-->

الفصل العاشر - ظلمات حصونه






- الفصل العاشر - 


 أنتهى "هاشم" من تبديل ملابسه بعد ان عاد من شركته ليجدها تجلس على الفراش وبيدها هاتفها كالعادة تتفقد مواقع التواصل الأجتماعى حتى تشعر بالملل وتخلد إلى النوم فهذا ما يحدث كل يوم ، لا هذا ما يحدث منذ ان تزوجا ، نعم هو يحترم ذلك الاتفاق الذى حدث من عشرون عاما ، ولكنه أيضا كأى رجل لديه إحتياجات ورغبات عليه إشباعها ولكن كيف؟!


توجه "هاشم" نحو الفراش ثم أستلقى عليه على إحدى جانبيه مُعطيا لها ظهره مُتدعيا النوم حتى لا تلاحظ "هناء" ملامحه المستائة من تلك العلاقة العقيمة ليغمض عينية متذكرا ذاك اليوم اللعين


••


أتسعت عيناه بصدمة مما أستمع إليه غير قادرا على استيعاب ما أستمع إليه الان ليردف بصدمة


_ أنتى بتقولى أيه يا هناء؟!


جففت "هناء" دموعها التى تتهاوى دون توقف مٌحاولة السيطرة على نفسها رادفة بكثير من الحدة والحزم


_ زى ما قولتلك كده يا هاشم ، احنا لازم نتجوز


مازالت الصدمة تسيطر عليه فهو لم يتقبل بعد وفاة شقيقه وزوجته التى كان يعشقها حد اللعنه لتفاجئه شقيقتها التى كانت تٌحب شقيقه بطلبها للزواج منه ليعقب بصدمة وأنفعال


_ أتجوزك أزاى يعنى يا هناء!! انتى اتجننتى؟! انتى عارفة انتى بتطلبى ايه!! انتى اخت مراتى وكنتى بتحبى اخويا و....


_ والاتنين ماتوا يا هاشم


صرخت بتلك الجملة ودموعها لا تتوقف عن الهبوط مُقاطعة إياه لمنعه من التحدث لكى تستطيع ان توضح له ما هو سبب طلبها ذاك لتُكمل حديثها ببكاء مرير


_ ماتوا يا هاشم..ماتوا بسبب لبنى..لبنى اللى سرقت منى شرف اول مره واتجوزته ، وسرقته منى للمره التانيه لما اتسببت فى موته وحرمتنى حتى من أنى اشوفه..وانا حرمت على نفسى الفرحه من بعد شرف يا هاشم وعمرى ما هفكر اكون مع راجل غير شرف بس محدش هيسبنى فى حالى وخصوصا اهلنا وممكن يفكروا أنى معيوبه او فيا عله ، وانا عليتى الوحيده هى حبى لشرف وانا متاكده انك عارف انا بحب شرف قد ايه..عشان كده بطلب منك اننا نتجوز عشان متأكده انك عارف ان شرف عايش جوايا وعمرك ما هتقرب منى ابدا وفى نفس الوقت انت محتاج ام لجواد وزينة ومحتاج زوجه تصون بيتك وعرضك ، احنا الاتنين محتاجين بعض يا ابن يا عمى ، هعيش معاك فى بيت واحد وفى اوضه واحده وعلى فرشة واحده بس اوعدنى اننا نعيش طول عمرنا اخوات ومتلمسنيش ابدا يا هاشم


•••


فتح عيناه بندم وأسى على ما وصل له وعلى ذلك الاتفاق اللعين ، نعم هو يُحب تهانى ولكن اين هو ذلك الرجل الذى يتحمل عشرين عاما دون ان يتقرب من امراة!! وما يجعل الامر اسوأ انه يمتلك زوجة ولكن يا للسخرية فهو لا يستطيع ان يقترب منها او يُفاتحها فى الامر ، ماذا يقول لها؟! أيُخبرها انه فى أمس الحاجه لها!!


