-->

الفصل التاسع - مشاعر مهشمة


 الفصل التاسع



كان "مجد" خارجا لتوه من الحمام الملحق بغرفته بعد أن فرغ من الإستحمام واضعا منشفة حول خصره وممسكا بأخرى صغيرة يجفف بها رأسه ، وضعها حول عنقه ووقف أمام الكومود ملتقطا هاتفه من فوقه ليتفقد حسابه الخاص وآخر ما بُعث إليه ليرى إذا كان هناك شىء يتلعق بعمله أم لا 


كان ذلك أثناء دلوفها الغرفة لم يهتم لها وظل يتصفح هاتفه بينما الأخرى برقت عيناها بصدمة من هيئته أمامها عارٍ الصدر بدون ملابس سوى تلك المنشفة التى تحاوط خصره قطرات المياه المتساقطة فوق صدره صانعة خطوطا حتى نهاية خصره جعلتها تزدرد فهو يبدو بهيئته تلك أكثر من مثير بالنسبة لها خصلات شعره المبتلة المتمرد منها البعض ملتصقا فوق جبينه تجعلها تقسم انه يمتلك جاذبية رجال العالمين 


لم تتخيل رؤيته هكذا فقد أجتذبها مظهرة وبشده وأخذت دقات قلبها فى التسارع تدريجيا كلما تخيلت تلمسها لتلك المياه المنسدلة فوق صدره العريض بطريقة مهلكة للأعين نظرت له بهيام وسرحت بخيالها ماذا ان قبلته فوق كتفه العريض المكتظ بعضلاته التى رأتها توا ولا تعلم ما هذا الشعور الذى انفجر بداخلها عند رؤيتها ، ولكن مهلا هل تفكر بتقبيله !! أتراه الآن يصلح ليتشاركا معا حياتهما بشكل طبيعى !! 


لا ليست لتلك الدرجة بالفعل ، فهى لم تعرفه بعد ولم يمضِ على تواجدها معه سوى أيامٍ تُعد لن تنكر أنها انجذبت كثيرا له بتلك الأيام وشغلت شخصيته جزء كبيرا بفكرها حيث انهما كان يتشاركان الفراش سويا ويأكلان معا وأحيانا يتبادلان أطراف الحديث -ولكن لمدة قليلة- وكان هذا تعمد منها حتى تفهم ماذا يوجد خلف هذه الكتلة من الجمود حتى تقرر هى هل ستبقى وتجعل زواجهما يستمر أم ستبتعد وتنفصل بعد مدة كما خيرها 


ترك الهاتف مكانه وذهب من امامها متوجها نحو غرفة الملابس ابتسم بتهكم بعدما أعطى لها ظهره فقد لاحظ حدقتيها المتفقدتين له باهتمام وتفحص لكل انش به ، مرت عدة دقائق قليلة وانتهى من ارتدائه لملابسه ولكن لم يرتدِ سوى بنطالا رمادى من القطن وظل عارٍ الصدر لقد رأى جرأتها بوضوح فى عينيها فليجرب إذًا أن ينام بجانبها هكذا ويرى هل سيكون هناك ردة فعل حيال ذلك أم ستتعامل على انه أمر عادى مثل البقية 


بينما هى قد قامت بتهدئة نفسها وعادت خفقات قلبها تنبض بشكل طبيعى توسدت الفراش منتظرة خروجه كى تطفئ الأنوار فرغت فاهها عندما رأته عارٍ الصدر مجددا هل يقصد تشتيتها !! أم ماذا يفعل هذا الأخرق !! ، رفع الغطاء ودثر نفسه به محافظا على مسافة بينهما نائما على ظهره ثم قال لها متسائلا بهدوء وهو مغمض عينيه عندما أحس بها مازالت ملقية بصرها نحوه


-عايزه تقولى حاجة ؟


أردفت "طيف" بتساؤل وغيظ وهى محدقة به وجالسة نصف جلسة متكئة بكفها على الفراش


-ايوه انت هتنام كده ؟!


فتح حدقتيه ببطء وحرك رأسه باتجاهها مستفسرا بنفس نبرته


-ايوه فى عندك مشكلة !!


