الفصل الخامس عشر - مشاعر مهشمة
الفصل الخامس عشر
دلفت "أسيف" غرفة المعيشة -حيث والدتها و"عدى" و"طيف" يجلسون معا- بوجه مكفهر ليعقد "عدى" حاجبيه باستغراب يتحول لقلق عندما وجدها لم تتحرك من مكانها وظلت واقفة قبالة الباب من الداخل بشرود تام ، قام من مقعده متوجها نحوها وضع يده فوق ذراعها بتفقد لتنتفض وتنظر له بأعين دامعة وملامح يملأها الوجل
تفاقمت عقدة حاجبيه وصدح صوته سائلا إياها بقلق اتضح عليه من نبرته
–فى ايه يا أسيف مالك خايفة كده ليه ؟!
تواترت دموعها فوق خديها وقالت بنبرة مهزوزة وهى تمسك بيدها -التى شعر "عدى" بارتجافتها- قميصه عند موضع صدره
–عدى بابا تعبان اوى.. جاتله ازمة قلبية والدكتور عنده دلوقتى
فغر فاهه بصدمة وانعقد لسانه تزامنا مع شهقة "طيف" التى خرجت بخوف بالغ ولم يأتى بخاطرها سوى حالة "مجد" عندما يعلم بذلك الخبر المفجع ووالدتهم كانت تتابع الموقف بصمت وأسى ليلاحظ حينها "عدى" ازدياد بكائها ليقترب منها جاذبا إياها بأحضانه رابتا فوق ظهرها بحنان وهو يقول بهدوء ونبرة خفيضة محاولا تهدئتها
–اهدى يا حبيبتى
لم تستطع التحكم بشهقاتها وهى دافنة رأسها بصدره وممسكة بقميصه من الخلف بيديها بقوة علم "عدى" ان ذلك لخوفها الشديد وحاجتها لبث الطمأنينه فى نفسها التى تستمدها منه منذ الصغر ، لتغمغم بنحيب ودموعها تسيل فوق وجنتيها بكلمات غير مفهمومة التقطت اذنه البعض منها بصعوبة
–انا خايفة يجراله حاجةيا عدى ، مش هتحمل.. انا حبيته اوى ومش مستعدة اخسره تانى و...
–شششش
قاطع سيل كلماتها وهو يشدد من احتضانها فى حين شعر بوخزة قوية فى قلبه إثر بكائها ليتكلم نافيا ما قالته بنبرة حانية قائلا
–مش هيجراله حاجة يا حبيبتى.. عشان خاطرى بطلى عياط هيبقى كويس
فرقت عناقهما ورفعت عينيها الحمراوتين لوجهه وهى تقول بضعف ووجه شاحب
–انا عايزه اروحله
هز رأسه بموافقة وهو يملس على خصلاتها وقال
–حاضر "اشار إلى ملابسهما ثم تابع" تعالى بس نغير هدومنا الاول
كادا يغادران الغرفة لينتبها على صوت "طيف" وهى تنهض من جلستها متوجهة نحوهما وهى مسرعة
–انا هاجى معاكوا يا عدى ، هدخل اغير هدومى بسرعة متمشوش من غيرى
أومأ لها برأسه وذهب كل واحد منهم لغرفته لتبديل ثيابه بينما ظلت والدتهم فى الغرفة تدعو الله أن يمر الأمر بسلام وألا يحزن قلب "أسيف" على والدها بعد كل تلك السنوات التى حرمت فيهم منه ومن حنانه الذى يغدق به عليها منذ دخوله حياتها
❈-❈-❈
ولجت "أسيف" وبرفقتها "عدى" و"طيف" إلى منزل والدها اعترض ذلك هبوط "رفيف" الدرج التى كانت حينها تقوم باصطحاب الطبيب لباب المنزل بعد أن قام بفحص والدها وأعطى إليه عدة أدوية وألقى عليه تحذيرات عدة من إهماله لصحته وعدم الإلتزام بأخذ أدويته اليومية بانتظام وبالنهاية طمأنها عليه
اندفعت "أسيف" إليها بملامح باكية شاحبة للغاية لتتفاجأ "رفيف" بهيئتها خاصة عندما استمعت لصوتها المبحوح والذى تبين منه تأثر حلقها لشدة بكائها متسائلا
–بابا عامل ايه يا رفيف ؟.. هو كويس صح ؟
رمقتها "رفيف" بتأثر ووضعت يدها على ذراعها تربت عليه برفق وهى تقول
–الحمد لله بقى كويس متقلقيش يا أسيف
ابتلعت تلك الملوحة وجففت وجنتيها بظهر يدها لتغمغم وهى تتركها متوجهة صوب الدرج
–طب انا هطلع أشوفه
