-->

الفصل السابع والخمسون - شهاب قاتم


 






الفصل السابع والخمسون

⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢

~ لقد انتهت المعارك ولم تنته أيضاً.. لم ينتصر أو يهزم أحد.. 

مجرد هدنة غير محددة.. كما هو حال كل شيء.. الأزمات تتأجل وتسافر معنا للأمام.. 

(احمد سعداوي)

⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢

الثالث والعشرون من فبراير عام 2020

الثانية ظهرًا.. 

لقد باءت محاولتها بالفشل في أن تصل إلي "سليم" أو "عاصم".. لا أحد يجيب هاتفه لتشعر بالقلق يتآكل دمائها.. المنزل بأكمله في حالة يُرثى لها منذ تلقيهم تلك الأخبار المُحزنة.. 

الوحيدة التي استطاعت أن تتحدث لها كانت خالتها "شاهندة" عبر رسائل مقتضبة على احدى تطبيقات التواصل .. أكدت لها تواجدها هي وخالها "بدر الدين" وكذلك "زياد" ووالدتها بمقر الشركة في اجتماع مُطول كي يجدوا حلًا لتلك الخُسارة الفادحة ولم تستطع معرفة تفاصيل أكثر!! 

بالرغم من محاولة تهدئة "نورسين" إليها ولكنها كلما تذكرت ملامح زوجها صباح اليوم تشعر بأنها قاربت على الإنفجار أو البُكاء.. هي لا تدري ما الذي عليها فعله كي تطمئن على "سليم" ولو بمكالمة واحدة منه وكلما مر الوقت تزايدت تلك الحالة من القلق والخوف اللذان يُسيطرا عليها! 

أخذت تُفكر بزرقاويتين شاردتين وهي ممسكة بهاتفها في حالة تأهب تامة ليأتي على عقلها أن تتحدث إلي "إياد" وتمنت بداخلها أنه لن يرفض طلبها! 

اتصلت به وأخذت في الإنتظار إلي أن اجابها لتهتف به في لهفة:

- إياد.. متعرفش حاجة الله يخليك عن اللي بيحصل في الشركة؟

تنهد اخيها ثم اجابها بإستياء ونبرة مُتأثرة بشدة:

- من ساعة ما ماما طمنتني لما وصلت مع السواق محدش بيرد..

شعرت بمزيد من القلق لتتوسله:

- طيب يا إياد علشان خاطري روح وخلي سليم يرد او يطمني.. أنا عارفة إنك مشيت بس في موقف زي ده أنا بس مش عايزة اروح واعملهم دوشة.. أنت اكيد فاهم اكتر مني في تفاصيل الشغل! 

تريث لبرهة عاقدًا حاجباه وهو يُفكر في الأمر ليزفر في النهاية ثم حدثها بنبرة جعلتها تطمئن:

- هاروح حاضر وهطمنك.. وبلاش قلق كتير يا حبيبتي علشان البيبي.. أول ما اعرف اوصل لحاجة هكلمك..

زفرت بقليل من الراحة التي تتمنى أن تكون وشيكة ثم قالت بإمتنان:

- ربنا يخليك ليا يا إياد.. كلمني بسرعة علشان خاطري اول ما توصل!

انهت المكالمة وترقبت في انتظار مر عليها كالسنوات، لا تدري لماذا تشعر بالقلق الشديد! لا تعرف منذ رؤية ملامح "سليم" صباح اليوم يخالجها شعورًا بأن الأمر سيفوق تحمله هذه المرة أو أن الكارثة التي حدثت ستكون نتائجها وخيمة! أو ربما بما أن "إياد" غادر قد يُحمله الجميع المسئولية.. 

لا تعرف كيف تُحدد ذلك الفزع الذي تشعر به ولكن هناك صوتًا بداخلها يُخبرها أن الأمر لن يكون هينًا هذه المرة وأنها ليست مجرد حادثة عابرة!!


⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢

الثالثة عصرًا..

لم يكن يعرف ما الذي يحدث بينهما، والذي تعجب منه هو نفسه وكل ما يُفكر به.. هو لا يريد أن يذهب ليُفرض عليها سيطرته منذ أن تركته فريسة لأفكاره وذهبت، هو فقط يريد أن يفهم ما الذي يحدث له!

تُسيطر عليه أفكاره بأن يُعاملها كما يُعامل أي إمرأة اجتمع بها بالسابق، ولكن هناك صوتًا يصرخ بعقله أن يستمتع بهذا الوهم ولو لقليل من الوقت.. 

نفث المتبقي من دخان سيجارته والقى بقاياها بالمنفضة في اشمئزاز من نفسه، لا يُعجبه الأمر بأن كل ما يحدث هو يريده فعلًا.. كان يود أن يكون هذا بدافع ما خطط له، ولكن أن يستمتع حقًا بكل ما بينهما هذا لم يتخيله.. 

حسنًا لتستمر تلك الهُدنة للقليل من الأيام المُقبلة.. هدوء ما يُسبق العاصفة - كما يقولون.. خُطته بأن يُدمر عائلة "بدر الدين" بأكملها، اطمئنانها هي وأُسرتها وأُسرته هو نفسه بأنهما في احسن حال، تلك الأكذوبة بأنه الزوج المثالي، كل ما يُفكر به إلي أن يغادروا يستلزم بقائها في احسن حال بحيه وخداعه لها! وهذا ما سيبرع فيه!! 

أمسك بهاتفيهما بعد أن تناولهما من غرفة مكتبه ووضعهما بجيبي بنطاله المنزلي ثم توجه حيث المطبخ بعد أن أعد احدى الوجبات الذي يتأكد بمنتهى الثقة أنها ستُعجبها وقام بتحضير المائدة على أكمل وجه وبعدها بحث عنها فوجدها جالسة شاردة ليتابعها عن بُعد ببُنتيه في تريث والكثير من علامات الإستفهام تُلح على عقله! 

