-->

الفصل الرابع - ظلمات حصونه الجزء الثاني (الانتقال من الظلمة الى النور)






الفصل الرابع 



 أستيقظت من نومها وكم كان نوما عميقا جدا بالنسبة لها، لم يسبق وتأخرت فى نومها هكذا منذ سنوات طويلة، حتى ولو كانت متأخرة فى نومها ليلة أمس، فهذا ليس مبررا لكل هذا النوم!!، هل حقا كانت مرهقة لهذه الدرجه وتحتاج الكثير من النوم!!، أم كانت تحاول التهرب من مواجهة "مالك" التى ستضطر لرؤيته رغما عنها حتى ولو فعلت قصارى جهدها لتجنب رؤيته.. 


أستعدت "زينة" للخروج من الغرفة بعد أن تشنجت عضلات بطنها من كثرة الجوع، نعم وكيف لها أن لا تشعر بمثل هذا الشعور وهى لم تأكل شيء منذ يومين، كانت تتناول بعض حبات الفاكهة والعصائر لكى تستمد منهما بعض الطاقه والبقاء على قيد الحياة، بينما لم تكن لديها أية شهية لتناول الطعام، كل ما كانت تفكر به الأيام الماضية هو أن يتم هذا الزواج بسرعة كى لا ينكشف أمرهم أمام أحدا.. 


بينما "مالك" كان مستيقظا منذ فترة طويلة وينتظرها أن تخرج من تلك الغرفة اللعينه لكى يطمئن عليها ويستطيع فتح الكثير من الحورات معاها محاولا جعلها تتحدث معه على الأقل حتى ولو بغير رضا، ولكنها تأخرت فى النوم كثيرا، بعض من القلق قد تسرب بالفعل إلى قلبه وبدا الأمر فى إرهابه، مر بعض من الوقت ليقرر "مالك" أن يدق عليها الباب لكى يطمئن عليها.. 


بالفعل نفض وأخذ بعض الخطواط المتثاقلة متجها صوب باب غرفتها وكاد أن يطرق الباب، لتصبقه هى وتفتح الباب وتتفاجئ بوقوفه أمام الباب هكذا، شعر "مالك" بالكثير من الحرج بسبب وقفته تلك خشية من أن تبررها بشكل خاطئ وتظن أنه كان يتجسس عليها، ولكنه لا يعلم إنها لا تفكر فى شيء الأن سوا الطعام، ليحاول "مالك" أن يغطى على هذا الموقف معقبا : 


_ صباح الخير 


_ صباح النور 


قالتها "زينة" باقتضاب وهى تأخذ طريقها للأبتعاد عنه وتخطى وكأنه غير متواجد معها بالغرفة، لتذهب إلى المكان المخصص لطعام فى هذا الجناح متفقدة الثلاجة ولكنها كانت فارغة، عبثت ملامح وجه "زينة" وشعرت بالأستياء، ليلاحظ "مالك" عبثها ل "زينة" ويدرك إنها جائعة ولكنه أراد أن بتإكد من هذا الأمر : 


_ أكيد زمانك جعانة مش كده!! 


أكتفت "زينة" بتحررك رأسها كأشارة منها مؤكدة على سؤاله ولكنها لاتزال تشعر بالأستياء، بالأضافة إلى إنها تحاول عدم التطرق للحديث معه فى أية شيء، بينما يحاول هو أستغلال الأمر فى صالحه ليقترح عليها : 


_ طب أيه رائيك ننزل نفطر فى (hotel restaurant)!! 


كم تمنت لو تستطيع صفع نفسها على هذا الكم من الغباء التى تتعامل به دون حتى أن تفكر فيه، لما لم تفعل هذا الأمر منذ البداية وهى داخل غرفتها، لما لم تتصل بالخدمة الفندقية وتخبرهم إنها تريد إرسال بعض الأطعمة إلى الجناح الخاص بها، لتحرك أهدابها بإمتناء مصطنع محاولة إنهاء هذا الحديث قبل أن يبدا : 


_ لا لا شكرا أنا هكلم الخدمة أخليهم يطلعولى الفطار هنا أتفضل أنزل أنت أنا مش عايزه أنزل 


تركته قبل أن يحاول التحدث معها فى أية شيء أخر وذهبت إلى أقرب هاتف قابلها وأتصلت بخدمة الفندق وطلبت منهم الطعام الذى تريدة بالأضافة إلى بعض العصائر، بينما شعر "مالك" ببعض الإنزعاج من محاولتها المستميته فى إفقادة الأمل فى أن يعودا كالسابق، ليذهب إليها مرة أخرى ولكن تلك المرة يبدو عليه بعض من الإنفعال : 


_ يعنى أنتى مش هتنزلى خالص يا زينة!!، أيه هتفضلى حابسه نفسك هنا كتير ولا أيه؟! 


