الفصل الثاني عشر - كما يحلو لكِ - النسخة العامية
الفصل الثاني عشر
النسخة العامية
نور خافت، نظرات مُشبعة بالحزن، تلومه بتوسلٍ منها أن يتوقف، تصوب له ترجي خفي أن يتوقف لعل هناك بقية بينهما في الأيام المُقبلة، هي تعلم جيدًا أن نوبة من نوبات غضبه لن تكون جيدة امام كل شخص غريب لا تعرفه بهذا الفندق لذللك تفعل ما يُريده حتى تستطيع الهروب منه في النهاية، تحاول أن تتماسك فلقد أكد لها فريق بأكمله أن القضية سهلة وستحصل على الطلاق، لماذا لا يُمكنه الانتظار قليلًا أو حتى يستجيب لرغبتها في الانفصال بهدوء؟
ألم يُكفه كل ما حدث بينهما؟ ألم يُكفه تحدثه لوالدتها؟ ألم يُكفه تحقيق كل غاياته منذ بداية زواجهما إلي هذه اللحظة التي بينهما الآن ووصولًا لهذه النظرات المنهمرة منها لا يزال يحاول يهدم شخصية بأكملها ليبني بدلًا منها شخصية أخرى جديدة لا تعرفها هي؟ ما الذي يُريده أكثر من كل ما مر عليهما؟! كيف توضح له أن زواجهما يستحيل أن يستمر؟!!
نفس الضوء الخافت ولكن التماع غريب ينعكس بعينيه وكأن بمقلتيه فوهة بُركان متوهجة، ليث ضاري أنهكه الجوع لأيام، وساديته لم تروى منذ شهور، وأخيرًا وجد فريسة سهلة اوشكت على الاستسلام أو استسلمت بالفعل، ربما الصيد ليس من اختصاص الأسد بل انثاه، ولكن إن تطلب الأمر فعلها لن يتراجع لوهلة عن الفتك بها إلي أن ينتهي من هذا الشعور المُزعج الذي لازمه لفترة من الزمن لم تمر بهوانٍ عليه!
- هتشربي؟!
نطقه المستفهم عكس السخرية على ملامحها، هل هذا سؤال؟! أم يريد أن يُطري على غروره وجنون عظمته بيقين بإذعانها لكل ما يُريده؟!
- وهو انت سبتلي اختيار غيره؟! صدقني ممكن اختار الموت ولا إني اقرب منك تاني!
إجابة استنكارية وجملة بتشبيه جليل مقصدها منه أن توضح لها كم تكره أن تفقد نفسها من جديد بلحظة محمومة بين ذراعيه، عله يستوعب كم تريد الابتعاد عنه، ولكنه بالرغم من كل ما يصرخ على تقاسيم وجهها وبالرغم من كل ما ينهمر من عسليتيها من لومٍ له ونفور منه لا يُصدق ذرة من هذه المشاعر الزائفة! لقد حفظ ما هي عليه!!
بسط كف يده إليها حيث ابتلعت واخفضت بصرها نحو يده، جلبة بأنفاسها كانت علامة على توترها، والمزيد من الارتباك الملحوظ اتضح عندما انكمش جسدها إنشًا وحيدًا للخلف فسيطر على الموقف سريعًا مستغلًا بعض المشاعر الذي لا يتأكد في هذا اللحظة أنه لا يزال يحملها ويكنها نحوها:
- صعب إنك تصدقيني بالذات دلوقتي بس أنا عايز ده معاكي، نشرب ونضحك ونتبسط، يمكن ده الحل الوحيد اللي ينفعني وينفعك.. مُسكن مؤقت ليا وليكي.. بكرة الصبح لا أنا ولا انتي هنفتكر حاجة من اللي هتحصل!
ارتفعت بمُقلتيها نحوه بصعوبة وعقبت بضعف انعكس على نبرتها المرتجفة:
- انا اكتر طرف اتأذيت من يوم ما اتجوزنا، لو حد فينا محتاج مُسكن لكل ده فهو أنا مش أنت!
تلاشت سعادته لجزء من الثانية، لتوه ظن أنه ربح ولكن تلك العاهرة المسماة بالمشاعر لا ترحم ولطالما قهرت أعتى الرجال!
اقترب منها أكثر وامسك بيدها رغمًا عنها ثم جذبها ليدفعها كي تسقط على الاريكة خلفها وتوجه خالعًا منشفته واختفى للحظات داخل الغرفة وقام بإرتداء بنطال قطني وقميص منزلي اسود ثم عاد من جديد لتتابعه وهو يحضر بعض الثلج وكأس آخر ونوع مختلف تمامًا ذو تركيز مختلف من الكحول، ربما التركيز اقل ولكن هذا سيُسبب الثمالة السريعة إليها حيث سيمتصه جسدها بسرعة أمّا عنه فهو لن يؤثر به هذا التركيز سريعًا.. ولكنها بالطبع لن تعلم شيئًا عن التركيز الكحولي وكيف سيؤثر بجسدها!
لبرهة شعر بأنه تائه وعقله يتمزق بين الحصول عليها، وبين معرفة هل ما يدور برأسه صحيحًا أم خطأ فقد يحصل على معلومة أو اثنان منها عند ثمالتها، وأخيرًا بين أن يترك كل ما يدور برأسه ليذهب إلي الجحيم وهو يخبرها ملايين المرات أنه لا يعشق سواها ولا يريد سواها في حياته البائسة!!
توجه في النهاية ليجلس امامها وجذبها بخفة كي تواجهه بجلستها وأصبح كلاهما ينظرا لبعضهما البعض فكسر الصمت الذي أحاط بهما بنبرة قاصٍ محترف للقصص التي لن تصدقها منه بعد الآن:
- فكراني مش محتاج انسى كل حرف قولتهولك، كل حاجة عني محدش يعرفها غيرك، ولو فاكرة اني بكدب فأنا هاشرب نفس اللي هتشربيه!
زفرة هاكمة تفلتت من بين شفتيها التي لا يستطيع تجاهلها لأكثر من هذا فغادرت فحميتيه الكأسين ونظر اليها ليجدها كانت تتابع ما يفعل واكتفى بإعطائها نظرة متسائلة لتُجيبه مبتسمة باستهزاء:
- متضحكش عليا يا عمر، أنا مش غبية، أنا كل يوم معاك بقيت بتعلم حاجات كتير.. عايز تقنعني إن كاس واحد تأثيره عليا زي تأثيره عليك!! واحدة اول مرة تشرب في حياتها وواحد محتاجله ازازة ونص تقريبًا على ما يسكر.. فاكرني غبية للدرجة دي؟!
لوهلة ظنت أنها قد تتحكم بمُجريات هذه الليلة لو نجحت حقًا في أن تجعله يثمل قد يكون حلًا للتهرب من هذا اللقاء بصحبة "يُمنى" فقررت أن تحاول في دفعه للمزيد حتى تتأكد من مدى ثمالته ولترى قد يكون هذا منجاها الوحيد، وقد يكون ملاذها في النسيان، لو ثملت قد تنسى كل ما حدث، كلماته ونبرته الدافئة وكل ما يملكه من تأثير طاغي عليه، ستنسى كل هذا، ولا يوجد في الحياة أفضل من علاج سحري للنسيان.. ليتها كانت ثملة منذ أن عرفت من هو "عُمر الجندي"!!
ابتسامة جانبية اضفت على ملامحه المزيد من الجاذبية في هذا الضوء الخافت وبعض خصلاته السوداء تتساقط على جبينه لتلعن نفسها لملاحظتها التافهة في هذا الوقت الحرج ونبهها صوته الدافئ اخيرًا من اطناب النظر إليه:
- بس أنا ابتديت شُرب من بدري.. كاسين على العشا وشربت من ازازتين واحنا هنا، اللي تأثيره عليكي قوي هيخليني بمنتهى السهولة أنا كمان اسكر زيك!
