-->

الفصل الثامن عشر - ظلمات حصونه


- الفصل الثامن عشر -


جالسة بغرفتها تبكى بحرقة على كل ما يحدث لها وهى ليس لها ذنب بأى شيء ، سمحت لنفسها ولأول مرة بالأنهيار بعد مرورها بكل تلك الفترة المليئة بالصعاب والألم والتشتت أيضا ، نعم هى كثيرا ما كانت تشعر بالتشتت تجاه ذلك الشخص عديم الرحمة ، تشتت بين هل هو على صواب ام على خطأ؟! هل يحق له الثأر لأمه بتلك الطريقة أم هو يُبالغ بأنتقامه؟! حتى ولو كان حقا ينتقم ما ذنبها هى فى هذا الأمر؟ بالطبع هو يظلمها ويُحاسبها على شئ ليس لها يد به ، بالتأكيد ذلك الجواد شخص ظالم قاسى لا يعرف للأنسانية معنى


ولكن ماذا عن حديث تلك الفتاة ابنة العاملة التى أرسلها "جواد" صباح اليوم وابنتها التى جاءت معها ، هل كان حديثها حقيقى أم تكذب؟! ولكن لماذا ستكذب فكل حديثها يدور حولها هى فقط حتى والدتها لا تعرف عنه شيء


***

_ عاملة ايه يا سلمى وحشتينى جدا والله


أبتسمت لها "سلمى" بحب وامتنان مُعبرة عن مدى حبها ل "زينة" رادفة


_ الحمدلله يا انسة زينة انتى اللى وحشتينى اوى بجد


بادلتها "زينة" الأبتسامة مُشيرة بيدها إلى "سلمى" موجهة حديثها إلى "ديانة" رادفة بتوضيح


_ دى بقى يا ديانة سلمى بنت جميلة جدا ورقيقة ومتربية معانا انا وجواد فى البيت


أبتسمت لها "ديانة" بود بينما وجهت "زينة" حديثها إلى "سلمى" رادفة


_ ودى يا سلمى تبقى ديانة مرات جواد و...


قطع حديثها صوت رنين هاتفها مُعلنا عن وجود إتصال لتستأذن "زينة" ونهضت كى ترد على هاتفها بينما أبتسمت "سلمى" موجهة حديثها نحو "ديانة" رادفة


_ أتشرفت بمعرفتك يا مدام ديانة ، مبروك على جوازك أنتى وجواد بيه ربنا يسعدكوا ويهنيكوا يارب


أبتسمت لها "ديانة" بأقتضاب ، أهى تتمنى لها السعادة مع ذلك الوحش عديم الرحمة؟! يالها من بريئة حقا بينما لاحظت "سلمى" ملامح الأنزعاج على وجه "ديانة" لتُخمن ان هناك شيء يُزعجها وبالطبع سيكون ذلك الشيء هو قسوة "جواد" وجفائه الذى يتعامل بهما مع الجميع ، لتددخل دون تفكير رادفة بلهفة


_ جواد بيه شخص كويس اوى يا مدام ديانة صدقينى


ضيقت "ديانة" ما بين حاجبيها بأستنكار موجهة حديثها لنفسها مُستفسرة عن من هو الشخص الجيد الذى تتحدث عنه تلك الفتاة؟! بالطبع لا تقصد ذلك الشخص عديم الرحمة ولماذا هى تراه شخصا جيدا ، لتردف "ديانة" بأستفسار موجهة حديثها إلى "سلمى"


_ لية بتقولى كده


رطبت "سلمى" شفتها رادفة بتلقائية


_ ملاحظه إن حضرتك متضايقة وحسيت انك متضايقه بسبب جواد بيه وطريقته النشفة بس والله جواد بيه مش كده وليه جميل فى رقبتى يخلينى ادافع عنه قدام الدنيا كلها واقول قد ايه هو إنسان كويس


