-->

الفصل الخمسون والأخير - ظلام البدر - دجى الليل

 


الفصل الخمسون والأخير


نظر للجميع يضحكون سويا، البعض يلعب في طفولية، البعض يتحدثون بمواضيع تبدو شيقة، تنقلت عيناه السوداوتان بين تلك الأجيال المختلفة وهو يتمنى من طيات قلبه أن يظلوا معاً جميعاً..

ابتسم في راحة وهو يتذكر هذا المنزل.. منزل عائلته الذي طأه بقدمه في خوف منذ زمن بعيد، أصبح ملاذه الآمن، أصبح يعج بالدفء والضحكات، أصبح كل ما تمناه أمام عيناه وكأنما تلك السعادة التي يحيا بها الجميع تُربت على كتفاه، تُخبره بأن بعد كل ظلام فجر جديد ليسطع اليوم بأشعة تبدد تلك الحلكة التي عانى بها لسنوات لم تكن لتنتهي أبدا..

تنقلت عيناه وهو يتنفس براحة مبتسما ها هي شاهندة، وكذلك زوجها، ابنها وابنتها، يمرحون معا، أسرة سعيدة.. ذلك الحب الذي رآه بين كلاهما يليق بأن يروى بأحدى الروايات، ذلك الرجل الصبور المحب لزوجته.. لم يراه يوما إلا بإبتسامة بشوشة أكملت تلك الضحكة الرائعة التي طالما ارتسمت على شفتا أخته الصغيرة الحنونة والمرحة.. وكذلك هما أبنائهما بضحكاتهما وابتسامتهما..

"حمزة أنا خايفة.. خليك معايا أرجوك متسبنيش.." تساقطت دمعاتها دون توقف

"عمري ما اسيبك يا شاهي.. أنا داخل معاكي يا حبيبتي.. متقلقيش.. أنا جنبك ومعاكي ومتخفيش مفيش حاجة هتحصل" صاح وهو يحاول تهدئتها ليرتدي مريول المشفى وأخذ يتعقم سريعا كما أشار له الأطباء وكأنما لا يشعر بكل من حوله وكأنه وحده تماما معها عينتاه لم تفارقا عيناها، كأنها هي محور كونه.. بينما هي الأخرى تنظر له وكأنما الراحة بعينيه فقط، لقد حتى صدق بدر الدين يومها أن تواصلهما هذا الغريب يعطيها مُسكنا من نوع ما إلي أن أختفى كلاهما خلف الباب ولم يتواجد معها سوى حمزة.

ابتسم وهو يتذكر تلك اللحظات التي أنجبت بها شاهندة، لم يرها تبكي هكذا من قبل، بالرغم من إنجاب هديل لخمسة من الأبناء ولكنه لم يتواجد أبدا بهذا الوقت من قبل، ولم يختبر تلك اللحظات إلا مع شاهندة، وقتها لم يدري كيف تضاربت مشاعره، لقد خاف أن يرى نورسين بنفس الملامح المتألمة خاصةً أنها كانت ستلد بعد ثلاثة أشهر، لبرهة شعر يومها أن عذابه ووجعه من أن يكونأباً ووالداً لأطفال لا يُقارن بأوجاع ومعاناة المرأة التي تلد، تحول خوفه من فكرة الإنجاب لخوفه على أخته ومن بعدها نورسين..

"ايه.. قلقان عليها؟" ابتسمت وهي تنظر له بتلك الزرقاوتان في تساؤل لينظر لها كالطفل الخائف بملامح تجمدت خشية ثم أومأ لها "متخفش.. وبعدين لازم تجمد كده.. عندنا ولادة تانية كمان تلت شهور.. ولا هتسيبني لوحـ.."

