الفصل الثامن عشر - مملكة الذئاب Black
الفصل الثامن عشر
لم يتحرك إنشا واحدا من مكانه الذى يجلس فيه منذ أمس... كما لم يبعد عيناه عن صدرها وهو يعلو ويهبط بإنتظام...خوفا من أن يتوقف تنفسها إذا أبعد أنظاره عنها...
ولكن عندما أتى الصباح... وكانت الشمس ترسل ضوئها لكل ركن من أركان الغرفه... وأمه مازالت على حالتها لم يحدث أى تغيير ... ف قرر ليو أن يحرك جسده قليلا... لأنه شعر ببعض الألم بسبب جلوسه هكذا منذ أمس....
قام من مكانه ذاهبا للشرفه... ونظر للسماء بإرهاق شديد ظهر على تقاسيم وجهه.... ظل هكذا ينظر للسماء لبعض الوقت...ثم تنفس بقوه يملاء صدره بالهواء النقى... وإلتفتت ليعود لمقعده مره أخرى...
ولكن حين إلتفتت إتسعت عيناه مما يراه...ف أمه قد إستيقظت.... فهى مازالت على وضعيتها إلا أن عيناها تنظر للأعلى....فذهب بإتجاها سريعا وقام بإحتضنها بقوه...وهو يبكى ويتمم بكلمه واحده فقط...
ليو ببكاء شديد وهو يحتضنها: كنت أعلم... كنت أعلم... أنك لن تتركينى وحيد....
ظل هكذا لبعض من الوقت... إلا أن هداء تدريجيا فتعجب ل هدوائها...كما لم يصدر منها أى رد فعل....
فإبتعد عنها ونظر لها وعينه تتفحصها بدقه...فوجدها ليس معه.... أجل إستيقظت إلا إنها بعالمها الخاص... فحاول أن يتحدث لها ليجذب إنتباها إليه...ولكن لم يفلح بجعلها تنظر له.... فقد كانت عيناها تنظر لعيناه ولكن لا حياه بها....
وحين فقد الأمل بأن تستمع له... قرر أن يأتى بالحكيم ليخبره بما أصاب أمه...كان سيستدعى الحارس ليناديه...ولكن لم يستطيع الإنتظار... فذهب هو مسرعا لغرفه الحكيم ليجلبه بنفسه...
كان يعدو سريعا وعيناه تزرف الدموع بسخاء... حتى وصل إلى غرفته الحكيم.... والتى إقتحمها دون طرق الباب....مما أدى إلى إستيقاظ الحكيم مفزوعا....
وإتجهت أنظار ساب له متعجب من إقتحامه للغرفه... ولكن لفت إنتباه مظهره الرث...والذى لم يراه عليه من قبل...كما أن عيناه كانت شديده الإحمرار...
كاد ساب أن يتحدث ولكن ليو لم يعطى له فرصه للتحدث...
حيث صرخ ليو بوجه محتقن من شده البكاء....ولم يكن يقول سوى كلمه واحده...
ليو بصوت بح من كثره البكاء :لقد إستيقظت أيها الحكيم...لقد إستيقظت أمى أسرع....
وخرج ك البرق كما أتى.... ولم يعطى فرصه لمن أمامه بإستعاب شئ مما قاله.....
إلا أن الحكيم فهم ما يعنيه ليو.. وخرج على أثره بذات السرعه... وساب الجالس على الفراش يحاول إستيعاب ما يحدث... إلا أن دخول الحكيم المفاجأ فزعه للمره الثانيه على التوالى... فإرتفع إحدى حاجبيه لإستنكاره هذا الفعل الغير مهذب...
وكاد يتحدث إلا أن الحكيم لم يعطيه الفرصه قائلا بنفس متسارع... الحكيم بثبات وقوه:أنت أيها الفتى الصغير لن تخرج من هنا إلى أن اعود... فمازل بيننا حديث لم يكتمل.... كما أن قدمك تحتاج للراحه....ولهذا أعتذر عما سأفعله...
كاد ساب يتحدث إلا أن الحكيم... خرج قافلا الباب خلفه بمفاتيحه الخاصه...حتى يمنع ساب من الخروج...
ولكن هذا ساب لا يستمع لأحد حيث حاول أكثر من مره الوقوف على قدمه السليمه ليتمكن من الوصول إلى الباب المغلق... إلا أنه لم يستطع.. لهذا لعن بصوت مرتفع... وقرر إنتظار الحكيم حتى يعود... ويعطيه شئ يخفف من حده الألم...
