-->

الفصل الثاني والأربعون - ظلام البدر - دجى الليل

  


الفصل الثاني والأربعون


"تفتكري راح فين يا شاهي؟!" تحدثت نورسين في قلق بعدما عرفت أنه قد غادر للتو

"معرفش.. أصل ده مجنون وشكله كده هيطلع جنونته.. بس بجد ربنا يُستر.. استني كده أبص عليه" هرولت شاهندة لأحدى النوافذ لتراه يشرع في قيادة سيارته في جنون وقد استمعت لذلك الإحتكاك العنيف لإطارات سيارته بالأسفلت

"لا فعلاً ربنا يُستر"

"شاهي أرجوكي متخوفنيش.." صاحت في ارتباك

"بصي أنتي خليكي هادية خالص، وخلينا نهدى كده، احنا يا بنتي الساعة عندنا تسعة ونص الصبح.. أنا لحقته قبل ما ينزل الشركة أصلا.. أنتي تدخلي تنامي كده والصباح رباح، تكون الدنيا ليلت عندنا وهاجبلك الخبر اليقين متقلقيش"

"يوووه بقا يا شاهي، أنام ازاي بس.. أنا هموت وأعرف رد فعله ايه، يعني هيرجع ولا متعصب ولا بيفكر في ايه"

"يووه بقا يا شاهي" صاحت مقلدة اياها "اتكلمي ياختي زيه اوي، اديكي واخدة على عينك اهو.. نور بقولك ايه، اتقلي كده واهدي ومتجنينينيش أنا أصلاً مش مطمنة.. فحاولي كده تصبري ساعتين تلاتة، تلاقيه راح اي حتى يهدى ولا يفكر هو هيعمل ايه لأنه زمانه مولع، نديله وقته وكلها شوية وهنعرف عمل ايه"

"مش قادرة استنى بصراحة، أنا كنت فاكرة انه ممكن ياخد منك الموبايل، يزعق، يعمل اي حاجة.. مش يمشي كده وخلاص"

"بقا ملك الكون الغامض الصامت القامت هتعرفي هو ناوي على ايه؟ ده يوم ما دخلنا في موضوع وفاء أنا استغربته"

"يووووه بقا وفاء ايه بس، ده أنا نسيت خلص إني هفاتحها في موضوع عربيات الأمن بكرة"

"عرفتي بقا إنك محتاجة تنامي؟ اتفضلي بقا خدي بعضك ونامي.. أنتي عارفة إن فيه فرق ست ساعات ما بينا يعني الساعة بقت تلاتة ونص"

"يووه بقا!!" وضعت أظافرها بفمها وهي تحاول التفكير فيما قد يفعله وشعرت بالإرتباك "أنا عارفة إني مش هيجيلي نوم بس هحاول على قد ما أقدر"

"ماشي، وأنا حتى لو عرفت حاجة هبعتلك message ومتنسيش بكرة أول ما تخلصي مع وفاء تقوليلي بالحرف عملتي ايه، وزي ما فهمتك يا نور.. الست دي بقا احنا عايزين نخلص منها.. كفاية اللي عملته فينا وفي بدر"

"حاضر يا شاهي"

"يالا يا حبيبتي ادخلي نامي انتي دلوقتي ومتقلقيش" حاولت طمأنتها "تصبحي على خير"

"وأنتي من أهله.."

أنهت نورسين مكالمتها مع شاهندة وهي لا تستطيع النوم، تشعر وكأن عقلها سيجن، تشعر بالخوف كذلك، ما إن استمر في ابتعاده؟ هل يمكن أن يؤذي فارس؟ وماذا إن لم يعد؟ ماذا ستفعل معه إذن؟ لم يعد لدى فارس سوى اسبوعان على زواجه!!

يحترق عقلها من كثرة التفكير وهي قد جابت الغرفة ذهابا وإيابا.. حاولت النوم فلم تستطع، حاولت أن تتبين ردة فعله فلم تدرِ أيضا، تشتت بين أفكارها وهي تتململ بفراشها ولم يلمس النوم جفنيها حتى تستطيع بدأ يوم جديد..