شرد هو الآخر بها، لا ينسى أنها كاذبة، ولا ينسى أنها خدعته وأنه فقط يقوم برد المثل.. ألم يقولوا أن الجزاء من جنس العمل؟

ولكن مهلًا.. كلما اقترب لها أكثر يشعر وكأنما تهتز الأرض أسفل قدماه وكأنه يدوس على أمواج.. كل ما في الأمر هو خائف أن تُغرقه في أعماقها أكثر ووقتها لا يدري ما الذي سيفعله معها!

تنهد في حيرة وقرر أن يدع قراره ليُنحيه جانبًا الآن ثم توجه نحوها ليُخرجها من ذلك الشرود وابتسم لها احدى ابتسامته الجذابة التي تسحر النساء علها تقع بها هي الأخرى ولو أنه يرتاب بأنها لن تستجيب لها.. هو بكل ما يملك من ذكاء يعرف أن "فيروز" ليست مثلهن .. ولكنه لن يكل ولن يمل حتى يراها تغرق في كذباته!

حاول أن يدعي المُزاح وشرع في التحدث إليها مقدمًا يده إليها وتكلم بنبرة واثقة:

- ممكن البطل يجي معايا علشان نتغدا وأنا جوعت اوي بس مش هاقدر اكل لوحدي من غيرك! 

رفعت بصرها إليه وهي تتفحصه لينتابه ذلك التشتت اللعين الذي يُسيطر عليه كلما تلاقت أعينهما وهو يسأل نفسه بكامل الإنزعاج ما لون حدقتيها مجهولتان الهوية وما لم يُصدقه هو استجابتها الفورية بتلمس يده والإمساك بها ونهضت ليُمسك بيدها محيطًا اياها بقوة واتجها سويًا ليتناولا الطعام ولكنه ظل ينظر لمظهرها الفاتن الذي بات يُدهشه في ذهول برمقات جانبية ليضحك مُخلفًا نبرته الرجولية العميقة التي لاحظ من قبل كيف تؤثر عليها فقابلته بأعين مستفسرة لضحكاته فتحدث مسرعًا:

- أنا مش عارف بصراحة انا اتجوزت مين! بس بصراحة بطل بطل يعني! كنتي مخبية كل ده فين بذمتك؟

ابتسمت بإقتضاب شديد وظلت تتفحصه بينما وصلا للمطبخ وجلسا بالقرب من بعضهما وتفقدت المائدة في اعجاب وهمهمت له ثم حدقته في ثقة وهمست له:

- مش قولتلك في مرة في ست بتعرف تقدر امتى تظهر جمالها وازاي والأهم لمين!

همهم لها وهو يومأ بالموافقة وشرع في تناول بعض الطعام بالشوكة ورد معقبًا وهو يرفع الطعام أمام شفتيها لتتناوله:

- يوم خطوبة اخواتنا.. تحبي اقولك الساعة كام كمان؟ أنا عمري ما بنسى حاجة بتقوليها.. ويومها انتي فاجئتيني اوي يعني.. كنتي زي القمر انما دلوقتي بطل وقمر برضو..

بدأت في تذوق الطعام ومضغه في تريث لتصدر أصواتًا مستمتعة في أنوثة جعلته يرمقها بمزيدًا من الذهول وقرر ألا يتركها تسيطر على الأمر أكثر فتناول هو الطعام في جدية وتناوله مبتلعًا اياه ومن ثم اطعمها مجددًا وغير مجرى الحديث متسائلًا: 

- مش عايزة تكلمي مامتك وباباكي او هبة؟

اخرج على الفور هاتفها لها وكذلك خاصته ثم تابع:

- انا عن نفسي هاكلم هاشم وماما اطمن عليهم وحازم كمان.. 

هزت رأسها وأمسكت بشوكتها وشرعت هي في اطعام نفسها وبدأ كل واحد منهما في تشغيل هاتفه لتهمس هي في مكر متسائلة:

- وأنت عايزنا نكلمهم دلوقتي احنا الاتنين علشان نعمل ايه بعد كده؟

التفتت نحوه ناظرة له نظرة جانبية بدهاء انثوي شديد ليتوقف عن مضغ الطعام والتوت شفتاه بإبتسامة وابتلع الطعام دُفعة واحدة ثم ضيق عينيه متفحصًا اياها بنظرة مُتأنية تنقلت على جسدها في حرية تامة تتفحص كل ما ظهر منه ثم اجابها في ثبات:

- سمعت إن فيه حد عزيز عليا اوي متبسطش معايا من شوية.. عايز اشوف الموضوع ده علشان مقدرش اسيب الحد ده زعلان! لازم ابسطه برضو ولا إيه!!

التوت شفتاها في سخرية وتوقفت عن تناول الطعام لتحدق أمامها لوهلة في جدية وتفكير شديد ثم تنهدت والتفتت نحوه بكامل جسدها وأمسكت بإحدى يداه بكلتا كفيها في قوة ليتوقف هو الآخر في انتظار لتلك الملامح التي يبدو وأنها ستُصرح بأمر جلل وتناولات نفسًا مطولًا ليُتمتم مُسرعًا:

- أيوة أيوة نفس المصايب.. اشجيني يا بطل!

توسعت ابتسامتها لثواني ثم استعادت ملامحها الجدية وتكلمت في هدوء: 

- شهاب أنا اخترتك وحبيتك بكل ما فيك.. عارفة عنك كل حاجة.. عمري ما كدبت عليك لا في مشاعري ولا احساسي ولا حتى حاجة زي موضوع مامتك او موضوع بدر الدين علشان من البداية عايزة حياتنا تكون ناجحة! 