رمقتة بنظرة قاتلة تعبر عن مدى إنزعاجها وعدم رضائها على تلك النبرة المنفعلة التى يحدثها بها وكأنه يتناسى أنه لا يملك الحق فى التحدث معاها حتى وليس التحدث بنبرة إنفعاليه، لتجيبه على سؤاله بنبرة أقل ما يمكن أن يقال عليها هو البرود وعدم الأكتراث لوجوده : 


_ ومين قالك إنى حابسه نفسى أو إنى مش هخرح، أنا عادى هخرج وهروح فى كل حته وهعمل شوبينج كمان، بس وأنا لوحدى 


قالت جملتها الأخيرة بملامح زادت قسوة وليس باردة كما كانت منذ لحظة واحدة، ليفقد أعصابه هو الأخر أمام تجاهلعا له وعدم الأكتراث له فى كل ما تفعله، وكانه غير منتبه إلى أنه يزيد الأمر سوا ولا يحسنه : 


_ وأنتى لوحدك أزاى يعنى!!، هو فيه عروسه فى شهر العسل بتاعها بتخرج لوحدها من غير جوزها 


حقا هو يقول هذا الكلام، إلى أية درجة من الوقاحة والبحاجه هو واصل، هل هو غير منتبه إلى ما أوصلها له، هو أوصلها إلى درجة كبيرة من اليأس والتحطم، هو قد أنهى على أى طريقة يمكن أن تجعلها تعود لتفكر به كصديق حتى مرة أخرى، كلما تنظر إليه تتذكر تلك الطريقة البشعة والمهينة التى أغتصبها بها، بالرغم من كل ما أخبره به مما تعرض له من خيانة وألم، ولكن هذا الأمر غير كافى بالنسبة له لتتناسئ ما فعله بها، لتعلق على ما قاله مضيفة بسخرية وإشمئزاز : 


_ جوزها!!، أنت صدقت نفسك ولا أيه يا مالك!!، أحنا بنمثل يا بابا، لا أنا عروسه ولا أنت عريس، أحنا مجرد أتنين بيصلحوا غلطه أنت اللى غلطها وأنا عشان خاطر الجنين اللى بطنى بحاول أصلحها معاك قدام الناس بس عشان أسم أهلى ومستقبل الجنين ده اللى مشكلته الوحيده فى الدنيا إنك هتبقى أنت أبوه 


قالت جملتها الأخيرة بصراخ أهتز على أثره جسد "مالك" من شدة صدمته، ألا لهذه الدرجة أصبحت تكره!! حتى إنها ستأة لأنى سأكون والد طفلها!!، هل يمكن أن تكون فعلتى تلك هى من قامت بتحويلها هذا من تلك الفتاة الجميلة البريئة الحنونة إلى تلك الفتاة القاسية والمحطمة!!، كم تمنى أن يأخذها فى حضنه الأن ويظل يعتذر لها إلى أن تخرج روحه من جسده أم تسامحه هى، قطع تفكيره صوت تلك الطرقات الخافتة التى تطرق على باب الغرفة : 


_ (Room Service) 


لم تترك له فرصة لفتح مجال للمناقشة معها لوقت أطول من هذا، فهى لا تريد حتى التحدث مع عن هذا الشيء الذى كلما تذكرته تشعر بكثير من الألم داخل صدرها، لتصيح "زينة" سامحة لطارق بالدخول : 


_ (enter) 


شعر "مالك" بكثير من الغضب لأفسادها لكل محاولته التى يحاول بها أن يكتسبها مرة أخرى ولكن دون فائدة، ليشعر بالأحباط الشديد ويلتقط مفتاح الجناح من على الطاولة ويسرع إلى الخارج قبل أن ينفجر من كل هذا الغضب...


