-->

الفصل التاسع والعشرون - ظلمات حصونه

 الفصل التاسع والعشرون


كانت "هناء" ولبنى" يقفان أعلى الدرج يتبادلان الحديث ولكن كلا منهما نيتها مُختلفة عن الأخرى ، صاحت "لبنى" موجهة حديثها نحو "هناء" شاعرة بالحزن والحيرة فى أنٍ واحد رادفة بإستفسار : 



_ أنتى ليه بتكرهينى كده ، من ساعه ما دخلت البيت ده وأنتى بتعاملينى وحش وكانى سارقة منك حاجه ؟! 



أجابتها "هناء" بغضب وكراهية وهى ترمقها بنظرات مُشتعلة رادفة بتأكيد : 



_ أنتى فعلا سارقة منى حاجه ، لا أنتى سارقة منى أهم حاجه ، سارقة منى فرحتى وسعادتى ومكانى اللى طول عمرى بحلم بيه ، أنتى وجودك فى حياتى دمرها وحطم كل اللى كنت بحلم بيه 



ضيقت "لبنى" ما بين حاجبيها بأستنكار رادفة بدهشة : 



_ ليه كل ده!! سرقت منك أيه عشان كل اللى بتقوليه ده؟! 



صاحت "هناء" بوجهها وتحولت ملامحها إلى الحدة رادفة بصراخ : 



_ سرقتى منى حب عمرى ، الراجل الوحيد اللى ملى عينى وقلبى ، سرقتى منى شرف ولعبتى وأخدتيه منى 



إتسعت عينى "لبنى" بصدمة مما أستمعت إليه من "هناء" فهى لم تكن تعرف بحب "هناء" ل "شرف" ، بينما تدخلت "ماجدة" مواجهة حديثها نحو "هناء" مُحاولة إيقافها عما تقوله من هراء رادفة بحدة : 



_ لا يا هناء ، مترميش الذنب على لبنى ، لبنى ملهاش دعوة ، من أول يوم أتولدتوا فيه وأنتوا مش لبعض وانتى عارفة كده كويس 



صاحت "هناء" زاجرة إياها وهى مُصممة على ما فى رأسها بإلقاء الذنب على "لبنى" رادفة بإصرار : 



_ كان ممكن يكون ليا لو هى مكنتش دخلت فى حياتنا ، شرف كان ممكن يحبنى لو مكنتش هى موجوده 



هزت "ماجدة" رأسها غير موافقة على حديث "هناء" مُحاولة جعلها تتقبل حقيقة الأمر شاعرة بالحزن والأستياء على ما وصلت له رادفة بنهى : 



_ يا هناء لبنى ملهاش دعوة لان بيها أو من غيرها شرف عمره ما كان هيحبك ، إنتى طول عمرك قدامه وهو عمره ما فكر فيكى أو شافك فى صوره غير أخته ، أفهمى بقى شرف مش نصيبك ولا انتى نصيبه 



صرخت "هناء" رافضة ما تقوله "ماجدة" تُدافع عن حبها الغير طبيعى كالذى يدافع عن حقه فى الحياة او يدافع عن عرضة رادفة بإصرار : 



_  أنا كنت هبقى نصيبه لو مكنتش لبنى دى دخلت فى حياته ، هى اللى سرقت شرف منى ، هى اللى لازم تبعد وتسيبنا 



تدخلت "تهانى" هى الأخرى التى جاءت عندما أستمعت إلى هذا الصوت العالى ، لتُعقب "تهانى" مُحاولة جعل شقيقتها تتقبل الأمر وأن تُخرج ذلك الحب المرضى من داخلها لتردف بتأكيد : 



_ يا هناء مش وجود لبنى فى حياة شرف هو اللى خلاه ميحبكيش بالعكس ، هاشم قالى انه من قبل ما يعرف لبنى اساسا وهو عرض عليه انه يقرب منك ويجرب يشوفك فى مكانه تانيه غير اخته بس شرف رفض ، شرف عمره ما كان هيحبك يا هناء افهمى بقى وشوفى حياتك اللى انتى موقفاها عشان مجرد وهم فى دماغك 



كانت "لبنى" تستمع إلى حديثهم وبدأت تشعر بالشفقة على "هناء" الذى يبدو عليا إنها مهوسة ب "شرف" ، بينما عقبت "هناء" على ما قالته شقيقتها رادفة بسخرية : 



_ وهم ؟! حب عمرى كله بتسميه وهم ؟! ، آآه معاكوا حق ما كل واحده فيكوا أخدت الراجل اللى بتحبه ، انتى اخدتى هاشم وماجدة اخدت عامر اللى طول عمرها بتحبه ، طب اشمعنى انا !! اشمعنى انا مخدش اللى بحبه وتيجى هى تاخده منى !! ، محدش فيكوا حاسس بيا ولا بالنار اللى بتقيد فى قلبى كل ما اشفها جمبه ، انا بكرهكوا كلكوا لانكم محدش فيكوا واقف فى صفى ، لازم شرف يرجعلى ، لازم لبنى دى تموت 



كان الجميع يقف يستمع إليها بشفقة على حالتها وخصوصا "لبنى" ، وما هى إلا لحظات حتى ملئ التوتر المكان عندما أنقضت "هناء" على "لبنى" مُحاولة خنقها وقتلها ، أسرعت كلا من "ماجدة" و "تهانى" مُحاولتى الأبعاد بينهما ، لتقف "ماجدة" بجانب "لبنى" مُحاولة تخليصها من يد "هناء" ، ووقفت "تهانى" بجانب شقيقتها مُقابلة السُلم بظرها مُحاولة إبعادها عن "لبنى" رادفة بصراخ : 