--

سيطر على وجهه الوجوم والغيظ الشديد، ملامحه تُنبأ بالشر، يحاول منع نفسه عن التفكير بتلك الأفكار الشيطانية حتى لا يقتل ذلك المدعو بفارس، أما هي فلابد أنها نست من تزوجت، يبدو أنها بعد كل ما فعله معها لم تستطع معرفته بعد..

جلس بتلك الطيارة الخاصة التي كلفته ما يقارب ثروة باهظة فقط ليعود ليرى تلك الصغيرة التي لم يُكمل طلاقها منه ولو أسبوع واحد!! يحاول أن يكف عن سحق أسنانه ولكن لا يستطيع، يحاول أن يهدأ من أنفاسه المتثاقلة غضبا، تناسى كل شيء، علاجه وتلك العاهرة التي ولدته، عائلته، نسى كل شيء وفقط لا يريد إلا أن يرى وجهها وهو يعيدها إليه مرة أخرى!!

إن لم يكن برضاها فبالإجبار، لقد تركها فقط لأنه كان خائفاً من نفسه أن يضرها، ولكن الآن أتريد هي أن تُصبح مع رجل آخر سواه؟ هذا لن يسمح به أبدا..

تفقد الوقت بساعة يده ليجد أنه أقلع منذ نصف ساعة فقط وتبقى من وقت الطائرة ما يقارب من تسع ساعات ليعقد قبضتاه في غضب وهو يحاول أن يُفتش بداخله عن تلك القدرة التي يستطيع أن يصمد بها إلي أن يراها مرة أخرى..

عليه أن يهاتف الحراس حتى يعلم أين هي، أبمنزل عائلته أم بمنزلها هي؟ أيُعقل أنها ستستكمل الأعمال مع وفاء؟ عليه أن يعيدها إليه تحت أي مسمى، لن يتركها لتلك العاهرة، لن يتقبل أيضا عناد تلك الصغيرة، هي لا تعرف بعد ذلك التملك بداخله لم تختبره من قبل وسيدعها تلك المرة لتراه بنفسها..

ضرب الكرسي جانبه بقبضته وهو يتذكرها بذلك الفستان الأحمر الذي كشف أكثر مما ستر وهي جالسة بجانب فارس لتتثاقل أنفاسه الغاضبة في تهدج كالبخار المتصاعد من شدة الغليان، ولم لا؟! فدماءه كانت تغلي بالفعل وهو على وشك الإنفجار بأي لحظة الآن!

ولكن كيف له أن يتحمل تلك الساعات؟ كيف له أن يصمد وهو غارق بمحاولة صد ذلك الإحتياج ليقتل ذلك العاهر، لماذا وثق بأنه لا يريد التزوج بها منذ البداية؟ لماذا كان ساذجا بتلك الطريقة؟!

لا لا، لن يفكر ولن يكترث بأنها قد ترفضه، أنّى لها هذا؟ إن لم تتعقل وتتقبله مجددا سينفجر بوجهها كالبركان الثائر ولتتحمل هي نتيجة أخطاءها إذن.. سذاجتها أدانتها أمامه، لتتحمل نتيجة أفعالها..

ولكن هو من ابتعد بالبداية، هو من تركها خلفه وحدها، حسنا.. لقد كان غبي للغاية، هو يعترف بذلك أمام نفسه، غبي مثلما نعتته بأول يوم وقعت به عينيه عليها بالمرأب، ولكن لن يحدث كل ما تحاول تلك الصغيرة أن تفعله، لن يتركها ولن يراها مع رجل آخر سواه حتى مماته..

شرد بين أفكاره التي مزقت عقله الذي غلت به الدماء وكاد من يراه القسم بأن ملامحه تحترق من حُمرة الغضب، أمّا عن هاتان الثاقبتان فلن يستطيع أحد الصمود أمامهما حفاظا على استمرارية حياته!!

--

شعرت بالإرهاق وهي تدلف مكتبها فهي لم تستطع النوم منذ البارحة.. لم تعرف هي ولا شاهندة إلي أين ذهب بدر الدين، لم تستطع التنبؤ بعد بما قد يفعله، لقد ظنت أن الأمر سيكون أسهل ولكنها لم تعلم شيء بعد!