أنتبهت "ديانة" إلى حديثها مستفسرة عن ما هو الموقف الذى فعله معها جعلها تدافع عنه بتلك الطريقة وتقول عنه انه شخص جيد لتردف بأستفسار


_ جِميل ايه


أبتلعت "سلمى" بتوتر مُتفقدة المكان حولها لتتأكد أنه لا يوجد أحد يستمع إليها بينما نظرت نحو "ديانة" رادفة


_ أنا هقولك على حاجة مفيش مخلوق فى الدنيا يعرف عنها غيرى انا وجوزى وجواد بيه الله يستره ، بس امانة عليكى ما حد يعرف بالموضوع ده خصوصا امى


أومأت لها "ديانة" بالموافقة رادفة بصدق


_ متقلقيش يا سلمى كلامك معايا مفيش تالت هيعرفه


تنهدت "سلمى" بأسى مُتذكرة تلك الفترة العصيبة التى عاشتها قبل أن يتدخل "جواد" ويحل كل شيء ، لتنظر إلى "ديانة" رادفة بأنكسار


_ أنا كنت هتفضح فى شرفى وجواد بيه بعد ربنا هو اللى سترنى


صُدمت "ديانة" من حديث "سلمى" وما صدمها أكثر تلك التخيلات التى أتت برأسها عن كيفية مُساعدته لها او ما هى الطريقة التى ساعدها بها ذلك الشخص الجافى ، كادت أن تستفسر منها لتُقاطعها "سلمى" رادفة بصدق


_ عارفه انتى عايزه تسألى على ايه وهحكيلك


قصت عليها "سلمى" كل ما حدث بداية بعلاقتها هى و "خالد" مروراً بحملها وإخبارها ل"جواد " بهذا الأمر وطلبها مساعدته لها وضربه لها وإحضار "خالد" فى ذلك اليوم وما فعله به وبالنهاية إحضار المأذون وإتمام الزواج


صُعقت "ديانة" مما أستمعت إليه وصدمت من تلك الطريقة التى كان ينوى بها "جواد" أن يُعاقب "خالد" وذلك الزواج السريع الذى يُشبه زواجهما لتُعقب بأستفسار رادفة


_ وأتجوزتى خالد ؟


أومأت لها "سلمى" بالموافقة رادفة بأمتنان


_ جواد بيه وظف خالد معاه فى الشركة وجبلنا شقه وساعدنا فى ان الجوازه تكمل بسرعه عشان ماتفضحش انا واللى فى بطنى والحمدلله انا فى السابع اهو وربنا مكملها معانا بالستر


تعاطفت "ديانة" مع "سلمى" وما حدث لها رادفة


_ ربنا بيحبك عشان كده الموضوع عدى على خير بس ده كان غلط كبير يا سلمى ولو مكنش اتلحق فى الوقت المناسب كان حصل مصايب انتى مش قدها


أومأت لها "سلمى" بالموافقة مؤكدة على حديثها رادفة بأمتنان


_ فعلا لو مكنش ربنا وقفلى جواد بيه فى طريقى الله اعلم كان أيه اللى حصلى


شردت "ديانة" فى كيفية أن يفعل شخص مثل "جواد" ما فعله هذا ومساعدته لتلك الفتاة ، كيف له ان يقوم بمساعدة كبيرة مثل هذه بالرغم من قسوته وجفائه لتيقظها من شرودها "سلمى" رادفة


_ صدقينى جواد بيه إنسان كويس جدا يمكن يبان قاسى شويه بس صدقينى هو من جواه كويس


***


فاقت من شرودها بعد تذكرها لحديث تلك الفتاة عن "جواد" وعن مساعدته لها بينما فى المقابل تذكرت قسوته معها وتلك المعاملة التى عاملها بها وذلك الأنتقام على شيء هى لم تفعله ولا تعلم إذا كانت والدتها فعلت ذلك الشيء ام لا ، ليزداد بكائها ونحيبها ، ليقطع عليها خلوتها دخول "زينة" بلهفة مُستفسرة عن سبب بكائها رادفة


_ بتعيطى ليه يا ديانة؟!


