الفصل التاسع والعشرون - جسارة الإنتقام
تنويه هام:
برجاء الأخذ في الإعتبار أن الرواية تلفت النظر إلي عدم تصديق مالا يوجد برهان عليه وأن علاقة الأم وابنها يجب ألا تتعدى حدودًا مُعينة.. وليس من حق أي أم أن تبدل مكانة ابنها فالأبن يظل ابن والزوج زوج ويجب ألا تُخلط الأدوار وتحميل أي شخص سوى دوره في الحياة حتى لا تُصبح العلاقات مُرهقة وتفقد طبيعتها!
دمتم بخير
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
- الفصل التاسع والعشرون -
صاحت بصعوبة أمام صدره العريض بعد أن توقفت عن البكاء وهي تشعر بإحتياجها للهواء:
- ابعد يا جاسر
أخبرها هامساً ولا زال ضامماً اياها بقوة:
- استحالة ابعد بعد كل اللي قولتيه.. ده أنا ما صدقت تقولي كلمة
صاحت بصوت يبدو مكتوم:
- جاسر .. أنا مش عارفة اتنفس
ابتعد على الفور ثم نظر لها في لهفة وسألها بزرقويتان متلهفتان قلقًا:
- أنتي كويسة؟
اجابته بإمتعاض وخشونة:
- أنت اللي شبه الحيطة وكتمت على نفسي
عقد حاجباه ثم سرعان ما لانت ملامحه و أخبرها وعلى شفتاه شبح ابتسامة:
- أنتي اللي اوزعه
امتعضت ملامحها مُدعية الصلابة لتخبره بسخف:
- مش احسن ما ابقا طويلة وهبلة، وبعدين حاسب كده من قدامي عشان أنام
لم تستطع أن تتحمل تلك الزرقاوتان أكثر وملامسته لذراعيها بتلك الطريقة وهي تحارب عقلها أن يتناسى ذلك العناق المحموم منذ دقيقنان ليُحدثها بجدية وعينيه تتوسلاها:
- مش رايح في حتة غير لما تقولي إنك مسامحاني
تنهدت بعمق ثم ثم نظرت له لترفع أحدى حاجباها في تحدٍ شديد:
- مش بالسهولة دي
ارتسم الضيق على ملامحه وتوجهت هي للسرير أسفل الغطاء دون أن تكترث له ولكنه رفع الغطاء بسرعة وهتف متسائلًا:
- يعني هتسبيني كده؟
صاحت وهي موصدة عيناها:
- عندنا شغل الصبح.. ادخل نام
صمت للحظة حتى طال صمته وهي تشعر بأصوات بجانبها ولكنها لم تستطع أن تنظر له بعينيه وأرادت الإختباء بعيداً عن كل ما حدث بينهما منذ دقائق ثم شعرت بالأنوار تقل حدتها واحست بإتكائه خلفها على السرير لتلتفت وصاحت في اندهاش عندما شعرت به ينام بجانبها:
أنت بتعمل ايه؟
تنهد وهو يهمس في إرهاق موصداً عيناه:
- بنام جنبك.. عشان أنا خلاص مبقتش قادر ابعد عنك.. وبعد اللي سمعته منك ده مبقاش قدامك حل غير إنك تسامحيني وأنا هافضل وراكي لغاية ما ترضي عني
تطلعت ملامحه الجامدة في شغف وقبل أن يطول صمتها عن المألوف صاحت بسرعة:
- يا سلااام!! لأ يكون في علمـ..
قاطعها واضعاً يده على فمها كي تتوقف عن الكلام:
- أنتي لسانك ده مبيبطلش.. أنتي مخلوقة من ايه؟ كلام كلام مبتبطليش أبداً.. مش ماشي يا سيرين، ومش هامشي، ومش هابعد عنك لحظة، يا إما المسدس اهو تحت رجلك ومبقاش قدامي حل غير ده
حدق بعسليتيها مطولاً تفحصه اياها لتهبط يده تلقائيا ثم لاحظ خوفها الطفيف من اقترابه منها بذلك الشكل فحدثها بهمس قائلًا:
- تعرفي إن عنيكي دي أحلى عيون شوفتها في حياتي؟
عقدت حاجبيها في استغراب من كلماته في مثل هذا الوقت بعد مشاجرتهما وفجأة اقترب وقبلها من جبينها ولم يطل الاقتراب ثم ابتعد إلي طرف السرير متكئاً بجسده على ظهره وهمس متوسلًا:
- اديني فرصة وادي لنفسك فرصة واوعدك مش هتندمي ولا هتلاقي جاسر القديم تاني
لاحظت نبرته المُرهقة وكادت أن تسأله مصيحة به ولكنها تراجعت لتبتلع في صمت ثم نظرت له وهو موصداً عيناه وملامحه يبدو عليه التعب الشديد حقًا فيبدو أنه لا يكذب..
مدت يدها لتتأكد بوجود الصاعق أسفل وسادتها ثم تنهدت لتوصد عيناها وهي تحاول النوم ولا زال هناك جزءاً بداخلها يشعر بالإرتباك والتردد لإقترابه منها.
