الفصل الثاني والثلاثون - جسارة الإنتقام
- الفصل الثاني والثلاثون -
همس "جاسر" بإبتسامة إنتصار:
- كش ملك يا حبيبتي
رآى عسليتاها الغاضبتان تنظر له في حنق ليقهقه هو عالياً لملامحها الغاضبة لتنهض هي في انفعال وتواجهه في تحفز ثم صاحت بصوتٍ عال وهي كمن تحذره من شيء ما بإشارتها بإصبعها بتلك الطريقة ونبرتها تبدو كنبرة الصبيان ولكنه رآها في منتهى الطفولية:
- أنا مش هلعب معاك تاني.. أنت غشاش، كل ما أفكر في حاجة الاقيك عارفها.. أنا غلطت لما أقولك ألاعبك!!
ازدادت نوبة ضحكه وكادت أن تغادر ولكنه جذب يدها لتسقط جالسة على قدماه لتصيح به في غضب:
- ابعد عني يا عم!! أنت أصلاً بتحمرق
بالكاد استطاع التحدث بين ضحكاته ليقول:
- يا نهار اسود!! فيه بنت زي القمر زيك تقول لجوزها بتحمرق!!
انفجر ضاحكاً مرة أخرى ليدخل بنوبة ضحك من جديد لتأفف بضيق وزجرته:
- تصدق دمك مش خفيف.. وسع كده أما أقوم
حاولت القيام لتتركه ولكنه منعها بكل مرة التوى جسدها الضئيل بين يداه وتمسك بها وهو يحاول أن يهدأ من وتيرة ضحكاته ليتحدث لها:
- مش قولنا الغالب يحكم
هدأت ضحكاته وأخذ يشاهدها مثل القطة الصغيرة تحاول الإفلات من بين ذراعاه المُحكمتان حولها ولكنها لن تستطيع ولو بعد مائة عام من الآن أن تُفلت منه!
لم تجد فائدة من كل محاولاتها فصرخت به:
- بلا غالب بلا بتاع.. حاسب كده
ثبتها على ساقاه جيداً حتى ارتطم ظهرها بصدره فهمس بأذنها بنبرة ماكرة:
- لا بقولك ايه!! شكلك كده مجنونة وهتتعبيني معاكي أكتر ما أنا تعبان!! بطلي تتحركي بدل ما فعلاً أكمل اللي كنت هاكمله قبل ما نلعب سوا
شعرت هي بتلك الأنفاس الساخنة لتحمحم وتهدأ بعد إدراكها ما يقصده ليتنهد هو ناثرًا أنفاسه الرجولية بجانب أذنها ثم بدأ في التحدث مُفكرًا:
- احكم عليكي بقا بإيه؟!! بإيه؟!
اشتدت ذراعاه حولها محتضنًا اياها ليُكمل الحديث:
- بصي بقا يا حبيبتي.. أظن انتي مرمطيني بما فيه الكفاية، بس وحياتك عندي ما هعديلك حرف بعد كده، شغل الهبل اللي بيحصل قدام الناس ده تبطليه
رفعت احدى حاجبيها وتسائلت:
- ده اللي هو ايه بالظبط؟! أنا معملتلكش حاجة!
اندهش رافعاً حاجباه في غير تصديق وقال:
- يا سلام يا حنينة!! شكلك نسيتي بس هافكرك
مرر يداه المحتضنة اياها على ذراعيها وأخذ يعُد ما يُزعجه من تصرفاتها:
- تهزئيني قدام الناس ولا كأني جوزك، تعملي كل اللي في دماغك من غير ما ترجعيلي، لبسك اللي بيفسر جسمك كله، احضان وبوس لاصحابك، ضرب بالأقلام.. كل ده تبطليه
عقبت في نفور بنبرة حانقة:
- يا سلام!! مكانش دور شطرنج أنت هتغيرلي حياتي عشان حتة دو..
قاطعها متكلمًا بهدوء وهي لأول مرة تستمع لنبرة تدل على التفاهم فقط دون إجبار ولا تحكم:
- هغيرلك حياتك عشان أنا جوزك اللي بيحبك وبيخاف عليكي وبيتجنن لما راجل بيقرب منك.. وعلشا أنا بتضايق وبرفض التصرفات دي
صمتت هي من تلقاء نفسها وهي تكرر كلماته برأسها وتريثت حتى لم تسمع غير صوت أنفاسهما بغرفة مكتبه وشعرت بصدره الذي على وهبط كلما تنفس وخفقات قلبه التي تغللت ظهرها فتنهدت في اريحية وهي توصد عيناها وأراحت رأسها أكثر بعناقهما لتغمغم:
- بس أنا أقطعك في البلاي ستيشن على فكرة
همس بصوت مُرهق وأغلق عيناه هو الآخر:
- ما تلمي لسانك بقا!! فيه واحدة تقول لجوزها أقطعك؟!
حدثته بتلقائية:
- اه يعني فيها ايه!