نهضت وهي تُمسك بعض الأوراق الأخرى وبضع أقراص مدمجة عليها ما أعدته حتى تُقنع وفاء بضرورة شراءها تلك السيارات حتى تبدأ في خسارة جميع ما تملك كما خطط الجميع.

"وانتي بقا العيلة اللي بعتوهالي.. جرا ايه معندكوش رجالة ولا ايه؟!" تسائلت وفاء بتهكم لتبتسم لها نورسين ابتسامة لم تلامس زرقاوتاها

"لأ.. سايبين الرجالة للتقيل.. ده احنا حتى جايين نتكلم في شوية فكة!!" ازدادت ابتسامتها المتهكمة وهي تنظر لها بكراهية شديدة فهي لا تزال تتذكر تلك النظرات منه وتلك الكلمات التي أهانها بها فقط لظنه أنها تُشبهه.. ولكن لا، لن تدعها تظن أن حفنة أموالها قد تساوي شيئاً يُذكر..

حاولت أن تسيطر على ذلك الشعور الذي يحدث لا كلما نظرت لتلك المرأة لارى بها نسخة أخرى من زوجها، لا تدري أتكرهها أم تتوسل لها لتبقى أكثر، فملامحهما طُبعت وكأنهما توأمان..

"الـ presentation اللي قدامنا بيوضح نبذة صغيرة عن دور الأمن في المواقع المتعاقدين معاها" نهضت وهي تتجول بذلك الزي العصري وحذاءها ذو الكعب العالي وأخذت تمشي بأنوثة لتنظر لها وفاء في غل وحقد

"مثلا بجانب الـ Guards و Managers و K-9 Units، عندنا بردو sentry apc ودي عبارة عن عربيات خاصة للأمن، بتكون مُصفحة ومجهزة بوسائل كتير يقدر يستخدمها أفراد أمن الموقع علشان حماية الـ residents (السكان)، طبعا المواقع اللي حضرتك متعاقدة عليها هما خمسة، محتاجة على الأقل في كل موقع من عربيتين لتلاتة.. وسعرها بيبتدي من 600 ألف جنيه لغاية 800.."

"800 ألف عفريت لما ينططوكي!!" قاطعتها لتصدح نورسين ضاحكة

"دي شوية فكة يا مدام وفاء" رفعت حاجباها وهي تسخر منها

"ما نأجرهم.. نشتري ليه عربيات بملايين ليه.. أنا مش موافقة على الكلام ده" صاحت في انفعال

"في البند التاسع شروط الشراكة اننا نحافظ على الطرف التاني اللي هو حضرتك لازم يحافظ على صورة ومستوى الطرف الأول اللي هو الخولي Holding.. لو أجرنا العربيات سمعتنا هتضر جامد.. أصلا السعر ده بالنسبة لإستفادتنا بالعربيات دي ولا حاجة.. فشوفي حضرتك تحبي تقرري ايه.. احنا مش هينفع نقل بمستوانا لموضوع الإيجار ده" نظرت لها بآسف مصطنع ليزداد غضب وفاء

"ممكن نجيبها بالقسط!"

"قسط؟!" ضحكت لتستفزها أكثر وحاولت التوقف بصعوبة "للأسف مش هينفع.." همست بين ضحاكتها وكأنها لا تستطيع التحدث

"ما تتلمي جرا ايه مالك؟! ولا اللي مشغلك مش معرفك مقامك.. قومي اندهيه وأنا اعرفه مقامه كويس!! ولا هو جبان ومش قادر يواجهني؟!" صرخت بها في عصبية لتشعر نورسين بالغضب الشديد من حيثها وعلمت جيداً أنها تقصد بدر الدين

"اللي مشغلني لولا موافقته مكنتيش عتبتي الشركة دي برجلك.. اتكلمي بإحترام احسنلك!" أخبرتها بجدية

"وهو انتي محترمة؟ روحي غوري من وشي.."

"أنا بردو اللي أغور من وشك.. اللي متعرفيهوش إنك في شركة جوزي!" رفعت احد حاجبيها مهددة اياها "لو حابة تغوري أنتي اتفضلي محدش هايمنعك.. ولعلمك يا.. يا وفاء، أنا عارفة كل حاجة عنـ.."