همست "نور" وهي تتوسد صدره فى حزن وآسى على حال أخيها:
- تفتكر يا معتز استحالة سيرين تسامح جاسر؟
قبلها على جبينها وهمس مجيبًا:
- مبقتش عارف بجد.. بس بردو مكنتش أتخيل إن جاسر يطلع بيحبها أوي كده
شعر بأنفاسها المتهدجة في هدوء على صدره وهي تتكلم قائلة:
- ما هو محدش يعرف أنه على قد جبروته وقوته غلبان وعبيط.. تعرف؟! كنت مستنية اليوم اللي أشوف فيه جاسر بيحب بجد، بس يوم ما حب واحدة الموضوع عك منه جامد، بس أنا بردو هافضل ورا سيرين لغاية ما قلبها يلين من ناحيته شوية
تنهد ليتمتم بسخرية:
- طبعاً أمال يبقا جاسر ازاي.. وبعدين هو كده دايماً بنيجي عند أكتر واحدة الدنيا معكوكة بينا وبينها وبنحبها
اتكئت على صدره وتسائلت في حنق:
- لا والله!! وأنا بقا الدنيا كانت معاك في ايه؟
اطلق زفرة متهكمة واجابها:
- ده أنتي بقا حوارك حوار.. كل ما آجي أقرب منك يحصلك كارثة فابعد تاني.. وبعدين مكنش ينفع أقولك لأني مكنتش هاعرف ألم نفسي وكنت هاتجوزك أياً كانت الظروف، مش شايفة أنتي زي القمر ازاي
أعتلاها فجأة لتصبح أسفله ينظر لها بعشق جارف ولانت نبرتها قليلاً وهي تبادله النظرات لتندمج فيروزيتاهما في اتصال مستمر وكأنهما سيظلا طوال العمر ناظران لبعضهما البعض:
يا سلام!
همس متسائلًا بخبث:
- أنتي شايفاني عارف أمسك نفسي؟
أخذ شفتاها في قبلة طويلة ليوصد كلاً منهما عيناهما في استمتاع حتى تثاقلت أنفاسهما فابتعد "معتز" ليقول ممازحًا:
- لا ده شكل مش جاسر اللي هيتهزق لوحده في الشركة.. شكلي كده مش رايح الشغل بكرة
ضحكت "نور" ليقبلها مرة ثانية وبدأ في تحسس جسدها الدافىء الذي لم يعد يطيق الإبتعاد عنه ليتبادلا عشقهما طوال الليلة في رفق وحنان..
- بصراحة كان نفسي أقولك الكلام ده واحنا سوا بس
تنهدت في ارتباك ثم أكملت سائلة:
- مراد أنت حبيت قبل كده؟
صاح مسرعاً دون تريث:
- ايوة.. زمان، كانت آخر سنة ليا في الجامعة وهي كانت أصغر مني بتلت سنين، كانت في سنة أولى.. بس مكملناش
تحدث بتلقائية شديدة تعجبت لها وسألته مرة ثانية:
- ليه؟
تنهد مجيبًا:
- أبداً يا ستي.. كانت بتتسلى بيا عشان أنا بغمزات وحلو ومعايا فلوس وكانت طماعة شويتين
تعجبت من جديد في استغراب:
- بس كده؟!
همهم مجيبًا دون التريث:
- تقدري تقولي سيرين ساعدتني ساعتها، رمت واحد في طريقها وكان باين عليه الفلوس اوي فسابتني على طول وابتدت تتهرب مني..
حمحمت لتردف بإعتذار:
- أنا آسفة إني فكرتـ..
قاطعها بهدوء ليبتسم على ما سمعه بلين:
- يا حبيبتي متقوليش كده.. وبعدين اللي فات مات بقا، أنا دلوقتي مفيش في قلبي وتفكيري غير رزان حبيبة قلبي.. أياً كان اللي حصل زمان خلاص فات وعدى
صاحت بنبرة متسائلة:
- أياً كان فعلاً؟
تعجب هو ولكنه فهم ما ترمي إليه ليهمهم قائلًا:
- مممم.. حاسس كده بكلام محتاج يطلع.. قولي يالا
ترددت لوهلة وهي تقول:
- بصراحة..ممم
سكتت من تلقاء نفسها فتسائل بتلقائية:
- ما قولنا اللي فات مات.. كنتي بتحبي مين؟
ابتلعت في دهشة من معرفته بما يدور في عقلها واجابته بمصداقية:
- أنا محبتش حد.. هو يعني.. كان إعجاب
حاول أن يطمئنها بتلك الكلمات وهو يقول:
- اتكلمي.. مش خلاص الموضوع خلص، وبعدين أنا ماليش دعوة باللي كان قبل مني، أهم حاجة بعد ما عرفنا بعض
تنهدت في قلة حيلة وتسارعت الكلمات وهي ترد عليه:
- أنا من وأنا صغيرة كنت معجبة بجاسر بس بعد ما شوفته بيعامل سيرين ازاي فضلت أحمد ربنا إننا محصلش بنا حاجة
تريثت لبرهة وطال صمته فشعرت بالإرتباك فسألته:
- مراد أنت اتضايقت؟
اجابها بإقتضاب:
- لا متضايقتش.. يالا أنا هنام.. تصبحي على خير
شعرت "رزان" بإنزعاجه فقالت:
- مراد أرجوك.. والله الموضوع اصلاً مكنش فيه حاجة وعمره ما عرف وحتى شيلت الموضوع من دماغي من قبل ما أشوفك
أخبرها بإقتضاب مجددًا:
- وأنا مصدقك
ارتكت وبادرت قائلة:
- مش باين، أنا فعلاً يا مـ..