_ أيه الجنان اللى بتعمليه ده يا هناء!! ، أبعدى عنها 



_ أبعدى أنتى ملكيش دعوة 



قالتها "هناء" وهى تدفع "تهانى" بعيدا عنها ولكنها لم تنتبه لقوة دفعتها التى أثر عليها سقوط "تهانى" من أعلى الدرج ، وسريعا ما صدح صوت صراخ "تهانى" فى القصر بأكمله وهى تسقط من أعلى الدرج مُستقرة فى أسفله مُلقاطا على بطنها ، صاحت "ماجدة" صارخة بفزع : 



_ تهانى 



أقتربت "ماجدة" من الدرابزين بجانب السُلم ناظرة نحو "تهانى" كى ترى ما حدث لها ، بينما "لبنى" كانت تنظر نحو "هناء"التى لم تتحرق قيد أُنماة رامقة إياها بصدمة وسريعا ما توجهت ناحية السلُم لكى تنزل ترى ما حدث ل "تهانى" ، ببنما "هناء" قد خطرت لها فكرة شيطانية وعزمت على أن تستغل الموقف لصالحها غير مُهتمة لعواقبه ، أنتظرت إلى أن تقترب "لبنى" من "ماجدة" وسريعا ما دفعت "ماجدة" من فوق درابزين السُلم لتسقط "ماجدة" على رأسها وقد سالت دمائها على الفور ، صرخت "لبنى" بكثير من الفزع والذعر من كثرة الدماء رادفة برعب : 



_ ماجدة 



نظرت "لبنى" نحو "هناء" بصدمة وفزع وكأنها تسالها كيف أستطاعت أن تفعل هذا؟! ، كيف طاوعها قلبها بأن تقوم بهذا الشيء ، فاقت من شرودها على صوت ذلك الطفل صارخا بذعر : 



_ ماما 



اسرع "جواد" فى الرقض نحوها بينما "ماجدة" كان مُلقة هى الأخرى أيضا بجانب السلم بعد أن سقطت من أعلى ملقاة على راسها ، ليصرخ هذا الطفل الصغير بكثير من الخوف والفزع مستنجدا بأى أحد : 



_ يا خالتو هنااء ، الحقينى يا خالتو 



صرخت "هناء" بكامل صوتها وصاحت بكثير من الذعر والفزع وهى تهبط الدرج رادفة بلهفة : 



_ تهانى 



بينما "لبنى" وقفت مُصعقة مما حدث فى لحظة واحدة ، لتُسرع فى الرقض نحو "ماجدة" التى بدت وكانها فارقت الحياة من كثرة الدماء التى سالت من راسها ، بينما "تهانى" كانت لاتزال تتمتم ببعض الكلمات الغير واضحة رادفة بانفاس متقطعه : 



_ هن...اء ه..ن..ا..ء اخ..تى ه.ى 



كانت "هناء" تصرخ كى تُأثر على صوت "تهانى" حتى لا يسمعه "جواد" ويعلم انها هى من دفعتها ، لتسقط "تهانى" فاقدة الوعى وتصيح "هناء" بوجه "لبنى" والدموع تنهمر من مُقلتيها رادفة بصراخ : 



_ حرام عليكى يا لبنى ، ليه تعملى فيهم كده ليه ؟! ، عشان لعب عيال صغيرين تعملى فى أختى وبنت عمى كده !! منك لله يا لبنى ، أختى بتموت 



صدمت "لبنى" مما أتهمتها به "هناء" وكادت أن تتحدث ليُقاطعها صراخ "زينة" التى دلفت القصر بصحبة والدها "هاشم" الذى صُعق من ذلك المنظر الذى يراه ، فزوجته وشقيقته مُلقاتان أرضا وكلا منهما تنزف الكثير من الدماء ، ولكن صدمته الاكبر كانت مما قالته "هناء" ولكنه أسرع فى الركض تجاههم صارخا ب "هناء" رادفا : 



_ اتصلى بالاسعاف وكلميلى شرف حالا 



أسرعت "هناء" فى التوجه نحو الهاتف وطبقت أحد الارقام لياتيها صوته ،  لتصرخ "هناء" بالم وحرقة قائلة : 



_ الحقنا يا شرف ، مراتك قتلت أختى وأختك يا شرف 



نظر "هاشم" نحو "لبنى" بكثير من العضب والكراهية ، لتشعر "لبنى" بالفزع من نظرته لتهز رأسها بهسترية ناهية عما تقوله "هناء" رادفة برعب : 



_ انا معملتش حاجة ، مش أنا اللى .... 



قاطعتها "هناء" التى صرخت ب "هاشم"مُتعمدة أن تمنعها من إيكمال حديثها رادفة بلهفة : 



_ أحنا لسه هنستنى الأسعاف؟! ، دول بيتصفوا يا هاشم ، شيلهم وأطلع على المستشفى حالا 



وافقها "هاشم" الرأى وسريعا ما حمل "تهانى" وخرج بها من القصر كى يضعها فى السيارة وياتى يأخذ "ماجدة" أيضا ، بينما صعدت "لبنى" غرفتها كى تطمئن على أبنتها وأبنة "ماجدة" ، بينما "هاشم" وهو مُتجه نحو سيارته ألتقى ب "عامر" بوجهه ، صاح "عامر" بفزع وهو ينظر إلى "تهانى" الغارقة فى دمها رادفا بصدمة : 



_ فى ايه يا هاشم !! ، ايه اللى حصل؟! 



صاح "هاشم" به أمرا إياه بإنفعال رادفا بلهفة : 



_ أدخل هات ماجدة وحصلنى بسرعة على المستشفى 



لم يُدرك "عامر" المغذى مما قاله "هاشم" ودلف القصر ليتفاجئ ب "ماجدة" المُلقاة أرضا وكثيرا من الدماء تنسدل من رأسها ، ركض "عامر" بسرعة نحو "ماجدة" صارخا بذعر موجها حديثه نحو "هناء" رادفا بأستفسار : 



_ ماجدة ، ايه اللى حصل يا هناء ؟! 



