الفصل الرابع والخمسون - شهاب قاتم
- الفصل الرابع والخمسون -
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
~ كلما كانت الكذبة كبيرة جدا واسعة جدا صارت أقرب للتصديق، لأنه - ببساطة - لن يتصور أحد أن هناك كذبة بهذا الحجم
― أحمد خالد توفيق
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
الثاني والعشرون من فبراير عام 2020..
قميصًا أبيض.. بزة سوداء اللون من احدى أكبر دور الأزياء.. مصفف شعر عالمي سيأتي بعد قليل.. عائلة تتجهز لعرسه.. العديد من الحُلي الرجالية التي يستطيع الإختيار منها دون حساب.. عطر باهظ الثمن.. تحضيرات صُنعت خصيصًا لواحدًا من نجوم السينما العالمية قبيل تلقيهم جائزة الأوسكار بسويعات..
توجه ليشعل احدى سجائره تاركًا غرفة ملابسه خلفه ووقف بالشرفة وهو يرمق تلك الحديقة العملاقة اتي تقع بمنزل "العائلة".. التوت شفتاه بإبتسامة مستهزءة لمجرد فكرة أن لديه عائلة وباتت تحيا معه بمنزل واحد ولم يكترث أيًا منهم بإبلاغه بكل تلك الكذبات المتوالية التي عاش بها لشهور بجانبهم..
نفث دخانه وهو لا يُصدق أن بعد كل الخداع وذكاءه وحيله قد تم الإيقاع به!! أخدعته كل تلك الشهور؟ خمس شهور ونصف الشهر من الخداع الخالص؟ أكانت كل تلك الذكريات بينهما بسبب ذلك الرجل المُسن الخرف وهو حتى لم يرتاب بالأمر!!
شرد بالمزيد من الخداع والكذب، كل ما اخبرها به، أحلك لحظات حياته البائسة شاركها مع كاذبة محتالة، ولكن لا أحد يخدع "شهاب الدمنهوري" ويلوذ بالفرار.. لن يحدث أبدًا..
يا له من غبي.. لقد أوشك الكثير من المرات على اكتشاف الأمر ولكنه بمنتهى السذاجة استجاب لتلك الإرادة بداخله بها هي وحسب، سيُكيل لها كل تلك الكذبات التى خدعتها به واحدة تلو الأخرى!
استنشق من سيجارته من جديد ثم نفث دخانها وضحك بخفوت ضحكة قاسية اتضحت بها أسنانه وهو يتذكر كل ما فعله بالأيام الماضية.. إذا قامت هي و "بدر الدين" بخداعه.. حسنًا.. اليوم سينول هو منهما!!
منذ سبع أيام ..
الخامس عشر من فبراير عام 2020..
العاشرة صباحًا..
جلس بمنتهى التلقائية والأريحية بعد أن لاقى الكثير من النظرات غير المُرحبة منذ دخوله هذا المنزل.. ولكن لا يهم.. على الأقل هؤلاء يكرهوه ولا يتظاهروا بخلاف ذلك.. هذا أفضل بكثير من تلك المخادعة الأخرى.
أقبل "بدر الدين" بملامح دبلوماسية هادئة فنهض "شهاب" ليُقدم يده كي يصاقحه فلم يرفضه الأول وقام بمصافحته وأعينهما تتلاقى بكثير من المعان..
تفحصه جيدًا بثاقبتيه السوداويتان بينما تصنع الآخر ملامح ممتنة زائفة بمنتهى البراعة ولم يرتاب حتى "بدر الدين" بأمره ليشرع في التحدث بسؤال اعتيادي:
- ازيك يا بدر بيه؟
أومأ له بإقتضاب بينما لم يتبين إلي الآن ما سبب مجيئه ليجيبه عاقدًا حاجباه وهو لا يزال يتفحص ملامحه بعناية:
- تمام.. أنت ازيك عامل إيه؟
ابتسم له وهو يتفقده بداكنتيه البُنيتان وبداخله تشفي شديد ورائحة انتصار وشيكة ليجيب سؤاله:
- تمام..
توسعت ابتسامته في تصنع باهر بالإمتنان ولم يترك "شهاب" يده بعد ثم تابع:
- أنا كنت عايز أشكرك.. كل اللي عملته علشاني.. إنك تكون خايف عليا زي ما أكون ابنك بجد.. إنك تلح على فيروز وتخليها تعالجني وتبدأ معايا الطريق ده.. من غير ما تاخد بالك خلتني اقابل الوحيدة اللي حبيتها.. بصراحة مش عارف أقولك إيه!
تعجب "بدر الدين" مما استمع له وتفحصه بتمعن شديد وهو لا يُصدق كلماته، ولكنه سريعًا جمع بين تلك الكلمات وبين ما اخبرته به "فيروز" منذ ايام بأمر خطبتهما ثم أومأ له بإقتضاب وتنهد بعمق ثم حدثه في هدوء:
- المهم إنك تكون احسن يا شهاب.. أنا فعلًا مكنتش عايز حاجة غير إني أساعدك.. ولو كان في نيتي حاجة تانية فأنت عارف وفاهم كويس أنا فيه معايا إيه ولو حد شم عنه خبر هتتأذي.. بس أنا اعتبرتك فعلا زي ابني وقولت إن كل إنسان لازم ياخد فرصة لو هو بجد عايز مساعدة..
