الفصل الأول- ظلمات حصونه الجزء الثاني (الانتقال من الظلمة إلى النور)
الفصل الأول
جالسة على تلك الأريكة منتظرة الجميع بعد أن أنتهت من أستعدادها لزفاف "مالك" و"زينة" وعقد قرانها أيضا هى و "هاشم" الذى لا تعرف إذا كانت تسرعت فى الموافقة على هذا الأمر!! أم إنها أتخذت القرار الصحيح من أجل مصلحة أبنتها ، فهى تعلم جيدا أن "جواد" يحب "ديانة" وما جعلها متأكدة من هذا الأمر تلك الأشياء الذى كان يقوم بها "جواد" خلال الفترة الأخيرة من مُحاولات لتقرب منها ومساعدتهم فى تحضير حفل الزفاف وهذا على عكس شخصيته تماما ، بالإضافة إلى قراره المفاجئ فى الأنتقال للعيش معهم فى قصر الدمنهورى بعد أن كان يرفض الفكرة تماما بسبب ما عانه بهذا القصر على يد "هناء" ، هذا أكثر شيء أسبت لها أن "جواد" يحب "ديانة" بصدق وأنه يُحاول أن يتغير من أجلها ومن أجل أن تسامحه وتمنحه فرصة أخرى...
صدح صوت "هاشم" على مسامعها وهو يهبط الدرج موجها حديثه إلى "إياد" عبر الهاتف المحمول رادفا بملل :
_ خلاص يا إياد قوله يبطل زن بقى ، البنات لسه بيلبسوا و...
توقف من تلقائه نفسه عندما وقعت عينيه على "لبنى" التى كانت تتوسد تلك الأريكة بردائها السكرى وهذا الفستان بسيطا جدا ومنسدل إلى أخر قدميها بشكل مستقيم ومرصع ببعض الفصوص الفضية الهادئة والقليلة جدا فى منطقة الخسر ، بالإضافة إلى تلك التصفيفة الهادئة وهى إنها جعلت شعرها يبدو وكانه مُلولوا ومُلقيا خلف ظهرها مُستعينة بالقليل جدا من بعض مستحضرات التجميل ، وما أتم أناقتها ذلك الحذاء المكشوب والهادى الذى سيمنحها بعض السنتيمترات القليلة
يبدو أنه فقد عقله من فرض جمالها الذى لا يدل على أن تلك المرأة فى العقد الخامس من عمرها وأنها قد تجاوزت الخامسة والأربعون من عمرها ، أخذ "هاشم" يقترب منها كالطفل الذى يُهرول للوصول إلى والدته وهو يوجه حديثه إلى "إياد" الذى بالفعل قد نسى أنه معه على الهاتف لبعض اللحظات ، ليعقب "هاشم" رادفا بلهفة :
_ هكلمك تانى يا إياد ، سلام
أنهى "هاشم" المكالمة وبالفعل أصبح جالسا بجانب "لبنى" ويبدو عليه الكثير من الأعجاب واللهفة الواضحة فى نظراته ، ليعلق "هاشم" موجها حديثه إلى "لبنى" وهو ينظر إلى عينيها بكثير من الهيمنة رادفا بصيغة أستفسار :
_ هو أنتى حلوه أوى كده بجد ولا أنا بس اللى شايفك حلوه؟!
شعرت "لبنى" بكثير من الحرج والخجل من تلك النظرات المُتفحصة التى يُطالعها بها "هاشم" وتلك النبرة المُتغزلة الواضحة جدا فى كلامه ، لتحاول "لبنى" أن تبدو غير متأثرة بهذا الحديث رادفة بثبات :
_ لا أنت بس اللى شايف كده
أقترب منها "هاشم" للغاية لدرجة إنها تقصم أنه كاد أن يُعانقها من كثرة تقربه ، ليُجيبها رادفا بنفس نبرة العزل تلك :
_ طب ما دا كويس جدا ، أولا عشان أنا مش عايز حد غيرى بالجمال ده كله ، ثانيا عشان بيقولوا على قد ما بتشوف الشخص اللى قدامك أنه جميل جدا ده معناه إنك بتحبه جدا
شعرت "لبنى" بتجمد جسدها وكأنها تحولت إلى قطعة جليدية وهذا من تأثير إقتراب "هاشم" وحديثه الذى لا يرأف بها ، لتُحاول "لبنى" الهرب منه كى تخفى كل هذا الخجل والإتباك الذين سيطروا عليها رادفة بلهفة وهى تُحاول النهوض :
_ أنا هطلع أشوف البنات أتأخروا ليه!! و...
كادت أن تنجح فى الهرب وتفلت من بين يديه ولكن "هاشم" سريعا ما جذبها مرة أخرى راغما إياها على الجلوس مرة أخرى وتلك المرة يقترب منها بوجهه رادفا بصوت يشابه الهمس :
_ أستنى بس أنا لسه مخلصتش كلامى
أقترب منها "هاشم" بشدة لدرجة إنها شعرت وإنه كاد أن يقبلها لتزجرة "لبنى" وهى تدفعه بعيدا عنها بلهفة رادفة بترجى وإنزعاج مما كاد أن يفعله :
_ أرجوك يا هاشم بلاش الحاجات دى وأحترم طلبى
شعر "هاشم" أنه بالفعل تجاوز الحد معها وترك مشاعرة هى من تُحركة ، ليحمحم "هاشم" بكثير من الحرج وهو يعتدل فى جلسته ويعود للوراء قليلا رادفا بإعتذار :
_ أنا أسف ، أنا بس كنت عايز أقولك على حاجه
سيارته "لبنى" فى الحديث كى لا تزيد شعوره بالحرج مُعقبة بإستفسار :
_ حاجة أيه؟!
