-->

الفصل الخامس والثلاثون (الأخير) - ظلمات حصونة




 الفصل الخامس والثلاثون

 (الأخير)


ها هى ملازمة الفراش لا حول لها ولا قوة ، تلك المرأة المُتجبرة التى أعتاد الجميع على رؤيتها ورؤية قسوتها وجحود قلبها ، ها هى الأن لا تستطيع أن تهش بعوضة تضايقها ، ها وقد شربت من صنع يداها ، بعد أن قتلت شقيقتها وعجزت أبنة عمها وألقت بالذنب على شخصا أخر وأذت جميع من حولها لدرجة أنه لم يسلم أحد من أذية تلك المرأة ، وها هى اليوم تُعاقب على كل ما فعلته من أذية لأشخاص دمرت حياتهم جميعا


نعم هى أصيبت بعجز كامل فى كل جسدها ولكن ليس لسانها ، فهى لاتزال تسيطيع الكلام ، يمكن أن يكون الله أعطاها فرصة أخرى لتطلب السماع والمغفرته منه ومن من أذتهم ، ولكن محظوظون من يستغلون تلك الفرص التى يعطيهم إياها الله ويكفرون عن اخطائهم ، ولكنها ليست من هؤلاء المحظوظون ، بعد كل ما حدث هل ترى نفسها خاطئة أم لا؟! ، هل ستعترف بذنبها ولو حتى بينها وبين نفسها!!


دلف "جواد" غرفة "هناء" بعد أن أستمع لنصيحة طبيبه النفسى الذى نصحه بأن يوجه تلك المرأة ولو لمرة أخيرة حتى يثبت لنفسه أنه لم يعد يغشها بعد الأن وحتى ولو كانت لاتزال بكامل صحتها ، لقد حُرر ذلك الطفل الذى ظلت حابسة إياه لسنوات طوال ، بينما حولت "هناء" رأسها وهى نائمة على الفراش لكى ترى من الشخص الذى جاء لها!!


أتسعت عينى "هناء" بصدمة عندما رات "جواد" أمامها ، فهو أخر شخص كانت تتوقع أن يأتى لزياتها وهى بتلك الحالة التى هى عليها الأن ، ذلك الطفل الذى عاش حياته كلها يحاول الهروب من أمامها وتجاهلها ، ها هو الأن ياتى إليها بكامل إرادته ، يا ترى ماذا يريد؟! ، أبتسمت "هناء" بسخرية وهى تنظر نحو "جواد" رادفة بأستهزاء :


_ جى تشمت فيا يا أبن تهانى!! ولا تكونش جى تطمن عليا!! ، مهو أصل القط ميحبش إلا خناقه


دلف "جواد" الغرفة وهو يبتسم على كلماتها وقد أمتدت يده لسحب إحدى الكراسى ووضعه بجانب سريرها ، أمتعضت ملامح "هناء" بالإنزعاج فور رؤيتها لتلك البسمة الغير مباليه لحديثها ، ليزيد "جواد" إنزعاجها رادفا بسخرية :


_ خناق مين بقى ما خلاص ، ربنا هدك وخلص منك


أشتعلت النيران فى أعين "هناء" وبالطبع أصبحت الدماء فى عروقها تغلى من كثرة غضبها ، لتصيح "هناء" بوجه يملأه الغضب والكراهية رادفة بإنفعال :


_ جى ليه يا جواد؟!


أقترب "جواد" منها بكثير من الألم والحرقة لا يعلم بماذا يبدا حديثه!! على ماذا يعتبها أولا!! حسنا ليسألها عن بداية تلك اللعنه وما الخطأ الذى أرتكبه أحدهم بها لتفعل بهم كل هذا ، أضاف "جواد" مُعقبا بإستفسار :


_ جى أشوف الست اللى حرمتنى من أمى وعيشتى مكسور وضعيف وجبان طول عمرى ، الست اللى عجزت عمتى وأتسببت فى موت عمى وكانت بتحاول تقتل مراتى وأبنى ، الست اللى عملت لعبة وسخه على أختى وسببتلها أذى هيلازمها طول العمر ، جى أقولك ليه عملتى فينا كلما كده؟!


كان "جواد" يسألها بصوت منخفض مراعيا الحالة التى هى بها الأن كى لا تظن أنه جاء لكى يشمت بها أو بعجزها ولكنه كان يريد أن يجد لديها سيبا ما أولها لكل تلك الأشياء مُحاولا إيجاد مبرر واحد أو حتى تطلب المغفرة عما فعلته ، ولكن ردها خاب توقعاته ، صاحت "هناء" رادفة بغضب وإنزعاج :


_ وأشمعنا أنا أتعمل فيا كده!! ، أشمعنا أنا اللى أحب واحد مش حاسس بيا!! ، أشمعنا أنا اللى أعد أصلى وأدعى وأعيط وأتمنى طول حياتى إن الشخص اللى بحبه ده يكون ليا وميتحققليش طلبى!! ، أشمعنا أنا اللى ماخدش اللى بحبه!! تهانى أتجوزت هاشم وهى كانت بتحبه ، وماجدة أتجوزت عامر وكانت بتحبه ، ولبنى أتجوزت شرف اللى أنا كنت بحبه


قالت "هناء" جملتها الأخيرة تلك بصراخ مرير وحرقة واضحة فى نبرة صوتها مما جعل "جواد" ينصدم من تلك الحرقة التى تسببت فى تجميع الدموع فى عينيها ، بينما "هناء" أكملت حديثها بنفس ذلك الغضب والإنزعاج بالإضافة إلى ذلك النحيب رادفة بأستفسار :