قلبت عينيها وملامحها النافية لتصديقه تتضح بقوة بينما امتدت يدها إلي الكأس وهي تُمسك به لتقول:
- كدبة جديدة ولف ودوران علشان تقنعني بحاجة بديهية.. هايل!
تابعها بعينيه وهي تتجرع الكأس دُفعة واحدة وهي تعتصر عينيها بشدة بعد مذاقه الكريه وقبل أن ينطق بحرف واحد نظرة آمرة من عينيها انتصفت بين الكأس وبين فحميتيه اللامعتين في شبه الظلام وكلمة واحدة نطقت بها:
- اشرب!!
رفع احدى حاجباه بتعجب وابتسم إليها بعد سماعه لهجتها الآمرة ثم اومأ وهو يحتسي نفس المقدار الذي احتسته هي بينما وجدها تسكب المزيد وتتجرعه دُفعة واحدة بنفس الطريقة فامسك الكأس من يدها لتنظر له بإرتباك ثم هتفت به:
- مش ده اللي أنت كنت عايزه، دلوقتي بتمنعني!! هات!!
حاولت انتزاعه من يده فنهاها وكلمها بمنتهى الهدوء:
- مش ده اللي قصدته لما قولتلك نقضي وقت حلو سوا ونشرب سوا..
وضع الكأس على المنضدة امامهما ثم سكب المزيد لها وله هو ايضًا واعطاه إليها وبلهجة آمرة كلمها:
- بالراحة.. بشويش.. متشربيش كتير..
زفرة ضاحكة انطلقت رغمًا عنها وهي تشعر بالسخرية الهائلة وغمغمت وهي ترفع كأسها:
- هيفرق معاك مثلًا!!
من جديد تجرعت كأسها بأكملها لتتحول ملامحه للغضب وهو ينهض واجتذب الكأس من يدها وحدثها زاجرًا بجدية:
- اللي بتعمليه ده مش كويس، احنا لسه مش عارفين هتستحملي ايه!
ابتلعت المذاق الكريه وهي تحدجه بحقد ثم صاحت به:
- متعملش نفسك مهتم اوي وخايف عليا.. كان من الأول!
انكمشت بجسدها للخلف حتى طرف الأريكة وهي تثني ساقيها اسفل جسدها وحدقت بالفراغ لمدة بينما ابتعد هو ليتناول بعض العصير كي يحاول ابطاء مفعول الخمر ولو قليلًا بينما تابعها من على بُعد ليجد الوجوم مسيطر عليها فعاد وسكب العصير لنفسه وسألها قائلًا:
- عايزة؟
لم تكترث لما يفعله وظلت شاردة وبكل ما بداخلها من قدرة على التفكير والوعي لم تتمن أكثر من أن تكون في عداد الموتى بعد تحولها لامرأة لا تعرف عنها شيء، المزيد منها اصبح كلبد بغيوم عاصفة ضارية لا يُري خلالها ولو بصيص ضوء!
آلاف الأسئلة تلوح برأسها، لا تدري لماذا يحدث لها كل ذلك؟ اجبار وارغام وتسلط منه وسيطرة إلي أن وصلت لهذا الحد؟ هل كان عليها عند اكتشافها للأمر أن تخبره لا بأس زوجي العزيز، سنجتاز هذا سويًا؟!
لا تستطيع أن تتحمل مجرد كونها بديلة، الفكرة نفسها تقتلها، لا ترى أنه يعشقها هي بل يعشق صورة حبيبته السابقة في امرأة أخرى تملك حياة وطباع أخرى، لا تستطيع سوى الشعور بذلك.. وكأنه وجد ضالته، صورة حبيبته السابقة دون خيانة ومكر وخداع.. ما ذنبها بكل هذا؟! ما ذنبها بأن تعايش الكثير من ذكرياته الحزينة وتدعمه وتعشقه وتغرم به وتسامحه وتغفر له مرات ومرات ثم تستفيق على كونها الصورة المثالية التي كافئه القدر بها؟!
كلما تذكرت كل ما حدث بينهما كلما ازداد الاحتراق واندفع يهرول بسائر خلايا جسدها، وكأنما اللهيب يجري مجرى دمائها، لا تدري لماذا تشعر وكأن جسدها يحترق، ستفقد عقلها حتمًا لو استمرت أكثر في تصديق هذا المُختل.. ليذهب الناس والمجتمع بل واسرتها نفسها للجحيم، هي لن تقضي لحظة واحدة معه بغرفة واحدة! ليقتلها لو أراد ولكنها لم تعد تتحمله بكل ما يدفعها لفعله!
تبًا لماضيه، ونوباته، وامراضه، وكلماته اللعينة، وكل شيء به، كل ما كان عليه وكل ما سيفعله، لم تعد تكترث!!
فتحت عينيها لتُلاحظ أنها كانت مُغمضة لهما وهي تتكأ برأسها فوق اطراف اصابعها لتجده جالس على المقعد المواجه للأريكة وهو يدخن احدى سجائره بينما تحدثت له بحزم:
- انا مش هقعد معاك تاني لحظة واحدة.. انت هتسيبني اخرج حالًا، واياك تمنعني وإلا الاوتيل كله بكل اللي فيه هيعرف إنك انسان بشع!
اتجهت للغرفة فنهض خلفها ليجدها تحاول الوصول لملابسها التي خلعتها وابتسم بسخرية على ما تفعله وهو يُلاحظ تأثير الخمر عليها فمن خطواتها المترنحة وتخبطها ببعض الأثاث وعدم تركيزها بالإضافة لثلاث جرعات لا بأس بها وجرعة كبيرة بالحمام منذ ما يقارب ساعة، تيقن أنها الآن مُستعدة للكثير من الأسئلة التي أعدها مُسبقًا داخل رأسه ولم تعرف بعد أنها جلست لعدة دقائق لا بأس بها إلي أن استجاب جسدها للثمالة!
شاهدها باستمتاع أسفل نظره لتلك الوجبة الشهية التي ستناولها عما قريب ثم سألها مُبتسمًا:
- بتعملي ايه؟
شعرت ببعض الجفاف بحلقها ثم اجابته قائلة:
- بلبس وماشية من هنا!
- وهو فيه حد بيلبس الأول الهدوم وفوقها الـ bra (مشد الصدر)؟ هتمشي كده قدام الناس؟
تعجبت من كلماته ثم حاولت النظر لنفسها بصعوبة عبر المرآة لتجد جسدها غير ثابت وكأنها تتحرك يمينًا ويسارًا ورؤيتها باتت مشوشة لتنزعج من شعورها وسيطر الحزن على ملامحها بينما هتفت باستياء:
- طيب انا مش قادرة اغير هدومي، مش عارفة البسها، ممكن تساعدني، أنا عايزة امشي من هنا ارجوك!
