-->

الفصل الثامن - ظلمات حصونه الجزء الثاني (الانتقال من الظلمة الى النور)

 



الفصل الثامن

 

أزاحت "ملك" يد "ميار" من فوق يدها محاولة التحكم فى غصبها وإظهار عكس ما تشعر به لكى لا توصلها إلى مبتغاها، لتعقب رادفة بهدوء:

 

_ وأنا مش عايزه أسمع الكلام ده

 

كانت أن ترحل لتوقفها "ميار" بكلماتها الحادة والواثقة كما يبدو عليها معقبة بحزم:

 

_ إياد مينفعكيش يا ملك

 

ألتفت لها "ملك" بملامح ساخرة مما قالته تلك الفتاة الغبية، من تظن نفسها لتقرر إن كان يناسبها أم لا، لتعقب "ملك" بنبرة تهكم:

 

_ وأنتى مين عشان تحددى إذا كان ينفعنى أو لا!!

 

أجابتها "ميار" بكثير من الثقة والأصرار وكأنها تدافع عن ما هو حقا لها بالفعل، لتصيح وهى مُستمينه على ما تقوله متمسكة ب "إياد" وكأنه شيئا من مقتنياتها معقبة بحزم:

 

_ أنا تقدرى تسمينى الماضى الأسود بتاع إياد وبحذرك منه

 

أبتسمت "ملك" بسخرية عما قالته تلك الفتاة، تحذرها من إياد!!، حقا!!، هل تحذرها من الشخص الذى تعرفه هى أكثر مما يعرف هو نفسه!!، هل تظنها حمقاء لتصدق كلامها هذا!!، لتعقب "ملك" بسخرية لازعة قائلة:

 

_ بتحذرينى من إياد!!، لا متقلقيش أنا أصلا ميهمنيش الماضى بتاعه سواء كان أسود أو أزرق، كفايه إنى عارفه هو دلوقتى أيه، وفى المستقبل هيكون أيه!!

 

ضحكت "ميار" بسخرية على ثقة "ملك" الزائدة فى "إياد"، يبدو إنها حقا تثق به ولكن هل ستستمر تلك الثقة أم لا!!، لتعقب "ميار" وهى ترفع إحدى حاجبيها بشك رادفة بإستفسار:

 

_ حتى لو كان الماضى بتاعه ده كان فيه طفل منى، وإيدمان للمخدرات والهروين؟!!

 

صعقة قويه ضربت "ملك" وكأنها صُلبت فى مكانها، ما الذى تقوله تلك الحقيرة!!، هل هذا الكلام حقيقى أم إنها تكذب!!، كلا بالفعل هى تكذب!!، لا يمكن أن يكون "إياد" فعل ذلك الشيء وإلا كان أخبره عنه بالفعل، فعلاقتهما مبنية على الصراحة منذ البداية وهو بالفعل أخبرها بأشياء لم يكن مجبرا على إخبارها إياها!!، بالطبع تلك الفتاة تكذب عليها

 

رمقتها "ملك" بكثير من الأحتقار غير مُصدقة إياها عازمة على إنها هذا الحديث رادفة بحدة:

 

_ أنتى كدابه

 

منعتها "ميار" من الحركة بعد أن أمسكت بذراعها بقوة راغمة إياها على التوقف وإستماع كل ما تريد أن تقوله رادفة بحدة وإصرار:

 

_ أنا مش بكذب عليكى يا ملك وأسألى إياد نفسه، أنا وهو كنا مُدمنين بودره وكانت بينا علاقة جنسيه وحملت منه، ومش بس كده ده فيه كمان حاجه أظن إنك لازم تعرفيها...

 

- -

 

دلف "إياد" مكتب "جواد" وهو يحمل بيده تلك الملفات التى طلبها منه "جواد" عبر هاتف مكتبه لكى يطلع عليها، ليضع "إياد" تلك الأوراق على المكتب أمام "جواد" ويبدو عليه الكثير من التخبط والإنزعاج معقبا بهدوء:

 

_ الأوراق اللى طلبتها أهى يا جواد

 

لاحظ "جواد" إنزعاج وتخبط صديقه وذلك الاستياء المسيطر على وجهه، وهذا على عكس طبع "إياد" فهو دائما يضحك ويمرح، ماذا حدث له يا ترى!!، لعقب "جواد" رادفا بإستفسار:

 

_ مالك يا إياد فيه أيه!!

 

نفى "إياد" براسه وجود شيئا لكى لا يُشغل تفكير "جواد" معه أيضا، يكفى ما يمر به مع "ديانة"، لا يريد أن يُزيد من همه، ليضيف بهدوء:

 

_ مفيش حاجه

 

رفع "جواد" إحدى حاجبيه بإستنكار متأكدا من وجود شيئا ما يحاول "إياد" أن يخفيه عنه، ليزجره "جواد" بقليل من الحدة والعتاب:

 

_ هو أيه اللى مفيش حاجه!!، هو أنا لسه عارفك أمبارح!!، ما تقول يا عم أنت فيه أيه؟!