قاطعها متحدثًا بصدق وهدوء:
- حبيبتي والله مصدقك.. غيران بس شوية
تعجبت في اندهاش وقالت:
- أنا بجد مش مصدقة
استفسر لما يُدهشها سائلًا:
- إني غيران؟
ابتسمت بمصداقية وقالت مجيبة:
- لأ، إن كل حاجة سهلة معاك.. عارف؟! أنا بجد لو كنت بحلم بإنسان أحبه وأتجوزه يبقا أكيد كنت بحلم بيك أنت
ابتسمت لترتسم ابتسامة على شفته هو الآخر بالرغم من شعوره بالغيرة الشديدة ليهمس لها:
- طيب نامي بقا عشان تلحقي الحلم من أوله
صاحت بضحكة:
بتتريق عليا يا مراد.. ماشي!
اردف بسرعة وقال:
- وأنا أقدر بردو
اتسعت ابتسامتها وهمست بعشق:
- بحبك أوي يا مراد
اجابها مُعقبًا بنفس مشاعرها:
- وأنا بموت فيكي يا قلب مراد
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
تسائلت "نيرة" وهي تحتسي بعضاً من مشروب الشوكولا الساخن الذي أصبح احدى عادتها مؤخراً وهي تشارك "رامز" به:
- طيب وأنكل هشام؟! هيفضل كده بعيد؟"
تناول الكوب من بين يدها ليرتشف بعضاً منه ثم أعاده لها ثم اجابها:
- معرفش بجد سيرين في دماغها ايه، وكل ما نكلمه يفضل يسأل، وأنا بصراحة تعبت من كتر ما عمالين نقوله أعذار واهية، زي ما نكون أنا ومراد بنديله في مسكنات
فرغت من إحتساء رشفة لتُهبط الكوب وقالت:
- طيب يعني سيرين رجعت لجاسر ليه؟ بيني وبينك أنا مش داخل دماغي حوار الورث والشركة والفلوس.. أن متأكده وعارفة كويس إن الدنيا معاها تمام
همهم ثم حدثها:
- بصي أنا اللي شايفه بعد كل اللي حصل ده إنها بتحبه ولسه عايزاه بس بتربيه شوية
سألته بأعين مندهشة:
-هو تفتكر لو حصل بنا كده هاعمل فيك اللي بتعمله سيرين مع جاسر؟
كلمها بنبرة خبيثة مجيبًا وهو يغمز لها:
- حبيبتي احنا مينفعش يحصل بنا نفس اللي حصل بينهم، وبعدين يا حلو أنت ما أنت بتتفرتك تحت مني وشكل الموضوع عاجبك وداخل دماغك ولا ايه؟
توسعت عيناها وهي تحتسي الكوب بأكمله ليهتف بها وملامحه تتحول إلي الضيق:
- خلصتيه يا مفجوعة.. تعاليلي بقا عشان آخد حق كل اللي شربتيه
هتفت به زاجرة:
- لا بقولك ايه.. أنت تبطل شـ..
قاطعها وهو يقول:
- ولا كلمة.. احنا كنا بنخمس في الكوباية وأنتي لهفتيها.. وبعدين أنا مبسبش حقي.. هاخده يعني هاخده
ابتعدت عنه مسرعة بعد ما سمعته ليهرول خلفها ممسكاً بخصرها فارتطم ظهرها بصدره فهمس بنبرة ماكرة:
- عاملالي مش عايزة أوي وأنتي هتموتي من جواكي.. ما بلاش حركات العيال الصغيرة دي بقا
هبط بشفتاه ملثماً عنقها لترتسم ابتسامة على شفتيها فهمست بنعومة وهبطا جفنيها رغماً عنها وهي بالكاد تستطيع التحكم بنفسها من قبلاته الماكرة:
- لا رااامز
أردف بنبرة ممتعضة قائلًا:
- أبو رامز اللي جايباني ورا دي يا شيخة
ضحكت هي في خفوت بينما حملها بين يداه متجهاً لغرفة نومهما حتى يقضيا ما تبقى من الليلة بأحضان بعضهما البعض..
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
أوصد هاتفه ثم وضعه على المنضدة الصغيرة بجانب سريره بعد أن أعتاد مؤخراً على مطالعة صورها لساعات قبل نومه هذا إن أستطاع من الأساس.. فمنذ رؤيتها ذلك اليوم وهو لا يستطيع أن يُفكر بسواها، ماذا تُحب وماذا تكره؟
شعر بغرورها الشديد عندما قدم نفسه إليها بالفرح، تمنى لو أنها أطالت معه الحديث قليلاً، بالكاد أستطاع جمع بعض المعلومات عنها ليعلم أنها تعمل طبيبة أطفال ومجرد تلك الفكرة عنها راقته كثيراً..
