-->

الفصل السابع - ظلمات حصونه الجزء الثاني (الانتقال من الظلمة الى النور)

 




الفصل السابع



صدح صوت جرس الباب فى جميع أركان المنزل، على الرغم من أن صوت جرس الباب منخفض قليلا إلا أنه أصدر ضجيج كبير وهذا بسبب الهدوء العارم فى المنزل، نعم فالساعة قد تجاوزت الثانية عشرة ليلا، ترى من الذى سوف يذوره فى هذا الوقت المتأخر من الليل!!


توجه "إياد" مسرعا لفتح الباب لتعرف على هوية هذا الزائر غريب الأطوار، وبمجرد أن فتح الباب حتى ضربته صاعقة قوية للغاية، هو بالفعل يعلم إنها فتاة مُتهورة، ولكن ليس لدرجة أن تأتيها الجرأة أن تأتى لمنزله فى هذا الوقت المتأخر من الليل!!


لما جأت إليه من الأساس!!، فقد مر على رؤيته لها فى هذا المطعم أسبوعا كاملا وقد تناسى رؤبتها بصعوبة بالغة، لماذا لا تبتعد عنه واللعنة، ماذا تريد منه تلك الفتاة ذو الذكريات السيئة؟!، ظل ينظر لها بصدمة دون التفوه بحرف، لتكسر هى هذا الصمت وهى تدفعه إلى الداخل فاتحة المجال لنفسها بالدخول معقبة بعُهر:


_ أنت مش عايزنى أدخل ولا أيه يا دودى!!


ظل يتابعها بعينيه وهى تتمايل بخطواتها داخل المنزل مصدرة صوت واضح لخطوات حذائها ذو الكعب العالى الرفيع، إلى أن وصلت لهذا المقعد وجلست عليه واضعة قدم فوق الأخرى، كاشفة عن عُرى ساقيها بداية من منتصف فخذيها إلى نهايتها


زفر "إياد" بإقتضاب وهو يغلق الباب مرة أخرى مُتبعا إياها نحو الداخل، وقف فى مقابلتها بملامح وجه باردة مضيفا بهدوء:


_ أيه اللى جابك هنا يا ميار وعايزه أيه؟!


تململت "ميار" فى مقعدها مصدره بعد الحركات المغرية لصدرها وخصرها وهى تتحرك فى مكانها، صادرة صوت بفمها معترض على ما قاله لتو مصطنعة الأنزعاج:


_ تؤ تؤ تؤ بذمتك دى مقابلة تقابلنى بيها فى بيتك!!، طب دا أنا حتى ضيفه؟!


رمقها "إياد" بكثير من الأحتقار والاشمئزاز وهو يلعنها بداخله، ولكنه حاول أن لا يظهر هذا الشيء حتى يعلم ماذا تريد منه، ليجيبها بنبرة ساخرة:


_ مش لما تتعاملى أنتى الأول على أساس إنك ضيفة!!


حركت "ميار" أهدابها بطريقة مثيرة ومغيرة محاولة إثارته مضيفة بنبرة تهكم:


_ أنت بقيت وحش أوى يا إياد، يظهر إن قعدتك الكتيره مع جواد خليت دمك تقيل زيه


زفر "إياد" بملل وقد نفذ صبره بالفعل من تحمل تلك العاهرة، ليعقب بكثير من الحدة والملامح القاسية:


_ أنتى عايزه أيه يا ميار!!


نهضت "ميار" من على مقعدها وأخذت تتحرك تجاه "إياد" إلى أن أقتربت منه للغاية، لدرجة أن نهديها قد ألتصقا فى صدر "إياد" حتى شعرى هو بهم، بينما يدها تسللت وألتفت حول رقبته مضيفة بمراوغة وهمس:


_ ولا حاجه، وحشتنى قولت أجى أشوفك وأطمن عليك


رفع "إياد" حاجيبه بإستفسرا رادفا بنبرة أستهزاء:


_ يا سلام فجاة كده!!، وده من أيه بقى؟!