"ايه في ايه وايه الصوت اللي سمعته ده؟!" دلفت هديل لتقاطعهما وملامحها جامدة

"حتة العيلة دي متتعاملش معايا تاني" صاحت وفاء بإنزعاج

"معلش بردو بس أنا شايفة إن الشراكة دي مش قد المقام، هتقلل من مستوانا جامد، لو شايفة أن الموضوع مناسب القرار يرجعلك.. بعد اذنكم"

توجهت للخارج على الفور تحت أنظار كلا منهما وهي إلي الآن لا تُصدق أنها لم تستطع السيطرة على أعصابها أمام تلك المرأة، لقد حاولت التحلي بالقوة والرسمية، لقد حضرت اليوم بكامل أناقتها أمامها لتبين لتلك العجوز المتصابية أنها لم تعد بمثل ذلك الجمال وأن تلك الصغيرة ستنهيها ولكن لماذا لم تسطع مواجهتها كما يجب؟ أهذا لأنها لا تستطيع فعلها أم هذا لأن عقلها كان بمكان آخر تماما؟! لقد تمنت أن تقتلها بيديها ولكن أعصابها المتوترة لا تتركها لتتخذ القرار والتصرف الصحيح!

تفقدت هاتفها في لهفة فلم تجد شيئا فحاولت الإتصال بشاهندة التي لم تجبها لتدرك أن لربما تأخر الوقت وقد ذهبت للنوم فتنهدت في حُزن وهي لا تدري ما الذي عليها فعله! تشعر وكأنها لا تقدر على مواجهة أحد، تريد أن تختفي عن أعين الجميع، لن تقدر على النظر بتلك الأعين المتسائلة عن وضعها هي وبدر الدين.. قررت أن تغادر لمنزلها حتى تبتعد عن الجميع ولربما تستطيع أن تُصبح أفضل..

--

دلف داخل منزلها بعدما علم أنها ستعود لمنزلها وانتظرها لتمر عليه تلك الدقائق وكأنما سكين بارد يُغرس بقلبه، أخذ يجوب ذهابا ومجيئا بصالة الاستقبال منتظرا عودتها ربما للمرة الآلف، يشعر وكأنما الغضب يفتك به، لا يريد أن يواجهها أمام أحد، لقد انتظر طوال اليوم بأكمله حتى يراها، لماذا تلك الدقائق هي الأصعب عليه؟!

حاول تنظيم أنفاسه المتهدجة غضبا ولكن دون فائدة! حاول أن يسيطر على ذلك البركان الثائر بداخله ولكن لم يستطع! غضبه لم يكن مثل قبل، يشعر وكأنه إن لم يتملكها ثانية سيخسر كل شيء بحياته، يدري بقرارة نفسه أنه ليس غاضبا فحسب، هو متأكد أنه خائف، يشعر بالرعب من مواجهة تلك الزرقاوتان اللتان فضلتا احد الرجال عليه منذ ساعات!!

دلفت منزلها في تأني وهي شاردة تماما بكل ما مر عليها اليوم ثم التفتت لتوصد الباب لتجد زوج الثاقبتان التي قد اشتاقت لهما بتلك الثماني أشهر اللعينة تحدق بخاصتيها الزرقاوتان، شعرت وكأنما الوقت توقف حولها وكذلك أنفاسها، بل الدماء بعروقها، دمعت عيناها، هي لا تُصدق حقاً أنها نجحت.. هو أمامها، لقد آتى من أجلها، لا زال يُحبها وقد شعر بالغيرة من كل ما فعلته.. كادت أن تبتسم له بعدما تأثرت ملامحها ولكن تلك النظرة بعينيه كانت مُرعبة، لم ينظر لها بتلك الطريقة من قبل، حتى بتلك المرات التي عذبها بها منذ الكثير من الوقت.. وبالرغم من كل ذلك الذعر الذي تبعثه تلك السوداوتان بالنفوس لم تكترث البتة.

