لديها مشكلة عامة في تربية الحيوانات!!


انهت جملتها ثم توقفت للحظة قبل ان تقهقه ليرى منها أول ضحكة صافية عذبة منذ أن عاد .. قلبه تلقائيا أنيّر، وابتسامتها كالعدوى انتشرت لثغره .. لينسى الدنيا وما حوله .. فقط تلك اللحظة .. تبا له، فلتمنحه هذه الضحكة النقية فقط ولا يهتم إن طعنته بعدها!! 


اندثرت ابتسامته وخبى أي أمل نبت بداخله حينما أكملت من بين ضحكاتها:

- اللعنة ستقتلني إذا عرفت أني أحضرت كلب البيت ما إن رحلت!!


تجعد جبينه بعقدة، اللعنة ماذا يعني هذا؟! .. هل لديها كلب؟! .. تمعن النظر بملامحها المنبسطة وهي تكمل بمسحة من القلق وكأنها تحدث نفسها:

- اتنمى أن تكون سارة تعتني به، لن اتحمل أن يصيبه شئ في غيابي!!


برودة غلفت قلبه، ورغمًا عنه رأى أمامه تلك اللحظة التي رفع في مسدسه عاليًا ليردي كلبتها 'بيري' أمامها .. دون ذرة تردد واحدة .. لا يعرف بما كان يفكر أو يشعر حينها .. وصدقًا لا يريد أن يعرف أو يتذكر ذلك حتى!!


انتبه إلى كونه قد شرد مجددًا حينما سمعها تلقي بسؤالها عليها بارتياح:

- من "نور"؟!

قبل أن يستغرب نظر حيثما تنظر هي خلف كتفه، ليفطن أنها تشير إلى اللافتة العملاقة التي تحوي أسم القارب "نور Nour" بالإنجليزية .. وكاد أن يجيبها إلا انها سبقته متابعه دهشته:

- هل هي حبيبتك؟؟


❈-❈-❈


استند علي المقود ، وهو يعقد ذراعيه امام صدرها ، ويراقبها باستمتاع وعبث .. وحينما اصبحت امامه ، قال بمكر وسخرية : هل تحدقين النظر بي الان؟؟ .. هذا يعد تحرش! 


تلاعبت شفتيها بابتسامة مرحة وخجلة بآن واحد ثم قررت ان تصدمه ، وأومأت له بنعم ببطئ .. نظر لها بصدمة مصطنعه ، وهو يكافح ليضحك من تلك المرأة التي تصر بشده علي ان تدهشه ، وتسير عكس ما يتوقعه..


قالت وهي تمزح بسخرية : ارجوك لا تخبرني بان لا امرأة قد فعلت ذلك من قبل !!

رفع حاجبه باستنكار وقال وهو يبتسم : بهذه الطريقة الوقحة ، لا ، ليس هناك امرأة فعلت ذلك. 


نظرت بعينه للحظه ثم قالت وقد اختفي اثر المزاح من صوتها : حتي 'نور' ؟؟

بالرغم من استيائه لطريقة إلقائها لملاحظتها ، ابتسم باستمتاع : يبدو ان هناك من يشعر بالغيرة!! 


اجابته بغرور وتكبر : لقد اخبرتك من قبل انني لا احب المشاركة .. بالتأكد كان بحياتك الكثير من النساء .. هذا امرا طبيعي استطيع تقبله .. لكنني امرأة فريدة لا تشبهني اخري ، اثق جيدا بما لدي .. لذلك لن اقبل بان يكون هناك امرأة بعدي. 


امال علي اذنيه بهيئة جعلتها تشعر بالخوف ، ولكن بالرغم من ذلك ابقت ملامحها غير متأثرة حتي قال : تعرفين؟؟ .. اكثر ما اشتهيه الان هو معاقبتك علي نبرة الغرور والتكبر التي أراها الان بكِ .. ولكن لن افعل ذلك.


ابتسمت وهي تنظر له بغرور وزهو مرة اخري : اعلم هذا .. اكاد اراه بعينك .. ولكني أتساءل عن السبب؟؟

ابتسم بخبث ومكر وقال متوعدا لها : لاحقا صغيرتي ، لاحقا 


صمت قليلا وقد اختفت ابتسامته ثم اضاف بنبره باردة : وأنتِ ؟؟

فريدة : ماذا ؟؟


قال بنبرة قاسيه كأنه يوجهها لإجابة معينه لصالحها : هل كان لديك عاشقين؟؟ 

ابتسمت بمكر .. لنستمتع قليلا : هذا الواقع ادهم .. تقبل الحقيقة .. كما قلت لك انا امرأة مميزة .. بالطبع كان هناك الكثير .. اضافت بعد ان رأت عينيه تحتد وتزداد ظلاما وتهدد بالعواصف الرعدية : ولكن لم يستطع احد ان يجعلني اراه سوى انت!!