أرتمت "ديانة" بصدرها وأجهشت فى البكاء لتشعر "زينة" بالفزع من كثرة بكائها وأخذت تربت على رأسها مُحاولة تهدئتها رادفة


_ أهدى يا حبيبتى ، مالك فى ايه؟!


أرتجفت "ديانة" بين يديها وقد فاض بها يجب ان تُشارك ما بداخلها مع أحد وإلا ستموت من شدة الخنقة التى تشعر بها لتردف من بين شهقاتها


_ تعبت..تعبت اوى يا زينة ، تعبت ومعدتش قادرة أستحمل ، من يوم ما أتولدت وانا بتظلم ، اتظلمت اول ما وعيت على الدنيا وعرفت انى عايشه فى بيت مش بيتى ومع ناس مش اهلى ، اتظلمت كل مرة كنت بفكر فيهأ ان ممكن يكونوا جابونى من الملجاء او انى جايه من علاقة محرمة او اهلى رمونى ، اتظلمت اكتر لما قالولى ان امى سابتنى فى القطر عشان عرفت إن عندها مرض وحشوانها هتموت ، اتظلمت لما قولتولى انها قتلت مامتك واتسببت فى موت بابا وشلل عمته ، اتظلمت لما لقيت الشخص المناسب وكنا خلاص هنتجوز وجيه الأستاذ جواد وفركش كل ده ، اتظلمت لما اتجوذت جوازه مش عارفه جيت ازاى او ليه ، اتظلمت وانا بدفع تمن حاجه انا معملتها ومش متاكده إذا كانت حتى امى عملتها او لا ، اتظلمت لما حملت فى طفل جيه بسبب علاقة اتجبرت عليها ، واخيرا بعد ما اتعلق بالطفل ده واحس انه هيكون عوض من ربنا اتظلم ويحاولوا يموتونى انا وهو ، قوليلى مين اللى يقدر يستحمل كل الظلم ده


اجهشت مرة أخرى فى البكاء بينما حاولت "زينة" إيقافها بالرغم من دموعها التى إنسابت بسبب تأثرها بحديث "ديانة" رادفة بهدوء


_ طيب اهدى يا حبببتى ، أهدى عشان خاطر البيبى اللى فى بطنك


أبتلعت "ديانة" غصتها ولاتزال لا تتوقف عن البكاء رادفة بألم وحسرة


_ وانا أحافظ عليه ليه مهو كده كده هيموت ، هيموت بسبب حاجه لا انا ولا هو لينا ذنب فيها ومش قادرة أصدق ان ممكن امى تعمل كده ، انا اه عمرى ما شوفتها بس إحساسى بيقولى أن الست اللى انا حتة منها عمرها ما تعمل كده و...


كان تعتقد أن حديثها سيغضب "زينة" لذا توقفت من تلقاء نفسه لاحظت "زينة" توقفها لتباعدها بشيء لم تتوقعه هى رادفة بمصداقيه


_ أنا كمان يا ديانة مبقتش متأكدة ان مامتك ممكن تكون عملت كده ، اللى تخلف بنت جواها كل الطيبة والحنية دى استحاله تكون ست معندهاش رحمة ، اكيد الموضوغ ده فيه حاجة غلط


توقفت "ديانة" عن البكاء بصدمة كبيره لأنها لم تتوقع أن تكون تلك هى ردة فعل "زينة" ولكنها شعرت بكثير من الراحة لتبرئ والدتها حتى ولو أمام شخص واحد لتردف بلهفة مُستفسرة