ظل يقترب منها وهو يشعر بالخوف والغضب بآن واحد، ماذا سيخبرها؟ كيف سيمتلك الشجاعة لكي يتحدث لها؟ ابتلع في تردد وهدأت خطواته ولكن ملابسها تلك التي تظهر مفاتنها بل كل ما فعلته تلك الصغيرة أنساه خوفه وتذكر غضبه! يجب عليها أن تعود لرشدها وتتذكر من هو بدر الدين!

"اياك تقرب مني"

صاحت بإنفعال لتمنع اقترابه منها عله يتوقف ولقد ظنت لبرهة أنه قد يتوقف بينما رآته يُسرع مجددا ولاحظت عدم إكتراثه أما هو وخاصةً بعد رؤية تلك النظرة بزرقاويتيها ولاول مرة تبدو غير خائفة منه.. حسنا.. ذلك لحسن حظها إذن، عليها فقط أن تُكمل للنهاية وتكون شجاعة بمثل تلك النظرة!

ضيق عيناه وظل يقترب منها بخطوات سريعة ثم أمسك بكلتا ذراعيها ونظر لها بمنتهى الغضب وتعالت أنفاسه في لهاث حتى شعرت هي بملامسة أنفاسه الساخنة على وجهها التي اشتاقت لرائحتها أكثر من أي شيء، تمنت لو فقط احتضنته لها مرة أخرى، لماذا لا تستطيع أن تهرول نحوه وتبكي بصدره من كل ما فعلها به؟ لا!! لن تخاف منه هذا المرة ولن تكون ساذجة مجددا لن يبعثرها ذلك الإشتياق لتفعل كل ما تمنته وستكون قوية!!

"أنت مبتفهمش.. متلمسنيش!! ابعد عني!" 

صرخت به ليزداد هو غضبه وهو لا يُصدق ملامحها التي تحولت تماماً لتبدو ملامح إمرأة بالغة الآن وليست طفلته التي أحبها

"أنت مش طلقتني.. جاي تاني ليه، أنا دلوقتي ست مخطوبة و... آآه" 

لم تُكمل بعد أن قاطعها بتلك الدفعة ليرتطم ظهرها بالحائط خلفها

"مخطوبة!! هو ده اللي كنتي عايزاه من الأول مش كده؟!" تحدث لاهثا بين أسنانه المُطبقة

"وأنت مالك أصلا بيا وأنت سايبني تمن شهور بحالهم.. اتفضل ابعد عني وأخرج برا أنا مش عايزة أشوفك تاني.."

"لكن عايزة تشوفيه هو مش كده؟!" صرخ بها وهو يزيد قبضتاه حول ذراعها 

"بس مش هانولهالك" ابتسم لتبتلع هي من تلك النظرة التي انهالت من عينيه وشعرت بالخوف وتهدجت أنفاسها في ارتباك!

"أنت بتعمل ايه؟ ابعد عني" صرخت به وهو يمزق تنورتها التي انتهت قبل ركبتيها دون أن يكترث بمحاولات فرارها من قبضته على ذراعها ثم أكمل ليمزق ذلك القميص الرقيق الذي لم يستطع حتى إخفاء نهديها

"مش عايز اسمعلك صوت" تحدث بغيظ بين أسنانه الملتحمة لتحاول هي ايقافه بيدها التي لا يُمسكها ولكن دون جدوى

"أنا اللي مش عايزة اسمعلك صوت وامشي اطلع برا!! أنا بكرهك، مش طايقة أشوف وشك" 

نظر لها مندهشا رافعا حاجباه بإبتسامة ساخرة مرعبة بعثت الخوف لها ولكنها حاولت أن تبدو غير متأثرة

"طب استني بقا لما أخليكي تكرهيني صح" أخبرها ثم أخذت يده تحرر جسده من بنطاله لتتعالى أنفاسها أكثر

"أنت بتعمل ايه؟ أنت اتجننت؟!" توسعت عيناها في دهشة مما يفعله

"متجيش جنبي اياك تـ... امشي اطلع برا!!" صرخت به ولقد تلعثمت لثانية عندما أدركت وفهمت ما يحاول فعله ولكنها لم تكن تتصور ذلك أبدا، لقد ظنت أنه لربما سيأتي غاضبا وسيصرخ بها ولكن أن يمارس معها الجنس أول ما يراها، هذا ما لم يكن بحسبانها.