حاول "هاشم" أن يبدو طبيعيا على الرغم من كم الحرج الذى يشعر به مما كاد أن يفعله وكأنه شاب مراهق ، ليجيبها "هاشم" بثبات رادفا بهدوء :
_ عايزين نحاول على قد ما نقدر نقرب جواد وديانة من بعض فى الفرح ونستغل إنهم قدام الناس ونخليها حجه عشان ديانة تفضل جمب جواد طول الفرح و...
قطع حديثه صوت "ماجدة" التى صاحت بمجرد أن رأتهم جالسان معا رادفة بمشاكسة كلاهما :
_ يا عينى على جوز الحبيبة اللى هيقطعوا على العيال فى يوم فرحهم
شعرت "لبنى" بكثير من الحرج والإرتباط فور رؤيتها ل "ماجدة" و "عامر" خوفت من أن يكونوا رأوا ما حدث بينها هى و "هاشم" منذ قليل ، لينقذها من إرتباكها صوت "عامر" مُجيبا على حديث زوجته رادفا بمرح :
_ أنتى عامله شبه العزول كده ليه؟! ، ما تسيبى العرايس على راحتهم
تدخل "هاشم" رافعا إحدى حاجبيه بعد أن لاحظ تلك الطريقة المراوغة التى تتحدث بها شقيقته وزوجها رادفا بأعتراض :
_ لا دا أنتوا هتقسموا علينا بقى؟!
ضحك "عامر" على ما تفوه به "هاشم" وتلك التعبيرات المُعترضة على وجهه رادفا بمرح وشيئا من المراوغة :
_ لا يا عم وأحنا نقدر ، وبعدين كلها ساعة زمن وتبقوا عرايس جداد ، عقبالنا يارب
قال "عامر" جملته الأخيرة تلك وهو ينظر إلى "ماجدة" غامزا إياها بكثير من المشاكسة ، بينما شعرت "ماجدة" بالخجل من طريقة زوجها الُغازلة لها أمام أعين المجيع لتصيح "ماحدة" بحرج تُحاول أن تخفيه رادفة بلهفة :
_ هما البنات لسه بيلبسوا ولا أيه!! ، أنا هطلع أشوفهم أتاخروا ليه؟!
أتجهت "ماجدة" نحو الدرج وكادت أن تصعد ولكن أوقفها وجود الفتايات هابطون السُلم وقد أنتهوا من إستعدادهم للحفلة ، أول من وقعت عينيها عليها هى "زينة" نعم فهى العروس وهى نجمة الأضواء وطلتها الجميلة جدا هذا خطفت أنظار الجميع وخاصة "هاشم"
فكيف لا تخطف الأنظار بفستانها الأبيض الرقيق والهادى والغير مبالغ فى حجمه ، فهى أختارت فستان أبيض وهادئ جدا مُنسدل إلى أخر قدميها مكشوف النحر والأكتاف مُهطاه بطبقة رقيقة من الأقمشة الشفافة عند منطقة الصدر ومقدمة الأكتاف ، مُصاحبة إليه تصفيفة بسيطة وهادئة مجمعة به شعرها بأكمله وراء ظهرها ما عدا بعض الخصل المتناثرة ومنها المُنسدلة أمام وجهها بالأضافة إلى ذلك الوشاح الأبيض الطويل الواضعة إيها من منتصف رأسها حتى أسفل قدميها ، مستعينة ببعض من مستحضرات التجميل البسيطة والهادئة جدا
وبجانب "زينة" على الجهة اليُمنى كانت تهبط "ديانة" الدرج بفستانها الرمادى المائل إلى الفضى الأمع بارزا جمال رقبتها ، والذى يصل إلى منتصف ذراعها من الأعلى وما بعد منتصف فخذها من الأسفل بارزا مفاتن جسدها ، بالإضافى إلى تلك القماشة السودا الشافة ما أسفلها ، مرتدية على حذاء أسود ذو الكعب العالى والرفيع ، مستعينة بتصفيفة شعر بسيطه ألا وهى أن أقسمت شعر إلى جزائين ، جزء منه وضعته أمام أذنها فى الجهة اليسرى والجزء الأخر وراء أذنها فى الجهة اليُمنى ، بالأضافة إلى بعض مستحضرات التجميل المناسبة لهذا الفستان الجرئ والجميل جدا فى نفس ذات الوقت
وعلى الجهة اليسرى ل "زينة" كانت تهبط "أسما" أبنة "ماجدة" والتى كانت ترتدى فستان شميرى ذو الحملات الرقيقة كاشفا نحرها وأذرعها والذى يصل إلى أسفل ركبتيها رافعة شعرها بأكلمه أعلى رأسها على شكل وردة ومنسدل منه بعد الخصل المُلولوة الطويلة ، مُصاحبة بهذا الحذاء ذو الكعب العالى الرفيع ، مستعينة ببعض مستحضرات التجميل المناسبة للون فستانها ، صاحت "ماجدة" بكثير من الحب والحنان رادفة بلهفة :
_ بسم الله مشاء الله ، ربنا يحفظكم من العين يارب
بينما ما إن وقعت عينى "هاشم" على أبنته ورأها فى ردائها الأبيض ، إلا وأسرع إليها مُعانقا إيها وهو يُعافر لكى يمنع تلك الدموع المُتحجرة فى مقلاتيه من التهاوى أمام الجميع ويشعرها بالحزن ، بينما بالفعل "زينة" قد لاحظت مُعانة والدها فى حجابة دموعه عنها لتتهاوى دموعها هى الأخرى من كثرة تأثرها بالموقف ، لاحظت "ديانة" صعوبة تلك اللحظة على الجميع لتهبط وتربط على كتف "زينة" مُحاولة تخفيف الأجواء رادفة بمرح :
_ لا لا حرام عليكى ، ده الميكب أرتست بقالها أكتر من ساعه بتعمل فى الميكب ده مش عايزينه يبوظ أبوس أيدك
تدخلت "أسما" هى الأخرى مُجيبة على حدث "ديانة" دون إدركا منها بتأثير ما ستقوله رادفة بمرح :
_ سيبها يا ديانة ، أنا بشوف العرايس دايما بيعيطوا يوم فرحهم ، أنتى معيطيش يوم فرحكم أنتى وجواد ولا أيه؟!