 

يشعر "إياد" بحاجه كبيره للحديث مع صديقه ولكنه لا يريد أن يُزيد همه، يكفى ما يمر هو به من الأساس، ولكنه إن لم يتحدث يختنق وينفجر عقله من كثرة التفكير، ليزفر بضيق قائلا:

 

_ مش عايز أشغلك معايا يا جواد، كفايه اللى أنت فيه

 

لكزه "جواد" فى كتفه معاقبا إياه على هذا التفكير رادفا بحدة ولوم:

 

_ يا عم وأنا أشتكتلك!!، ما تنطق بقى فيه أيه؟!

 

زفر "إياد" بكثير من الضيق والغضب فى أنً واحد من تلك الحقيرة التى ظهرت فى حياته لكى تنزع له مرئه مضيفا بإنزعاج واضخ عليه:

 

_ ميار..

 

ضيق "جواد" ما بين حاجبيه بإستنكار غير منتبها لهذا الأسم رادفا بإستفسار:

 

_ ميار مين!!

 

تنحنح "إياد" بقليل من الحرج والخجل من أن يسيء "جواد" الظن به عندما يتذكرها ويظن أن "إياد" قد عاد لها بعد أن تعهد من زمن أن لا يعرفها مرة أخرى، ليضيف بصوت منخفض:

 

_ ميار هانى

 

أعتلت الصدمة وجه "جواد" وقد عبرعن مدى صدمته بنهوضه المفاجئ مرة واحدة من على مكتبه مُصيحا فى وجه "إياد" معقبا بحدة:

 

_ تانى يا إياد؟!

 

نهض "إياد" هو الأخر لكى يكون مقابلا له ويهدأ من غضب "جواد" الذى بالفعل أساء الظن به، ليعقب رادفا بتوضيح:

 

_ والله لا تانى ولا تالت، هى اللى ظهرتلى فجاة ومش عارف عايزه أيه؟!

 

أبتعد "جواد" عن مقعده وألتف ليكون وجها لوجه أمام "إياد" حتى إذا تأكد من ظنونه ينهال عليه ضربا إلى أن يعود إلى صوابه مرة أخرى، ليضيف "جواد" بإستفسار:

 

_ فهمنى أيه اللى حصل بالظبط!!

 

قص عليه "إياد" كل ما حدث من رؤيته لتلك الفتاة فى المطعم وهو مع "ملك"، نهاية بمجيئها إلى بيته ليلة أمس وذلك الحوار الذى دار بينهم، ليزفر "جواد" بغضب من تلك العاهرة اللعينة ومحاولتها للألتفاف حول "إياد" مرة أخرى كالأفعى مضيفا بحدة:

 

_ وأنت ناوى على أيه معاها!!

 

تنهد "إياد" بقلة حيلة لا يعرف ماذا يفعل!!، أو ماذا يقول!!، فهو يشعر أن عقله قد تخدر بالكامل، ليفرك مقدمة رأسه بإنفعال رادفا بتشتت:

 

_ مش عارف يا جواد

 

رمقه "جواد" بنظرة شك والذى سريعا ما أدرك "إياد" معنها، ليجيبه بسرعه البرق قبل أن يزداد شكه به نهيا عما خطر ببال "جواد" رادفا بلهفة:

 

_ لا يا جواد، اللى فى دماغك ده مش هيحصل أبدا، أنا ما صدقت خلصت من الزفت ده

 

تنهد "جواد" بقليل من الراحة بعد أن رأى الصدق فى أعيُن صديقه، ولكنه يجب أن يذكره بما حدث فى الماضى حتى يظل ذلك محفورا داخل رأسه ويتذكر أنه كاد أن بخسر حياته، ليعقب "جواد" رادفا بتحذير:

 

_ ياربت متنساش إنك خلصت منه بعد ما كان هيخلص هو عليك يا إياد...

 

••

 

كان غارقا فى النوم بقصر والده، ليُقلق نومه صوت الهاتف الذى صدح فى جميع أركان الغرفه مُعلاً عن وجود إتصالا، ليجيب "جواد" على هذا الأتصال دون أن يُدقق فى هاوية المتصل بسبب شعوره بالنعاس، ليأتيه صوت المتصل مُعقبا بصوت منخفض مقتربا من الهمس قائلا:

 

_ جواد

 

تعرف "جواد" سريعا على مصدر الصوت غير مُنتبها على تلك النبرة المُقاربة للهمس معقبا بملل:

 

_ أيه يا إياد يخربيت سنينك الساعه ٣ الفجر يا أخى

 

أتأه صوت "إياد" مرة أخرى ولكن تلك المرة ذلك النزاع والصعوبة فى التحدث وتثاقل الانفاس واضحا عليه مضيفا بصعوبة:

 

_ ألحقنى يا جواد، أنا بموت

 

أنتفض "جواد" من مكانه وقد أختفى النعاس من عينيه صارخا بفزع ولهفة مستفسرا:

 

_ إياد فيه أيه يا إياد!!، مالك؟!