أخذت تقترب منه بخطواط متباطئة وبها الكثير من الأغراء، محاولة إثارته وهى تلف يدها حول رقبته رادفة بنبرة هامسة:


_ من يوم ما شوفتك فى المطعم يا روحى، قولت أستنى لما أنت اللى تكلمنى، بس أنت مكلمتنيش، الظاهر كده إن خطيبتك دى فعلا ليا تأثير جامد عليك


أنزل "إياد" يديها من حول رقبته ودفعها بهدوء بعيدا عنه مرة أخرى رادفا بإصرار وتأكيد:


_ جدا، مش هعرف أوصفلك تأثرها عليا ده قد أيه، تصورى لدرجه إنها خلتنى أقدر أنسى كل البنات الشمال اللى كنت أعرفهم قبل كده


شعرت "ميار" بكثير من الغضب والغيظ مما قاله "إياد" متعمدا إغاظتها، لتعقب بإنزعاج شديد عزمت على إخفائه قائلة:


_ يااه دى على كده جامدة وبسطاك أوى!!


أقتربت منه مرة أخرى وهى تضع يدها على صدره بطريقة مثيرة، مُصرة على إغوائه رادفة بدلال وعُهر:


_ بس أكيد مش زى ما أنا كنت ببسط، مش كده ولا أيه!!


أبعدها "إياد" عنه مرة أخرى محاولا تمالك أعصابه والتغلب على غضبه ومنع يده من صفعها مؤدبا إياها على ما تتفوه به من وقاحة، ولكنه أجابها ببرود لازع قائلا:


_ فرق كبير أوى بينكوا يا ميار، إنبساطى معاها حاجه أنتى مش هتعرفى تفهميها لأنها بعيده عن إطار السرير، وده على عكس الأنبساط اللى أنتى تقصدى يا ميار واللى أنا وأنتى عارفينه كويس أوى وإن أهم حاجه فيه هى السرير


هل يقصد إهانتها الان، هل يحاول ان يقول لها إنها عاهرة ولكن بطريقة غير مباشرة، حسنا ستريه العهر الأن، اقتربت منه "ميار" مرة أخرى ولكن تلك المرة أخذت يدها تتنقل على سائر جسده بالكامل محاولة الوصل إلى منطقة رجولته لكى تجعله يضعف أمامها مضيفة بعُهر:


_ بس متقدرش تنكر إنك بتحب الأنبساط اللى معايا ده أوى وإلا مكنتش فضلت معايا لمدة تلات سنين بحالهم


فى اللحظة الاخيرة ألتقت فيها "إياد" يد "ميار" قبل أن تتلمس رجوله وتنجح فى مخطتها، رمقا إياها معقبا بحدة وإنزعاج:


_ كانوا أغبى تلات سنين فى حياتى، ولأخر مرة هسألك، عايزه أيه يا ميار!!


أصطنعت "ميار" التأثر وقد لمعت عينيها بقليل من الدموع محاولة التأثير عليه من طريقة أخرى مضيفة بنبرة درامية:


_ أنت بس اللى شايفهم كده، إنما أنا شايفاهم أحلى تلات سنين فى العالم كله، كفايه إنى حبيتك فيهم..


رفع "إياد" حاجبه بملامح أستهزاء مردّا بسخرية لازعة:


_ حبيتك!!


أومأت "ميار" براسها بقليل من الأنفعال لكى يصدقها "إياد" مضيفة بإصرار وتأكيد:


_ أه حبيتك، معقوله يا إياد طول الفترة دى محستش بحبى ليك، على الاقل من اللى كان بيحصل بينا واللى مفيش بنت فى الدنيا تعمله مع شاب إلا لو كانت بتحبه؟!


رمقا "إياد" بكثير من الأشمئزاز والأحتقار مما تقوله، كم هى عاهرة مُنحطه، هل تظنه أحمق وستستطيع خداعه بحديثها هذا!!، أم تظنه لم يكن يعلم بما كانت تفعله فى تلك الفترة، ليعقب بسخرية:


_ يااه، على كده بقى أنتى كنتى بتحبى الجامعه كلها يا ميار!!، ده مفيش حد من شباب الجامعه إلا وعنده أمارة على كل حته فى جسمك؟!


شعرت "ميار" بالاهانة الشديدة مما قاله ومن سخريته الواضحة فى حديثه والمعبرة عن عدم تصديقه لما قالته، للتحول نظراتها من نظرات منكسرة ومُتاثرة إلى أخرى حادة وقاسية مضيفة بتزمر وإنزعاج:


_ بس محملتش من حد فيهم غيرك أنت يا إياد!!