شعرت "ديانة" بغصة كبيرة تكونت فى حلقها عندما تذكرت ذلك اليوم الذى تزوجها به هذا الجواد وأصبحت بعدها سجينة حصونه المظلمة ، هل تسألها إذا كانت لكت فى هذا اليوم أم لا؟! ، نعم ففد بكت ، بكت كثيرا وكثيرا ولكن ليست كأية عروسة تبكى يوم عرسها ، بل كانت تبكى حزنا وقهرا على زوجها الذى تم بالأجبار من شخص لم يسبق لها أن تراه قبل هذا الزواج ، بل هذا الشخص أيضا كان متزوجا منها بهدف الأنتقام على شيء لم يحدث حتى
لأحظت "لبنى" ذلك الحزن الذى طغى على وجه أبنها لتشعر بكم تلك المعاناة التى عاشتها أبنتها حتى من دون أن تعلمها ، نعم هى لم تسألها عن أية شيء حدث بينها وبين "جواد" هى لم تكن تريد أن تذكرها بهذا الماضى السئ، وعلى الرغم من هذا هى متاكدة أن "جواد" أصبح يحبها جدا ، حتى إنها تشعر أن أبنتها هى الأخرى بداخلها بعض المشاعر ل "جواد" ولكنها لا تريد أن تستسلم لهذا الأمر
كادت "لبنى" أن تغير مجرى الحديث كى لا يلاحظ أحد تأثر "ديانة" بينما صاحت "أسما" دون إدراكا منها بمدى صعوبة حديقها على "ديانة" لكونها لا تعلم أى شيء عن تلك السرعات التى كانت تحدث بين "جواد" و "ديانة" ، ضربت "أسما" على مقدمة رأسها وكأنها تذكرت شيئا ما رادفة بلهفة :
_ صحيح يا ديانة أنا عايزه أبقى أشوف صور فرحك أنتى وجواد الغريب ده وأتفرج على الفديو بتاعكم
لاحظت "ماجدة" حزن "ديانة" الذى أصبح واضحا على وجهها بسبب كلمات "أسما" الغير مُدركة ما حدث ل "ديانة" وكيف تم هذا الزواج ، لتصيح "ماجدة" مُحاولة إنهاء هذا الحديث وإيقاف إبنتها عن هذا الحديث رادفة بلهفة وعجلة :
_ أنا بقول يله بينا يا جماعة ، أحنا أتأخرنا جدا على الناس
وافقها الجميع الرأى وبالفعل خرجوا جميعا مُتجهين إلى مكان حفل الزفاف الخاص ب "مالك" و "زينة" فى سعادة وفرح
❈ - ❈ - ❈
فى مكان كبير يشبه الحديقة كان يتحرك الجميع بكثير من السعادة والتهانى ، هذا المكان الذى كان عبارة عن حديقة تابعة لنادى رياضى كبيرا جدا ، لا يليق سوا بأصحاب الطبقة العُليا جدا ، هذا المكان قد تم حجزه وتزينه وإياقمة به الكثير من التعديلات لكى يكون موقع مناسب لزفاف "مالك" و "زينة" ، فهم أتفقوا على أن يتم تصميم الزفاف على النظام الأروبى ، وهو إقامة حقل الزفاف فى مكان مفتوح وفى وضح النهار وبعدها يسافران كما أخبرهم "مالك" لعمله ، ولكن هذا ليس بالشيء الصيح ، ف"مالك" أفتعل تلك القصة الكاذبة لكى يستطيع أن يختلى ب "زينة" بعبدا عن الجميع عسى أن يجعلها تسامحه وتعطى له فرصة أخرى
كان "جواد" يتحرك فى ثائر أرجاء المكان ويبدو على الأرتباك والكثير من الأنزعاج وعدم الرضا ، تقدم بخطواط واسعة نحو "إياد" ويبدو عليه الكثير من الضيق ، صاح "جواد" موجها حديثه نحو صديقة مُعقبا بإستفسار :
_ كلمت بابا؟!
تنهد "إياد" بملل من كثرة إلحاح "جواد" فى السؤال عن تأخير الجميع إلى الان ، فهو منذ أن جائوا إلى الحفل وهو يُصر عليه أن بتصل بوالدة ويساله كم أمامهم من الوقت ، ليجيبه "إياد" بنفاذ صبر رادفا بحنق :
_ كلمته يا سيدى وقالى من شويه إنهم خرجوا من القصر وجاين على هنا وفى المكالمه اللى قابلها كان بيقولى أقولك بطل زن بقى
طالعه "جواد" بكثير من الغضب والإنزعاج لان صديقه لا يعلم كم اللهفة والأشتياق الذى بداخله لها ، كم تمنى أن يكون أول من يراها بهذا الفستان الذى قام هو بأختياره وجعل والده يعطيه لها وكأنه هو من يهاديها به ، لأنها إذا علمت أنه من "جواد" لم تكن لتوافق أن ترتديه أبدا ، زفر "جواد" بضيق وحنق بسبب تلك اللهفة التى أندلعت بداخله ، ليصيح مزجها حديثه نحو "إياد مُعقبا بتأفف :
_ أنا مش عارف كان أيه لازمة إنى أجى هنا الأول عشان أقابل الضيوف!! ما كنت تقابلهم أنت هو أنت يعنى غريب!! ما أنت لاجئ فى العيلة عندنا بقالك سنين
لاحظ "إياد" أن "جواد" يموت شوقا كى يراى "ديانة" وكاد أن ينفجر من الضحك وهو يُطالع وجه صديقه المُتلهف كى يراها ، ليعقب "إياد" عازما على أن يثير غضبه رادفا بتهكم :
_ ما تصبر يا عم شويه ، أيه مستعجل تشوفها أوى ، قال يعنى هى هتاخدك بالحضن مهى هتصدك زى ما كانت بتصدك الايام اللى فاتت دى كلها
رمقة "جواد" بكثير من الإنزعاج والغضب ، كم تمنى أن يلكم سليط اللسان هذا ويجعلة مزحة أمام الجميع ، وهذا لأنه ذكره بتلك المعاملة القاسية التى تُعامله بها "ديانة" خاصة ذلك الأسبوع الماضى ، هو كثير ما حاول التقرب منها أثناء التحضير لهذا الزفاف ولكنها دائما ما كانت تصده وتعامله بطريقة سيئة ، أحتدت ملامح "جواد" وسيطر عليها الحقد وهو يُطالع "إياد" ينظر نحو "ملك" ويبتسم ، ليصرخ به "جواد" رادفا بإنزعاج :
_ أه ما أنت مش فارق معاك حاجه ، مهى حبيبة القلب قدامك أهى هى وعيلتها هتضايق ليه؟!
