الفصل الأول - القانوت لا يحمي المغفلين
الفصل الأول
" عريس لُقطة يا قلب عمتو "
=بقولكُم مش عايزة أتجوز دلوقتي، هو أنا بتكلم هيروغليفي!
أردفت بتلك الجملة بنبرة صراخ " نجمة " وهي تقف أمام شقيقتيها " قمر " و " سما " وعمتها الحبيبة السيدة " صابرة " التي هتفت قائلة بنبرة تُشبه العويل:- تعبتي قلبي معاکِ، يا خسارة عُمري اللي راح عليكُم يا بنات أخويا.
قلبت " سما " الشقيقة الصُغرى عيناها بملل قائلة:- أهو بدأنا موال كُل مرة، أول ما ست " نجمة " أو أي واحدة فينا تعترض على أي حاجة بتقوليها الإتنين التانين بيتاخدوا في الرجلين، صح!
كتمت " قمر " ضحكتها بصعوبة على الرغم من صحة حديث " سما " إلا أنها لم ترغب في مُضايقة عمتها الغالية لكن الاخيرة صرخت قائلة بغيظ:- وهو أنتوا بتسمعوا كلامي في حاجة، دة إنتِ يا مفعوصة يا صغيرة البيت كلُه بيمشي على مزاجِک.
هنا تدخلت " قمر " قائلة بجدية مصطنعة:- لالا أنا مسمحش باللي بتقوليه دة، مين دي اللي بتمشي البيت على مزاجها، هتخليني أقوم أعجنها دلوقتي ليه!
نظرت لها " سما " نظرة مُرعبة تجاهلتها " قمر " عن عمد وقبل أن يتشاجرا صرخت السيدة " صابرة " بنبرة أجفلتهُن:- على فين يا " نجمة " إحنا لسة مخلصناش كلامنا عشان تهربي.
أرتسمت ملامح الملل على وجه " نجمة " التي كانت قد أعطتهُن ظهرها أثناء حديثهُن وكادت أن ترحل قبل أن تقبضُ عليها عمتها بالجُرم المشهود، ألتفت إليهُن وهي تبتسم أبتسامة واسعة مصطنعة قائلة:- يا عمتو يا حبيبة قلبي، إنتِ عارفة أنا بحبك قد إيه وعارفة إني مقدرش أرفضلك طلب بس اللي بتطلُبيه دة صعب أوي أوي أوي.
=يابت هو أنا بطلب منك تفجري نفسك في جوانتنامو، دة أنا بقولك قابلي العريس بس!
ضحكت " قمر " بقوة قائلة:- لا حلوة دي يا عمتو، بقيتي شقية إنتِ.
أبتسمت السيدة " صابرة " بدلال وهي تُرمقها بفخر بينما ألقت " نجمة " نظرة زاجرة لشقيقتها لكي تصمُت وقد فعلت، تنهدت بعد ذلك قائلة بمُحاولة بائسة لإقناعها:- بس إنتِ عارفة إني مش عايزة أتجوز دلوقتي، أنا لسة عندي 24 سنة وببدأ حياتي، مش معقولة يوم ما أجي أبدأها أتجوز!
كانت " نجمة " تعلم أن عمتها لن تيأس وستتمسک برأيها حتى النهاية وهي مهما قاومت إلا أنها لا تستطيع أن تُردها خائبة الرجا منها، يكفي ما تحملتهُ وتتحملهُ هذه السيدة الحنونة من أجلها هي وشقيقتيها ومن قبلهُن والدها الغالي والذي يكون شقيقها الأصغر، لم تُخذلها السيدة " صابرة " وهي تهتف بنبرة أمومية بحتة قائلة:- وماله بس الجواز يابنتي، إنتِ طالعة كارهة الرجالة لمين بس! دة أبوکِ زي البلسم وعاش مع أمك الله يرحمها 22 سنة حاططها في عينه، مين بس اللي عقدک يا حبيبة قلب عمتك، قوليلي عليه الكلب اللي عمل كدة وأنا هروح أنتفلك شعر دقنُه شعراية شعراية زي ذكر البط.
نظرن الثلاث شقيقات لبعضهُن البعض بذهول وعدم أستيعاب لما تفوهت بهِ العمة، لكن " نجمة " أقتربت منها سريعًا ووقفت أمامها قائلة بلهفة:- واحد إيه يا عمتو بس اللي عقدني دة، والله العظيم مفيش حد خالص وأنا مش متعقدة ولا حاجة، أنا زي الفل أهو.
نظرت إليها السيدة " صابرة " من بين عِبراتها الزائفة قائلة بخيبة أمل صدمتهُن:- بجد، يعني مفيش حد خالص كدة!
أجابتها بعدم أستيعاب:- أيوة مفيش حد خالص كدة.
زمت شفتيها كالأطفال قائلة بتبرُم:- يا خيبتك، قال وأنا اللي قولت البت مقطعة السمكة وديلها ومدوخة شباب مصر وراها!
" سما " ببلاهة:- ما هي مدوخاهُم وراها فعلًا بس في الأقسام، دي لسة ساحبة واحد من يومين على القسم عشان أتحرش بالبت اللي كانت جمبها في الميكروباص.