_ طب وهنعرف الحقيقة منين؟؟


أغمضت "زينة" عينيها بأسئ حزنا على ما حدث لشقيقة والدها رادفة بألم وحنق


_ يوم الحادثة كان فى حد رابع غير مامتى ومامتك وطنط هناء ، كانت عمته ماجدة كمان فى الحادثة ولما وقعت على دماغها جالها شلل كلى حتى مش بتقدر تتكلم


أبتلعت "ديانة" بحزن على ما حدث ل "ماجدة" أيضا ولكن المشكلة لم تُحل بعد لتردف بخيبة أمل


_ حتى أخر أمل اننا نعرف منه الحقيقة راح


تنهدت "زينة" براحة عازمة على أن تخبر "ديانة" بما لا يعرفه أحد سواها ولكنها تعلم أن "ديانة" هى أكثر الأشخاص أحتياج لسماع تلك الأخبار رادفة بنفى


_ لا مراحش ، انا هقولك على حاجه محدش يعرفها نهائى غيرى انا وانتى


أنتبهت "ديانة" إلى حديثها رادفة بأهتمام


_ قولى يا زينة ومتخافيش


أبتسمت "زينة" بقليل من السعادة على ما ستتفوه به الأن ولكنها تؤجل سعادتها كليا إلى حين عودة "ماجدة" لتردف براحة


_ من كام شهر أسما بنت عمته كلمتنى وقالتلى إن فى دكتور شاطر جدا برا وانها كلمته عن حالة عمته وهو طلب يشوفها وان ممكن يكون فى أمل انها تتحسن ، انا واسما اتفقنا إن محدش يعرف حاجه عشان منعشمهمش على الفاضى ويتكسر قلبهم لو متحسنتش ، وفعلا سفرتها بمساعدة مالك وبعدها بفترة أسما كلمتنى وقالتى إن عمته بتتحسن وانها ممكن ترجع زى الاول بس محتاجة شوية وقت


سعدت "ديانة" كثيرا من حديث "زينة" وكأنها متأكدة أن براءة والدتها بيد "ماجدة" لتعقب بتمنى رادفة


_ ربنا يكمل شفاها على خير وترجع فى اقرب وقت


أبتسمت لها "زينة" بود رادفة بحب


_ يارب ، يلا بقى نقوم عشان نتغدى لحسن انا هموت من الجوع


أومأت لها "ديانة" بالموافقة وذهبتا معا لتناول الطعام وكلا منهما تتمنى الشفاء ل "ماجدة" والتعرف على ما حدث بذلك اليوم بالتفصيل


***


اقتربت الساعة على الثالثة صباحا وسكون هائل يملأ جميع أنحاء المنزل والجميع نائم بغرفته ليُفتح باب الفيلا ، ليدلف "جواد" ويبدو عليه عدم الأتزان والقليل من الدوران ليصعد الدرج ولكنه لم يتجه إلى غرفته كالعادة بالأشهر السابقة منذ علمه بخبر حملها ، بل غير أتجاهه صوب غرفة "ديانة" ليفتح الباب بأندفاع كبير أثرا عليه أيقاظها بفزع وما زاد ذعرها هو هيئته الثاملة وعدم أتزانه لتصيح بحدة رادفة


_ أنت بتعمل أيه هنا!! امشى اطلع برا


هز "جواد" رأسه بعد الموافقة على حديثها بطفولية وقد أقترب منها عدة خطوات لتنهض هى برعب من أن يفعل بها شيئا بينما هو جلس بجانبها مثل الأطفال رادفا بثمالة


_ لأ..أنا مش عايز أطلع.. أنا خايف أوى


تأكدت "ديانة" من شكها فهو بالطبع ثمل تفوح منه رائحة الخمر زيادة إلى طريقته التى تؤكد انه ليس بوعيه لتخشى أن يفعل بها شيء ولكنها أظهرت القوة رادفة


_ بقولك أطلع برا يا جواد


أنزعجت ملامح "جواد" وأمتلئت عينيه بالدموع والخوف يتطاير من زرقاوتيه رادفا بضعف


_ مش عايز أطلع لو طلعت وشافتنى هتعاقبنى وتضربنى


وقعت تلك الكلمات على مسامع "ديانة" كدلو من الثلج فى عز ليالى الشتاء الباردة ، كيف يمكن ان يكون ذلك الوحش يخشى أحدا او يُعاقبه أحد لتشعر بالفضول لتعرف من الذى يُعنيه ، لتردف بأستفسار


_ هى مين دى؟!