ألتفت إليها مُصطنعا النوم وأخذ يقترب منها إلى ان أصبح ظهرهل ملامس لصدره ثم امتدت يده مُحاوطة خصرها ، أنتفض جسد "هناء" بفزع لتنهض سريعا من الفراش ذاهبة إلى الحمام هاربة منه بعدما ادركت نوايا "هاشم"


زفر "هاشم" بخيبة أمل وقلة حيلة وأستسلم للنوم مُتحاشيا التفكير فى ذلك الامر


●●●●●●


نهض "جواد" ويبدو عليه الكثير من الغضب ، تلك اللعينة قد تجاوزت معه الحد وفعلت ما لم يستطع أحدا فعله من قبل ، هى تطاولت معه كثيرا فى الحديث وأستطاعت ان تتحداه وأيضا قامت بغرز شوكة الطعام بيده والان تقوم بدفه من فوق الفراش بمنتهى الجرأة والتحدى ، عليه أن يُلقن تلك المتمردة درسا لا تنساه


أقترب منها وهو على مشارف الانفجار من كثرة غضبه منها ليجذبها من ذراعها بقسوة حتى تأوهت بألم لكنه لم يكترث لتأوهها ليوقفها أمامه رادفا بحدة وضيق


_ انتى بقى سوقتى فيها صح؟! الصبح تضربينى بالشوكة ودلوقتى تزوقينى من على السرير تكونيش قادره عليا وانا معرفش يا روح أمك!!


سحبت "ديانة" يدها من قبضة يده ثم رفعتها دافعة إياه فى صدره مٌحاولة إبعاده عنها ولكن دون فائدة فهو كالجدار الذى لا يتحرك أبدا لتردف بغضب مماثل لغضبه


_ أيوه ضربتك بالشوكه وزقيتك من على السرير ولو قربت منى مرة تانى هضربك بالنار فى عينك دى


جذبها من شعرها بكثير من الغضب لوقاحتها وجراءتها مقربا إياها اليه رادفا بأسنان ملتحمه


_ دا انا اللى هضربك بالجذمة على دماغك ودماغ أهلك ، انتى شكلك مبتتعلميش الادب وعايزه تتضربى كل شويه زى البهايم ، من عنيا انا هربيكى من تانى


دفعها على الفراش عازما على تقطيع ثيابها وضربها مثلما فعل من قبل لتُفاجئه بانحنائها أرضا والتقاط ذلك السكين الصغيرة الذى كانت تستخدمه فى تقطيع الفاكهة مُوجهة إياه إليه رادفة بحدة


_ أبعد عنى بدل ما أسيح دمك النهاردة


أبتسم لها بمزيجا من الدهشة والسخرية فهذه أول مرة يرى بها فتاة بتلك القوة والشراسة ولكن لسوء حظها وقعت مع الشخص الغلط ، ذلك الشخص الذى لا يخشى احدا او يكترث لاحد ، شعر بالسخرية من تلك الصغيرة المتمردة ليردف بابتسامة ساخرة


_ حلو اوى ده ، تعرفى كنت مضايق جدا ان عَدوِّى واحده ست ضعيفة وانا مش من طبعى أعَادى الضعيف لكن انتى دلوقتى ريحتينى ووضحتيلى انك مش ضعيفة وبالشكل ده تبدأ المتعة الحقيقية فى تعذيبك وأستمتع وانا بطلع روحك فى ايدى يا بنت لبنى


أقترب "جواد" منها بعفويه لتقوم "ديانة" بمهاجمته بذلك السكين موجهة ضربتها فى صدره بمنهى الغضب والكراهية لتتسبب له فى جرح بمنتصف صدره ولكنها لم تتعمق فى ذلك الجرح حتى لا يموت لتردف بحدة


_ المرة الجايه لو قربت منى السكينه دى هترشق فى قلبك يا جواد


وضع "جواد" يده على ذلك الجرح مُتفحصا إياه بغضب وخوف فى آنٍ وأحد ورغم شعوره بالغضب من فعلتها إلا انه شعر بالخوف الشديد ، فهو على الرغم من حدته وقسوته فهو يخشى الدم منذ ان رأى حادث والدته لتنتصر ملامح الخوف عليه لتندهش "ديانة" من تلك الملامح الذى تراها


شرع "جواد" فى الخروج من تلك الغرفة بينما أسرعت "ديانة" فى غلق الباب خلفة ، وما إن أغلقت الباب حتى خارت قواها وهبطت دموعها فهذه أول مرة لها ان تُهاجم أحدا بسكين وتتسبب له فى ذرف الدماء