ابتسم بشر وعينيه تلمع ببريق غامض ، وهو يمرر يده بحركة عصبيه علي ذقنه .. تلك الصغيرة تلعب لعبه خطرة .. لا يريد ان يؤذيها ، علي الاقل ليس الان .. فعاجلته قبل ان يقول شئ بنبرة مازحة لعوب وهي تقتبس جملته : يبدو ان هناك احد يشعر بالغيرة.


اتسعت ابتسامته ولكن لم تصل لعينه: أووه .. حقا أنتِ ليس لديك فكرة عن هذا!!

ابتسمت محاولة تلطيف الامر : استطيع أن أخمن!!

اجابها بنبرة باردة: من الافضل لكِ الا تحاولي!!


لف ذراعه حول خصرها ، قبل رقبتها برقه ، وبالنهاية عض اذنها ثم قال بهمس يبعث عن الاثارة : 'نور' تكون والدتي!!


❈-❈-❈


تبا لذلك، ما إن تلفظت بهذا وهلكت ملامحه العابسة ضحك لتعيده لتلك الذكرى الحالمة، القاطنة بقلبه .. منذ ٣ سنوات .. هنا .. بنفس المركب، بل ونفس الطابق أيضا!! .. أي صدفة هذه .. القدر يعيده معها وكأن كل شئ يُعاد الآن أو ربما يبدأ من جديد!!


- السخرية ليست نتاج العقول الذكية سيد أدهم!!

قالتها بدرجة عالية من الاستنكار ليدرك بأنها تحمل ضغينة كبيرة  تشير بها ضمنيًا لحديثه أمس عن حده دهائه .. إلا إنه لم يهتم لأي شئ بتلك اللحظة إلا أن ذلك يحدث مرة أخرى .. هل هذا يعني فرصة؟! .. فرصة يصلح بها ما تلى ذلك الموقف من سلسلة لعنات ضمنت له مكانه بالجحيم الأرضية قبل الأبدية!! .. بلل شفتيه بلسانه كي يبتلع تلك الرغبة التي تصاعدت داخله جراء الذكرى ثم تشكلت ابتسامة دافئة على ثغره وهو يخبرها:

- إنها والدتي!!


مزيج بين السخرية والدهشة غزى خلجاتها وهي تتبع اجابته بينما تستدير بجسدها مرة أخرى للبحر مهمهمه بزفير:

- غريب!!

- ما الغريب، لا أفهم؟!


عاجلها بسؤاله لترمقه من خلف كتفها بنظرة باردة متهكمة:

- أعني هذا يتناقض مع ما اخبرتني به ليلة أمس .. إذا كنت تحب والدتك هكذا، وحظيت بأسرة مثالية كأسرتك، فمن أين نشأ الاضطراب؟؟ .. إلا في حال كان ورثيًا؟!


صمتٍ مبهم غزى روحه وهو يرمقها بتلك الطريقة التي أربكتها، فأشاحت بنظرها عنها وبضع نسمات صيفية منعشة جعلت خصلاتها المموجة تتطاير .. هذا ما كان يقصده، فريدة خاصته لم تكن لتسأل شيئا كهذا!! .. أخذ نفس قصير قبل أن يتحدث بصوت لا يحمل أي شعور:

- أخبرني شخصًا ما ذات يوم أن "الأشياء لا تبدو على حقيقتها، كما الأشخاص"!!


عندها فقد استدارت لتحدق بوجهه الذي اكتسب حُمرة الشمس بينما كان هو يوزع عينه في انحاء البحر عداها، وكأن رؤيتها تؤذيه .. لتزم شفتيها في خط مستقيم وهي تشعر ببوادر شعور بالذنب تغزوها لتقرر أن تقلل  للشيء الذي يدفعها لقول ما ستقوله وبتلقائية شديدة انفلتت الكلمات من فمها:

- فكرت أمس كثيرًا بما اخبرتني عنه البارحة .. ليس فيما فعلته، ولكن في السبب وراء ذلك!!


تأهب في وقفته ولم يعطيها أي انطباع قد يقطع عليها طريقها لتسهب في حديثها معه:

- شخصًا ما قد آذاك في ماضيك .. ثم أخبرك أن هذا يسمى حب .. وهو بالطبع ليس حب، بل إيذاء!!