استقامت فى جلستها وقالت بصوت مرتفع قليلا 


-ايوه عندى.. انا مش هعرف انام جنبك وانت كده 


مط شفتيه بتعجب مصطنع ثم قال ببرود


-كده ازاى.."انزل نظره لأسفل نحو جسده لثانية ثم تابع" قصدك من غير تيشرت يعنى !! ، انا قولت عادى انتى مخوفتيش اما دخلتى وانا مش لابس اصلا فقولت انام من غيره وخصوصا انى متعود على كده وكنت بلبسه اليومين اللى فاتوا عشان مخوفكيش بس 


عقدت ذراعيها امام صدرها واصبحت ملامحها حادة وهدرت بثبات 


-قولتلك انا مبخافش من حاجة ، وعايز تنام كده انت حر بس مصحاش الاقيك لازق فيا زى كل يوم 


يقصد فعلها معها كل صباح قبل استيقاظها لكى يرى فقط ملامحها الحانقة التى ترضيه وبشده لعلمه بأن ذلك فقط يضايقها ، رفع جسده متكئا على الفراش بمرفقه ثم قال بخبث وانشق ثغره للجانب


-ايه خايفة تضعفى ؟!


كزت على اسنانها ورمقته بغيظ رافعة احدى حاجبيها ثم أردفت بكبر


-اضعف! "قالتها باستهزاء وضحكت ضحكة مستنكر وهى تقلب عينيها لتنظر من جديد بداخل داكنتيه اللتين تجذباها للنظر بداخلهما ثم تابعت وهى تتحكم فى ثباتها" انت آخر راجل ممكن اضعف قدامه او ابصله اصلا


عاد بظهره للفراش مجددا وابتسم باستفزاز لها لعلمه بانجذابها إليه الذى لاحظه أكثر من مرة وآخرهم منذ قليل ثم قال بسخرية فى نبرته لاحظتها هى


-ايوه عارف


نفخت بضيق وعادت تتوسد الفراش مرة أخرى بظهرها بعصبيه وصمتت لبضعة ثوانٍ ثم اندفعت بالكلام مرة واحدة وهى تنتقل للنوم على جانبها مقابلة اياه 


-عايزه اروح بكرا الجامعة 


ادار وجهه لها ورمقها باستفسار ثم قال بتوجس يشك فى صحته


-ده استئذان يعنى ؟!


أردفت بملامح ممتعضة ونفى 


-أكيد لأ


ابتسم نصف ابتسامة ثم قال بنفاذ صبر وهى يعود برأسه ناظرا لسقف الغرفة


-قولت كده برضه.. ها عايزه ايه !!


قالت وهى تتثاءب فقد احست بالنعاس يبدأ بالتملك منها


-كنت عايزاك تعرف السواق عشان يوصلنى زى ما كنت قايل 


همهم فى موافقة ثم قال 


-اعتبريه حصل والكريدت كارد بتاعتك فى درج المكتب تحت قبل ماتمشى هديهالك


أردفت بخفوت بعد أن أغمضت عينيها


-ماشى


لاحظ عليها النعاس ولكن جاء بخلده فجأةً أن يسألها عن الكلية الملتحقة بها ثم اردف بهدوء سائلا إياها


-انتى فى كلية ايه ؟


فتحت عينيها بنعاس ثم سألته بنبرة هادئة على عكس ما هى عليه تماما وقليل من التعجب


-انت متعرفش ؟!


رد بإيجاز وهو ينظر بوجهها منتظرا إجابتها


-لأ


أغمضت عينيها مجددا ثم قالت


-صيدلة 


ارتفع حاجبيه بتفاجؤ ثم قال بعد ما التفت إليها بجسده واصبحا قبالة بعضهما 


-بجد فى صيدلة ؟!


أومأت وقد تملك منها النعاس للغاية ثم تساءلت بهمس


-ايوه ليه فى حاجة !!


لاحظ نعاسها وعدم قدرتها على التكلم ليقول بإنهاء للحديث بينهما


-لا عادى مفيش تصبحى على خير 


ردت بهمس بالكاد استمعه


-وانت من اهله 


ظل محدقا بها وهى نائمة لعدة دقائق لا يعلم عددهم شخصيتها تلفت نظره كثيرا لاحظ جرأتها وذكائها عندما يتحدثا سويا لاحظ اختلافها عن كافة النساء التى قابلهن فى حياته فهى بسيطة لا تبالغ فى هيئتها ولا فى طريقة تحدثها معه ثابته لا تهتز امامه مثل غيرها لا تتعمد إظهار مفاتنها امامه ولا تنعم صوتها لتلفت انتباهه لها فهى لم تكن من النساء اللواتى يرمين أنفسهن تحت قدميه راغبات بنظرة واحدة من عينيه أو التحدث قليلا إليه فهو بعيد كل البعد عن عالم النساء 