ظل "جواد" يتحرك بكثير من عدم الراحة وقلة الأتزان وهو يطالع مكان الدخول لهذا الحفل ويبدو عليه التوتر الشديد ، لاحظ "إياد" ما يفعله صديقه ليحاول تهدئته مُعقبا بمرح :
_ ما تهدى يا عم مش كده ، ده العريس مش عامل زيك كده ، دا أنت واقف مش على بعضك زى عيل مستنى نتيجة أمتحان الثانوية العامة
كاد "جواد" أن يرد عليه بهجوم ولكن أوقفه صوت المسؤل عن الموسيقى فى الحفل وهو يعلن عن وصول "زينة" ويدعوا "مالك" أن يذهب وينتظرها أمام بوابة الدخول ليستلمها من يد والدها ، هرول "جواد" بسرعة لكى يستقبل "زينة" و"ديانة" وألحق به "إياد" على عَجل
وقف "جواد" بجانب "مالك" وينظر نحو والده الذى كان يتقدم نحوهم وبيده "زينة" وكم تردو فى غاية الجمال وبجانها "ديانة" الذى ذهب عقله بمجرد أن رأها ، لم يستطيع "جواد" أن يُبعد بصره عن "ديانة" أبدا ، نعم هو من أختار لها هذا الثوب ولكنه لم يكن يعلم أنه سيجعلها بكل هذا الجمال والأناقة والأثارة أيضا ، اللعنة فهى حقا مثيرة ، كيف لم ينتبه لقصر هذا الفستان ، كيف لم يلاحظ أنه سيكون قصير ومُلفت إلى تلك الدرجة ، كم أنت أحمق وغبى يا "جواد"؟!
بينما "مالك" قد أمتلكته الكثير من المشاعر المتضادة ، لا يعلم أيشعر بالسعادة لكونها بعد عدة دقائق ستكون زوجته وملكا له!! أم يحزن لأنه يعلم كم أن سعادتها غير كاملة!! كم أنه شخصا حقير بالنسبة لها ولا يستبعد إن تكون تفكر فى إنها مرغومة على هذا الزواج ، كم هو أحمق!! كم هو يشعر بالندم على كل ما حدث له بسببه!! كم يريد أن يركع تحت أقدامها ويطلب منها العفو والمساحة!! ولكن هل
ستسامحه؟! ، رغما عنه تمردت تلك الدمعة عن ثباته الذى يُحاول أن يُظره أمام الجميع، ليسرع فى محوها كى لا يراها أحد ولكن ظلت عينيه تلمع بباقى الدموع التى ظلت حبيسة بداخلهما
نعم نجح "مالك" فى إخفاء هذا الضعف الذى بداخله عن أعيُن الناس ولكنه لم ينجح فى إخفائه عن "هاشم" الذى كان يلاحظ ذلك الصراع الذى يحدث داخل "مالك " ، ظل "هاشم" يقترب من "مالك" وهو مُمسك بأبنتة فى يده إلى أن أصبح أمامه مباشرة ، أقترب "هاشم" من أذن "مالك" رادفا بحنان أبوى وعاطفة كبيرة :
_ أنا لو مكنتش شوفت فى عينك اللمعة دى دلوقتى ، كنت خدت بنتى وروحت بيها تانى ولغيت الفرح ، بس الدمعة المحبوسه فى عينك دى حسستنى إن زينة مش غاليه عندى أنا بس
نظر له "مالك" بإمتنان وكثير من التأثر بسبب ذلك الأنهيار الذى يحبسه بداخله رادفا بحب وصدق :
_ والله العظيم هحطها فى عنيا وعمرى ما هخليك تندم أبدا على الجوازة دى
أبتسم له "هاشم" بكثير من الود والحنان وهو يسلمه يد "زينة" شاعرا بكثير من الراحة والأطمئنان رادفا بثقة :
_ أنا عارف ، مبروك عليكوا يا أبنى
أمسكت "زينة" بيد "مالك" وهى تُسارع بداخلها كى ترسم البسمة على وجهها ، ولكنها مرة تفشل ومرة تصيب ، لا تعلم كيف لها أن تشعر بالفرحة والسعادة وهى تعلم حقيقة هذا الزفاف ، فهى الان تتزوج من الشخص الذى أغتصبها ووضع بداخلها جنينا منه ، ويالا السخرية فهذا هو نفسه الشخص الذى أحبته بل عشته وفضلته عن الناس جميعا ، كيف لها أن تشعر بالسعادة وهى تعلم إنها ليست كباقى الفتايات!! ، كيف لها أن تفرح وهى تعلم إنها ينقصها شيئا مهما جدا ظلت تحافظ عليه طوال حياتها لهذا اليوم وها هى اليوم بدونه ، نعم هو نفسه ذلك الشخص الذى تمنت أن تعطيه أغلى ما لديها ، ولكن ليس بتلك الطريقة التى فعلها ، لن تسامحه طوال عمرها على ما فعله ولو فعل ماذا؟!