تنهدت من جديد بينما تفحصها بملامح جدية فارغة من المشاعر لم تطمئنها وكذلك لم تدع لها الفرصة في القلق فتابعت كلماتها له:

- أنا مش خالية من العيوب ولا انت كمان.. وعمرك ما هتلاقي إنسان من غير عيوب.. بس أنا قبلت عيوبك وهتعامل معاها وانت كمان قبلت عيوبي.. زي ما أنت ممكن تحاول تجبرني على علاقة أنا ممكن اضطراباتي تخليني بعاملك بتحكم شديد.. عيبين اي اتنين عاقلين ميقبلهومش.. مرضين ملناش غير إن احنا نحاول نتعالج علشان نوصل لأرض مُحايدة.. 

انا عايزة نكون مبسوطين.. من اول السرير للحياة مع بعض لغاية القرارات الكبيرة.. وكل واحد مننا فاهم التاني بيفكر ازاي! 

لو عايز مجرد ممارسة جنس زي الحيوانات أنا اقدر اعمل كده.. بس مع الوقت محدش فينا هيتبسط! وإلا منبقاش بنحب بعض لو هي مجرد شهوة كل واحد عايز يخلص منها وخلاص! 

تبادل معها النظرات الحائرة وصوتها وتلك الثقة التي تتحدث بها جعلته من جديد يتشتت بداخله بين تلك الكلمات التي تمنى يومًا ما أن يستمع إليها منها وهي زوجته التي يعشقها وبين أنها مُخادعة ولا تستحق سوة الكذب والخداع وبمنتهى البساطة جعلته يتشتت أكثر عندما تلمست يده بقُبلة من شفتاها في تريث لينظر لها في تخبط بين ما تفعله الآن وما فعلته أمس وما فعلته هذا الصباح وهمست لتُكمل:

- مش هنعامل بعض بشغل الأمراض دي تاني.. أنا عايزانا نتبسط في كل حياتنا.. وأي حاجة صعبة نواجهها سوا.. انسى كل اللي حصل من اول العربية لغاية اللي حصل لما صحينا.. هنحاول تاني.. اتفقنا يا شهاب؟! 

رمقته بحدقتان صافيتان تبحثان عن الحقيقة بتلك البُنيتان القاتمتان الثابتتان في رسوخ ومُكث وبعد هُنيهة يسيرة أومأ لها بالموافقة ثم اجابها:

- اتفقنا يا فيروز..

تنهدت بقليل من الطُمأنينة ثم اقتربت منه وقبلته على وجنه ليُباغتها بإحاطة خصرها وجذبها نحوه أكثر وهمس بأذنها في مشاكسة ماكرة:

- جرا ايه يا بطل بتبوس ابن اختك ولا إيه؟ 

أصدرت ضحكة أنثوية أهلكت رجولته وصداها ينعكس على وجهه بفعل ملامستها اياه ثم همست له:

- ناكل ونكلم الناس وبعدين نشوف موضوع البوس ده! 

لم يتركها بعد وحدق بعينيها بجرأة ثم همس لها:

- وأنا اشوف البطل اللي بيقول انه متبسطش علشان مقدرش على زعله!

رفعت احدى حاجباها في انتصار شديد وهمست في توعد:

- هنشوف! 

ابتعدت قليلًا عنه ليبتسم في غيظ وعاود كلًا منهما تناول طعامه بينما بدأ هو في تفقد هاتفه بتلقائية تظاهر بها وفعلت هي الأخرى المثل ولكن دون تزييف منها لشيء ليتحدث هو في صدمة:

- ايه ده.. الحقي.. مخازن شركة بدر الدين اتحرقت والخبر نازل اهو!

التفتت له وهي ترمقه في غير تصديق وقبل أن تتحدث نهض هو مُدعيًا الذهول ووجدته يضع الهاتف على أُذنه لتتابعه في تريث هائل.. 

هل لم تغفل عن ردة فعله منذ أيام، جزء بداخلها يُصدق أنه لم يتقبل الأمر.. ولكن في نفس الوقت لا تُصدق أنه يكذب بالأمر.. لقد ذهب إلي "بدر الدين" مرة، لقد دعاه ليكون الشاهد على زواجهما، لقد حدثته هي الأخرى بنفسها وتأكدت أنه ذهب له ليشكره على ما فعل! 

هل حقًا عشقه لها جعله يفعل كل ذلك؟ هل حقًا تلك الأيام بالعلاج جعلته رجل أفضل؟ هل ما فعله ليلة أمس كان افتقاره لخبرة التعامل مع إمرأة يعشقها ليس إلا؟! 

استمعت في تمعن لتلك المُكالمة، هو يعرض عليه المساعدة المالية! هل يفعل ذلك دون كذب؟ تصرفاته تدفعها للذهول من كل ما يحدث حولها! أحقًا رجل مثله قد تغير بتلك الطريقة؟! كادت أن تُجن مما يفعله ولكن ما يظهر لها يُطمئنها ويثير ريبتها في نفس الوقت!

ابعد قليلًا الهاتف عن أُذنه ثم همس لها في تساؤل:

- تحبي تكلميه؟! 

رمقته لبرهة في تعجب ثم في النهاية حمحمت وأومأت له بالموافقة ليعاود بقية حديثه الزائف مع "بدر الدين" ومن ثم ناولها الهاتف لتحدثه هي الأخرى!! 

⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢

الرابعة عصرًا.. 

زفر وهو يخلل شعره في مزيد من الذهول وبعد ذلك الإجتماع الذي دام لساعات لم يجد أن هناك سوى أمرًا من اثنان.. إمّا أنه هناك تلاعب شديد بحركة المخازن وسرقة تمت لذلك وقع ذلك الحريق وإمّا هناك من يترصدهم ويريد أن يُكلفهم خسارة فادحة! 