لم يكن امامه خيارا آخر إما أن يحظى بحياة الترفه والنساء والنزوات -وهذا لم يكن ليخرج من شاب كان كل همه وعلى عاتقه إعادة شركات والده إلى سابق عهدها التى كانت عليه يوما- وإما عمله والارتفاع به وهذا ما اختاره لأجله ولأجل عائلته فهو لم يصادق إمرأة قط او حتى سمح لنفسه بالتعامل معهن خارج نطاق عمله لم يقم بما يفعله جميع الرجال بسنه بل الأصغر منه بأعوام 


حتى أمر الزواج تناساه مع الوقت لم يسمح لقلبه بأن يتعلق بأى امرأة فى الوجود ولن يفعل حتى أنه قد وضع فى حسبانه انه إذا وجب عليه الزواج فذلك سيكون رغبة فى الإنجاب ليس إلا ، وهذا ما يعزم عليه الآن فإذا اكتمل ذلك الزواج فحتما لن يكون سوى لذلك الأمر فهو لن يسمح فقط لمخيلته ان يُهيأ لها ان يعشق ذلك القلب يوما أو يخفق لإحداهن


رمش باهدابه عدة مرات وتنهد بوجع لا يريد أن يجول بخاطره أى ذكريات تحزنه الآن فليترك الحزن قليلا على جنب ولو لمرة واحدة يكفى كل تلك السنوات التى اهدرها داخل قوقعة حزنه ، تمعن النظر بها مجددا ؛ لقد تزوج بها وهو يعلم ان تلك الزيجة قد تمت بطريقة خاطئة ، لا يدرى ما يخبئه له القدر هل سيكملا ذلك الزواج أم سيأتى الوقت وتقرر أن يتطلقا 


لا يدرى حتى إذا قررت البقاء هل سيستطع العيش معها !! وأن يصبحا معا كأى زوجين هل ستحبه وهل سيحبها هو !! ، زادت خفقات قلبه وأغمض عينيه واحتدت ملامحه وحرك رأسه فى نفى ثم استدار على جانبه الآخر معطيا لها ظهرها عازما على انه لن يدخل أحدا قلبه ولا حتى هى 


❈-❈-❈

-جاسم انت بتهزر ايه اللى جايبك فى وقت زى ده ؟


أردفت بها "رفيف" بغضب وخفوت كى لا يستمع لها أيا من العاملين بالقصر بعد أن نزلت من غرفتها له خوفا من صعوده لها فهى لم تعد تعرف إلى أين قد يقوده تفكيره الأحمق 


جذبها من يدها ولكن ليس بقوة إلى أحد الأركان لكى لا يراهما أحد برفقة بعضهما ثم قال بتساؤل ونبرة غاضبة


-انتى مبترديش على مكالماتى ولا رسايلى اليومين اللى فاتوا ليه ؟


عقدت ذراعيها أمام صدرها وتساءلت بسخرية


-والله انت بتسأل مش عارف عملت ايه ؟


كز على اسنانه ثم قال بإندفاع وهو يلوح بيديه 


-ايا كان اللى عملته تردى عليا متسبينيش كده


تفقدته لوهلة ثم زجرته قائلة 


-وايا كان اللى عملته انا كمان ميديلكش الحق انك تكلمنى بالشكل ده وتتعصب عليا


لانت ملامحه وتفقدها بتعجب ثم استفسر قائلا وهو يستشف سبب تجنبها له الفترة السابقة 


-يعنى انتى متضايقة ومبتكلمنيش عشان اتعصبت عليكى ؟!


ردت بإيجاز ودون تفكير


-ايوه 


رمقها بخبث وهو يقترب خطوة منها ثم أردف بصوته الرجولى الذى بدأت فى عشق نغماته فى أذنها


-افهم من كده ان البوسة عادى مش مضايقاكى !!