أخذ "مالك" يد "زينة" ودلف بها الحفل ، بينما ظل "جواد" ينظر إلى "ديانة" بكثير من اللهفة والتمنى بأن يُمسك بيدها هو الأخر ويدلف بها إلى الحفل ويعلن للجميع إنها هى زوجته وإنها هى من أستطاعت أن تأثر قلبه وجعلته يموت لهفة لنظر فقط فى زرقاوتيها ، لاحظت "لبنى" تلك الملامح المُتعطشة ل "ديانة" على وجه "جواد" لتقرر أن تبدأ فيما أتفقت عليه هى و "هاشم" ، تقدمت "لبنى" نحو "ديانة" بخطوات ثابتة وما إن وقفت بجانبها أخبرتها بكثير من الهدوء :
_ روحى أقفى جمب جواد وأمسكى أيده
نظرت "ديانة" إلى والدتها بصدمة غير مُصدقة ما تفوهت بيه ، أحقا هى تطلب منها أن تذهب وتقف بجانبه ، بالرغم من إنها تعلم كيف هى العلاقة بينها وبين هذا "الجواد" لتصيح بها "ديانة " رادفة بإنزعاج :
_ أيه اللى أنتى بتقوليه ده يا ماما؟!
نظرت لها "لبنى" بهدوء مُحاولة إقناعها بهذا الأمر بطريقة تُرعمها على أن تستسلم لحديثها وتوفق أن تكون قريبة من "جواد" لتُجيبها "لبنى" رادفة بتوضيح :
_ عشان الضيوف والصحافة يا ديانة ، جوزك رجل أعمال كبير والناس كلها عارفه ، وعافين أنه متجوز بنت عمه ، اكيد الكل هيستغرب أنتى مش واقفه معاه ليه وهيتسأل مليون سؤال؟!
أجابتها "ديانة" بكثير من الضيق والإنزعاج غير مُكترثة لرأى أحد أو لأسألتهم اللعينة ، لتصيح "ديانة" رادفة بحنق :
_ ما اللى يسأل يسأل ، أحنا كده كده هنطلق كمان شهرين!!
يالها من فتاة عنيدة ولكن ليست بعناد والدتها ، فهى من المؤكد إنها قد ورثت ذلك الشيء من والدتها ولكنها لن تدع التلميذ يتفوق على أستاذه ، لتصيح "لبنى" مُحاولة إقناعها بطريقة ديبلوماسية مُحاولة الضغط عليها عن طريق أسم العائلة والشركة رادفة بتأنى :
_ لسه بعد شهرين يا ديانة ، ومدام حضرتى الفرح وأنتى لسه مرات جواد قدام الناس لازم تحافظى على صورتك وصورته ، مش عشانه لا ده عشان أسم عيلتكوا
أغمضت "ديانة" عينها بتردد لا تعلم أتستمع إلى ما قالته والدتها وتُحاول أن تُمثل إنها زوجة رجل الأعمال "جواد الدمنهورى" وإنهم زوجان مثاليين وعلاقتهم ناجحة!! ، أم ترفض وتصر على موقفها أمام الجميع ويذهب أى شيء إلى الجحيم؟! ، كادت "ديانة" أن تتحدث لتوقفها نبرة والدتها المترجية رادفة بلهفة :
_ عشان خاطرى يا ديانة ، خلى اليوم بس يعدى على خير قدام الناس
أستسلمت "ديانة" أمام إلحاح والدتها عليها ولكنها أيضا لن تستغنى عن كبريائها وغرورها لتوافق ، ولكن بإصرار على عنادها :
_ حاضر لو جيه وقف جمبى مش هرفض وهسكت ، خلاص كده!!
ضحكت "لبنى" على عناد أبنتها ، نعم يبدو أن تلك الفتاة لم ترث منها سوا ذلك العناد الشديد ، ولكن إلى الأن تظل هى المركز الأول فى هذا الشيء ، نظرت "لبنى" نحو "هاشم" الذى كان يُراقبها من بعيد ليعلم إذا كانت أقنعت "ديانة" أم لا؟! ، أومأت له "لبنى" بالموافقة ليبتسم "هاشم" وسريعا ما يذهب ليقف بجانب "جواد" هامسا له :
_ روح أقف جمب مراتك وأمسك إيدها
نظر "جواد" نحو والده بتعجب من طلب والده الذى يعلم جيدا كيف تُعامله "ديانة" ، أم أنه يريد أن يجعل منه أضحوكة الحفل اليوم وهى توبخة أو تهزئه ، ليعقب "جواد" ناظر نحو والده بأستفسار رادفا بسخرية :
_ أنت عايز تفرج الضيوف على فقرة محكمة الأسرى ولا أيه؟!
ضحك "هاشم" على حديث أبنه وخوفه من الأقتراب من "ديانة" ، ليُحاول "هاشم" تطمئنه رادفة بثقة :
_ لا متخفش مش هيحصل حاجه وديانة هتوافق
شعر "جواد" بالغرابة من ثقة والدة ونبرتة المتإكدة مما يقوله ، ليردف "جواد" مُستفسرا :
_ أنت متاكد ولا هخلينى أتهزأ قدام الناس؟!
صاح به "هاشم" بكثير من الملل ونفاذ صبره مُهددا إياه رادفا بحدة :
_ أنت هتروح ولا أخليها ترجع فى كلامها؟!