أسرع "جواد" فى التوجه إلى إحدى الحمامات الاخرى مُحاولا التخلص من تلك الدماء ويبدو عليه الخوف الشديد وتلك الرجفة التى سيطرت عليه ، ما إن تخلص من تلك الدماء حتى هدأت وتيرة خوفه وكأنه أصبح شخصا أخر ، ها قد عاد لصموده مرة اخرى حتى انه لم يتأثر من رؤية ذلك الجرح الذى لم يبدو هيننا ابدا ولكنه غير مكترث له ، كل ما كان يُخيفه هو تلك الدماء الذى لا يستطيع ان يراها ابدا


طهر "جواد" جرحه وعقمه واخذ يُضمد جرحه بمنهى الصمود والقوة ، أنتهى من تضميد جرحه وأتجه إلى غرفة "ديانة" عازما على ان يجعلها تصرخ بين يداه وتطلب الرحمة التى لم يمنحها إياها


توقف "جواد" أمام باب الغرفة الذى حاول ان يفتحه ولكن دون فائدة ف "ديانة" كانت أسرع منه هذه المرة وقامت بغلق الباب جيدا ثم قامت بدفع تلك الاريكة حتى وضعتها خلف الباب مباشرا


طرق "جواد" على الباب بغضب وشدة رادفا بحنق


_ أفتحى الباب ده بدل ما اكسره على دماغك


شعرت بقليل من القلق من طريقة خوفا من أن يستطيع فتح الباب والوصول إليها فهى تعلم أنه إذا وصل لها بالطبع سيفتك بها ولكنها حاولت التظهار بالصمود حتى تسطيع ان تُبعده عنها لتستجمع قواها رادفة بثبات


_ مش هفتح الباب وأكسره لو كنت تقدر


شعر "جواد" بالغضب الشديد ليُحاول كسر الباب ولكنه شعر بكثير من الالم بذلك الجرح بصدرة ليتريث قليلا وأستطاع السيطرة على نفسه مُدركة صعوبة ذلك الجرح وانه غير مستعد لدخول سجارا الان معها ليردف بتوعد


_ طيب يا بنت لبنى انا هسيبك النهارده عشان مفيش دماغ ليكى لكن ورحمة أبوكى لاربيكى من أول وجديد ومن دلوقتى انا وأنتى يا قاتل يا مقتول


توجه "جواد" لذهاب إلى غرفة أخرى ببنما شعرت "ديانة" بالراحة من رحيله بعيدا عنها


●●●●●


ذهبت إلى غرفة "ماجدة" بعد أن تأكدت أن "هاشم" قد غرق فى النوم وجميع من فى المنزل فى غرفته حتى تلك المرافقة الخاصة ب "ماجدة"


جلست "هناء" بجانب "ماجدة" ويبدو عليها الكثير من الضيق والأنزعاج لتراقبها "ماجدة" بعينيها بعد شعرت بوجودها بالغرفة وأستيقظت من نومها لتتهاوى الدموع من أعين "ماجدة" رادفة بألم وأشتياق


_ شرف واحشنى أوى يا ماجدة..واحشنى اوى اوى ، عشرين سنه وانا متجوزة هاشم جواز على ورق بس عمرى ما قدرت افكر فيه كزوج او أخليه يلمسنى ، أوقات كتير كنت بحاول اتخيله أنه شرف لكن مقدرتش


أجهشت فى البكاء بكثره بينما "ماجدة" أنسالت دموعها دون توقف ليس من اجل "هناء" بل من أجل شقيقيها الذان تدمران بسبب هوس تلك المرأة فأحدهم قد فارق الحياة والاخر يعيش بلا حياة


أقتربت "هناء" منها وهى لازال تبكى بشدة وأنهيار رادفة


_ أنا أسفة يا ماجدة بس أنتى أكيد عارفه كل ألى حصل ، محدش فيكوا كان واقف جمبى كلكوا كنتوا مغلطنى وعايزين تيجوا عليا بسبب لبنى واهى شوفتى عملت فينا كلنا أيه!!