عمومًا أنا مبسوط إنك جيت.. ومبروك على خطوبتك أنت وفيروز!
تبادلا النظرات ومن شدة اقناع ملامحه لم يشك "بدر الدين" لثانية واحدة بأمره، بالرغم من أنه يعلم مُسبقًا بأن ذلك الرجل ليس بهين ولكن هذه المرة قد تفوق عليه تمامًا.. وخصوصًا بعد تلك الكلمات التي أضافها:
- الله يبارك فيك.. يا ريت تشرفني في الفرح لأن مفيش حد أحق منك بإنه يشهد على كتب كتابنا.. هستنى حضرتك!!
لم يستطع "بدر الدين" أن يخفي اندهاشه وارتفع حاجباه ثم انخفضا بسرعة شديدة بينما تابع "شهاب" حديثه له وقال:
- طبعًا سليم وزينة وكل ولاد عمي وكلكم معزومين.. هستناكم.. وهأكد عليكم الميعاد بنفسي..
ابتسم له بوقار ليبادله "بدر الدين" الإبتسامة بإقتضاب ثم همس له:
- مبروك يا شهاب وإن شاء الله هتلاقيني موجود..
أومأ له بوقار من جديد ورسمية مبالغ بها ولكن لم يغب الود عن ملامحه ثم حدثه قائلًا:
- هستئذنك ومعلش جيت من غير ميعاد.. المرة الجاية أكيد هبلغ حضرتك..
تنهد من جديد وبات يُصدق تأكيد "فيروز" أنه استجاب للعلاج بالفعل ليرد بدبلوماسية:
- لا تنور في أي وقت.. مش انت زي ابني برضو ولا إيه؟!
يا له من مغفل، أهذا هو كبير العائلة؟ هل هناك كبير ينخدع ببضع جُمل؟ ولكن كانت هذه أولى الكذبات.. إن لم تكذب هي سوى بأمر واحد فسيكذب هو بآلاف الأمور.. لنرى وقتها ما الذي ستفعله عند اكتشافها خداعه!
يا لها من ساذجة، لقد أخبرها آلاف المرات أن "شهاب" لا ينسى، ولطالما انتقم.. أظنت أن الأمر معه سيكون هينًا؟! هي لا تعلم شيئًا بعد..
منذ ستة أيام ..
السادس عشر من فبراير عام 2020..
العاشرة صباحًا..
وأخيرًا.. سيتخلص من ذلك ذو النظارة القبيحة للأبد.. كانت كلماته بأكملها صحيحة بشأنه.. كان محقًا بنزعته الإنتقامية.. ولكن لقد سأم من السيكوباتية وطرق العلاج وتبني أفكار جديدة وعدم تسليط أفكاره عن الأذى والقراءات والكتب والخطوات.. يا لها من جلسات تافهة أضاع عليها الكثير من وقته الثمين! كان لابد من نهاية رائعة..
من جديد، واحدة من طرق "شهاب الدمنهوري" ستحل الأمر بأكمله.. دلف ذلك المكتب الذي لا يكره مكانًا أكثر منه.. رمق ذلك الكرسي الوثير الذي اعتلاه لساعات وهو يقُص عليه مآسي حياته بصعوبة بالغة آلمته كثيرًا.. كان كل ذلك لأجلها ولكن لم تكن تدرك أن حيله لا تنتهي.. ولأجلها سيفعل الكثير..
ابتسم بتكلف وسماجة نحو هذا الأخصائي وهو يضع أمامه ملف يعج بالأوراق واستمع إليه وهو يُحدثه في استفسار:
- خير يا شهاب.. احنا لسه معادنا كمان يومين زي ما اتفقنا آخر مرة!
أطرق برأسه وهو يشرأب ناظرًا لذلك الملف ثم توجه لنفس الكرسي وجلس واضعًا قدم فوق أخرى بمنتهى الزهو وجمع كلتا يداه واستند بذقنه عليهما وهو يرمق هذا الرجل ذو النظارة القبيحة بإستمتاع بينما بدأت ملامح الرجل تتوتر ليهمس له في مكر متحدثًا بنبرة استفزازية مميتة:
- الموضوع بسيط.. فيروز هتجيلك وانت تقولها بيستجيب للعلاج والدنيا ماشية تمام.. مش هتسمع الكلام فيه مثلًا القضية اللي قدامك دي.. وفيه أولادك .. ومراتك.. والست الوالدة.. أظن ممكن تضايق اوي لو اتقتلوا!
همهم وهو يقلب شفتاه ثم أشار بسبابته وشرد لثانيتان في الفراغ بأعين تحمل خُطة مرسومة بعناية وهتف مُسرعًا:
- أو ممكن همّ اللي يتضايقوا لو لقوك ميت! أو يمكن شغلك كله يتدمر بسبب القضية اللي قدامك دي..
نهض بغطرسة وزهو من على كرسيه بعد أن تنهد بأريحية مهمًهما ثم تابع وهو يغلق زر سترته الرسمية التي تفوح منها رائحة المال:
- فكر براحتك.. ومتنساش تبلغ عني.. وأنا ابلغ عنك بالقضية دي ونشوف كلمتك قدام كلمة شهاب الدمنهوري! وزير الداخلية عميل مهم اوي عندي على فكرة..