لا يعلم لماذا تركت البلاد وغادرت لتمكث بكندا كل تلك السنوات، أرقه كثيراً أن تكون على علاقة بأحدهم بالرغم أن ما وصله من معلومات وأخبار عنها لا تقل أنها مرتبطة بأي شخص، كما أن صفحات ملفها الشخصي على وسائل الإتصال الجماعي لا توضح هذا أيضاً، فقط تبدو مستقلة بنفسها كثيراً وأنها أحيانا لا تمكث مع أهلها فتسافر بكل سهولة ودون حدود فتنهد بحيرة عندما ركز على نمط حياتها الذي يبدو غريباً للغاية..
قرر بداخله أن يبدأ جدياً في الوصول لها ولكن بقوة شخصيتها البادية عليها واستقلاليتها الشديدة لن يستطع أن يظهر أمامها من العدم ليخبرها أنها استحوذت على يومه بالكامل منذ حفل عُرس "نور" و "معتز" وهو يريد أن يقترب منها، لابد من أن يجتمعا وكأنما الظروف أرادت ذلك..
استقر على أنه سيفاتح "سيرين" بالأمر غداً صباحاً وسيكون أول ما يفعله ولكن دون أن تلفت النظر إلي هذا، علها تكون البداية بينهما.
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
استيقظت لتشعر بثقل على نهديها بينما وجدت يدها تعانق عنقه وأصابعها امتدت لتلامس بعضاً من خصلاته فحمية اللون فحاولت الإفلات من إطباقه عليها ولكن دون جدوى ليتكلم هو بنعاس
- قوام كده عايزة تسبيني، طب استني شوية، طب شوية حنية، اي حاجة يعني
تحدثت له في تأفف ولم تتوقف عن محاولتها للتهرب منه:
- أنت تقيل اوي على فكرة، زي دمك كده
رفع رأسه وابتسم لها وقال:
- أنتي اللي صغننة أوي في نفسك
قلبت عينيها وتحدثت بإعتراض وخشونة:
- يووه بقا!! عاجبك ولا مـ..
قاطعها مسرعًا قبل أن يتجادلا:
- عاجبني والله عاجبني
نهض مبتعداً وحاول ألا يدخل بعراك معها فهو يدرك جيداً أنه ليس من السهل أن يجعلها تتوقف عن الكلام ثم اخبرها بهمس متغزلًا:
- صباح الخير يا احلى سيرين في الدني
ابتسم لها ابتسامة لم ترها من قبل لتطلع ملامحه الجذابة ليجبر شفتاها بكلماته على رسم ابتسامة خجولة وتورد وجهها رغماً عنها ثم زجرت نفسها سريعًا لتقول حانقة وهي تهزم خجلها سريعًا:
- لا مش علشان بقا امبارح مرضتش أموتك زي ما كنت عايز خلاص كده بقينا حلوين، اسمعني كويس و..
قاطعها بنبرة واثقة ولم يكترث لنظراتها المعترضة ثم ابتسم متكلمًا:
- اسمعيني أنتي كويس.. الساعة بقت عشرة ونص.. ايه رأيك كده نروح نفطر في حتة برا النهاردة.. واهو بالمرة نعرف بعض من أول وجديد وبلاش السواد اللي جوا قلبك ده، قومي خديلك Shower وألبسي عشان مفيش شغل النهاردة.. ومتطوليش بقا عليا.. وآه شكلك جامد بشعرك المنعكش ده
غمز لها ثم توجه للخارج لتهرول هي لأقرب مرآة بجانبها وهي تطلع شعرها المبعثر فتمتمت بحنق وعصبية:
- ماشي يا زفت والله لأوريك
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
صاحت "هويدا" في حنق وهي تكاد أن تنفجر غيظاً :
- يعني ايه مخرجوش من بيتهم؟!.. أنا عايزة الموضوع ده يخلص النهاردة؟
آتاها الرد سريعًا:
- حاضر يا هانم، بس يعني احتمال تكون مع جوزها و..