رمشت عدة مرات بأهادابها وازدرت ثم ردت بتلعثم


-اا انت بتقول ايه.. جاسم امشى الوقت اتأخر وبابا ممكن يصحى فى اى وقت 


أمسكها بيديه من كتفيها ودفعها نحو الحائط خلفها واقترب منها حتى أحست بأنفاسه الساخنة تلفح بشرتها الحليبية اخفض رأسه حتى أصبح فمه بجانب أذنها مما جعل دغدغة قليلة تسرى فى سائر جسدها ثم قال بهمس وعاطفة قوية


-مش ماشى يا رفيف قبل ما اقولك كل حاجة جوايا انا معدتش هقدر أخبى اكتر من كده 


ابتعد عنها قليلا ورفع وجهه أصبح مقابلا لوجهها الذى ملأته الحمرة القانية تحاشت النظر إليه وبدأت انفاسها فى العلو بينما هو أخذ يقص عليها ما يكنه له من مشاعر ألهبته منذ زمن بعيد أردف بخفوت وهو يملى عينيه عن كثب من ملامحها التى آسرت قلبه


-رفيف انا بحبك.. بحبك من زمان اوى من وقت ما دخلت البيت ده مع بابا الله يرحمه.. فاكرة كنتى قد ايه كان عندك تلاتشر سنة كنتى لسه طفلة فى اعدادى كنتى أجمل وأرق بنت شوفتها فى حياتى ، ملفتش نظرى أى بنت فى سنى وانتى بطفولتك ورقتك وملامحك البريئة خطفتى قلبى فى ثانية ، قلبى اللى بقى من يومها بيدق ليكى ولكل تصرفاتك حركاتك كلامك صوتك ضحكتك ، ضحكتك اللى مبعشقش حاجة فى الدنيا قدها.. قلبى من يومها ملكك انتى ، ومع الوقت كان كل اللى جوايا ليكى بيزيد كنت بمنع نفسى عنك بصعوبة مكنتش عايز اشغلك عن دراستك ولا أخليكى تفكرى فى حاجات سابقة سنك ومش وقتها ، لما قربنا الفترة اللى فاتت حسيت ان دى فرصتى انى اقرب منك وبرضاكى وانك بقيتى كبيرة كفاية ومع الوقت هتفهمى اللى جوايا بس خلاص معادش فى جوايا ذرة تحمل واحدة تخلينى ابعد عنك تانى مش هقدر خلاص يا رفيف لو بعدتى أكتر من كده هتجنن متبعديش عنى أرجوكى.. ارجوكى يا رفيف


اجتذبها داخل أحضانه بعد أن انهى كلماته شدد من احتضانه عليها بذراعيه وهو يهمس لها 


-بحبك يا رفيف...بحبك اوى 


أحست بقلبها يكاد ينخلع من صدرها من قوة ضرباته كلماته ، قربه ، صوته ، وانفاسه لا ترحم ذلك القلب الذى لا يفقه أى شىء بأمور العشق بعد ولكن على كل حال يروق لها ذلك الشعور بداخلها كثيرا لتجد نفسها وبمنتهى التلقائية ترفع يديها وتبادله العناق ابتسم باتساع على تقبلها له ودفن وجهه فى شعرها مستنشقا اياه ظلا هكذا لعدة دقائق ثم فرقت هى عناقهما قائلة بارتباك وهى تتنقل بنظرها وتضع خصلاتها خلف اذنها


-جا. جاسم امشى دلوقتى ونبقى نتكلم بعدين 


أومأ لها بالموافقة كارها الإبتعاد عنها لكنه يرى ارتباكها وخجلها مما قاله ومن اقترابهما المهلك لجميع حصونها عاد ادراجه إلى سيارته ولكنه توجه إليها مجددا ومال إليها ملتهما شفتيها بنعومة وشوق يزداد حتى فى قربها ابتعد عنها وهما يلهثان بخفة ثم قال بهمس وانفاس حارقة


-انا لازم امشى دلوقتى فعلا شوية كمان ومضمناش نفسى ممكن اخدك فى اوضة الجيم اللى وراكى دى و.. "وضعت يدها الصغيرة بتوتر أعلى فمه مانعة إياه من متابعة حديثه العابث بمشاعرها ، صدحت ضحكته الرجولية التى تكاد تقسم بأغلظ الأيمان انها اصبحت لها عاشقة ثم قبل باطن يدها وقال لها بابتسامة ونبرة يتضح عليها سعادته" باى يا حبيبتى 


أستقل سيارته وغادر مسرعا كى لا يعود إليها ويأخذها بين أحضانه عنوة عنه وعنها وعن الجميع فهو لم يعد لديه حكم على تصرفاته معها لم ولن يستطيع ردع قلبه بعد الآن عن عاطفته الجياشة التى تدفعه لأفعاله العابثة بمشاعرها وكيانها بأكمله فهو قد تملكه عشقها منذ زمان والآن اصبح عشقه هو من سيتملك منها رويدا رويدا