"عايزة تعرفي أنا بعمل ايه؟ أنا اعرفك كويس!" 

أقترب منها ليحمل جسدها مُجبرا ساقيها على الإبتعاد وفي لمح البصر ازاح سروالها التحتي وهو يسند جسدها للحائط بثقل جسده ثم رآته يقطع غلاف ذلك الواقي بأسنانه واتم الأمر في ثوان.. 

لم يكترث لأنفاسها التي بدت خائفة الآن، لم يكترث لصياحها الممانع والرافض، لم يكترث سوى لتملكها مرة أخرى وجعلها إمرأته مرة ثانية! ولكن بمنتهى العنف المرضي!

"هو ده اللي أنتي كنتي عايزاه مش كده؟! بتطلقي مني عشان العيل اللي رايحة تتخطبيله" 

دفع بها بقوة لاهثا بين أسنانه المُطبقة لتصرخ هي من شدة دفعاته، لا هذه لم تكن ممارسة من أي نوع، هذا كان انتقام خالص.

"آه.. أنا عايزة اتجوزه.. ارتحت؟ أشوفلي راجل بجد يحبني بدل اللي يسبني تمن شهور وحتى مسألش فيا" 

اختلفت نبرتها وهي لا تدري كيف له أن يتملكها دائماً بتلك الطريقة، كل مرة تفقد نفسها وتفقد القدرة على التركيز وهو يفعلها بها، ولكن لا، لن تستمع لقلبها تلك المرة، حتى ما يفعله بها لن يؤثر بها

"آآه.. ابعد.. عني.. أنا.. بكرهك!" 

صاحت بصعوبة بين أنفاسها المتهدجة التي توالت في سرعة شديدة بينما لم يرحمها هو.

"وأنا مش شايفاني راجل؟ عايزة غيري؟ عايزة واحد تاني؟ مش هاسمحلك يا نورسين، مفيش راجل غيري هيلمسك، أنتي بتاعتي، مراتي، وهتفضلي طول عمرك مراتي، واحد غيري لأ.. مش هايحصل، على جثتي.. والكلب التاني ده أنا هموته بإيديا هو وأي راجل تاني يفكر بس يبصلك ولو وصلت لأني احبسك هعملها، سمعاني ولا لأ؟!"

صرخ بجانب أذنها بكل ما أوتي من قوة وهو يلهث ليستمر بقسوة فوجدت نفسها تبكي ولكنه لا، لن يتخلى عن غضبه الآن! غيرته العمياء جعلته لا يرى سوى ضرورة الإنتقام منها بتلك الممارسة لا غير!

حمل جسدها ممسكا بخصرها وهو لازال بداخلها ليلقيها على أقرب أريكة ثم اعتلاها ليكمل ما بدأه ومزق ملابسها ليلتهم كل ما استطاع تلمسه بين أسنانه ليفترسها في شراسة ثم لعن نفسه على صرخات الآلم تلك التي أنهالت على أذنيه!

توقف لينظر لها ليجبر ساقيها على الارتفاع حتى شعر بقدميها تلامسان كتفه وأخذ ينظر لها ولتلك الدموع المنهمرة من زرقاويتيها اللتان لا يحب أكثر منهما بحياته ليشعر بغضبه يزداد تجاه كل ما يحدث!

"عايزة تسيبيني.. أنا مش هاسيبك أبداً" 

صاح متألما ليقترب من أذنها ولثم عنقها في همجية شديدة وهي لا تدري أتحضنه أم تدفعه بعيدا!

"زي ما أنت ما سيبتني.. أنا بكرهك يا بدر.. ابعد عني.. مبقتش طايقاك" 

توقفت عن بكاءها ولكن نبرتها الحزينة تلك قد مزقت قلبه لينعكس عنفه بتلك التلثيمات الماكرة التي تملكت كيانها بأكمله

"متزعليش مني.. أنا كان لازم ابعد" 

اختلفت نبرته الهامسة تلك المرة كثيرا لتشعر بآلمه بعد أن تحولت طريقته واختلفت لتشعر به وكأنه يمارس الحب معها وأخذ يُقبل عنقها بنعومة وخفت حدة قبضتاه عليها ولكنها لا لن تستسلم له بهذه السهولة..