كما كان يعلم أنه إذا نجح وفتح الباب الموصد... لن ينجح بإكمال طريق الخروج بسبب ألم قدمه المصابه....
عاد لمكانه وتمدد على الفراش... وهو يفكر ما الذى حدث مع ليو حتى يكون بهذه الحاله الرثه...كما تمنى أن تصبح الأمور معه بخير...
❈-❈-❈
كان الحكيم يهرول خلف ليو والذى لم يعد يراه ل سرعته....ولكن وصل إلى الغرفه المنشوده لم يقم بطرق الباب لكونه مفتوح من البدايه...فدخل مسرعا وهو يحاول إلتقاط أنفاسه المتلاحقه....
إقترب من الفراش... ونظر لها وجدها تنظر للأعلى دون تحريك.... أى جزء من جسدها الممدد أمامه...
وكأنها بعالم غير العالم....
فقال الحكيم بصوت رخيم: ميلسيا صغيرتى...
ميلسيا....وإنتظر قليلا... ولكن لم تعطيه أى رد فعل يدل على إستماعها لحديثه....
فإقترب من قدمها... وكانت عيناه مسلطه على وجهها وجسدها بدقه ليرى ما رد فعل جسدها حين يلمس قدمها...وهى من أكثر الأماكن الحساسه لديها... وقام بتمرير أصابع يده عليها بنعومه...
لأحظ إنكماش طفيف بملامح وجهها دليل على إنزعاجها...فتنهد مبتسما لهذه الإستجابه الضعيفه...
كان ليو يراقبه بعيون ك الصقر... ولكن لم يتحدث حتى لا يشغله عن القيام بعمله....ولكنه تعجب حين تحدث الحكيم مره أخرى...
الحكيم بحنان أبوى وهو يقترب منها مبتسم ويربت على رأسها:أعلم صغيرتى أن الحمل قد أثقل كاهلك...
ولكنى أعلم كذلك بقوتك.... وأن بإستطاعتك تخطى هذا الأمر.... كما تخطيتى كل ما سبقه....تغلبى على ضعفك وخوفك يا أميرتى....ثم قام بتقبيلها على جبهتها...وقام خارجا من الغرفه بأكملها....
كان عائد لغرفته وهو يفكر أن بإستجابه ميلسيا البسيطه هذه مؤشرا على أنها تستمع لهم ولكن ليس لديها رغبه ف الإستجابه لما يتحدثون عنه...ولهذا يجب أن يبحث عن شئ قوى ومؤثر... يؤثر عليها ليجعلها تخرج من الشرنقه... التى وضعت نفسها داخلها...
كما أنه أدرك أنها إستيقظت من مده لا بأس بها...لأن أعضائها الحسيه كانت متنبه لأقل تواجد أو حركه بمحيطها....حيث إنها لا تعمل عند الإستيقاظ مباشرا... بل تأخذ بعض الوقت لتعود إلى وظيفتها بنشاط...وهى إدراك كل ما يدور حولها... كما كانت منذ قليل...
وهذا يفسر ويؤكد له أن للجسد عقلا خاص به....كما تأكد أن ليو قد حاول التحدث معها... ولكن لم تعطيه أى إستجابه لحديثه...لهذا توجه لمكتبى حتى أجد حلا لهذا الأمر....
كان الحكيم يفكر بعمق... ولم يستمع لنداء ليو المتكرر من خلفه... ولكن أسرع ليو بخطواته حتى أصبح أمامه...وقال بلهفه:لم تخبرنى ماذا حدث؟! ولما لا تتحدث؟!!!...
تنفس الحكيم بعمق.. وفكر بالجمل التى سيتحدث بها.... حتى يستطيع الواقف أمامه بإستيعابها وفهمها...لعله يساعده بفكره ما...
الحكيم بعقلانيه:أنظر أيها الأمير سأوضح لك الأمر برمته...ف التى بالداخل تكون والدتك... وتحتاج لمساعده من الجميع...ولهذا هناك أمران أحدهما جيد والأخر سيئ...الجيد أنها تستطيع سماع كل ما يدور حولها وتشعر به رغم صمتها ...إبتسم ليو ل سماع هذا الخبر...
ولكن الحكيم لم ينتظر.... غير مراعى ل فرحته التى غمرت وجهه... ليس لأن الحكيم صاحب قلبا متحجر... بل لأنه يريد أن يعيش ليو واقعه...وحينها سيقدم له المساعده التى يحتاجها...
فأكمل الحكيم بعمليه وأما السيئ أنه من الصعب إخراجها من تلك الشرنقه التى وضعت نفسها بداخلها...هنا تبدلت ملامح ليو للحزن الشديد... وكاد يتحدث...إلا أن الحكيم لم يعطيه الفرص وأكمل...