 

أجابه "إياد" بصعوبة بالغة محاولا التحدث مرة أخرى من بين أنفاسه المتثاقلة وضربات قلبة المتسارعه رادفا بهمس:

 

_ بموت يا جواد روحى بتطلع ألحقنى

 

نهض "جواد" بسرعة من مكانه مُلطقطا مفاتيح سيارته وهو يهتف ب صديقه محاولا تطمئنه رادفا بلهفة:

 

_ أهدى بس أنا جيلك حالا، متخفش يا إياد أنا هكون عندك فى لحظه متخفش

 

خرج "جواد" بسرعة من غرفة عازما على الخروج من القصر بأكمله دون حتى ان يبدل ملابسه، ليصتدم بوالده الذى عاد لتوه من الخارج الأن، ليصيح به "هاشم" رادفا بإستفسار:

 

_ فيه أيه يا جواد!!، أنت رايح فين كده؟!

 

أجابه "جواد" بصعوبة بسبب ركضه محاولا تنظيم انفاسه رادفا بلهفة وهلع:

 

_ إياد بيموت يا بابا

 

أتسعت عينى "هاشم" بصدمة مما أخبره به أبنه معقبا بمزيج من الفزع والأستفسار:

 

_ بيموت أزاى!!، فيه أيه يا جواد؟!

 

ركض "جواد" إلى الخارج بينما أحلق به والده هو الأخر، ليصيح به "جواد" بلهفة وعجل وهو يصعظ سيارته:

 

_ كلم بس الأسعاف تسبقنا على هناك وأنا فى الطريق هقولك كل حاجه

 

أنطلق "جواد" بسيارته مُتجها نحو منزل "إياد" بصحبة والده الذى بالفعل شرف فى الأتصال بالأسعاف لكى تسبقهم على منزل "إياد"، وخلال الطريق قص "جواد" كل شيء على والده مرورا بأن "إياد" يتعاطى لمخدر البودرة وذلك منذ وفاة عائلته

 

ليغضب "هاشم" بشدة من غباء أبنه الذى لم يخبره بهذا الأمر من قبل، بل ظل يخفى عنه هذا الشيء الخطير إلى أن أصبحت حياة ذلك الأحمق الأخر فى خطر كبير، ليصيح "هاشم" مهاجما "جواد" بكثير من الغضب قائلا:

 

_ وأنت أزاى متقوليش على مصيبه زى دى!!

 

تنهد "جواد" بكثير من الندم على تأخره فى إخبار والده عن هذا الامر، محملا نفسه ذنب ما يحدث ل "إياد" الأن مجيبا بكثير من القلق والإرتباك:

 

_ إياد كان محلفنى مقولكش عشان متزعلش منه، ووعدنى أنه هيبطل، مش عارف أيه اللى حصله؟!

 

زجره "هاشم" بنظرة حادة معبرة عن مدى غضبه من سذاجه أبنه رادفا بحزم وتوعد:

 

_ حسابك معايا بعدين يا جواد أنت وهو بس نطمن عليه الأول

 

ظل "جواد" صامتا طوال الطريق والقلق ينهش فى قلبه خوفا على صديقه من أن يحدث له شيئا، وصل "جواد" أسفل البناية التى يسكن بها "إياد" ولحسن حظه كانت الاسعاف قد وصلت هى الاخرى، صعدوا جميعا إلى شقة "إياد" لإسعافه

 

كان "هاشم" أن يطرق الباب ظننا منه أن "إياد" سيستطيع أن ينهض ويفتح لهم الباب، ولكن "جواد" كان أسرع منه وركل الباب بقوة كاسرا إياه، لانه هو من أستمع إلى صوت "إياد" ومن صونه أدرك أنه لن يستطيع الحركه مطلقا

 

دلفوا جميعا إلى الداخل لرؤية "إياد" ليجدوه مُلقيا على تلك الأريكة مستسلما لذلك الظلام الذى يملاء عينيه، ليسرع إليه "جواد" متفحصا إياه ليفتح "إياد" عينيه بثقل شديد ولكن دون حركه، ليحركه "جواد" بقليل من الأنفعال محاولا جعله ينهض رادفا بلهفة:

 

_ قوم يا إياد، أنا جيت أهو قوم

 

لم يستطيه "إياد" أن يجيبه من شدة شعوره بالتعب، فقط تلك الدمعة التى تمرددت وسفطت من عينيه بإنكسار وندم على ما اوصل نفسه له شاعرا بكثير من العجز والحصرة على عدم قدرته على الحركه، ليحتضنه "جواد" بكثير من الألم لرؤيته لصديقه بتلك الحالة وذلك الإنكسار، ليعقب وهو يضمه إلى صدره أكثر قائلا بصدق وإصرار وأعين دامعة:

 

_ متخفش يا إياد، مش هسيبك، مش هسمح يجرالك حاجه، متخفش

 

شعر "هاشم" بالتاثر الشديد على ذلك المنظر وهذا لانه يعلم جيدا إلى أى درجة "جواد" و"إياد" يحبان بعضهما وقريبان من بعض، بالاساس "إياد" هو الصديق الوحيد ل"جواد"، ليتنهد "هاشم" بألم وأعبن دامعة متذكرا وفاة شقيقة وحزنه الشديد عليه وإنكساره من بعده، ولكن سريعا ما تمالك نفسه وربط على كتف "جواد" مُحاولا تطمئنه قائلا بهدوء:

 

_ أبعد يا جواد عشان نلحق الوقت وننقله بسرعه على المستشفى

 

أنتبه "جواد" إلى حديث والده وبالفعل أبتعد عنه لكى يتم نقل "إياد" إلى المشفي وعمل الازم له..