صاحت "هناء" ببكاء مُصطنع مُتمادية فى كذبتها لدجة إنها أوشكت على أن تصدقها رادفة بنحيب : 



_ لبنى حدفتها من فوق السلم يا عامر 



أتسعت عينى "عامر" بصدمة وسريعا ما قام بحمل "ماجدة" والخروج بها من القصر مُتجها بها نحو المشفى ، بينما "هناء" أسرعت فى الحاق به



••• 



كانت "هناء" تقص ما حدث فى هذا اليوم على "ديانة" المُلقاة أرضا على سطح الفيلا غير قادرة على النهوض أو المُقاومة فهى لم يمر على والدتها أكثر من ثلاثة أيام ، لتُضيف "هناء" مُكملة حديقها شاعرة بالحزن والإنكسار رادفة بضعف : 



_ مكنتش عايزة أعمل كده ، كنت عايزة لبنى بس هى اللى تخرج من حياتى ، بس المصيبه إنهم كلهم خرجوا من حياتى إلا لبنى ، وأول اللى ضاع منى هو حبيبى شرف 



•• 



وصلوا جميعا إلى المشفى وأنتفل كلا من "تهانى" و "ماجدة" إلى غرفة العمليات و "ماجدة" كانت لاتزال بها القليل من النبض ولكن حالتها خطيرة جدا ، بينما "تهانى" أيضا لا تقل عنها خطورة ولكن ليست بخطورة "ماجدة" ، جلس "هاشم" واضعا راسه بين كفيه مُنكسرا مشدودا لما حدث ولكن حقا لا تاتى المصائب إلا جماعة.. 



أسرعت "هناء" فى التوجه نحو "لبنى" الذى جات فى الحال كى تطمئن على "تهانى" و "ماجدة" ، لتصرخ "هناء" فى وجهها على فعلتها وأنها هى من فعلت هذا الشيء وليس العكس ، وإنها ستُعاقب على ما فعلته ولكن بعد أن يطمئنوا على " تهانى" و "ماجدة" 



كادت "لبنى" أن تصرخ بوجهها نهاية إياها عما تقوله مُخبرة "هاشم" بالحقيقة ، ليُقاطعها ذلك الرجل الذى هرول تجاه "هاشم" ويبدوا عليه الكثير من ملامح الذعر والفزع ، لا يعلم كيف ينقل هذا الخبر !! ، ولكنه يجب ان يعلم حتى يقوم بفعل الازم 



أقترب هذا الرجل من "هاشم" برعب من أن يبلغه الخبر ، ليبتلع عازما على أن يخبره وليُصبر الله خلقه قائلا : 



_ البقاء لله يا هاشم بيه 



فزع "هاشم" من تلك الجملة وأخذ قلبه يرتجف من الذعر ولكنه ظل يُحاول أن يتماسك ويبقى واقفا على قدميه ، أبتلع "هاشم" بألم وحسرة رادفا باستفسار : 



_ تهانى ، ولا ماجدة ؟! 



وضع ذلك الرجل وجهه أرضا شاعرا بالحزن والاسئ رادفا بشفقه : 



_ شرف بيه أخوك ، عمل حادثة كبيرة و عظم الله أجرك 



إتسعت عينى "هاشم" بفزع مما تلقه لتو وحُبست أنفاسه من شدة صدمته ، بينما صرخت "هناء" بألم وحسرة كبيرة رادفا بألم : 



_ شرف 



صرخت وكأن روحها قد سُلبت منها ، وبالطبع لها الحق أن تحزن ، فهذا هو الرجل الوحيد الذى لطالما حلمت بيه وتمنت ان تكون له ، ولكن النصيب كان له راى أخر ، ويا لا سخرية القدر فهى من تسبب فى موت حب حياتها 



بينما سقطت "لبنى" فاقدة للوعى ، لم تستطيع تحمل كل تلك الصدمات فى يوم واحد ، والأن قد مات الشخص الوحيد الذى كان سيُدافع عنها ويحميها من بطش هؤلاء الذين لن يرحموها مهما فعلت او مهما قالت 



بينما "هاشم" لم يستطيع المقاومة أكثر من ذلك ، لتخونه قدميه ويسقط أرضا مُنحنى الظهر ، فقد فارقه سنده وعكازه الذى كان يستند عليه ، فقد مات شقيقة الذى كان له بمثابة اخا وابنا وصديقا وكل شيء ، لقد كُسر ظهره الان 



••• 


شهقت "هناء" بصعوبة من كثرة بكائها وهى تقص عليها كيف تلقت خبر موت "شرف" الذى كانت هى السبب فيه منذ الأساس ، رادفة بحرقة وندم : 



_ أبوكى مات وسابنى يا ديانة ، مات بسببى 



تهاوت الدموع بكثرة من أعيُن "ديانة" وسريعا ما أرتفع صوت نحيبها وهى تتخيل كل ما تقوله تلك المرأة المريضة ، لتصيح "هناء" ببكاء هستيرى وهى تهز راسها بالنفى رادفة بصراخ : 



_ أنا مكنش قصدى يموت ، مكنتش عايزة يموت ، أنا أكتر واحده أتعذبت بموته ، أنا أكتر واحدة أدمرت بموته 



•• 



توجهت "هناء" إلى هذا الرجل الذى أخبرهم بخبر موت "شرف" صارخة بصدمة وبكل ما أوتيت من قوة رادفة بألم وحصرة غير مُستوعبة لما يحدث : 



_ أنت بتقول أيه ؟! شرف لا ، شرف لااا 



ظلت تصرخ بقوة والألم يُمزق قلبها ، هى تعلم إنها الشخص المُتسبب فى حدوث هذا الحادث ، هى من أخبرته بما حدث ظننا منها إنها تزرع الكراهية فى قلب "شرف" تجاه "لبنى" ، لم تكن تعلم إنها من تقوده للموت 