❈ - ❈ - ❈



كان الغضب والكراهية هما الشيء الوحيد التى قصت به ملامح "جواد" وهو يرمق "إياد" بكثير من النظرات النارية القاتلة، كم يتمنى لو أن يستطيع أن ينهض من مكانه الأن ويخنقة بسبب إقناعه وإصراره على أن تحضر "ديانة" هذا الأجتماع، سواء كان يعلم بالامر او لا هو الأن فى ورطه كبيرة جدا، أدرك "إياد" ما يفكر فيه "جواد" بسبب نظراته المميتة المليئة بالغضب، ليهز رأسه بهدوء دون أن يلاحظة أحد كعلامة ل"جواد" بأن الشيء الذى يفكر فيه غير صحيح، ولكن قد فات الاوان 


بينما كانت "أمال" أول شيء فعلته بعد رؤيتها ل"أدهم" هو إنها نظرت نحو "ديانة" وكانها تحذرها بهدوء بعد أن وقعت عينيها على هذا الوحش الذى قصت ملامحة وتحولت من ذلك الهدوء والترحيب الذى كان يعاملها به منذ قليل، إلى أخرى مليئة بالغضب والنيران وكأنه على وشك قتل أحدهم الأن، وما أكد لها هذا الأمر هو تذكرها لكل كلمة قالتها لها "ديانة" عن هذا "الجواد" وعن تلك الطريقة التى عامل بها "أدهم" فى يوم خطبته على "ديانة"، شعرت "أمال" بالقشعرية أنتابت جسدها بعد أن تخيلت بعض ردات الفعل لهذا "الجواد" 


ليقطع شرودهم جميعا صوت "ديانة" التى صُدمت عندما وقعت عينيها على "أدهم" الذى لم تكن تتوقع إنها ستراه مرة أخرى بعد ذلك اليوم، لتضيف بشيء من الصدمة والإضراب : 


_ أدهم!! 


شعر "هاشم" بشيء من الغرابة بسبب التوتر الذى سيطر على الجميع وبما فيهم "أدهم" نفسه، ليحاول تخفيف الضغط عن الجميع محاولا الأستفسار عن معرفتهم ببعض : 


_ أيه ده أنتوا تعرفوا بعض؟! 


رفعت "ديانة" نظرها إلى "جواد" وكانت فى البداية تريد أن ترمقة بنظرات العتاب واللوم على ما فعله معها ومع "أدهم" منذ عدة شهور، ليس حبا ل"أدهم" بينما لتشعرة بأنه قد تسبب فى تحطيم حياتها وتشويهها، ولكن عندما لاحظت تلك النظرة الغاضبة والمشتعلة فى عين "جواد" قررت أن تغير أسلوبها وتستغله غضبه فى الأنتقام منه وتجعل نيرانه تحرقه هو وليس غيرة، وأيضا لكى تراه وهو يعذب مثلما عذبها وأهانها لشهور طويلة 


لتحول "ديانة" نظراتها إلى "أدهم" وعلى وجهها أبتسامة ود، نعم هذا أكثر ما لديها ، هى لا تريد أستغلال "أدهم" فى تعذيب "جواد" كى لا تكسر قلبه دون أن يكون له سبب فى هذا الشيء، ولكنها ستعمل على زيادة أشتعال النيران فى قلب "جواد"، لتجيب "ديانة" على سؤاله "هاشم" بدون إظهار أى شيء مما يدور فى رأسها : 


_ عز المعرفة 


أبتسم ليها "أدهم" وكأنه وصله منها إشارة أمان لتحميه من نظرات هذا "الجواد"، لتمتد يده عازما على مصافحتها وهو ينظر لها بكثير من الود وبعض من نظرات الأشتياق المتخفية : 


_ أزيك يا ديانة!! 