تابع تفكيره بإبتسامة من ظفر بالحرب لتوه، لقد بات الأمر وشيكًا للغاية بأن يملكها، لقد سوى بالفعل كل حساباته القديمة، ذلك الرجل الخرف "بدر الدين" سيتدمر تمامًا هو وعائلته بعد زواجه بيومان.. تخلص من أمر ذلك الطبيب ذو النظارة القبيحة.. العائلة بأكملها الآن يظنون أن "شهاب" هو الأخ والإبن المثالي.. لن يستطيع أحد تصديق ما الذي سيفعله وما فعله من أجلها هي..
لأول مرة في حياته يرسم خطة شديدة البراعة بمثل هذه الحِنكة.. لأول مرة يشعر وأنه بات مقنعًا للغاية ولن يقوم أحد برفض أي طلب له.. الجميع يصدقونه ولا يرتابوا بأمره.. حتى تلك العنيدة اخته.. لقد باتت أفضل معه..
ولن تصدق "فيروز" نفسها بأحلك كوابيسها ما فعله من أجلها، من أجل أن يجعلها تحيا نفس الكذبة التي جعلته يعيش بها.. ولكن خُطته محكمة أكثر من خاصتها التافهة!!
سمع طرقات على باب غرفته فتوجه ليفتحه بينما تقابلت داكنتيه بأعين "هبة" فابتسم لها على الفور بينما سألته:
- ممكن أدخل يا شهاب؟
أومأ لها بملامح استطاع تزييفها بمنتهى السهولة ولا يزال محتفظًا بإبتسامته ثم قال:
- طبعًا اتفضلي..
ابتلعت وهي تُعيد برأسها مرارًا ذلك الحديث الذي باتت تُفكر به منذ علمها بأن "فيروز" قد وافقت على الزواج منه وتنهدت وهي تنظر له بجدية ثم قالت:
- أول حاجة مبروك.. أنا عارفة إن أنا وأنت مش قريبين من بعض بس.. إن شاء الله ربنا يسعدكوا ويتمملكوا بخير..
تنهدت مرة ثانية ليُفكر هو بسرعة، أعليه قول الآن "الله يبارك فيكي"؟ لن ينطق بها أبدًا.. ولكنه دائمًا يجد حل لكل أمر ولطالما وجد الكلمات المناسبة فأومأ في امتنان ثم رد مُعقبًا:
- شكرًا يا هبة..
تفحصت تلك الإبتسامة على وجهه بينما رمقها هو الآخر واستشعر تلك الصعوبة البادية عليها وهي تحاول البحث عن كلمات صائبة كي تصوغ ما ودت قوله بطريقة لائقة فتحدثت في النهاية:
- شهاب.. الجواز غير الخطوبة والحب.. أنا عارفة إنكوا بتحبوا بعض جدًا.. بس الجواز حاجة تانية.. ببساطة ليل ونهار بتعيش مع نفس الإنسان اللي اكيد مختلف عنك لأن مفيش حد زي التاني.. شخصيتين غير بعض.. مواقف عمركوا ما قابلتوها.. زهق وملل وطبع إنسان جديد بيحاول يدخل حياتك وأنت نفس الكلام بتحاول بطبعك وشخصيتك تلاقي حل وسط مع اللي قدامك علشان الحياة تستمر وبتحاولوا على قد ما تقدروا توصلوا للسعادة..
أنا وسالم بالرغم من الحب اللي كان بينا بس برضو حصل ما بينا في الأول زي أي اتنين لسه متجوزين جديد، مشاكل وملل وصعوبة انه يتعامل مع طبعي وانا اتعامل مع طبعه بس كل ما الوقت بيمر وانت بتحاول تحتوي الموقف وتفكر في الحلو اللي خلاك تحب الشخصية دي الموضوع بيبقا أسهل..
يمكن أنت عارف كويس إني مكنتش مؤيدة اوي للجوازة دي علشان حالتكوا انتو الأتنين غير شخصياتكوا المختلفة بس ده اختياركوا وعمري ما هاكره أبدًا أشوفك أنت وفيروز مبسوطين!!
متزعلش مني.. كنت كتير شديدة في التعامل معاك بالذات بس اللي ماما عانته بسببك أنت وباباك مكنش سهل.. دي سنين يا شهاب وأنا مش قادرة انساها.. بس خلاص اللي فات مات..
أومأ لها في تفهم بمنتهى الجدية التي خالفت تمامًا ذلك الإستهزاء الذي يصرخ بداخله واستمع لصوت ضحكاته الداخلي وهو يُفكر كم أن الجميع بأكملهم أغبياء ولا يشعر أحد بما قارب على فعله ولكنه ادعى الإهتمام المزيف وسألها:
- هي فيروز محكتلكيش ايه اللي حصل زمان؟
أومأت له بالإنكار واجابته مُسرعة:
- شهاب أنا قولتلك إني فعلًا معرفش حاجة.. زمان بس فكرنا سوا في حالتك بما اننا كنا زمايل وفي التشخيص لكن فيروز عمرها ما قالتلي حاجة وماما كمان رافضة تحكيلي بس قولتلك خلاص اللي فات مات..