 

•••

 

لاكزه "جواد" فى كتفه بكثير من الحدة والإنزعاج عندما تذكر هذا اليوم، شاعرا بغصة فى قلبه لانه كاد أن يخسر صديقه بل شقيقه الوحيد، ليضيف بنبرة عتاب:

 

_ كنت هتموت فى اليوم ده لولا ربنا كتبلك عمر جديد

 

أبتسم "إياد" بكثير من الحب والأمتنان ل"جواد" ولوجوده فى حياته، لولاه لكان "إياد" ميتا الأن، ليعقب بود كبير:

 

_ لولا ربنا ثم أنت وعمى هاشم يا جواد، أنتوا اللى أنقذتوا حياتى بعد ربنا سبحانه وتعالى

 

أمسكه "جواد" من تلابين قميصه وصاح فيه بكثير من الغضب والإنزعاج معقبا بنبرة تحذيريه:

 

_ مش هسمحلك توصل نفسك للمرحله دى مره تانيه يا إياد، أنت فاهم!!

 

أدمعت أعين "إياد" بكثير من الألم وقد أنهالت عليه الكثير من الذكريات السيئة الذى لطالما تمنى أن ينساه رادفا بحصرة وندم:

 

_ كان غصب عنى يا جواد اللى أنا كنت فيه مكنش حد فيه!!

 

••

 

جلس كلا من "هاشم" و"جواد" برفقة "إياد" بغرفته داخل المشفى بعد أن أستعاد جزء من صحته، ليصيح به "هاشم" بملامح حادة رادفا بإستفسار:

 

_ أنا عايز أفهم أنت ليه عملت فى نفسك كده!!

 

أغمض "إياد" عينيه بحرج شديد وازاح وجهه لناحية الأخرى مُتلاشيا النظر فى أعين صديق والده الذى يكن فى مكانة والده بالضبط، لتمتد يد "هاشم" ساحبة وجه "إياد" بعنف إليه مرة أخرى مضيفا بكثير من الغضب:

 

_ لما أسألك ترد عليا

 

تأوه "إياد" بقليل من الألم بسبب جذبة يد "هاشم" له، ليلاحظ "جواد" عنف والده مع "إياد" ليصيح به رادفا بتحذير:

 

_ براحه يا بابا مش كده!!

 

رمقه "هاشم" بغضب وإنزعاج مضيفا بحدة وتوعد:

 

_ أخرس أنت عشان دورك جى

 

أغمض "جواد" عينيه بعضب من طريقة والده الفظة مع "إياد" الذى أخبرهوبالفعل بعد أن أستعاد وعيه عما حدث بينه وبين تلك العاهرة "ميار" وأنه تناول جرعة كبيرة من البودرة لكى ينسى ما حدث بينهم، لينتهى به المطاف فى تلك الحالة، بينما "جواد" لم يخبر "هاشم" بهذا الأمر ولذلك هو منزعج بسبب ضغطه على "إياد" بهذا الشكل، ليصبح "هاشم" مرة أخرى مُعيدا سؤاله بنبرة حادة رادفا بإستفسار:

 

_ فهمنى بقى أيه اللى وصلك لكده!!

 

ألتفت إليه "إياد" بأعين تملأها الدموع مُستسلما لإنكساره، ناركا العنان لضعفه أن يظهر أمام الجميع معقبا بحسرة:

 

_ قولى أيه اللى موصلكش لكده!!، أنا أهلى كلهم ماتوا فى حادثه وأنا كنت معاهم، ملك الموت قبض روح بابا وماما وحتى إيان أخويا وسابنى أنا لوحدى وكأنه بنتقم منى، خدهم كلم وسابنى أتعذب بوجع فراقهم، وكأنه مش متقبلنى معاهم، سابنى فى دنيا لوحدى حتى بدون خال أو عم وكأنى زرع شيطانى، قولى كنت عايزنى أعمل أيه غير إنى أغيب عقلى وأموت تفكيرى عشان مفتكرش إنى لوحدى

 

شعر "هاشم" بألم فى قلبه بسبب حديث "إياد" الذى ذكره بجرحه وصعوبة هذا الشيء، نعم هو أكثر شخصا بالعالم يقدر ما يقوله هو الأن، فهو مر بذلك الشعور من قبل، ولكنه أخطأ عندما أستلم لهذا الضعف على عكسه تماما، ليصيح به "هاشم" بألم مماثل لألمه رادفا بأعين لامعة:

 

_ أنت فاكر أنت بس اللى مريت بالتجربه دى يا إياد!!، أنا كمان خسرت أخويا ومراتى وأبنى وأختى أتعجزت وكل ده كان بردو فى يوم واحد، خسرت كل حاجه وكل اللى بحبهم سابونى لوحدى وراحوا، بس الفرق بينى وبينك إنى كنت قوى، مستسلمتش للحزن وسبته يكسرنى ويخلينى ضعيف كده زيك، أه منستهمش لحد النهارده بس فى نفس الوقت منستش نفسى وخسرت دنيتى وأخرتى

 