رمقتها "ماجدة" بأحتقار شديد فأن كان بأستطاعت "هناء" أن تخدع الجميع فهى أخر شخص تستطيع خداعه ، فهى تعرفها أكثر مما تعرف نفسها لتردف "هناء" بألم وحسرة


_ متبصليش كده يا ماجدة حرام عليكى..أنتى متعرفيش أنا حصلى أيه بعد خبر موت شرف


••



_ البقاء..لله..يا..هاشم..بيه


فُزع "هاشم" من تلك الجملة وأخذ يرتجف من الذُعر ولكنه ظل يُحاول ان يتماسك ويبقى واقفا على قدميه ثم أبتلع بألم وحسرة رادفا باستفسار


_ تهانى...ولا ماجدة؟؟


وضع ذلك الرجل وجهه أرضا بحزن وأسى رادفا


_ شرف بيه اخوك...عمل حادثه و....تعيش انت


_شرررف


صرخت "هناء" باسمه بألم وحسرة كبيرة وكأن روحها قد سُلبت منها وبالطبع لها الحق ان تحزن فهذا هو الرجل الذى لطالما حلمت به وتمنت ان تكون له ولكن النصيب كان له رأى اخر


بينما سقطت "لبنى" فاقدة للوعى لم تستطع تحمل كل تلك الصدمات فى يوم واحد وقد مات الآن الشخص الوحيد الذى كان سيُدافع عنها ويحميها من هؤلاء الذين لن يرحموها مهما فعلت او مهما قالت


بينما لم يستطع "هاشم" المُقاومة اكثر لتخونه قدميه ليسقط ارضا مُنحنى الظهر فقد فارقه سنده وعُكازه الذى كان يستند عليه ، فقد مات شقيقه الذى كان له بمثابة اخا وابنا وصديقًا وكل شىء ، لقد كُسر ظهره الان 


توجهت "هناء" إلى ذلك الرجل صارخة بصدمة بكل ما أوتيت من قوة رادفة بألم وحصرة غير مُستوعبة لما يحدث


_ أنت بتقول ايه؟! شرف لا...شرف لااا


ظلت تصرخ بقوة والالم يُمزق قلبها فهى تعلم انها هى الشخص المُتسبب فى حدث ذلك الحادث ، هى من أخبرته بما حدث ظننا منها انها تزرع الكراهية فى قلب "شرف" تجاه "لبنى" ، لم وكن تعلم انها تقوده للموت


سقطت "هناء" أرضا بجانب "هاشم" وهى تقوم بتحريكه بعفوية وصراخ رادفة


_ أنا عايزة أشوفه يا هاشم..عايزه أشوف شرف يا هاشم


توجه "هاشم" و"هناء" إلى الغرفه الموضوع بها "شرف" لتحضيره لدفن بعد أن تاكدوا من سبب الوفاة وهى نزيف داخلى بالمخ أثر إنقلاب السيارة به وهو يقود بسرعة كبيرة


دلفت "هناء" الغرفة وما إن رأئت "شرف" ميتا أمامها نظرت إلى "هاشم" مُتوسلة إياه رادفة


_ أبوس أيدك يا "هاشم" سبنى معاه شويه لوحدنا


رمقها "هاشم" بحزن وحسرة على ما بها فهو يعلم إلى أى مدى تعشق "شرف" ولكن قرر أن يتركها تودعه الوداع الاخير


خرج "هاشم" من الغرفة تاركا كلاهما معا حتى تستطيع أن تودعه بينما "هناء" بمجرد أن تأكدت من خروج "هاشم" أسرعت فى الرقض إلى سرير "شرف" وأنحنت إلى قدميه مُقبلة كلاهما وصوت شهقاتها يملا المكان 


ظلت "هناء" ما يقارب فى دقيقتان تحتضن قدم "شرف" وتقبلها ببكاء وألم رادفة بصوت مبحوح أثر بكائها


_ سامحنى يا شرف انا مكنتش اقصد يحصل كده مكنتش عايزاك تموت ، انا كنت عايزاك تكرها وتسبها مكنش قصدى انك انت اللى تموت..هى اللى لازم تموت يا شرف مش انت


أزداد نحيبها كثيرا رادفة


_ أنا بحبك يا شرف بحبك من زمان اوى من أول ما فتحت عينى على الدنيا وانا بحبك ، أستنيتك كتير اوى بس انت محستش بيا سبتنى ورحت لواحده تانيه ، ليه يا شرف والله ما حد حبك فى الدنيا كلها قدى متسبنيش يا شرف انا مقدرش اعيش من غيرك


صعدت "هناء" إلى وجهه وأشاحت عنه ذلك الغطاء وبمجرد أن رأئت ملامحه المُشوهة أثر ذلك الحادث حتى صرخت بألم وحصرة