بأدلته "ديانة" الأبتسامة ولكنها كانت على عكسه تماما، هى فقط تصافحة على أنه زميلا لها قد قابلته بعد فترة غياب طويلة ليس إلا، حتى إنها لم تنظر فى عينيه وهى تجيبه وترحب به : 


_ الحمدلله يا أدهم، أزيك أنت 


لاحظت "ديانة" نظرات "هاشم" الأستفسارية التى لم يحصل بعد على إجابه واضحة، لتكمل "ديانة" إجابتها إلى عمها موضحة له الأمر : 


_ أدهم يا عمى كان زميلى فى الكليه، وكنا أصدقاء مقربين 


قالت جملتها الأخيرة وهى تنظر إلى "جواد" بتحدى كبير، لتشتد حدة نظرات "جواد" لها ولهذا "الادهم" الذى بالفعل قد ظهر فى الوقت الخاطئ، لتلاحظ "أمال" هذا التوتر والضغط بين كلا من "ديانة" و"جواد" لتعزم على إنهاء الأمر، لتصيح موجهة حديثها نحو "أدهم" : 


_ أيه يا عم أدهم ما أحنا كنا زمايل بردو 


أبتسم لها "أدهم" وأمتدت يده كى يصافحها هى الأخرى مضيفا بتقدير : 


_ أه طبعا، أزيك يا أمال 


بادلته "أمال" المصابحة مجيبة بتقدير مماثل : 


_ الحمدلله تمام 


صاح "جواد" متدخلا فى الحديث عازما على إنهاء تلك المهزله ولكن بصورة مهذبة لكى يتسبب لوالده فى أى نوع من أنواع الأحراج، وبالطبع هذا على عكس ما يتمنى حدوثه الأن : 


_ أنا بقول نخلى السلمات دى بعد الأجتماع علشان أحنا ورانا شغل مهم ومش فاضين 


لاحظ "هاشم" أسلوب "جواد" الفظ وقد تأكد كليا أن هناك شيء ما يحدث هو ليس على علم به، ليحاول "هاشم" أن يغطى على ما قاله "جواد" مضيفا بهدوء : 


_ أتفضل أقعد يا بكرى أنت وأدهم 


جلسوا جميعا وجلس "أدهم" فى مقابلة مقعدها ل"ديانة" وبدئوا فى تبادل الحديث معا حول العمل الذى يخطط كلا من "هاشم" و"بكرى" فى تكوينه معا، كانت "ديانة" و"أمال" جالستان دون التفوه بكلمة مستمعتان فقط لم يحدث، بالطبع فهذا أول يوم لكلاهما ولا يعلمان بعد نظام الشركة هنا، بينما كان "جواد" يبذل قصارى جهديه فى التخلص من هذه الصفقة التى إذا تمت ستكون هى الطريق لقتله لأحدهم دون تفكير 


ظل "جواد" بفتعل الكثير من المبررات لرفض هذه الصفقة والإنتهاء منها قبل أن تبدا حتى، ولكن ما ألجم لسانه هو إصرار "هاشم" الشديد على إتمام تلك الصفقة، بل على تدخل "بكرى" و"أدهم" فى حياتهم العملية، وهذا لأنه لاحظ على "جواد" أنه يحاول إفساد هذا العمل وتلك أول مرة يفعل بها "جواد" هذا الأمر، بينما لاحظ أيضا ما يدور بين "جواد" و"ديانة" منذ أن دلف "أدهم" الغرفة، ليخمن أن هذا هو الشاب الذى كان يواعد "ديانة" وكان سيتزوجها لولا تدخل "جواد" فى حياتهم، ليقرر "هاشم" أستخدام هذا الشيء فى صالحه وذلك بالطبع دون التلاعب بمشاعر "أدهم" 


أضاف "بكرى" موجها حديثه نحو "هاشم" موافقا إياه على ما توصلوا له من إتفاقيات : 


_ كده يبقى أتفقنا يا هاشم وإن شاء الله نبدأ شغل فى أسرع وقت ممكن 


أومأ له "هاشم" بأبتسامة ود مؤكدا على هذا الحديث : 


_ إن شاء الله يا بكرى وتكون بداية شغل كبير بينا 


فى تلك اللحظة جاء إتصال هام جدا ل"جواد" فأضطر أن ينهض ليجيب عليه، وأيضا لكى يستنشق بعض الهواء النقى لكى يبرد أعصابه قبل أن يحطم رأس هذا اللعين الذى يسمى "أدهم" وهذا لأنه لم يترك فرصة لإختلاس النظر إلى "ديانة" إلا وأستغلها، ولكن ما مانعه هو هدوء "ديانة" وعدم تبادلها النظرات معه.. 