شعر "جواد" بالتأثر الشديد من حديث والده، وتذكر ذلك اليوم عندما رأى والدته وهى تسقط من أعلى الدرج وتلحقها عمته "ماجدة" أيضا، ليرتجف قلبه من شدة الحزن، بينما أكمل "هاشم" حديثه بعد ام لاحظ الدموع فى عينى "إياد" رادفا بلين:

 

_ وبعدين مين قالك إنك لوحدك أو ملكش أهل، أحنا أهلك، أنا قولتهالك يوم الحادثه، من النهارده أنا أبوك وجواد وزينة أخواتك يا إياد

 

أغمض "إياد" عينيه بكثير من الندم عما وصل له معقبا بحسرة كبيرة وإستسلام:

 

_ أنا غلط يا عمى وسبت ضعفى يتحكم فيا ويدمر حياتى

 

ربط "هاشم" على كتف "إياد" مواسيا إياه ومحاولا تشجيعه وإخراجه مما هو فيه رادفا بحب وصدق:

 

_ لسه يا إياد، حياتك مدمرتش يا أبنى، لسه فيه فرصه نصلح كل حاجه، أنت لازم تتعالج وفى أسرع وقت وأنا اللى هتابع علاجك بنفسى

 

أومأ له "إياد" براسه موافقا عما قاله "هاشم" دون التوفه بكلمة، بينما "هاشم" وجه حديثه نحو "جواد" رادفا بحزم وإصرار:

 

_ جواد أنا عايزك تكلم أكبر مصحة فى البلد بتعالج الزفت ده وتعرفهم إن الحاله سرية جدا وإن لو أى حد عرف هيدفعوا التمن غالى أوى، والسر ده هيفضل بينا أحنا التلاته بس، مفهوم يا أساتذه!!

 

أرتمى "إياد" داخل ذراعى "هاشم" مُعانقا إياها وكم كان يحتاج إلى هذا العناق، ليضمه "هاشم" ومأنه أبنه هو الأخر ربطا على ظهره رادفا بتأكيد:

 

_ هتتعالج يا إياد وهترجع أحسن من الأول، أوعدك

 

•••

 

نظر "إياد" إلى "جواد" بأعين ممتلئة بالدموع متاثرا بما فعلوه من أجل أن يُقلع عن الأدمان معقبا بإمتنان:

 

_ شكرا يا جواد على كل اللى عملتوه عشانى

 

أحتضنه "جواد" بسرعة ضاربا إياه على ظهره بخفة مُعاقبا إياه على ما تفوه به من تفاهات رادفا بقليل من الحدة:

 

_ لو قولت الكلمة دى تانى ههينك، مفيش شكرا بين الأخوات يا غبى

 

شهق "إياد" من بين دموعه بصعوبة وهو لايزال داخل عناق صديقه محاولا إخراج ما يشعر به من ألم رادفا بنحيب:

 

_ أنا أفورت اليوم ده بسبب البت دى يا جواد، هى اللى صحت جوايا إحساس الفقد من جديد، محستش بنفسى غير وأنا بشم التذكره كلها و..

 

قاطعه "جواد" محاولا إمناعه عن التفكير بأنه أخطأء فى حق ذلك الطفل، وهذا لكى لا يعود له هذا الضعف والإنكسار وشعور الفقد من جديد، ليعقب رادفا بإصرار:

 

_ أنت ملكش ذنب فى موت الطفل ده يا إياد، أنت كنت هتعترف بيه بس هى اللى وسخه وأتسرفت من راسها

 

أضاف "إياد" وهو يخرج من عناق صديقه معقبا بكثير من الخوف والخلق من فكرة أن يفقد "ملك" أيضا قائلا:

 

_ أنا خايف أخسر ملك بسببها يا جواد

 

حاول "جواد" تطمئنه وإخراج هذا التكير من راسه رادفا بثقة بالغة:

 

_ ملك بتحبك يا إياد وأستحاله تبعد عنك، وبعدين إن شاء مش هتعرف حاجه عن الموضوع ده

 

تنهد "إياد" متنيا من قلبه ذلك رادفا بتمنى:

 

_ يارب يا جواد، يارب

 

- -

كانت "ديانة" تستعد لذهاب من الشركه هى وصديقتها "أمال" ومعهم الحارس الشخصى الذى عينه لها "جواد" وبالطبع وافقت بعد مُحايلات كثيرة من "هاشم" إلى أن أقتنعت فى النهاية، كادوا أن يُغادرون الشركة لتتفاجئ بوجود "أدهم" فى مقابلتها، ليصيح "أدهم" بمزيج من اللهفة والأستفسار:

 

_ أيه ده ديانة!!، أيه الصدفة الجميلة دى؟!

 

أبتسمت له "ديانة" بود مرحبة به فى الشركة رادفة بهدوء على عكسه هو تماما:

 

_ أهلا يا أدهم، أزايك!!

 

أجابها "أدهم" بمزيد من اللهفة والحماس بالإضافة إلى هذا القلق من أن تكون تستعد للمغادرة من الشركة، هكذا سوف يكون جاء اليوم دون الأستفادة، هو بالأساس طلب من والده أن يأتى هو بدلا عنه لكى يراها، ليهتف بأستفسار:

 

_ أنا الحمدلله، أيه على فين كده!!، دا أنا كنت جيلكم أنتى وهاشم بيه وجواد بيه عشان المشروع

 

أجابته "ديانة" بهدوء محاولة عدم إحراجه رادفة بتوضيح:

 

_ أنا خلصت شغلى ومضطره أروح عشان نور، بس عمى موجود فوق تقدر تطلعله

 

ضيق "أدهم" ما بين حاجبيه بإستنكار عند سماعه لذلك الأسم معقبا بإستفسار:

 

_ نور مين!!