رباه، للحظه توهم أن ما تحدثه الآن هي فريدة خاصته التي أمضى ليلته ينتحب ضياعها، بل قضى الثلاث سنوات الأخيرة في ذلك .. أجل، فتلك التي تسأل عن سبب أفعاله وتفسرها بغض النظر عن مدى قبحها، هو يعرفها، انها فريدة .. المعالجة النفسية قبل أي شئ، قبل حتى نفسها!! .. ماذا الذي يجري الآن؟! .. افترقت شفتاه بترقب مميت لما تقوده إليه من هذا الحديث وخرجت كلماته نابعه من عمق روحه:

- أنا لم أعرف الحب..!!

- وآنى لك أنت تعرفه دون أن تجربه؟!


من فرط عفوية الاجابة التي جاءته على الفور معبئة بعاطفة أوقدت نياط قلبه، وهو يدقق النظر داخل ذهبيتها المتسعة بتلك الطريقة التي تحتوي روحه وتغلفها بشرنقة من السلام، كأنه بلغ بر الأمان بعد شقاء رحلة مهلكة!!


- لم أعرف الحب سوى معك فريدة!!


دون أن يدري أنه فعل قالها .. هكذا .. بتلقائية تصادق ما بدرَّ منها .. ودون أن يفكر حتى في العواقب .. لا يعرف ماذا يحدث الآن، ولكن روحه التي اهتاجت داخله هي من حركته كالمجذوب!!


حبست أنفاسها وهي تعلق عينها بعينه .. شعرت للحظة انها اسيرة عينه .. رغم جمود ملامحه، والتجهم الذي يحيط وجهه إلا أن عينه كان تلمع ببريق خاص .. بريق يتجلى لها بين لحظة وأخرى، وكأن تعكره يصفو لترى قرارة روحه .. أو ربما تعكر عدستها هي ما تصفو، لتسمح لها برؤية الحقيقة، فقط للحظة .. لحظة لعينة .. ومن ثم تعود لعكارتها ثانيةً، كما حدث الآن وهي تزجره محذره:

- لا تفعل هذا!!

- ماذا افعل؟!

- لا تحدق بي هكذا!! .. واللعنة أكاد أصدق أنك تحبني حقا!!


بجملة سخيفة وئدت كل ما كان يحمله بداخله .. اللعنة على جمجمتها اللعينة .. بقيا ينظر لها بطريقة مبهمة هددت أمنها، وتكاد تقسم أن ذلك الوغد يفعل بها الأفاعيل داخل عقله المريض الآن .. تبا له، فليضاجع نفسه إن أراد .. لذلك هدرت بانفعال ظاهري تخفي به خوفها من نظراته القاتمة:

- اللعنة عليك لا تحدق بي مطلقا!! 


التوى ثغره بابتسامه لم تصل لعينه ولم تحرك شئ من ملامحه القاتمة، ليومئ لها وهو يبعد برأسه عن مدار .. ولا تعرف لما شعرت بأنه يتوعدها وليس يؤّمن على أمرها!! .. تبا له مرة أخرى لا تهتم .. أدارت رأسها هي الأخرى بعيدًا، ليضرب الصمت بينهما لفترة كانت الأمواج المصطدمة بالقارب هي كل ما يسمع هنا .. حتى أمرها هو بنبرة خالية من العواطف بينما يرحل:

- هيا لتأكلي شيئا!!


رمته بنظرة ممتعضة لحسن الحظ انه لم يراها وهي تقرر:

- لا أريد أن أكل!! 


عاد بجسده نصف استدارة ليرفع حاجبه لها وعضلة فكه قد تصلبت .. ما به هذا اللعين الآن؟!:

- ما بك؟!

- ماذا بكِ أنتِ؟!

عاد ليجابها بطوله الفارع بين يحكم قبضتيه خلف ظهر ولأول مرة كان يخاطبها بهذه اللهجة الجافة .. لا تنكر، شعورها بالخوف بدء يطفو على السطح ليزعزع من صلابتها أمامه، وشعرت حقا انه كان يتساهل في تعامله معها وقبل ان تتوغل أكثر بين افكارها، وجدته يسأله بنبرة أقل حده:

- هل تناولتِ أي دواء؟؟


ابتلعت ثم أومأت له وشيئًا يختنق بداخلها من هذا القرب .. ليس قرب جسدي، ولكن ما تشعر به أنه قد اجتاز حدودها النفسية وهذا خطير .. كيف تسمح له أن يحدثها ويستجوبها بهذه الطريقة .. مَن يظن نفسه واللعنة؟! .. لذلك شحذت شجاعتها وكادت تهاجمه كعادته ولكنه استبقها وهو يسحبها من يدها ليعرج إلى الأسفل مخبرا اياها بسلاسة:

- إذًا لابد أن تأكلين الآن!!