أبتلع "جواد" بكثير من الخوف والفزع وبالفعل قد شرع فى البكاء كالأطفال رادفا بألم


_ هناء..هناء لو شافتنى سكران هتعاقبنى زى ما كانت بتعاقبنى زمان ، خبينى يا ديانة ومتقوليلهاش أنى سكران أبوس رجلك


قال جملته الأخيرة بأذلال شديد وبكاء وشهقات وكأنه طفل بالعاشرة وليس رجلا فى العقد الرابع من عمره ، لتتسع عينها بصدمة مما تراه أمامها غير مُستوعبة أن هذا هو نفسه ذلك الرجل صاحب الشخصية القاسية والقلب المُتحجر والمشاعر الباردة ، كيف لكل هذا الجبروت أن يتحول إلى ضعف لتُحاول أن تطمئنه رادفة


_ هناء مش هنا ومش هتعرف


أجهش "جواد" بألم وقد دخل بنوبة بكاء مريرة وكأنه عاد ذلك الطفل الصغير الذى يبكى بزاوية مُظلمة داخل غرفته وتناسى تماما من هو ومع من يتكلم ، فقد عاد إلى ذلك الجزء المٌظلم من حياته مُتذكرا كل ما مر عليه من ألمآ وظلم رادفا


_ لا هتعرف وهتيجى تعاقبنى ، هتعاقبنى زى ما كانت بتعاقلنى زمان ، زى ما كانت بتضربنى كتير اوى ، كانت بتحبسنى فى أوضه فاضيه وضلمه حتى مفهاش شباك ، كانت بتجبلى أكل مرة واحدة بس وترجع تقفل عليا تانى ، كانت بتحرجنى قدام صحابى وتضربنى قدامهم


أجهش فى البكاء مُتذكرا تلك المرة التى كسرت به أمام الجميع وهو لا يزال طفلا لم يتخطى الثانية عشر من عمره رادفا بألم


_ مرة كنت نقصت فى أمتحان خمس درجات عشان هى كانت حبسانى ومكنتش عارف أذاكر والمدرسة بتاعتى طلب تشوفها وتعرف منها ايه سبب أن مستوايا ضعف وفعلا جيت الفصل عندى والمدرسة بتاعتى سالتها بس هى مغلتش نفسها وجابت الغلط عليا انا وقدام المدرسة وصحابى والفصل كله ، رفعت أيدها وضربتنى بالقلم قدامهم كلهم ، قالت عليا فاشل ومستهلش انى أتعلم اصلا ، المدرسة كلها بقيت بتتريق عليا بعد ما اللى هى عملته وقالته انتشر ، بقى العيال بتشتمنى وتتنمر عليا ولما أزعقلهم يضربونى وكانوا بيقوا كتير اوى وانا أخاف أروح أشتكى لحسن تيجى وتضربنى قدامهم تانى ، الموضوع كان بيموتنى من الرعب


أستمر بالبكاء وكأنه لا يستطيع أن يتوقف وقد غاب بماضية القاتم الذى لم يتذوق به سوى الألم والأهانة ونسى تماما انه يتحدث مع أخر شخص كان يظن انه سيتحدث معه عن ذلك الأمر لُيكمل رادفا