 

تدخلت "أمال" بالحديث عازمة على إحراج ذلك المتطفل الذى يريد معرفة كل كبيرة وصغيرة عن حياة "ديانة" رادفة بإستهزاء:

 

_ نور أبنها يا أبنى، أنت نسيت إنها خلقت ولا أيه؟!

 

حمحم "أدهم" بحرج شديد مما قالته "أمال" ملاحظا تعمدها فى إحراجه رادفا بإعذار:

 

_ أه أه معلش مكنتش أعرف إن أسمه نور!!

 

أضافت "أمال" بمكر مصرة على إسكاته وإرغامه فى الرحيل من أمامهم الأن رادفة بقليل من التهكم:

 

_ وأنت هتعرف منين!!، أصلا جواد هو اللى مختار الأسم

 

لاحظت "ديانة" ما تُحاول "أمال" أن تفعله من إحراج ل "أدهم"، بينما هو وضع وجهه فى الأرض بغضب شديد من تلك الفتاة المُصرة على تذكيره بأن "ديانة" لاتزال من حق "جواد" وليست من حقه، ليضيف بقليل من الأحباط:

 

_ أسم حلو جدا فعلا، ربنا يحفظهولكم يارب

 

عقبت "ديانة" رادفة بتمنى:

 

_ يارب

 

كاد "أدهم" أن يتحدث مرة أخرى، لتقاطعه "أمال" متعمدة ذلك موجهة حديثها نحو "ديانة" رتدفة بكثير من الأستياء:

 

_ يلا بقى يا ديانة، أتأخرنا على نور وأنا وحشنى أوى العسل ده

 

أتسعت عينى "ديانة" وهى ترمق "أمال" بكثير من الحدة والإنزعاج على ما قالته، بينما "أمال" أستطنعت عدم الفنم وإنها غير مدركة أن تلك النظرة تُعد نظرة عتاب من دينا تحسها على السكوت، بينما "أدهم" لن يجد شيء ليقوله بسبب كل هذا الأحراج، ليضعقب بإستسلام:

 

_ طب أتفضلوا أنتوا عشان معطلكوش أكتر من كده، أشوفك وقت تانى يا ديانة

 

أومأت له "ديانة" بالموافقة مصاحبتها أبتسامة ود هادئة رلدفة بإستئذان:

 

_ إن شاء الله، بعد أذنك

 

فتح لها "أدهم" الطريق كى ترحل هى و"أمال" رادفا بهدوء:

 

_ أتفضلى

 

أبنسمت "أمال" بطريقة مُستهزئة به وهى تمسك بيد "ديانة" وتقوم بسحبها بعيد عنه رادفة بتهكم:

 

_ باى باى يا أدهم

 

تحركت كلا من "أمال" و"ديانة" بعيد عن "أدهم" وأتبعهما الحارس الشخصى، بينما شرع "أدهم" فى الصعود إلى مكتب "هاشم" لكى ينهى ما جاء من أجله

 

بمجرد أن خرجت "ديانة" و"أمال" من الشركة سحبت "ديانة" يدها من يد صديقتها زتجرة إياها رادفة بعتاب:

 

_ أنتى أتجننتى يا أمال!!، أيه اللى عملتيه جوه ده

 

ضيقت "أمال" ما بين حاجبيها مُصطنعة عدم الفهم رادفة ببلاهة:

 

_ عملت أيه!!

 

رفعت "ديانة" إحدى حاجبيها بعدم تصديق لبلاهة صديقته رادفة بتأكيد:

 

_ أمال متسطعبتيش أنتى فاهمه كويس أنا قصدى أيه!!، قصدى الطريقة السخيفة اللى كلمتى بيها أدهم وإصرارك إنك تحرجيه

 

أستسلمت "أمال" لكشف أمرها أمام صديقتها رادفة بكثير من التأفف والملل:

 

_ الواد ده بارد أوى وأنتى عارفه إنى طول عمرى مببلعوش أصلا من أيام الجامعه

 

تنهدت "ديانة" بإستياء من أفعال صديقتها الطفولية رادفة بقليل من الجدية:

 

_ أمال الكلام ده كان زمان وأحنا فى الجامعه، دلوقتى أحنا كبرنا وبنشتغل مع بعض يعنى لازم يكون بينا أحترام متبادل

 

زفرت "أمال" بملل وتأفف من إصرار "ديانة" عليها أن تغير اسلولهاومع ذلك الأبله رادفة بمضض:

 

_ حاضر هحاول، بس على فكره أحنا كبرنا أه بس هو لسه رخم وملزق زى ما هو

 

لم تستطيع "ديانة" تمالك ضحكتها من تعبيرات وجه صديقتها ووصفها ل "أدهم" رادفة بكثير من الضحك:

 