اقترب هو من أذنها وهمس بخبث:
- ما بلاش طولة لسان بدل ما أعرفك يعني ايه تقطيع.. تحبي تجربي
مرر يده بلمسة اسرت القشعريرة بجسدها لتفر هي ناهضة بسرعة لتصيح في تآفف:
- أنا غلطانة إني قاعدة معاك وبكلمك أصلًا
توجهت للخارج بعد أن استطاعت أن تفر من عناقهما في لحظة هدوءه تلك ليلحقها هو وهرول خلفها وحملها دون مقدمات ليصعد الدرج فمنعته بنبرة رافضة:
- نزلني يا جاسر وابعد عني
أومأ بالنفي وقال:
- لأ
زفرت بإنزعاج وتآفف:
- يوووه بقا عليك .. أنت رخم
عقب مُحذرًا بزجر:
- ما قولنا بلاش طولة لسان
اراح جسدها على سريره وقبل أن تتفوه بحرف آخر التهم شفاهها في قبلة جامحة استمرت لثوان فابتعد بعد أن شعر بإندماجها في تلك الرغبة التي تأججت بينهما ثم همس أمام شفتيها بأعين امتلئت رغبة وغيرة شديدة:
- أنا مكنتش بهزر يا سيرين على فكرة
نظرت له نظرات مستفسرة فأردف موضحًا:
- أسلوبك لازم يتغير، مش هاينفع اللي أنتي بتعمليه ده.. يمكن انتي متعودة على كده بس أنا مش عارف اقبله
سألته بعفوية:
- اللي هو ايه بالظبط؟
صاح وهو يصر أسنانه يمنع نفسه عن افتراس تلك الشفتان مجددًا بأعجوبة:
- نقول تاني.. أي راجل تبعدي عنه، عامليهم عادي، مش هاقبل أشوف مراتي وواحد بيفعص فيها قدامي، ولا تقوليلي بقا اخويا ولا ابن خالي!! سامعة؟
لم تتقبل كلماته فقالت في رفض:
- جرا ايه يا جاسر، ايه بيفعص دي؟ أنت مـ..
قبلها قبلة جامحة مرة اخرى وهو يقصد أن يبرع بها مستخدمًا خبرته الطويلة مع النساء والتهم شفتاها الورديتان بين أسنانه حتى أستغربت هي من عنفه في تلك القبلة، شيئاً بها غريب ولكن لا تستطيع هي الأخرى أن تعارض وترفض مثل تلك المتعة
اراح وجهه بجانب اذنها ليهمس لها وقد بدا صوته غاضباً ولكن امتزج بشهوته وبالكاد حاول ألا يترك رغبته تسيطر عليه وتدفعه لفعل كل ما انفجر برأسه من تخيلات فأغلق عيناه يعتصرهما في صعوبة وهو يحاول نفض تلك المخيلات من رأسه:
- اسمعي الكلام من غير نقاش بالذات في الموضوع ده
تفقدته وهو بتلك الهيئة المُشتتة فمدت يدها بتأني ليجد يدها تحاوط عنقه ليشتعل أكثر للمسها اياه بتلك الطريقة الحميمية وعندما لامست يدها نهاية شعره لتداعبه فنظر لها بغضب وازداد صره لأسنانه فقابلته بنظرة هادئة لم تتفق نهائياً مع تلك البراكين الثائرة داخله وحدثته في هدوء:
- أنت عارف إن رامز ومراد فعلاً اخواتي وإنـ..
قاطعها بصوتٍ عالٍ غاضب:
- بردو هتقولي اخواتي وزفت
تعجبت هي من ملامحه التي تحولت بسرعة من الهدوء الذي ظنته للغضب فازدردت وظلت تنظر له وهو عاقداً حاجباه بتلك الطريقة لتشعر بالارتباك وهو يحدجها في حدة رامقاً اياها بفيروزيتان اقتربتا للسواد فارخت يدها حول عنقه وفكرت بالابتعاد عنه ولكنها فوجئت به يقبض على كلتا يداها وهشم شفتاه بخاصتها بقسوة.
لم يتوقف عن تقبيلها في جموح فاقداً عقله وترك تلك الشهوة تتحكم به، تراقص لسانه متذوقاً فمها الشهي في مزيداً من الإثارة التي انفجرت بعروقه، اندلع شبقه بداخله أكثر، لا يستطيع التراجع بعد الآن، يعلم أنه بمثل تلك الحالة قد يفعل الكثير مما سيؤلمها ولكن كيف له أن يكف ويتوقف وهي لا تستطيع إدراك أنها له وحده، كيف له أن يفسر لها تلك الحاجة الشديدة لتملكها، بالطبع ستتفهم تلك الحاجة بطريقة عكسية وهو لا يريد أن يؤلمها بأي شكل من الأشكال ولكن تدفع به الرغبة بكلماتها المُزعجة لأن يمتلك ذلك الجسد أسفله ويبرهن لها أنها تخصه هو وحده.
ازدادت حدة أسنانه لتتحول لقبلات مشتعلة، يشعر بعدم قدرتها على ملاحقته ومواكبة تلك الوتيرة السريعة، أحس باحتياجها للأنفاس ولكنه لا يستطيع أن يبتعد، لقد أججت غريزته الرجولية ببضع كلمات ونظرة من عسليتاها دفعا عقله لفعل العديد والعديد مما لم يتخيله عقلها بحياتها حتى تدرك ماذا تعني كلماته ويريها أنه ملكه هو فقط.