صاح "جواد" بكثير من اللهفة ناهيا والده عما قاله رادفا بحماس :
_ لا لا خلاص ، أنا رايح أهو
قالها "جواد" وهو مُتجه نحو "ديانة" وهو يشعر بقليل من الأرتباك من أن تصيح به أو تنهره أمام أعين الجميع، ولكن ما صدمه هو تقبل "ديانة" لوقوفه بجانبها وعدم رفضها لهذا الأمر ، ليستغل "جواد" هذا الوضع لصالحة وأخذ يقترب منها للغاية لدرجة إنهما أصبح جسديهما يلامسان بعضهما البعض
بينما كانت "ديانة" تشعر بالإنزعاج الشديد من تقرب هذا "الجواد" إليها بمثل تلك الطريقة الغير مقبولة بالنسبة لها ، كادت "ديانة" أن تصيح به زاجرة إياها على إقترابه الشديد منها ، ليقاطعها إقتراب ذلك الشاب الذى يبدوا أنه صحفى بسبب تلك الأداة المصورة التى يحملها بين يديه ، لتبتلع "ديانة" ما مانت ستنفجر به بوجه هذا "الجواد" ، بينما توقف هذا الصحفى أمامهم وهو ينظر لكلا منهما بتقدير ، ليوجه حديثه نحو "جواد" رادفا بإحترام :
_ جواد بيه ممكن أخد لحضرتكم صورتين للجريدة؟!
أنزعجت "ديانة" من طلب هذا الشاب وكان العالم باكمله أتفق على أن يجعلها قريبة من هذا الشخص الاحمق ، كادت "ديانة" أن تعتذر من هذا الشاب بلباقة ، بينما سبقها "جواد" الذى أستشعر رفضها عازما على ان لا يجعل تلك الفرصة تمر من بين يديه ، ليجيبه "جواد" بسرعة البرق قبل أن تتحدث "ديانة" رادفا بإبتسامة لابقة مُضيفا :
_ أه طبعا أكيد
حولت "ديانة" نظراتنا نحو "جواد" وأخذت تطالعه بكثير من الغضب والحنق مما تفوه به ، تتمنى لو أن تستطيع ان تلكزه فى صدرة الضخم هذا أو تصفعه ليصبح أُضحوكة بين جميع الحاضرين ، ولكنها لا تستطيع أن تفعل هذا ، على الاقل من أجل "زينة" و "مالك" ، بينما "جواد" كان يمنع نفسه من الضحك بصعوبة فبمجرد أن رأى نظرتها المشتعلة من كثرة الغيظ كان أن يصرخ من شدة الضحك على ملامحها المنزعجة كالأطفال ، ولكنه يريد أن يستغل هذا الوضع أكثر لصالحه
أمتدت يد "جواد" لكى تُحاصر خصر "ديانة" جاذبا إياها إليه بطريقة مُفاجئة ، حتى أنه أستطاع أن يشعر بإنتفاض جسدها تحت يديه أثر جذبته لها ، ليحول "جواد" نظره نحو الصحفى رادفا بثقة وغرور :
_ أتفضل
شعرت "ديانة" بكثير من الأرتباك ، بداخلها مزيجا من الصدمة مما يفعله معها والخجل من تقربه الشديد لها ،
لا تعلم هل عليها أن تدفعه بعيد عنها وتصرخ به أمام أعيُن كل الحاضرين!! ، أم تتحمل ما يفعله إلى أن ينتهى هذا الصحفى من عمله اللعين؟! ، كانت "ديانة" أن ينتهى هذا الشاب مما يفعله حتى تستطيع التفلت من يدى هذا الحقير ، ليفاجئهما الصحفى بطلبه الذى صاح به رادفا بإحترام :
_ ممكن يا جواد بيه تبصوا لبعض شويه!!
اللعنة عليك أيها الشاب الأحمق ، لماذا كل العوامل المُحيطة بهم ترغمها على التقرب من هذا "الجواد" ، تقسم إنه لو كان هو من ضبر هذا الامر لما كان سار بمثل تلك الطريقة الثلثة ، شعرت "ديانة" بالأرتباك وتصنعت بعد الاستماع لطلب هذا الأحمق ، بينما "جواد" كان مُمتنا كثير لطلب هذا الشاب الرائع الذى يسهل عليه الأمر ، ليقابله "جواد" بإبتسامة إمتنان رادفا بثقة :
_ أكيد
نظر "جواد" نحو "ديانة" الذى تيبس جسدها بمجرد أن أستمعت لموافقة "جواد" على طلب هذا الشاب ، لتُشح بنظرها بعبدا عنه مُصطنعة عدم التركيز ، ليأتيها صوت "جواد" الذى ينظر إليها بتفحص شديد مُضيفا بنبرة ملحة غير أمرة أو حادة رادفا بهدوء :
_ بصيلى يا ديانة
لا تعلم كيف جعلها تنظر له رغما عنها ، كيف أنساعت إلى أمره بكل هذا السهولة!! ، لما هى الأن تنظر إلى أعماق زرقاوتيه وكأنها تتفحص لونهما ، لما لا تستطيع حتى أن تُحرك أهدابها؟! ، كيف يكون له تأثيرا قويا عليها لهذه الدرجة!! ، لحظة واحدة ، لما أزدادت ضربات قلبها وكأنه سيخرج من بين ضلوعها!! ، كيف لها أن تكون قريبة منه لهذا الدرجة وتنظر إلى داخل عينيه ولا تستطيع التحرك قيد أُنملة؟! ، مزيجا من التوتر والخجل والكثير من المشاعر المُتضادة التى تتخبط بداخلها مُسببة لها الكثير من التشتت ، لا تعلم ما الذى يفعله بها هذا الرجل ولكن كل ما تعلمه هو أنه يُسيطر عليها رغما عنها دون أن يجبرها على شيء ، قطع لك اللحظة المميزة صوت "إياد" الذى صاح بالجميع رادفا بسعادة :
_ المأذون وصل