_ مفيش فايدة فيكى ولا فى لسانك، يلا بينا عشان منتأخرش على نور

 

- -

كانت "لبنى" جالسة تشاهد التلفاز بكثير من التركيز والأهتمام أو بالأحرى تصطنع الأهتمام لكى لا يكون هناك مجال لتحدث بينها وبين "هاشم" وذلك بسبب إحراجها من تلك المرة التى رأى فيها تلك الوقة الخاصة بالفوط الصحية خاصتها

 

بينما "هاشم" كان يجلس بجانبها هو الأخر مصطنع التركيز مع التلفاز ولكنه كان ينتظر فترة الأعلان، لكى يبدأ فى الحديث معها، بالفعل هو يلاحظ ما تفعله "لبنى" ومحاولتها فى إجتناب الحديث معه، وبالفعل بعد لحظات جاء الفاصل الأعلانى، كادت "لبنى" أن تنهض وتتهرب منه، ولكن "هاشم" كان أسرع منها ليصيح عازما على كسر هذا التوتر مُعقبا بهدوء:

 

_ مش أدهم جالى الشركه النهارده..

 

حاولت "لبنى" قدر المستطاع أن تخفى خجلها ولا تظهره أمام "هاشم" لكى لا يدرك السبب فى ذلك وتتطرق لتحدث معه حول ذلك الأمر، لتتفاعل معه فى الحديث بتلقائية وهدوء رادفة بإستفسار:

 

_ وأيه اللى حصل!!

 

تنهد "هاشم" براحه وشيء من السعادة لتبادلها الحديث معه، ليجيبها مُطمئنا إياها رادفا بهدوء:

 

_ الحمدلله ديانة كانت روحت، وجواد كان فى الفرع التانى بيراجع شوية حاجات

 

أبتسمت له "لبنى" بود محاولة إدخالهم فى حوار أخر لكى تشغل نفسها عن التفكير فيما يدور برأسه تجاهها، لتعقب رادفة بإمتنان:

 

_ طب الحمدلله ربنا عداها على خير، صحيح مالك وزينه عاملين أيه!!

 

أومأ لها "هاشم" برأسه بود وإمتنان لأهتمامها بأمر أبنته رادفا بهدوء:

 

_ الحمدلله كويسين، مالك كلمنى وطمنى عليهم هما الأتنين وقالى أسبوعين تلاته كده ويرجعوا إن شاء الله

 

أبتسمت له "لبنى" معقبة بتمنى:

 

_ يوصلوا بألف سلامه يارب

 

وكأن الكون بأكمله متأمرا عليها اليوم ويريد أن يجعلها تشعر بالكثير من الخجل، وها قد حدث أخر شيء كان تتوقع حدوثه، أرتفع صوت التلفاز بإعلانا خاص بشركة مُنتجات النساء والفوط الصحية الخاصة بهم، وخلال لحظه تورد وجه "لبنى" بكثير من الخجل وأخذت تلعن حظها العسر

 

بينما "هاشم" تحكم فى ضحكاته بصعوبة كبيرة عازما على الضغط على ذلك التوتر وقرر أن لا يتركها اليوم وهذه هى فرصته لكسر حاجز الخجل بينهم، حتى ولو كان سينهى هذا الحديث بعدها ولكن ما سيفعله الأن سيترطب عليه أشياء كثيرة فيما بعد

 

أستعد "هاشم" لنهوض من جانبها، لتشعر "لبنى" بقليل من الراحة بسبب رحيل "هاشم" من جانبها ولكنها لم تكن تتوقع ما يفكر هو فيه، ليأتيها صوت "هاشم" بعد أن نهض من جانبها مُطالعا إياها بكثير من الجرأة وهو يُشير بيده على التلفاز قائلا بوقاحة:

 

_ بس على فكره، النوع ده تقريبا أحسن، أبقى جربيه

 

أنهى "هاشم" جُملته بغمزة وقحة للغاية من عينيه وسريعا ما أنصرف من أمامها تاركا إياها غارقة فى خجلها، بينما "لبنى" أتسعت عيناها بكثير من الصدمة من تلك الوقاحة التى تحدث بها "هاشم" وكانه لم يكن يتكلم لتو عن دورتها الشهرية!!، كست الحمرة وجهها بكثير من الخجل مُتمنية أن تنشق الأرض الأن وتبتلعها، ولا تعلم كيف ستتعامل معه بعد الأن؟!

 

- -

 

وصل "إياد" إلى ذلك المقهى الذى أتفق هو و"ملك" أن يتقابلا فيه، وهذا بعد أن أتصلت به "ملك" وطلبت منه أن يتقابلان ليتحدثان فى أمرا ضرورى، وعندما حاول "إياد" الاستفسار عن ذلك الأمر، رفضت "ملك" وأخبرته أنه أمرا هام لا يكفيه التحدث عبر الهاتف، حتى إنها رفضت أن يمر عليها ويصطحبها بسيارته متحججة بأنها سوف تكون بالفعل فى مكان بجانب المقهى ولا يستحق أن يمر عليها، ليستسلم "إياد" لرغبتها وها هو ينتظر قدومها حسب الموعد المُتفق عليه..