_ أشمعنا أنا اللى يحصل معايا كده؟! ، يوم ما هاشم كان جى يطلب تهانى للجواز كنت فاكرة شرف كمان هيطلبنى ، بس هو مقالش حاجه وكل أمالى خابت وقتها بس مفقدش الأمل ، قولت لماجدة نروح ونعيش معاهم فى أسكندرية وبكدا أبقى قدامه على طول ويبقى شايفنى وقلبه يحن!! ، بس ده محصلش وفضلت صابرة وساكته لحد ما جيه يوم وقال أنا عايز أتجوز ، قولت بس خلاص أخيرا حس بيا وهكون معاها!! بس بردو خيب أملى للمرة التانى وكسر قلبى ، قال أنه بيحب واحد زميلته وعايز يتجوزها ، ده حتى مخدش باله إنى كنت بحبه على الرغم من إنى كنت بحاول أوصلهاله كتير أوى


أجهشت "هناء" فى البكاء وذادت شهقاتها ، بينما "جواد" ظل ينظر لها ومستمع لما تقوله ، لا يعرف أيتأثر بما تقوله!! أم يلعنها ويلعن هوسها ذاك!! هى هى نادمة أم لا؟! ، كسرت "هناء" ذلك الصمت وقد عادت إلى ذلك الجبروت وكأنها إمراة أخرى غير التى كانت تشهق منذ قليل ، لتصيح "هناء" رادفة بغضب وكراهية :


_ وقتها حلفت إنى ما أسبهولها أبدا ولازم أخليه يرجعلى مهما حصل ، بعد ما شرف أتجوز لبنى كلمت الخدامة بتاعتهم وأتفقت معاها تحط للبنى دايما حبوب منع الحمل فى الأكل أو العصير واللى كان مخلى لعبتى فضلت شغاله لمدة خمس سنين ، هو إن لبنى كانت عبيطه ومش عايزه تروح تكشف ، كانت بتقول إن كل حاجه بتيجى بوقتها ولو عندها مشكلة مش هتبقى عايزه تسمع ده بودنها ، ده أدانى فرصه أكلم شرف وأقوله أنه يطلقها ويسبها بس هو كان متماسك بيها


أمتعضت ملامح "هناء" بغضب شديد وهى تكمل حديثها رادفة بكراهية وحقد :


_ بس بردو القدر عاندنى للمرة المليون وغيرلى كل خططتى ، شرف قرر فجأة أنه ياخد لبنى ويسافروا أسبوعين برا مصر ، كنت عارفه إن بسبب السفرية دى لبنى ممكن تحمل بس فضلت أدعى إن ده ميحصلش وإن الحبوب تكون أثرت عليها ، بس ده محصلش ولبنى وشرف رجعوا وبعدها بأسبوعين أكتشفنا إنها حامل


تهاوت بعض الدموع من أعين "هناء" ولكنها لم تقلل من غضبها وكراهيتها مُضيفة بإنزعاج :


_ كل البيت كان فرحان بيها وبحملها ، حتى أختى وبنت عمى اللى هى صحبتى اللى هما أصلا كانوا عارفين إنى بحب شرف وإنى قلبى هيتكسر بسبب الحمل ده ، ومع ذلك محدش فرق معاه حاجة!! أنا بس اللى فضل قلبى يوجعنى وخاطرى مكسور وأنا شايفه بطنها بتكبر كل يوم وشرف بيتعلق بيها أكتر ، كنت بفكر مع نفسى إن الحمل ده المفروض يكون عندى أنا مش عندها هى ، المفروض إنى أنا اللى أكون مراته وأم أطفاله مش هى ، إشمعنا هى تكون معاه وأنا لا؟!


ظل "جواد" ينظر لها وهو لا يتوقع أن هناك مثل هذا الحقد والكراهية داخل قلب إنسان!! هل هذا هو السبب الذى جعلها تنتقم من الجميع؟! ، كان أن يسألها ولكنها قاطعته رادفة بكراهية واضحة فى نبرتها :


_ حتى أنت كمان ، أنت كمان كنت متعلق ب لبنى أوى أكتر منى وكانها هى اللى من دمك مش أنا ، كرهتك أنت كمان ، كرهتك زى ما كرهتهم كلهم ، فضلت ساكته ساكته لحد ما حملها كمل وولدت وبعدها مقدرتش أستحمل أكتر من كده


تذكرت "هناء" هذا اليوم الملعون ولكن بالطبع ليس بالنسبة لها ، لتضيف "هناء" وهى تنظر نحو "جواد" رادفة بملامح ممتعضة :


_ أتخنقت معاها على السلم وكنت عايزه أزقها وأعمل نفسى شوفتها وهى بتقع وأقولهم بس بعد ما أتأكد إن نفسها أتقطع ، بس تهانى وماجدة أدخلوا فى وقت غلط خالص وعصبونى لدرجة إنى بدل ما أزوق لبنى ، زقيت تهانى غصب عنى مكنتش أقصدها هى ، من كتر خوفى رميت ماجدة كمان عشان أقول إن لبنى هى اللى عملت كده


أنفجرت "هناء" فى البكاء مرة أخرى ولكن ليس فيما فعلته فى شقيقتها وأبنة عمها ، بل لاننا بلغت ذلك الخبر ل "شرف" وتسببت فى موته ، رادفة بندم وحسرة :


_ كان نفسى لسانى يتقطع قبل ما أتصل بشرف وأقوله حاجه ، من غير ما أقصد أتسببت فى موت الأنسان الوحيد اللى عملت كل ده عشانه ، كنت عايزه يكرها ويرميها برا حياتنا ويعرف قيمتى وقيمة حبى ، بس هو اللى مات وهى اللى عاشت ، كرهتها أكتر وصممت إنى مضيعش موت شرف بالساهل ولازم أموتها هى كمان حتى لو كان السبب أيه!!