أستمع "هاشم" إلى صراخها ليدلف الغرفة بسرعة ليراى وجهه أخيه الميت ليشعر بالما فى قلبه ولكنه أستطاع أن يُسيطر على نفسه حتى يخرج "هناء" من الغرفة


ظلت "هناء" تصرخ وتبكى بينما أسرع "هاشم فى إحتضانها مُحاولا تهدئتها وإخرجها من تلك الغرفة لتردف هى بصراخ وهى تُحاول التفلت من يده وهى ترا تلك الممرضه تُغطى وجهه مرة اخرى


_ لا متعمليش كده..قوم يا شرف..لا..متخلهوش يسبنى يا هاشم متخلهوش يسبنى...شرررف


نطقت بأسمة وسريعا ما غابت عن الوعى غير مُدركة لا شئ يحدث حولها


•••


جففت "هناء" دموعها بملامح قاصية وصامدة رادفه بحدة وكراهية


_ لبنى هى السبب يا ماجدة وانا مش هخلى كل الوجع والحسرة اللى حصلتلى تروح فى الفاضى ، انا اه معرفتش أنتقم من لبنى وماتت قبل ما أفش غلى فيها هنتقم من بنتها وأموتها بأيدى


خرجت "هناء" من الغرفة بينما "ماجدة" ظلت تبكى بألم وعجز ورفعت رأسها إلى السماء تتمنى بداخلها أن يمنحها الله القوة وتستطيع أن تتكلم حتى تُخبر الجميع بما حدث وتنقذ تلك المسكينة من يد "هناء" و "جواد"


●●●●●


منذ أن استيقظت من بضع ساعات فى هذا الصباح وهى تتردد فى ان تفعلها او لا ولكنها أقنعت نفسها أنهم الان يعتبران أقارب عليها إذا أن تطمئن عليهم


ألتقطت "زينة" هاتفها وسريعا ما بحثت عنه واتصلت به لم يمر سوى بضع ثوانٍ حتى أتاها صوته الرخيم رادفا بلهفة وسعادة


_ ده ايه الصباح الجميل ده


ابتسمت "زينة" بخجل من كلماته التى تبدو كغزل ليشعر هو بالحرج من تسرعه وتلقائيته معها ليحمحم بحرج رادفا


_ صباح الخير


أبتلعت بهدوء مُحاولة عدم إظهار سعادتها رادفة


_ صباح النور ، انا أتصلت اتطمن على اهلك ، وصلوا ولا لسه!!


أردف بأمتنان لأهتمامها بأمر أسرته ولذوقها


_ ايوه الحمدلله لسه واصلين اهو


_ حمدلله على سلامتهم


_ الله يسلمك


_ طيب انا مضطره أقفل بقى


_ تمام ماشى ، شكرا على اهتمامك


_ العفو


أغلقت "زينة" المُكالمة وهى تشعر بكثيرا من السعادة والفرح ولكنها لا تعلم لماذا تشعر بتلك الاحاسيس؟! لماذا تشعر بذلك الانجزاب تجاه؟! هل هى مُعجبة به؟!


حركت "زينة" رأسها بعفوية مُحاوله طرد تلك الافكار من رأسها زاجرة نفسها بان لا تعطى الامر تكثر من حده رادفة


_ بطلى هبل يا زينة وقومى روحى شغلك


●●●●●


أستيقظ "جواد" على صوت رنين جرس المنزل مُعلناً عن قدوم أحدا ، نهض "جواد" مُتأففا لأجباره على الاستيقاذ الان ليلعن نفسه على عدم تعين خدما بالبيت


هبط "جواد" إلى الاسفل مُتجها إلى باب المنزل وسريعا ما قام بفتحه ليشعر بالكثير من الضيق والانزعاج لرؤيتها أمامه لتردف بغرور وكبرياء


_ أيه مش هدخلنى ولى أيه؟!


أغمض عينه بأنزعاج مُتنهدا بضيق رادفا بهدوء وهو يفسح لها طريق الدخول


_ لا طبعا...أتفضلى


دلفت "هناء" الفيلا بمنتهى الكبرياء والغرور بملامحها القاسيه الخاليه من أى مشاعر ليتبعها "جواد" الذى يبدو عليه الغضب والانزعاج من مجيئها ولكن لا يستطيع ان يُعتملها باى طريقة تُضايقها ، كل هذا تحت أنظار "ديانة" التى أستيقظت على صوت جرس المنزل ووقفت أعلى الدرج تُتابع ما يحدث


وقف "جواد" مُقابلا لهناء ولكن ليس بغرورة المعتاد فطريقته فى الحديث معها تحمل القليل من الاحترام وأنعدام وقاحته ليرمقها بنفس نظرات الجفاء والحدة التى ترمقه بهم لتشعر "ديانة" وكانهم أليون ليسوا بشرا


أردف "جواد" بملامح تصرخ بالثبات والهدوء


_ خير!! فى أيه؟!