صافحت "رفيف" "عدى" بابتسامة مرحبة ليتوجه بعدها خلف "أسيف" بينما استقبلت "طيف" بسعادة لرؤيتها فقد توطدت علاقتهما للغاية فى الآونة الآخيرة وكانت كثيرا ما تذهب إليها "رفيف" وتبقى معها ويتحدثان سويا بالساعات فقد أحبت كل منهما شخصية الأخرى وقفتا لعدة دقائق تتساءل كل واحدة فيهن على أحوال الأخرى ثم أخبرت "طيف" "رفيف" برغبتها فى الصعود لرؤية والدها والاطمئنان على صحته ، صعدت بعدها إليه وبقوا لبعض الوقت معه حتى أحسوا بحاجته للراحلة وقرروا ان يتركوه تقدمت "أسيف" منه وقبلته فوق وجنته ثم تركوه وهبطوا لأسفل
جلسوا معا بحديقة المنزل وبصحبتهم "جاسم" الذى كان متواجد مع "هشام" بغرفته منذ البداية بعدما هاتفه صديقه وأخبره بالأمر ، كانوا يتحدثون سويا فى أحاديث عدة عدا "طيف" التى كان يظهر عليها الحزن كانت تتمنى وجوده تشتاق لسماع صوته فهو لم يحدثها منذ يومين ولا تدرى السبب فى ذلك وقد ملت مؤخرا الإتصال به لعدم رده عليها، فهو أحيانا كان يهاتفها هو عندما يجيئه اتصالات منها واحيانا تشعر انه يتعمد عدم مهاتفتها او الايجاب عليها عندما تتصل به ، أوصدت عينيها بأسى لعدة ثوانٍ ثم فرقت جفونها لتشعر بجيب قلبها يتصارع من هول المفاجأة ، لا يستحيل مؤكد يُهيأ لها وجوده امامها الآن
الحقيقة انها لم يُهيأ لها فهو بالفعل امامها لقد جاء منذ برهة وقد اخبره "جاسم" قبلا ان والده اصبح بحالة مستقرة وكان فى طريقه للدخول ولكن استوقفه صوت حديثهم بالحديقة ليحول وجهته صوبهم ليجدهم جميعا يتحدثون معا عاداها هى جالسة بشرود يظهر عليها طيف حزن لم يخمن مصدره بالطبع ولكنه لم يتحكم بخفقات قلبه التى أخذت فى العلو منذ وقعت سوداوتيه عليها حتى قدميه لم يساعدوه أيضا وتيبسا أرضا آبيين الحراك ليجدها نهضت من مقعدها ويظهر عليها عدم التصديق قادمة نحوه ببطء
نعم ، لقد كانت تقدم قدم وتؤخر الأخرى خائفة من ان يكون ذاك حلم وستفيق منه ولكن ما افاقها وجعلها تتأكد انه هو بالتأكيد صوت "رفيف" الذى صدح بتفاجؤ باسمه لتجد نفسها تركض نحوة بسرعة هائلة تعجب هو لها ومن ثم وجدها تعلقت بأحضانه وحاوطته بقوة شعر بدقات قلبها التى كانت تخفق بشكل غريب تحرك يديها فوق ظهره وهى ضاممة إياه إليها بأقصى قوة تملكتها يوما كأنها تريد إدخال جسدها بداخله ليجد ذراعيه بتلقائية يلتفان حول جسدها دافنا وجهه بعنقها لم يأبه بنظراتهم إليهما ولا لكل تلك التنبيهات التى كان يُسمعها لقلبه طوال الطريق فلقد القى بهم جميعا أرضا وسمح لنفسه بالتنعم بدفء تلك الأحضان التى بغباءه حرم نفسه منها طوال هاذين الشهرين
سحب "عدى" "أسيف" من يدها بلطف وتوجها معا للداخل لكى يتركا لهما بعض الخصوصية بينما أشار "جاسم" ل"رفيف" بعينيه ان تتبعه رأت الحنق جليا عليه خضعت لإرادته ولكن ظهر التجهم على وجهها قليلا ، لم يلحظ "مجد" عدم تواجدهم من تواجدهم حتى فقد أصبح كالمغيب وهى بأحضانه لا يريد بتلك اللحظة سواها هى فقط ، اغمض عينيه بانتشاء تمنى أن يصيبه فقدان للذاكرة ان تمحى من ذهنه كل ذكرياته الماضية التى عايشها قبلها تحديدا تلك الذكريات التى تحول بينهما وتمنعه من ذلك الاحساس الذى لم يحتس به نهائيا سوى مع تلك التى أصبح كل انش به يطالب بها
فرق عناقهما بعد مدة كبيرة لم يدريا كم من الوقت ظلا متعانقين نظر لخضراوتيها المملوئتين بدموع حبيسة تحجب جمال رونقهما عنه ليكره نفسه على ذلك الحزن الذى وضعه بذلك القلب الذى ييقن انه لا يوجد به سواه وهو الذى لم يكف يوما منذ زواجهما عن إحزانه كأنه يعاقبه على عشقه له وفى الحقيقة هو لا يعاقب سوى قلبه الذى خانه هو الآخر وعشقها وأوصد مغاليقه عليها