الحكيم بسلاسه وكأنه يشرح طريقه لإستعمال أحد العقاقير: ولكن من الممكن أن تستعيد وعيها... وهذا إذا وجدت شخص يشعر بها يشعر بألمها وبضعفها ... شخص يريدها أن تكون بجواره لذاتها.... يحتاجها لتكملها لا ليشعرها بنقصها وضعفها.... شخصا يعاملها ك أنثى تحمل من الهشاشه والرقه ما قد يجعله.... يخشى عليها من مجرد حديث فيحزنها ... عندها اعدك أنها ستستيقظ....
ولم يعطى الحكيم الفرصه ل ليو ... ليستوعب عقله كل تلك الكلمات التى ألقاها بوجهه... بل تركه راحلا عنه دون تفسير موضح لهذا الحديث المعقد...والذى لم يفهم منه أن أمه تحتاج ل شخصا ما..ولكن للأسف من حديث الحكيم هو ليس هذا الشخص...
عاد ليو إلى غرفه أمه حزين... ولكنه أقسم أن يحاول معها لتستعيد وعيها.... فهو المسبب لما حدث لها.... كما أنه الأقرب ل قلبها... لهذا من المؤكد أنها ستستمع له وتشعر بما يقول.... فهو يحتاجها بجواره ولا يتسطيع أن يحيا بدونها....
كان الحكيم وليم عائد لغرفته مشغول البال...حتى أنه قام بفتح الباب... ودخل سريعا ليبحث عن شيئا ما.... دون الإنتباه لهذا الفتى المستلقى على الفراش أمامه.... ظل يبحث لبعض الوقت دون الشعور بمن معه بالغرفه....
كما أن ساب أعطاه مساحته الخاصه... لأنه شعر بتركيزه على ما يقوم بفعله...وهو لا يحب أن يقوم أحدهم بقطع تركيزه عن أعماله أى كان السبب...لهذا تركه إلا أن ينتهى من عمله ثم يتحدث معه....
لم يجد الحكيم وليم ما يبحث عنه داخل كتبه المتراكه...فذهب للكرسى وجلس عليه حزين متنهدا... ولكن أخرجه من شروده تنهيده أخرى بالمكان....
نظر تجاه الفراش... وجدالفتى نائم كما كان بالأمس وينظر للسقف من فوقه بتركيز....
ساب بثبات:لا تظن أنك لن تجد إجابه لأسألتك..... صدق أو لا تصدق ف غدا ستتعجب من سهوله الإجابه.... وكم كانت قريبه منك وأنت من لم تكن تراها...فقط لأنك أخفقت... ولم تقم بالتركيز على ما تحتاجه تلك المشكله حتى تستطيع حل لغزهاا...
لم يرد عليه الحكيم... بل ظل ينظر له مطولا...إلا أن إلتفت له ساب فوجد الحكيم ينظر له بتركيز... فقام جالسا ينظر له هو الأخر....
إلا أن تحدث الحكيم بهدوأ: ماذا تعرف عنى حتى تتحدث بكل تلك الثقه؟!..
إبتسم ساب وقال بثبات ولم يحد بعينه عنه: لا أعلم سوى أنك طبيب القصر الملكى... ولكنى أعلم الكثير عن الفتى الذى أتى منذ قليل مشعس الرأس ورث الثياب كما يهمنى أمره... وأظن أن هناك أمر هاما جعله يأتى لك هكذا... لهذا أنا متأكد أنه أحدث كارثه... وهذه الكارثه قامت بتشديد أفكار لهذا أنا أخبرك أن الإجابه قد تكون أمامك... وأنت لم تراها بعد....
تحدث الحكيم وليم بثبات هو الأخر... وكأنه يحاول أن يعلم مكنونات هذا الفتى.... والذى كثرت الأساله حوله: ولما تظن أنه هو سبب الكارثه وليس الشخص الذى وقع بها؟!....
وبالطبيعى لم يجب عليه ساب بل سأله سؤال مغاير لضفه الحديث:إلى متى سأظل أشعر بألم فى قدمى؟!...فهذا الألم يعيقنى عن أداء العمل؟!...
إرتفع حاجب الحكيم ل تملص الفتى من سؤاله ولكنه أجاب بمهنيه: أظن أنك تحتاج شهر لإراحه قدمك.... حتى تعود حركتك كما كانت..... وإلا سيحدث بها خلل...