أنتفضت "ديانة" بين يدى "جواد" وسريعا ما أبتعدت عنه مُهرولة نحو والدتها ، ليغمض "جواد" عينيه بكثير من الغضب والأنزعاج رادفا بحدة :
_ أنا هقتلك يا إياد
❈ - ❈ - ❈
هل هذا حلم أم حقيقة!! هل هو الأن يجلس أمام والدها ويمسكان بيد بعضهما ويعقد قرانه عليها!! ، هل هى حقا تجلس بجانبه الأن وبعد لحظات سينهض ليحتضنها ليُعلن عن ملكيته لها؟! ، هل لم يعد هناك سوا لحظات لكى يعُلن المأذون عن إنها أصبحت زوجته؟! ، كان هذا ما يدور بعقل "مالك" بعد أن أتم عقد قيرانه على "زينة" ليقطع شروده صوت المأذون صائحا بصوت عال مُخبرا إياه عن أخر جملة عليه قولها ، ليردد خلفه "مالك" بسعادة بالغة :
_ والحاضرون يشهدون على ذلك ، والله خيرُ الشاهدين
ليصيح المأذون بإبتسامة مُهنئة موجها حديثه نحو "مالك" و"زينة" :
_ بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما فى خير
إلتفت "مالك" نحو "زينة" وسريعا ما عانقها بكثير من الحب والسعادة ، لما هو يحتضنها بقوة هكذا!! ، هل يُحلول أن يعتذر منها بهذه الطريقة!! أم أنه يُثبت لنفسه إنها أصبحت ملكه الأن؟! ، هل هى مجنونة!! أم تظننى أيله كى تفكر إننى سأتركها بعد الأن؟! ، هذا لم يحدث ولو حتى فى أسوء أحلامها
بينما "زينة" لم تعرف ماذا تفعل!! ، لماذا بادلته هذا العناق!! لماذا رسمت على وجهها تلك الأبتسامة الكبيرة؟! هل هذا لأنهم أمام الجميع ولا تريد أن يلاحظ أحدا شيئا عليها!! أم لأنها حقا سعيدة جدا وتتمنى لو كان هذا الزواج حقيقيا وليس مجرد خدعة كى تُحافظ بها على صورتها وصورة عائلتها أمام الجميع؟! ، لا تكونى سعيدة هكذا يا نفسى فهذا الزواج ليس إلا تصليح غلطة
بدأ المأذون فى جمع أشيائه مُستعدا لرحيل بعد أن أتم عمله ، ليوقفه "هاشم" مُنبها إياه إنه لم ينتهى عمله بعد رادفا بإبتسامة ود :
_ أستنى يا شيخ ، لسه فى كتب كتاب تانيه
أبتسم له الماذون بتهنئة وسرور مُعقبا :
_ بسم الله ما شاء الله ، ربنا يزيد من أفرحكم
نظر "هاشم" نحو "لبنى" بإبتسامة مليئة بالحب والسعادة مُناديا إياها بكثير من الود :
_ تعالى يا عروسه
شعرت "لبنى" بكثير من الأرتباك والحرج ، نعم هى تعلم أن اليوم سينعقد قيرانها على "هاشم" ولكنها لم تكن تعلم أن هذا سيحدث أمام الجميع هكذا ، تسمرت "لبنى" فى مكانها وكانها لا تعلم كيف ستسير ، لاحظت "ماجدة" هذا الأرتباك لتتدخل جاذبة إيها نحو كلا من "هاشم" والمأذون ، جلست "لينى" مقابلة ل "هاشم" والماذون يتوسط الطاوله مُمسكا ببطاقات هاوية كلا من العروسين
لاحظ الماذون أن العروس سبق لها الزواج من قبل بسبب كلمة أرملة المكتوبة فى خلف البطاقة التى جددها لها "هاشم" خلال الأسبوع الماضى ليُسهل إجرات إتمام زواجهم ، نظر المأذون نحو "لبنى" رادفا بأستفسار :
_ مدام لبنى زين عبدالله الملاح ، هل تقبلين بالزواج من السيد هاشم شمس الدين الدمنهورى؟!
أومأت له "لبنى" بقليل من الخجل التى عملت على عدم إظهاره رادفة بتأكيد :
_ أيوه أقبل
رفع المأذون وجهه لرجال الذين كانوا يقفون أمامه ومن ضمنهم "جواد" و "إياد" و "عامر" و"مالك" و "محمود" ، ليصيح المأذون رادفا بود :
_ ممكن بطايق الشهود
أخرج كلا من "جواد" و "عامر" بطاقات هوياتهم اوأعطوا إياهم للمأذون ، بعد قليل من الوقت أنتهى من كتابة الأوراق اللأزمة وجعل الشهود يقوقعون عليها وكذلك العروسين ، وبما إن "لبنى" ليست بكر ستكون هى وكيلة نفسها ، نظر المأذون نحو "لبنى" رادفا بود :
_ لو سمحتى حطى أيدك فى أيد هاشم بيه
نفذت "لبنى" ما قاله لها الماذون ووضعت يدها بيد "هاشم" ليضع فوقهم المأذون ذلك المحرام مُعقبا :
_ بسم الله الرحمن الرحيم
" ومن أيتَهِ أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لأيَت لقوما يتفكرون "
بدا الماذون فى عقد قيران "لبنى" و "هاشم" وسط فرحة الجميع وساعدتهم بهذا الزواج الذى سيطيب كل الجروح التى ضلت تنزُف منذ أكثر من عشرون عاما ، وهذا بسبب لعنة "هناء" وهوسها بهذا الحب الذى لم يكن له وجود ، ليتمم المأذون تلك السعادة رادفا بتهنئة :
_ بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكم فى خير
نهض "هاشم"من مكانه وتوجه سريعا نحو "لبنى" مُلتقطا يدها ومُقبلا إياها هى ووجهتها بكثير من الحب والتقدير ، ليصيح الجميع مُهنئا إياهم وتبادل الجميع التهانى والمباركات لكلا من العروسين ، سوا "مالك" و "زينة" أو "هاشم" و "لبنى"