ضحك بخفوت عندما استمع لنبرتها الأخيرة وهي تغالب البُكاء وتوجه نحوها وانتزع ملابسها المُهرجلة ولاحظ كيف تقوس شفتيها كالأطفال وكادت أن تبكي وسألته بما يُشابه النحيب:
- أنت هتعمل ايه؟
- هغيرلك هدومك علشان تعرفي تسبيني وتمشي
اجابها سريعًا ولم يكن يتوقع أن تظهر طفوليتها عند ثمالتها ولكن ادهشته بكل ما تفعله ووجدها ترفع عسليتيها نحوه فتوقف عما يفعله ولم تلحظ أنها لم يعد يتبقى على جسدها شيء واقتربت نحوه بتلقائية واستندت على صدره وهمست متسائلة:
- بجد؟ هتسيبني امشي؟
حدق بها وبملامحها الثملة لتبدو بريئة للغاية وبنفس الوقت شهية تفتت كل ذرة تحمل به كي يلتهمها ولكنه تحلى ببعض الصبر واكتفى بهز رأسه إليها بالموافقة فوجدها تحاوط عنقه وعينيها تمتلئ بالدموع التي تساقطت وهي تسأله بشفتين مرتجفتين والحزن جليًا بعينيها:
- يعني مش هشوفك تاني؟ ولا هنقعد مع بعض تاني خلاص؟
أومأ بالانكار وهو يُحيط خصرها عندما شعر بتثاقل جسدها وبكت بشدة واخذت تتحدث وكأنها لن تتوقف عن الكلام أبدًا مملية الكثير من التعليمات:
- طيب كلم بابي يبعت السواق، وقوله اني تعبت اوي النهاردة فمش هروح الشغل بكرة بدري، ممكن اتأخر شوية، وكلم المحامي وقوله اني مش هاكمل في القضية بتاعتي.. وقول لمامي تاخد الدوا.. أنا تعبانة اوي وعايزة أنام يا عمر وزعلانة منك، مش عايزة افضل زعلانة منك، مش عارفة اعمل ايه!
اشتد نحيبها ليحملها متجهًا للغرفة فوجدها تتشبث به بعفوية وجلس وهو يحملها بين ذراعيه وربت على ظهرها بحنان وسألها وهو يُرغمها على النظر له بين بُكائها:
- زعلانة مني ليه؟
نوبة جديدة من البكاء سيطرت عليها واجابت بين بُكائها:
- علشان أنا شبهها اوي، انت بتحبها هي، مبتحبنيش أنا! وأنا مش هاتجوز واحد بيحب واحدة تانية، انا عايزة جوزي يحبني أنا مش يحب صورة حبيبته فيا!
يبدو أنها فقدت وعيها تمامًا ومن حسن حظه لو استطاع الحصول على اجاباته بسرعة قبل أن تتقيأ أو تغيب عن الوعي بالكامل:
- هتسيبيني علشان عدي ولا يونس؟
توقفت عن البُكاء وهي تحملق به ثم سألته مستفسرة:
- عُدي مين؟
ابتسم بسخرية ثم أردف موضحًا بتأني:
- عُدي أخويا!
أومأت بالإنكار ثم تحدثت بعفوية:
- أنا زعلانة منه اوي علشان مقاليش اني شبهها وكان معاكم في الجامعة وزعلانة من مامتك وباباك علشان مقالوليش.. انا مش بحبكم!
سألها مُجددًا موضحًا بقدر الإمكان وبداخل رأسه لا يزال يُصدق بأنها تتآمر عليه مع رجل منهما:
- بتحبي عُدي؟
رمقته باندهاش ولكن اثار الثمالة اخذت تزداد واجابت بمصداقية:
- مش بحبه ومش بكرهه، يعني.. يمكن لو عرفته هحبه وهنكون أصحاب، بس هو شاطر في شغله وممكن يساعدني في شغلي!
أومأ بالتفهم واخذ يبعد خصلاتها عن وجهها وعانق كلتا وجنتيها بكفيه وقصد أن يُناديها كي تستفيق:
- ويونس يا روان، بتحبيه أو فيه حاجة ما بينكم؟
تفقدته كالتائهة واجابته بنبرة ثملة:
- ابن خالتي اكيد بحبه هو ويارا زي بعض، كنا بنلعب سوا زمان، أنا وهو ويارا كانت بتقولنا مين اللي فاز.. واه فيه حاجة ما بينا، الشيكات بتاعت شحنة الـ laptops الجديدة، كان نفسي اديله الفلوس كلها كاش وأخلص من زنه، زنان اوي، بس أنا عندي مشكلة في الـ cash
انتحبت بشدة وتساقطت دموعها من جديد ثم تابعت وهي تغلق عينيها:
- لسه باقي الدفعات مجتش من العملا وده مخليني اتأخر في الدفع الشهرين الجايين.. أنا عندي حاجات كتيرة اوي مبتخلصش.. أنا عايزة أنام علشان أخلصها الصبح!!
زفر براحة شديدة بعد سماعه لكلماتها بينما نهض ووضعها بالفراش ثم توجه سريعًا ليُحضر زجاجات من المياه، فهي لم تتناول الخمر على معدة فارغة، ولكنه لن يتركها لتستسلم للنوم، عليه أن يعوض سريعًا جفاف جسدها الذي سببه الخمر!!
عاد ليجدها على وشك السقوط بالنوم وهي تجذب الاغطية فوقها فتوجه نحوها وحاول أن يساعدها على شرب المياه وبعد كلمات لم يفهمها نجح في امرار جرعة لا بأس بها إليها واجلسها باعتدال وهو يُمسك بكتفيها وناداها بجدية:
- روان، سمعاني؟ ردي عليا!!
فتحت عينيها بصعوبة ثم هزت رأسها بالموافقة واجابته:
- اه سمعاك!
تفقدها لبرهة ثم ناولها المياه وهو يخبرها:
- طيب اشربي شوية كمان علشان تعرفي تنامي
رفعت المياه إلي أن انهتها بأكملها وهو يدفعها وشعرت بتوعك غريب لا تستطيع تفسير سببه ولكنها في نفس الوقت شعرت بالحاجة إلي النوم أكثر من أي شيءٍ آخر فألقت جسدها للخلف بعد أن ناولته الكوب واغمضت عينها فحاول أن يحثها على الاستيقاظ مرة أخرى، فليلتهما لن تنتهي بعد حتى ولو قاربت الساعة على الثالثة صباحًا!!
- تعالي نقعد سوا شوية، انتي وحشتيني اوي..
فتحت عينيها بصعوبة ونظرت إليه بعدم تركيز تحاول أن تُثبت هيئته المُتحركة بعينيها ثم همست بابتسامة:
- وأنت كمان وحشتني اوي، متسبنيش وتسافر تاني!
كاد أن يضحك مقهقهًا لو ترى نفسها الآن وتستمع لما تقول ستدرك أنها فقدت عقلها بالتأكيد، ولكن على ما يبدو من هذه الكلمات التي تنطق بها أنه لا يزال يملك بين طيات قلبها بعض العشق الذي لم ينتهِ بأكمله..
جذبها بخفة وساعدها على النهوض ثم توجه لمقعد بجانب السرير واجلسها على قدميه ثم حاول ان يُجلسها بطريقة بعيدة كل البُعد عن الاسترخاء وحاول أن يتحدث إليها وهو يتلمس وجنتيها بالقليل من القسوة كي تشعر بعدم الراحة:
- رفعتي القضية ليه؟
زفرت بضيق وهي تحاول النوم بينما لمساته لم تكن هينة وغمغمت:
- علشان خايفة..
ناداها بنبرة يعلم انها لطالما جعلتها تتأهب:
- روان بُصيلي
اطلقت صوت يُعبر عن الاستياء وهي تجاهد كي تنظر له فشعر بالقلق قليلًا ثم نظر بجانبه ليجد سلة المهملات فجذبها بالقرب منه حتى يكون مستعدًا لأي غثيان يتوقعه بنسبة كبيرة ثم سألها:
- حاسة بإيه؟
اللعنة، لم يكن يعرف أنها ستستجيب للخمر بهذه الطريقة، قد ظن أنها ستتحلى ببعض الجُرأة قليلًا أو ستُدلي بمعلومة او اثنان يستطيع أن يجمع بها بعض الخيوط ولكن أن يذهب عقلها بأكمله لم يكن يتوقع هذا!!