سقطت "هناء" أرضا بجانب "هاشم" وهى تقوم بتحريكه بعفوية وصراخ رادفة بألم : 



_ أنا عايزة أشوفه يا هاشم ، عايزه أشوف شرف يا هاشم 



أومأ لها "هاشم" بالموافقة وسريعا ما نهض وتوجه ب "هناء" نحو الغرفة الموجود بها "شرف" لتحضيره لدفته بعد أن تأكدوا من سبب وفاته وهو نزيف داخلى بالمخ أثر إنقلاب السيارة به وهو يقود بسرعة كبيرة 



دلفت "هناء" الغرفة برفقة "هاشم" وما إن رأت "شرف" ميتا أمامها ، نظرت نحو "هاشم" متوسلة له رادفة برجاء : 



_ أبوس أيدك يا هاشم ، سينى معاه شويه لوحدنا 



رمقها "هاشم" بحزن وحسرة على ما بها ، هو يعلم إلى أى مدى تعشق "شرف" ولكن قرر أن يتركها كى تودعه الوداع الأخير 



خرج "هاشم" من الغرفة تاركا كلاهما معا حتى تستطيع "هناء" أن تودعه ، بينما هى بمجرد أن تأكدت من خروج "هاشم" أسرعت فى الركض نحو سرير "شرف" وأنحنت على قدميه مُقبلة كلاهما وصوت شهقاتها يملا المكان 



ظلت "هناء" ما يُقارب الدقيقتان تحتضن قدمى "شرف" وتقبلهما ببكاء وألم ، رادفو بصوت مبحوح أثر بكائها : 



_ سامحنى يا شرف ، انا مكنتش أقصد يحصلك كده ، مكنتش عايزاك انت اللى تموت ، أنا كنت عايزاك تكرها وتسبها ، مكنش قصدى إنك تروح وتسبنى ، هى اللى لازم تموت يا شرف مش أنت ، وحيات حبى ليك ما هخلى موتك يروح هدر ، والله لخليها تموت هى وبنتها كمان ، أقسملك إنى هعمل أى حاجه عشان لبنى تموت 



أزداد نحيبها وعلت شهقاتها رادفة بألم وحصرة : 



_ أنا بحبك يا شرف ، بحبك من زمان أوى ، من اول ما فتحت عينى على الدنيا وشفتك وانا بحبك ، أستنيتك كتير أوى بس أنت محستش بيا ، سيبتنى وروحت لواحدة تانيه ليه !! ليه يا شرف ؟! ، والله ما حد حبك فى الدنيا دى كلها قدى ، متسبنيش يا شرف انا مقدرش أعيش من غيرك 



صعدت "هناء" إلى وجهه وأشاحت عنه ذلك الغطاء وبمجرد أن رأت ملامحه المٌشوهة أثر ذلك الحادث حتى صرخت بألم وحصرة 



أستمع "هاشم" إلى صراخها ليدلف الغرفة بسرعة ، وبمجرد أن رأى وجه أخيه الميت ، شعر بألما فى قلبه ولكنه أستطاع أن يُسيطر على نفسه ، وأحتضن "هناء" مُحاولا إخراجها من الغرفة 



ظلت "هناء" تصرخ وتبكى بينما شد "هاشم" على إحتضانها مُحاولا تهدئتها وإخراجها ، لتصيح "هناء" بصراخ وهى تُحاول الأفلات من يد "هاشم" وهى ترى الممرضة تغطى وجه "شرف" مرة أخرى : 



_ لا متعمليش كده ، قوم يا شرف ، لا متخلهوش يسبنى يا هاشم ، متخلهوش يسبنى ، يا شرف 



نطقت أسمه وسريعا ما غابت عن الوعى غير مُدركة لأى شيء يحدث حولها 



••• 



مسحت "هناء" على وجهها مُحاوله تجفيف دموعها التى تتهاوى كأمطار الشتاء ولكن دون فائدة ، هى لم تستطيع أن تتوقف عن البكاء ، بينما "ديانة" كانت تبكى وهى بداخلها صراع بين أن تشعر تجاهها بالكراهية بسبب كل ما فعلته من جرائم بشعة ، وبين أن تشعر تجاهها بالشفقة بسبب تلك الحالة المرضية التى وصلت لها ومن الواضح أن مرضها هذا هو من دفعها لإرتكاب كل تلك الجرائم ، ولكنها هى من ساعدت مرضها كى يُسيطر عليها وهى من سمحت لشيطانها أن يتحكم بها ، لتُكمل "هناء" حديثها وهى تارة تبتسم وتارة تبكى : 



_ فضلو يدونى فى مُهدأت ومنوم لحد ما دفنوا شرف ، ولما فوقت عرفت إن لبنى جالها صدمة عصبيه ومبقتش بتتكلم ورجعت البيت بس حالتها النفسيه سيئه جدا ، وعرفت بردو إن تهانى وماجدة طلعوا من العمليات وإن حالتهم مستقرن وإن البيبى أبن تهانى هو بس اللى مات ، هنا حسيت بالخطر وإن ممكن واحده فيهم تعرف هاشم باللى حصل ، وبكده ممكن لبنى تهرب من الموت مرة تانية ، بس انا مسمحتش بكده 



•• 



دلفت "هناء" الغرفة الموضوع بها شقيقتها وأغلقت الباب خلفها بأحكام ، توجهت نحو فراش "تهانى" النائمة تحت تأثير المُخدر لأن حالتها لاتزال داخل إيطار الخطر ، أنحنت "هناء" مُقتربة من أذن شقيقتها هامسة لها ببكاء : 



_ أنا أسفة يا تهانى ، حقك عليا يا حبيبتى ، والله غصب عنى ، أنتى عارفة إنى كنت بحب شرف أكتر من نفسى ، وعارفة إنى عشت عمرى كله أتمناه ، بس خلاص يا تهانى ، شرف مات ، مات وسابنى ، مات بسبب لبنى 