- لا أريد!!


صرخت بها وهي تنتشل ذراعها منه وتبعد عنه بينما عينيها تنظر له شزرًا وقبل أن يعاود المحاولة اضافت بنفس النبرة المغتاظة:

- لقد اكتفيت من أكل السمك .. تبا لك، أسبوع كامل لا أأكل به سوى السمك .. واللعنة أكاد أجزم أنك تتقصد ذلك لتنتقم مني!!


تسمر بموضوعه بصدمة وشعر بانها قريبة جدًا من كشفه .. لكنه واللعنة لم يفعل ذلك بنية الانتقام، كل ما أراده هو خلق فرصة تقربه منها .. أهكذا أصبحت تسئ فهمه وتأويل أفعاله على الدوام؟! .. شاهدها وهي تجلس جوار السياج وتستند برأسها عليه وتوجه بصرها في نقطة وهمية بينما شفتيها تدلت بطريقة طفولية أثارته لتشكو همها بصوت مختنق وكأن ما تقوله هو مشكلتها الوحيدة بالعالم:

- لا أريد أن أأكل السمك مرة أخرى .. لا أريد أن أأكله إطلاقًا .. هل احاسب الآن على امتناعي عن أكله طوال سنوات حياتي؟! .. هذا ما كان ينقصني حقا؟؟ .. اذا كان الأمر كذلك، فها انا قد أكلت سمك لما يكفيني من عمري!!


تبا لها تلك الصغيرة، ماذا تفعل به؟! .. طريقتها الطفولية الآن لعبت بمشاعره كجهاز تحكم عن بعد وصلابة تعابيره بدأت تتفكك رويدا رويدا لتحل محلها دبيب ابتسامه ما لبثت أن تحولت لضحكات رائعة ما تلاقت عينه بعينها وقد كانت تكافح هي الأخرى للتحجيم ضحكاتها لتحتفظ بجديتها، حتى فشلت فانخرطا في نوبة ضحكة كانت الأروع على الاطلاق من بين كل ذكرياته السعيدة معها!!


   لهثا بوجوه مربده بحمرة الضحك، ليبتلع شوقه الجارف لها .. لمّ تفعل هذا؟؟ .. يشعر وكأن هناك شخصية أخرى شريرة داخلها، تحبس فريدة خاصته داخلها، وتحرمه منها .. وفي بعض اللحظات تسمح لها بالظهور!! .. فليعينه الله قبل ان يفقد عقله بين هذه وتلك!!


وهنا وجد نفسه يصدر هدير من وهج صدره ثم أردف بصوتٍ أجش:

- تعالي معي!!

- امم ل...

حاولت الاعتراض وهو يسحبها مرة أخرى ليقاطعها مفسرًا:

- ثمة مفاجأة ستسُركْ رؤيتها!!



I know that love so unforgiving

أعلم أن الحب لا يرحم

You've been the victim too many times

وأنكِ كنتِ الضحية لمراتٍ عدة 

And I'll be the thread, hold you together 

وانا سأكون الخيط، الذي يجمع شتاتك معًا 

I'll be forever, will you be mine?

سأبقى كذلك للأبد، فهل تكونين ملكي؟؟

 


So let me redefine you

لذا دعيني أعيد تعريفك

And you can see the tide move

ويمكنك رؤية حركة المد والجزر

Just like tears in the eyes do

تمامًا مثلما تفعل الدموع بالعين

And when you're feeling alone

وعندما تشعرين بالوحدة

Oh, baby, I'll be right here

آوه حبيبتي سأكون هنا 

Between the sea and silence

بين البحر والهدوء

So breathe easy my dear, You can find sunshine in the rain

لذا تنفسي بسهولة عزيزتي، يمكنك ايجاد ضوء الشمس خلال المطر 

 


I will come running when you call my name

سآتيكِ ركضًا عندما تنادين باسمي 

Even a broken heart can beat again

حتى القلب المكسور بإمكانه النبض مجددًا

Forget about the one who caused you pain

انسي الشخص الذي تسبب لك بالألم

I swear I'll love you in a different way

أقسم بأنني سأحبك بطريقة مختلفة

❈-❈-❈


يتبع