حاول التحكم في نفسه بعد أن ابتعد عنها وهمس مُحذرًا بين أسنانه المتلاحمة لاهثاً ليوصد عيناه كي لا يُثار أكثر بتلك النظرة بعيناها:
- اياكي تبرري تاني.. اياكي أشوف راجل جنبك مهماً كان.. الموضوع ده بالذات متستفزنيش فيه عشان فعلاً المرة الجاية أنا مش ضامن نفسي ممكن أعمل فيكي ايه.. سيرين أنا مجربتش احب قبلك.. مش قادر اقبل إنك بتقربي من راجل تاني غيري
بعد بُرهة نظر لها وهو يحاول أن يجمع شتاته دون جدوى ثم قبلها مسرعاً بجبينها وليخبرها بفوضوية انتقلت عبر نبرته اللاهثة بشدة قبل أن يغيب بالحمام الملحق بالغرفة:
- خليكي مكانك متتحركيش
أُرهق من كثرة تأمله لها وتمنى أن يأخذها ليخفيها بين ضلوعه ولكنه لم يفعلها خوفاً من أن تستيقظ بأي وقت، فظل هكذا منذ أن خرج من الحمام صباح هذا اليوم وهولا يفعل شيئاً سوى تأملها بعد أن ذهبت للنوم و حاول أن يجري العديد من المكالمات الهاتفية بمنتهى الهدوء بجانبها حتى يطمئن على كل توقيع "هويدا" للتنازل عن كل ما تملكه يخص الشركات وأيضاً هناك العديد من الخطط التي يود أن يعدها من أجل "سيرين"
ناداها بعد أن طفح به الكيل من انتظاره استيقاظها:
- سيرين يا حبيبتي
لم تتحرك ولو مقدار أنملة وكأنه لم يناديها من الأصل، فاقترب يمرر أنامله على وجهها بأكمله، عيناها، وجنتاها، شفتاها، وكأنه يحفر ملامحها ويرسمها من أول وجديد بمخيلته خوفًا من أن يفقد كل ما امتلك بيومان فقط.
أخبرها وهو يمرر سبابته على شفتها السفلى بنبرة هادئة:
- مش كفاية كده نوم ولا ايه؟
لم تستجب هي وهو لم يعد يطيق الإنتظار بعد الآن فاقترب لها أكثر وبدأ في تقبيلها برقة ولطف بالغان خشية أن تستيقظ وتشعر بالخوف من طريقته فجأة ولكنه لم يستطع السيطرة على نفسه حتى اعتلاها لتستقر هي أسفله وهي لا تمانعه نهائياً ليشعر بإندفاع الرغبة وسريانها في دماءه.
أحست بذلك الثقل الذي اعتلاها وهي للتو تحاول نفض النعاس عنها لتظن أنها تحلم بشيء ما ثم أدركت أنه هو حقًا وليس حُلمًا بعد أن وجدت شفتاها قد أختفت بداخل فمه وأنفاسه الساخنة تبعثر أنوثتها لأشلاء فلم تستطع هي الأخرى أن تصده بذلك السكون الجسدي الفطري في نومها لتمد يدها تلاقائياً وتتخلل شعره الفحمي تجذبه إليها وهي تهمهم لتزيد من إثارته ولكن دون إدراكها بالذي تفعله.
همس أمام شفتيها بعد أن احتاج كلاً منهما للتنفس:
- أخيراً صحيتي.. كان لازم بوستين علشان اصحيكي!
كست حمرة الخجل وجهها من كلماته وقصد هو أن يُخبرها بذلك حتى تصده وتتأبى اقترابه حتى لا يتماديان وهو لا يريد لها أن تتسرع بذلك الأمر بعد تجربتهما البشعة بالسابق.
حمحمت وهي للتو تخلصت من نُعاسها ثم سألته بنبرة صاحبت نوما الذي تودعه:
- أنت بتصحيني من بدري؟
أومأ لها ثم قبلها على جبينها وأخبرها في هدوء:
- يالا قومي كده خديلك shower وأنا هقول لدادة منى تحضرلنا الأكل لحسن ميت من الجوع والبسي عشان خارجين
سألته من جديد بعد أن نهض جالساً بجانبها وهو يلامس يدها في لطف:
- هي الساعة بقت كام؟
اجابها بإبتسامة مقتضبة:
- أربعة العصر
اندهشت في تعجب:
- بقى أنا نمت كل ده؟!! محستش بحاجة! وأنت نمت؟
توسعت عسليتاها في انتظار لإجابته ليبتسم لها بعد أن لاحظ أهتمامها بأحواله ثم تنهد ليهيم بتلك العسليتان وأومأ لها بالإنكار وأدركت انه لا يزال مستيقظًا من البارحة فسألته مرة أخرى:
- ليه يعني؟!
وجدته يُقبل يداها برقة وتجنب أن يجيب عليها فهو لن يُقر لها أنه كان جالسًا يُشاهدها اثناء نومها ثم اخبرها بنبرة هادئة:
- بطلي رغي وخلصي ومتخلنيش مستني كتير عشان مبحبش أستنى
تركها وأوصد الباب خلفه لترتسم على شفتيها ابتسامة ثم تنهدت وهي لا تُصدق أن ذلك لرجل هو نفسه "جاسر شرف الدين" الذي تزوجته منذ أشهر معدودة.