تنهدت ورمقته في توسل هائل وأردفت:
- أرجوك خد بالك وافهم إن أنت وفيروز شخصياتكوا مختلفة اوي، حاول معاها مرة واتنين وتلاتة لو كنت فعلًا بتحبها.. هي تستاهل كل خير واللي شافته في حياتها مكنش سهل.. أنا جنبكوا ولو احتاجتوا أي حاجة عمري ما هتأخر عليكوا..
أومأ لها في تفهم وابتسم لها بإقتضاب ثم رد مُعقبًا:
- شكرًا يا هبة..
توسعت ابتسامتها له ثم قالت:
- مبروك يا شهاب وربنا يوفقكوا..
تريثت لبرهة ثم تابعت:
- أنا هاروح لفيروز دلوقتي علشان يادوبك خلاص ناقص اربع ساعات.. سلام.. أشوفك هناك بقى..
أومأ لها من جديد بإبتسامة ثم قال:
- سلام..
تركته ليتبعها بنظرات شامتة مستهزءة من كل ما تفوهت به.. أتظن أنه ساذجًا مثل ما كان منذ أشهر؟! يا لها من غبية هي الأخرى.. سيريهم جميعًا ولكن بمنتهى الهدوء حتى لا يرتاب أحد بأمره.. عليه الحصول على ما ود لأشهر وبعدها سينتهي من الجميع!!
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
نظرت بتلك المرآة التي تقع بحمام هذا الجناح الفندقي الذي تمكث به منذ ليلة أمس وهي تحاول أن تُطمئن نفسها أنها لم تتسرع.. ولكن كل ما فعله منذ ذلك اليوم وهو لا يتوقف عن إثبات أنه قد تغير..
ذهابه إلي "بدر الدين".. تقبله للأمر برُمته.. أخذته الصدمة قليلًا في البداية ولكنه لم يفعل شيئًا سوى استمراره في أن يكون أفضل كل يوم أكثر من السابق ولم يختلف معها ولو مثقال ذرة..
ولكن الموافقة على الزواج منه هكذا في غضون أيام كان تسرع هائلًا.. ولكنه كذلك سيُسافر كي يُنهي بعض الأعمال العالقة كما أخبرها.. لا تدري.. تشعر بالتشويش وكلمات "هبة" المنطقية لا تغيب عن رأسها وهي تُخبرها بأن ذلك تسرع هائل ولم ينبغي لها أن تقبل الأمر سريعًا هكذا..
كلمات والدها بأن تأخذ كل الوقت الذي تحتاجه وألا تتسرع خصوصًا بعد حديثه لها أكثر من مرة بأمر تلك الجلسات التي كانت تعقدها معه ولكن كالعادة هو يتركها لتأخذ قراراتها كيفما شاءت.. تشعر بأنها مشوشة كثيرًا.. تشعر بأنها تتسرع.. ولكن تلك المشاعر التي تلح عليها ليست بهينة..
أليس من حقها أن تكون سعيدة بعد كل ما عانته؟ أليس لها الحق في ترك كل تلك الدوامات من إضطراب وجلسات علاجية وتشعر بالراحة؟ أليس من حقها أن تكون أُمًا ووالدة بعد سنوات من محاولات عدة؟
لقد تجدد بداخلها الأمل من جديد.. "شهاب" بكل ما هو عليه يُسعدها.. تعشقه بجنون أحيانًا يدفعها أن تنسى كل ما كان عليه يومًا ما.. تريد أن تعانقه لسنوات دون مفارقته أبدًا.. تريد أن تنتشله من كل ما هو فيه وهي بجانبه يدًا بيد حتى ولو طال الأمر لسنوات وسنوات.. لن تتركه أبدًا..
كيف تترك رجل أعاد لها ذلك العشق من جديد.. عشقًا جارفًا لا تدرك إلي الآن أين ومتى وكيف بدأ.. بكل تلك المجازفات والخطورة.. بكل تلك الدوامات التي تُغرقها في صريخ لا ينقطع بين اختيارات العقل والقلب.. بكل ما تعلمته وبكل ما كانت عليه لا تجد ملاذًا من أن تقع بعشقه مرارًا وتكرارًا..
تنهدت وهي تضم ذلك الرداء عليها ولا تصدق أن عرسهما يفصلها عنه ساعات.. تلك الدوامة من تحضيرات وتجهيزات قد التهمت الوقت..
تنهدت ثم أغلقت عينيها وهي تتذكر تلك اللحظة منذ أيام.. لقد تفلت لسانها بكل شيء.. لحظة ظنت أنها ستُدمر كل ما بينهما ولكن كان عليها الإدلاء بالصدق في النهاية.. هي لا تكذب وخصوصًا لن تفعلها مع رجل تعشقه بكل كيانها.. كما أن ردة فعله جعلتها تطمئن أكثر أن هذا الرجل قد تغير كثيرًا..
الرابع عشر من فبراير عام 2020...
هزت رأسها في انكار ثم هتفت بحرقة:
- أنا مش كويسة قولتلك مليون مرة وقربي منك ممكن يأذيك وانت نفس الكلام.. مستنية اتأكد إن فعلا حُبنا لبعض حقيقي مش مجرد كام يوم وهيضيعوا مع أول حاجة صعبة هتقابلنا..