قابلها هو الأخر بنبرة أكثر حدة وحزم مُنزعجا من ذكرها لهذا الشيء معقبا بتأكيد:


_ ونزلتيه يا ميار!!، نزلتيه برغبتك وبمزاجك وقبل حتى ما تعرفينى، جيتى بعد ما نزلتيه وقولتيلى على فكرة يا إياد انا كنت حامل منك بس روحت عملت عمليه ونزلته، عادى كده كأنك غيرتى هدومك مثلا..


••


فتح "إياد" باب شقته ل"ميار" الذى يبدو أنه كان ينتظر قدومها، لدلف "ميار" المنزل ويبدو عليها إنها ليس على ما يرام وتبدو وكانها مُتعبة قليلا، ليعقب "إياد" مُعاتبا إياه قائلا:


_ أيه اللى أخرك كل ده!!، ومختفيه فين بقالك يومين؟!


زفرت "ميار" بإستياء عندما تذكرت ذلك الشيء الذى كانت تمر به منذ يومان، لتجيبه بإختصار محاولة عدم التطرق لتحدث بهذا الأمر قائلة:


_ كنت فى حوار كده


ضيق "إياد" ما بين حاجبيه بإستنكار مُحاولا تفسير ما تقصده تلك الفتاة، ولكنه لم يتوصل لشيء، ليضيف بإستفسار:


_ حوار أيه!!


زفرت "ميار" بملل من كثرة أسئلة "إياد"، وأضافت وهى تشير إلى رأسها رادفة بإستياء:


_ أيه كل الاسئلة دى!! عندك حاجه أظبط بيها دماغى الأول؟!


أجابها "إياد" مؤكدا على وجود الشيء الذى تقصده، ولكنها يجب ان تجيبه على سؤاله أولا، ليعقب بإصرار:


_ عندى بس عرفينى الاول حوار أيه!!


طفح كيلها من كثرة اسئلته بالأضافة إلى رأسها الذى يؤلمها بسبب تأخير جرعتها من ذلك السُم الأبيض الذى يخدر الجسد ويُذهب العقل إلى بعيدا عن تلك الحياة وهذا العالم، لتصيح به "ميار" بكثير من الانزعاج رادفة بحدة:


_ يووه، كنت بأجهد يا إياد، أرتحت!!


ضيق "إياد" ما بين حاحبيه غير مُستوعبا ما تقوله تلك الفتاة رادفا بإستفسار:


_ بتجهدى أيه!!


تنهدت بإنزعاج من كل هذه الثرثرة، ولمنها يجب ان تجيبه حتى تتخلص من كثرة أسئلته، لتجيبه بملامح باردة:


_ كنت حامل وروحت أنزل البيبى..


أعتلت ملامح الصدمة والدهشة وجه "إياد" مُتعجبا من جُحدية قلبها ووقحاتها فى الحديث، لما تتحدث وكأنها فعلت شيء طبيعى، وكانها لم تتحدث عن إزهق روح خلقها الله، ليضيف مستفسرا عن والد الطفل رادفا بشك:


_ حامل من مين!!


رفعت "ميار" حاجبها بإستهزاء وهى ترمقه من الاسفل إلى الأعلى مجيبة بنبرة ساخرة:


_ هيكون من مين غيرك يعنى!!


أتسعت عينى "إياد" بمزيد من الصدمة والغضب فى أنً واحد، هذا يعنى إن الجنين الذى قتله هى يكون جنينه!!، قتلته دون أن ترجع له وكأنه ليس مسؤل عنه مثلها، أتخذت قرارها ونفذته وأتية الأن لكى تخبره بعد فوات الأون!!، صاح بها "إياد" وهو يلتقط ذراعها بغضب رادفا بحدة: 


_ وأزاى متعرفنيش قبل ما تعملى حاجه زى دى؟!


رمقه "ميار" بكثير من نظرات الأستخفاف والتقليل من غضبه رادفة بنبرة ساخرة:


_ كنت هتعمل أيه يعنى!!، هتحتفظ بيه مثلا؟!


أجابها "إياد" بكثير من تأنيب الضمير والحزن رادفا بصدق:


_ وليه لا!!