من يكون؟! ليس لديهم أعداء في نفس المجال وعلاقاتهم طيبة.. العدو الوحيد الذي اكتسبوه على مدار سنوات لم يكن سوى "شهاب الدمنهوري"!! 

ولكن أليس كان حفل زفافه بالأمس؟ أليس هو من آتى لوالده كي يدعوه وقام بدعوة الجميع وذهب البعض من العائلة بالفعل بصحبة والده وكذلك قام بالشهادة على عقد زواجه؟ لا ينفك يرتاب بأمره بالرغم من إخبار والده أنه يستحيل أن يفعل ذلك خصوصًا وقد قام بمهاتفته وقدم المساعدة!! 

كيف لشركات التأمين أن تعوض هذا فورًا؟ أن يفقدوا خمسين بالمائة من مخزونهم للمواد هذا أمر يدعوا للفزع! لو حدث أي طوارئ لن يستطيعوا الصمود ولو لشهران بهذا المخزون.. ولو ود أن يعوض سريعًا تلك المواد سيكلفهم ما لا يقل عن ثروة ولن يقبل الموردين الدفع الآجل!! 

وقع في مزيد من التشتت ورأسه قاربت على الإنفجار وهو كالتائه بين معرفة من فعل بهم ذلك، بين إتهامه لذلك الحقير الذي بمجرد رؤيته يجعله يكره الحياة بأكملها، بين كيف يعوض تلك الخسارة الفادحة، وكذلك لم يعد غيره هو المسئول الوحيد عن إدارة الشركة ويتبعه كلًا من عاصم وعمته "شاهندة" ليس إلا!! 

أراح ربطة عنقه قليلًا وهو يشرد في الأمر ويتذكر التسجيلات المرئية التي تراقب المخازن.. شيئًا ليس منطقي.. لقد تفجرت فجأة وكأنما هناك قنابل بداخلها! من سيفعل ذلك؟ أليس "شهاب الدمنهوري" هو من له علاقة بتلك الأعمال المشبوهة وهو الوحيد الذي يستطيع فعلها؟! لماذا لا يُصدقه أحد؟! لماذا عليهم انتظار التحقيقات بالأمر؟ لا يوجد سواه من يستطيع أن يفعل مثل هذه الفعلة الشنعاء!! 

زفر في حنق واكفهرت ملامحه.. لقد تماسك بأعجوبة أمام الجميع.. بالكاد استطاع على الحصول على تلك الدقائق بمُفرده ولكن تفكيره وغضبه كلما تذكر تلك الخسارة تجعله يشعر أن رأسه تحترق!! 

استمع لطرقات على الباب وكاد أن يصرخ بالطارق ولكن بمجرد ظهور "إياد" حاول تمالك نفسه فهذه هي المرة الأولى لهما منذ كثير من الوقت أن يتحدثا فنظر له في تريث بينما حمحم الآخر وكلمه بإقتضاب شديد:

- ابقى كلم زينة علشان قلقانة عليك.. أنا طمنتها وقولتلها متقلقش بس برضو كلمها!

تفقد ملامحه وهيئته التي بعثته هو نفسه للقلق على صديقه، اخيه البكر، وفي النهاية ابن خاله ليبتلع بصعوبة ثم أضاف من جديد في إقتضاب: 

- إن شاء الله أزمة وهتعدي وطنط شاهي بتكلم الموردين اهى وهتعرف تعوض كل حاجة.. شركات التأمين برضو موجودة .. مجرد وقت بس وربنا يسهلها إن شاء الله! 

لم يستطع إجبار ابتسامة أو حتى المُزاح معه ليخرجه من تلك الحالة التي تترجمها هيئته المزرية، كلما نظر له يتذكر ملامح والده وما حدث له، بالرغم حتى من اقامته معهم في منزل واحد الآن ولكن لا يستطيع أن ينسى أنه قد اخفى عليه الأمر.. وحتى لو قام بفعلتها مع الجميع لم يكن له أن يخفي عنه هذا الأمر بالتحديد!! 

التفت ليُغادر بينما أوقفه "سليم" بنبرة اتضح بيها مزيجًا من الحزن والغضب والخذلان وقال:

- استنى يا إياد!! أنا محتاجك معايا.. بلاش تمشي اليومين دول .. أجل الموضوع شوية وبعدين ابقى اعمل اللي أنت عايزه!

تصلبت قدماه أرضًا ثم التفت له ليرمقه وهو يكُز أسنانه ليتبادلا النظرات لوهلة ثم أومأ له بالموافقة واتجه ليجلس على احدى الكراسي المقابلة لمكتبه وبعد كثير من الصمت شرعا في الحديث في محاولة أخرى منهما لتفسير كل ما حدث..

⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢

السادسة والنصف مساءًا..

أطلق زفرة في راحة هائلة بعد ان انتهى ذلك الفيلم الذي شرعا في مشاهدته وضرب برأسه بخفة على نهديها الذي يتوسدهما وأمسك بكلتا ساقيها المحاوطان لجسده ثم رفع بصره لتُخفض هي عينيها المبتسمتان ليهمس لها:

- الفيلم خلص بقى.. مش كفاية كده ولا إيه!

ابتسمت في دلال وضيقت عسليتيها وهي تتفحصه ثم همست له:

- عايز إيه؟

****تحذير****

مشهد جريء.. برجاء عدم القراءة إن كنت لا تبلغ 18 عامًا أو لا تتقبل المحتوى الجريء.. وإن كان عمرك أقل من 18 عامًا برجاء إدراك أن هذا المشهد لا يُفسر سوى علاقة مُرضية مباحة بمنتهى الود والتقبل بين الزوجين ولتعلم المرأة أنها من حقها أن تطالب بما تريده في علاقتها بزوجها كما هو حق الرجل تمامًا في المطالبة بنفس الشيء ولا يعاب احدهما في ذلك.. 