❈ - ❈ - ❈
أنتهى الكثير من فقرات الزفاف الطبيعية التى تحدث فى جميع الحفلات التى تكون من هذا النوع حتى وصلوا لتلك الفقرة التى تخص الشريكن المرتبطين لكى يرقصوا معا ، بدا "مالك" و "زينة" يرقصان معا عاملا على عدم إظهار شيئا أمام الجميع وأيضا مع الحرص فى الحركة بسبب وضع "زينة" وحملها ، وضم إليهم كلا من "إياد" و "ملك" و "عامر" و "ماجدة" مُتشاركان معهم تلك الرقصة الثنائية
ظل "جواد" بنظر إلى "ديانة" الواقفة بجانبة ويتمى لو يستطيع أن يطلب منها أن يُشاركوا الجميع تلك الرقصه لكى يكون قريبا منها بهذه الطريقة ، بينما كانت "ديانة" تلاحظ نظرات "جواد" تلك ومدركة ما يعنينه ولكنها لم تكن تُعيره أية إهتمام مُتنكمة بداخلها على تفكيره هذا
لاحظ "هاشم" تلك النظرات اللحوحة التى تندلع من زرقاوتى "جواد" نحو "ديانة" وعدم إنتاه "ديانة" له ، ليضحك "هاشم" بخفوت على مُعاناة أبنه على يد تلك الفتاة العنيدة ، لينحنى "هاشم" إلى أذن "لبنى" مُخبرا إياها بما يجب أن يفعلاه لتأوما له "لبنى" بالموافقة
تقدم كلا من "هاشم" و "لبنى" بخطوات ثابتة كى لا يلفتون الأنظار مُتجهون نحو "جواد" و "ديانة" ، وقف "هاشم" أمامهما وهو يُحاوط خسر "لبنى" بيده موجها حديثه نحو كلا من "جواد" و"ديانة" رادفا بهدوء :
_ يله عشان ترقصوا معانا عشان الصحافة أكيد هتصور الفقرة دى ومينفعش تكون نقصاكم
أقتضبت ملامح وجه "ديانة" من طلب عمها المُفاجئ ، بينما شعر "جواد" بكثيرا من الأمتنان تجاه والده الذى شعر وكانه كان يقرأ افكاره ، حاولت "ديانة" أن تجد عذرا تقوله ل عمها ولكن ضيق عليها "هاشم" نطاق التفكير مؤثرا عليها رادفا بإصرار :
_ عشان خاطرى أنا يا ديانة ، نعدى اليوم ده بس
شعرت "ديانة" بكثيرا من الحرج بسبب إلحاح وإصرار عمها ، لتضطر لأن توافق أخيرا على طلبه وهى تلعن بداخلها هذا اليوم الذى أجتمع فيه الجميع ليضغط عليها كى تكون قريبة من هذا الجواد ، بينما أمسك "جواد" يدها وقام بسحبها معه نحو ساحة الرقص وهو ينظر نحو والده بكثير من الشكر والأمتنان على مساعدة له
وضع "جواد" يده على خسر "ديانة" وقام بضمها كثير إلى صدره ، لتصبح قريبة جدا منه حتى أن عينيهما أصبحا مُتقابلا بشكل كامل ثم بدأ كلاهما فى الرقص معا ، شعر "جواد" أن هذا وقت مناسب لتحدث مع "ديانة" وأستعطافها كى تُخرج فكرة الطلاق تلك من راسها ، لينهد "جواد" بثقل وحزن مما فعله بها رادفا بأسي :
_ أنا عارف إنى ظلمتك وجيت عليكى من غير أى وجه حق ، بس والله أنا ندمان بجد وبتمنى منك فرصة تانية
زجرته "ديانة" بكثير من الحدة والغضب مُتذكرة كل شيء سئ فعله معها منذ أن رأته أول مرة ، لتقطع له ذلك الأمل فى إنها يمكن أن تسامحه وتعطى له فرصة أخرى رادفة بنهى :
_ لا تانيه ولا تالته ومتستغلش الظرف اللى أحنا فيه فى إنك تحاول تستعطفنى لإنى عمرى ما هسامحك ولا هسمحلك تقرب منى تانى
كانت كلماتها حادة وقاسية جدا بالنسبة له ، هى تريد أن تجعله يفقد الأمل فى أن يكونان معا مرة أخرى ، ولكنه لن يفقد الأمل مهما فعلت وسيعدها له مهما كلله الأمر ، ليحاول مرة أخرى مُحاولا التفسير لها :
_ يا ديانة صدقينى والله العظيم كان غصب عنى ، إنتى متعرفيش أنا مريت بأيه وعارف إن ده مش مبرر بس ...
قطعت "ديانة" حديثه خوفا من أن تضعف أمامه وأمام تبريراته التى تعلم أنه صادقا فيها وتعلم أيضا أن ما مر به ليس سهلا او هينا ، ولكن ما فعله بها أيضا لم يكن هينا ، هى أيضا ضُربت وحُبست وذُلت وأُهانت وذاقت العذاب وهذا لم يكن سهلا عليها أن تسامح به على الأقل ليس بتلك السهولة ، لتصيح به "ديانة" رادفة بحزم :
_ بس أنا مش عايزه أسمع حاجه ومصممة على الطلاق وزى ما قولتلك ، أحنا دلوقتى فى حكم المطلقين مش ناقصنا غير الورقة اللى هنمضى عليها بس وده أحتراما لقرار عمى مش أكتر ، غير كده لا جواد
أنهمت "ديانة" كلمتها مع إنتهاء تلك الرقصة وسريعا ما غادرت ساحة الرقص تاركة "جواد" خلفها وهو يُتابعها بزرقاوتيه وهى تبتعد عنه شيئا فشيء ، مُتمتما بينه وبين نفسه رادفا بإصرار :
_ ورحمة أبوكى ما هيكون فى حاجه أسمها طلاق يا ديانة ، عمرى ما هسيبك أبدا ولا هسمحلك تبعدى عنى غير بموتى
يتبع ...