لماذا لا يصل هو لهذه الحالة سوى بعد عدد زجاجات لا بأس به، حتى اول مرة تناول بها الخمر لم يكن تأثيرها بهذه القوة، حسنًا ما هذه الملامح التي تضح على وجهها، يظن انها ستفعلها الآن لا محالة فسرعان ما قبضت احدى يداه على السلة ورفعها بالقرب منها استعدادًا لما قارب على الحدوث وخاصة بعد تناولها لهذه الكمية من المياه ليجدها تُفرغ كل ما احتوته معدتها!!
ابعد شعرها للخلف وحاول أن يساعدها إلي أن انتهى الأمر فنظرت له بأنفاس متسارعة وقالت بعفوية:
- أنا آسفة، مش عارفة بطني بتوجعني اوي!!
تفقدها وملامح الاعياء تبدو جلية على وجهها فتلمس وجنتها محتويًا إياها بكف يده وهو يعيد السلة إلي الأرض وعقب قائلًا:
- اهدي، ده من كتر الشُرب!!
نهض واتجه بها نحو الحمام وساعدها على غسل وجهها وفمها بغسول مُنعش بينما هي لا تزال تواجه صعوبة لمواجهة النعاس الشديد ولكنه لم يعد قوي مثل السابق وتشعر نوعًا ما أنها أفضل كما قرأ هذا على ملامحها ونظر لها لبرهة فشعر بلمسة من الشفقة عليها فخلع قميصه ثم ساعدها على ارتدائه وامسك بيدها واتجها للخارج مرة ثانية حيث صالة الاستقبال!
جلس من جديد ثم دفعها لتجلس ارضًا امامه ثم اخفض بصره إليها واثار الثمالة لم تذهب بأكملها بعد وكم أنها تبدو شهية للغاية بعينيه وهو الذي لم يقترب منها منذ أيام ولت عليه بصعوبة شديدة! القليل من المرح لن يضر!
- انتي خايفة مني علشان كده رفعتي القضية؟
تفقدها بمكرٍ بينما أومأت له بالموافقة وتنهدت وهي تحرك رأسها بحركات غير منتظمة وتفرك وجهها لأكثر من مرة ثم غمغمت بنبرة غير واضحة:
- مبحبش اقعد كده!
لاحظ أنها تحاول النهوض فسرعان ما منعها بيده التي امسكت بذراعها بقوة وآمرها مشددًا على نطقه للحروف:
- اقعدي ومتتحركيش علشان معملش حاجة متعجبكيش!
استمع لتأففها ولكنه لم يكترث ودنا للأمام قليلًا وأمسك بفكيها بين ابهامه وسبابته ثم سألها:
- خايفة مني في ايه؟
استنشق انفاسها المعبأة برائحة الشراب وأكثر ما يُريده الآن هو تقبيلها ولكنه عليه استغلال هذه اللحظات بكل ما فيها فهي ربما لن تتكرر أبدًا!!
حدقت به لتبدو بريئة للغاية وأدرك أن عسليتاها الصافيتان تخبر الحقيقة فانتظر سماع اجابتها بفارغ الصبر فكرر سؤاله:
- قلتلك خايفة مني في ايه؟
- خايفة اعرف عنك حاجات تاني اكتر من كل اللي عرفته، خايفة اتصدم فيك تاني! ممكن تخليني أقوم بقى؟
اجابته بمنتهى التلقائية وهي تشعر بالنعاس بشدة، بينما هو كان بعالم آخر تمامًا أنفاسها المتلاحقة، ذلك الشرود وعدم تركيز حركات عينيها، المصداقية التي يتيقن منها عبر كل حرف تنطق به، شفتاها، ترقوتها وعنقها، شعرها المتموج المبعثر، عيناها المنهكتان، تلك اللوعة اللعينة التي تدفعه للهلاك بأبحرٍ من الشبق الذي سينعكس على قيد كل أنملة بها، رغبته الملحة في الضياع بين ذراعيها.. لا يستطيع مواكبة كل هذا بسهولة.. يتمنى لو ينسى كل ما حدث وكل ما يحدث وينسى نفسه واسمه فقط ليقترب منها، دون وضع تخمينات وتساؤلات، يريد أن يتخلى عن عقله ويتحول إلي رجل مجنون لا يكترث سوى بها هي وحسب!! متى أصبح مهووسًا بها إلي هذه الدرجة؟!
حاول أن يُفيق عقله من التخيلات التي تعصف برأسه كما اشتهت رياح تأثيرها القاتل وسألها مرة ثانية:
- ما انتي عرفتي عني كل حاجة، خايفة تاني من ايه؟
لم يدرك ولم يلحظ كيف تثاقلت أنفاسه وهو يتحدث إليها بالقرب من شفتيها لتستكين للحظة وعقلها لا يزال مُذهب بالخمر وحدثته بمصداقية مُطلقة:
- خايفة لأن كل اللي ما بينا اتبنى على إني شبهها، واللي اتبنى غلط وعلى أساس مش واضح بيجي ينهار في يوم وعمره ما بيفضل زي ما هو
ابتلع بصعوبة وهو يُحدق بها متحاملًا على رغبته بها ثم همس امام شفتيها:
- طيب ما نبني كل حاجة من اول وجديد سوا
أومأت بالرفض وهي تنظر لها ولاحظ تثاقل أنفاسها هي الأخرى بينما همست له بحزن:
- مبقتش قادرة خلاص، ومبقاش ينفع، اللي حاسة بيه بقى محتاج معجزة علشان يتغير من ناحيتك
تجولت عينيه بافتراس بكل ملامحها وازدادت وتيرة أنفاسه بصخبٍ وهو يحارب تلك اللوعة به التي تُناديه بامتلاك شفتيها وهسهس بين أنفاسه المُنعكسة على بشرتها اثناء دفعه لخصلاتها للخلف:
- لا عادي ينفع، انتي طيبة وشاطرة وهتسمعي كلامي وهخليكي تنسي كل ده كأنه محصلش، مش محتاج معجزة ولا حاجة!!
اومأت له بالرفض مجددًا ورغمًا عنها بدأت تشعر بالقليل من الرغبة بين ثمالتها وهي تنظر إلي شفتيه مُتذكرة كيف كانت قُبلته التي بمجرد تلاقي شفتيهما بها تجد نفسها بعالم آخر وتحدثت ناطقة بالكلمات ببطء:
- مبقاش فيه حاجة زي الأول خلاص.. أنا عايزاك تبعد عني..
لو اقسم له العالم اجمع وجمعوا له كل الدلائل على أن هذه رغبتها لن يُصدق سوى تلك النظرة المتوسلة منها التي تُناديه بالاقتراب، ولن يؤمن سوى بأنه لا يزال عشق بقلبها له، ولن يتبع سوى مصدر أنفاسها التي اوشكت على التحول إلي لُهاثٍ اسرع من شُهب ليلة صافية:
- انتي بتكدبي، انتي لسه عايزاني.. مفيش طلاق هيحصل ما بينا واحنا مش هنبعد عن بعض!!
انخفض كفيه ليستقرا على عنقها بينما شعرت بالخوف الشديد منه، فلقد فكرت ملايين المرات بهذه اللحظات مرارًا، لقد حاربت نفسها كي تتوقف عن الانجذاب له، عليه أن يفهم ذلك بوضوح:
- لا يا عمر، مش بكدب
أومأ بالإنكار مرات متوالية وهو يلمح كيف تشربت بشرتها بالحمرة وانفاسها تبدلت لبطلة عدو اوشكت على اجتياز خط النهاية بسباقٍ دام طوال هذه الليلة الطويلة ثم هتف بها هامسًا وهو يكاد يُقبلها:
- انتي مش عايزة طلاق، الجوابات بتاعتي كلها كانت كفيلة توديني في داهية، كنتي ممكن ترفعي قضية طلاق للضرر، كانت ممكن تبقى دليل ليكي في القضية ومكتوبة بخط ايدي بس انتي مش فاهمة انتي بتعملي ايه، انا فاهمك وعارفك، انتي بتحاولي تكوني قوية قدامي بس ده مش هيحصل، انتي بتعملي كل ده علشان تضمني ارجعلك تاني وساعتها هتسامحيني على كل اللي عملته..