❈-❈-❈


نائمة فوق فراشها محتضنة وسادتها تبتسم كالبلهاء لا تصدق ايا مما استمعت إليه لا تصدق عشقه لها الذى صرح به امامها منذ دقائق تتلمس شفتيها بأناملها ودقات قلبها لا ترأف بها ، هو للتو قبلها للمرة الثانية وضعت يدها على وجهها بخجل وهى تعض شفتها السفلى لم يسبق لها أن قبل أحد شفتيها لم يتجرأ احد على فعلها وهى بالمقابل لم تسمح لأى أحد بالأقتراب منها سواه هو 


لا تدرى لما لا ترتاب منه لما لم تمنعه من فعلها لما لم تنهره وتغضب عليه تشعر بقلبها ينتفض من موضعه عندما يتلمسها بيديه ، عند ارتطام شفتيه بشفاهها ، عندما تلفح انفاسه الساخنة المليئة بعشقه وجهها ، همسه بكلماته تلك بحة نبرته الرجولية تجعل قدميها غير قادرة على حملها 


احبت كل تلك المشاعر الجديدة التى تختبرها معه هو لأول مرة ، لم يسبق لها أن أحست بكل تلك المشاعر المتختلطة بداخلها لم يسبق لها أن أحبت قرب أحد منها لذلك الحد بل ربما لأكثر من ذلك الحد وهذا ما يقلقها ، هى لا تريده أن يكف عن العبث بدقات قلبها لا تريده أن ينهى ذلك القرب الذى عندما يبدأ به يجعلها تحتس بجسدها محلق بين طيات السحاب ، حسنا لقد فقدت عقلها لترى إذا ماذا ينتظرها معه وبين يديه 


أوصدت عينيها وهى مبتسمة تتمنى من أعماق قلبها أن يأتيها بأحلامها ويبدد كل ذرة بكيانها باقترابه المهلك لروحها ونبضها فهى تخطو أولى خطوات عشقها لذلك الرجل الذى اتخذته صديقا ليأتى هو وحول تلك الصداقة بعشقه لمشاعر لذيذة وجديدة عليها من نوعها 


❈-❈-❈



صباح اليوم التالى ..


واقف امام المرآة بغرفته يعدل من هيئته الآخيرة فقد انتهت أجازته البارحة مطالعا "أسيف" التى انعكست صورتها وهى نائمة بالمرآة أمامه بابتسامة واسعة فقد انتقلت للمكوث معه بغرفته بعد العديد من المحاولات منه استطاع فى النهاية أن يقنعها 


خلال الأيام الماضية كانت تخلد للنوم سريعا ويظل هو طوال الليل يتمعن النظر بها يمتع عينيه بتلك الملامح الهادئة التى أصبحت تتغلغل بقلبه يوما بعد يوم يتلمس بأنامله تلك الشفاه الممتلئة الوردية اللون التى يحلم بأخذها بين شفتيه وقد أقبل على فعلها وهى نائمة ولكن منعه عن ذلك نظرة الخوف التى يخشى ان ترمقه بها إذا استيقظت على فعلته وسيتحول ذلك الحاجز الذى يحاول بكل طاقته ان يهدمه ليظفر بها بالنهاية الف سور وسور بينهما ولن يجنى من وراء ذلك غير هجرها له وابتعادها عنه وهذا أكثر ما يخشى حدوثه يوما 


توجه نحوها وجلس على طرف الفراش بجانبها ماددا يده محتوى وجنتها هادرا بخفوت ونبره حانية ميقظا إياها


-أسيف.. أسيف انا نازل 


فتحت عينيها بنعاس ونظرت إليه بخضراوتيها اللتين أصبح عاشقا لهما ابتسم لها وتمتم بنبرة هادئة وابتسامة وهو يملس على وجنتها برفق


-حبيبتى انا رايح الشغل عايزه حاجة منى قبل ما انزل ؟!


أومأت برأسها بالسلب بعد ان أوصدت عينيها مجددا ثم قال لها 


-هعدى عليكى أخدك بعد الشغل من الجامعة اما تخلصى محاضراتك رنى عليا "أومأت مجددا ولكن هذه المرة بالموافقة وظهر على ملامحها العبوس لرغبتها فى النوم مجددا ابتسم بتسلية على مظهرها ذاك واقترب وطبع قبلة مطولة فوق جبينها ثم ابتعد كى لا يزعجها أكثر وغادر الغرفة موصدا الباب خلفه فى هدوء