وضعت "هناء" يدها فى جيبها وأخرجت إبرة طبيه مُغلفة وبدأت فى فتحها مُكملة حديثها رادفة ببكاء : 



_ بس أنا مش هسمح إن موته يروح هدر ، وعشان كده إنتى هتساعدينى يا تهانى ، هتساعدينى أخد بطارى وطار شرف وطار حبى اللى أتسرق منى 



سحبت "هناء" بهذه الأبرة بعض الهواء وتقدمت بها نحو رقبة شقيقتها رادفة بشهقات عاليه : 



_ أنا عارفة إنك بتحبينى يا تهانى ، وعارفة إنك بتتمنيلى السعادة من كل قلبك ، وعشان كده مش هتستخسرى فيا إنك تضحى عشانى ، عشان هناء حبيبتك تاخد حقها وتعيش مرتاحه بموت لبنى 



عرزت "هناء" الأبرة فى رقبة تهانى وأفرغت كامل مُحتواها من الهواء داخل عنق شقيقتها وهى تبكى وترتجف من بشاعة هذا الموقف ، رادفة بنحيب : 



_ أنتى هتموتى عشانى يا تهانى ، أوعدك إن موتك مش هروح هدر وإنى هجبلك حقك من لبنى ، آآه يا تهانى لبنى هى السبب ، لبنى هى اللى قتلتك وقتلت شرف وهتقتل ماجدة 



أخرجت "هناء" الأبرة من عنف "تهانى" ثم وضعتها فى جيبها وهى تربط على كتف شقيقتها وهى تبتسم رادفة ببكاء : 



_ مش هتاخر عليكى يا حبيبتى ، هبعتلك ماجدة حبيبتك كمان عشان متكونيش لوحدك وبمجرد ما أخلص من لبنى وبنتها هجلكوا انا وهاشم ونعيش مع بعض كلنا من تانى 



خرجت "هناء" من غرفة "تهانى" تاركة إياها تلفظ أنفاسها الأخيرة مُتجهة نحو غرفة "ماجدة" عازمة على أن تقتلها هى الأخرى بنفس تلك الطريقة التى قتلت بها شقيقتها 



دلفت "هناء" غرفة "ماجدة" التى كانت بداخلها نائمة على الفراش وأعيُنها الأثنان مفتوحتان ولكنها لا تُصدر أى صوت ولا حركة ، أقتربت منها "هناء" وهى مُندهشة من حالة السكون التى تُسيطر على "ماجدة" ولكنها فسرتها بأنها تحت تأثير نوعا ما من المخدر 



أقتربت "هناء" من "ماجدة" لتجلس بجانبها على مقربة من أذنها رادفة بهمس وأعين لامعة بالدموع وأبتسامة مُنكسرة : 



_ إنتى عارفة إنك أقرب واحده ليا فى الدنيا ، حتى إنك أقرب ليا من تهانى ، إنتى أختى وصحبتى وسرى وأخت حبيبى وكل حاجه ليا فى الدنيا ، أنا مكنتش عايزه أعمل فيكى كده بس أنتوا اللى غلطانين ، محدش فيكوا وقف فى صفى ، محدش فيكوا قدر حبى وعشقى ل شرف ، كلوا كنتوا واقفين فى صف لبنى ضدى ، شوفتوا وصلتونى لأيه ؟! ، وصلتونى إنى أتسببت فى موت شرف وأضطريت إنى أقتل تهانى وجاية دلوقتى أقتلك أنتى كمان عشان اخلى هاشم يكره لبنى ويقتلها ، شوفتى بقى عملتوا فيا ايه !! 



وضعت "هناء" يدها داخل جيبها وكادت أن تُخرج تلك الأبرة من جيبها ولكن قاطعها دخول الطبيب لكى يفحص "ماجدة" ، رمقها الطبيب رادفا بأستفسار : 



_ مين حضرتك ؟! 



أجابتها "هناء" مُصطنعه الحزن والأستياء رادفة ببكاء : 



_ أنا بنت عمها وفى مقام أختها ، خير يا دكتور طمينى ؟! 



أجابها الطبيب بشفقة على حالة "ماجدة" رادفا بأسئ : 



_ للاسف حالتها صعبة جدا ، الوقعة اللى وقعتها على دماغها كانت شديدة جدا وأتسببت فى أذى كبير للمخى أدى لأنقطاع الإشاره بين المخ والجسم ، وطبعا بما إن المخ هو المسؤل عن أى حرجه الجسم بيقوم بيها فده سبب عجز كامل للجسم ، يعنى للاسف مدام ماجدة مش هتقدر تتحرك أو تتكلم تانى 



زفرت "هناء" بينها وبين نفسها براحة مما أخبرها به الطبيب ، فهذا يعنى إنها لم تضطر إلى أن تقتل "ماجدة" لأنها ستعيش كالأموات بالفعل ولن تستطيع أن تُخبر "هاشم" بشيء ، ولكنها أرادت أن تتاكد بأن "ماجدة" لن تُشفى نهائى ، لتجهش "هناء" فى البكاء رادفة بأستفسار : 



_ يعنى ايه يا دكتور !!  يعنى ماجدة هتعيش كده طول عمرها ؟! ، لو فى أى حل قولنا عليه حت لو نسفرها تتعالج برا أهم حاجه تخف 



هز الطبيب رأسه بأستياء رادفا بأسف : 



_ للاسف لا جوا البلد ولا برا البلد ، الحاله دى الطب حاليا بيعجز عندها وللاسف لسه موصلناش لحل للموضوع ده ، لكن الأمل فى ربنا كبير ، بعد أذنك 



خرج الطبيب من الغرفة تاركا "هناء" برفقة "ماجدة" لتجلس بجانبها مرة أخرى رادفة براحة : 