"مقدرش أسيبك لوحدك أبدا يا نوري"قاطعها مقبلاً كفيها ثم ضمها لصدره "بس فعلاً الموضوع شكله مرعب.." تنهد وهو يحاوط جذعها بذراعه

"شوفت بقا احنا جامدين اوي يعني.. ولا فاكرين بس إن الرجالة هما اللي جامدين؟!" نظر لها خافضا نظره ورافعا احدى حاجباه لتتلاقى سودواتاه بزرقة عيناها

"محدش قالكوا تطلبوا قلة أدب" همس مجيبا اياها لتقف هي أمامه في انزعاج طفولي مستندة بيديها على خصرها

"يا سلام يا ملك الكون أنت؟!" تعالى صوتها ليرفع بدر الدين يداه بإستسلام وابتسم على طفوليتها حتى بعد حملها ذلك تبدو شهية للغاية أسفل نظره

"جرا ايه يا ولاد.. هتتخانقوا ولا ايه؟" صاحت نجوى في تعجب مما يفعلاه لتتوسع ابتسامته عندما تذكر ذلك الموقف بينهما.

أخذت سوداوتاه تجوب هُنا وهناك ليرى سليم جالسا مع نجوى ويمرحان سويا، يبدو أنه يريها شيئا بهاتفه ذو الكاميرا الرقمية الجديد الذي ابتاعه له زياد مؤخرا ولا يتوقفا عن الضحك المتواصل، تلك المرأة الرائعة.. ماذا كان هو بفاعل دونها؟

للحظة شعر بالإمتنان لليلى التي أنجبت له سليم، لقد تمنت والدته شيئا واحدا فقط منه وطلبته منه صراحةً لتجده أمامها بعد يوم واحد، دمعت عيناه فرحةً لرؤيتهما سويا، وكأنها تخص سليم بالكثير من الحنان دونا عن البقية!!

بالطبع ترى بدر الدين الصغير أمامها مرة أخرى، حسنا!! بنسخة مُعدلة قليلا مع إضافة الكثير من الضحك وبعض الذكاء الجم ولكن ها هو آتى وهو ابن التاسعة من عمره، دون أم ليدخل بيتها.. التاريخ يعيد نفسه، ولكنه على كل حال أفضل من التاريخ الأسود المنصرم.

يُذكره بزياد، يضحك كثيرا مثله، يتذكر زياد وهو بمثل عمره، لطالما كان ينظر له ليشعره وكأنه حائط ما، لماذا سبب له طوله مشكلة على كل حال؟ هز كتفاه في تعجب وبالرغم من سعادته بالتواجد مع الجميع إلا أنه أشتاق لذلك الصغير

"ايه يا زياد فينك؟"

"يا كبير مناقصة ممرمطاني.. بس متقلقش، احنا عالم صايعة يابا بصوت عادل إمام؟ فاكر المسرحية دي؟" تريث كلاهما في صمت غريب لتلك المزحة التي لم يفهمها بدرالدين ليتمتم زياد "ايه اللي بقوله ده.." حمحم ثم أكمل "أنت عامل ايه؟"

"تمام.. مش ناوي تنزل أجازة؟"

"لا أجازة ايه؟ وأسيب المزز اللي هنا.. يا كبير عيب عليك.. ما تجيلي أنت وأنا اشهيصك"

"ما تتلم بقا يا زياد وأكبر"

"نسيت نسيت مدام نور ممكن تاكلك ولا حاجة.. عاملة ايه صحيح هي وسليم وسيدرا وماما واخواتي وولادهم؟ وحشتوني اوي يا بدر"

"وأنت كمان وحشتنا.. فكر كده فيها.. خدلك حتى اسبوعين وتعالى قضيهم معانا"

"أنت عجزت كده ليه؟ بتتكلم زي الكبار اوي" تسائل زياد بعفوية ليشعر بدر الدين بالإنزعاج ثم اجابه بإقتضاب

"تصدق أنا غلطان إني سألت فيك.."