سأله ساب وهو يحاول تناسى الألم:حسنا فهمت هذا.. ولكن ألا يوجد علاج يهدئ من حده هذا الألم....
أجابه الحكيم وهو يقف مسرعا للذهاب لأحد الأرفف: أجل لقد جهزت لك ماده ستساعدك على تحمل الألم...ولكنى مازلت أصر على أنه يجب عليك أن تستريح...وإن كنت تخشى من غضب الملك... فإتركه لى... أنا سأتحدث معه بشأنك... وهو لن يرفض عندما يعلم بحالتك هذه....
كان يعطى ساب ظهره وهو يبحث بين الأرفف عن الدواء...ولم يرى تلك الإبتسامه الساخره التى إرتسمت على شفتى ساب....
إلا أن ساب تحدث بهدوأ مخالف لغضبه الذى لم يهدأ تجاه هذا الجبل الجليدى: ليس هذا السبب فى رفضى للراحه.... بل لأننى لا أستطيع الجلوس دون عمل.... فهذا مخالف لطبيعتى والتى خلقت من أجلها...
إلتفت له الحكيم وهو يسأله بحاجبين معقودين:ومن ذا الذى أخبرك أنك خلقت ل تعمل فقط؟!...
أجابه ساب ببساطه:أنا من أخبرت ذاتى بهذا.. قبل أن يفعلها الأخرون...
قرر الحكيم ليام أن يؤجل هذه المحادثه إلى وقت أخر....ف تقدم الحكيم وبيده عبوه صغيره... إلى أن جلس أمام ساب.... وقام بفك الأربطه عن الجرح.. ثم فتح العبوه وأخذ القليل منه بيده... وكاد يضعها على قدم ساب ل يدلكها إلا أن ساب أمسك بيديه بقوه... يمنع يد الحكيم من لمس قدمه...
تعجب الحكيم من رد فعل الصبى فنظر له وقال:ماذا تفعل أيها الفتى ألا تريد أن يخف ألمك قليلا...
أجاب ساب بثقه:أجل أريد هذا... ولكن دون أن تقوم بلمسى... ف أنا لا أحب أن يقوم أحدهم بلمسى....
ف رد الحكيم ليام بقه هو الأخر:إذا لما سمحت لى بلمسك ومداوتك ليله أمس!!...
لم تتغير ملامح ساب حيث أجاب بهدوأ: سمحت لك بهذا.... لأننى حاولت إصلاحها العديد من المرات ولكن لم يفلح الأمر.....لهذا سمحت لك بلمسى.....كما أننى لم أكن أعى كل ما يدور حولى حينها...لهذا لا تحاسبنى على أمر لم أكن على درايه به....
إبتسم الحكيم محركا رأسه... على تفكير هذا الصبى الذى يحتاج لإصلاح... ولكن قرر أن يعطيهحريه الإختيار... وقام من مكانه... وذهب بإتجاه أحد كتبه يتصفحها بعنايه...
ولكن قال الحكيم بهدوأ:سيبدأ مفعول المخدر بعد القليل من الوقت... ولكنه سيريحك كثيرا...ولكن لا تجهد قدمك حتى لا تعود كما كانت وعندها....أوقف كلامه ورفع عيناه من كتابه ونظر له مكملا...عندها لن أستطيع لمسك.... لمساعدتك فأنت حينها ستكون بوعيك....ولكن أعدك أن الألم لن يحتمل وقتها...ثم أعاد نظره للكتاب الذى أمامه مره أخرى....
إبتسم ساب بخفيه... وهو يحاول الوقوف على قدميه.... فوجد أن حدة الألم قد خف وطئها كثيرا...
فأكمل طريقه للخارج ولكنه توقف أمام الباب وإلتفتت وسأل الحكيم بمراوغه:إذا ألن تخبرنى لماذا قمت بإحتجازى هنا صباحا؟!...
نظر له الحكيم وهو يرفع إحدى حاجبيه وقال بسخريه مبطنه بإبتسامه مشاكسه:إذا أخبرتنى أنت لماذا قلت أن الأمير الصغير هو السبب بما حدث؟!...
إتسعت إبتسامه ساب وقال بمشاكسه:وكيف لى أن أعلم هذا؟!... وأنا محتجز لديك منذ البارحه....
إتسعت عينى الحكيم ل ردود هذا الفتى.... وكاد يرد عليه... إلا أن ساب لم يعطيه فرصه... وإلتفت راحلا عنه بهدوأ...
تنهد الحكيم وقال:قصرا مليئ بالكثير من غريبى الأطوار....