رفعت يديها تجاه وجهه وأخذت تتحسس ذقنه النابتة بأناملها كأنها تستكشفهم لأول مرة بلمسات رقيقة أقشعر بدنه على اثرها انحرف ابهامها إلى شفتيه تلمستهما بروية ليشعر بتخدر اوصاله وارتفعتا يديه مخللا اصابعه بين خصلاتها وانخفضتا حدقتيه صوب شفاهها التى اشتاق لملمسهما فوق شفتيه ليقترب ببطء وتريث بوجهه نحو وجهها وهى قد أوصدت عينيها وحاوطت وجنتيه بكفيها ليصدح فجأة صوت العاملة مانعا ارتطام شفاههما تقول بحرج شديد وهى ناظرة لأسفل
–هشام بيه عايز سعتك
لقد علم "هشام" منذ قليل من رئيس حرسه الذى طلب منه -منذ أخبره "جاسم" بمجئ "مجد"- ان يخبره عند مجيئه ، أغمض عينيه بانزعاج وزفر بانفاس متثاقلة ثم قال بجمود وهو يحول نظره إليها ولم يبتعد عن "طيف" قيد أنملة
–طيب روحى انتى
فرت العاملة من امامهما ليعود بنظره ل"طيف" من جديد وقال بصوت رخيم وهو يتفقد ملامحها التى افتقدها كثيرا
–هروح اشوف بابا واتطمن عليه وهرجعلك تانى
أومأت له بابتسامة شعر من خلالها بكم راحتها برؤيته ليقترب من وجهها وقبل جبينها مطولا ثم تركها وتوجه للداخل ، بينما تشعر هى بسعادة عارمة وأخذت تبتسم كالبلهاء غير مصدقة إلى الآن بوجوده وانهما كان متعانقان منذ برهة بتلك الحميمية ، ألقت ببصرها نحو المكان الذى كانت هى بصحبة البقية جالسون به لتجده فارغا مسحت بعينيها الحديقة باحثة عنهم لم تجدهم أيضا رفعت كتفيها بتعحب وكادت تدلف للداخل هى الأخرى لتتوقف فجأة ووضعت يدها فوق فيهها بصدمة وتساءلت بداخلها أرآوها جميعا وهى مهرولة نحوه لتعانقه ، أرآوهما معا وهما متعانقين هكذا ، شعرت بسخونة اندلعت بوجنتيها ووبخت نفسها على فعلتها الهوجاء تلك دون الأخذ بالإعتبار لوجودهما أمامهم لتجد فاهها يبتسم بتلقائية ووضعت كفيها على وجهها بخجل ممزوج بالصدمة لتحرك رأسها باستنكار وهى تسير نحو الداخل
❈-❈-❈
وقف أمامها بحديقة المنزل من الخلف بملامح حانقة وهو عاقد ذراعيه امام صدره ليقول بنفاذ صبر ونبرة سائمة للغاية وهو يتفقد ملامحها وأى إماءة تبدر منها يفهم من خلالها ما خطبها ولمَ ذلك التغير اللعين منها معه
–ها بقى.. ادينا لواحدنا مش دى حجتك من ساعتها كل ما اسألك مالك.. وأصل قاعدين وسطهم ومش هعرف اتكلم "تنفس مطولا كمحاولة منه للتحكم بأعصابه ثم استطرد متسائلا" فى ايه يا رفيف متغيرة معايا بقالك فترة ليه
قلبت عينيها بملل من كلماته التى لا يكف عنها طوال الشهر الماضى لتزفر فى تأهب ثم قالت بهدوء استحضرته من أعماقها كى لا تنفجر بوجهه
–مش متغيرة ولا حاجة يا جاسم انت اللى بيتهيألك
–بيتهيألى !! "كرر كلمتها باستنكار تام وضحك بسخرية وهو يحرك وجهه لإحدى الجوانب ثم عاد بنظره إليها مجددا وقد انفجرت ملامحه بغضب خالص ثم قال بانفعال" بيتهيألى انك بتنهى معايا المكالمة كل مرة اكلمك فيها ، بيتهيألى انك بترفضى تجيلى الشركة كل ما اطلب منك ، بيتهيألى انك بتبقى متضايقة ومش مرتاحة واحنا قاعدين مع بعض حتى فى مكان عام ، بيتهيألى انك بتبعدى عنى يا رفيف
امتعضت ملامحها ثم أردفت باندفاع وسخط تنفى ما تشدق به وهى تنظر بداخل لبنيتيه اللتين استشاطتا غضبا
–انا مش ببعد عنك يا جاسم
صاح بها بلهاث غاضب وتغيرت ملامحه الرجولية الوسيمة لأخرى اتسمت بالشراسة خلفت بنفسها الخوف من هيئته التى لم ترَها عليه قبلا
–أمال بتعملى ايه ، تسمى كل اللى بتعمليه ده ايه ؟!
تحكمت بتلك الرجفة التى سرت بجسدها إثر صراخه عليها لتزم شفتيها بغضب اندلع بعسليتيها وجلى على ملامحها وهى تزجره قائلة
–جاسم وطى صوتك ومتزعقش وانت بتتكلم معايا
بعد فترة طويلة من الصمت بينهما وهو لم يحِد بعينيه عن عسليتيها تحدث سائلا بنبرة جامدة ولكنها لاحظت عليها مشاعره الثائرة
–عايزانا نسيب بعض ؟!