عادت ملامحها للجبروت والحدة مرة أخرى وكأنها تتلاعب إحدى الأدوار الدرامية أمام لحنة تحكيم ما ، بينما أكملت وهى لا تشعر ولو بقدر بسيط من الندم على ما فعلته رادفة بغضب :


_ قتلت تهانى بعد اللى فى بطنها ما مات عشان أخلى هاشم يكره لبنى أكتر وكنت هقتل ماجدة كمان عشان متقولش عن اللى حصل ، بس لما أكتشفت إنها هتعيش من غير حركة أو كلام سبتها ، سبتها عشان تفضل معايا وكمان عشان نار الأنتقام فى قلب هاشم متنطفيش وهو شايف أخته بالمنظر ده بسبب لبنى وعشان ميترددش لحظه فى قتلها هى وبنتها


لم يصدق "جواد" ما كانت يستمع إليه من تلك المرأة الشيطانة المُتجسدة على هيئة إنسان!! هل هناك إناس يفعلون ما فعلته تلك المرة؟! هل هناك إنسان تجرد من كل معانى الرحة والأنسانيه ليفعل بعائلته تلك الجرأم البشعة!! حتى شقيقتها لم تسلم منها ولكن "جواد" أراد أن يخرج كل ما بداخلها رادفا بإستفسار :


_ طب وأنا!! عملتى فيا كده ليه؟!


_ عشان أنت كنت بتحب لبنى أكتر منى ، أول ما شوفت بنتها عرفت إنك هتكبر فى يوم من الأيام وهتحبها ، كمان أبوك وأبوها تقريبا كانوا حجزينكم لبعض ، رغم إن أبويا بردو كان حاجزنى لشرف وهو محبنيش ، ليه أسيب بنته تحب وتفرح وأنا مفرحتش ، ربيتك على القسوة والكره عشان يوم ما تمسك بنت لبنى تاكلها بسنانك وتقطع من لحمها ، بس أنت كنت خ** معاها أوى وبدل ما تكرها أكتر حبتها يا خيخة


أغمض "جواد" عينيه بهدوء وهو يرطب شفتيه بواسطه لسانه مُحاولا عدم الإنفعال أمامها مُقدرا حالتها رادفا بإستفسار أكتر :


_ طب وأختى عملتلك أيه عشان تدخليها هى كمان؟!


ضحكت "هناء" بسخرية على سؤال "جواد" الذى يبدو أنه يحقق معها ويريد معرفة كل شيء ، حسنا ستخبرة بكل شيء عساها تستطيع إخراج ذلك الوحش التر ربته بداخلة لكى يقتلها ويخلصها من هذا العذاب ، لتجيبه "هناء" رادفة بكراهية :


_ أختك عمرها ما حبتنى ، دايما كانت بتحب ماجدة وبتقعد معاها رغم إنها تقريبا ميته ، كانت بتحاول تبعد عنى أوى وكمان كانت قريبه من هاشم ومدلعه ومعرفتش أسيطر عليها زيك ، وأكتر حاجه كرهتنى فيها إنها حبت ، حبت اللى أسمه مالك ده وسمعتها وهى بتعرف ماجدة ، أشمعنا هى تحب وتكون مع حبيبها وأنا لا ، بعت ناس يخطفوها ويحطوها فى شقة إياد ويخلوه يجى ويخدروه وبعت رسالتين واحدة ل مالك والتانيه ليك


شعر "جواد" بالدهشة والأستغراب لقليلا من الوقت ، فهو لا يتذكر أن هناك رسالة ما تلقاها على هاتفه فى هذا اليوم تخص "زينة" أو "إياد" ، ولكن سريعا ما تذكر "جواد" أنه رأى "ديانة" ممسكة بهاتفة فى هذا اليوم عندما خرج من المرحاض ، ليتأكد "جواد" أن "ديانة" هى من مسحت الرساله وأنقذته من مخطط تلك المرأة الشيطانة ، ليقطع تفكيره صوت "هناء" رادفة بغضب :


_ كنت عايزاك تشوفها فى الوضع ده وتشوف مالك وإياد وتفتكرهم بيتناوبوا عليها وتقتلهم هما الأتنين ، وقبل ما تسألنى ليه!! هقولك عشان أحرق قلب ديانة على مالك عشان أنا عارفة إنها بتحبه زى أخوها ولما تعرف إنك قتلته تكرهك أكتر وتضطرك إنك تقتلها ، أما بقى بالنسبة ل إياد فده عيل فتان ووسخ سمع كلامى مع كوثر وإتفاقى إنها تقتل الجنين اللى كان مجننك إنت وأبوك ومحببكم فيها ، راح الكلب ده وقالك كان لازم أنتقم منه وأخليه يموت ، بس كل مخططى باظ عشان أنت مروحتش ، أنا لحد دلوقتى مش فهمة أنت أزاى مروحتش تشوفهم


أبتسم لها "جواد" بكثير من الشكر والأمتنان ل "ديانة" بداخلة مُجيبا على سؤالها رادفا براحة وفخر :