 

هو بالفعل قد أدرك من نبرة صوتها وطريقتها فى الحديث معه أن تلك العاهرة التى تُدعى "ميار" قد تواصلت معها وأخبرتها كل شيء عما كان بينهم، يبدوا أنه قد حان وقد المواجهة والأفصاح عن ذلك السر الذى كان يخفيه عنها...

 

وما هى إلا دقائق حتى وصلت "ملك" إلى المقهى، لتجد "إياد" جالسا عن تلك الطاولة ينتظر قدومها، أقتربت هى منه لتجلس سريعا فى مقابلته معقبة بنيرة هادئة مُعتذرة:

 

_ أسفه على التأخير، بس لسه طالعه من الكورس

 

تقبل "إياد" أعتذارها بإبتسامة هادئة غير مصطنعة معقبا بحب وود قائلا:

 

_ ولا يهمك يا حبيبتى، تشربى أيه!!

 

أجابته "ملك" بإبتسامة مماثلة له ولكنها غير صادقة بالمرة وهذا بسبب كم التخبط الذى يحدث بداخلها بسبب ما يضرب برأسمها من حديث تلك الفتاة، لتعقب مصطنعة الهدوء:

 

_ عصير لمون

 

بالغعل طلب "إيادى من النادل إثنان من عصير الليمون، وبمجرد أن أبتعد النادل عنهم تطلع "إياد" فى وجه "ملك" بإهتمام شديد مضيفا بإستفسار:

 

_ قوليلى بقى مالك فيه أيه!!، وأيه الحاجه المهمه اللى متنفعش تتقال فى التليفون؟!

 

أغمضت "ملك" عينيها بقوة وأخذت نفسا عميقا مُستجمعة شجاعتها للبدأ فى التحدث فى هذا الأمر الذى يجب أن تعرف حقيقته بأكملها، وهذا كى تهدأ تلك الثورة المشتعلة بداخله، ولكى يرحمها عقلها من تلك الصورة التى يرى "إياد" بها، لتنفجر بالحديث معه بملامح متخبطة ومنزعجة معقبة بحدة:

 

_ إياد، أنا من أول علاقتنا وأنا مقدره صراحتك معايا وشجاعتك فى إنك تقولى حاجات أنا مكنش ليا حق إنى أسألك فيها حتى، بس فى حاجه عرفتها لازم أسألك فيها وأتمنى إنك تفضل صريح معايا عشان الأحترام بينا يفضل موجود!!

 

تأكد "إياد" من شكوه وأن "ميار" هى من خلف هذا التغير الذى حدث ل "ملك"، ونعم هى معها الحق أن تغضب وتثور هكذا لأن ذلك الشخص الذى كان عليه فى الماضى أى أحد سيخشى التعامل معه او الأقتراب منه حتى، أومأ لها "إياد" برأسه موافقا على حديثها رادفا بإستسلام:

 

_ كل اللى هتسألينى عليه واللى مش هتسأليه فيه كمان هقولهولك بمنتهى الصراحه يا ملك

 

صاحت به "ملك" بعد أن أمتلئت عينيها بالدموع متذكرة ذلك الحديث الذى دار بينها وبين "ميار" معقبة بإنفعال شديد واضح عليها:

 

_ أنا يهمنى أجابتك بصراحه على سؤال واحد بس!!

 

شعر "إياد" بالفزع من ذلك التحول المفاجئ الذى حدث لها، فى لحظه تحاولت ملامحها من هادئه ومتماسكة إلى أخرى مُحطمة ومنزعجة وتبدوا له أيضا خائفة من أجابته، ليهتف "إياد" بسرعة محاولا إنقاذها قبل أن تنهار رادفا بإستفسار:

 

_ أسألى يا ملك!!

 

هتفت "ملك" بكثير من الغضب والإنزعاج رغما عنه تراه الان بصورة سيئة للغاية مما علمته عنه، بل وتشعر بالخوف منه أيضا، لان ذلك الشخص الذى سمعت عنه اليوم مختلف كليا عن الشخص الذى تعرفه منذ تسعة أشهر، لتصيح به بكثير من الأنفعال:

 

_ أنا معنديش مشكله إنى أرتبط بشخص كانت علاقاته النسائيه كتير لأن ده كان زمان وأنا واثقه أنه مش هيتقرر تانى، بس عندى مشكله إنى أرتبط بشخص مش بيتحمل نتيجه أفعاله ويتهرب منها بمنتهى النداله حتى لو على حساب أروارح تانيه؟!

 

ضيق "إياد" ما بين حاجبيه بإستنكار غير مُسوعبا ما تتحدث عنه "ملك"، عن أية مشكلة تتحدث ومتى هو هرب من مشكلة ما!!، ماذا تقصد بحديثها ذلك!!، ما الذى قالته لها تلك الحقيرة إذا؟!، ليعقب "إياد" رادفا يإستفسار:

 

_ مشكلة أيه اللى أتهربت منها يا ملك!!، وأروح أيه اللى بتقولى عليها!!، أنتى بتتكلمى عن أيه بالظبط؟!

 

صاحت به "ملك" بملامح مقتضبة وغاضبة للغاية معقبة بكثير من الحدة والهجوم قائلة:

 

_ أيه اللى خلاك تجبر ميار على إجهاض الجنين يا إياد!!

 

يُتبع ..