اتسعت عينيها بصدمة من سؤاله المباغت تلك التى لم يتطرأ لفكرها نهائيا ان تفعل ما خُيل إلى عقله الأحمق طأطأت برأسها لأسفل فلقد ألجمت الصدمة لسانها ولم تستطع التشدق بحرف ليعيد على مسامعها السؤال مجددا ولكن بلهجة منفعلة انتفض جسدها على اثرها
–ردى عليا ، عايزانا نسيب بعض يا رفيف ؟
آثرت الصمت ولم تجاوبه على سؤاله السخيف ذلك بالنسبة لها كيف يأتى بفكره انها تريد هجره ، كيف وهى لم تعشق أحدا سواه ، ليترجم عقله الأحمق مجددا صمتها بشكل خاطئ ليزم شفتيه بغضب وهز رأسه عدة مرات ثم تركها وغادر مسرعا لتتابعه بعينيها بحزن جارف ، تعلم انه محق فى غضبه منها فهى بالفعل تبدل حالها معه فى الآونة الأخيرة تحديدا بعد آخر مرة تقربا لبعضهما فيها بمكتبه ، لكنها لديها اسبابها هى خائفة للغاية من تطور علاقتهما المبالغ فيها يوما بعد يوم فهى ببعض قرب منه يفرض سيطرته بالكامل على جسدها والأسوأ انها تسمح له وتريد تكرر الأمر معه لم تستطع ولو لمرة واحدة ان تمنعه من تماديه معها واللعنة كيف تمنعه وهى ترحب بكل ما يفعله معها وتريد الأكثر
لن تستطيع المضى معه فى علاقة كتلك تخشى حدوث الأكبر من تقارب جسدى وبعض قبلات يتبادلاها بشغف ورغبة مجنونة تتحكم بهما ، هى لم تقصد ولو لوهلة ان تجعله يشعر انها لم تعد تريد قربه ولكنها كانت تخشى تدمر علاقتهما بفعل قربهما المهلك لكلاهما تعلم ان ما يفعلاه خطأ فادح وهى ليست بفتاة اعتادت على ارتكاب الأخطاء ، ولكنها بالمقابل لا تريد إحزانه فهى ترى السعادة طاغية عليه من تقارب جسديهما ، من قبلة يتبادلاها بحب وعشق نابع من أعماق قلبهما ، تعشق شعورها بدقات قلبه المتصارعة وهى بين أحضانه ، ولكن ما تراه بأى علاقة حولها تجمع بين شاب وفتاة ويحدث بينهما تلك التجاوزات تنتهى بفراق حتمى وهى لا تريد ان يصلا لتلك المرحلة معا
هى لم تكن يوما من الفتيات اللاتى يريدن الدخول بعلاقة وقتية يتمتعن بها ويضيعن وقتهن فيها لتأخذ وقتها وتنتهى ويدخلن بعدها فى علاقة أخرى ويفعلن المثل بها كما يحدث امام عينيها مع العديد من الفتيات بذات عمرها ، هى تريد علاقة واحدة تظل عليها مدى حياتها وتحديدا علاقتها به ، فهى تريده هو بكل ذرة فى كيانها تريده معها دائما لها هى فقط ، تشعر ان قلبها لن ينبض لرجل سواه فهى لم ولن ترى رجل كما تراه ، فهو يمثل لها أفضل حبيب ورجل على الإطلاق ، ذلك العشق الذى يكنه بداخله لها ونظرته التى تشعرها انها الفتاة الوحيدة على الأرض يجعلان منها أسعد إنسانة بالوجود ، ألا يرى كل ذلك عليها ، ألا يرى لمعة عينيها بوجوده ، كيف له ان يقول كل تلك التراهات ويصل به تفكيره لرغبتها فى تركه ، يجب ان تتحدث معه وتوضح له موقفها ، ذلك العشق بينهما لا يجب ان ينتهى بسوء فهم بينهما وبعض الخوف النابع من داخلها والمزيد من التقرب الخاطئ بينهما ، ستحدثه وتشرح له الأمر وهو مؤكد سيتفهم وسيعودان معا كما كانا بل وافضل
❈-❈-❈
دلف غرفته بعدما جلس مع والده لبعض الوقت وطمأنه عليه وعاتبه قليلا على سفره لكل تلك المدة ، استرضاه "مجد" قدر استطاعته فرؤيته راقد بفراشه بكل ذلك التعب البادى عليه آلمه للغاية ، خلع سترة بذته الرسمية وألقى بها فوق الأريكة بإهمال وهو يتنهد بإرهاق كبير استدار بجسده ليجدها تعلقت برقبته مجددا ليترنح جسده إثر اندفاعها المفاجئ عليه ليستمع لنبرتها المليئة بالعاطفة والعشق الخالص له
–وحشتنى اوى يا مجد
ارتفع بيديه محتضنها بقوة وأخذت يديه تجوب ظهرها وهو مقربها لجسده فى عناق ساحق ، ابتعدت بجسدها بضع إنشات وهى مازالت بأحضانه لتقول بانفاس محمومة وهى تنظر بداخل سوداوتيه باشتياق جارف
–متسيبنيش تانى.. لو روحت فى اى حتة بعد كده خدنى معاك.. مش هقدر اتحمل بعدك تانى عنى