_ رحمة ربنا ، رحمة ربنا اللى حط فى طريقى واحدة زى ديانة اللى متأكد إنها ورا حذف الرساله دى ، ديانة هى الملاك الحارس والمنقذ اللى بعتهولى ربنا فى الوقت المناسب ، بعتهالى عشان تنقذنى من قسوتك وجحودك اللى زرعتيهم جوايا ، رجعتلى القوة اللى سلبتيها منى من سنين طويلة ، معاها حسيت إنى راجل بجد وعندى مشاعر وأحاسيس زى الناس ، رجعتنى أعيش من تانى وأنا فى المقابل كنت بموتها كل يوم بالحياة بسبب وسوستك اللى أوسخ من وسوسة الشيطان


قال "جواد" جملته الأخيرة تلك بصراخ وإنفعال وكأنه سمح لهذا الركان بداخله أن ينفجر ، بينما أنتفض جسد "هناء" متأثرا بصراخه ، ليكمل "جواد" مُضيفا بكثير من الغضب والكراهية رادفا بحدة :


_ أنا بكرهك يا هناء ، أه كنت جى وخايف بس مكنتش خايف منك أنتى لا ، كنت خايف أتهور وأقتلك بس تصدقى إنك متستهليش الموت ، الموت راحة للى زيك ، أنتى لازم تعيشى كتير أوى ، تعيشى لحد ما تعفنى على السرير ده مش قادره تتقلبى أو ترفعى صباع حتى ، زى ما عملتى فى عمتى ماجدة بالظبط ، بس إنتى عارفه بقى الفرق بينكم أيه ، الفرق إنها مكنتش قادرة تتكلم أو توصف وجعها إنما أنتى قادرة توصفى وجعك وتعرفينا إنتى بتتوجعى قد أيه عشان كل الدنيا تتاكد بإن كما تدين تدان وإن أى حد مظلوم حقه هيرجعله فى يوم من الأيام


صاحت به "هناء" بغضب وإنزعاج مماثل له مصدومة من تلك الطريقة التى يتحدث بها معها رادفة بصراخ :


_ مالك يا جواد فيه أيه؟! أنت نسيت نفسك يا و** أنت ولا أيه؟! أنا هناء يلا ، هناء اللى أنت كنت لحد من كام يوم كنت بتترعب منها وبتعملها ألف حساب ، أكتشفت إنك راجل فجأة وبتعرف تتكلم قدامى لما وقعت ومبقتش بقدر أتحرك


ضحك "جواد" بكثير من السخرية والأستهزاء على حديثها الوضح عليه إنها أصبحت تخشاه رادفا بأشمئزاز :


_ عارفة لو كنت فضلت جواد اللى أنتى ربيتيه كنت ممكن أصدقك أنى أعمل كده ، بس جواد اللى أنتى ربيتيه خلاص راح ، أتعالج وأتجوز وخلف وبيحب مراته وأبنه وهيحافظ عليهم مهما كلفه الأمر ، وهرجع الفرح والسعادة لبيتنا من جديد لدرجه إنهم هينسوكى وينسوا كل اللى عملتيه فيهم


نهض "جواد" من على الكرسى الذى كان يجلس عليه مُلقيا نظره فى أعيُن "هناء" رادفا براحة وسعادة :


_ أه بالمناسبة أنا سميت أبنى نور ومش بقولك كده عشان تفرحيلى مثلا ، أنا بقولك كده عشان بس تبقى عارفه أنه هو اللى هيبقى النور اللى هينور الضلمة اللى عملتيها فى حياتنا


بدأ "جواد" فى السير نحو باب الغرفة عازما على الخروج من هذا المكان ، ليمنعه صوت بكاء "هناء" ونحيبها المرير مُتضرعة له رادفى بترجى وضعف :


_ موتنى يا جواد ، أبوس رجلك موتنى أنا مش هقدر أعيش كده


صُغق "جواد" من طلبها ، هل هذه هى نفس تلك المرأة المُتجبرة التى ربته!! ، تلك المرأة التى كان يخشلها الجميع ها هى تتمنى الموت وحتى إنها لا تستطيع أن تحصل عليه ، ألتفت إليها "جواد" مرة أخرى رادفا بكراهية :


_ أدعى ربك هو اللى ياخدك ويريحك رغم إنى أشك إن واحدة زيك ممكن ترتاح ، مش قادرة تستحملى وضع خليتى فيه عمتى ماجدة لأكتر من عشرين سنه ، خليتى لبنى تتحبس عشرين سنه ، خليتى حياتى أنا وأهلى جحيم لمدة عشرين سنه ، وأنا النهاردة بتمناك عشرين سنه تجربى فيهم اللى أنتى عملتيه فينا


فتح "جواد" باب الغرفة وتوجه للخروج من الغرفة تاركا "هناء" خلفه تبكى وتصرخ بكثير من الغضب والكراهية رادفة بحقد وتمنى شديد :


_ أنا بكرهك يا جواد ، بكرهك أنت وأهلك كلهم ، لو فى دعوة ممكن تتقابلى وتريحنى هتكون هى إنى أسمع خبر موتكم كلكم ، بكرهكوا


❈ - ❈ - ❈ 



كانت "زينة" تجلس بمكان ما داخل القصر بمفردها وهى تبكى بكثيرأ من الحزن والإنكسار ، نعم "مالك" لم يتخلى عنها وها هو عرسهم خلال بضعة أيام ولكنها لا تشعر بأية فرحة أو سعادة ، هى تشعر بالإنكسار بسبب ما فعله بها "مالك" وعلى الرغم من أن كل ما حدث فى هذا اليوم لم يكن خطائها ولكنها تشعر بالذنب والغضب تجاه نفسها ، لو لم تذهب به فى هذا اليوم الملعون!! لما كان حدث كل هذا منش البداية ، نعم هى زفافها بعد أيام قليله على ذلك الشخص التى كانت تعشقه حد اللعنه ولكنها ليست سعيدة ، هى تشعر أن "مالك" سيتزوجها فقط ليصلح خطأه ولكن ليس من أجلها هى ، أغمضت "زينة" عينيها بألم وكسرة على كل ما حدث لها ، ليأتيها صوت والدها رادفا بأستفسار : 



_ هتفضلى تعيطى كده لحد أمتى!!