أخبرها وهي تجده يهرول مسرعاً خارج السيارة التي أدركت أنها توقفت بالمطار :
- استني متفتحيش الباب
نظرت للأعلى حتى تستطيع عسليتاها مقابلة فيروزيتاه وقد فرغ لتوه من فتح باب السيارة لها:
- جاسر.. احنا جايين هنا ليه؟
اجابها بإبتسامة:
- علشان هنسافر..
عقدت حاجبيها في تعجب شديد وشعرت بالإرتباك قليلًا وظنت انه علم أين والدها لتتسائل بتوجس:
- نسافر فين؟!
ابتسم لها وهو يلامس يدها لتتحول ملامسته لقبضة قوية على يدها دون مبالغة وكأنه يتشبث بها ثم همس مُجيبًا:
- عشان ملحقناش نقضي Honey moon حلو سوا
باتت لمسته شيئًا فشيئًا تُشرها بالأمان ولكن ليس الخوف والرهبة مثل السابق لتغمغم في رفض:
- بجد يا جاسر أنت بتهزر، طب كنت عرفني، ده أنا حتى مش معايا هدوم
توسعت ابتسامته إليها وقال متحدثًا بثقة:
- طول ما أنا معاكي متحمليش هم حاجة
قبلها من جبينها لينهي الإجراءات في ثوان ثم توجها للطائرة التي أدركت "سيرين" بسرعة أنها طائرة خاصة قد شابهت بيتاً بأكمله تميز بالفخامة لتندهش أكثر وهي لم تكن تتوقع أن كل هذا ينتظرها معه.
سألته في براءة مطلقة بعد أن أنزعجت من عدم علمها مسبقاً بكل ما يحدث:
- احنا رايحين فين؟!
نظر لها مبتسماً بنظرة نعسة وهمس سائلاً:
- أنتي نفسك تروحي فين؟!
تحدثت في ضيق وقالت:
- يووه بقا يا جاسر، ما تقولي رايحين فين؟! مش كفاية كمان مخلتنيش أشوف حاجة في المطار ولا عرفت حاجة من الباسبور والفيسا
وجدته نهض وتوجه نحوها ليجذب يدها فنهضت وهي تنظر له في انزعاج بسبب عدم إخباره لها إلي أين يتوجهان ومن ثم حملها دون مقدمات واتجه نح باباً ليضغط زراً بجانبه فاختفى الباب بالجدار لتطلع بعيناها المتعجبة لتجد أنها غرفة بها سرير وأخبرها بهمس:
- عايزة تعرفي هنروح فين!
طالعها بملامح مُرهقة لتومأ هي له بعد أن اراح جسدها على الفراش وتابع كلماته في تعب:
- هنام ونصحى وكمان عشر ساعات هنوصل
اراح جسده بجانبها ليحتضنها لتغمغم هي في تساؤل:
- يعني بردو مش هتقولي؟
همس وهو يقربها منه وارح رأسه على نهديها:
- مش يمكن متعجبكيش.. عايز أشوف رد فعلك لما نروح
أطلقت زفرة متأففة وهي لطالما كرهت أن ينقصها المعلومات هكذا لتقول:
- بردو مـ..
قاطعها وهي تشعر بالإرهاق الشديد يتعالى بنبرته:
- اسكتي بقا عشان تعبان وعايز أنام ومنمتش من امبارح بسببك، لما نصحى اوعدك نرغي في كل حاجة
بالكاد استمعت لصوته الذي غلفه الإرهاق والتعب فصمتت من تلقاء نفسها ولم تمر ثوانٍ حتى شعرت بإنتظام أنفاسه فمدت يدها لتخلل شعره الذي لطالما عشقته وجذبها منذ البداية لتتجول العديد من الأفكار برأسها.
لم تكن تظن أنا ستشعر بمثل ذلك الإحساس فقط لإعطاءه فرصة أخرى للبدأ من جديد، تلك الأحاسيس التي آسرت قلبها كلما رآته يبتسم لها جعلها تشعر وكأنه لا يرى غيرها بالوجود، يمازحها ويصدق كل شيء تخبره به، حتى ردود أفعاله قد تغيرت عن السابق ليتحول لشخصاً جديداً لم تكن تظن أنه سيكون بمثل تلك الشخصية.
لم يعد هناك اجبارًا بتصرفاته، حتى حديثهما معًا بات يأخذ منحنى آخر بين الطلب والعرض، وكثيرًا تشعر انها تستطيع الرفض دون خوف ولا رهبة مثل ما كانت تتوجس منه يومًا ما..
ظلت تفكر وتفكر وأنفاسه ترتطم بصدرها لتخلف بعثرة لمشاعر بداخلها تختبرها لأول مرة وكأنها ولدت من جديد. لم تدر إلى متى ظلت محتضنة اياه وهي تراجع كل ما حدث بينهما منذ أن التقت اعينهما حتى وصلت لذلك العناق الآن لتبتسم في سعادة خالصة ثم تنهدت وأوصدت عيناها ليتسلل لها النوم شيئًا فشيئًا..
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
انتبهت وهي تشعر بعدم راحتها بالسرير لتجد أن فيروزتي "جاسر" قد حاوطتها من جميع الجهات، مهلاً!! أهي تحلُم بشيء ما؟
ركزت نظرها لترى المياة من حولها وهو يترقبها في صمت فتعجبت على مقربة منها فتسائلت وهي تنظر له بإستغراب وعسليتان ناعستان:
- احنا فين؟ وجبتني هنا ازاي؟!