أومأ وهو مُسبل سوداوتيه التى امتلأت رغبة بتذوق تلك الشفاه التى اندلعت من بينهما كلماتها بنبرتها الناعمة ولم يمنع نفسه بالفعل هذه المرة منهما ليقترب بوجهه من وجهها وحاوطه بين كفيه واحتوى تلك الشفاه بين شفتيه ينهل من شهدهما بروية شديدة أوصد عينيه بمتعة يود لو تُحبس بداخله للأبد ، رفعت يديها وطوقت عنقه وأخذت تبادله قبلته بشغف تام تعبث بخصلاته أسفل رأسه بأناملها لتتحول تلك القبلة الهادئة الناعمة لقبلة حادة شغوفة يكتشف كل واحد منهما ثغر الآخر بها
انسلتت واحدة من يديه تتحرك فوق ظهرها يقرب جسدها إليه كما لو كان يريد إدخاله بصدره ، استجابت له وأخذت تقرب جسدها منه على الرغم من تلاصقهما فى الأساس ، احس بحاجتهما للهواء ليفرق تلك القبلة بعد مدة طويلة شهقت هى ساحبة الهواء بقوة لرئتيها ويظهر على ملامحها شبقها للمزيد ، انفاسهما تتصارع صدراهما يعلوان ويهبطان فى هرجلة ملامحها الخاملة تلك إثر قبلته لا تزيد سوى من رغبته بامتلاكها ، ليسحق اسنانه على حرمانه من كل تلك اللذة التى لا يجدها سوى معها ليلقى سباب على نفسه بخفوت لم يتبين لها واقترب أخذا شفتيها بين شفتيه من جديد
رفع جسدها عن الأرض وهما متعانقين ومازلا يتبادلان تلك القبلة ليذهب بها إلى فراشهما وهى مغيبة تماما عن الواقع موصدة عينيها كل ما تشعر به شفاهها بين شفاهه وذلك الشعور الذى ذهب بها إلى عالم آخر ، وضعها بتريث فوق الفراش وقام باعتلائها ونظر بداخل خضراوتيها التى غابتا خلف تلك النشوة وانفاس كل منهما تلفح وجه الآخر وهما يلهثان بقوة وصدراهما لا يتوقفا عن الإرتطام ببعضهما
اقترب منها اكثر ودفن وجهه بعنقها بمجرد وضع شفتيه على عنقها المرمرى انتفض جسدها وأصبحت خفقات قلبها تخفق بقوة هائلة ، ظل يلثم عنقها بروية لثمات رقيقة صغيرة يفرقها على طول عنقها منخفضا قليلا لاثما نحرها البض الظاهر من مقدمة كنزتها تلك القبلات الناعمة ، ذقنه النابتة التى تحتك ببشرتها ، وانفاسه الدافئة شتتوا كيانها بأكمله لتجد يديها بجرأة بحتة تذهب لأزارار قميصه تفتحهم واحدا يلو الآخر ليرتفع بجسده عنها بانفاس متلاحقة ما إن تبين له ما تقوم به حتى انضمت يديه إليها يفتح ما تبقى حتى انتهيا وخلعه من عليه والقى به ارضا وعاد من جديد إليها ملتقطا شفاهها وهى تتحسس ظهره بيديها بلمسات زادت من تلك النيران بداخله
ليرتمى فوقها بثقل جسده محتضن جسدها وهو يفرق قبلا على سائر وجهها وأنخفضت واحدة من يديه قابضا على كنزتها ليحلها عنها وبالطبع ارتفع بها وهى ساعدته فى ذلك ليتوقف عما يشرع لفعله على طرقات فوق باب الغرفة ليشعر بها تتحرك مبتعده عنه ليمسك ذراعها ويجذبها إليه قائلا بحشرجة وانفاس ساخنة
–متقوميش
ابتلعت وهى تنظر إليه ومازالت دقات قلبها تخفق بشدة لتردف بهمس وهى تضع يدها فوق صدره لتشعر بشدة عضلاته إثر لمستها
–هشوف مين
هز رأسه برفض واقترب من أذنها وهى يمرمغ جانب وجهه بجانب وجهها الملتصق به وغمغم بهمس
–اللى برا هيزهق وهيمشى خليكى فى حضنى متقوميش
كادت تتحدث ليأتيهما صوت "أسيف" من وراء الباب بصوت مرتفع قليلا متسائلة
–طيف انتى صاحية ؟
أغمض عينيه بغضب وزفر لتبتسم هى على هيئته ثم اقتربت منه وقبلت وجنته وقالت بخفوت
–مش هينفع مردش عليها "داعبت ذقنه بأناملها ثم استطردت برقة وهى تقضم شفتها السفلى" مش عايزه ابعد عنك بس أسيف طالما جيتلى تبقى عايزانى فى حاجة مهمة
أومأ باقتضاب واقترب وقبل جبهتها وأسند جبهته فوقها لثانيتين وهو يتنهد محاولا إخماد تلك النيران التى تأججت بداخله ، ثم ابتعد عنها ناهضا من فوق الفراش ملتقطا قميصه ، نهضت هى أيضا وانفاسها أخذت فى التباطؤ وهندمت ملابسها وهى ترمقه بعشق يندلع من عينيها ، انتهى من غلق أزرار القميص ثم توجه للحمام فى حين ذهبت "طيف" لفتح الباب وابتسمت لها ابتسامة صغيرة سريعا ما اختفت عندما رأت "أسيف" وهى تدلف بملامح تبدو مستاءة من شىء ما وقالت
–كل ده يا طيف عشان تفتحى
رطبت شفتيها ثم قالت بتوتر لم تلحظه الأخرى وهى تعبث بخصلاتها
–أص. اصل كنت بغير هدومى
زمت شفتيها بضيق وهى تفرك أصابع كفها وتشجعت لتردف
–عايزه اتكلم معاكى شوية يا طيف ، انا..