ضحكت "ميار" بإستخفاف مما قاله "إياد" ظننا منها أنه يهذى بالحديث تأثيرا بجرعة المخدرات التى يتناولها مجيبة عليه بكثير من السخرية:


_ يا شيخ أتلهى، هو أنت عارف تتحمل مسؤلية نفسك لما هتتحمل مسؤلية طفل، ده أنت حتى ملكش حد يراعيه لو حصلنا أنا وأنت حاجه من الزفت اللى بنشمه ده


شعر "إياد" بكثير من الحزن والقهر لما ذكرته به كلمات تلك الساقطة من كونه ليس لدية أى أحد، فجميع عائلته قد ماتت وتركته جميعها والده ووالدته وشقيقه الصغير، الجميع قد تركه وهذا هو السبب فيما وصل له الأن، وها قد أنتهى به الأمر بمقتل جنينه الذى وجد من علاقة محرمة مع عاهرة مثل هذه، ليرمقها "إياد" بغضب شديد رادفا بجدية وحدة:


_ أطلعى برا يا ميار


رفعت "ميار" حاجبيها بإندهاش رادفة بتعجب:


_ نعم!!


أجابها "إياد" بملامح قاسية لا تتقبل المناقشة فيما يقوله معقبا بإصرار وتأكيد:


_ بقولك أطلعى برا ومش عايز أشوف وشك تانى، وأنسى إنك كنتى تعرفى حد أسمه إياد المنزلاوى


شعرت "ميار" بكثير من الأهانة والغضب مما قاله "إياد" لها رادفة بحدة وغضب:


_ ماشى يا إياد بس صدقنى هتندم على كلامك ده أوى وبكرة تشوف


•••


قطع شروده ل "إياد" صوت "ميار" معقبة بإعتراض شديد عما حدث فى هذا الوقت وعن تفكير "إياد" رادفة بحدة:


_ كنت عايزنى أعمل أيه يعنى!!، كنت عايزنى أجيب طفل من علاقة زى دى وكمان أبوه وأمه شمامين؟!


رمقها "إياد" بكثير من الحدة والإحتقار معقبا بإنزعاج شديد قائلا:


_ تقومى تقتليه!!


أجابته "ميار" بنبرة غير نادمة على ما فعلته رادفة بكثير من التبجح:


_ مش أحسن ما كنت أخليه ويتقال عليه أبن حرام!!


أمسكها "إياد" من ذراعها بغضب وإنزعاج كبير رادفا بحدة:


_ لو كان أبنى فعلا مكنش هيتقال عليه أبن حرام.


أعتلت ملامح الأولم وجه "ميار" من شدة جذب "إياد" لذراعها، وقد تفلتت من شفتيها تأوهات من شدة الألم، لتضيف بإستفسار:


_ يعنى كنت هتعترف بيه!!


دفع "إياد" ذراعها بعيد عنه رمقا إياها بكثير من الأحتقار والأشمئزاز رادفا بنبرة مُهينة:


_ يمكن لو كنت أتأكدت انه أبنى كنت أعترفت بيه، لكن تصدقى كده أحسن بالنسبه ليا وليه، أحسن ما كانت تكون أمه واحده زيك


شعرت "ميار" بإهانة "إياد" لها والتحقير منها فى كامل حديثه، ولكنها سيطرت على غضبها غير فاقدة للأمل فى أن تصبح معه مرة أخرى، وهذه المرة لن تفلته من يدها أبدا، لتمتد يدها مخاوطه رقبته مضيفة بعُهر:


_ ومالها واحده زى يا إياد!!، كنت بشم بودره!!، وفيها أيه ما أحنا الأتنين كنا فى الهواء سوا


أنزل "إياد" يديها من على رقبته مشمئزا منها رادفا بمزيد من الأحتقار والتقذذ:


_ كنتى مزبله يا ميار، اللى رايح واللى جى بيفضى فيها زبالته


أشتعلت عينى "ميار" من الغضب، قد طفح الكيل، من يظن نفسه هذا العاهر!!، هو لا يقل حقارة عنها والأن سوف تذكره ماذا كان ذلك الصبى المُدلل، أنفجرت فيه "ميار" مُهاجمة إياه بحديثها قائلة بحدة:


_ وأنت كنت أيه يا إياد!!، ما أنت كنت حتة عيل عمال يبعزق فى فلوس أبوه بعد ما مات فى المخدرات والبودره و...