_ الحمدلله يا ماجدة ، هيفضلى حد أتكلم معاها بعد ما كل الحبايب راحوا ، وبالطريقة دى أقدر أخلى هاشم يكره لبنى أكتر ويقتلها فى أسرع وقت



••• 



صاحت "هناء" بسعادة وفرح وهى تبتسم بطريقة غير طبيعية رادفة بلهفة : 



_ ماجدة الوحيدة اللى فضلت معايا ، أتكتبلها عمر جديد وأنا بردو قدرت أنفذ اللى انا عايزاه ، وخلصت من لبنى للأبد 



•• 



خرج الطبيب من غرفة "تهانى" ليلتف حوله كلا من "هاشم" و "هناء" بصحبة "جواد" الذى لم يتجاوز العاشرة من عمره ، ليصيح "هاشم" مُستفسرا عن حالة زوجته رادفا بكثير من الرعب والفزع : 



_ خير يا دكتور طمينى !! تهانى عاملة أيه ؟! 



وضع الطبيب رأسه فى الأرض وهو يشعر بكثير من الحزن والأسئ على تلك العائلة التى بالطبع أصابتها لعنة كبيرة ، فى البداية خسارة الشقيق ويليها عجز شقيقته ويليهما خسارة الجنين والأن خسارة الزوجة ، ليصيح الطبيب مواسيا "هاشم" رادفا بحزن : 



_ أنت أكيد راجل مؤمن وربنا بيختبر صبرك ورضاك بقضائخ وأنت أكيد هترضى باللى ربنا كتبه ، المدام تهانى توفاها الله ، البقاء لله 



_ وقعت تلك الكلمات على مسامع "هاشم" كالخنجر الذى رشق فى قلبه وجعله ينزف كل ما بداخله من دماء ، وضع "هاشم" يده على وجهه وسريعا ما سقط أرضا غير قادرا على الوقوف وكانه أصيب بعجز ما 



بينما "هناء" أخذت تصرخ وتعول بكل ما بها من قوة وهى تضرب على وجهها وقدميها ، رافة بكثير من الصراخ : 



_ أختى لاا ، تهانى ماتت يا هاشم ، آآآآه يا أختى 



أسرعت "هناء" راكضة نحو "هاشم" صارخة وتعول بوجهه رادفة ببكاء ونحيب : 



_ مرات قتلت أختى يا هاشم ، لبنى قتلت تهانى وعجزت ماجدة وأتسببت فى موت شرف يا هااشم 



جذبها "هاشم" من ذراعه والغضب والكراهية مُسيطران عليه رادفا بحدة : 



_ أيه اللى حصل يوميها بالظبط يا هناء ؟! 



أجهشت "هناء" فى البكاء وتعالت شهقاتها وهى تقص عليه ما حدث مُخترعة تلك الكذبة رادفة : 



_ كل اللى حصل إن زينة كانت بتلعب مع ديانة وفرحانه بيها يا حبيبة قلبى ، جيت لبنى لأتها بتلعب معاها أفتكرتها بتضربها راحت ضربت زينة بالقلم على وشها ، زينة جريت تعيط لتهانى وحكتلها على اللى حصل ، تهانى قالت لجواد ياخد زينة ويطلعوا يلعبوا فى الجنينه ، وقامت هى وماجدة رايحين للبنى تسألها ضربت البت ليه ، لبنى كانت خارجه من أوضتها ونازله على السلم ، ماجدة وقفتها وسألوها ليه ضربتى البت يا لبنى ؟! ، قالتلهم انا جايبه بنتى بعد خمس سنين محرومه من الخلفة ومش هسمح لحد أنه يأذيها ، تهانى اختى قالتلها بنتك زى عيالنا بالظبط ومحدش هيأذيها وبعدين زينة كانت بتاعب معاها ، لبنى قالتلها لا بنتك كانت بتضربها جتها ضربه فى قلبها ، تهانى زعقت فى وشها وقالتلها حرام عليكى بتدعى على البت ليه ؟! قامت لبنى زقاها وقالتلها حرمت عيشتك أنتى وبنتك ، تهانى كانت هتقع جيت تسند على السلم أيدها فلت ووقعت من فوق السلم ، ماجدة جريت تبص عليها من فوق من جمب السلم ، لبنى لما لقت كده راحت راميه ماجدة هى كمان من فوق ، كل ده وانا واقفه بعيد مش عارفه أعمل أيه !! لو كانت شافتنى كانت موتتنى أنا كمان 



أعتلت وجهه "هاشم" ملامح الغضب والكراهية تجاه "لبنى"ولكنه لايزال يملك القليل من العقل ليفكر به ، صاح "هاشم" رادفا بحدة وحزم : 



_ أنا هروح لها دلوقتى الفيلا ، لو لقيتها يبقى هى مكنش عندها نيه لقتلهم وكل ده حصل غصب عنها ، لكن لو ملقتهاش تبقى هى اللى حفرت قبرها هى وبنتها بأيدها 



أستمع "هاشم" لصوت صراخ أبنه وأحدهم يستنجد بأحد رادفا بصياح : 



_ يا جماعة حد يلحقنا هنا 



أسرع "هاشم" فى الحضور والأمساك بيد "جواد" مُحاولا إخراجه من الغرفة ، ليصيح "جواد" بالجميع وهو يتلوى بين يديهم ودموعه تتهاوى بلا توقف رادفا بصراخ ممذوج بالبكاء : 



_ لا أوعوا ، سيبونى ، يا ماما أصحى ، يا مامااا 



شعر "هاشم" وكأن عُرز خنجر فى قلبه ليترك "جواد" برفقة "هناء" ويذهب سريعا من المستشفى وهو فى قمة غضبه مُتجها نحو منزلهم 