ألتفت إليه "زينة" بلهفة وإشتياق رادفة بإنكسار :


_ بابا


ضمها "هاشم" إلى صدره مواسيا إياها على ما تشعر به من خذلان وإنكسار بسبب ما تعرضت له بسبب الجميع وليس بسبب "هناء" و"مالك" فقط ، ربط "هاشم" على ظهر "زينة" مُحاولا التهوين عنها رادفا بمرح :


_ فى عروسة حلوة كده فرحها بعد أسبوع تبقى أعده القعدة دى وبتعيط!!


أزدادت "زينة" فى بكائها وأخذت تنتفض داخل صدر والدتها شاعرة بالذنب والندم رادفة بنحيب وإعتذار :


_ أنا أسفة يا بابا ، أرجوك سامحنى


جذبها "هاشم" إلى صدره أكثر مُحاولا أن يهدأ من روعة أنته وإعفائها من ذلك الذنب ، ليربط على ظهرها بحنان وعاطفة رادفا بإنفعال وإعتذار :


_ لا يا بنتى أنتى اللى سامحينى ، كل اللى حصلك ده كان بسببى ، القدر حرمكم من أمكم وأنا حركتكم منى وسبت واحده زى هناء هى اللى تتحكم فيكم وفى مصيركم ، مكنتش أب كويس زى باقى الأبهات ، سبت الغضب والكراهيه تعمى عنيا عنكم ، اللى حصلك ده كان عقاب من ربنا ليا على اللى أنا عملته فى لبنى وديانة وفيكوا أنتوا كمان ، أنا اللى زرعت هناء وسطنا وسبتها تحدد مصايرنا كلنا ، سامحونى يا بنتى أنا فعلا أسف


تشبثت "زينة" جيدا فى رقبة والدها وهى تدفن وجهها داخل عنقه وكأنها تكتسب منه قوتها وراحتها ، مُضيفة ببكاء وتأثر بما قاله والدها قائلة :


_ أنت أحسن أب فى الدنيا يا حبيبى


فى تلك اللحظة دلف كلا من "لبنى" و"ديانة" لتتوجه "لبنى" نحو "زينة" معانقة إياها بحب وحنان وعاطفة أمومة رادفة بتأثر وأعين دامعة :


_ كفاية حزن بقى سيبى الفرحة تتدخل قلبك أي كان اللى حصل أنسيه يا بنتى وأبدأ من جديد


أومات لها "زينة" بالموافقة على حديثها وهى تُبادلها العناق بكثير من الحب والإمتنان ، لتتدخل "ديانة" مُحاولة تغير تلك الأجواء الحزينة رادفة بمرح ومشاكسة موجهة حديثها نحو "زينة" قائلة :


_ يله يا حبيبتى معندناش عرايس تقعد القعدة دى لسه عندنا تجهيزات ، الفستان والميكب أرتست و ...


قطع حديثها صوت "هاشم" الذى صاح مُناديا على أبنه رادفا بصوت عالى نسبيا كى يُنبه :


_ جواد


توقفا "ديانة" رغما عنها عندمل شعرت بوجوده فى نفس ذلك المكان الموجوده هى به ، للتوتر "ديانة" ويبدا جسدها فى الأرتجاب بسبب كل ذلك الأرتباك التى تشعر به وهى قريبة منه ، ليزيد توترها ورجفتها سماع صوته الثقيل الذى وقع على مسامعها رادفا بهدوء وثبات :


_ نعم يا بابا!!


نظر له "هاشم" بهدوء مُتأكدا أن هذه هى اللحظة المناسبة للإفصاح عما قرره هو و "لبنى" منذ عدة أيام رادفا بهدوء وثبات موجها حديثه نحو الجميع قائلا :


_ فى حاجه مهمه جدا عايز أقولكم عليها


شعرت "لبنى" بكثيرا من التوتر والإرتباك فور شعورها لمعرفة ما هو الشيء الذى يريد أن يتحدث عنه "هاشم" أمام الجميع ، لماذا دائما يضعها فى مثل هذه المواقف ذلك العجوز الأحمق ، ليكسر توترها صوت "زينة" التى صاحت مستفسرة رادفة بتعجب :


_ حاجة أيه يا بابا؟!


نظر "هاشم" إلى أبنته لثوانٍ ثم حول نظره سريعا نحو "لبنى" مُطالعا إياها بكثير من الحب واللهفة رادفا بسعادة وفرح :


_ أنا هتجوز لبنى


وقعت تلك الجمله على الجميع مثل الصاعقة ، لم يكن هناك أحدا منهم يتوقع مثل هذا الشيء!! كيف يمكن أن يكون "هاشم" و "لبنى" معا؟! ، كيف جعلها تسامحه على الرغم من كل ما فعله بها ، كيف جعلها توافق أن تكون معه وتتزوجه رغم أنه حبسها لأكثر من عشرون عاما؟! 