"حقك عليا يا كبير مقصدش.. ومش جنبك أنا عشان أقولك هات ايدك أبوسها.. روق يا عم مكنتش كلمة"

"بطل تفاهة يا زفت.. وتعالى اقعد معانا شوية"

"أوامر يا باشا.. غمض عينك وافتحها هتلاقيني عندك.. اطمن على المناقصة دي بس وهاجيلك أجري"

"ماشي.. وابقا خد بالك من نفسك"

"آآه.. قلبي الصغير لا يتحمل.. بدور بقا حنين اوي" تحدث زياد مازحا

"أنا غلطان.. غور"

"روق يا كبير بس عيل وغلط.. سلملي على كل اللي عندك بقا"

"يوصل.. سلام" هز رأسه في انكار وهو يُدرك أن الصغير لن يكبر أبدا، لا يُصدق أنه أصبح رجل أعمال متفوق ولازال بنفس الشخصية التي لطالما كان عليها!

--

/span>

تنهد وهو يتفقد هديل وزوجها اللذان يبدوان غارقان بشيء ما، أأصبح سيف الدين يرتدي النظرات الطبية الآن؟! لم يلاحظه من قبل حقا يرتديها.. يبدو أنه كان منشغلا كثيرا تلك الأيام الماضية ولكن على كل حال هو يشعر بالراحة كلما رآى نظرة الإمتنان والعشق بعينا هديل كلما نظرت لزوجها..

توجه نحوهما مبتسماً ثم نادى هديل بعد أن اطمئن على سيف الدين في ود وبداخله يريد أن يتخلص من بعض الأعباء التي لا زالت تشغل تفكيره من حين للآخر، فقرر اليوم أن يجعل هديل تُقرر بشأن هذا الأمر

"عاملة ايه يا هديل؟"

"تمام.. أنت ايه أخبارك؟" لربما هما أخ وأخت ولكن يبدو وكأنما طريقتهما سويا لن تتغير أبدا، وستتسم دائما بالجمود والعملية الشديدة

"تمام.. كنت عايز أكلمك في موضوع.." نظرت له هديل في تعجب وأعين مستفسرة ليردف هو مسرعا

"من غير مقدمات كتيرة، كريم نقلته مصحة، تقدري تقولي اتجنن من اللي عملته فيه، طبعا مش مدخله بإسمه الحقيقي، لو حابة تقولي لولادك في يوم الموضوع يرجعلك وممكن اديكي العنوان، يعني لو حبيتي في يوم تروحوا تزوروه و.."

"نزور مين يا بدر؟!" قاطعته بسخرية

"أنا عمري ما كنت سعيدة زي سعادتي بإنه خرج من حياتي، كنت حاسة إني مخنوقة ومش عارفة أتنفس سنين وفجأة لقيت الهوا من حواليا كأنه كان مانعه عني ومكتفني بيه.. عايزني أعرفه تاني؟! ده أنا ولا عمري هاخلي ولادي يبصو في وشه، ده آخره معايا إنه يموت في نظر ولادي.. ده حتى أهله مبيسألوش عليه عشان عارفين إنه إنسان استغلالي ووصولي، عايزني أنا اهتم؟" ابتسمت بتهكم "أنا مش عايزة أعرف عنه حاجة ويولع مكان ما هو!!"

"أنا حبيت أعرفك عشان بردو هو في الأول وفي الآخر أبوهم و..."

"أبوهم!!" ابتسمت في آسى متهكمة

"تقدر تقولي كان فين كأب ولا زوج حتى؟ تعرف إن أنا ياما اكتشفت انه كان بيكون مع واحدة أو بيتهرب مني وخلاص وبيتحجج بالشغل.. لو بتتكلم عن الأب بص لسيف.. بص لحنيته وتحمل مسئوليته.. ده حتى بقا حنين على ولادي أكتر مني.. وخلاهم ينسوا إن كان فيه حاجة اسمها كريم أصلاً.. تعرف يا بدر، أنا يمكن ما بيني وبين نفسي مكنتش كويسة بس لما أتغيرت ربنا عوضني بسيف، خلاني ارجع احب الحياة من تاني.. انسى الموضوع بتاع كريم زي ما أنا ما نسيته وسيبنا حياتنا حلوة زي ما احنا والحمد لله مبقاش ناقصنا كلنا حاجة..