بمجرد أن رحل "هاشم" أخرجت "هناء" هاتفها وأتصلت على "لبنى" التى سريعا ما فتحت سماعة الهاتف ، لتصيح "هناء" وهى تعلم جيدا أن "لبنى" تستمع إلى حديثها رادفة بتحذير : 



_ هاشم جيلك دلوقتى يا لبنى ، جى يقتلك أنتى وبنتك زى ما قتلتى مراته واللى فى بطنها ، بس لسه قدامك فرصى ، أهربى يا لبنى ، أهربى أنتى وبنتك ومتوريناش وشك تانى ، ومتحوليش تفهمى هاشم حاجه لان بعد موت تهانى هاشم لا هيفهم ولا هيسمع 



••• 



أبتسمت "هناء" بسعادة وفخر وهى توجه حديثها نحو "ديانة" رادفة بسعادة : 



_ وفعلا لبنى طلعت ساذجه وعبيطه وخدتك وهربت وأنا كنت متأكدة إن هاشم هيعرف يجبه ، بس اللى مكنتش عامله حسابه إنها تعرف تبعدك عنه وتخلى حد تانى ياخدك وتعرف تخليكى تفلتى من الموت ، يومها هاشم جيه وقال أنه لأقها مُنتحرة ، بس الحقيقى غير كده خالص 



خفق قلب "ديانة" بشدة خوفا مما قالته "هناء" رادفة بأستفسار : 



_ أومال أيه الحقيقة ؟! 



ضحكت "هناء" بسخرية على سؤال "ديانة" رادفة بأستهزاء : 



_ مستنيه أيه من واحد شايف اللى قتلت مراته واللى فى بطنها وعجزت أخته وأتسببت فى موت أخوه ؟! بس أنا هقولك وأريحك من التفكير ، قتلها يا ديانة ، ربطا على شريط القطر فى نفس المحطة اللى هربتك منها وأستنى لحد ما شاف القطر وهو بيفرمها تحتيه 



صرخت "ديانة" بذعر مما أخبرتها به "هناء" من بشاعة ما فعله عمها بولدتها وما فعلته هى فى شقيقتها وفى هذه العائلة بأكملها ، لم تعطيها "هناء" حتى فرصة كى تشعر بالذعر لتجذبها من شعرها وتسحبها نحو صور سطح الفيلا رادفة بسعادة وفرح : 



_ خلاص يا حبيبتى متعيطيش ، هنروح لبابا يا ديانة



❈-❈-❈


فى ذلك الوقت وصل "جواد" إلى الفيلا وصدفة فى نفس اللحظة وصل أيضا والده بصحبة "لبنى" ولكنه لم ينتبه لسيارته ، ترجل "جواد" من السيارة وأسرع فى التوجه نحو الفيلا ليستطدم ب "لبنى" التى كانت تركض هى الأخرة مُتجهة نحو الداخل 



توقف "جواد" أمامها لبعض اللحظات يشعر أنه يعرفها أو قد يكون رأها فى مكان ما ، بينما "لبنى" تعرفت عليه من خلال زرقاوتيه المُتميزتان ، لتلمع عينيها بالدموع مُتذكرة هذا الطفل البرئ الذى كانت تحبه كثيرا وتعشق اللعب معه وحبه الشديد لها وتعلقه الكبير بها ، جذبت "لبنى" ذراع "جواد" راغمة إياه على أحتضانه ، بينما شعر "جواد" بالصدمة والغرابة مما فعلته تلك المرأة ليلاحظ وجود والده خلفها ، لينظر له بأستفسار وكاد أن يتحدث ليقاطعه صوت "ديانة" صارخة بفزع 



أسرع كلا من "جواد" و "هاشم" و "لبنى" فى الدخول إلى الفيلا ، صرخت "لبنى" عندما رأت العاملة مُلقاة أرضا والدماء تسيل من رأسها لتتشبس فى ذراع "هاشم" رادفة بفزع وذعر : 



_ بنتى يا هاشم 



صُعق "جواد" مما تفوهت به تلك المرأة لينظر لها بصدمة وكأنه أصيب بشلل فى ثائر جسده ، سريعا ما حول نظره نحو والده وملامح الصدمة لا تُفاق وجهه ، لاحظ "هاشم" علامات الاستفهام التى أعتلت وجه أبنه ليصح بحزم موجها حديثه نحو أبنه رادفا بحدة : 



_ نلحق ديانة وبعد كده هفهمك كل حاجه 



تفرق كلا منهما إلى قصمين للبحث عن "ديانة" ليذهب "هاشم" و "لبنى" لمكان و "جواد" فى مكان أخر ، أفكار كثيرة سيطرت على عقل "جواد" ومخاوف كثيرة أيضا أمتلكته ، يا لا ساعدته إذا كانت "لبنى" لم تكن تريد أن تقتل والدته وأن تكون حقا مظلومة ، وأيضا يا لا تعاسته إذا كان كل ما فعله ب "ديانة" كان على باطل ، فهذا سيجعلها لن تُسامحه مهما فعل 



كانت تلك الأفكار تتطرق فى رأس "جواد" وهو يركض صاعدا السلم مُتوجها نحو سطع المنزل ظننا منه أنها قد تكون بالاعلى وبالفعل وجده مفتوحا ، تواجد "جواد" على السطح ليرى "هناء" تقوم بسحب "ديانة" نحو الحافة ، صرخ "جواد" عليها بفزع رادفا بذعر : 



_ ديانة 



إلتفتت "هناء" نحو الصوت وقد شدت على قبضتها حول ذراع "ديانة" واليد الأخرى جذبتها من شعرها لتصرخ "ديانة" بألم ، بينما صرخت "هناء" على "جواد" مُحذرة إياه رادفة بحدة وحزم : 



_ خليك مكانك أحسن ما أرميهالك من هنا 



أومأ لها "جواد" بالموافقة وهو يشعر بأن قلبه يرتجف رعبا من أن تفعل شيئا ب "ديانة" رادفا بلهفة : 