هز رأسه في انكار على ما تسببه له هذه الفتاة وتنهد مُجيبًا:
- افتكروني خاطفك في المطار بس عدت على خير.. كويس إنك صحيتي
ابتسم لها ثم توجه ليقود اليخت بنفسه فازدادت دهشتها وتبعته وما إن شرع في القيادة حتى أختل توازنها وأوشكت على السقوط فحاوط خصرها بذراعه فسألته وهي تنظر له:
- احنا فين؟ ورايحين فين؟
اجابها وهو ينظر لها بطرف عيناه ليرى ردة فعلها وخاصة أن لا زال جزء بداخله يريد أن يرى تصرفاتها وهي معه وحدها بالكامل دون وجود أي أحد حولها:
- احنا في السيشل ورايحين جزيرة لينا لوحدنا
ابتسمت بإندهاش وتعجبت له:
- اشمعنى لوحدنا واشمعنى السيشل بالذات؟
جذبها بلطف ودفعها لتقف أمامه وحاوط جسدها بذراعاه التي استقرت على المقود ثم همس بأذنها مُجيبًا:
- لوحدنا عشان ذي أي راجل ومراته لما بيقضوا الهوني مون بتاعهم بيحبوا يكونوا لوحدهم، والسيشل أنا بحبها وكان نفسي اجي هنا بقالي فترة ونفسي أنتي كمان تحبيها
لا تدري لماذا طريقته تلك بعثت القشعريرة لجسدها وهو يهمس بهذه الكلمات بالرغم من أنه لم يتفوه بكلمة مثيرة ولكن كانت تكفي بحة صوته الرجوليه التي لطالما شتتها لأشلاء.
أوصدت عيناها وهي تشعر بأنفاسه الممتزجة بذلك الهواء المنعش واستندت على المقود أمامها بيديها في حركة تلقائية للغاية فبمجرد كلمات بعثر مشاعرها وأشعل بداخلها أحاسيس لم تظن من قبل أن هناك رجل سيكون له هذا التأثير عليها ليهمس لها من جديد:
- ايه عايزة تسوقي هنا كمان؟
سرت بجسدها القشعريرة لصوته العميق الذي يأجج المشاعر بداخلها ولم يفشل أبدًا بفعلها لتهمس له:
- لا معرفش اسوق هنا
شعر بتلك الرغبة الخجولة فرمق جزء أكبر من وجهها ليرى ملامحها المُحرجة مما يفعله بها فابتسم ثم ارغمها على الاستدار واقترب بجسده حتى اصبحا متلاصقان و آمرها بهدوء:
- بصيلي
فعلت فتلاقت اعينهما وشردت هي بتلك الفيروزيتان وشعره الفحمي الذي بعثره الهواء حوله ليبدو جذاباً بشدة وابتسمت في خجل لا تدري لماذا ولكن اقترابه هكذا يُربكها، هي لم تعد تشعر بالخوف معه مثل قبل ولكنها ربما تشعر بالتوتر، لا تريده أن يبتعد وبنفس الوقت تشعر بالخجل.
فرقت نظرتهما لتنظر للأسفل ووتلاعبت بأصابعها بطريقة بدت بها كالطفلة الصغيرة ليبتسم هو ومد سبابته أسفل ذقنها لترفع هي رأسها له والخجل قد كسى وجهها ليتحول للحمرة الشديدة فسألها في جرأة:
- مكسوفة؟
حاولت هي منع ابتسامتها اجابته مسرعة بنبرة مرتبكة وهي تحاول الابتعاد عنه:
- لا لأ.. مش مكسوفة.. حاسب كده
لم يسمح لها بالذهاب ليحول بينها وبين الطريق وسألها مجددًا:
- امال وشك احمر اوي كده ليه؟
نظرت له في انفعال ولكنها وجدت عيناه تتحول للظلمة تماماً وكأنما غابت زرقة عيناه تماماً فتعالى توترها وازدادت انفاسها في قلق لتقول بصوتٍ مهتز:
- حاسب يا جـ..
قاطعها في خبث:
- بوسة وأنا اعملك اللي أنتي عاوزاه
صاحت في غضب لتزجره:
- يوووه بقا.. أنت رخم.. حاسب قولتلك
ازدادت ابتسامته وهو يشاهدها أسفل عينيه بإستمتاع وحدثها بنبرة مُتحدية بعد أن رفع احدى حاجباه قليلًا:
- وعشان أنا رخم مش هاسيبك غير لما أنتي اللي تبوسيني.. خلينا كده سنتين تلاتة بقا!
نظر ليركز في القيادة وكأنها ليست أمامه ولكنه يحاوطها جيداً فسمع زفرتها الغاضبة وهمست في غيظ:
- اتفضل
بالكاد لامست وجنته بشفتيها لتقول حانقة:
- اديني بوستك، وسع بقا
نظر لها رافعاً احدى حاجباه هذه المرة بمبالغة شديدة وقال بسخرية:
- ده أنتي لو بتبوسي ابن اختك مش هتبوسيه كده.. وبعدين مش دي اللي أنا عايزها
غمز لها بأعين ماكرة بصحبة إبتسامة جذابة ليرى عقدة حاجبيها وعبوسها يزداد فتآففت وضربت الأرض أسفلها بقدمها وتحدثت بصلابة:
- لا بقولك ايه، شكلك نسيت سيرين.. هو ده اللي عندي.. حاسب بقا!