أستغل "أدهم" إبتعاد "جواد" لكى يجيب على إتصاله، وأقترب هو من "ديانة" قليلا هامسا لها بأشتياق واضح جدا فى عينيه : 


_ عاملة أيه يا ديانة؟! 


أجابته "ديانة" بعد أن قطع تركيزها عن حديث عمها و"بكرى" حول خطة العمل التى سوف تتم بينهم، لتعقب بإنتباه وأبتسامة هادئة : 


_ الحمدلله يا أدهم 


أضاف "أدهم" بإبتسامة مقتضبة معبرة عن مدى إنزعاجه وسخرية مما حدث فى هذا اليوم قائلا : 


_ مبروك على الجواز مع إنها متأخره بس أنتى عارفه اللى حصل 


أبتسمت "ديانة" بسخرية حاولت جاهدة إحفائها مضيفة بتهكم : 


_ هى فعلا متاخره أوى 


لاحظ "أدهم" السخرية والغموض فى حديثها، بالإضافة إلى تلك النظرات النارية بينها وبين هذا "الجواد" طوال الأجتماع، حتى إنها لم تتحدث معه أو تبتسم له مرة واحدة وكانها كارة لوجوده  ليتجراء "أدهم" ويضيف : 


_ هو أنا ممكن أتكلم معاكى لوحدنا!!، في موضوع مهم أوى عايز أتكلم معاكى فيه 


أومأت له "ديانة" بالموافقة على حديثه معقبة بتأكيد : 


_ أه طبعا ممكن، بعد الاجتماع نورنى فى مكتبى نشرب فنجانين قهوة مع بعض 


أبتسم لها "أدهم" بكثير من الأمتنان، بينما عاد "جواد" فى تلك اللحظة إلى طاولة الإجتماع ولاحظ تلك الأبتسامة على وجه "أدهم" وهو ينظر إلى "ديانة" ليجن جنونه وتقدم نحوهم بكثير من الأنفعال وهو يضع يده على الطاولة بحدة قائلا بجمود : 


_ طب يا جماعه الاجتماع إنتهى 


شعر كلا من "هاشم"و"بكرى" بالصدمة والحرج مما قاله "جواد" غير مهتما لحديثهم معا، ليستاذن "بكرى" وهو ينهض بسرعة هو وأبنه قائلا بهدوء وحرج : 


_ طب يا هاشم أستأذن أنا بقى عشان تشوفوا مواعيدكم 


نهض "هاشم" أيضا شاعرا بكثير من الحرج مما قاله "جواد" متوجها نحو الباب مع "بكرى" لكى يقوم بتوصيله مُحاولا التشويش على ما فعله أبنه معقبا : 


_ نورت يا بكرى 


خرج كلا من "بكرى" و"هاشم" و"أدهم" من المكتب، بينما رما "جواد" الكثير من نظراته النارية التى لا تبشر بالخير تجاه "ديانة"، لتشعر بالتوتر من نظرته تلك وتقرر الأنسحاب هى و"أمال" قبل أن ينفجر بركان غضبه 


وبمجرد أن خرجت "أمال" برفقة "ديانة" حاول "إياد" التملص من أمام "جواد" والهروب من نيران عضبه، ما إن حاول "إياد" النهوض من مكانه إلا وقبض عليه "جواد" بسرعة ممسكا إياه من رقبته مما أدى إلى سقوطه مرة أخرى على هذا المقعد و"جواد" فوقه مباشرة وهو يرمقه بكثير من الغل، ليسرع "إياد" فى الدفاع عن نفسه مضيفا برعب : 


_ والله العظيم ما كنت أعرف إن الواد ده وأبوه هما أصحاب الأجتماع، أنا أول مره أشوفعم دلوقتى وبعدين دول معارف أبوك أنا مالى 


أشتد "جواد" من حدة قبضته على عنق "إياد" والنيران تتطاير من زرقاوتيه معقبا بحدة : 


_ الصفقة دى لازم تترفض وميبقاش بينا وبينهم أى شغل أنت فاهم 


صاح به "إياد" محاولا التملص من بين يديه والنجاة بحياته رادفا بإنفعال : 


_ هو أنت شايفنى صاحب الشركه؟!، روح قول لأبوك الكلام ده يا عم وخف عنى هموت فى ايدك 


دفعه "جواد" بإنفعال شديد وغضب أشد مصيفا بتوعد : 


_ هقوله يا إياد، عشان لو الصففة دى كلمت أنا هرتكب جريمة 


خرج "جواد" من مكتبه مُتجها نحو مكتب والده بعد أن تأكد من رحيل "بكرى" وظن أنه أخذ أبنه أيضا معه...