_ حاضر ، حاضر ، أنا مكانى أهو ، بس سيبى ديانة ، هى ملهاش دعوة بحاجه 



ضحكت "هناء" بسخرية رادفة بأستهزاء : 



_ ملهاش دعوة !! ، ده هى أهم حاجه فى الموضوع ده كله من أوله لأخره ، هى اللى هتحنن قلب شرف عليا وتخليى يحبنى لما يلاقينى جيبهالوا معايا 



لم يستطيع "جواد" فهم ما تُحاول "هناء" قوله ، هو لا يعلم عن أمر حب "هناء" ل "شرف" ، كل ما يعرفه هو أن "هناء" تنوى على قتل نفسها وقتل "ديانة" معها ، بينما كان "جواد" يُفكر جذبت "هناء" "ديانة" نحو الحافة وتشبست بها جيدا عازما على القفز بها ، كادت "هناء" أن تقفز ليمنعاها صوت يكاد يكون مألوف بالنسبة لها صارخا بحدة : 



_ هناااء ، أبعدى عن بنتى يا هناء 



صُعقت "هناء" مما أستمعت إليه لتلتف سريعا وتقع عينيها بعين "لبنى" لتصرخ بفزع وذعر وقد رخت قبضتها عن "ديانة" وصاحت ظننا منها أنها تتوهم بوجود "لبنى" لتردف برعب : 



_ لااا ، أنتى موتى يا لبنى ، أنتى مش حقيقيه ، ده مجرد تخيل عشان خلاص هموت ، انتى موتى يا لبنى 



أستغل "جواد" نقاش كلا من "هناء" و "لبنى" وأخذ يُحاول أن يقترب من "ديانة" ولكن بحذر شديد مُحاولا أن لا تراه "هناء" ، بينما صاحت "لبنى" موجهة حديثها نحو "هناء" رادفة بصراخ : 



_ لا أنا مموتش يا هناء ، ولو فيه حق ليكى عندى تعالى وخدى منى أنا ، ملكيش دعوة ببنتى يا هناء 



صرخت بها "هناء" بغضب وكراهية شاعرة بأن كل ما فعلة طوال العشرون عاما من قتل شقيقتها لموت "شرف" لعجز "ماجدة" قد أصبح سرابا ولم يتحقق أى من أهدافها ، لتصيح "هناء" رادفة بتشتت وحدة : 



_ أنتى كان لازم تكونى موتى ، أيوه أنتى موتى من زمان ، أنتى بتكدبى يا لبنى ، أنتى ميته فاهمه أنتى ميته 



أستغل "جواد" تشتت "هناء" وسريعا ما قام بسحب "ديانة" من بين يديها وفى نفس اللحظة كانت "هناء" قد أستعدت لأن تقفز وتقوم بسحب "ديانة" معها ، وبالفعل قفزت "هناء" من فوق السور ولكنها لاحظت وهى تقفز بأن "ديانة" أستطاعت الأفلات من بين يدها ، ولكنها أيضا لاحظت أن هناك شيئا ما قد تعلق بيدها لترفع بصرها لتجده "جواد" مُمسكا بيدها مُحاولا إنقاذها 



شعرت "هناء" بأنها ستخرج من هذه الحياة بدون شيئا وأنها ستكون هى وحدها الخاسرة فى تلك اللعبة التى بدأتها منذ أكثر من عشرون عاما ، لا لن تسمح بأن تخسر أبدا إن كان لابد من أن تموت فهى لن تموت وحدها وإن كانت لن تستطيع أن تأخذ "ديانة" فالحظ يعطيها فرصة أخرى بأن تأخذ "جواد" ، فى جميع الأحوال فهى لن تترك الفرحة تغمر قلب "لبنى" وأبنتها 



فى هذه اللحظة وصلت "زينة" بصحبة "مالك" بعد ما أخبرتها "ماجدة" بكل ما حدث يوم الحادث ، بمجرد أن رأت "زينة" "هناء" مُتعلقة بذراع "جواد" صرخت بكثير من الرعب على شقيقها رادفة بذعر : 



_ جواد ، خلى بالك يا جواد 



بينما "هناء" كانت تُحاول أن تقوم بسحب جسد "جواد" إلى الأسفل مُعتمدة على ثقل جسدها بدلا من أن تُحاول أن ترفع نفسها إلى الأعلى ، لتمتد يدها الأخرى مُحاوله جذبه إلى أسفل ليستجيب لها جسد "جواد" ويقوم بالأنخفاض معها 



لاحظ كلا من "هاشم" و "لبنى" و "ديانة" بأن جسد "جواد" يُسحب نحو الأسفل ليتشبث به الجميع مُحاولا إنقاذه ، لتصرخ "لبنى" مُحاوله إيقاف "هناء" رادفة ببكاء : 



_ سيبيه يا هناء ، حرام عليكى ، مش كفاية قتلتى أمه !! 



كادت "هناء" أن تصيح بوجهها ولكن أوقفها تذكر تلك الطريقة التى قتلت بها شقيقتها ، وسريعا ما رات شقيقتها "تهانى" تقف بجانب "جواد" وهى تبتسم وتقوم بسحب ذراعيه الذى تتشبث به "هناء" ، لتفزع "هناء" من رؤية شقيقتها على نفس الحالة التى قتلتها بها وتلك الأبرة المُنغرزة داخل عنقها ، لتترك "هناء" يد "جواد" من هول فزعها وتسقط من فوق سطح البناية 



صرخت "زينة" عندما رأت "هناء" تسقط من أعلى ، لتدفن وجهها داخل صدر "مالك" بفزع ورعب ، بينما "هناء" قد سقطت على ظهرها على إحدى درجات السُلم أمام باب الفيلا 



يُتبع...