_ حتى الأتنين تلاته صحابى اللى كانوا بيحبونى وبحبهم كرهتنى فيهم ، فضلت تمدح فيهم قدامى وتقولى شوفت صحبك ده احسن منك بكتير ده شاطر وجرئ وعنده شخصية قويه مش زيك جبان وفاشل وضعيف ، ولا صحبك ده شكله حلو اوى والناس كلها بتحبه وبيسمع الكلام ، انا مش عارفه هما مصاحبينك ازاى ، كانت بتحرمنى من إنى ألعب معاهم وكل ما حد يجى يسأل عليا تقوله إنى نايم وانا مكنش نايم ولما كنت اقولها أنى صاحى وانى عايز ألعب تضربنى وتشتمنى وتقولى هو أنت شايف نفسك راجل عشان تلعب معاهم دول هيكبرو ويبقوا رجاله انما أنت مش راجل ولا هتبقى راجل انت ضعيف يا جواد


طول عمرى بخاف منها حتى بابا عمرى ما شوفته بيتناقش معاها حتى ، كان على طول مسافر وهى كانت بتسلى وقتها بضربى وإهانتى وانها تذلنى ، مكنتش بتعمل كده مع زينة كانت بتعمل كده معايا انا بس ، كتير كنت بتمنى أنها تموت زى ماما بس هى مكنتش بتموت ، انا اللى كنت بموت كل يوم بسببها لحد ما كبرت وخلصت تعليمى ، وقتها قررت انى أعيش لواحدى بعيد عنها ، بعيد عن الكل ، كنت بخاف انها تهينى او تضربنى قدام حد ، أتحولت لشخص تانى خالص ، شخص قاسى مببحبش مبيتأثرش مبيفرحش مبيزعلش مبيعيطش ، شخص بيخاف من الناس وعشان كده بيحاول يظهرلهم انه وحش عشان محدش يجى عليه ، شخص خالى من المشاعر زيها بالظبط ، كنت بفتكر دايما كلامها ليا وهى بتقول عنى جبان وضعيف وفاشل ومش راجل وقررت أثبتلها وأسبت لنفسى أنى راجل وأنى مش ضعيف ، بس من جوايا كنت بحس انها عندها حق وانى فعلا زى ما بتقول وأحس قد أيه انا مليش وجود


رفع عينيه وقد تلاقت زرقاوتيهما وعينيهما مليئتان بالدموع هى مُتأثرة بما تستمع له وبكيف لطفل أن يحتمل كل ما قاله ، بينما هو يبكى بسبب تخبط مشاعرة داخله لا يدرى ما هذا الضعف الذى أمتلكه بمجرد أن نظر لها رادفا


_ لحد ما ظهرتى انتى فى البداية كنت عايز انتقم منك اوى لأنك بنت الست اللى أتسببت فى اللى حصلى ده وان امى ماتت وهناء هى اللى اتحكمت فيا ، بس لما لقيتك بتقفى فى وش هناء وبتتحديها وكمان مديتى أيدك عليها حسيت أنك اقوى منها وأنى أول مرة أشوف حد قدر يقف فى وشها ، حسيت أنك أقوى منها وعشان كده كنت بضربك وبهينك عشان أحس انى اقوى منها وانى قدرت على اللى هى مش قادرة عليها ، حبيت أسبت لنفسى إنى مش جبان ومش ضعيف وانى قوى


كانت ملامح وجهه كالأطفال وهو يبكى بحرقة وألم ليشعر بالضعف الشديد وألقى بنفسه فى صدرها لتنزعج ملامح "ديانة" مما فعله ولكنها لم توقفه حتى يُخرج كل ما بداخله ليضيف بمزيد من البكاء والثمالة رادفا


_ قالتلى مقربش منك وملمسكيش وعشان أثبت لنفسى أنى مش بمشى وراء كلامها زى ماقولتى نمت معاكى بس مكنتش متخيل إن الموضوع يوصل لحمل ، لما عرفت إنك حامل حسيت إنى عاجز مش عارف اعمل أيه اقتلك واقتل ابنى ولا اقتل نفسى عشان ارتاح من كل ده 