❈-❈-❈

تملمت فى الفراش وهى موصدة عينيها احست بشىء صلب تحتها فتحت عينيها مرة واحدة لترى نفسها تتوسد صدره ومحاوطة خصره بتملك ازدرت ريقها من تلمسها لجسده العارى اسفل ذراعها ابتعدت ببطء كى لا تيقظه رفعت جسدها قليلا ليتقابل وجهها مع وجهه النائم ظلت ثابته على واضعها مستندة بمرفقها على الفراش من ناحية وواضعة يدها فوق صدره من ناحية أخرى


أخذت تتفحص ملامحه النائمة بكل تلك الهدوء رفعت يدها بحركة مباغتة منها تتلمس ذقنها النابتة قليلا بتحديدٍ جعلته أكثر جاذبية لتبتسم وقامت بتحريك اناملها برقة بالغة تخشى استيقاظه كثيرا ولكن لم تستطع منع نفسها من فعلها لن تنكر أنه يجذبها وبشدة وكل ذلك خلال أيام قليلة قضتها بقربه 


انحرفت اناملها قليلا لتلمس شفتيه أخذت دقات قلبها فى تسارع عجيب وذلك من تلمسهما بأناملها فقط وتساءلت بداخلها ماذا ستشعر إذًا من تلمسهما بشفتيها

وجدت نفسها دون تحكم منها تقترب بوجهه عازمة على لثم ثغره ، متى لامست شفتاها شفاهه حتى ابتعدت كالمذعورة واضعة يدها على فمها بعدم تصديق لما كانت مقبلة عليه تاركة الفراش بهدوء رغم حالتها الهوجاء التى أصبحت عليها هاربة بداخل الحمام 


فتح عينيه بعد أن أغلقت باب الحمام وتنفس بتثاقل فهو مستيقظ قبلها بمدة ولم ينهض مصطنع النوم كعادته فى الأيام السابقة لإغاظتها ولكن اليوم تيبس موضعه من وجودها بأحضانه وتشبثها به بتلك الطريقة وما أفقده عقله هو اقترابها منه وتلمس اصابعها لشفتيه نهاية بشفاهها التى بعثرت كيانه ماذا لو لم تبتعد كيف سيصبح حاله حينها 


لقد كان يحتس باحتراقا بداخله من ملامسة شفتيها الممتلئه الدافئة لشفاهه يقسم انها إذا اطالت تلك الملامسة لثانية أخرى لكان أخذا هو شفتيها بين شفتيه بقلبة جامحة بث فيها لهيب نيرانه المستعرة بداخلة ولكن ماذا لو طالبت هى بالمزيد وهو يتوقع منها أى شىء فجرأتها لا تفشل كل مرة فى ابهاره 


ما الذى سيمنعه وقتها من أخذ ما هو حقه منها وإعطائها أقل ما تطالب به زوجة زوجها ، هل سيخضع لها حقا !! هل سيترك نفسه لرغبته بالغوص معها فى ابحر من اللذة والشبق التى يكاد يجزم انه اذا اقترب فقط سيغرق بها ولن ينجو منها ما حيا


هو خائف وبشدة من هذا الضعف الذى يتملك منه بقربها خائف من تبدل حاله منذ مجيئها ودخولها حياته ، يخشى أن يأتى يوم ويخفق هذا القلب لأجلها ، أغمض عينيه بقوة وزم شفتيه فى وجع ، قد عاهد نفسه منذ زمن بعيد أنه لن يسمح بذلك ولن يسمح لنفسه بأن يتعلق بأحد قط على وجه الأرض ولن يفعلها الآن مؤكدا لن يفعلها ، أقنع نفسه بذلك ولكن هل هذا ما يتوقع هو حدوثه حقا !! والاهم من ذلك هل هذا ما سيحدث !!


خرجت من الحمام بوجه مكفهر لاحظه بمنتهى الوضوح ألقى عليها تحية الصباح بهدوء ، ردت هى دون النظر إليه ثم ولج الحمام بللت شفتيها بارتباك تتسائل مع نفسها هل من الممكن أن يكون أحس بها وهى.. أغمضت عينيها لم تستطع حتى تكرار الأمر فى مخيلتها 


لأول مرة تشعر بذلك الخجل الممزوج بالخوف فهى خائفة وبشدة من تلك المشاعر التى تحتسها بقربه والمقلق فى ذلك انها تتحكم بها وبشدة ، هل بقربها منه ستتزايد هذه المشاعر بداخلها !! ، وهل هو سيبادلها مشاعرها أم سيظل جامدا حتى فى مشاعره وستظل هى لا تفقه شيئا واحد مما يحتس به ، وكيف لها ان تفقه شىء وهو ما بداخله مزيج من مشاعر مهشمة تجعله لا يفقه هو ذاته بالأساس