همهم في تفهم وتحولت ملامحه للجدية وقال بثقة:
- طيب قولي كده..
سكت لبرهة لتنظر هي له بإستغراب ليُتابع بإبتسامة خبيثة:
- اللي مش عارف يتعلم وأنا ممكن اعلمك
توسعت عيناها في دهشة ليقترب اكثر منها فحاولت منعه:
- لو سمحت يا جاسـ..
لم تكمل جملتها بعد أن اسكتها بقبلة لطيفة للغاية اشتعل وجهها على اثرها فنظر لها وهي تحاول اخباء تلك العسليتان بعيداً عن زرقاويتاه فاقترب منها هامساً بأذنها:
- بقول احسنلي واحسنلك تبعدي كده عني لغاية ما نوصل لحسن مش ضامن نفسي قدامك وأنتي ذي الفراولاية كده ممكن أكلك مكانك!
ارتعدت خجلاً من كلماته لتفر مسرعة بعيداً عنه لتتعالى ضحكاته وأستمر في القيادة ليصلا لوجهتيهما بينما ذهبت هي وجلست على مقربة منه ولكن دون أن تواجهه مباشرة وهي تحاول أن تجمع شتات نفسها..
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
أوصدت عيناها وهي مستمتعة بهذه الأجواء حولها بعد محاولة أن تتناسى ما حدث بينهما من تلك القُبل والإقتراب منها وحاولت أن تتخلى عن إرتباكها فهو زوجها في النهاية ولكنها حاولت أن تعود لإستمتاعها وتترك كل الأفكار جانبًا الآن..
استمعت إلي صوت مياة البحر.. حفيف الأشجار بتلك الجزيرة الساحرة، أشعة الشمس التي تلامس جسدها بعد أن بدلت ملابسها لثوب سباحة من قطعة واحدة وعليها فستان شفاف مزركش، فهي لا تستطيع أن ترتدي ما يضاهي ذلك الرداء جرأة وأكتفت بهذا حتى ولو كانت الجزيرة بأكملها لهما وحدهما.
اتكئت أكثر بظهرها ورأسها يجول بها العديد من الأفكار ولم تستطع أن توقفها هذه المرة حيث أن ما تُفكر به دفعها للإبتسام من فرط السعادة كلما تذكرت ما يفعله معها منذ تلك الليلة التي كان كالغبي يود أن تقتله بها.. هزت رأسها في إنكار وهي تتذكر ملامحه وهو يطلب منها أن تقتله، لم يكن يعرف كم تعشقه، ولم تكن تتصور هي مثل تلك السعادة التي تحيا بها، أرادت أن تتغير الأمور ولكن الفكرة برأسها شيء وتجربة كل هذا معه شيء آخر تماماً.
ازدادت ابتسامتها وهي تُفكر بكل لحظة حميمة جمعتهما منذ ذلك العناق بعد اعترافهما بصراحة بما يكنان من مشاعر لبعضهما البعض إلي تلك القُبلة باليخت الذي آتيا به إلي الجزيرة، التهمت شفتها السفلى ثم تورد وجهها وهي تفكر متى ستجمعهما علاقة حميمة كاملة؟
هزت رأسها مرة أخرى بإنكار وهي تنفض ذلك الفكر بعيداً، بالرغم من إرادتها لإختبار هذا الأمر معه وبالرغم من أن اقترابه منها يُشعرها بالأمان ولكن بنفس الوقت يوجد بداخلها توتر وارتباك كلما تذكرت عنفه معها وأخذت ترن تلك الكلمات المريرة التي ألقاها بها بتلك الليلة المشؤومة لتبتلع في انزعاج حتى تأثرت ملامحها هي الأخرى وفتحت عيناها مُنتبهة على صوته السائل:
- ايه التفكير العميق ده كله؟
لاحظ عقدة حاجباها المنزعجة واعتدلت بجلستها لتجيب بتساؤل:
- أنت هنا من امتى؟
تفحصته لتراه يرتدي ثوب سباحة قصير وباقي جسده العاري الممتلئ بالعضلات المشدودة يشتت تفكيرها ويعبث بتركيزها فشردت بعيداً ليقترب منها جالساً لتلعن بداخلها عدم استطاعتها للتحكم في نظراتها التي عادت له مرة أخرى.
اجابها بإبتسامة رجولية لم ترأف بها:
- من أول ما كنتي بتضحكي.. قوليلي بقا كنتي بتفكري في ايه؟
تفقد عسليتاها التي أدرك جيداً أنه تتطلع جسده برغبة فتلمس يدها ليجدها جذبتها بعيداً فتعجب لتصرفها واجابته بإرتباك:
- ايه.. ولا حاجة
نهضت وابتعدت عنه لتقف أمام الشاطئ فتبعها بخطوات هادئة ثم جذب ذلك الرباط من حول خصرها ليتطاير ذلك الفستان فجأة لتلتفت له بنظرة نارية من عسليتاها ليقابلها هو بإبتسامة فصاحت بإنفعال وغيظ شديدان:
- ده أنت فعلاً رخم
كادت أن تتوجه للداخل ولكنه لم يعطها الفرصة فحملها متجهاً نحو المياة ليصعب عليها الأمر وجسده العاري يلامس جسدها فابتلعت ريقها في توتر وأخبرته متوسلة في توجس:
- نزلني يا جاسر لو سمحت
لم يكترث لحديثها واستمر متجهاً حتى رآت أنه لا محالة من إعداله عن رأيه فتآففت وهي بين ذراعيه ليفلت ذراعاه لتقع هي أسفل المياة.