بصلي وبص للسعادة اللي أنا بقيت فيها، شوف شاهندة وجوزها وأولادها، بص لنفسك ولحياتك اللي أتغيرت 180 درجة، بص لزياد اللي بقا راجل مسئول وبقينا بنعتمد عليه خلاص كلنا بقينا مبسوطين.. انسى أي حاجة وحشة يا بدر وركز في اللي جاي وبس" نظرت له تتفحص عيناه ليومأ لها في تفهم متنهداً بينما آتت زينة لتُمسك بيد بدر الدين

"انكل بدر مش هنقعد مع بعض نقرا زي المرة اللي فاتت؟!" صاحت تلك الصغيرة التي قاربت من إكمال عامها السابع للتو

"يا سلام.. ده أنتي بقا هتيجي تقعدي معايا اسبوعين بحالهم عندي وهنقرا كل اللي تحبيه" أخبرها بدر ثم انخفض ليحملها

"بجد.. أنا مبسوطة اوي.. مينفعش نروح دلوقتي؟"

"زي القرع تمد لبره" تمتمت هديل ثم زفرت في ضيق لما تفعله ابنتها "نستنى طيب لما العيد يخلص وبعدين روحي لبدر زي ما انتي عايزة" هزت رأسها في إنكار بينما حاوطت زينة عنق بدر الدين في حب

"ده ايه التجمع ده كده من غيري؟!" صاحت شاهندة التي أنضمت لهما وتبعها كل من أدهم وسيدرا وأسما يهرولون خلف بعضهما البعض

"ولا تجمع وعلى حاجة.. كنا بنتفق إن القمر ده يجي يقضي معايا أسبوعين بعد العيد" أومأ بدر الدين لزينة التي حملها بينما أبتسمت تلك الصغيرة في سعادة

"قمر!! أنت اللي قمر يا بدرو.. حلوة الألوان اللي في شعرك دي.. عجزت يا بدورتي" صاحت شاهندة لتضحك هديل بينما بدر الدين شعر بالضيق

"هو خلاص كله كده شايفني عجزت خلاص" عقد حاجباه في إنزعاج كالطفل الصغير أمّا زينة فداعبت شعره الفحمي الذي بدأ اللون الأبيض يتخلل بعض خصلاته في إعجاب بشعر خالها

"أنا أسيبكم بقا وأروح لنورسين.. شكلها كده الوحيدة اللي شايفاني معجزتش" تنهد وهو ينظر لها لينزل زينة ثم قبلها على رأسها

"ايوة بقا من لقا أحبابه نسي أخواته" غمزت له شاهندة بإبتسامة

"أنا ماشي.. سلمولي بقا على الكل" أخبرهما ثم همس لشاهندة "سيدرا وسليم مسئوليتك لغاية ما أجيلكو" شعرت هديل بأنها غير مرغوب فيها قليلا لتضيق عيناها ناظرة لهما بتعجب لتتنهد

"واضح فعلا إن من لقا أحبابه.. سلام يا بدر" أخبرته في حنق مزيف فهي لا زالت لا تستطيع أن تتقارب من أحد للغاية وعلمت بقرارة نفسها أن علاقة بدر الدين وشاهندة لطالما كانت وستظل دائما غير علاقتها بأخوتها.

"عايز تخلع أنت والمُزة مش كده؟!" نظرت له مضيقة عيناها وهمست بخبث مازحة بعد أن غادرت هديل

"يووه يا شاهي.. ربي ولادك يا حبيبتي وخليكي في حالك.. سلام!"

--

"بدر!!" همست بدلال ليجن هو من نطقها لأسمه بتلك الطريقة الأنثوية وتشبثت بكلتا ذراعاه ليسرع هو من حركته داخلها ثم همس بأذنها

"بحبك يا نوري" ارتجفا جسديهما سويا لتصرخ هي شبقا وأغلقت عيناها لتحتضنه ودفن هو وجهه بين ذراعيها وأخذا يلتقطا أنفاسهما المتسارعة في صمت تام لا يتخلله سوى خفقات قلبيهما التي انعكست على جسد كل منهما!