نعم كان الجميع مُنصدم مما أستمعوا إليه لتو ولكن ليس كصدمة "ديانة" التى رأت المضوع من منظورا أخر تماما ، معنى أن والدتها ستتزوج من عمها ذلك سيجعلها تعيش فى نفس المنزل الذى يعيش فيه عمها ، وهذا يعنى إنها حتى بعد إنفصالها ستظل ترى وجه هذا البغيض "جواد" كلما أتى إلى القصر؟! اللعنة على حظها العسر 


بينما أبتسم "جواد" بعد أن فاق من صدمته مدركا ما كان يعنيه والده عندما تحدثان معا فى الصباح ، ليحول "جواد" نظره نحو "ديانة" مُتمنيا بينه وبين نفسه أن يستطيع أن يخرج فكرة الطلاق تلك من رأسها وأن يجعلها تسامحه وتعطى إياه فرصة أخرى


كسر ذلك الصمت صوت "ماجدة" التى أنفجرت بالتهاليل والصياح أى "الزغاريط" وهى تسير نحو العائلة بأكملها بصحبة زوجها "عامر" بعد أن أستمعا إلى ما قاله "هاشم" ، ليزجرها "عامر" بمرح ومشاكسة فى "لبنى" رادفا بمراوغة :


_ أستنى بس يا ماجدة ناخد رأى العروسة الأول؟!


أجابته "ماجدة" وهى تنظر نحو "لبنى" مُعقبة بكثير من المرح والمشاكسة رادفة بمراوغة :


_ أسكت أنت السكوت علامة الرضا ، ولا أيه يا لبنى؟!


قالتها وهى تغمز بعينيها إليها ، ضحكت "لبنى" متذكرة إنها من قالت نفس تلك الجملة ل"شرف" عندما أتى "عامر" لزواج من "ماجدة" ، لتصيح "لبنى" موجهة حديثها نحو "ماجدة" وهى بتضحك رادفة بإستنكار :


_ دا أنتى قلبك أسود أوى


أجابتها "ماجدة" وهى تسير نحوها وتلك البسمة السعيدة تملئ وجهها رادفة بمرح :


_ لا وأنتى الصادقة دى سخرية القدر


ضحك كلا من "ماجدة" و"لبنى" وتبادل كلاهما العناق مُعبرين لبعضهم عن مدى حبهم لبعض ، لتصيح "ماجدة" موجهة حديثها نحو "لبنى" رادفة بسعادة حقيقية :


_ مبروك يا لبنى


بأدلتها الأخرى العناق بكثير من الحب والإمتنان رادفة بصدق :


_ الله يبارك فيكى يا ماجدة


صاح "عامر" موجها حديثه نحو "هاشم" الذى كانت السعادة واضحة فى عينيه رادفا بإستفسار :


_ ها طب هنفرح بيكوا أمتى بقى يا عم هاشم؟!


أجابه "هاشم" وهو يحتضن "زينة" ويضمها إلى صدره رادفا بتأكيد :


_ المأذون اللى هيكتب كتاب زينة ومالك ، هيكتب كتابى أنا ولبنى


على ذكر سيرة المأذون نظرت "ديانة" إلى "جواد" الذى لاحظ نظرتها تلك وقد فهم المغزى من تلك النظرة ، ليحول نظره إلى الجهة الأخرى لاعنِ حظه ، لتحاول "ديانة" أن تقترب من "جواد" دون أن يلاحظها أحد وتخرب عليهم سعادتهم ، بينما صاح "عامر" موجها حديثه نحو "هاشم" رادفا بفرح وسرور :


_ على خيرة الله يا أبن عمى ، ربنا يسعدك ويعوضكم خير عن كل الوحش اللى فات


أبتسم له الجميع مأمنين على ما تمناه "عامر" لهم ، بينما أقتربت "ديانة" من "جواد" لدرجة كبيرة حتى لا يستمع أحدا إليها ، همست "ديانة" إلى "جواد" بصوت منخفض كى لا تلفت الأنظار إليهم رادفة بهدوء وثبات :


_ لو سمحت عايزة أتكلم معاك لوحدنا


ألتفت إليها "جواد" مُقابلا إياها بإبتسامة جميلة وهادئة وهو يهز رأسه لها بالموافقة رادفا بنبرة يفوح منها الحب والإمتنان :


_ حاضر


تحركت "ديانة" من أمامه مُتجهة إلى خارج الغرفة ، ليلحقها "جواد" مُتمنيا أن يستطيع أن يحتوى الموقف ويخرج تلك الفكرة اللعينة من رأسها ، بينما كان "هاشم" و"لبنى" يُتابعا ذلك المشهد منذ أن تحركت "ديانة" من مكانها ، لينظر "هاشم" نحو "لبنى" بسعادة وفرح غامزا لها بعبنيه بمشاكسة ، لتبتسم "لبنى" على حركاته المراوغة


❈ - ❈ - ❈



_ طلقنى


صاحت "ديانة" بتلك الكلمة موجهة حديثها نحو "جواد" بعد أن أبتعدا عن الجميع كى لا يُفسدوا فرحتهم بما يحضرون له من مناسبات سعيدة ، رمقها "جواد" بصدمة ولكن ليس من طلبها فهو متوقع بالنسبة له ، بل صدمته كانت بسبب تسرعها وإصرارها على هذا الأمر حتى إنها لم تعطى له فرصة ليتحدث معها حول هذا الأمر ، بدأ "جواد" فى التحدث مُحاولا التأثير عليها كى تعطيه فرصة لجعلها تسامحه رادفا بضعف وإنكسار :


_ هعملك كل اللى انتى عايزاه ، بس ممكن تسمعينى شويه!!