صرخ بها متألمًا وهو يتسائل في استنكار:
- زي ايه الصعب؟ زي ايه فهميني؟
لم تدر كيف انطلق لسانها وهي تنظر له في انفعال وغلف عقلها ساترًا من مشاعر شتى لعشق أعمى ولم تلحظ نفسها وهي تصرخ به قائلة:
- زي إن بدر الدين الخولي هو اللي قالي عالجي شهاب وعرفتك من قبل ما اقابلك بشهور!! عرفت دلوقتي زي ايه؟
عقد حاجباه وقست ملامح وجهه وهو يتفحصها في صدمة هائلة ليندفع لسانه متسائلًا:
- ايه؟!
لم تستطع أن تتوقف عن البكاء وقررت أنه لم يعد هُناك ما تُخفيه فتابعت:
- أنا وهبة قعدنا نفكر شهور في حالتك وتشخيصك.. أنا كان غصب عني كل اللي حصل بس حبيتك بكل ما فيك.. حاولت أساعدك.. حاولت أقربك من مامتك واخواتك.. روحتلها وفهمت كل اللي حصل زمان وعرفت إن باباك كدب عليك زمان!!
الأرض دي بدر الدين هو اللي اشتراها ونقلهالي وخلص ورقها علشان اقنعك بالمشروع واقرب منك! أنا آسفة.. آسفة على كل حاجة.. بس مش آسفة إني بحبك يا شهاب!
ارتجفت ملامحها وهي تنتحب بعد أن صرخت بحرقة وهي تحاول بين تلك الدموع ترمقه كي تعرف كيف تقبل الأمر ولكنها كانت هي الأخرى في حالة يُرثى لها من بكاء وشعور بالآلم والذنب .. ولكن أكثر ما كان يهشمها هو الخوف من أن تفقده بعد كل تلك المشاعر والحياة التي ودت أن تتقاسمها معه..
حاولت إبعاد دموعها عن عينيها بأنامل ترتعش وجاهدت كي توقف بكاءها ثم همست وهي تنظر له في توسل:
- من حقك تعمل أي حاجة.. أنا موافقة أيًا كان قرارك.. حتى لو عايز تسبني و..
قاطعها وهو يجذبها في عناق قاسي تعجبت منه في البداية ولكنها اندفعت في نشيج بدا وكأنه لا نهاية له ومن حسن حظها أنها لم تر ملامحه وهو يُعانقها..
يا لسخرية الحياة! يا لغباء العشاق.. مشاعر قد تُفتت جبلًا في صحراء قاحلة كان ببساطة يصف ما كان عليه منذ سنوات لتُبدل تلك البيداء بواحة كالجنة لتربت عليه في حنان وتطمئنه بأنه يُمكن أن يودع أجيج قفر لازمه ولكن يبدو أن عليه الرحيل الآن..
تلك الواحة التي ظن أنه يتنعم بماءها العذب، وروضتها برياحها اللينة، وأشجارها التي ظلته.. كانت ببساطة مجرد وهم بصري خادع.. كان حُلمًا جميلًا طيبًا من شدة تعلقه به ظن أنه حقيقة..
كان يودعها، يودع تلك المرأة التي عشقها.. النقية الشفافة ذات القيم والمبادئ.. تلك الأنثى الهادئة التي انجرفت مشاعره نحوها في غضون أيام.. يا ليته لم يقابلها ولم يعرفها قط..
تلك الأيام بينهما مرت كما يمر الشهاب.. في لمح البصر.. متأجج بلهيب مستعر ليترصد متلصصي السماء.. يا لخيبته الهائلة..
ذلك النور الذي خطف به أنظار الجميع، تلك السرعة التي انتشل بها نفسه من أغوار ذلك الجبل المُهيب الذي كان عليه لسنوات.. كل تلك الذكريات السوداء التي عذبته في حياته وتلصصت على كل ما به، لقد كان يظن أنه يترصدها بكل ما بعثته به من ضياء..
ولكنها ببضع كلمات قد بددته في ثوانٍ..
ولكنها لم تدر بعد أنه كان قاتمًا بماضٍ مُظلم كما هي روحه المُظلمة.. ظن أنه قد قارب على تحقيق حُلمه بها هي وحدها.. ولكنه لم يعد يريد ذلك النور ولا ذلك العشق ولا كل مما خدعته به.. هي لا تدري أن بخداعها اياه قد استعاد قتامته..
الجميع يرتقب الشهاب بنيرانه وهي تمر ويلاحظوه ولكن لا يعلمون ما الذي يستطيع فعله شهاب قاتم في قلب سماء مُعتمة بليلة لم يسطع نورها!
فرق عناقهما وجفف دموعها وهو ينظر لها بتلك الحدقتان الذي قد كرههما الآن ثم همس لها:
- هو ده كل اللي انتي خايفة منه؟ موضوع بدر وإني اعرف الحقيقة؟ علشان كده مش عايزانا نتجوز؟
ممثل بارع يستحق جائزة أوسكار.. لو كنت رأيته لصفقت له حتى تتألم يداك!! منذ هذه اللحظة كان مُدركًا أنه سيُعذبها حتى تتمنى الموت.. هي حتى لن تجد الموت ليحول بينها وبينه!