رمقته "هناء" بتفحص إلى أن وقعت عيناه على تاك الضُماضة على صدره لتتلاقى أعينهم مرة أخرها بنفس الثبات رادفة


_ أيه اللى فى صدرك ده؟!


توتر "جواد" قليلا ولكن لم يظهر عليه ذلك التوتر ليتنهد ضيق صدر ولكنه أجابها رادفا


_ مفيش كنت بقيس قميص جديد ونسيت اشيل الدبابيس فواحد منهم دخل فى صدرى


لم تكترث "هناء" لما قاله ، بل لا تكترث لامر "جواد" نفسه ، اومأت له بالتفهم لتبتلع بأستعداد لأخراج المزيد والمزيد من وقحتها لتردف بحدة


_ فين الامانة


ضيقت "ديانة" ما بين حاجبيها وهى تقف أعلى الدرج تراقب حديثهم وهى غير مُدركة عن أى أمانة يتحدثون بينما "جواد" أغمض عيناه بغضب بعد سؤال تلك المرأة التى لا تخجل ابدا ليردف بوقاحة مماثلة لوقاحتها


_ حصل وطلعت بنت بنوت بس الحاجه مش معايا ، معاها هى


أدركت "ديانة" أخيرا عن ماذا يتحدثون لتشعر بغثة فى قلبها ، ذلك الحقير أعتدى عليها بأمر من تلك المرأة الوقحة ، كيف لها تُحرضه على فعل ذلك الامر بها؟! تلك اللعينة التى لا تعرف عن الأحترام شيئا


تهاوت دموع "ديانة" حسرة على ما حدث لها وعلى زوجها من رجلا كهذا يتبع أوامر النساء وليس له أية شخصية مع تلك المرأة ويفعل ما تأمره به


لاحظت "هناء" وجود "ديانة" التى تقف أعلى الدرج ويبدو عليها ملامح الانكسار لتبتسم "هناء" بأستهزاء رادفة بمزيد من الوقاحة


_ ويا ترى بقى عرفت أزاى انها بنت بنوت او مش عامله عملية كده ولى كده


صُدم "جواد" من حديث "هناء" ومن جرأئتها فهو بالطبع يستطيع تميز الامر فهو رجلا خبيرا بأمور النساء وخصيصا العاهرات ويستطيع تميزهن زكاد ان يتكلم ليقعه هبوط "ديانة" الذى تفاجئ بها


بينما غضبت "ديانة" كثيرا ولم تستطيع تحمل الامر أكثر من ذلك لتهبط الدرج بضيقا وأنزعاج رادفة بحدة موجهة حديقها تجاة "هناء"


_ أحترمى نفسك يا ست أنتى بدل ما أرد عليكى رد مش كويس


شعر "جواد" بمزيجا من الصدمة والاعجاب فهذه أول مرة يراى أحدا يتطاول على "هناء" ويُحاول ردعها ، حتى والدة لا يستطيع إغضابها أحتراما لها وخشية من قسوتها وحدتها مع الجميع ، حتى هو لا يستطيع إزعاجها أحترةما وتقديرا لها على الرغم من قسوتها وشدتها معه ومعاملتها الجافة الباردة


بينما "هناء" قد غلت دمائها بعروقها لتصيح بها فى غضب وحنق رادفة


_ وانتى بقى يا بنت لبنى اللى هتعلمينى الادب "رفعت حاجبها بأستهزار وسخرية رادفة" مش يمكن تكونى كنتى مدوراها قبل الجواز؟! ولا أنتى فاكره نفسك هتضكى عليا زى امك القذرة ما ضحكت على ابوكى زمان؟!


صمتت "هناء" من تلك الصفعة التى تهاوت على وجهها مما جعلها تبتلع حديثها بصدمة وغضب وعزمت على أن تقطع تلك اليد الذى تجرئت على لمسها وصفعها


يتبع...