استدار بجسده وجذبها اسفله ليُصبح معتليًا اياها ولكنه فعلها في رفق شديد واجابها في همس ناظرًا لعينيها في توسل:

- عايز ابوس!! 

تفقدته لبُرهة ثم تصنعت الرفض وهي لا تزال تحافظ على ابتسامتها وهزت احدى كتفيها بدلال اغراه للغاية ثم همست له:

- مليش مزاج! 

رفع حاجباه في عدم تصديق واقترب أكثر منها وهو على وشك تقبيلها ثم همس: 

- يا سلام!! وهي الفخاد اللي قاعد ما بينها بقالي ساعتين والهدوم دي بتاعت واحدة ملهاش مزاج برضو؟

أوقفته بعد أن كادت شفتاهما على الإنضمام سويًا في قُبلة متسرعة منه وصدته بوضع أناملها بمزيد من الدلال على شفتاه وتابعت في اغراء فاق إعجابه بمراحل:

- وهو علشان لابسة كده وقاعدة مع جوزي براحتي يبقا ليا مزاج!! عايزني البس اسدال قدامك مثلًا؟

اخفضت أناملها بلمسات متريثة قاصدة أن تعبث بشفته السفلى ليزفر بأنفاسه الساخنة في حنق وتفقدتها حدقتاه في إرادة شديدة ورغبة متأججة بها وابتسم في غيظ وحدثها بين أسنانه المُطبقة:

- اسدال!! انتي حجر يا حبيبتي ولا إيه؟ الرحمة حلوة.. 

صدحت بضحكتها في انوثة لم يعهدها منها قبلًا وعانقت ملتقى كتفيه وعنقه بكلتا يداها بلمسات خبيرة جعلت حواسه تضطرم بالمزيد من الإثارة التي فاقت تحمله وردت في دلال مهمهمة:

- ممم.. لسه مفكيتش من حوارات امبارح والصبح! 

عقد حاجباه وهو يتفقدها وبدأ في الإنفعال من تلك الطريقة التي تتبعها معه وازداد غيظه وتكلم في خفوت متوسلًا:

- ما خلاص بقى يا حبيبتي حقك عليا.. وبعدين بقولك عايز أبوس! مش بتحبي البوس برضو؟

همهمت من جديد في مراوغة وتريثت قبل أن تتابع بنبرة خافتة مُثيرة: 

- بحبه اه.. بس مش دلوقتي

أتمزح تلك العاهرة معه؟ أنست ما الذي فعلته به؟ ما الذي يوقفه عن صفعها الآن واجبارها على كل ما يريد؟ وما تلك اللعنة التي تفعلها به؟ هو ليس معتادًا على تلك اللمسات التي تجعله كالمشتت التائه!! 

لهث بعنف وتحولت ملامحه للغضب الممزوج بالرغبة ثم تحدث بين أسنانه المُطبقة حانقًا بلهجة تصرخ بالتحذير:

- فيروز!! انتي قولتي هنحاول.. متخلنيش اعمل حاجة غصب عني تضايقك.. 

زفرت في تصنع جلي بقلة الحيلة ثم همست بإبتسامة ولمح بحدقتيها اللعينتان نظرة انتصار لم يدرك ما سببها:

- عايز تبوس.. ماشي..

دفعته بكلتا يداها للأسفل وهي تحتوي رأسه بكلتا ساقيها يمينًا ويسارًا ثم حدثته بنبرة دفعته للشتات والإثارة في وقت واحد:

- بوس.. 

رفع حاجباه وهو يرفع نظره إليها بينما تابعته هي بعينيها خافضة رأسها وهي تحاول قراءة ردة فعله ليُحمحم واختلفت ملامحه وتلعثم كثيرًا إلي أن استطاع أن يُكون جُملة واضحة ليهمس في لهاث بصوت مهزوز:

- أنا .. أنا عمري ما.. 

زفر من جديد في حنق حاول أن يتخلص من وجوده بين ملتقى ساقيها لترغمه هي على الثبات وعدم التحرك وأحاطته بقوة بساقيها وهمست له بأنفاس متسارعة ولم تتفارق أعينهما:

- إيه! أول مرة تجربها.. حلو.. 

تحولت ملامحها للجدية لتخبره بلهجة آمرة هادئة مشددة على نطقها للحروف:

- مش عايز تبوس وتحاول.. بوس!!

تفاقمت عقدة حاجباه واشتدت ملامحه لتباغته بدفع رأسه بكلتا يداها ليلهث هو في سخط وبمنتهى الهمجية ابعد سروالها جانبًا وشرع فيما أرادت منه!

أخذت تتابعه في جرأة شديدة بعينيها وتعالت أنفاسها في تسارع شديد إلي أن تحولت إلي لهاث وجذبت شعره لتعطيه شيئًا يرضي ذلك المغتصب بداخله.. صراخ جهوري ارتجت على اثره الغرفة بأكملها حولهما.. ولكنها لم تفعلها فقط لإرضاءه ولكن لشعورها بالإثارة الشديدة هي الأخرى..

لم يفعلها قط في حياته سوى مع تلك العنيدة التي سقط صراخها على مسامعه كأفضل ما استمع له يومًا ما.. لماذا يشعر بطعم الشوكولاته؟ أتضع مستحضرًا ما.. اللعنة عليها!! يبدو وأنها تود أت تغير به كل شيء حتى ممارسته للجنس مع النساء! 

هتفت به في لهاث متقطع واشتدت يديها على شعره بعد أن كانت تمرر أصابعها برأسه وهي تزيد من شبقه:

- بإيدك يا شهاب! 