❈-❈-❈
لم يكن يسمح للفتيات بتلقى العلم... ولكن أبى إستخدم منصبه ك ملك للبلاد بجعلى أتلقى العلم.... والذى كان شغفى الوحيد منذ الصغر..... ولم يهتم بأراء الأخرين.... وكذلك رأى أمى والتى لم تكن تريدنى أن أحصل على شئ سوى الألم....
وخاصه حين كان يرى تعاملها مع ميلسيا...والذى كان مختلف كليا عن تعاملها الجاف والكاره معى ..فقد كانت تدلل مليسيا وتهتم بكل ما يخصها...كما كانت تخشى إحزانها...
وصدقا لم أحقد علي ميلسيا يوما فهى شقيقتى التى أنارت ظلامى حين أتت لهذه الحياه وسر إبتسامتى....كما أن أبى كان يعوضنى عن كل ما كنت أفتقدته من حنان...
ولكن لم يقتصر الأمر على هذا فقط... وكأن وجودى يذكرها بكل ما حدث لها... لهذا أردات أن أشعر بكل ما مرت به كلما نظرت لوجهى...
لهذا كانت تتحامل ضدى.....ولم تترك فرصه إلا وأثقلت كاهلى.... بأننى السبب فى عدم قدرتها على إنجاب الذكر ...و الذى كانت تحتاجه المملكه ليتولى مسؤليه العرش من بعد أبى... يالى السخريه.... وكأن قدرتها على إنجاب الذكور توقفت بسبب ما حدث بالماضى....
لا أحب تلك الذكرى... ولكن أمى العزيزه لم تترك فرصه إلا وذكرتنى بما فعلت.... أجل أنا المخيبه
للأمال والمستحقه للقتل وخليله الشياطين...
أنا تلك الفتاة التى قتلت أخيها....
أغلق المذكره صافحا أوراقه بقوه... وكأنه يؤنبه على ما أراه إياه... من ألم وحزن وإنكسار خط بين سطوره...
وضع المذكره بجواره وهو يتنفس بعمق... وظل يدلك عيناه برفق...وهو يتذكر معامله أمه الرقيقه معه...وكيف كانت تخشى عليه بل وتصاحبه ك ظله...أدرك الأن لماذا أقدمت على فعلتها بالماضى...والذى يراها ضربا من ضروب الجنون والغباء إن صح التعبير....والتى أودت بحياتها فى النهايه...
نظر إستيفان للمذكره وضحك ساخر... وهو يردد ببحته الرجوليه المميزه:وأنا الذى ظننت أنك ستهونى من أحداث هذان اليومين.... ولكننى كنت مخطأ...ثم تنهد مكملا....كما أظن أن هذا عقاب لى جراء ما إفتعلته من أضرار لهذا الصبى الصغير... ألا يحق لمن هم مثلى بالراحه... أليس كذلك؟!...
ظل نظره معلق بالمذكره لبعض الوقت.... وكأنه ينتظر إجابتها على سؤاله... ولكنه أعاد نظره للأوراق التى أمامه.... وقرر أن ينهى عمله المتراكم.... وهذا أفضل من النظر والتفكير بتلك الأمور ... والتى تثير أعصابه بهذا الوقت الراهن....
لم يشعر بمرور الوقت... إلا عندما مرت أشعه الشمس الذهبيه مخترقه غرفته...تنفس بعمق وقرر أن يريح جسده قليلا...فهو كان ينتظر منذ البارحه... لأى خبر من الحكيم عن حاله ميلسيا أو....ثم صمت عقله عن الإكمال...فهو يمقت تلك الأفكار التى تشعرك بالضعف والشفقه.....
ثم تنهد إستيفان بصوتا مرتفع.... وأغمض عيناه فأصبحت تلك الصور تدتفق أمامه...حين قام بكسر قدم الصبى وتلك المشاعر اللعينه التى شعر بها حينها...وعندما قام الحكيم بإعاده قدمه لمحلها.... وتلك العينان الممتلئه بالدموع... والتى كانت موجه إليه.... ولم تبتعد عن مرماه.... بل ظلت تنظر إليه...تدينه أنه هو المسبب لكل تلك المعانه التى شعر بها...
كما أن دموع هذا الفتى قد أثارت غضبه.... أكثر من أى شئ أخر قد فعله مسبقا.......فهو رغم علمه أن الفتى منع نفسه من ذرف الدموع بالبدايه ليتثبت أمامه..... ولكن حين إشتد ألمه... و بدأت الدموع بالتجمع بعيناه قصرا....أثار هذا بداخله جانب الحمايه والمصاحب للألم الشديد تجاه.... خاصه حين رأى تلك الدموع... والذى شعر حين رأها بخنجر مسموم شق صدره بقوه...وهو لم يشعر بهكذا شعور تجاه أى شخص من قبل... حتى ميلسيا التى يشعر تجاها بالحمايه...لم يشعر تجاها بهذا الكم الكبير من الضعف....