توقفت عن استرسال كلماتها عندما رأت "مجد" قادما نحوهما ويبدو انه كان بداخل الحمام لابتلال خصلاته قليلا من مقدمة رأسه ليبتسم لها ابتسامة لم تلامس عينيه وقال بنبرة رخيمة
–ازيك يا أسيف
حاولت الابتسام له وردت وهى تحيد بنظرها عنه
–الحمد لله "حكت عنقها وتابعت بتردد" حمد الله على سلامتك
ابتسم بمجاملة ثم تشدق بجدية
–الله يسلمك "حول نظره ل"طيف" ثم قال وهو ينظر لها نظرة مليئة بمشاعر كانت حبيسة بداخله" هنزل الجنينة شوية اعمل كام مكالمة
أومأت له وهى تبتسم باتساع وتشعر بسعادة عارمة تتوغل بداخلها غادر الغرفة وهى تتابعه بعينيها حتى اختفى لتذهب حينها ل"أسيف" التى أحست انها قطعت عليهما خلوتهما لتقول بخجل وهى تنظر لأسفل
–آسفة يا طيف مكنتش اعرف ان مجد هنا افتكرته لسه عند بابا
نظرت لها بعتاب مصطنع ثم قالت بنبرتها المازحة
–آسفة ايه يا بنتى مالك ايه الاحترام ده مش متعودة عليكى كده "ثم تابعت بكذب وهى تنظر بعيدا عن عينيها كى لا تستشف كذبها" وبعدين هو كان نازل اصلا
لم يغب عن "أسيف" تغير ملامحها وهى تقول جملتها الأخيرة لتعلم انها تراوغ ولكنها لم تهتم لذلك الأمر كثيرا لأنها تود التحدث إليها فلن تقدر على التحدث مع أحد غيرها بمثل ذلك الأمر ، لاحظت "طيف" شرودها لتقوم بلكزها بخفة فوق ذراعها ثم تساءلت
–ايه روحتى فين وايه اللى كنتى عايزه تكلمينى فيه اصلا ؟!
توترت ملامح "أسيف" وحركت اهدابها لعدة مرات لتتعجب "طيف" من حالتها المتغيرة تلك منذ دخولها وكادت تتحدث لتسبقها الأخرى التى تحدثت بتردد
–طب.. طب تعالى نقعد الأول عشان اعرف اتكلم
❈-❈-❈
واقف بالأسفل بالحديقة بمفرده بعدما هدأت وتيرة انفاسه وتلك الإثارة التى كانت متملكه من كل ذرة بكيانه والتى حاول جاهدا ان لا تظهر عليه امام اخته ، واضعا يديه بجيبى بنطاله يتنهد من الحين للآخر شعور بداخله يدفعه للصعود إليها مجددا وأخذها بأحضانه غير آبها بأخته ولا بأى أحد كان ، يقسم ان ما عايشه معها بالدقائق الفائتة لم يعايشه بعمر كاملٍ عاشه مع تلك العتمة بداخله التى هشمت قلبه ، لم ولن يستطيع ولا حتى فى احلامه أن يبتعد عن ذلك القلب الحانى مجددا الذى لا يتوقف ولا يمل عن إغداقه بمشاعر حرم نفسه لسنوات عدة من الشعور بها ، توسلات عينيها وهى تنظر له أن لا يبتعد عنها مجددا تجعل قلبه ينفجر قهرنا عليهما وعليه قبلها ، لو فقط تعلم بعشقها الذى أصبح أسيرا له لمَا خشيت يوما بعده عنها
هى ليس لديها أدنى علم بذلك الصراع المحتدم بداخله لتأتى هى وتجعله مشتتا أكثر بين رغبة قلبه وإرادة وإجبار عقله ، مشاعره وأفكاره ، عشقه لها ورفضه الضعف والإحتياج الناتجين عن ذلك العشق ، أنّى يحيا ذلك القلب الذى فرض عليه العيش بداخل ظلام أفكاره وعتمة ماضية ، ليرأف به ويتركه ولو لمرة واحدة لما تمنى أن يجده يوما معه ، ليتركه لذلك الضوء الذى بدأ بالتسلل إليه وأخذ يضيئه رويدا رويدا ، ليرأف بروحه الممزقة ليحل وثاقه عنها ويجعل جروحه تلتئم مع تلك التى تملتكه قلبا وجسدا ، حسنا سيخضع هذه المرة لرغبة قلبه ورغبته هو الآخر سيبقى معها ويستسلم لحاجته لها والمكوث بجانب قلبها النابض له وبقربه
يشعر انها لن تبعتد كما البقية ، قلبه يخبره انها ستبقى معه ولن تتركه مهما حدث لن يُترك بمفرده بين طيات شجنه مجددا ، يشعر ان وجودها فى حياته بعد كل تلك السنين ليس إلا تعويضا له عن كل ذلك الحزن الدفين الذى ظل بداخله ينهش بكل انش به ولم يرحمه ، تنهد مجددا بألم على سنين أهدرها داخل وطأة ماضيه الغابر ، ظل يأخذ انفاسا طويلة لصدره علها تهدئ من ذلك الجحيم المتقد به ، استمع لحمحمة أحد خلفه فاستدار له ليجده "عدى" الذى ابتسم له بلطف ومد له ذراعه وقال
–ازيك يا مجد ولا اقول Mr مجد
ابتسم بمجاملة ومد ذراعه هو الآخر ملتقطا يده فى سلام واجابه بصوت رخيم
–طالما مش فى الشركة يبقى مجد بس
اكتفى بالإيماء برأسه ثم هدر بحبور وقليل من المرح
–حمد الله على سلامتك ، معرفتش اسلم عليك اول ما جيت طيف اتشعلقت فى رقبتك ومرضيتش تسيبك