صرخت به بعد أن حاولت إستنشاق الهواء بصعوبة إلي رئيتيها وقد استطاعت أن تلمس الأرض أسفلها:
- حيوان
نظرت له في غضب جم وهي ترفع شعرها الذي بللته المياة وقابلها هو بإبتسامة كادت أن تشرد هي بها ثم أقترب منها بخطوات واثقة وبالطبع لن تستطيع أن تفر منه وهي لم ترى سواه بالمياة والبحر والجزيرة لهما وحدهما ليهمس بتحذير مازح:
- طبعاً احنا اتفقنا لو مبطلتيش طولة لسان هاعمل فيكي ايه!
نظرت له بإستفهام ولوهلة لم تفهم ما يقصده ولكنها سرعان ما فهمت بعد أن خاضا هذا الحديث مرات واخيرًا ادركت ما يرمى إليه بكلماته وقبل أن تستطيع الإبتعاد قبلها بشغف.
حاولت الإفلات منه ولكنه أحكم يده حول خصرها ووتحولت قبلته من قبلة مفاجئة إلى أخرى متريثة شعرت من خلالها بحبه لها فلم تملك مقدار ضئيل من التحكم لتسيطر على نفسها وأوصدت عيناها لتستمتع بشفتاه الدافئتان وأنفاسه التي اختلطت برائحة البحر ثم توسعت عيناها خوفاً بعد أن شعرت أن قدماها لا تلامس الأرض بعد الآن.
همست وآثار الرغبة الفطرية بداخلها امتزجت بخوفها:
- جاسراحنا دخلنا جوا اوي.. تعالى نطلع
همس متسائلًا بقليل من السخرية:
- ايه خايفة؟ ولا مبتعرفيش تعومي؟
زفرت في تأفف واجابته متوسلة:
- ولا ده ولا ده.. يالا بجد نطلع!
حدثها بمنطقية وثقة لا تعلم من أين له بهما:
- لو خايفة امسكي فيا ومتخافيش، ولو بتعرفي تعومي يبقا مفيش لازمة للي بتقوليه
نظر لها ولم يكترث لكلماتها واتجه بداخل المياة أكثر وهو لا زال ممسكاً بخصرها لتزدرد في خوف فهي لا تُحب السباحة بالبحر أبداً، لطالما اكتفت بالجلوس أمامه والنظر بتلك الزرقة به لا أكثر.
صاحت في خوف وقد قاربت عيناها على ذرف الدموع:
- جاسر بجد كفاية.. بلاش ندخل اكتر من كده
ضمها له وحملها بيداه وسألها بجدية:
- انتي فعلاً خايفة وانا معاكي؟ ولا انتي مبتعرفيش تعومي؟ قوليلي بصراحة!
ابتلعت واجابته في ارتباك:
- الموضوع مش كده.. أنا بس مبحبش مكونش لامسة الأرض تحت مني.. أرجوك تعالى نطلع
ازداد خوفها ليراه جلياً بملامحها فلامس أسفل ذقنها لتتقابل أعينهما وأخبرها في هدوء:
- أمسكي فيا ومتخافيش
قربها منه لتحاوط عنقه بكلتا ذراعيها وتشبثت به في وجل فأخبرها وهو ينظر لها بإنتصار مُداعبًا اياها:
- يااه.. لو كنت أعرف إنك بتخافي من البحر كده كنت جبتك هنا من زمان
ازداد عبوسها ونظرت له في غضب بعسليتيها الناريتان لتقول في توعد:
- ماشي يا جاسر!! أول وآخر مرة أسافر معاك
همس أمام شفتيها وهو يتفقد ملامحها:
- مش بمزاجك على فكرة.. احنا هنقضيها سفر وفسح وخروج وكل حاجة حلوة!
شعر بأن تفقده لها زاد عن اللازم ليتخيل نفسه يفترسها في عنف ثم حدق بعسليتيها بجدية واحتضنها له أكثر وحاول أن يتناسى تلك الأفكار وسألها بجدية:
- سيرين أنتي عارفة إني بحبك أوي مش كده؟
استغربت سؤاله ولكنها أومأت بالموافقة ليُتابع:
- عارفة إن هويدا اتنازلت عن كل حاجة خلاص؟
ابتسم بإقتضاب لها لتنظر هي في غير تصديق ولم تدري هل تشعر بالسعادة لتلك الأخبار أم بالحزن لرؤيته أمامها وقد اعتراه الآلم لمجرد ذكر اسمها فاحتضنته وهي متعلقه بعنقه ليابدلها العناق ثم همس بأذنها:
- عايز كمان بعد ما نرجع من السفر باباكي يجي يعيش معانا
صاحت في فرحة وهي تتفحص وجهه وسألته:
- بجد يا جاسر؟
أومأ لها بإبتسامة وهو يشعر بالسعادة لرؤيته فرحتها الشديدة هكذا لأول مرة بحياته لتقول ببراءة وتلقائية:
- ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك..