رفع رأسه ناظرًا لها بإستغراب هائل من جرأتها التي لم يتوقعها أبدًا لتدفع رأسه ثانيةً وفعل ما اخبرته به ليتعالى صراخها من جديد ليشعر بقوة محاوطة ساقيها حوله ولا يدري لماذا لم يستطع التحكم في الأمر ولا حتى السيطرة على لمساته ولثماته لها التي ازدادت وكأنها بطريقة خفية تسيطر على كل ما يفعله ليحتد الأمر أكثر إلي أن شعر بها ترتجف أسفل شفتاه فتوقف لاهثًا ليرمقها ببنيتيه رافعًا رأسه فباغتته بجذبه للأعلى.. 

ارتطمت شفاههما في قبلة شغوفة لم يتذوق مثلها في حياته من قبل وامتزج لهاثهما وهي تعانقه بلمسات بود لم يتشاركه من قبل مع سواها وفي نفس الوقت الهبت كل حواسه في أن يُصبح بداخلها في ثوانٍ..

شعرت بما يفعله لتدفعه بعيدًا ثم أومأت له بالإنكار وكلاهما يلهثان لينظر لها في غضب شديد وهو لا يدري ما الذي تريده أكثر من هذا.. 

لقد قبلها، لقد فعل معها ما لم يفعله أبدًا في حياته من قبل.. لقد حصلت على شهوتها منذ ثوانٍ.. ما الذي تريده منه بعد؟ لماذا تمنعه الآن؟! 

كاد أن يتحدث ولكنها نهضت جالسة ودفعته أكثر وهي تهمس:

- هششش.. 

لم يكن يعي ما معنى كل ما تفعله ليجدها تعتليه وهي تجرده من قميصه المنزلي وفي الأثناء لم تتوقف عن تقبيله في نهم واشتهاء شديدان وانتقلت بعدها لتباغته بشفتاها التي بات يشعر بها تلامس عنقه وصدره وذراعاه بتأني غريب جعله يشتعل أسفلها في مباراة فتاكة في نمط ذو حذق ودهاء لم تتملكه به إمرأة قبلها واعترف اخيرًا بإنهزامه أمامها كالخائب.. 

هو يظن أنه يجذب شعرها بقسوة، يظن أن تآوهاته التي تفلتت منه كانت كلمات ناهية غاضبه، يُخيل إليه أنه يؤلمها، يظن الكثير والكثير وهو مغلقًا لعينيه بينما لم يدرك أنها منذ أن خلعت عنه كامل ملابسه باتت تتحكم في جسده بأكمله! وخصوصًا رجولته!

لطالما كان مولعًا بالجنس الفموي ولكن الأمر معها مختلفًا.. كل ما تفعله به يدفعه للشتات وعدم مقدرته في السيطرة على الأمر.. لماذا الأمر معها مختلفًا؟ ومن أين لها أن تمزج بين استخدامها لشفتاها عليه ولمساته الخبيرة كي تجعله خائر القوى أسفلها بهذه الطريقة.. 

بمشقة وجهد حطما قيد كل أُنملة به استطاع فتح عينيه وهو يُخفض رأسه ليتفقدها فتقابلت أعينهما ووجدها تنظر إليه بجسارة شديدة فخلل شعرها بيديه بينما همس في تعسر بين لهاثه:

- كفاية.. 

مسحت شفتيها بإثارة طاغية جعلته يندهش أكثر وشعر بجسده بأكمله ينتفض كي يتملكها بينما لم تترك له الفرصة وبسيطرة راوغت بها اعتلته ليُصبح بداخلها وأقتربت منه لتُقبله في تريث ليبتلع كلاهما تآوهات الآخر.. 

أهذا ما تُعنيه إذن بممارسة الحب؟ أهذا ما تريده وتقصده؟ حسنًا الأمر يروقه للغاية.. لن يُنكر أن به استمتاع غريب.. استمتاع لم يختبره قط سوى معها.. ما تلك الأحاسيس؟ هو لا يدري ما هي ولكن بها لذة لم يشعر بها سوى معها هي فقط! 

هو لا يسيطر على الأمر، هي من تفعل، هو ليس الرجل الذي يُصبح أسفل إمرأة وهي تتحكم بجسده، ليس هو.. ليس ما هو عليه، يجب أن يستجمع تركيزه كي لا يترك لها كامل الهيمنة.. يا له من صراع بغيض ليس في حاجة له الآن!! 

فتح عينيه في إندهاش بعد شعوره بتوقفها وتلاقت اعينهما وهي تتلمس عنقه في عناق هي الوحيدة التي استطاعت الحصول عليه من كل تلك النساء التي ضاجعها لتهمس له لاهثة:

- عايز إيه؟!

ابتسمت له بأنفاس متسارعة ليحيط خصرها في قوة بكلتا ذراعيه وحدثها لاهثًا هو الآخر في تساؤل:

- جربتي تتشالي قبل كده؟

بُنيتيه الماكرتان لم ترأف بها لترفع احدى حاجباها في تمرد وتحدي ثم اجابته:

- اجرب!!

نهض من على السرير حاملًا اياها لتجذبه إليها وهي تُقبله في شغف وإرادة ولم يكترث بإرتطام ظهرها بقسوة على الجدار خلفها وأخذت دفعاته بها تتسارع بشدة ولكن لم تكن قاسية.. ليس مثل ليلة أمس، وليس مثل ما كان يفعل بالنساء.. كل ما يحدث معها كان جديدًا عليه تمامًا وفريدًا من نوعه.. 