اخذت تهز رأسها بالنفي كلما استمعت له ولكن أنفاسها اللعينة لا تستجيب سوى لأنفاسه اللاهثة وعينيها تشبثت بعينيه غير قادرة سوى على أن تحتمي بتلك النظرات التي كانت تشعر بالرعب منها لو اشتاقت لها يومًا ما ولكنها فشلت في مواجهة ذلك الانجذاب اللعين فحاولت أن تنطق بكلمات تنفي كل كلماته:
- لا يا عمر مش صح، انا عايزة أقوم انام.. انا مبقتش احبك زي الأ...
لم يعد لديه المقدرة على التحمل أمام شفتيها الناطقتين بالترهات الكاذبة، هو يعلم تمامًا من كل ما يظهر عليها منذ حتى عودته من السفر كم تعشقه، لن يصدق أي من كذبها، هي كاذبة، وإلا لما كانت هذا القُبلة لتكون بمثل هذا اللهيب المتبادل فيما بينهما، لن تكون أنفاسها لا تزال كما هي، هي نفس المرأة التي عشقها بكل ما فيها، محال أن يكون شيء تغير.. لا يُصدق هذا!
فتح عينيه وهو يحاول التقاط بعض الأنفاس ورفع كفيه قليلًا ومرر ابهامية بخفة بجانب شفتيها ذهابًا وايابًا واخبرها بلهاث وابتسامة وملامح بأكملها غارقة بالسعادة:
- انتي لسه عايزاني، أنا حسيت بيكي، استحالة لسه كل حاجة ما بينا زي ما هي بنفس الاحساس، واصدق إنك مبقتيش تحبيني
نفت كلماته بهزة من رأسها وهي الأخرى تحاول أن تمرر بعض الهواء لرئتيها ورفعت بيديها لتتلمس كفيه حولها ليحدق بها وهو يشعر بأن لمستها لم تكن لتمنعه بل كانت لرغبتها المُلحة به التي تكاد تقارب خاصته!!
أعاد الكرة من جديد، بنفس الرغبة ونفس الإرادة بها، يلوم نفسه بشدة على لينه معها، لا يستطيع تحمل أن تفعل به امرأة كل هذا وكأنها تتلاعب به بين اناملها فقط بعدة نظرات وكلمات صادقة ومن جديد يسقط مُذعنًا لهذه الطريقة التي تُفضلها هي.. القُبلات الشغوفة، اللمسات المحمومة وتلك الأنفاس الرقيقة..
هي التي تتشبث الآن وتجذبه نحوها، أين كان كل الرفض السابق منذ قليل، أهذه امرأة تريد ألا ترى زوجها الذي تعشقه وتبتعد عنه أم أن الخمر هي من تُزين لها كل ما تفعله!
عليها اللعنة، يُقسم لو رشفت رشفة واحدة منها طوال عمرها وثملت بهذه الطريقة ليقتلها حتمًا، قتلها اهون مرات ومرات عن تلمسها له بهذه الطريقة!!
- استني!
فرق قبلتهما وهما يلهثان باحثان عن الهواء ليرى علامات الاستياء واضحة على وجهها لتُكرر متسائلة وهي تحاول أن تجذب عنقه إليها:
- ليه؟ ليه استنى؟ ليه؟
وجدها تقترب منه من جديد فمنعها وهو يعود برأسه للخلف وسرعان ما امسك بخصلاتها يجذبها للوراء وقبضته حاوطت عنقها وشل حركتها كي لا تستطيع التحرك وجالت فحميتيه بشراهة بوجهها وتزين له كل تلك الأفكار التي كان يُفكر بها، لن يترك هذه الليلة دون أن يفعل ما يحلو له.. لن تتكرر هذه الفُرصة أبدًا فهو لن يسمح لها بأن تتناول الخمر طوال حياتها ولو فعلت سينتظرها عقابًا عاتيًا لن تكون نفس المرأة بعده على الإطلاق..
- عايزة ايه؟
تفقدته بدون وعي ثم هتفت به بعفوية شديدة:
- عايزاك..
اقترب من جديد ليعاود فعلته بافتراسٍ شرهٍ حتى يُذكرها بما قد تفقده إن لم تمتثل أوامره واطال من فعلته إلي أن انعدمت أنفاسهما ثم دفعها من عنقها للوراء بقوة حتى اختلت جلستها فأزاد من شدة قبضته حول عُنقها وهمس لاهثًا مستفهمًا:
- عايزاني؟!
همهمت بالقبول كما أومأت له كعلامة على ما تريده وحاولت دفع نفسها نحوه ولكنه منعها من الاقتراب لترمقه باستياء وعينيها ينهمر منها الاستفسار فسرعان ما تحدث لها بلهجة آمرة:
- لو عايزاني اعتذري على كل اللي عملتيه.. اتحايلي عليا اقرب منك!!
لوهلة تفقدته دون تصديق ولكنها نطقت كمن تريد أن تتخلص من هذا الالحاح الشديد بالرغبة عليها بين ثمالتها التي تقودها لفعل ما تهوى مشاعرها ونسيان العقل والمنطق وكل ما كانت ترفضه بالماضي:
- أنا آسفة.. قرب مني!!
ابتسم لضياعها المنعكس من ملامحها الغارقة في الرغبة ثم تملكته رغبة ضارية في رؤية ما الذي ستفعله وهي غير واعية وإلي أي حد هي تريده حقًا فهمس وهو يومأ بالإنكار:
- مش كده!!
ابتلعت بملامح مُتأثرة ليجذبها نحوه وتخلص من قميصه على جسدها الذي يحول بينه وبين رؤية اكثر ما اشتاق له منها فظنت لوهلة أنها ستصل إلي ما تريد عندما قبلها مجددًا ولكنه من جديد ابعدها وهو يحدقها بمكرٍ ثم انخفضت عينيه حيث قدميه وكلمها آمرًا:
- انزلي بوسي رجلي!
قد تجعل الخمر المرء ثملًا، قد تُذهب عقله، تدفعه لبعض الجنون، تُزين النزوات، ولكن يستحيل أن تُغير حقيقته!!
ارتبكت عسليتيها وهي تحارب تسارع أنفاسها وهمست له بانزعاج:
- بس أنا مبحبش كده!
قربها إليه بخبث وربت على شعرها وهمس بأذنها وهو يُبعثر أنفاسه الدافئة لتلتهم اخر ما تبقى من ذرات المنطق بعقلها واستشعر نبضاتها التي تتصاعد بجنون عبر وريدها الوداجي بعنقها:
- انا مش عايز اكتر منك في حياتي.. اسمعي الكلام ومتضيعيش اللحظة الحلوة دي، بلاش تخليني اجبرك على حاجة.. انزلي بوسي رجلي..
المزيد من تحركات شفتيه الماكرتين، والخمر تسيطر على عقلها لتدفع بها للسقوط في هوة سيطرته، تُغمض عينيها رغمًا عنها وهي لا تستطيع تحمل هذه الدُفعة المُهلكة من الشبق الذي يُسببه لها، لا تصدق كيف يستولى عليها كل مرة بمجرد لمسات.. تحولها من كارهة له لامرأة قد تلفظ اخر أنفاسها فقط لتحظى بلحظة وحيدة معه مثل التي تُعايشها الآن..