قاطعها "إياد" بنبرة شديدة القسوة والغضب رادفا بحدة وحزم:


_ بس نضفت منها ومنك، وهقولهالك المره دى كمان، أطلعى برا يا ميار ومش عايز أشوف وشك تانى


رمقته "ميار" بكثير من التقزز وأنحت كى تلتقط حقيبتها، وسريعا ما أعتدلت مرة أخرى وهى ترغع إصبعها فى وجهه رادفة بحددة وتهديد:


_ وأنا قولتها مره ومنفذتش يا إياد، بس المره دى هقولها وهنفذ، بكره تندم على كلامك ده أوى


تركته "ميار" خلفها ورحلت وهى تتوعد له بداخلها على أن تنتقم منه وتريه كيف يكون إنتقام العاهرات، بينما "إياد" ظل يتابعها بإشمئزاز إلى أن خرجت من منزله..


❈ - ❈ - ❈



كانت "لبنى" جالسة فى غرفتها ممسكة بأحد الكُتب الأدبية متصفحة إياه بإهتمام شديد، حتى إنها لم تشعر ب "هاشم" وهو يجلس بجانبها، ليقطع تركيزها صوت "هاشم" لافتا إنتباهها رادفا بإستفسار:


_ فاضيه نتكلم مع بعض شويه!!، ولا مشغوله فى حاجه؟!


طالعته "لبنى" بإنتباه فور سماعها لصوته، لتغلق الكتاب على الفور مُعتلة فى جلستها لتكون مقابلة له رادفة بإهتمام حتى لا تشعره بالحرج:


_ لا فاضيه طبعا، موضوع أيه خير!!


تنهد "هاشم" بعمق مستعدا لإلقاء تلك الفكرة التى تدور براسه عليها مستشيرا إياها قبل فعل أى شيء، حتى لا يتسرع ويفسد الأمر، ليعقب بهدوء:


_ موضوع كده بفكر فيه يخص جواد وديانة، بصراحة بفكر أهيئلهم الجو المناسب لوحدهم يمكن الامور تتصلح ما بينهم،


ضيقت "لبنى" ما بين حاجبيها بعد أستعاب لما يقصده "هاشم" بهذا الحديث، لتعقب طالبة منه التوضيح أكثر رادفة بإستفسار:


_ ازاى يعنى!!


أجابها "هاشم" مُحاولا توضيح ما يقصده لها رادفا بهدوء:


_ هخليهم يسافروا مع بعض


أزداد تعجب "لبنى" من حديث "هاشم" معقبة بمزيد من الأستفسار والحيرة:


_ يسافروا فين!! وأصلا هل ديانة هتوافق؟!


أخبرها "هاشم" بما يفكر فيه بالفصيل محاولا إقناعها وتوضيح الفكرة أكثر لها قائلا:


_ سفرية تبع الشركة كده كده جواد كان هيسافرها، لكن قولت أستغل الفرصه وأخلى ديانة تسافر معاه، ولو على ديانة هفهمها إنها لازم تسافر بما إنها هى صاحبة أكبر نسبة أسهم فى الشركة وجواد هيسافر بالنيابة عنى وهيقابلوا ماجدة هناك وهى اللى هتظبط معايا كل حاجه


لمعت عينى "لبنى" بكثير من الأعجاب بهذه الفكرة الرائحه، لعقب مبدية أعجابها بها رادفة بمدح:


_ فكرة حلوه أوى يا هاشم ولو على نور أنا هخلى بالى منه لحد ما هما يرجعوا


أومأ لها "هاشم" بالموافقة شاعرا بكثير من السعادة لأن الفكرة نالت أعجابها وستساعده فى تفذيها هى الأخرى، ليعقب بحماس شديد:


_ خلاص انا هبدأ فى تجهيز كل حاجه، ودلوقتى هقوم أخد شور


أومأت له "لبنى" بالموافقة وعادت لفتح كتابها مرة أخرى لأستكمال قراته رادفة بهدوء:


_ تمام


نهض "هاشم" من جانبها وتوجه نحو المرحاض لأخذ حمامه وبمجرد أن دلف وأغلق الباب خلفه، ضربت صاعقة برأس "لبنى" متذكرة تلك الورقه الصناعية التى تغطى الجزء الأصق فى الفوط الصحية النسائية، فهى قد وضعتها على ذلك الرخام بالداخل ونسيت أن تلقى بها فى سلة القمامة، لتضرب "لبنى" على رأسها بكثيرا من الحرج وفرت مسرعه دافنة نفسها على الفراش أسفل الأغطية مسدعية النوم، فهو منقذها الوحيد من ذلك الأحراج الذى سوف تشعر بيه فور خروج "هاشم" من الداخل


بينما بالداخل وقعت عينى "هاشم" على تلك الورقه الموضوعه على ذلك الرخام، بالطبع هو يعلم ماذا تكون هذه الورقه، ولكنه لم يكن يتوقع أنه سيراها فى حمامه، ليدرك أن "لبنى" لاتزال تأتيها الدورة الشهرية ولم تنقطع عنها إلى الان، ليبتسم بسعادة وألقى بتلك الورقة فى سلة القمامه حتى يخبرها بطريقة غير مباشرة أنه قد رأها وعلم ماذا تكون!!، بينما بدأ بالفعل فى أخذ حمامه..


❈ - ❈ - ❈


دلف "مالك" بهدوء إلى غرفة "زينة" التى كانت لاتزال غارقة فى النوم، لينظر لها وهى نائمة وشعرها مبعثر على تلك الوسادة بجانبها، ليلعن نفسه أكثر من مرة على غبائه وتسرعه فى ذلك اليوم، لولا ما فعله لكان الأن غارق فى بحار عشقها مستمتعا بذلك الجمال والرقة مخبئا إياها فى قلبه وبين ضلوعه


تنهد "مالك" بحسرة وندم وتوجه ناحية النافذة بقلية حيلة وما هى إلا ثوانً وكانت أشعة الشمس تملأ الغرفة بأكملها، ليضرب ذلك الضوء عينى "زينة" متسببا فى إستيقاذها


فتحت "زينة" عينيها بصعوبة بسبب ذلك الضوء المزعج والساطع جدا، لياتيها أيضا صوت "مالك" وهو يلتف لها معقبا بهدوء:


_ صباح الخير


أجابته "زينة" بإفتضاب وهى ترغم نفسها على النهود معتلة فى جلسته رادفة بهدوء:


_ صباح النور


لاحظ "مالك" ذلك الأقتضاب ولكنه أعتاد عليها هكذا كل صباح، فهى بمجرد أن تراه تتحول ملامحها إلى هذا الأقتضاب والإنزعاج، ولكنه تجاهل هذا وأضاف بهدوء:


_ أنا طلبت الفطار، يلا قومى وفوقى كده لحد ما يطلعوا


أومأت له "زينة" وملامحها لاتزال بارده رادفا بحدة:


_ تمام


تنهد "مالك" بيأس من طريفتها الفظة معه، ليتحرك مُتجها ناحية المكتب بجانبها مذكرا إياها بموعد حقنتها رادفا بهدوء:


_ وأنا هحضرلك الأبرة عشان النهارده معادها


أوقفته "زينة" عما كاد أن يفعلة مُخيبة ظنه هذه المرة رادفا بحزم:


_ لا متتعبش نفسك، ملوش لزوم


ضيق "مالك" ما بين حاجبيه بإندهاش رادفا بإستفسار:


_ ملوش لزوم أزاى يعنى!!


أجابته "زينة" متلززة برؤية خيبة الأمل فى عينيه وهى تشعر بكثير من الإنتصار رادفة بتوضيح:


_ يعنى أنا كلمت المستشفى وطلبت يبعتولى ممرضة عشان موضوع الإبره ده


أعتلت ملامح الغضب وجه "مالك" شاعرا بكثير من العصبية وخيبة الأمل، مُصيحا دون وعى منه رادفا بإنزعاج شديد:


_ ليه عملتى كده!!


أجابته "زينة" بغضب مماثل لغضبه وكأنها قد أستعادت صحتها لتعود لكى توبخه على أفعاله معها رادفة بحدة وحزم:


_ أنا حره أعمل اللى أنا عايزه، وبعدين أنت أستحلتها ولا أيه؟!