❈-❈-❈



وضع "أدهم" فنجان القهوة على الطاولة أمامه وهو يجلس فى مقابلتها بعد أن أرتشف منه بعض القطرات فى فمه، ليحول نظراته تجاه "ديانة" مُحاولا فتح مجال للحديث معها : 


_ عاملة أيه يا ديانة 


أجابته "ديانة" بإبتسامة إمتنان وود لصداقتهم مضيفة بهدوء : 


_ الحمدلله يا أدهم بخير 


نظر لها بشك محاولا التسلل إلى خصوصيتها مستفسرا عن الامر الذى كاد ان يكون متاكدا منه رادفا بإلحاح غير مباشر : 


_ مش باين عليكى إنك بخير 


حاولت "ديانة" إخفاء الأمر قدر المستطاع لكى لا يظن "أدهم" إنها تجاريه ليتدخل فى حياتها مرة أخرى، لتعقب مصطنعة عدم الفهم : 


_ ليه بتقول كده؟! 


صاح "ادهم" محاولا الضغط عليها لكى تستسلم له وتفتح له المجال للأفصاح عما بداخله معقبا بإصرار : 


_ ديانة أنا عارفك كويس أوى، أحنا مش لسه متعرفين على بعض جديد،أنا حافظك كويس أوى وعارف أنا بقولك أيه 


من جديد تحاول "ديانة" التهرب من الأفصاح عن حقيقة الأمر والتهرب من هذا الحديث التى تعلم جيدا على ماذا سوف ينتهى : 


_ والله بجد مفيش حاجه يا أدهم، شوية حاجات كده متلخبطه عندى بس إن شاء الله كل حاجه هتتظبط 


من الأشياء التى لم تعرفها عنه بعد أنه لا يفقد الأمل فى شيء هو يريد الوصول إليه، لن تنجح معه كل محاولتها لتهرب من الأفصاح عما بها، لم يعد أمامه سوا أن يضغك عليها وجعلها تتكلم رغما عنها، ليضيف بإستفسار: 


_ الحاجات دى مع جواد؟! 


لم تجد أمامها سوا أن تكتفى بالإمائة براسها موافقة على حديثه، ولكنه لن يتراجع، سوف يخرج كل ما بداخلها من حديث لعله يجد طريقا لرجوع إليها من جديد، ليضيف مصطنعا الاهتمام : 


_ عاملين أيه مع بعض؟! 


لم تعد تحتمل كل هذه الاسئلة الغير مناسبة، هل حقا يسألها عن حياتها الزوجية مع هذا الشخص وهو أول من يعلم حقيقة هذا الزواج وأنه تم بدون إرادتها!!، هل ياتى الأن ليسألها عن حياتها مع هذا "الجواد"، لم يعد يروقها ما يقوله "أدهم" لتنفجر فى وجهه مفسرة له الأمر بكثير من الحدة : 


_ أنت فاهم الموضوع غلط يا أدهم، عاملين أيه مع بعض دى تقولهالى لو كنا أتنين متجوزين طبيعى زى باقى الناس، إنما أنت عارف كويس أوى إن جوازنا أنا وجواد كان غصب عنى وكان غلط كبير وأهو بيتصلح 


صاح دون وعى أو إدراك منه عما قاله أو عما ستفكر فيه بعد سؤاله هذا معقبا بلهفة : 


_ أطلقتوا؟! 


لا تعرف لماذا قالت له هذا الكلام ولماذا تجاريه فى هذا الحديث من الاساس، هل تحاول تبرأة نفسها أمامه من شعورها بكسر قلبه فى هذا اليوم!!، أم تريد الاعلان عن تحررها من حصون هذا "الجواد" المظلمة : 


_ حاجه زى كده، متفقين على الطلاق بس التنفيذ بعد فترة عشان لفت الأنتباه بس 


لم يكون هنا وقت أنسب من هذا الوقت لمحاولة التقرب منها من جديد وجعلها تتاكد من ان مشاعرة تجاهها لا تزال موجوده بل وأصبحت أكبر بكثير، ليضيف بلهفة مستفسرا : 


_ يعنى أفهم من كده إن أ.. 