فاقت من شرودها عند توقف مجد امامها وهو يرتدى ساعته فقد انتهى من تبديل ملابسه يتضح انها اخذت وقتا كبيرا فى شرودها به ، ينظر لها فى هدوء ثم تشدق بنبرة رخيمة


-أجهزى يلا والفطار زمانه جهز تحت ، عقبال ماتخلصى فطارك هيكون السواق جالك عشان يوصلك


سار عدة خطوات تجاه باب الغرفة ثم وقف والتفت لها نصف التفاته ثم تابع فى تذكر


-والكريدت بتاعتك متنسيش تجيلى المكتب قبل ماتمشى عشان تاخديها


لم ينتظر ردا منها على كلماته وغادر الغرفة اخذت هى نفسا مطولا ثم زفرته على مهل محاولةً منها لإرخاء أعصابها وتنظيم أفكارها ، ذهبت بعدها إلى خزانتها الخاصة بغرفة الملابس لتنتقى ثوب مناسب لذهابها للجامعة 


بعدما انتهت من ارتدائها ثيابها وتأكدت من أخذها لجميع متعلقاتها التى ستحتاجها ووضعها داخل حقيبتها غادرت الغرفة نزولا إلى أسفل لتناول فطورها ، لم تجده على مائدة الطعام لم تتعجب للأمر فقد أعلمتها العاملة منذ مجيئها أنه فى العادة لا يتناول طعاما فى الصباح يكتفى فقط بكوب القهوة ويتناولها فى مكتب بيته مع مراجعته لعدة أشياء خاصة بعمله ثم يغادر إلى شركته ، تناولت هى بضع لقيمات حيث انها لم تجد شهية للطعام ، قامت من مقعدها والتقطت حقيبتها وتوجهت لمكتبه


بداخل غرفة المكتب ..


-ادخل


قالها مجد وهو يتفحص عدة أوراق بيديه بعد أن استمع لطرقات على الباب ، ما ان استمع إلى صوت حذائها بنفس خطواتها الثابتة التى عاهدها عليها منذ أول محادثة بينهما ارتفع ببصره إليها وقال لها فى هدوء وهى مقبلة نحو مشيرا لها على المقعد


-اقعدى ثوانى هخلص الحاجة اللى فى ايدى وهوصلك أنا "التقط بطاقتها البنكية ثم وضعها أمامها وتابع بجدية وهو يعيد نظره لأوراقه" الكريدت بتاعتك


نظرت له مشدوهة مما قاله هل قصد بكلامه انه هو من سيقلها إلى الجامعة ؟! حركت رأسها باستفسار وقالت وهى مضيقة عينيها لتستشف المعنى من وراء كلماته


-انت قصدك انت اللى هتوصلنى الجامعة ؟! ولا انا فهمت غلط !!


أومأ لها بهدوء دون أن ينبس بحرف مطت شفتيها بتعجب ثم أردفت


-طب وليه انت اللى تودينى !!.. السواق ليه ميودنيش هو !!


زفر بنفاذ صبر ورفع نظره إليها وقال بحدة 


-السواق مراته تعبانة وفى المستشفى وهو معاها ، اعتذر وقال هيتأخر شوية.. حابة تستفسرى عن حاجة تانية ولا أكمل اللى بعمله عشان نخلص ونمشى 


نظرت له بتفاجؤ من فظاظته معها فى الحديث اشاحت بنظرها بعيدا وزمت شفتيها باختناق لا تعلم من أين أتى ولا تعلم لما لم تنهره على اسلوبه تلك معها ولا لما آثرت الصمت 


لاحظ هو الاختناق الذى طغى على وجهها وتبدل ملامحها إلى الحزن يعلم انه السبب فى ذلك من كلماته التى ألقاها فى وجهها بطريقة فظة قاصدا بها لكى لا تتعلق به ويقنع نفسه أنه هكذا لن يتعلق بها هو الآخر وأنها لا تعنيه بشىء برغم تلك الغصة التى شعر بها عندما رأى حزنها ولكنه نفض ذلك عن فكره وأقنع نفسه أنه مجرد شعور انسانى منه وحاول بالطبع أن يواريه مثلما ينجح فى كل مرة يوارى بها كل ما يشعر به عن أنظار جميع من حوله