قاطعته في رفض شديد:
- لأ.. جاسر مش لازم يعرف حاجة
قال الرجل متحدثًا في قلة حيلة:
- يبقى كده لازم نستنى لما تكون لوحدها خالص
تأففت ثم قالت في غيظ:
- خلاص هاستنى"
أنهت المكالمة وهي تشتعل حقداً لتمتم بخبث وهي لا تطيق الإنتظار:
- ماشي يا بنت سلوى.. أنا هوريكي.. إن ما كرهك وقرف منك وداس عليكي برجليه مبقاش أنا، أنتي طولتي أوي معايا واخدتي من وقتي زيادة عن اللزوم، بكرة لما بيشوفك بتخونيه بعنيه هيعرف إنه مالوش غيري وهيجي يقولي سامحيني يا أمي.. بس الصبر جميل
سمعتها خادمتها ثم توجهت على الفور لتخبر "جاسر" متحدثة إليه بالهاتف:
- حضرتك أنا هو ده كل اللي سمعته بالحرف
همهم في تفهم ليقول:
- طيب خلي عينك عليها ولو حصل حاجة عرفيني بسرعة ولو مش هتعرفي تتكلمي ابعتيلي رسالة
قالت برسمية:
- حاضر.. تحت أمرك
أنهى "جاسر" المكالمة ثم وضع سيجارته بالمنفضة وتوجه للداخل ليرى "سيرين" تضحك وهي تتحدث إلي "منى" ولم يتوقع هذا التغير الشديد بين ليلة وضحاها ليبتسم لرؤيتها كذلك وما إن تقابلت أعينهما حتى تصنعت الجدية فتوجه نحوها ثم تحدث إلي "منى" قائلًا:
- متتعبيش نفسك بقا يا دادة عشان هنقضي اليوم كله برا
أخبرها ثم تفحص عسليتاها التي نظرت له في تعجب ليُكمل حديثه وهو لا يزال ناظرًا لها:
- أصلي عازم سيرين برا وقولنا نغير شوية
تكلمت "منى" في ود لترد قائلة:
- ربنا يسعدكوا يا ابني، واهو التغير حلو
نظرت لها "سيرين" بضيق لتراه يُمسك يدها رغماً عنها ثم اخبرها متسائلًا:
- مش يالا ولا ايه؟!
تريث ثم سأل "منى" في ود:
- محتاجة حاجة يا دادة؟
اجابته في حنان:
- وأنا هحتاج ايه أنت مش مخلينا محتاجين حاجة.. ربنا يخليك يا ابني
تعجبت "سيرين" لطريقتهما التي لم تلحظها من قبل لتشعر بأن تغير "جاسر" لم يكن معها فقط بل كان مع الجميع حولها ولكنها أنشغلت فقط بالتفكير بعلاقتهما سوياً وأخبرها مودعًا ليجذب يدها في خفة لتسير معه:
- سلام..
ردت بسعادة وهي تتمنى لهما الخير دائمًا:
- مع السلامة يا حبيبي.. يارب دايماً أشوفكوا مبسوطين
توجها للخارج لتراه قد أخبر السائق مسبقاً ولكن السيارة التي أمامها كانت احدى سيارات الليموزين الفارهة لتصيح في دهشة لتتسائل متهكمة:
- كل ده عشان نفطر برا؟!
اجابها بإبتسامة جذابة:
- ما أنا قولت عاوز أكون معاكي لوحدنا، وفي نفس الوقت فكرت إن هاتشغل عنك بالسواقة
همهمت ثم قالت بمزيد من التهكم:
- آآآه.. قول كده بقا، مبتعرفش تسوق يعني
تريثت وهي تعقد ذراعيها لتخبره بنبرة انتصار:
- كنت ممكن تسيبني أسوق أنا
بالطبع هو يعلم كم كانت بارعة بالقيادة فتوسعت ابتسامته وهو يمنع نفسه ألا يشعر بالإستفزاز من كلماتها وتحدث بين ابتسامته وأسنانه التي لم تتفارق:
- اركبي يا حبيبتي وامسكي لسانك شوية
نظرت له بإنتصار وابتسامة تشفي ثم أمسك لها بالباب لتدخل بتأني فتبعها..
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
أخبرها وهو ينظر لها بينما تتناول الطعام في صمت:
- عايزك تسأليني عن كل حاجة؛ هعرفك كل حاجة عايزة تعرفيها
ملئت فمها مرتان وابتلعت لتترك الشوكة ثم تفحصته بعسليتاها لتتنهد وحاولت ترتب أفكارها وتساؤلاتها ولكن دون جدوى فبدأ الكلام بالخروج بتلقائية و نظرت لفيروزيتاه لتحاول استشعار الصدق بحديثه وسألته:
- كنت فين الكام يوم اللي فاتوا دول؟
اجابها دون التردد وقال:
- كنت بشوف شغلي.. يعني الكام اوتيل اللي عندي واربع شركات كده وبشوف السيولة اللي معايا عشان كنت بفكر اعمل مشروع جديد بس بصراحة مكنتش قادر اعمل حاجة، كنت بقول هاعمل لمين يعني وأنا أصلاً مبقاش ليا حد خلاص
شعرت بالصدق ينبعث من عيناه ممتزجاً بزرقتها التي أذابت قلبها فعبثت بالطعام ثم تناولت منه مجدداً وعم الصمت إلى أن تحدثت وهي تضيق عينيها في تفحص:
- يعني شغل وبس؟
تعجب لنبرتها التي تبدو غير مقتنعة وقال:
- تقصدي ايه يعني؟ أحياناً كنت بروح لنور ومعتز
همهمت هي ثم تكلمت سائلة:
- نور ومعتز.. بس كده؟
تنهد ثم تكلم ليقول:
- خليكي direct وقوليلي عايـ..