لم يستطع منع الابتسامة على ذكره تعلقها برقبته ورد عليه بملامح مرتخية ونبرة هادئة
–الله يسلمك
حك عنقه بحرج مصطنع ليقول بمزاح لتلطيف الأجواء بينهما وتمهيدٍ لما سيستطرده فيما بعد
–ماليش عين أسألك طيف عاملة معاك ايه زمنها مطلعة عينك انا عارف
ضحك بخفوت ثم حرك رأسه بإنكار وقال بصوت مازال عليه آثار ضحكه
–لا مش مطلعة عينى متقلقش
–عارف "استدعى انتباهه ثم أطنب قائلا" انا كنت معترض على جوازكوا ، لحد من فترة قليلة عرفت ان طيف عايزه تكمل معاك استغربت وقتها وافتكرتها مجنونة او حتة عِند من بتوعها بس اما شوفت فرحتها برجوعك النهارده أكدتلى انه مش جنان وان حزنها اللى كنت شايفه فى عينيها الفترة اللى فاتت دى كلها كان عشان انت بعيد عنها ، "أخذ نفسا مطولا وزفره ثم تابع بهدوء بنبرة غلفها التوسل" انا موصتكش عليها فى اول جوازكوا يمكن عشان كنت شايف انه مش هيكمل بس دلوقتى لو هوصيك بحاجة فهى انك تخليك حنين عليها وأرجوك متجرحهاش طيف تبان جريئة وعندية بس صدقنى جواها بنت رقيقة بتتأثر من أقل حاجة
رد عليه بلهجة مالت للجدية ولكنها تحمل بين طياتها العشق الذى لم يستطع ان يواريه ولاحظه عدى منذ جاء بذكر أخته مصحوبا بلمعة عينيه وملامحه التى لانت بشكل تعجب له
–متخافش ، زى ما انت صاين أختى انا هفضل صاين أختك وهحطها فى عينيا
ربت على جانب ذراعه برفق ثم قال بهدوء وابتسامة صغيرة
–تصبح على خير
زفر بإرهاق ثم تمتم وهو يعود بنظره أمامه
–وانت من اهله
ظل يتطلع امامه بعينين زاغتا بالألم وخاطب نفسه بعاطفة قوية
–عمرى ماهقدر اجرحها لو تعرف الوجع اللى بحسه جوايا لما بشوف دموع فى عينيها لو تعرف هى بقت بالنسبالى ايه مكنتش جيت طلبت منى انى مجرحهاش ولا كنت وصتنى عليها فى الاساس
❈-❈-❈
نظر لها وهو ينفث دجان سيجارته بنظراته الشهوانية المتفحصة لكامل جسدها بينما هى واقفة أمام المرآة تمشط خصلاتها وهى ترتدى ثوب نوم يظهر أكثر مما يخفى لإرادته هو فى ذلك ، وضعت المشط فوق التسريحة وتوجهت نحوه بخطوات متمهلة ويظهر عليها طيف تردد كلما اجتمع بها ، تعشق قربه ولمساته لها رغم عنفه احيانا بل غالبا معها ولكن ما تكرهه هو علاقتهما التى تُوضع تحت بند الزنا ، رأى ذلك الشرود الذى يظهر عليها مؤخرا كلما جاء لها ولكنه لم يهتم كالعادة لتفيق من أفكارها على صوته الجافى المتجرد من أى ذرة إحساس واحدة وهو جالس بهيمنته فوق الأريكة واضعا قدم فوف الأخرى بمنتهى الكبر
–مش يلا ولا ايه ؟!
كادت تتحدث لتنتبه على صوت رنين هاتفه لتقول باستفتسار وهى واقفة بجانب قدماه وتومئ له بحاجبيها تجاه الهاتف
–طب مش هترد الاول ؟
نفث دخان سيجارته مطولا ثم انحنى للأمام بعدما انزل قدمه أرضا بجانب الأخرى وأطفأ السيجارة بالمطفأة الموضوعة فوق الطاولة امامه ثم تكلم
–لأ مش هرد
سحبها من خصرها وأوقعها فوق قدمه وشدد من قبضته فوق خصرها لتتأوه بخفوت ليحتس بتثاقل انفاسه وبلمح البصر كان أخذا شفاهها بين شفتيه وما يزيده رغبة بها ذلك الأنين الصادر منها الناتج من حدة تقبيله ليزمجر وهو يتعمق أكثر بتلك القبلة التى من الواضح انه لا يريد لها ان تنتهى ، ما جعله يبتعد عنها ويرحم تلك الشفاه التى قاربت على التمزق بين شفاهه هو استماعه لرنين الهاتف مجددا ليعترى وجهه الغضب بينما هى شهقت بقوة ووجهها امتلأ بحمرة نتيجة اختناقها وعدم وصول الهواء لرئتيها لمدة طويلة ، اجتذب الهاتف واشار لها لتنهض من فوق قدمه بينما وضع هو الهاتف على أذنه وقال بغضب مكتوم
–نعم
ليجد صوت رجولى بلكنة إنجليزية رسمية للغاية يتحدث إليه ويتساءل
–سيد عاصم معى ؟!
أجابه بجمود وهو يعتدل بجلسته وقد اعترى ملامحه التساؤل
–نعم أنا ، من معى ؟!
وصل إليه صوت الرجل بنبرة هادئة
–انا الطبيب المختص بحالة والدتك
ابتلع وهو يشعر بدقات قلبه أخذت فى التسارع ليتساءل بلهفة لفتت انتباه الماكثة بجانبه تتابع الموقف بصمت تام
–ما الأمر ، أليست بخير ؟!