صاحت به "ديانة" ناهية إياه عما يُفكر فيه مُحطمة جميع أماله فى وجود فرصة لكى تسامحه عما فعل بها ، نعم وهذا حقا لها بعد كل ما فعله بها ، فهو بغبائه وتسرعه حطم كل ما يمكن أن يكون بينهم فى يوما من الأيام ، لتصيح "ديانة" رافضة ما يقوله رادفة بحزم وإصرار :


_ مش عايزه أسمع منك حاجه غير الطلاق


تقدم "جواد" ببعد الخطوات مقتربا منها مُحاولا التأثير عليها بالحديث وإخراج تلك الفكرة البغيضة من رأسها وجعلها تستمع إليه ولو مرة أخيرة رادفا بترجى :


_ ديانة أرجوكى أسمعينى ، أنا ...


قاطعه "ديانة" وهى ترجع إلى الوراء بنفور بمجىد أن أقترب منها شاعرة بالرهبة والإنزعاج ، لتصيح مُضيفة بإنفعال وحدة رادفى بنبرة غير قابلة لنقاش :


_ بقولك مش عايز أسمعك ، طلقنى بقى وخلى عندك كرامة


أغمض "جواد" عينيه بإنكسار شاعرا بتلك الأهانة التى تلقاها لتو بالإضافة إلى إصرارها على عدم منحه فرصة أخرى ومسامحته ، شعر "جواد" بخيبة الأمل مدركا أنها لم تعطيه أيه فرصة للعيش مغها مرة اخرى ، نعم وكيف له أن يفكر أنها ستسامحه بعد كل ما فعله بها!! ، يجب عليه أن يلبى لها رغبتها حتى ولو كانت رغبتها تلك ستجعله يخسر كل شيء بحياته ويعود إلى ذلك الشخص القاسى مرة أخرى ، أبتلع "جواد" تلك الغصة التى تكونت فى حلقه بمرارة ، ببنما تمردت بعض الدموع من زرقاوتيه شعارا بالأنكسار عازما على تنفيذ رغبتها رادفا بألم وإستسلام :


_ أنتى طا ...


كاد أن ينطق بها وتحطم بعدها كل أماله وأحلامه بأن يكون له فرصه فى تلك الحياة ليعيش كأى شخص طبيعى بجانب زوجته وأبنه ، ولكن القدر قرر أن يمنحه فرصة أخرى ليحيا كأى شخص طبيعى ، أوقفه صوت والده الذى تدخل فى الوقت المناسب مانعا إياه من نطقها رادفا بلهفة :


_ أستنى يا جواد


صُدم كلاهما من تدخل "هاشم" المفاجئ والغير محسوب ، بينما وقف "هاشم" بين كلا منهما موجها حديثه نحو "ديانة" رادفا بهدوء وأحترام :


_ تعالى معايا يا ديانة ، عايزك فى كلمتين


شعرت "ديانة" بالتعجب لتدخل عمها فى هذا وترا بماذا يربد ان يتحدث معها فى هذا الوقت ، ولكنها سريعا ما أومأت له برأسها بالموافقة وسارت وراء "هاشم" مُتجهة معه نحو مكتبه


دلف كلا من "هاشم" و "ديانة" إلى مكتبه ليغلق "هاشم" الباب ، بينما تقدمت "ديانة" بالجلوس على أول كرسى قابلها ، جلس "هاشم" فى مُقابلتها ويبدو على وجهه ملامح الحرج والأرتباك رادفا بتمنى :


_ أطلب منك طلب وتعتبريه طلب من أبوكى مش من عمك؟!


لمعت عينى "ديانة" مُمتنه لهذا الطلب الجميل الذى أشعرها وكأنها بالفعل جالسة أمام والدها ، لتوافقة بلهفة رادفة بحب :


_ أتفضل يا عمى


أمسك "هاشم" بيد أبنة أخيه بحب وعاطفة أبوة ، مُحاولا التأثير على قرارها رادفا بنصيحة صادقة :


_ بلاش طلاق دلوقتى


رمقته "ديانة" بنظرات التعجب والقليل من خيبة الأمل ، هى كانت تظنه سيكون مثل والدها ويهتم براحتها ويحترم قرارتها وإنها لن تسطيع أن تظل مع ذلك الشخص الذى أقل ما يُقال على ما فعله بها ، هو أنه حطمها وأهانها ، وها هو الأن يقف فى صف أبنه أمامها 


أدرك "هاشم" ما تعنيه تلك النظرات التى أنطلقت نحوه من أعين "ديانة" عقب ما سمعته منه لتو ، ليصيح "هاشم" مُحاولا تفسير الامر لها وتوضيح ما يريد قوله وأنه لا يهتم سوا بأمرها ، ليردف بلهفة وصدق : 


_ صدقينى يا بنتى اللى بقولهولك ده مش عشان خاطر جواد ، ده عشان خطرك إنتى


تنهدت "ديانة" بأستيهاء من مُحاولة عمها الفاشلة فى التأثير عليها رادفة بحزم وإصرار :


_ بس أنا مصممه على الطلاق..!