أخذ صدره يعلو ويهبط من كثرة إنفعاله وبكائه مُكملا بتلعث


_ بقيت..بقيت بضعف قدامك ، بقيت بحاول أبعد نفسى عنك على قد ما أقدر ، بقيت بنام فى اوضة تانية بعد ما أرجع أخر الليل بعد ما أتأكد انك نمتى وأخرج الصبح بدرى قبل ما تصحى ، كنت بخاف إنى اقابلك او عينى تيجى فى عينك ، كنت بترعب إنى أضعف قدامك او أعمل حاجه أحاول أثبت بيها لنفسى إنى مش ضعيف أقوم أأذيكى


توقف عن البكاء وقد أحتدت نظرة عينية وبرزت عروقه من شدة الغضب رادفا بأسنان مُلتحمة


_ لحد ما عرفت أنها عايزه تقتلك أنتى واللى فى بطنك وروحتلها ولأول مرة أحس إنى مش ضعيف قدمها ، لأول مرة أمنعها أنها تمد إيدها عليا ، لأول مرة أزعق فى وشها وأزقها بعيد عنى ، لأول مرة أحس إنى راجل بجد


ضعفت نبرته مرة أخرى وترقرقت الدموع بعينيه مرة أخرى وقد قارب على الدخول بنوبة بكاء أخرى رادفا


 _ كل ده حصل بسببك لانى خفت عليكى ، انا مش عايز أقتلك يا ديانة انتى مصدر قوتى ، ياريتك ما كنتى بنت لبنى كان زمان كل حاجه اتغيرت ، متسبنيش يا ديانة أرجوكى انا ضعيف من غيرك


تأثرت "ديانة" بما قاله "جواد" وما مر به بمرحلة طفولته وما فعلته به تلك المرأة القاسية ولكنها لم تستطيع أن تغفر له ما فعله بها فهذا القدر من الإيذاء الذى ألحقه بها لا يُغتفر مهما كان به ، هى ليس لها ذنب بكل هذا ، لهذا قررت أن لا تتفوه بشيء ظنًا منها أنه سيرحل ليُفاجئها بقبلة لم تكن تتوقعها منه خصيصا وهو بتلك الحاله ، لتُحاول الأبتعاد عنه دافعة إياه بصدره مما أبعده عنها قليلا


نهضت "ديالا" سريعا مُحاولة الفرار منه بعد أن أدركت ما يُحاول فعله ، ولكنه سريعا ما نهض وأمسك بها لاصقا جسدها بالحائط خلفها لتصبح مُحاصرة بين يديه ، ليقترب منها ورائحة الخمر تفوح من فمه مما أثار غثيانها رادفا بثمالة وثقل لسان


_ سبينى أعمل اللى انا عايزة بمزاجى وأتبسط وأبسطك أحسن ما أعمله بمزاجى بردو بس أنتى مش هتتبسطى وومكن تتأذى كمان ، الأختيار ليكى!!


أمتعضت ملامح "ديانة" بكثير من التقزز والأشمئزاز من ثمالته وقد أوشكت على التقيؤ من رائحة فمه ، ليفاجأها "جواد" بألتقاطه لشفاهها بقبلة ناعمة مليئة بالرغبة والشغف ولكن "ديانة" لم يُعجبها الأمر إضافة إلى رائحته التى لا تستطيع أن تتحملها ، ليجذبها "جواد" ناحية الفراش مُجردا إياها من ملابسها


شعرت "ديانة" بالكثير من الغضب لترفع قدمها مُحاولة أن تركله برجولته ليرفع "جواد" ساقه مُتفاديا ضربتها تلك لتغضب "ديانة" أكثر ، ليدفعها "جواد" على الفراش وقد جردها من منامتها وألقى بجسده عليها ولكن بحذر ليهمس بأذنها رادفا بتحذير