أوقفته بعد مُدة ثم همست في دهاء:

- اعرف واحد بيمل بسرعة، إيه رأيك في الكنبة؟ 

رفع حاجباه في مزيد من الإندهاش والذهول وابتسم في غير تصديق لتنظر له في انتصار ونشوة بتلك الملامح التي تراها تعتلي وجهه ثم توجه حاملًا اياها وأخفض جسدها في رفق واعتلاها لتحتوي وجهه بين كفيها وهي تنظر له محدقة به لتباغته من جديد بما لم يُصدق أنه قد يغادر شفتاها:

- يا ترى مالكش غير في العنف بس ولا السرعة برضو موجودة! 

لم يعد يُصدق تلك الجرأة التي تتحلى بها واندفع بها كالحصان الجامح لتصرخ هي وسيطر هو بهيمنة طاغية على تلك الصرخات بعدم سماحه بمغادرتها إلا بين شفتاه وامتزج لهاثهما في لحظة من شغف وجنون لم يشعر بها قط منذ أن وُلد إلي هذه الثانية لتنهار كل أفكاره وكل ما يظن أنه يتمتع به وترك العنان لمشاعره بأن تقع فريسة لتلك المرأة الساحرة أسفله وعانقت ساقيها خصره بقوة ليشعر بدماءه تحتدم ولأول مرة يشارك إمرأة ارتجافتها في نفس الوقت وهما يصرخا بين قبلتيهما التي بالكاد تفرقت طوال تلك الفترة!

***نهاية المشهد***


حاولا استعادة وتيرة أنفاسهما في هدوء وارتخت ساقيها حوله في لين بينما ارتمى بجسده فوقها وهو يستند برأسه على وجهها وهمس بأذنها:

- البطل اتبسط المرادي؟

حاوطته في عناق تجذبه إليها وكأنها تريد الإقتراب منه أكثر وهي تهمهم في استرخاء وهمست له متسائلة:

- وأنت؟

رفع رأسه لينظر لها مضيقًا عينيه وارتسمت ابتسامة على شفتاه وحدثها بنبرة مازحة:

- بعد كل الخبرة دي ومش عايزاني اتبسط!! 

صدحت ضحتها وهي تعيد رأسها للخلف في تلقائية بينما رمقها في تشتت وهو يلمح تلك السعادة البادية على وجهها ورآى ذلك العشق الذي صرخت به عينيها ليبتلع في إنزعاج من أن مجرد كل هذا لن يدوم سوى لقليل من الوقت ونهى أفكاره سريعًا عما يُفكر به ثم هتف بها في توسل:

- فيروز أنا عايز أنام في حضنك! 

رمقته في تعجب ثم تفقدت الساعة ومن ثم نظرت له لتحدثه في تلقائية:

- بس الوقت لسه بدري والساعة لسه مجتـ..

قاطعها عاقدًا حاجباه في رفض منيع وتوسلها:

- أرجوكي.. 

نظرت له في استغراب بينما أومأت بالموافقة لينهض ثم حملها إلي السرير وحاول ألا ينظر إليها بالرغم من تلك الحدقتان التي يشعر بهما تبحثان في وجهه عن حقيقة ما يفعله وأخفض جسدها في رفق ليتبعها وهو يدثر جسديهما بالأغطية ثم جذبها بقوة وهو يتوسد نهديها وأغلق عينيه..

شعر بها تحاول الوصول إلي الضوء الجانبي لسريرهما بينما همس بها:

- سيبيه أنا شوية وهاقوم اقفله..

تعجبت لوهلة ولكنها تذكرت كذلك أنها استيقظت صباح اليوم ووجدت الضوء مُضاءًا لتحدثه:

- ماشي..

حاولت بصعوبة أن تُرغم نفسها على النوم وهي تداعب شعره في حنان وأخذت تُفكر في كل  ما مر عليهما اليوم وتظاهر هو بإنتظام أنفاسه ولكنه لم يشعر سوى بالتشتت الهائل!!

ماذا لو اكتشفت حقيقة الأمر؟ هل سينتهي كل شيء بينهما؟ هل يريد هذا؟ هل ستتركه وقتها؟ سيجبرها وقتها أن تظل معه.. شاءت أم آبت.. ولكنها مخادعة كاذبة! سيتخلص منها لاحقًا ولن يريدها.. تلك المشاعر تجتاحه فقط لإختباره أمرًا جديدًا عليه معها ليس إلا.. لن يستجيب لأي منها.. 

عندما تنتهي تلك الهدنة، عندما يضاجعها اكثر من مرة، عندما يشعر بالملل والسأم سيكون من السهل عليه أن يلقي بها أسفل قدماه ويتركها.. 

سيستطيع أن يُشعل نار الحرب بعدها.. سيقهر قلبها كما فعلت معه.. ولكن ليس الليلة وليس الآن.. ربما عندما يستيقظ وينتهي من أمر زيارته لـ "بدر الدين الخولي" وابنه سيجعلها تعلم مع من عبثت وما معنى أن تكذب عليه وتجعله يحيا في خدعة لأشهر! 

من حقه أن يستمتع بهذا العناق وبتلك اللمسات، لقد فعل كل شيء من أجلها وهي كانت خادعة.. من حقه ولو يومًا واحدًا من حُلم جميل تمنى بأعمق بقاع قتامته أن يتحقق.. ولكن لن يحدث أبدًا.. 

توعد لها بالحرب والإنتقام، وظن أنه سيسأم وسيطلق عليها تلك النيران القاتمة التي يُشعلها بالجميع.. لم يعرف أنها ستُمثل لها جحيم أبدي لا يستطيع الفرار منه.. لا يفقه أن تلك النيران التي لطالما تلاعب بها ستلتهمه حيًا مرارا وتكرارا بالأيام القادمة!

 ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢

العاشرة والنصف مساءًا. . .

تنهد في إرهاق ثم حدث "إياد" بنبرة مُستغرقة في التفكير: 

- أنا مش قادر اصدق غير إن هو اللي عمل كده!