"شعرك كده حلو اوي.. اللون الرمادي ده لايق عليك" همست وهي تخلل شعره بأصابعها

"يوه بقا.." زفر في ضيق ثم نهض لينظر لها كالطفل الصغير المنزعج "هو أنا فعلاً يا نوري عجزت أوي؟!" تفحص زرقاوتاها كطفل بالعاشرة لتجذبه هي ليتكأ على سريرهما ثم استندت برأسها لتتوسد صدره

"لو عجزت يبقا مين اللي عمل كل قلة الأدب دي من شوية.." همست بدلال ليضمها لصدره أكثر

"هو فعلاً أنا لو عجزت أنتي ممكن تسيبيني؟!"

"هو أنا لو عجزت أنتي ممكن تسيبيني" صاحت بطريقة ماثلت نبرته ليضحكا سويا

"لو عجزت ممكن أخدك في حضني.. ادلعك.. أقولك يا Mr. بدر.. لكن مش هاسيبك أبدا.. وأنا بقا أفرض فجأة عجزت قبل منك ووشي كرمش وسليم جابلي نونو يقولي يا تيتا.. هتسيبني؟!" سألته وهي تحاوط صدره بذراعها ليهمهم هو في تفكير

"على حسب شكلك ساعتها!! لو عجوزة اوي ممكن أفكر أتجوز تاني واحدة صغنونة تدلعني بقا" تمتم لترفع نظرها له لتنهال تلك الأمواج المتضاربة من زرقة عيناها على سودواتاه لتعصف بهما في غضب

"نعم!! ماشي يا بدر.. أنا غلطانة.. حاسب كده بقا" حاولت النهوض ليجذبها رغما عنها واعتلاها

"مش تسيبيني أكمل طيب.." ابتسم لها لتنظر هي له بإنزعاج طفولي

"لا أنا مش عايزة أعرف ولا تكمل ولا بتاع.. وسع لما أقوم"

صاحت بغضب بريء ليقهقه هو على مظهرها الطفولي وكأنها لن تتغير أبداً بنظرتها ووجنتاها الممتلئتان تلك ليقبل أحدهما ملثما اياه يتذوقه ثم حدق بأعينها الزرقاء التي لا يستطيع أن يحيا دونهما

"لازم اللي اتجوزها تكون عينيها زرقا وخدودها تجنن.. وتبقا أصغر مني كده زيك بالظبط.. ويكون اسمها نورسين.. وتفضل أول سنتين كده من حياتنا سوا تقولي يا Mr. بدر.. مممم.. وكمان تربيلي سليم.. وتدلعني بقا وتهريني قلة أدب زي ما أنتي ما بتعملي" نظرت له مضيقة عيناها وهي تحارب تلك الإبتسامة التي ارتسمت على شفتيها

"ولازم تكون بتعمل أكل زي أكلك.. كله إلا الأكل.. لو لقيتها مش هاسبها ثانية"

"أنت بتستعبط .. بتستعبط أنت مش كده؟! لازم تنرفزني وخلاص" صاحت أسفله مضيقة ما بين حاجبيها وهي تتصنع الغضب

""بذمتك لما بتقلبي بيبي كده وأنتي متعصبة وأنا ابقا هموت عليكي ونفسي آكلك، معصبكيش ليه؟!"

"نفسك تاكلني!!" تمتمت في تعجب

"ايوة آكلك ليه لأ.."

"بقا كده" نظرت له بإصرار ليومأ لها وهو يظن أنه يسيطر على تلك الصغيرة ليبتسم لها "طب أنا هاوريك"

انسلتت من أسفله لنهاية السرير حتى استقر وجهها أمام جسده لتفعل ذلك الشيء الذي يعشقه ليتعجب مما تفعله هي في البداية بإبتسامة ثم أوصد عيناه في استمتاع وهو لم يعد يقوى على تحمل حركات شفتيها ولسانها ليجدها تدفعه ليتوسد السرير متآوها ثم أعتلته بعد أن عملت بتلك الكرزيتان لتتأثر كل خلية به مستجيبًا لها بعنف ووجدها تنهض على ركبتيها واضعة كلتا يداها بخصرها

"روح اتجوز بقا وخليها تـ.." شهقت عندما جذب يدها وهو ينظر لها بسوداويتين سيطر عليهما اشتهاء حبيبته ومن عشقها قلبه دون نساء العالم بأكمله ليرغمها على الجلوس على ساقيه وباعد بين ساقيها

"اياكي تسيبيني كده تاني.. فاهمه؟!" همس بأذنها ليبعثر أنفاسه الساخنة على عنقها وبلمح البصر شعرت به داخلها مجددا

"أنت بتعمل ايه؟! احنا مش لسه كنا بـ.."