ادعى التأثر الزائف وهو يتلمس وجنتها وهي تنظر له في خوف وأردف:
- أنا بحبك.. عمري ما اقدر ابعد عنك.. حتى لو كانت الحقيقة إنك عرفتيني بسبب بدر الدين! خلاص اللي حصل حصل ومش هلومك عليه!
تعجبت كثيرًا لتلك الكلمات ورمقته في حيرة وقد توقفت دموعها ولكن رأسه المُنخفضة نحوها التي بفعلها كادت جبهاتهما أن تتلامس وتلك الأنفاس الدافئة المنبعثة منه وهو يهمس بتلك الحرقة إليها وهو يُقر بعشقها من جديد جعلتها ترتعد ولكن كل ذلك لم يؤثر به وقد كان بدأ في رسم خُطته التي سيثأر بها منها ولكن البداية بإمتلاكها بين يداه بعيدًا عن الدنيا بما فيها!! وسيعمل بكل ما أوتي من قوة على أن يحصل على ما يُريد!
استطرد وهو يحتوي وجنتيها بين كفيه وحدق في عينيها ثم توسلها بنبرة لن يُصدق ابليس حتى سوى مصداقيتها الشديدة:
- اتجوزيني يا فيروز.. أنا مش عايز في الدنيا كلها غيرك.. مش عايز غير اصحى وانتي في حضني.. عايز اقضي السنين اللي باقية في حياتي وانتي جانبي.. عايز يكون ليا بنت وولد منك!! عايز الست اللي حبتني وحبتها وفضلت ورايا لغاية ما خلتني بني آدم!
لو بتحبيني فعلًا وعايزة تساعديني من قبل حتى ما تعرفيني أنا قدامك أهو! ساعديني وخليكي جانبي وانتي مراتي.. كفاية بقى كل ده وانتي بعيد عني.. عايزاني اثبتلك بإيه تاني؟ عايزة فلوس.. كل اللي بإسمي بين ايديكي.. عايزة تغيير أنا اتغيرت وبتغير ولسه هاتغير اكتر من كده.. بروح للدكتور وكل حاجة في حياتي اتشقلبت علشان خاطرك..
ارجوكي نتجوز..
جذبها من جديد في عناق ويده تتخلل شعر رأسها بينما قست ملامحه وهو يحبس أنفاسه والتمعت عينيه بأجيج الإنتقام وانتظر قليلًا حتى يستمع إليها!
همست بعناقهما بنبرة رافضة ولكنها ليست بمثل رفضها القاطع القاسي مثل قبل:
- يا حبيبي هنتجوز.. بس احنا كده بنتسرع! فيه حاجات كتيرة اوي المفروض نـ..
قاطعها بعد أن ابعدها قليلًا عنه واحتوى وجهها بين كفيه مرة أخرى وهمس لها في اصرار:
- مفيش حاجة أنا معملتهاش.. كفاية بقى.. مبقاش فيه حاجة تمنعنا عن بعض!! أي حاجة انتي عوزاها هعملهالك.. أنا مش هاقدر استنى وانتي بعيدة عني أكتر من كده!
رمقته في حيرة ولاحظت تلك الدموع المتكونة بمقلتيه لتبتلع وهما يتبادلا النظرات لتزفر بعمق ثم أومأت له بالموافقة!
قاطعت تلك الطرقات على الباب عقلها الذي تذكر تلك اللحظات بينهما فتوجهت للخارج لتجد أن "هبة" قد آتت لتعانقها بقوة وحاولت بصعوبة ألا تترك خوفها وتترددها أن يظهر أمام أحد..
فلقد قررت وقتها أنها لن تستمر بإبتعادها عنه أكثر من ذلك وانتهى الأمر..
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
يبدو جذابًا حد اللعنة.. وتبدو هي الأخرى أجمل من رآت عيناه في حياته بأكملها.. خفق قلبها بطيات صدرها بعنف وهي تعج بالكثير من الآمال التي تمنتها معه.. بينما بُترت آماله في كل ما كان يتمناه بأحلامه طوال ذلك الوقت الذي انطلت خُدعتها عليه، يا ليت ذلك العشق بينهما دام.. كان ليكون أسعد رجل في الحياة بأكملها ولكن يبدو أن كل الأمنيات لا تتحقق!!
انتقلت يدها من يد والدها إلي يده هو الدافئة.. تبادلا النظرات بإبتسامة.. هناك شيئًا مختلف به اليوم.. شيئًا بعينيه لم تفهمه ولم تستطع إدراكه.. وتلك الرهبة التي تشعر بها والبرودة التي سرت بجسدها كانت كفيلة لتتركها تُجاهد كي تسرق بعض الهواء لرئيتيها التي شعرت بإنعدام الأنفاس بها..
قادتها المشاعر، وأجبرها العشق، وتملكها شيطان عقله هو الذي لا يكل ولا يمل للإنصياع لتلك الخطة التي رسمها ببراعة.. أبدع بكل ما صممه، كان تصميمًا فريدًا من نوعه.. تصميم العمر بأكمله.. اقترب للغاية للمسه على أرض الواقع بعد دقائق قليلة من هذه اللحظة سيرى هذا التصميم يتحول بين يده من مجرد فكرة وتخيُل إلي جسد وروح مهلكة بين يداه!!