ظل على تلك الحاله مغلق العينان... وتلك الومضات تعاد وتكرر ذاتها أمامه...ويشدد معها ألم صدره ويضيق معه تنفسه... وإنعقاد حاجبيه وكلا يديه تتمسك بمقعده بقوه...وهو يحارب تلك المشاعر المخزيه بنظره...ولكن حدث تداخل بالأحداث..... حيث ظهر صوت أخر مع صوت بكاء الصبى... ونظرات أخرى مصاحبه ل نظرات الصبى الباكى...
"فلاش باك"
كان نزالا غير عادل بالمره... فهو صاحب ال 14عام... ينازل رجل بال 40 ذو جسدا قوى... وقد جرحه جروح بالغه..... ولكن عليه الإستمرار حتى لا يتم طعنه.... ولكن بحركه مباغته إستطاع إسقاط سيف خصمه... وجرحه بقوه أدى إلى سقوطه أرضا...
كان يتنفس بقوه وبألم.... وهو ينظر للرجل الجالس أرضا ويتنفس بقوه هو الأخر....كان لابد أن يجهز عليه ويقتله...ولكنه لم يفعل فقط ترك سيفه يسقط أرضا...
ثم نظر للجالس على مقعده بهيمنه وبطش... وقال بثبات:يكفى هذا ليوم واحد...
ولكن حديثه لم يلقى إستحسان من هذا الجالس.... حيث قال صاحبه بغضب شديد :ألم أأمرك من قبل أن تكف عن تلك المشاعر المقززه تجاه أحد ...ألم أخبرك أنه شعور يجعلك ضعيف ويعطى لعدوك الأفضليه لينتصر عليك.... لا يحق لك أن تشعر بالشفقه تجاه أعدائك...لأن هذا سيكون سبب مقتلك...
ثم وقف مستقيما وإتجه إليه بهدوأ... وأمسك بوجه بخشونه.... ولم يراعى جروح جسده البالغه ... ثم وجه وجهه بقوه للرجل الجالس أرضا أمامه.... والذى يبكى خوفا من موته القريبه...ظلت نظراته مقسمه بين عمه المختل الذى يمسك برأسه بقوه... وبين ولده الرجل المقيد أمام أعينهم...
وقال عمه بحقد كبير: أنظر إليه جيدا إستيفان.... إنه لا يستحق الحياه....لقد أراد موتك... لهذا هو يستحق الموت لا الشفقه...
ثم أمسك بسكين حاد ووضعه بيده قائلا بنبره أمره.... هيا إقتله...حتى يكون عبره لكل من تسول له نفسه أن يفكر بالإقتراب منك...
نظر له إستيفان بصدمه... وعينان تأبى ذرف الدموع وجسدا ينتفض... من جنون هذا المختل الواقف أمامه...ولكنه قال بصوت قوى وثبات رغم صدمته الشديده : أنت من أجبرته على مقاتلتى منذ قليل... كما أنك هددته أمامى بقتل الصبى.... إن لم يقم بقتلى...أليس هذا أفعالك أنت أيها المختل اللعين....قالها بغضب ووجه مائل للإحمرار من شده إنفعاله...
نظر له عمه وقال بهدوأ وإبتسامه تدل على جنونه حقا :أجل أنا من أمرته بهذا...ولكنه أخطا حين إستمع لأوامرى... كان يجب أن يرفض هذا.... ثم كيف له أن يفكر بقتل الملك المستقبلى لهذه البلاد....ثم نظر إتجاه الرجل المقيد أرضا وأكمل... حتى وإن كان الثمن أحد أبنائه....
نظر له إستيفان بإتساع... إنه حقا مختل كما لقبه منذ قليل...فقال بقوه وهو ينظر لعيناه بشراسه: لن أقتله ف أنا لست دميتك اللعينه... حتى أنفذ كل ما تأمرنى به...كما إنه ليس عبدا لديك حتى تفعل به ما تشاء...
نظر له دراكوس بجنون وهو يمسك بشعره من الخلف بقوه وقال:أتظن أنك ستستمر بعصيانى... دون أن يزيد عقابك أيها اللعين....إن كنت تظن أن بهذا ستفعل ما يحلو لك...إذا ف أنت مخطأ....ومن أجل هذا دعنى أثبت لك هذا...