"اللي يبدأ في قلة الأدب يستحمل للآخر.." همس لها ليبدأ يحركها صعودا وهبوطا

"ولا أنتي بقا مش قدها؟!" 

سألها ليشعر بقوة إحاطتها لخصره بساقيها وأخذت هي تتحرك دون مساعدته وحاوطت عنقه بذراعيها لتقبله في نهم شديد لينظر لها بأعين غلفها الشبق لتلك الصغيرة أمامه

"وأنت شايفني مش قدها يا ملك الكون.." 

ابتسم لكلماتها أمام شفتيها ليلتهمهما في عنف يعض شفتيها ملتذذا بمذاق تلك الكرزيتان الناعمتان في عشق جارف

"خليكي قدها بقا للآخر.." 

همس في خبث لتزداد قبضتاه على خصرها ثم رفعها قليلا لتهبط بجسدها وهو يدفع بنفس وقت ارتطام جسدها عليه لتشعر هي بتغلله بعنف وصرخت في آلم لذيذ امتزج بشغفها للمزيد منه

"قدها يا نوري؟!" سألها في تحدي لتومأ هي له

"ده آخرك.. شكلك عجزت ومبقتش قد قلة الأدب يا Mr. بدر" رفعت حاجبيها ليضحك هو في خفوت غيظا من تلك الكلمة ثم دفعها لتستقر أسفله ورفع كلتا ساقيها 

"أنا هوريكي اللي عجز ده هيعمل فيكي ايه!!" 

اخبرها بتحدي ليدفع بسرعة جنونية وعنف ولكن ليس مبالغ به، بل عنف لذيذ يتبادلاه أي زوجان عاشقان لبعضهما البعض، حتى أحست هي بالمتعة الهائلة وأوصدت عيناها وأخذت تلهث وتشبثت معانقة اياه بكل ما أوتيت من قوة

"بدر.. بالراحة" تآوهت أسفله في دلال شديد وهي لا تستطيع التحكم في جسدها لتشعر بسيطرته المفرطة عليها ليدفع بمزيد من قوته

"ايه ده يا نوري.. كده شكلك مش قدها" تمتم لاهثا وقلل من عنفه ولكنه لم يتوقف لتهمس هي بتحدي

"لا قدها.. بس.. لأ مش كده.. بدر" 

أشعلت نبرتها الأنثوية بركانا من الرغبة بداخله ليفقد عقله وأخذ يتآوه هو الآخر ليطبق أكثر على جسدها البض أسفله وازدادت حدة قبضتاه عليها ولكن لم تنس هي تحديه لها لتغرس أظافرها بظهره في قسوة ليصرخ هو آلما لترتسم ابتسامة على شفتيها وبالكاد أستطاعت تسليط زرقاوتاها اللتان امتلئتا بالشبق

"مش قدها يا Mr. بدر.. مكنتش يا حبيبي أظن إنك.."

تأوهت في النهاية غير قادرة على اكمال كلماتها ولم تعد تحتمل فيبدو أنه لا يمزح حقا بإفتراسه لشفتيها بتلك الطريقة وهو لا يزال يدفع بها بسرعة جامحة ليزداد صراخها بين قبلتيهما وتشبثها به تارة وتارة جذبت شعره الأسود الفحمي بكلتا يديها لتشعر هي الأخرى بتآوهاته التي ابتلعتها بين تلك القُبلة المفترسة ثم شعرت بحركة يداه تُسرع كثيرا ليرتجف لها جسدها ومن ثم شعرت بإرتجافته التي تبعتها ليلهثا سويا وأخذا ينظران لبعضهما البعض كلاهما يشعر بالإنتصار وفجأة لم يستطعا التوقف عن الضحك..