فتحت عينيها عندما شعرت باختلاف ما قد طرأ عليها، لم تعد تراه بل ترى قدمه امامها، تشعر به يدفع رأسها للأسفل خلال هذه الخصلات المعقودة حول قبضته، لماذا يفعل بها ذلك؟!
حاولت رفع بصرها إليه ولكنها شعرت وكأن جسدها يأبى التحرك، أو هو من يُثبتها بقوة، لا تدري ما الذي يحدث لها ولكنها واثقة أنها لا تريد سواه..
لم ييأس ودفعها لفعلها وشيئًا فشيء وجد شفتاها ترتجف اثناء فعلها ثم توالت مع قبلاتها الكارهة دموع تتساقط شعر بها ليُهلك فكيه حتى قارب على الشعور بمذاق الدماء اثر تضررهما مما يُعذب به نفسه ومؤشر رغبته يتصاعد بجنون مما تفعله به هذه الصغيرة التي لا تعلم تأثير تلك الدموع ولا هذه القبلات!
بدأ نحيبها يتعالى بشدة فجذبها للأعلى وحدق بها وصرخ بين فكيه الملتحمين:
- بتعيطي ليه؟
توارت خلف دموعها مُقلتاها المُعاتبتان ثم همست بشجن:
- مبحبش اعمل كده.. انت كل حاجة حلوة ما بينا عايزها تبقى حلوة بس من وجهة نظرك!
تواترت أنفاسه الغاضبة الممزوجة بالرغبة وحدق بكل ما بها حيث لم يعد هناك ما يُزعج فحميتيه من الارتواء من تلك الأنوثة التي تعج بكل منحنياتها وتحدث بغلٍ بنبرة تكاد تُسمع:
- لو تعرفي نفسي اعمل ايه فيكي على كل اللي بتعمليه، لو بس تشوفي ولو لحظة واحدة من اللي ممكن اعمله في واحدة غيرك!!
رفع عينيه نحوها ثم قربها نحوه دافعًا إياها من رأسها وقبلها بنهمٍ ونهض وهو يُجبرها على النهوض بفعل خصلاتها وابتعد قليلًا عنها ولكنه لم يفلت شعرها بعد ليُلقي كل ما على المائدة ارضًا سوى زجاجة الخمر التي امسك بها بيده الأخرى واجتذبها لتتحرك معه بسهولة ولكنها تأوهت من ذلك الألم الذي لم بها ثم اطلقت صرخة مُفاجئة عندما شعرت به يُلقيها على المائدة وحاولت الاتكاء بصعوبة على كلتا يديها وهي تسأله بخوف:
- انت هتعمل ايه؟
تفقدها بنظرات راغبة وهو يحدق بها ثم تجرع قدر المُستطاع من هذه الزجاجة ثم احتمل احتراقها بحنجرته ليُجيبها قائلًا:
- لو فايقلك مش بعيد تباتي في المستشفى، ولو سكران يمكن الموضوع يختلف..
رآته يسكب الخمر عليها مباشرة دون حائل بينهما لتحدقه بوجل وتصاعدت خفقات قلبها برعبٍ ولكنها لم تقو على التحرك بسهولة لثقل جسدها بطريقة لم تختبرها قط كمن تقارب على فقد وعيها وهي مبعثرة بين الثمالة والرغبة وقبل أن تسأله همس بأنفاسٍ لاهثة:
- مظنش عمري هاشرب في حياتي حاجة احلى منك!!
❈-❈-❈
بعد مرور ثلاث ساعات..
فتح عينيه وشروق الشمس يُزعجه من هذه النافذة التي تقع على يساره ليتفقد الوقت فوجدها عبرت الشروق بقليل فابتلع وهو يشعر بجفاف حلقه وصداعًا لعينًا يهشم رأسه وكأن هناك شخص بغيض يطرق بمطرقة فولاذية بداخلها فالتفت بجانبه ليجدها غارقة بنوم عميق وشعرها لا يزال يبدو عليه الابتلال فحاول تذكر اخر لحظة كان واعيًا بها معها الليلة الماضية بصعوبة وبعد عدة لحظات تذكر تمامًا ما الذي كان يحدث!!
- ارجوك كفاية، بلاش تعمل كده تاني!
- مش كنتي عايزة تسبيني وتطلقي.. ده اللي هتحسي بيه بالظبط لو انا مش معاكي كل ما تفتكريني!
- خلاص مش هاسيبك بس ارجوك متبعدش، بلاش الموضوع ده بيضايقني!
هذا اخر ما يتذكره، يا لها من ليلة طويلة لم تنتهِ سوى بثمالتهما الشديدة بعد أن أرغمها على تناول الخمر من جديد عندما لاحظ اسئلتها التي قاربت من الوعي، هل أذاها حقًا عندما ثمل؟!
جذب الأغطية من فوقها ليرى اثار علامات بجسدها ولكنها مُجرد قُبلات عنيفة ليس إلا، هل اُصابت بنزيفٍ ما عندما ثمل؟!
سرعان ما تصاعد وجيف قلبه ونهض ليجذب الاغطية بالكامل من فوقها وعقله لا يستطيع سوى أن يربط بين وجوده معها وهو دون وعي وبين تلك الفتاة التي كادت أن تفقد حياتها عندما كان غير واعيًا ولكنه زفر براحة عندما وجدها بخير فأعاد الأغطية فوقها من جديد وبعدها انتبه لنفسه حيث وجوده دون ملابس بالقرب من الفراش!!
توجه وهو يلعن ذلك الشيء البغيض الذي جعله يستيقظ فهو بالكاد نام حوالي اكثر من الساعة بقليل، بعد كل هذه الخمر اللعينة لماذا يشعر بالصداع والنشاط على حد سواء..
سكب آخر ما تبقى بهذه الزجاجة وهو يُدرك الآن انه منذ الأمس حتى الآن انهى هو وهي ثلاث زجاجات!! اللعنة، كم أعطاها ليلة أمس عندما شعر بأنها استفاقت قليلًا!! أم ربما هو من تناولها بأكملها؟
هذه الأسئلة لن تُفيد، فرأسه مشوشة للغاية الآن، حتمًا سينهمر على رأسه كل ما عايشه معها ليلة أمس أو فجر اليوم.. عليه التخلص من هذا الصداع بأي طريقة، لعل هذه الجرعة تُفيد ولو قليلًا..
تجرع اخر ما تبقى من الخمر فقد تعمل كمسكن مؤقت لشعوره بالألم ثم امتدت يده لتُمسك بقائمة الطعام التي يوفرها الفندق، أربعة أنواع من الإفطار، حسنًا، يشعر بأنه يريد تناول قطيع بأكمله.. ما الذي فعلته به ليلة أمس حتى يشعر بهذا الجوع الشديد؟!
رمقها نائمة باستغرابٍ شديد لعدة لحظات من على مسافة حيث يقف بصالة الاستقبال بالجناح ثم هز رأسه بإنكار وتوجه للهاتف متصلًا بخدمة الغرف ليتحدث بالإنجليزية عندما ردت تلك الفتاة بالإنجليزية:
- اريد نوعًا واحدًا من كل قائمة الإفطار عدا الإفطار الأمريكي، اريد اثنان!!
اغلق الهاتف وتجول باحثًا عن شيء ليرتديه فوجد سرواله الداخلي فارتداه وهو يكافح لتحمل هذا الصداع اللعين ثم توجه لباب الجناح وقام بفتحه ليجد حارسان غير حارسان ليلة أمس فحدثهما بلهجة امرة:
- مسكن للصداع قوي بسرعة، ومحدش فيكم يخبط على الباب انا هاجي اخده منكم كمان شوية!
اغلق الباب بوجهيهما دون اكتراث ثم ذهب للحمام في محاولة أخيرة منه أن يُعالج صداع رأسه ببعض المياه الباردة لو اغتسل بها!