لم يُدرك كلاهما أن البرودة التي تشعر بها هي برودة الموت.. ولم يعلم هو أن أفضل مصممي العالم كان لابد لهم من الزوال كي يحل محلهم آخرين.. أفضل وأبرع، يملكون عقولًا ذات قُدرة على الإبداع الباهر لتجعل كل هؤلاء المصممون ذو العقول الفذة في طي النسيان!
همست إليه وهي ترمق تلك التجهيزات المُبهرة:
- هو ده اللي قولتلك خلي كل حاجة على القد.. وبعدين إيه الناس دي كلها وازاي لحقت تعمل كل ده؟
التفت إليها وهمس بثقة:
- مش هاتجوز حبيبتي فيروز غير مرة في العُمر! ومظنش شهاب الدمنهوري ممكن يوقف قدامه حاجة!!
حدقها بنصف ابتسامة هادئة وتابع همسه:
- بحبك!
رفع يدها ليُقبلها أمام أعين الجميع الذين تعجبت "فيروز" من تواجدهم وكثرتهم ولمحت تواجد أكثر من وجه من عائلة "بدر الدين" .. كانت تظن أنه هو الوحيد الذي سيأتي بصحبة "إياد" و "أسما" فقط ولكنها تعرفت أيضًا على وجه "عاصم" الذي تعلم أنه ابن عمه هو الآخر!!
مرت الدقائق في ثواني وهمّا يُعقدا زواجهما.. وقع كلًا من "بدر الدين" وأخيه "هاشم" كشهود على عقد زواجهما.. كانت الرهبة تسري بدمائها وتشعر بإرتياب غريب بينما لم تعلم هي مكنونات صدره ولا كل ما فعله..
انتقامه ببساطة سيؤلمها.. سيجعل عقلها يُجن وستفقده بمجرد التأكد من فعلته الشنعاء.. مجرد أن تدرك ما فعله بها لن يكون هينًا عليها أبدًا..
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
نظر لها بإنتصار شديد وهو يجلس بالمقعد الجانبي للسيارة التي استطاع اقناعها بأنها هي من عليها أن تقود لقلة نومه بالأيام الماضية والإرهاق الذي يشعر به واعتلت شفتاه ابتسامة شامته وبنفس الوقت بمنتهى البراعة أظهر بها مشاعر عشق باتت ميتة منذ معرفته بكذبتها..
ولكن لا تعلم أنه ببساطة يستطيع إحياء ذلك العشق الذي يدوم للحظات ثم يتبدد، سيأخذها ليحلق بها في السماء السابعة ثم سيُلقيها من بين يداه ليرتطم جسدها بقسوة على أرض الواقع ومن جديد سيُكرر فعلته إلي أن تتهتك روحها كما فعلت به يومًا ما..
التفتت له بإبتسامة وملامح متهللة بسعادة عشقها له ثم همست في تساؤل:
- انت بتبصلي تقريبًا من ساعة ما ركبا العربية.. فيه ايه؟
أومأ لها بالإنكار ولا يزال يُزيف تلك النظرات العاشقة ثم همس لها:
- فكرتيني باليوم اللي جيتلك فيه المصحة.. كنتي انتي برضو اللي سايقة.. يوم ما جبتيلي الدوا وابتديت اقولك كل حاجة بصراحة.. عارفة!! أنا حتى حبيتك من قبلها.. يمكن من ساعة ما سافرنا أو قبلها كمان.. حاسس إني في حلم حلو اوي!
التفتت إليه بإبتسامة هادئة وانجرف العشق من عسليتيها نحوه:
- لا مش حلم دي حقيقة.. أنا كمان حبيتك يمكن من يوم ما سافرنا سوا.. لقيت نفسي بتشدلك من غير ما اخد بالي.. ويوم المصحة ده بالذات أنا كنت أول مرة احس إني متضايقة على حد اوي كده وحاسة بوجع علشان بس هو مش كويس..
انت دخلت حياتي غيرت كل حاجة فيا.. وحتى لو جاتلي نفس الفرصة تاني معاك هاختار أكون حبيبتك ومراتك من الأول..
توسعت ابتسامته لها وجذب يدها ليُقبلها ولم يقتنع ولو بكلمة واحدة مما قالته ثم سألها:
- فين موبايلك؟
تعجبت قليلًا ولكنها اجابته بتلقائية:
- تقريبًا على الكنبة ورا..
أومأ لها ثم تناولته يده وكذلك هاتفه وفعل بهما شيئًا لم تره هي لثوانٍ ولكنها لاحظت أنه قد ولج لأحدى مواقع التواصل الإجتماعي ثم بعدها أغلقهما تمامًا وامتدت يده لأحدى اماكن التخزين بالسيارة أمام عصا النقلات فوضع هاتفها وسقط الآخر أسفل قدماها لتوشك على الإنخفاض بينما آتى صوته مُحذرًا:
- ركزي في الطريق قدامك وأنا هاجيب الموبايل..
تقدم قليلًا نحوها وأمسك هاتفه بيده اليُسرى بينما وضعته يده اليُمنى بجانب هاتفها ثم همس:
- بصراحة مش عايز أي إزعاج! قفلت الموبايلين!