رد "هاشم" على حديثها مُحاولا جعلها تقتنع بكلامه وهو بالفعل يقول الحقيقة ، هو لا يقول هذا الكلام من أجل "جواد" بل من إجلها هى الأخرى لانه يشعر ان بداخلها شيء جميل تجاه "جواد" ، وأيضا لرغبته الكبير فى أن يرى حفؤدة وهو يكبر أمام عينيه وتحت رعايته ، ليصيح "هاشم" مُحاولا تفسير حديثه لها رادفا بحب وصدق :


_ وأنا مش بقولك أرجعى فى قرارك ، أنا بس بقولك أجلى تنفيذة شويه كده ، مينفعش نجوز واحده ونطلق التانيه مع بعض!! ، عارف إنك مش قادره تسامحى جواد ومش قادرة تعيشى معاه وأنا مش هجبرك تعيشى معاه ، أنتى هتعيشى فى بيت أبوكى وفى أوضه لوحدك وأعتبريها فرصة أخيرة تفكرى بيها مع نفسك من أول وجديد!! ، شهرين تلاته بس ولو لسه عند قرارك أوعدك أنا اللى هطلقك منه بنفسى


أغمضت "ديانة" زرقاوتيها بأستسلام إلى حديث عمها شاعرة بالعجز أمام إلحاحه الشديد وتلك الرغبة والتمنى الذى يندلعان من عينيه ، زفرت "ديانة" بقلة حيلة وشعور بالحرج من ان ترفض رغبته تلك ، لتعقب بأدب وإستلام موافقة على حديثه رادفة بتوضيح :


_ أنا موافقة يا عمى ، بس مش عشان أفكر فى الموضوع ذى ما حضرتك طلبت لانى متاكده من قرارى ومصممه عليه ، أنا موافقة بس عشان خاطرك وعشان محدش يقول منين زينة أتجوزت ومنين أنا أطلقت ، أنا هصبر لحد بعد جواز زينة بشهرين وبعدها هستنى منك تنفذ وعدك ليا


شعر "هاشم" بقليل من الراحه بسبب موافقتها على طلبه شاعرا بأن هناك أملا بسيط فى إحياء السعادة فى هذا البيت من جديد وأن القدر يمنحه فرصة أخرى لأصلاح ما تم إفسادة منذ زمن بعيد ، أومأ لها "هاشم" بالموافقة رادفا بحب وإمتنان :


_ وأنا موافق يا ديانة


أغمضت "ديانة" عينيها بإستسلام أمام رغبة عمها ، ولكنها حاولت أن تستغل إنهما جالسين معا لتخبره بقرارها التى أتخذته فى صباح هذا اليوم رادفة بحرج :


_ عايزه أطلب أنا بقى من حضرتك طلب


رمقها "هاشم" بإهتمام وإنتباه شديد مستفسرا عن طلبها رادفا بكثير من الحب والحنان :


_ أطلبى يا حبيبتى


حمحكت "ديانة" مُحاولة أختيار كلمتها كى لا يظن عمها إنها لا تثق فيه أو يفهمها بشكل خاطئ ، لتعقب "ديانة" بهدوء وإحراح رادفة بإستأذان :


_ بعد فرح مالك وزينة بعد أذنك عايزه أبقى أنزل الشركة وأبدأ أشوف شغلى هناك


أبتسم لها "هاشم" بسعادة وتفاهم لما تريده وأنها تحتاج إلى الخروج من البيت والتعامل مع الناس مرة أخرى ، ليردف "هاشم" بحب وترحيب :


_ مكانك موجود من زمان ومستنى ينور بيكى


أبتسمت له "ديانة" بإمتنان على تفهمه الأمر وسريعا ما عانقة شاكرة إياه على تفهمه لها وموافقة على طلبها


خرجت "ديانة" من مكتب عمها لتجد "جواد" لايزال منتظرا إياها جالسا على تلك الأريكة لتتجه نحوه على الفور ، بينما بمجرد ان رأها "جواد" وقف لتبادل الحديث معها ، بينما "ديانة" لم تعطيه فرصة للحديث وسريها ما صاحت بوجه رادفة بحدة وتوضيح :


_ أنا هصبر شويه على تنفيذ إجرات الطلاق قدام الناس ، لكن بنسبالى أنا وأنت أحنا مطلقين وملكش أى حاجه عندى ولا حتى يبقى فى مجرد كلام بينا ، بالنسبالك أنا بنت عمك ديانة شرف الدمنهورى وبس


أدارت له "ديانة" ظهرها وسريعا ما شرعت فى التحرك من أمامه تاركة إياه ينظر له بتفحص شديد وكأنه يراها لأول مرة فى حياته ، قطع شروده صوت "هاشم" الأتى من جانبه ولكن على مسافة قليلة رادفا بأملا وسرور :


_ ورينا شطارتك بقى


أدار "جواد" رأسه إلى الجانب ناظرا نحو والده شاعرا بكثير من الراحة مُتذكرا حديثة مع والده فى صباح اليوم عندما قال له والده " أسمع أنا هحأول أخليها تصبر على موضوع الطلاق ده شوية وأنت وشطارتك معاها بقى ، ورينا هتخليها تطلع فكرة الطلاق من دماغها أزاى "، أبتسم " جواد " بسعادة وسرور لدرجة جعلت أنيابه تظهر لوسع إبتسامته ، بالإضافة إلى لمعة أعينه بتلك الفرحة رادفا بحماس :


_ هتشوف



تمت



إلى اللقاء فى الجزء الثانى من رواية ظلمات حصونه ( الأنتقال من الظلمة إلى النور ) بقلمى منة الله أيمن 



دُمتم بخير♥️♥️