قاطعته "ديانة" بعد أن أدركت ما يحاول "أدهم" الوصول إليه من كل هذا الحديث ناهية إياه عما يفكر فيه من فكرة وجودهم مع بعض مرة أخرى كالسابق مضيفة بحدة وحزم : 


_ تفهم من كده يا أدهم إننا كنا أصدقاء مقربين وهنفضل أصدقاء مقربين طول ما فيه بينا إحترام متبادل وحدود فى المعامله، غير كده لا 


فهم "أدهم" ما تعنيه "ديانة" جيدا ليقرر إنهاء هذا الحديث الأن كى لا تسوء الأمور بينهم ولأعطاء نفسه فرصة لفتح هذا الحديث مرة أخرى فى وقت لاحق، ليعقب بهدوء ونظرات ود : 


_ وأنا كفايه عليا إننا نرجع أصدقاء يا ديانة، بس لو أديتى نفسك فرصة تفكرى فى الموضوع مرة تانية هتلاقينى فى إنتظارك 


لم تريد "ديانة" إحراجه أكثر من ذلك ولكنها أيضا لا تريده أن يعشم نفسه أو يبنى أمال لم تحقق فى يوم من الأيام، لتنهى الحديث بإبتسامة ود قائلة : 


_ بلاش نتكلم فى أمور من المستحيل التفكير فيها فى الوقت الحالى وسابقه لأوانها، أشرب قهوتك قبل ما تبرد


❈ - ❈ - ❈


صوت صياحه يصل إلى خارج المكتب، الشيء الواضح الأن هو غضب "جواد" ونيران الغيرة التى تتأكله دون رحمة، ليصيح بحدة موجها حديثه نحو والده : 


_ يعنى أيه يا بابا مش هتقدر تلغى الصفقة دى؟! 


أجابة "هاشم" بأسوب حاد وحازم مشابه لأسلوب "جواد" ناهيا إياه عما يطلبه منه مضيفا بإصرار على موقفه مستمتعا بغضب "جواد" وغيرته على "ديانة" : 


_ يعنى مش هينفع يا جواد، وحاول تفصل بين الأمور الشخصية والشغل، وبعدين بكرى صديقى من زمان أقوله أيه، لغيت الصفقة عشان أبنى غيران على مراته من أبنك لأسباب فى دماغه هو بس!! 


أستعلت عينى "جواد" بمزيد من النيران التى إذا خرجت سوف تحرق العالم بأكمله، رامقا والده بحدة مضيفا بأستفسار : 


_ يعنى أنت بجد مشوفتش كان بيبصلها أزاى؟! 


نفى والده ما يقوله "جواد" مُحاولة تهدئته وإختبار مقدار الصبر بداخله بعد أن بداء فى علاجه، ولكنه لا يعلم أنه يراهن على الجانب الخاسر، لا يوجد شيئا يسمى بالصبر عندما يصل الأمر إلى غيرة الرجال : 


_ لا مشوفتش يا جواد وياريت تعقل كده عشان بالطريقة دى عمرك ما هتكسبها 


ضرب "جواد" يده بشدة على المكتب منتهيا من حديثه مع والده الذى من الوضح أنه لن يستمع إليه، لييضيف "جواد" موجها حديثه نحو والده رادفا بتحذير : 


_ ماشى يا هاشم بيه كمل الصفقة زى ما أنت عايز، بس والله لو الواد ده قرب من مراتى أو حتى هوب نحيتها أنا هفصل دماغه عن جسمه وأجبهالك تهادى بيها أبوه 


خرج "جواد" من المكتب وهو فى قمة غضبه وإشتعاله لدرجة أنه إذا رأه أحد سيظن أنه يتجه ليقتل أحدهم، كاد "جواد" أن يدلف مكتبه ولكن أوقفه خروج "أدهم" من مكتب "ديانة" التى لحقت به لكى توصله، ولكنهم تفاجئوا ب "جواد" الذى يقف أمامهم بمنظره المفزع وعروقه البارزه من شدة الغضب 


يتبع