قاطعته وهي تلقي بالكلمات بسرعة من بين شفتاها:
- يعني مكنتش مع حد تاني؟ واحدة ست مثلاً أو روحت لهويدا هانم؟
ألقته بتلك الكلمات لترى الغضب يرتسم على ملامحه ثم رمقها بلوم شديد واجابها باقتضاب:
- لا ولا ست ولا هويدا
أخبرها ثم نهض مبتعداً ليحاول التغلب على غضبه الذي شعر به وشرع في تدخين احدى سجائره وهو يطالع هذا المنظر الخلاب بينما هي شعرت وكأنها لم تفعل شيئاً وكان سؤالها منطقي إذن لماذا غضب هكذا؟
صاحت بعد أن تبعته وأقتربت منه:
- هتعمل فيها مقموص بقا
رمقها بطرف عينيه واجابها:
- ولا مقموص ولا حاجة
أخبرها ببرود ثم اكمل تدخين سيجارته لتتحدث بضيق:
- خلاص مش هسألك على حاجة تاني
التفتت لتغادره فجذبها من يدها ليريح خصرها على حافة السور أمامه ثم أقترب منها محدقاً بعسليتيها في غضب بينما توسعت عسليتاها في دهشة ليهمس بالقرب من شفتاها وهو يتفقدها:
- كنتي مطلعة عيني ومش قادر أقرب منك تاني لأنك يا إما هتهزئيني يا إما هتفكريني باللي حصل، كنت متأكد إنك خلاص استحالة تسامحيني؛ كان المفروض أعمل ايه يعني؟
تفحصها لبرهة ثم أكمل:
- أكيد مش هتبقي ممرمطاني وأنا نفسي بس تديني فرصة وأروح ادور على واحدة تانية، وأنا ممكن أروح للشيطان نفسه ولا إني أروح لهويدا بعد اللي حصل
ظل يتفحصها بينما شعرت هي بالإحراج لتحاول أن تبتعد عنه ولكنه ثبتها أمامه وتحدث متسائلاً وفيروزيتاه لا يبارحان النظر لعسليتاها:
- عايزة تعرفي ايه تاني؟
بادلته النظرات وتحول الإحراج بعيناها لجرأة شديدة وسألته:
- أنت فعلاً كنت عايزني أموتك امبارح؟
نظر لها في حزن ليتنهد ثم تحرك من أمامها ليقف بجانبها هامساً بصوت مبحوح وهو يبدو عليه التوجع:
- أيوة.. حسيت اني مش هاقدر اعمل حاجة تاني ومبقاش فيه حل؛ أفتكرت كلامك زمان، قولتيلي هنطلع من الجوازة دي يا قاتل يا مقتول، وأنا كنت خلاص حاسس بالعجز، بالذات بعد اللي حصل امبارح وأنتي لسه مصممة إني بعمل حركات!
قررت ألا تتوانى وتحدثت بلذاعة:
- ما اللي أنت عملته مكنش سهل، مسكتها بهدلتها قدامي و..
قاطعها بضيق وغضب:
- بصي يا سيرين عشان تكوني عارفاني كويس؛ أنا لما بتعصب مبشوفش قدامي حتى لو مين، أولاً أنا مبقتش أشوفها غير واحدة ست قذرة عملت فيا اللي ميتعملش، ثانياً هي اتكلمت عنك، وأنتي الوحيدة في الدنيا اللي بقت تفرق معايا، أنا أصلاً مبقتش عايش غير ليكي أنتي، تفتكري يوم ما تتكلم عنك كده ولا تجيب سيرة حاجة نفسنا احنا الاتنين ننساها مش هتجنن وامسكها اموتها كمان مش اتعصب عليها وبس؟!
تريث لبرهة وهو يتفحص عسليتاها وحاوط وجهها بكفاه لتتسمر عيناه بخاصتها وهو لا يقوى على الابتعاد وتسائل في همس وهو يبحث عن الإجابة بعيناها:
- أنتي لسه بتخافي مني يا سيرين؟
تحول تفحصها له لإرتباك ومشاعر متناقضة ولكنها صادقة تماماً فبادرها هو:
- أنتي لسه مش عايزاني أقرب منك، مش كده؟
أشاحت بنظرها بعيداً بعد أن شعر بخوفها وأنفاسها التي تعالت وجلاً وتلعثمت بصعوبة وهي لا تدري كيف تصوغ كلماتها:
- معلش بس أنا لـ.. يعني لو.. مش عارفة بس بلاش.. أقصـ..
قاطعها هو وقال مُطمئنًا:
- متخافيش.. مش هاجي جنبك غير لما تسمحيلي بده..
زفرت في راحة بعد أن شعرت أنه يسهل عليها الأمر ولكن كفاه لا يزالان محاوطان وجهها فتعجبت ونظرت له في تساؤل ليهمس قائلًا:
- ما عدا المرادي
هبط لمستواها ليقبل شفتيها في رقة مبالغ بها ولم يرد أن يكن عنيفاً معها إطلاقاً حتى لا تتذكر أياً مما بدر بينهما في السابق.
بالكاد تحكم في عنفه وهو يُقبلها ولكن لم يستطع التحكم في ابتعاده عنها، يُدرك أنها تحتاج للتنفس مثله ولكنه لم يرتو بعد من شفتاها التي لطالما حلم بتقبيلهما..