ازدادت ابتسامته في فرحة ليقبلها من جبينها وسألها بعفوية:
- هو فين يا سيرين؟
عقدت حاجبيها ثم ارتبكت لإستفساره واجابته سائلة:
- عايز تعرف ليه؟
تحدث بنبرة خافتة وسألها بعد أن ادرك انها لا تزال لا تثق به بالرغم من كل محاولاته:
- انتي لسه مش واثقة فيا مش كده؟
تحولت ابتسامته السعيدة لأخرى منكسرة وهو يتفحص ملامحها لتصمت هي ولم يأتِ ردها حتى شعرت به يتوجه للخارج وتحولت ملامحه للإنزعاج وهمس لها مُعتذرًا بنبرة صرخت بالندم:
- حقك وأنا عمري ما هاجبرك عـ..
قاطعته بسرعة وقالت:
- لو مش واثقة فيك هبقا متشعلقة في رقابتك كده وأنا بعرف أعوم كويس وممكن بسهولة أطلع لبره؟
تيبست قدماه ولم تترك له الفرصة لينظر لها بل دفنت وجهها بعنقه لتشعر بدفء جسده بتلك المياة الذي صاحب خفقات قلبه الصاخبة التي كادت أن تخترق صدرها بفعل اقتراب جسديهما الشديد معاً وتشبثت به أكثر ليشعر هو بأنفاسها الرقيقة واشتدت ذراعاه حولها ليتريث لثوان ثم هبط ليهمس بأذنها متسائلًا:
- يعني خلاص اطمن؟
شعر بإيمائتها الموافقة وحاول أن يسرق بعض النظرات لوجهها الذي اختفى على عنقه ودفعها كي تبتعد قليلاً لتتلاقى عسليتاها بفيروزيتاه فابتسم بقليل من الخبث وقال:
- اثبتيلي!
نظرت له في استفهام وابتسمت في هدوء متسائلة:
- اثبتلك ازاي يعني؟
تفقدها لبرهة ولم يعد اقترابها منه وتشبثها به يُسهل عليه الأمر بل العكس تمامًا يجعل كل شيئ اصعب فسألها بجدية:
- مش عارفة ازاي؟
نظر لها بشراهة امتزجت برغبته الشديدة في افتراس تلك الشفتان التي توقفت نظرته عندها ليلاحظ إيمائتها له بالنفي وعدم إدراكها ما يعنيه فاقترب ليشعل إثارتها في قبلة مثيرة تعالت على اثرها انفاسهما الممتزجة بشهوة كلاً منهما وشبقهما الجارف في جنون لتشعر هي أنها ولأول مرة تريد أكثر من قبلة ولا تريد أن تبتعد عنه بينما بدأ أسفله في الإستجابة لذلك الشغف بينهما وازدادت قبلتهما جموح حتى تحولت لأكثر من مجرد قبلة شغوفة امتزجت بمشاعر عشق خالص من كلاً منهما تجاه الآخر.
همس بأذنها ملتقطاً أنفاسه المتلاحقة:
- عايزك يا سيرين، عايزك اوي، عايزك بس برضاكي من غير ما تكوني خايفة مني.. ولما تسمحيلي انتي بكده!
شعر بنهديها الملامسان لصدره اللذان علا وهبطا في صخب وهي تحاول التقاط أنفاسها هي الأخرى ليسألها في توتر:
- أنتي لسه خايفة مش كده؟ عمري ما هاجي جنبك غير لما تسمحيلي.. غصب عني بس فعلاً بقيت مش قادر ابعد عنك، أنا بقيت خايف اكتر منك، بفكر آلف مرة قبل ما المسك او اقولك كلمة لا تضايقي، واوعدك لو مش عايزاني أقرب منـ..
توسل هامساً بآخر كلماته التي توقف عنها من تلقاء نفسه وهو يحاول أن يهدأ من وتيرة أنفاسه وتلك الشهوة التي انفجرت بدماءه لتتأثر رجولته بعنف بعد أن شعر بساقيها أسفل المياة تحاوط خصره وازداد تشبث يدها حول عنقه ليشعر وكأنه قارب على الإنفجار من كثرة اثارتها له ولن يستطع أن يوقف نفسه بعد وصوله لهذه المرحلة وشعر بتآلم أسفله بثوب السباحة الخاص به وحاول أن يسيطر على نفسه ليجدها تهمس بأذنه:
- أنا كمان عمري ما هاقدر ابعد عنك؛ ولا بقيت خايفة، وبعدين مش جاسر شرف الدين اللي يخاف، مش جوزي يا جاسر بيه!
سكتت ليجذب يدها من حول عنقه ثم تفحص ملامحها ليرى الصدق الخالص والجرأة التي لطالما ارتسمت بعسليتاها جليان كالشمس وظلمتا عيناه ليحل محل الزرقة سواداً قاتماً بمجرد التفكير بأنها سمحت له بتملك جسدها فاقترب منها مخللاً خصلاتها المبتلة بأحدى كفاه ليقبلها في اشتياق لتتبدل لوعة ابتعاده عنها لشغف شديد واحتياج لأن يرتوي من شفتاها ليزداد تمسكه لخصرها واتجه نحو اليابسة حاملاً اياها ولم تتباعد شفاههما ولو للحظة واحدة.
#يُتبع . . .