ترك نفسه للمياه، بدأ في الشعور بالاستفاقة اكثر، ولكن الصداع لا يتوقف، لو خرج ووجد هذان الغبيان لم يُحضرا مُسكنًا له سيقوم بفصلهما عن العمل، ولكنه عليه أن يرى شيئًا هامًا قبل هذا!!
اغلق المياه ثم اتجه للخارج وهو يحيط خصره بمنشفة وأخرى صغيرة يُدلك بها شعره كي يجف وسرعان ما توجه إلي سرواله ليُمسك بهاتفها الذي قام بتشغيله وسرعان ما اتجه لكل التطبيقات على هاتفها!!
فلو انهى اول مرحلة من بناء تصديقه لها واستجوابها عبر تحقيق قصير اجراه ليلة أمس عليه أن يبحث عن الأدلة بنفسه، واستغرب قليلًا عندما لم يجد سوى تطبيقًا واحد فقط للمراسلة.. جيد، لن يأخذ منه وقتًا طويلًا ليتفقده.. أين اللعينان "يونس" و "عُدي" إذن؟!
اخذ يتفقد المحادثات، "علا" ثم الفريق التقني، ثم فريق المبيعات، وفريق اخر حتى لا يفهم ما اختصاصه، إدارة المالية، ها هو، مرحبًا بالوغد الأول الذي راسلها ليلة أمس، ابن خالتها، لوهلة كاد يذهب ليقتلها ولكنه وجد رسالة واحدة منه ذات تاريخ قريب باللغة الإنجليزية تحمل بعض السخرية، وقتها قبل موعد العشاء بقليل:
- ابنة خالتي العزيزة المنشغلة دائمًا لا تنسي احضار الشيكات!!
حدق بالمزيد من الرسائل ليجد واحدة منه قبل زواجهما وهو يهنئها بيوم مولدها وأخرى منذ عامين يهنئها برأس السنة الجديدة مستخدمًا بعض الوجوه المُضحكة.. وما جعله يطمئن قليلًا هو عدم قيامها بالرد على أي من الثلاث رسائل سوى قول شكرًا لك لتهنئته بيوم مولدها!!
فجأة شعر باهتزازات متوالية واسم مساعدتها "عُلا" يظهر وبجانبه عدد الرسائل غير المقروءة يزداد ولكنه بحث عن اسم أخيه الكريه مباشرة ليجد أنه ليس هناك أي محادثات بينهما فأغلق الهاتف لبُرهة ثم التفت لينظر إليها وهو يشعر بالشرود ولكنه سرعان ما عاد من جديد لهاتفها وتفقد الرسائل فلم لجد أي شيء بينها وبين أي وغد منهما!!
زفر بضيق وفتح هذه الرسائل المُرسلة من مساعدتها الشخصية وتوجه للخارج كي يتناول المُسكن من الحارسان وهو يقرأها محاولًا تسليط تركيزه على كثرة هذه التفاصيل ليغمغم:
- كل ده، دي رغاية اوي!
❈-❈-❈
شعر بتلك الأنامل الصغيرة تعبث بوجهه ليغمغم بانزعاج:
- هو انا مش خلصت دراستي، بتصحوني من بدري ليه!!
همست له ابنة اخته بحنان كما عادتها وهي تحاول الحصول على بعضًا من الفراش بجانبه وتلمسته بهدوء وهي تقول:
- اصحى يا خالو انت وعدتني هتجيلي المدرسة النهاردة مع مامي وتحضر الحفلة معانا!
همهم وهو يتذكر التزامه اللعين الذي نطق به يومًا ما بمنتهى الغباء منه ليزفر بضيق وهو لم يفتح عينه بعد بينما جذبها إليه وعانقها وسألها باستياء:
- هو مينفعش اجيلك متأخر شوية؟!
اجابته بالانجليزية قائلة:
- لا، الموعد بالتاسعة!!
نهض فجأة بغضب شديد ليجلس على الفراش ثم جذب هذا الشيطان الصغير الذي لا يدري ما شأنه وشأن شعر رأسه لينظر له امامه وهو يصيح به:
- مبقاش عندي شعر خلاص، كمان شهرين وهاشطب.. لو لقيتك بتلعب في شعري تاني هحلقلك شعرك ده!!
رمقه الآخر بخبث طفولي واخذ يضحك وعينيه تلتمع بالنصر بينما "يونس" كاد أن يقتلع شعره ولكنه اعرض عن الأمر وعاد من جديد للنوم وهو يجذبهما بعناق وسأل كلاهما وهو يحاول العودة للنوم:
- هي الساعة كام بقى على المسخرة اللي أنا فيها دي؟
اجابته "رينا" قائلة:
- السابعة!!
- سابعة وبتبهدل البهدلة دي، ده انا ملحقتش أنام.. يالا امشوا برا وسيبوني أنام!
تحدث لكلاهما بنعاسٍ يحاول أن يستعيده ليحدثه "قاسم" بطفولية:
- انت ماسكنا يا خالو هنقوم ازاي!!
فتح عينيه يتفقده بحقد ثم غمغم:
- ما انا لو كنت مفتري معاكم مكنش كل ده حصلي.. انما أقول ايه، طيبة قلبي هي اللي جايباني ورا!
فجأة لاحظ ثلاثتهم وجود "يارا" بالغرفة وهي تؤنب ابناءها:
- بردو صحتوه، اتفضلوا كل واحد على اوضته يروح يشوف هدومه علشان المدرسة والناني هتجيلكم تساعدكم!
سألتها "رينا" وهي تتشبث بعُنق خالها ببعض الحُزن:
- هو خالو مش هيجي معانا؟
سرعان ما اجابها "يونس" قبل أن تفعل اخته:
- هاجي، غصب عني هاجي، هو انا بقيت اعرف انام في البيت ده، خلاص صحيت وهاجي!!
هرول كلاهما سريعًا للخارج وتابعتهما "يارا" بنظرها ثم اعادت نظرها لأخيها وحدثته بنبرة مُعتذرة قائلة:
- معلش يا يونس مكونتش عايزاهم يصحوك بجد..
اعطاها نظرة ذات مغزى وهو يُضيق عينيه نحوها ونهض من الفراش وهو يجذب سجائره وقداحته ثم عقب بمرح:
- ما خلاص بقى من يوم ما اتجوزتي وانا مبعرفش انام غير برا البيت، اللي أنا فيه ده هاخد ثوابه في يوم اكيد
فر للشرفة واشعل سيجارته فتبعته وجذبتها منه لتُلقيها بالمنفضة وزجرته بجدية:
- كام مرة اقولك بلاش سجاير على الريق؟!
جلس وهو يعقد ذراعيه متصنعًا البراءة ثم عقب باستفزاز:
- اسف يا ماما!!
سيطر الغضب على ملامحها من مزحته السخيفة ولم تستطع أن تمنع لسانها اكثر من هذا وحدثته بتأنيب:
- وايه بقى اللي عملته امبارح بليل ده مع اخت جوز روان؟ انا لولا إن راشد معانا في العربية وعرفت امسك لساني كان زمانك شكلك قدامه زفت!! انت لغاية امتى هتفضل تعمل حركاتك دي؟ ما تبص لكل اصحابك اللي اتجوزوا وبقى معاهم اطفال يا يونس، عيب اللي أنت بتعمله ده بجد! احنا مش عايزين المشاكل توصل لقرايبنا كمان وحتى لو من بعيد!
ابتسم إليها لتزداد وسامته وتلمس يدها برقة ثم عقب بمنتهى الهدوء:
- ومين بس اللي قال مشاكل، ليه التفاؤل الـ over ده على الصبح!!