شعر بيداها تدفعاه للخلف ولكنه لم يستجب لها وأقترب منها أكثر وهو لا يريد أن يبتعد عنها لتزداد شدة دفعاتها له ففرق عناق شفتاهما ليلهثا سوياً بشدة ثم حاول أن ينظر لها وهي تنكس رأسها للأسفل فتلمس ذقنها ليرغمها على النظر إليه ليلاحظ تورد وجهها بأكمله وشفتيها انتفخت قليلاً أثرا لقبلته ولكن عسليتاها رمقته في غضب وصاحت به زاجرة:
- هو ده اللي مش هاتقرب مني.. لو سمحت ابعـ..
قاطعها مبتسماً:
- ما تلمي لسانك ده بقا ولا ابوسك تاني؟ وبعدين يعني حني عليا بأي حاجة يعني أنا استنيت كتير اوي
صاحت في حنق وهي تحاول الابتعاد من أمامه:
- ابعد عني..
تركها وشأنها فالتفتت ووجهت له ظهرها وعقدت ذراعيها في انفعال وهي تحاول التغلب على تلك الأحاسيس التي انفجرت بداخلها..
ليس خوفاً فقط.. بل العديد من المشاعر الأخرى.. أندفعت برأسها تلك الذكريات المريرة عندما شاهدته مع نساء أخريات، لم يقبلهن بتلك الطريقة، ولكنها بنفس الوقت شعرت بالغضب الشديد لسكونها أمامه وعدم مدافعتها عن نفسها.. لا تدري ماذا تفعل، وكأنها تريد إبراحه ضرباً بشيء ما فالتفتت له في حنق لتتفوه بما لم يتوقعه هو وما لم تخطط له هي مسبقاً واندفعت الكلمات من بين شفتاها:
- أنا عايزة أعرف كل حاجة عنك، من ساعة ما كنت صُغير لغاية امبارح، واياك تكدب عليا في حاجة لحسن والله أموتك بجد!
ابتسم لها وهو يتطلع أنهار العسل خاصتها وهمس مجيبًا:
- تحت أمرك يا سيرين هانم.. بس مش هنا أكيد
نظرت له لبرهة في غير تصديق ثم حمل جسدها الضئيل بين يداه لتصرخ به في غِلظة:
- أنت يا متخلف يا غبي.. نزلني.. احنا داخلين على الناس وهيشوفونا.. مش قولت إنك هتبعد عني ومش هتقربلي.. سيبني يا جاسر
تحمل رفضها ثم قال:
- تولع الناس ومش هابعد يا سيرين
استقل بها المصعد ثم توجه لجناح خُصص له لتتوسع عيناها في اندهاش بوجودهما معاً بغرفة وحدهما بعد أن أراح جسدها على السرير فتسائلت في تعجب وخوف:
- أنت جبتني هنا ليه؟
لاحظ الخوف على ملامحها وحاولت هي النهوض فوقف بجسده أمامها ليمنعها وحدثها بمصداقية قائلًا:
- قولتلك متخافيش مني بقا.. جايبك عشان نتكلم براحتنا
نظرت له وهي لا يزال بداخلها خوف وعدم ثقة به ولكنه سألها بإبتسامة ارتسمت على وجهه:
- عايزة تعرفي ايه؟
اجابته بتلقائية ونظرة متحمسة لتعقد ذراعيها أمام صدرها وقالت:
- كل حاجة
همهم وقال:
- ماشي هاحكيلك بس على شرط
نظرت له واحدى حاجباها ارتفعا في تحفُز وتريثت حتى يخبرها بذلك الشرط ليترجاها متوسلًا:
- خديني في حضنك وأنا احكيلك كل حاجة
نظرت له في غضب ونهضت ولكنه لم يدع لها المجال ليدفعها بخفة على السرير وفي ثوانٍ استلقى بجانبها ممسكاً بخصرها رغماً عنها ووضع رأسه أعلى نهديها ولم يكترث لمحاولات إفلاتها من أسفله ولم يكترث أيضاً للفرق الشاسع بين جسدها الضئيل وجسده الذي فاقها بمراحل ثم بدأ بالحديث ليمنعها من التحرك:
- أظنك فاكرة باباكي الله يرحمه
ابتلعت في خوف ما إن كان يعلم ما فعلته وهدأت تماماً وهي تنظر له في ترقب وسألته:
- ماله بابا؟
شرع في الإجابة وقال:
- من وأنا صغير مكنتش بحب حد أكتر منه.. حتى أكتر من أبويا كان دايماً يحبني ويلاعبني حتى كان بيصمم ياخدني الشغل ويفضل مقعدني على ححره وكان بيعملي كل حاجة نفسي فيها لغاية ما بقى عندي تسع سنين.. فجأة ابتديت أسمع بابا وهويدا بيتخانقوا بسببه..