دقائق قليله وصدح صوته وهو ينهض قائلا لها ببرود 


-يلا


ازدردت ريقها فى حزن لا تعلم لما تبدلت طريقته هكذا فهو كان يعاملها بطريقة أفضل من ذلك ، نعم ؛ تعلم انها ليست الطريقة التى يجب ان تُعامل بها ولكن على الأقل أفضل من تلك بكثير 


سارت خلفه بصمت تام وظلت على صمتها طوال الطريق بجانبه فى السيارة وهو أيضا بقى مثلها لم يحاول أحدا منهما أن يبادر بحديث للآخر ، مر وقت ليس بكثير ووجدت السيارة توقفت لتلاحظ انهما اصبحا أمام الجامعة قال لها بنفس النبرة الجافة -التى يتحدث بها منذ الصباح- دون ان ينظر لها 


-السواق هيوصلك وانتى راجعة ، هاتى موبايلك اكتبلك رقمه عشان تتصلى بيه اما تخلصى 


اخرجت هاتفها من الحقيبة واعطته له بهدوء كتب عليه الأرقام سريعا ثم أرجعه لها فى صمت ترجلت هى من السيارة ثم غادر بعدها من امامها ، زفرت بضيق ثم توجهت فى طريقها لكليتها محاولة قدر امكانها اشغال نفسها بدوامها اليوم ونفض معاملته الجافة لها عن بالها


❈-❈-❈



واقف بشموخ ينظر لساعة يده بين الحين والآخر بملامح متهكمة يتوعد لذلك السائق الغبى الذى تأخر عليه تلك العشرون دقيقة وهو الذى قد أخبره مسبقا بميعاد وصول طائرته ونبه عليه أن ينتظره لحين وصوله ، حسنا سيلقنه درسا عندما يأتى ويعلمه كيف يتأخر عليه حقا ويتركه واقفا هكذا ينتظره هو 


مرت دقيقتين ووقفت سيارته الخاصة أمامه مباشرة وترجل السائق منها متقدما نحو رب عمله قائلا باحترام وأسف وهو ينظر لأسفل


-متأسف جدا يا عاصم بيه.. الطريق كان فيه مشكلة وهو السبب فى تأخيرى على سعتك


نظر له والغضب يتطاير من عينيه قائلا بزجر وخشونة


-وانت غبى ، مجيتش من بدرى ليه مش قايلك تيجى قبل الميعاد وتستنانى 


ابتلع الآخر فى خوف من هيئته الغاضبة اسرع ليفتح باب الخلفى للسيارة قائلا بنبرة تغلفها الأسف مجددا ولم يرفع عينيه عن الأرض 


-آسف يا باشا.. مش هتتكرر تانى 


رمقه بنظرة غاضبة واستعلاء ثم دلف السيارة وهدر به بغلظة


-أخلص يلا ودينى على البيت وبعدها فى مواعيد ورايا تستنى عشان توصلنى


اومأ له باحترام حمل الحقائب ووضعها بالسيارة من الخلف ثم دلف السيارة هو الآخر جالسا امام عجلة القيادة ملبيا طلب ذلك ال"عاصم" متوجها به إلى بيته والذى يعتبر واحدا من أفخم البيوت بمدينة الأسكندرية لما لا وهو نفسه يعتبر واحدا من أكبر رجالة الأعمال بالدولة وخارجها أيضا


لديه العديد من الشركات المتخصصة فى مجالات عدة أولاهم شركات الأدوية الخاصة بوالده والتى ستصبح ملكا له كإرث عن أبيه بعد وفاته حيث انه الإبن الوحيد له بينما أهمهم بالنسبة له شركات المعمار الخاصة به والذى يديرها هو 


كان متواجد طوال الفترة الماضية بولاية بإحدى الولايات الأمريكية رفقة والدته التى تتلقى جلسات علاجها هناك بحالة سيئة للغاية ليتوجب عليه تركها لحضوره بإحدى أفرع شركاته للقيام بالعديد من المهام التى توقفت بها فى الآونة الآخيرة وعدم متابعته لها لوجوده مع والدته 


توقفت السيارة أمام الباب الداخلى لبيته بالحديقة الملحقة به ترجل منها السائق متوجها لفتح الباب لرب عمله ترجل الآخر بعدها من السيارة قائلا له بأمر وهو يتوجه لداخل بيته


-طلعلى الشنط فوق.. ساعة بالظبط وهنزل تانى الاقيك فى العربية مش هدور عليك ولا هستناك مفهوم طبعا 




يُتبع..