شعرت بيده اليُسرى تتلمس نهاية ساقها ثم بدأت أنامله في الإرتفاع إلي الأعلى شيئًا فشيئًا لتشهق في تعجب وهمست في تمنع:
- شهاب أنا سايقة و..
همهم ثم قاطعها في هدوء وقد اختفت يده تحت ثوبها:
- تمام.. ركزي بقى في السواقة كويس اوي! قولتلك خلينا في الأوتيل بس انتي صممتي نروح البيت.. عايزة نصلي سوا ونكون في بيتنا أول ليلة.. أنا معنديش مانع خالص! بس لسه الطريق طويل اوي!!
أراح ظهره على الكرسي خلفه وقد وصلت أنامله بين ملتقى ساقيها لتهمهم هي في ارتباك ثم همست:
- أرجوك.. مش هاعرف اركز وأنا بـ..
قاطعها من جديد بينما استطاع بعد حرب من ساقيها أن تتسلل أنامله أسفل ملابسها الداخلية الرقيقة لتتفلت احدى شهقاتها من جديد بينما همس لها:
- هششش!! أنا لسه معملتش حاجة علشان رد فعلك ده!
التفتت وهي تنظر له في تعجب بينما نظر لها في جرأة ثابتة والتوت شفتاه بإبتسامة ماكرة ليهمس متسائلًا بنبرة إخبارية:
- إيه! مش مراتي دلوقتي وأقدر اعمل اللي أنا عايزه!
رفع احدى حاجباه في انتصار بينما بدأت أصابعه الخبيرة تأخذ منحنى آخر سوى اللمسات لتحاول هي تسليط نظرها على الطريق وأزادت من سرعتها قليلًا وهي تحاول ألا تستجيب لتلك المداعبات لتتمتم بعقلها:
- انت ناوي تمشيها كده!! أنا هوريك!
أسرعت أكثر ثم التفتت له لترمقه بثقة ثم حدثته:
- المخالفات اللي هتيجي عليك..
أطلق ضحكة خبيثة في خفوت ثم أومأ لها بينما تحولت تلك المداعبات الهادئة لأخرى قاسية ليستمع إلي أولى تأوهاتها تغادر شفتاها ورمقها وهي تمسك بعجلة القيادة بشدة ليُعقب قائلًا وهو يلتفت لينظر أمامه بإبتسامة مُتشفية في شعور بالسرور على كل ما يُفكر به وأخذ يتخيله طيلة الأيام الماضية بإنتقامه منها الذي سيُحقق أول خطوة بع بعد قليل:
- حاولي بس متقلبيش بينا العربية!
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
#يُتبع . . .
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
Cover Credits : Ehdaa El - Sehely
***تنويه هام***
بعد هذا الإستفتاء
ستكون الفصول قصيرة في حدود 4000 : 4500 كلمة
كل أحد وثلاثاء وخميس أسبوعيًا..
مواعيد الفصول القادمة :
55 غدًا الساعة التاسعة مساءًا على مدونة رواية وحكاية وسيتم نشر نفس الفصل بعدها بأربعة وعشرين ساعة على الواتباد
56 يوم الخميس الموافق 14 - 1 - 2021 الساعة التاسعة مساءًا على مدونة رواية وحكاية وسيتم نشر نفس الفصل بعدها بأربعة وعشرين ساعة على الواتباد
57 يوم الأحد الموافق 17 - 1 - 2021 الساعة التاسعة مساءًا على مدونة رواية وحكاية وسيتم نشر نفس الفصل بعدها بأربعة وعشرين ساعة على الواتباد
58 يوم الثلاثاء الموافق 19 - 1 - 2021 الساعة التاسعة مساءًا على مدونة رواية وحكاية وسيتم نشر نفس الفصل بعدها بأربعة وعشرين ساعة على الواتباد
59 يوم الخميس الموافق 21 - 1 - 2021 الساعة التاسعة مساءًا على مدونة رواية وحكاية وسيتم نشر نفس الفصل بعدها بأربعة وعشرين ساعة على الواتباد
60 يوم الأحد الموافق 24 - 1 - 2021 الساعة التاسعة مساءًا على مدونة رواية وحكاية وسيتم نشر نفس الفصل بعدها بأربعة وعشرين ساعة على الواتباد
61 يوم الثلاثاء الموافق 26 - 1 - 2021 الساعة التاسعة مساءًا على مدونة رواية وحكاية وسيتم نشر نفس الفصل بعدها بأربعة وعشرين ساعة على الواتباد
62 يوم الخميس الموافق 28 - 1 - 2021 الساعة التاسعة مساءًا على مدونة رواية وحكاية وسيتم نشر نفس الفصل بعدها بأربعة وعشرين ساعة على الواتباد
63 يوم الأحد الموافق 31 - 1 - 2021 الساعة التاسعة مساءًا على مدونة رواية وحكاية وسيتم نشر نفس الفصل بعدها بأربعة وعشرين ساعة على الواتباد
في شهر اتنين هاخد اجازة بعد كده هاخدلي كام يوم افصل فيهم علشان أنا مش إنسان آلي وربنا .. ووالله ما شايلة الأجزاء ولا بحتفظ بيها.. أنا بكتب وبنشر على طول.. بس لسه مش عارفة الاجازة هتكون امتى بالظبط..
دمتم بخير