"اتفرتكتي اهو.. عرفتي إنك مش قدها.. عرفتي إني بقيت كل ما بعمل اللي بتحبيه بتجيبي ورا" غمز لها لتمرر هي أناملها على آثار أظافرها بظهره

"وباينك عجزت يا Mr. بدر" شهق آلما لتنظر له بإنتصار بتلك الزقاويتين

"ما بلاش عجزت دي تاني.. المرة الجاية هتبقا وحشة اوي عليكي" همس محذرا ليقبل جبينها

"لا استنى أنت بس للمرة الجاية.. هجننك.." غمزت هي الأخرى له ليريح ظهره على السرير ولا زال يشعر بآثار أظافرها تألمه آلم طفيف

"طول عمرك مجنناني يا نوري.. من يوم ما شوفتك" همس ثم نظر لها بحب لتنام هي في مواجهة الشراشف وأتكأت على ساعديها لتستند بذقنها على كفيها ونظرت له بتلك الأعين المرحة التي لا تغيب حيوتها أبدا

"مم.. مجنناك.. وايه كمان؟!"

"ونورك نورلي دنيتي كلها.. نورك ده اللي نور البدر" داعب شعرها الحريري بيده وهو ينظر لها بعشق

"مم.. وإيه كمان؟" همست بدلال له وتفقدته بنظرتها الطفولية

"وإيه كمان وإيه كمان.. ممـم.. بحس دايما معاكي إني لسه عيل صغير، بنسى إني راجل كبير عيلة وعنده أطفال.. بتخليني أحس بكل حاجة حلوة في الدنيا وبتعيشيني حاجات عمري ما عيشتها.. حنيتك عليا ووجودك دايما جنبي في كل حاجة صعبة بيخلوني احس إني قوي واقدر على اي حاجة طول ما انتي جنبي ومعايا.. أنا محظوظ بيكي يا نوري.. أنتي فعلا من يوم ما شوفتك حسيت إنك نوري، حسيت أنتي اللي هتنوري الضلمة اللي كنت بعاني منها سنين وحبك خلاني أقدر أحارب الضلمة دي.. بحبك.. بحبك وعمري ما أقدر أعيش من غيرك ثانية.."

"على فكرة أنت لسه صغير وهتفضل حلو في عينيا زي ما أنت حتى لو بعد آلف سنة.. وأنا كمان بحبك.. بحبك وعمري ما كنت ما هاكون سعيدة في حياتي غير وأنت جنبي يا ملك الكون" 

مدت يدها لتداعب أنفه ومسكتها بسبابتها وإبهامها ليهُز هو رأسه يمينا ويسارا

"قولي بقا بحبك وأنت كده صوتك بيبقا عامل زي البغبغان المضايق" ضحكت ليضحك هو الآخر

"بحبك يا نوري بحبك بحبك" ظلا يضحكا سويا لتتوسد هي صدره وعانقها هو الآخر يضم له جسدها ليستمتعا معا بحياتهما وهو يتمنى ألا تبتعد عنه تلك الصغيرة أبدا!

--

بعد مرور سنوات.. عام 2018..

"صباح الخير يا نوري.. صباح الخير يا بدر" صاح سليم بنبرته التي خرجت من فمه الممتلئ وهو على عجلة من آمره

"مش قولنا هنبطل نوري دي وأنا بس اللي أقولها" تمتم بدر الدين منزعجا

"ما تسيبه يا بدر براحته بقا.. صباح الخير يا عيون نوري.. مش هتفطر ولا ايه؟ على الواقف النهاردة؟!" ابتسمت له بطيبتها المعهودة

"يادوبك الحق لحسن عندي Meeting مهم اوي"

"ايه!! ابن كرم الدمنهوري مش كده؟!" أومأ له سليم "طيب خد بالك كويس ولو عايزني في اي وقت كلمني"


تمت

إلي اللقاء في الجزء القادم..