كاد إستيفان أن يتحدث ولكن دراكوس لم يعطيه الفرصه... حيث تقدم من إبن الرجل وشق عنقه أمامه...فوقع جسمانه أرضا... وتطاير الدم على جسد إستيفان الذى صدم مما رأى.... والرجل الذى ظل يصرخ وينوح على موت إبنه أمامه...
لم يكتفى دراكوس بهذا حيث ..... قام بطعن الرجل بسيف ب قلبه فسقط أرضا بجوار ولده.....كل هذا وإستيفان لا يعى ما يحدث...إلا أن جذبه دراكوس وألقى به بقفص حديدى... وأغلق الباب خلفه....
ذهب دراكوس بملابس مليئه بدماء الرجل المقتول وولده... جالسا على كرسيه يشاهد إبن أخيه المجروح... داخل قفصا ثم أمر جنوده بإدخال أسد للقفص...والذى كان قد تركه بدون طعام لإسبوعان...
كان غضب إستيفان يتصاعد وجسده مليئ بالدماء.... دمائه ودماء الفتى الذى قتل أمامه.... والذى لم يستطيع أن يقدم له المساعده أو ينقظه من براثين عمه المختل...... نظر لما معه من أسلحه....فلم يجد معه سوى ذلك السكين الذى أعطاه له عمه لقتل الرجل.... ومعه أسد جائع بقفص مغلق...
نظر إستيفان ل جروحه وجد بعضها عميق...إلا أنه توجهه بكامل تركيزه لهذا الوحش الجائع...كما أنه متيقن أن عمه لن يخرجه من هنا إلا قاتلا أو مقتول....كما أن زئير الأسد إشتد حين إشتم رائحه الدماء المنتشر بالمكان ...فتقدم للهجوم علي إستيفان.....فهو يعد وجبه دسمه لأسد حرم من الطعام لأكثر من أسبوع....
أمسك إستيفان بالسكين الذى بيده جيداا.... ليخوض ذلك النزاع... والذى لم يكن الأول له بمثل تلك المعارك....ظل القتال قائم لبعض الوقت ... إستطاع إستيفان أن يستغل هيجان الأسد الواقف أمامه..... ليقوم بجرحه ليعيقه من الوصول إلي جسده حتى لا يقطعه إلى أشلاء ... كما لم يسلم جسده كذلك من بعض الهجمات العميقه...و التى ستترك أثارها على جسده ...
لم يرد إستيفان أن يقوم بقتل هذا الأسد...فهو يرى أن ما يفعله أمر طبيعى لأى كائن ترك بدون طعام لمده كبيره...ثم تم وضع وجبه دسمه أمامه...لهذا أرد جرحه فقط ليبتعد عنه... وبالفعل بعد جهدا بالغ إستطاع إستيفان أن يجبره على التراجع....
وبعد أن أمر دراكوس بخروج إستيفان من القفص اللعين... لم تبتعد عينى إستيفان عن عمه الجالس على كرسيه أمامه....
فوقف دراكوس أمامه وقال بشراسه : أتعلم كم أكره تلك النظرات المشفقه النابعه من تلك العينان .... وكم أرغب بإقتلاعها لهذا الفعل... كما أنك لا تنظر تلك النظرات القاتله... سوى لى وحدى أيها اللقيط اللعين...وكأننى هو العدو الأوحد لك....
ولكنى أعدك أن تكون تلك النظرات هى المصاحبه لك بقيه حياتك... لعلك تعلم قيمه تلك العينان التى تجعل الأبدان تقشعر خوفا ورهبه من مجرد النظر لها.....كما أشعر الأن وأنا أنظر إليها...وحتى يشهد العالم أنه كان هنالك ملك تقشعر له القلوب من نظره عيناه...فما بالك بكلمه من فيه....
إنتهاء الفلاش باك
عاد من مخيلته على طرقا بالباب.. ومعه كشف الستار عن عينيه..والتى كانت السبب بتلك اللعنه.... التى جعلت حياته جحيم.... ولكن هذا المختل دراكوس صدق.... حين أخبره أنها ستصبح أسوء كوابيس ل كثيرا من أعدائه....
سمح إستيفان للطارق بالدلوف...وقد كان ماكس كما توقع فهذا التوقيت اليومى له...ليخبره بالأعمال التى سيتم فعلها لهذا اليوم...