اجابه الطبيب باعتذار وأسف طغى على كلماته وباغته بقول ما لم يرد يوما أن يستمع إليه
–اعتذر ، لكن والدتك قد توفت منذ ساعة بسكتة دماغية
وقع الخبر عليه كوقوع الصاعقة ، أخفض الهاتف من فوق اذنه وهو مثبت عينيه امامه لتتعجب "داليا" من حالته وأحست بالخوف بدأ بالتسلل لقلبها لتضع يدها على ظهر كفه الممسك بالهاتف وتساءلت
–فى ايه يا عاصم مين اللى كان بيكلمك
تكلم بخفوت ونبرة تائهة عقله لا يستطيع إسعافه وتصديق ما قيل له
–ماما
عقدت حاجبيها بغرابة وهى تنظر إليه وتابعت فى تساؤل
–هى اللى كانت بتكلمك
حول نظره إليها ولأول مرة ترى تلك النظرة بعينيه وما صدمها أكثر تلك الكسرة بصوته ودموعه المعلقة بين جفونه
–ماتت.. ماما ماتت
خرجت شهقة قوية منها وهى تومئ برأسها بعدم تصديق وقالت بصوت قارب على البكاء
–طنط نيرة.. لأه
وضعت يدها فوق فمها تكتم شهقاتها بعدما انهارت باكية بينما ظل هو ناظرا امامه دموعه تأبى النزول لا يدرى هل يستلهم القوة من داخله كى لا ينهار مثلها ام هذه القوة تبخرت وفارقته كما فارقته والداته هل سيصيبه الخور والإنكسار بعدها ، ولكن بالفعل ما يتأكد منه ان هذا الجرح الذى يشعر بها الآن بداخله لن يندمل نهائيا بل سيتفاقم وسيظل ملازمه مدى حياته
❈-❈-❈
دثر نفسه بداخل الأغطية بجانبها بعدما صعد من الحديقة ووجد الإضاءة مغلقة ليعلم انها قد غفت ، تنهد وأغمض عينيه وهو مفترش الفراش بظهره ليفتح عينيه عندما وجدها توسدت ظهرها وأحاطت خصره بيدها ليسألها بخفوت وتفقد
–صاحية ؟؟
لم تجيبه ويبدو انها نعسة فعلم انها حركة تلقائية منها أثناء نومها انشق ثغره بابتسامة ثم رفع يده وابعد خصلاتها من فوق جبينها لتهمهم وهى تحرك رأسها فوق صدره ، قرب وجهه من رأسها وقبل مقدمة رأسها قبلة مطولة وضمها إليه بذراعيه ثم عاد برأسه للخلف مجددا وأوصد عينيه وهو يشعر براحة غريبة تسرى بداخله
ولكن جحظت عينيه بتفاجؤ عندما تطرق لأذنه كلمتها التى خرجت بخفوت
–بحبك
رغم علمه بعشقها له ولكن تصريحها بذلك ونطقها لتلك الكلمة بتلك الطريقة جعل دقات قلبه تتراقص على نغمة صوتها ، بينما قام بتمرير يده على ذراعها بلطف فى محاولة لإيقاظها وتساءل وهو متلهف لسماعها منها مجددا
–طيف انتى قولتى ايه ؟!
امتعض وجهها وصدرت منها اصوات تدل على ضيقها من ايقاظه لها وهى واصدة عينيها ليعيد هو سؤاله
–قولتى ايه يا طيف دلوقتى ؟
ردت بخفوت ونبرة متحشرجة والنعاس مسيطر عليها
–ماقولتش
امسك ذقنها بإصبعى السبابة والإبهام ورفع وجهها إليه مما أرغم عينيها على فتحهما والنظر إليه بينما كانت تنظر له بنصف عين ولعن نفسه على إيقاظها فهو لا يريد اتعابها ولكن لهفته لسماع تلك الكلمة مجددا تفوق تحكمه بأفعاله ليقول بتصميم وهو ينظر بداخل خضراوتيها اللتين بالكاد يتضح لونهما من بصيص الضوء المتخلل من النافذة وقال
–لأ قولتى
تكلمت بصوت خافت ناعم للغاية عشق اثره على مسامعه ليبتلع وهو ينظر لشفتيها وهى تتحرك بتلك الطريقة المستاءة لتشبه الاطفال
–عايز ايه يا مجد بقى انا عايزه انام
ابتعدت من فوق صدره واستدارت واعتطته ظهرها ليقترب منها واتكأ على ساعده وهو مقرب وجهه من جانب وجهها وظهرها ملتصق بصدره ليتابع بمزيد من التساؤل عن الشىء ذاته
–عايز اعرف قولتى ايه
زفرت بضيق وهى مغمضة لتقول بصوت بدا عليه الزهق
–مش عارفة قولت ايه ممكن كنت بحلم.. سيبنى انام بقى
اختفيا من عينيه تلك الومضة والحماس ليستمع لتصريحها بعشقه مجددا ليجذب جسدها إليه ويعود بظهره وهو ضاممها بذراعه ثم استطرد قائلا بصوت أجوف ملئ بعاطفته التى لم يعد يستطع مواريتها
–طب تعالى نامى هنا
وضعت ذراعها فوق صدره ليقبض على يدها وقربها من فمه وطبع قبلة رقيقة فى راحته ووضعه مجددا على صدره وهو محتفظا به بيده ثم أغمض عينيه وهى ينعم بدفء جسدها فوق جسده وظل يعيد تلك الكلمة برأسه مرارا وهو يشعر بنشوة شديدة تملكته إلى أن غفا هو الآخر
يُتبع . . .