"ده أنتي مصممة بقا!!" 

نظر لوجهها بعد أن شعر بها تحاول دفعه ولكنه لا لن يتركها تذهب من أسفله

"أنتي اللي جنيتي على نفسك!"

أمسك بكلتا يداها ليرفعهما فوق رأسها وثبتهما بيد واحدة ثم أقترب من شفتيها وهو يقبلها رغما عنها في نهم ضاري تام بعد أن حاولت هي الإفلات من قبلته محركة رأسها يمينا ويسارا كي تُفلت منه وبعد أن صدته بكل ما استطاعت من قوة خارت قواها بالنهاية ليستطيع انهاء هذه الحرب بتراقص السنتهما سويًا وشعرت به يجوب بفمها وبعد أن أوشكت أنفاسها على الإنقطاع وجدته يبتعد ليمسك بشفتها السفلى بين أسنانه يعض عليها بعنف بينما هي التقطت أنفاسها وتركت الهواء الممتزج بأنفاسه يتخلل رئيتيها.

"آه.." كانت دفعته تلك بمنتهي القسوة، لا لن تستطيع أن تتحمله بهذه الطريقة أبدًا وحتى ولو كانت تشتاق له 

"بدر أنت بتوجعني.."

"ما أنتي وجعتيني" تحدث لاهثا أمام شفتيها ثم حاوط عنقها بيده الأخرى ودفع بها بقسوة مجددا ليتعالى صراخها

"حلو الوجع مش كده؟ حلو لما أشوف جسمك باين وبتضحكي جنب واحد غيري وماسك ايدك.. حلو كل اللي عملتيه مش كده؟" 

صاح لاهثا لتبدأ هي في الشعور بالإختناق

"مش قادرة.. اتنــفس" همست وهي لا تُصدق ما يفعله بها وقاربت أنفاسها على الإنقطاع تماما

"ما أنا مكنتش قادر اتنفس من ساعة ما عرفت.. فرقت ايه يعني؟" 

ارخى قبضته حول عنقها ثم دفن وجهه بشعرها ليصبح فمه أمام أذنيها وهو لا يزال مثبتا ليداها فوق رأسها

"أنا كنت خايف عليكي.. كان لازم أعمل كل اللي أنا عملته ده، مكنتش عايز أوجعك تاني.. أنا بحبك.. بحبك أوي يا نوري.. كان لازم ابعد واتعالج وارجعلك إنسان احسن.. مفيش علاج للي بعاني منه هنا في البلد.. أنتي مكنتيش هتستحملي اللي أنا فيه، مش ذنبك إن إنسان قذر وسادي بالطريقة دي.. أنا آسف.. أنا كنت بتعذب وانتي بعيد عني.. أنا مقدرش اسيبك أبدا" 

أسرع من دفعاته بداخلها بينما شعرت هي بدموعه تنساب على عنقها لتجد نفسها هي الأخرى تبكي

"أنت كداب" همست بنبرة امتزجت بالحزن والشبق بآن واحد

"أنا استحالة اكدب عليكي.. متسبنيش يا نورسين.. أنا بس كنت محتاج وقت عشان أكون كويس.. عشانك. عشان مأذيكيش"

"بردو كداااب.." همست بصعوبة عندما أزاد من سرعته 

"لأ يا نورسين مش كداب.. أنا بحبــك و.. مش هاسيبك.. هتفضلي مراتي" 

همس بصعوبة هو الآخر وتآوه بين أسنانه الملتحمة وشعر بأنه قد قارب على الإنتهاء ولكنه تحمل لثوان ولم يترك لرجولته العنان إلا عندما شعر برجفتها أسفله ليسمح لنفسه بالخلاص ليرتجف في النهاية هو الآخر..

"وأنا.. بكرهك.. يا بدر، طلقني!!" 

لهثت هامسة له ولكنه لم يرى تلك الإبتسامة التي ابتسمتها فهو لا يزال دافناً وجهه بعنقها وشعرت بالسعادة بداخلها وآخذت تتخيل ما ستفعل به بعد عودته..


..يُتبع