ضيقت عينيها نحوه ثم قالت:
- خد بالك الكلمتين دول مش هينفعوا معايا، انا مش واحدة من اللي بتقضي معاها شهرين، احنا دافنينه سوا يا يايا يا حبيبي..
رفع حاجباه وتوسعت ابتسامته ثم أردف:
- طيب لما احنا دافنينه سوا، بذمتك أنا برضو هروح اتعرف على واحدة جميلة زي القمر بمشكلة؟!! ده انا حتى جايبلها هدية!
زفرت بقلة حيلة ثم حدثته بتوسل وامسكت بيده تشد عليها:
- يونس الموضوع ده مفيهوش هزار، تخيل مثلًا لو حاجة حصلت بينك وبين البنت دي وفي الاخر بعدت عنها احنا وروان علاقتنا ببعض مش هتبقى احسن حاجة وانا ما صدقت إن أنا وروان بقينا كويسين اخيرًا، مش لازم نخسر بنت خالتنا علشان كام يوم حلوين مع بنت انت مشوفتهاش غير مرة!
من جديد اشعل سيجارة اخرى واضجع بجلسته على المقعد الموجود بشرفة غرفته ليرى علامات الاستياء على وجه اخته ولكنه تكلم بثقة:
- مرة واحدة اه بس محترمة وتِنكة ومغرورة وشخصية كده في نفسها، بس على مين، مسيري اوصلها!
عاد الغضب على ملامحها من جديد فردت عليه بحزم:
- مسيرك توصلها ايه بس، يونس احنا مش عايزين مشاكل مع اهلها!
نفث دخانه وهو يشير بيده وانزعجت ملامحه ليقول:
- بمناسبة اهلها انتي فكرتيني، عمر اخوها ده رخم وغريب ومكونتش طايق القاعدة معاه، وحسيت اني مش بالعه كده، إنما عُدي ده شكله عسلية خالص!!
زمت شفتيها وهي تغمض عينيها من عدم استجابته لكلماتها ولكنها حاولت مجددًا:
- رخم ولا مش رخم مش موضوعنا، المهم إني مش عايزة مشاكل من ورا الموضوع ده.. شيل عنود دي من دماغك واصلًا شكلها مش زي البنات اللي انت تعرفهم.. ودور على واحدة غيرها واتجوز بقى واتهد.. انت مكنش ليك غير روان هي اللي كانت هتعرف تلمك وتنفع معاك!
لم يكترث لكلمات اخته بينما شرد لوهلة بملامح "عدي" ليلة أمس وتلك الدماء التي كانت على وجهه ليسأل اخته باهتمام:
- روان ايه بس انا ناقص غم، دي بترد على الناس بالقطارة، وبعدين دي اختي يا بنتي، واه صحيح، هو جوز روان واخوه فيه ما بينهم مشاكل او حاجة؟
تعجبت من سؤاله ولكنها اجابته بنبرة قاطعة وهي تنهض:
- مالناش دعوة بينهم ايه، المهم أنا مش عايزة مشاكل مع الناس دي لا جوز روان ولا اخوه ولا اخته، ويالا اجهز لو كنت هتيجي النهاردة الحفلة بتاعت الولاد علشان يادوب اغير هدومي ونفطر وننزل!
اوقفها بجذب يدها بخفة قبل أن تغادر وسألها بمزاح:
- هي المزة اللي عند رينا في المدرسة لسه الـ miss بتاعتها ولا اتغيرت؟
امتعضت ملامحها باستياء ثم حدثته بسخرية:
- اللي يشوفك دلوقتي ميشوفكش امبارح وانت هتموت على الخمس دقايق وانت بتكلمها.. انجز يالا!!
ابتم إليها وهو ينهض عائد لداخل غُرفته:
- اوامر يا كابيرة!!
هزت رأسها باستنكار ثم اغلقت باب غرفته بطريقها للخارج ليتجه هو إلي هاتفه باحثًا عن أي تواجد لتلك الفتاة الغريبة على مواقع التواصل الاجتماعي ليبدأ أولًا بالبحث بقائمة اصدقاء "روان" لعله يتوصل إليها!!
❈-❈-❈
ظهرًا نفس اليوم..
لمدة جزء من الثانية كان آخر وقت شعرت به أنها بخير وبعدها آلم لا يُطاق بسائر جسدها وبرأسها التي كادت أن تصرخ من شدة هذا الصداع الذي تشعر به! يا لغبائها، لقد وافقته على هذا الجنون المحض ليلة أمس، ما الذي فعله بها ومعها وهي ثملة؟
فتحت عينيها بصعوبة وهي لا تستطيع النهوض فلم تلمح شيئًا سوى المصباح الجانبي وورقة مطوية مستندة عليها كُتب عليها اسمها وبجانبها على ما تظن أنه دواء ما فحاولت النهوض كي تعتدل من نومتها الغريبة التي لا تنامها في اغلب الأوقات وهي بالكاد تتحمل الآلم الذي لم يترك ذرة واحدة برأسها دون أن يصيبها بالكامل..
لم تنجح في النهوض فظلت ممدة ووجهها مواجه للفراش لتدفن رأسها باستياء في الوسادة ومدت يدها لتجذب الورقة وعدلت من رأسها لتقرأ ما فيها:
صباح فاتن مثلك صغيرتي المُثيرة
كنت اتمنى أن اجلس واكتب إليكِ الكثير من الاشعار والكلمات التي تعشقيها
ولكن بعد عودتي سأقرأ عليكِ الكثير والكثير منها..
وربما لو كان عرضك لا يزال قائمًا برغبتك بي فلا تزال خاصتي متقدة لكل ما بكِ..
ليلة أمس كانت رائعة ولكن لا اظن انها ستتكرر مُجددًا..
يبدو أنكِ لا تتحملي الشراب بسهولة ايتها الصغيرة.. برائتك وقلة خبرتك لا تؤهلك أن تكونين امرأة جامحة!
فتاة مثلك خُلقت لتكون قدوة حسنة، يكفي انني السيء في روايتكِ حبيبتي..
تناولي هذا المُسكن وكم كنت اتمنى أن تبحثين عن اسمه حتى تتأكدين من أنه ليس بسُمٍ أو حبوب هلوسة!!
ولكن من سوء حظك لن تجدين هاتفك ولا حاسوبك.. لذا لا تضيعي وقتك بالبحث عنهما وعليكِ أن تثقين بي وتتناولين هذا كي يُساعد ألم رأسك ويُقلله..
سأعود بأسرع وقت ممكن..
وإلي أن اراكِ انصحك بالاغتسال بالمياه الباردة وتناول افطارك والكثير من السوائل..
زوجك،
عمر يزيد
تركت الورقة لتسقط ارضًا دون اكتراث ورأسها تلعن الشراب والزواج والرجال وكل ما يحدث لها، هل أخذ هاتفها وحاسوبها حقًا؟ تبًا له!! كم الساعة؟ لديها الكثير من العمل والاجتماعات.. رأسها لا تتحمل كل هذا!!
دفنت وجهها للحظات بالفراش وهي تحاول استجماع بعض القوة لتنهض فنجحت في النهاية فتناولت قرصين من هذا الشيء علها تتناوله وتُصبح في عداد الموتى بعدها وبعد نهوضها جالسة ادركت أنها لا ترتدي أي شيء على الاطلاق ووجع جسدها هذا لا ينبأ سوى بـ.. لحظة، رغبة ماذا التي ذكرها بخطابه؟!
وضعت كفها على وجهها وهي تسب نفسها وتسبه مرات متتالية برأسها ولكنها نهضت لتبحث عن المياه وبعد اول خطوتان توقفت وهي تنظر للغرفة حولها لتُصدم بشدة بعد رؤية كل ما وقعت عينيها عليه!
يُتبع ..
الملخص الكوميدي..