_ قولتلك متضطرنيش إنى أأذيكى ، سيبى نفسك يا ديانة ومش هتندمى


بالطبع هى نادمة على الأستماع له منذ البداية ، لم يشفع له ما قصه عليها منذ قليل عمة فعله بها من قبل وما يفعله بها الآن ، هى الأن لا تستطيع أن توقفه خشية على جنينها وهو الأن ليس بوعيه فاحتمال أن يؤذيها -إذا حاولت منعه- كبير للغاية ، لتشعر بكثير من الغضب مع كل لمسه يقوم بها


ولكنها أدركت أن كل ما حدث هذا ليس شيئا أمام ما يفعله الآن ، فمن أول دفعة شعرت بكثير من الكراهية تجاهه وتجاه "هناء" وتجاه نفسها لأنها شعرت بالأسى عليه وبالمُقابل هو لا يشعر بالأسى عليها وهى تصرخ بين يديه بأن يتوقف عما يفعله ولكن دون فائدة فهو لن يتركها سوى بعد أن يصل إلى خلاصه ، لتشعر بزيادة سرعته وحدة دفعاته لتصرخ من شدته معها وخشية على جنينها بسبب سرعته تلك


بينما "جواد" كان كالذى يُحارب من أجل الحصول على خلاصة ، كان يُزيد من سرعته وكأنه يهرب من هلاكه وشريط حياته يمر أمام عينيه بداية من حادث والدته مرورا بطفولته القاسية وعذاب "هناء" ، وأيضا ضعفه مع "ديانة" وذلك التخبط والصداع الذى يشعر به كلما فكر بالأمر نهاية بما يفعله الأن


لم تستطيع "ديانة" أن تحتمل أكثر من ذلك لتشعر بثقل جسده عليها وسرعة أنفاسه وبالطبع زيادتة دفعاته لتُدرك أنه أوشك على الوصور لخلاصه وبالطبع ثوانٍ ووصل "جواد" إلى خلاصه ليسقط بجانلها على الفراش كالمغشى عليه لتنهض "ديانة" مُرتدية منامتها متجهة صوب غرفة أخرى تاركة إياه على نفس حالته المُقززة تلك


***


كانت تجلس بغرفتها بعد الأنتهاء من تناول فطورها تُفكر فى مُخططها والنتائج المُترتبة عليه لتبتسم بمكر على ما قد تخيلته برأسها والجميع يُحاول قتل بعضه ولم يبقى سور الأقوى بينهم لتقتله هى بيدها لان الجميع يستحق القتل ، ليقطع شردوها صوت هاتفها مُعلنا عن وجود إتصالا لتلتقطه وتقوم بفتح المكالمة ليأتيها ذلك الصوت رادفا بطاعة


_ أنسة زينة ومرات جواد بيه لسه خارجين من الفيلا حالا يا هانم


أعتدلت "هناء" بجلستها وهى تشعر بالكثير من الحماس لأن اللعبة حالا ستبدأ وسيخسر الجميع أمامها لتردف بحدة


_ جهزت كل اللى قولت عليه


أتاها صوت ذلك الرجل مُؤكدا أن كل ما خططت له قد حدث بالفعل رادفا


_ كل حاجة جاهزه يا ست هانم وجاهزين على التنفيذ


صاحت به "هناء" بحدة خوفا من أن تخرب خطتها  رادفة بتحذير


_ عارف لو حصل غلطة صغيرة انا هعمل فيكوا ايه


طمأنها الراجل مُعقبا بكثير من الثقة رادفا


_ متقلقيش يا ست هانم ، كل حاجة هتمشى زى ما حضرتك خططتى بالظبط


أبتسمت "هناء" براحة وقد بدأت برسم صور كل شخص بهم بمخيلتها وماذا سيحدث بعد قليل لتردف بحدة


_ نفذ


يتبع..