تريث لبرهة ثم تنهد وهو يدفن رأسه في صدرها وتابع:
- الخناقات إن كان بابا هيموت ويعرف ازاي باباكي سخب المبالغ دي كلها من حسابات الشركة وكمان اخد فلوس من الخزنة، وفضل مش مصدق وهويدا تطلعله في اسباب واعذار و..
تكلمت بعد أن توقف لينظر للأعلى في توسل بينما قابلت نظرته بنظرة مبهمة:
- كمل سكت ليه
همس مترجياً مرة أخرى:
- احضنيني طيب
زفرت بضيق وقالت:
- اديني حضنتك
عانقت جيده ضامة رأسه لصدرها بذراعها اليسرى وبالكاد وضعت ذراعها الأخرى لتتلمس أعلى كتفه ثمم اخبرته:
كمل بقا
شعرت بإنعكاس إيماءته وهو يقول:
- حاضر..
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
خرج "معتز" بعد أن صف سيارته بالمرأب بمكان وقوف سيارته المخصص له وتحدث بهاتفه:
- يا عم ما قولتلك خلاص متقلقش.. تحب اروحلها بنفسي وأقولها أنا هو خديني؟
تأتأ من طريقته الممازحة ونهاه زاجرًا:
- أكيد يعني لأ يا دماغ البهيمة أنت
زفر في قلق ليردف:
- خد بالك يا معتز ومتقلقش أنا وراك ومتابع سيرين، أنا متأكد انها هتعمل حاجة النهاردة لأنها من يوم ما شافت سيرين استحالة تسيب الموضوع يعدي على خير
رد ليُطمئنه قائلًا:
- متخافش وكله هيبقا تمام
تريث لبرهة ثم تعجب وقال:
- هي سيرين مجاتش ليه امبارح؟
اجابه بإقتضاب:
- كنا مع بعض.. خرجنا شوية
صاح بمشاكسة:
- قول بقا يا حوجو يا جامد.. ده انا اجيبلكوا اتنين لمون وشجرة وآجي بنفسي
زجره مسرعًا:
- ياض بطل جوجو دي
توقف ليسأله في جدية:
- لا بس قولي بجد.. اتصالحتو أخيراً؟
ارتسمت ابتسامة على شفتي "جاسر" ولكن سرعان ما سيطر على نفسه واخبره بإقتضاب:
- يعني تقدر تقول كده.. ابتدت تفك شوية
تحدث بحماس مُعقبًا:
- نور هتتبسط اوي بجد ده كل يوم تـ..
قاطعه صوت احدى العاملين بالمرأب ليهرول للخارج:
- معتز بيه.. واحد من الحراس خبطته عربية وطلعت تجري
انهى مكالمته قائلًا:
- طب جاسر سلام دلوقتي لحسن واحد خبطته عربية قدام الشركة وجريت
هتف به مسرعًا:
- طب استنـ..
لم يستطع اخباره شيئاً بعد أن انهى المكالمة ليعقب بضيق:
- هتفضل طول عمرك دماغ بهيمة
اتصل وهو يهز رأسه بآسى لإحدى الحراس ليتبين ما إن كان فخاً ليتابعه بسرعة وينقذه قبل وقوع شيئًا
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
جلست خلف السائق وعلى وجهها إشراقة جديدة، تلك الإبتسامة لم تبرح شفتاها كلما تذكرت كلماته لها، بدا كالطفل الصغير، لم يبالغ سوى بإحتضانها طوال الوقت، ولن تنكر كم كانت سعيدة بذلك الاحتياج لها ولقربها بجانبه، بدأت في فهم العديد من الأشياء التي كانت تتعجب لها دائماً، بدأت في استيعاب علاقته السابقة وقربه الشديد من والدته وسيطر عليها الآلم كلما هدتها أفكارها لتحمل "جاسر" وحده ما مر به من أزمات وتلك الطعنة من والدته التي ربما لن يستطيع التخلص من اثرها عليه لسنوات عدة.
توسعت ابتسامتها كلما تذكرت كم أطرى على جمالها أو أخجلها ببعض نظرات من فيروزيتاه، تلك الذكريات القليلة التي كادت أن تبدأ بينهما قبل تلك الليلة المشؤومة، أخبرها بكل شيء ظل حابساً اياه، شعرت وكأنها تولد من جديد، هناك جزءاً بداخلها لا يُصدق أن "جاسر شرف الدين" أصبح لها وحدها دون أخريات، دون مجادلات وتطاولات.
توقفت السيارة فجأة في غير موضع الشركة لتتعجب "سيرين" وسألت السائق الذي شرع في حل حزام الأمان:
- فيه ايه وقفت ليه؟
اجابها برسمية وقال:
- معلش يا مدام هنزل ابص على العجلة شكلها كده مش تمام
أومأت له في تفهم ثم كادت أن تُفكر ثانية بيوم أمس لتجد باب السيارة يُفتح ورجل يدخل بجانبها على يده شيئاً لتصيح به:
- أنت مين وعـ..
لم تكمل جملتها ليوضع خرقة بها رائحة غريبة للغاية على أنفها بقوة ولم يُفلتها ومرت لحظات حتى شعرت بالدوار وذهبت في ثبات تام.
#يُتبع . . .