مط شفتاه في انزعاج ومن جديد حاول اقناعه بأن الأمر مستحيل:

- يعني منين بابا يرجع وشهاب يجي ويعزمنا على فرحه ولسه اصلا عريس وكل ده يحصل؟ 

زفر حانقًا وبادر بالحديث قبل أن يجد المزيد من الأعذار الواهية قائلًا بلهجة غاضبة:

- ايوة ايوة زي ما جه زمان وعمل فيها حنين ومحترم ولا نسيت عمل ايه معانا! 

زفر الآخر وهو يرمقه بغضب ماثل غضبه ولكنه لم يود أن يوجه له الإتهامات الآن وحاول تغيير مجرى الحديث:

- وليه متقولش إن حصل اختلاس وحد بيداري على عملته باللي حصل؟

ابتسم ساخرًا ثم اجابه:

- على أساس إن كل اللي شغالين معانا استنوا مرة واحدة بعد سنين علشان يولعوا في اربع مخازن؟ أنت فعلًا مصدق كلامك؟ طب وكاميرات المراقبة اللي جبنا كل تسجيلاتها وملقناش فيها حاجة؟ برضو غلطانة وشهاب هو اللي ملاك نازل من السما؟ 

كاد أن يحدثه ليصدح هاتف سليم بالرنين فأجابه على الفور ليتابعه "إياد" في تريث واستفسار علهم قد وجدوا حلًا لتلك الكارثة التي تهاوت على رؤوسهم بينما استمع له وهو يهتف في لهفة ناهضًا: 

- اقفل أنا جاي حالا! 

نهض الآخر وهو يرمقه وسأله بينما أمسك "سليم" بمفاتيح سيارته على عجل وجذب سترته وهو يرتديها:

- فيه إيه يا سليم؟ عرفت مين اللي عمل كده؟ 

أومأ له بالإنكار ثم توجه نحو الخارج وهو يُجيبه:

- المحامي وجوز خالتك ببيقولوا إن فيه تلاعب في آخر اقرار ضريبي اللي اتقدم الشهر اللي فات بتاع كل quarter! 

تبعه مسرعًا وهو يلحق به:

- ايه الهبل ده.. من امتى واحنا يتقال علينا كده؟ وبعدين ما يستنوا لبكرة الصبح ولا مش عارفين يحلوها دي كمان؟

زفر في حنق ثم تشدق من بين أسنانه المطبقة:

- أنا رايحله عمومًا علشان مش ناقصين فضايح وهحاول اخلص الدنيا وأحنا اقرب من جوز خالتك ولسه قدامه وقت على ما يوصل.. لو عايز تيجي معايا تعالى! 

 أومأ "إياد" في إنكار واتجه كلاهما للمرأب ليستقلا السيارة وانطلق بها "سليم".. لوهلة بدأ في تبني فكرته بأن ربما يكون "شهاب" خلف كل ما يحدث.. ولكنه لوهلة عاد من جديد ليُفكر بأن ربما غضبه منه بالسابق هو الذي يجعله يُفكر هكذا.. خصوصًا بعد آخر مرات رآى بها "شهاب" وبعد دعوته للجميع كي يحضروا عُرسه وهو يُعاملهم بمنتهى الإحترام!! حتى القضية بخصوص والده انهاها في ثوانٍ وترك والدهم يعود إليهم!

زفر في تفكير ثم التفت نحو "سليم" وهو يلاحظ أنه يقود بسرعة:

- يا عم ما بالراحة الدنيا مش هتطير..

رمقه بنظرة جانبية سريعة ثم سلط نظره على الطريق ليخبره في إرهاق:

- خلينا ننجز ونخلص اليوم اللي مش باينله ملامح ده! أنا تعبت وعايز اروح!

تعجب "إياد" وكاد أن ينهاه من جديد ولكن في لمح البصر اهتزت السيارة والتفت أكثر من مرة بسبب تلك السرعة الشديدة ليرتطما بالسور الجانبي للطريق مما أدى لإنقلابها مسببة حادثة مروعة لهما وللسيارات خلفهما!!  

⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢

#يُتبع . . .

58 يوم الثلاثاء الموافق 19 - 1 - 2021 الساعة التاسعة مساءًا على مدونة رواية وحكاية وسيتم نشر نفس الفصل بعدها بأربعة وعشرين ساعة على الواتباد

59 يوم الخميس الموافق 21 - 1 - 2021 الساعة التاسعة مساءًا على مدونة رواية وحكاية وسيتم نشر نفس الفصل بعدها بأربعة وعشرين ساعة على الواتباد

60 يوم الأحد الموافق 24 - 1 - 2021 الساعة التاسعة مساءًا على مدونة رواية وحكاية وسيتم نشر نفس الفصل بعدها بأربعة وعشرين ساعة على الواتباد

61 يوم الثلاثاء الموافق 26 - 1 - 2021 الساعة التاسعة مساءًا على مدونة رواية وحكاية وسيتم نشر نفس الفصل بعدها بأربعة وعشرين ساعة على الواتباد

62 يوم الخميس الموافق 28 - 1 - 2021 الساعة التاسعة مساءًا على مدونة رواية وحكاية وسيتم نشر نفس الفصل بعدها بأربعة وعشرين ساعة على الواتباد

63 يوم الأحد الموافق 31 - 1 - 2021 الساعة التاسعة مساءًا على مدونة رواية وحكاية وسيتم نشر نفس الفصل بعدها بأربعة وعشرين ساعة على الواتباد

في شهر اتنين هاخد اجازة هاخدلي كام يوم افصل فيهم علشان أنا مش إنسان آلي وربنا .. ووالله ما شايلة الأجزاء ولا بحتفظ بيها.. أنا بكتب وبنشر على طول.. بس لسه مش عارفة الاجازة هتكون امتى بالظبط..

دمتم بخير