اقترب "مالك" من الفرش كثيرا إلى أن أصبح أمامه مباشرة، ثم أنحنى ليصبح وجهه مقابل لوجهها لا يفرق بينهم سوا القليل من السنتى مترات، لتشعر "زينة" بكثير من التوتر بسبب هذا الأقتراب الكبير، بالإضافة إلى ملامحه القاسية والحادة، ليعقب "مالك" بنبرة غير قابلة لالنقاش:


_ أنتى مش حره، أنتى مراتى واللى فى بطنك ده أبنى او بنتى وأنا كمان ليا الحق فى إنى أشاركك أى قرار يخصه سوا برضاكى او غصب عنك، فهمانى يا زينة!!


توقفت الكلمات فى حلق "زينة" غير قادرة على النطق او حتى على تحريك شفتيها خشية من أن تتلامس مع شفتيه، بينما "مالك" لاحظ زيادة ضربتها قلبها وتوترها الشديد، ليقرر عدم الضغط عليها وأبتعد عنها معتدلا فى وقفته رادفا بهدوء على عكس ما بداخله من غضب:


_ بس لو انتى مصممه على الممرضه مفيش مشكلة


صاح جرس الجناح مُعلنا عن وصول خدمة الغرف ومعهم الطعام الذى طلبه منهم "مالك"، ليحول نظراته لها مره أخرى مضيفا بنبرة تحذيرية:


_ بس لو مطلعتيش عشان نفطر فى خلال خمس دقايق هيكون فيه مشكلة بجد


تركها "مالك" دون أن ينتظر منها ردا تلركا الغرفة بأكملها ذاهبا لكى يفتح الباب لكى يُدخلوا الإفطار، بينما "زينة" سريعا ما نهضت من فرشها وذهبت نحو الباب، وبلمح البصر أغلقته وضربات قلبها تتصارع، متمتمة فى سرها بحنق:


_ دا أنت بارد


❈ - ❈ - ❈



كان "جواد" يمر من أمام غرفة "ديانة" عازما على النزول إلى الأسفل، ليوقفه صوت صرخ طفله الذى كان يبكى دون توقف، ليشعر "جواد" بالغرابة من هذا الأمر ليقترب من الغرفة التى كان بابها مفتوحا بالفعل، ليلقى نظرة إلى داخل الغرفة ولكنه لم يجد أحد سوا الطفل


دلف "جواد" إلى الغرفة ليجد "نور" يصرخ دون توقف، يبدو أن "ديانة" ذهبت لتحضر شيء ما، ليحاول "جواد" أن يوقفه عن ذلك الصراخ بصنع بعض الحركات بيده وبوجه ولكن دون فائدة، فالطفل يصرخ دون توقف، ليشعر "جواد" بالحزن والأحباط من أن يهدأ الصغير وأنه لن يكون أبا جيد على الأطلاق


شيئا ما بدخله يشجعه ويقول له كلا ستكون أبا رائع ولكن فقط عليك أن تشعر به وتعلم ماذا هو يحتاج، ليقرب "جواد" يده من طفله محاولا تشجيع نفسه على حمل ذلك الرضيع، وبالفعل نجح فى حمله وضمه إلى صدره محاولا تهدئته، وما أروع ذلك الشعور الذى شعر به عند ضم أبنه إلى صدره، كم كان شهور رائع وجميل للغايه


ظل "جواد" يحتضن صغيره بلطف ويقوم بهزه بين ذراعيه إلى أن هدأ الطفل وشعر بالنعاس، كل هذا كان تحت أنظار "ديانة" التى جأت بسرعة فور سماعها لصوت بكاء طفلها، ولكنها توقفت بسرعة قبل أن تدلف الغرفة عندما رأت "جواد" وهو يحمل الطفل بين يديه، لتقف هى خلف الباب تتابع ما يفعله "جواد" مع الطفل


أبتسمت "ديانة" بسعادة عندما هدأ الطفل تماما وشعرت بالراحة من تعافى "جواد" ومحاولته فى التقرب من الطفل والتعامل معه ومشاركتها فى تربيته من الأن، شهقت "ديانة" بفزع ولكن بصوت منخفض عندما شعرت بتلك اليد على كتفها لتلتفت لتجادها والدها، التى كانت تتبطابع هى الأخر كل ما حدث، لتأخذ "ديانة" بعيد عن الغرفة معقبة بهدوء:


_ سيبى أبوه هو اللى يتصرف، على فكره جواد أب كويس أوى يا ديانة


أدركت "ديانة" ما تحاول والدتها أن تقوله، لتتنهد هى بحزن وأستاء مضيفة بإستسلام:


_ بس مش زوج كويس يا ماما


حاولت "لبنى" أن تتوصل لما يدور داخل قلب أبنتها من ناحية "جواد" لعلها تتوصل معها لحل، او تعطى له فرصة أخرى، لتعقب "لبنى" رادفة بإستفسار:


_ ديانة أنتى اللى حكتيلى جواد مر بأيه وهو صغير وده اللى خلانى أتعاطف معاه، معقول أنتى مش متعاطفه معاه!!


أجابتها "ديانة" بكثير من التخبط بعد أن أمتلئت عينيها بالدموع من تلك الذكريات التى ضربت برأسها عن تلك الفترة التى عاشتها معه وهو يُعاملها بكثير من القسوة والجفاء، وفى نفس الوقت هى تتذكر ذلك الطفل الذى كان يبكى بصدرها وهو ثمل ويقص عليها ما كانت تفعله به تلك المرأة التى تُدعى "هناء" وهذا ما يشعرها بالعجز فى التفكير فى تلك العلاقة مرة أخرى، لتعقب بنحيب:


_ أنا متعاطفه معاه يا ماما وصعبان عليا جدا كمان، بس صعبان عليا نفسى أكتر، أنا كان ذمبى أيه فى كل اللى حصله ده!!، أنتقم منى أنا ليه؟!


ربطت "لبنى" على كتف أبنتها محاولة أن تواسيها وتقلل من إلقائها بالذنب على "جواد" رادغة بتأثر وحزن شديد:


_ فى ناس يا بنتى غصب عنها بتدفع تمن أخطاء ناس تانيه، الله يسامحها هناء


نهت "ديانة" برأسها غير موافقة على حديث والدتها رادفة بنهى وحزم:


_ وأنا مش مستعدة أعيد التجربه مرة تانية يا ماما، جواد أبن عمى وأبو أبنى غير كده لا


تنهدت "لبنى" بقلة حيله وأحتضنت "ديانة" محاولة أن تواسيها على تشعر به من ألم وظلم


❈ - ❈ - ❈


أنتهت "ملك" من كل مُحاضرتها وكانت تسير بالجامعة عازمة على الخروج والعودة إلى منزلها، ليصدح صوت هاتفها مُعلنا عن وجود رسالة لها، لتظن إنها من "إياد" لتفتح الهاتف وهى لاتزال تسير بالجامعة متفقدة الرسالة


لتسطضم بشخصا ما دون أن تراه، لترفع "ملك" نظرها كى تتأسف من ذلك الشخص، لتتفاجئ مما رأته وظلت صامته، لتكثر "ميار" ذلك الصمت مخرجه إياها من تلك الصدمة رادفة بإندهاش مصطنع:


_ ملك!!، أيه الصدفة الغريبة دى؟!


هزت "ملك" رأسها قليلا مؤكدة على حديث "ميار" رادفا بهدوء:


_ هى فعلا صدفة غريبة!!


أبتسمت لها "ميار" بثقة كبيرة وهى تقترب منها أكثر رادفة بحزم:


_ رُب صدفة خير من ألف معاد


رمقتها "ملك" بعدم راحة لنظراتها ولطريقتها فى الكلام، لتعقب عازمة على إنهاء هذا الحديث رادفة بجدية:


_ عايزه أيه يا ميار!!


أجالته "ميار" بسرعة وثقة قائلة بتأكيد:


_ عايزه أتكلم معاكى شويه


هزت "ملك" راسها بالنهى غير موافقة على عرض "ميار" عازمة تلى أن ترىحل من أمامها الأن رادفة بحزم:


_ أحنا مفيش كلام بينا يا ميار، بعد أذنك


كادت "ملك" أن تذهب لتوقفها يد "ميار" جاذبة إياها من ذراعها رادفة بإصرار:


_ لا فيه وخصوصا لو الكلام ده يخص إياد


يتبع