ظل يستمع له ويناقشوا الكثير من الأمور الهامه... لأكثر من الساعتين...والتى حضر خلالها ألفين... ليعطيه بعض التقارير الهامه عن مجريات الأعمال بالجيش...وإحصاء ما يحتاجه الجند من مؤن وأسلحه بمده معينه... إستمر الأمر لأكثر من أربع ساعات....وحينما إنتهوا... دخل أحدهم بدون أن يطرق بابا....
وكما هو معلوم لم يكن سوى ديفيد والذى دخل ثائرا...وهو يتحدث بعنف حيث لم يعطى أحد فرصه للحديث...
ديفيد بغضب:ألم يكن يحق لى معرفه ما يحدث بهذا المكان اللعين... وخاصه إن كنت المسؤل عنه.... فها أنا قد سافرت مسيره نصف يوم... كما أمرت لجلب المعدن الذى تريد... ولم تسمح لى بأن أرسل أحد أخر....لأنك تريد أن تتكتم عن الأمر...كما أنك لا تثق بأحد أخر لجلبه... خوفا من إنتشار خبر وجود معدن قوى لدينا لصنع الأسلحه...فيتم إستغلالنا....وها أنا فعلت ما أمرت وسافرت.... لجلب المعدن اللعين...فأفجاء أن سيداتكم أرسلت من يجلب لك معدنك الثمين...ولم تعلمنى بهذا...
رد ماكس محاولا إمتصاص غضبه:لابد أن هناك خطاء ما ديفيد فالتهدأ قليلا...أليس كذلك إستيفان؟!...
كانوا جميعا ينظرون للملك منتظرين إجابته... فتحدث إستيفان ببروده المعتاد: كل ما قلته صحيح ولم تخطأ بشئ....
هنا أقسم كلا من ألفين وماكس أنهما قد رأى نيران تشتعل بعينى ديفيد....وذلك لا يبشر بالخير...وهذا لأن ديفيد حين يصل إلى تلك المرحله من الغضب...لا يهدأ إلا عندما يشعل النيران بمن أوصله لتلك النقطه...
كاد ألفين أن يقترب من ديفيد لإخراجه من الغرفه... حتى لا يقدم على فعل كارثى...ولكن الأون قد ولى على هذا....
ديفيد بإبتسامه غاضبه وأعين مشتعله : أجل ما الذى قد أنتظره من لعين مثلك... لا يأبى لأحد سوى نفسه فقط... ألا ترى أن ما أصاب ميلسيا والفتى ساب حدث بسببك أنت.... هذه لعنتك فكل ما تقترب منه يفقد الحياه ويموت...كما حدث لأمك وأبيك....ولم يترك لهم فرصه لإستيعاب ما قاله... بل تركهم خارجا من الغرفه.... صافعا بابها خلفه بعنف تزلزلت له الجدران....
لم يبدوا على إستيفان أى تأثير من حديث ديفيد... بل كان كما هو هادئ من الخارج... ولا يستطيع أحد تحديد مشاعره...
كاد ماكس يتحدث ليهدأ من الوضع ولكن ألفين سبقه بالحديث وقال بحده ملحوظه:ألا تظن أنه أن الأون أن تترك تلك الطريقه اللعينه فى حمايه من تحب...والتى تشعرهم أنهم لا شئ بالنسبه لك....وتترك أفكار ذلك اللعين تبتعد عن عقلك... وتستخدم الطريقه الأسهل فى التعبير عن هذا الحب....أم مازلت تحب الطرق الملتويه....فى التعبير عن ذاتك....ف أنا لا أظن أنهم سيظلوا متمسكون بك مالم تشعرهم أنت بهذا...
تحدث إستيفان ببرود..:لا أفهم عن ماذا تتحدث؟!...كما لا أظن أنه وقت مناسب لمناقشه تلك التراهات....
قال ألفين ببرود هو الأخر وهو يتجه للباب للخروج:
أجل أنت محق فهذه تراهات.... والتى تعنى أن تقوم بتغير صغير بالخطط...وتقوم بتقديم ميعاد إستلام المعدن ...بل وتذهب وحدك لجلبه سرا.... بدلا من الأحمق الأخر....وهذا لأن هناك معلومات أتتك تدلى أن هناك من يتربص به لقتله....فذهبت أنت لتقتلع رأسه لأنه هدد وجود ديفيد بحياتك اللعينه... لا تظن أنك وحدك من له أذرع بتلك المملكه... ثم أكمل بسخريه وهو ينظر تجاه.... صدقا لقد مللت تعندك... ولهذا تبا لك ولعنادك الذى سيؤدى لهلاكك يوما ما....
ثم خرج هو الأخر صافعا الباب خلفه....
يتبع...