ألتقطت " نجمة " وسادة متوسطة الحجم خاصة بالاريكة التي كانت تجلس عليها وألقتها بوجه " سما " التي تأوهت ثُم نظرت لها شزرًا، عادت السيدة " صابرة " تتحدث بمسكنة قائلة:- آآآآه، الظاهر إن كلكم خيبة كدة وهتجلطوني معاكم.
تدخلت " قمر " بالحديث قائلة بعدم فهم:- يعني إنتِ عايزانا نرتبط ونصاحب ونبقا مقطعين السمكة وديلها ولا عايزانا مؤدبين وماشين جمب الحيط عشان بس أبقا فهماکي بدل ما أتجنن.
زمت عمتها شفتيها قائلة بضيق:- أنا ياختي عايزاكم تتجوزوا وتملوا البيت دة عليا عيال بدل ما أنتوا سايبني قاعدة زي قرد قطع كدة وأنتوا وشكم في وش موبايلاتكم طول الوقت.
كادت " نجمة " أن تتحدث لكن صدح صوت رنين هاتفها لتجد المُتصلة " هنا " رفيقتها الوحيدة التي دائمًا مُرافقة لها في جميع مصائب حياتها كما تقول عمتها، فتحت الأتصال قائلة بضيق مما يحدث حولها:- أيوة يا " هنا " أنا جاية أهو.
وصل إليها الرد من الطرف الأخر للهاتف حيثُ هتفت " هنا " قائلة بتوتُر:- بقولك إيه أنا ما صدقت " طارق " ينزل الشُغل بدري النهاردة عن كل يوم عشان نتقابل ونقضي اليوم مع بعض متتأخريش بقا زي كُل مرة.
=يا بنتي جاية مش هتأخر، سلام.
أغلقت الهاتف ثُم نظرت إلى عمتها قائلة برقة مُفتعلة:- عايزة أي حاجة مني يا عمتو قبل ما أمشي.
نظرت إليها السيدة " صابرة " بحُزن ثُم همست قائلة بنبرة طفولية:- عايزاکِ تريحيني وتوافقي تشوفي العريس اللي جاي دة.
رفعت أنظارها إلى الأعلى بضيق تتمنى أن يمنحها الله المزيد من الصبر وبالنهاية رضخت لإصرار أكثر شخص تحبهُ بهذا الكون، نظرت إليها قائلة من بين أسنانها:- حاضر يا عمتو، خليه يجي وأشوفُه عشان خاطرك إنتي بس.
بمُجرد أن أنهت حديثها حتى وجدت نفسها بين أحضان عمتها تُمطرها بسيل من القبُلات الحارة والكثير من الأدعية بنبرتها الحنونة، صاحت " سما " قائلة بسعادة:- طب بما إن بنتك عملتلك اللي إنتِ عايزاه بقا ممكن تفرجي عننا عشان إحنا أتأخرنا على الجامعة أوي.
رفعت السيدة " صابرة " كفيها إلى السماء قائلة بدُعاء:- روحوا يا حبايب قلبي ربنا يسهل طريقكُم ويوفقكُم ويرزقكُم بولاد الحلال اللي يريحوا قلبكُم قادر يا كريم.
أرتسمت أبتسامة سعيدة على وجوههن لدُعائها الجميل الذي يمِس القلب مُباشرة وقبل أن يرحلن إلى أشغالهُن نظرت " نجمة " إلى عمتها قائلة بتحذير:- بس أقسم بالله لو العريس طلع زي بتاع كُل مرة لهــ ااا.
قاطعتها عمتها قائلة بلهفة:- متقلقيش دة عريس لُقطة يا قلب عمتو.
" نجمة الشندويلي " 24 سنة خريجة كلية سياحة فندق قسم مطبخ، تعشق الطبخ وتتخذه مهنة لها، حلمها أن تقوم بإنشاء مطعم صغير تُبرع فيه بإعداد أشهى المأكولات التي تعشقها، تمتلك " نجمة " جسد مُمتليء قليلًا مع شعر باللون الأسود القصير الذي يصل إلى كتفيها، كما تمتلك عيون باللون البُني الداكن بأهداب طويلة وبشرة قمحية بالأضافة إلى قُصر قامتها..
" قمر الشندويلي " 22 سنة تدرس بكلية الأداب قسم لغة إنجليزية، حلمها أن تقوم بإنشاء مركز لتعليم اللغة الإنجليزية وإفادة الجميع مما تدرسهُ، تمتلك جسد نحيف قليلًا مع شعر باللون الأسود يصل إلى مُنتصف ظهرها، كما تمتلك عيون باللون العسيلة وبشرة قمحية، قصيرة القامة..
" سما الشندويلي " 20 سنة، تدرس بالسنة الأولى بكلية السياحة والفنادق حيثُ تمتلك نفس شغف شقيقتها " نجمة " في الطبخ، متوسطة الطول، بشعر بُني داكن قصير، بشرة قمحية، عيون عسلية، شخصية مرحة وتحب شقيقتيها كثيرًا..
❈-❈-❈
" لوس أنجلوس الساعة الثانية ظهرًا "
الكثير من الزِحام أمام باب المطعم الشهير الخاص بأشهى المأكولات المصرية والعربية الأصيلة بينما بداخل المطعم بالكاد تستطيع أن تسيرُ بين الطاولات من شدة الزِحام، وبداخل المطبخ الخاص بالمطعم يقف شاب يرتدي الزي الأبيض الخاص برئيس الطُهاة يتحرك هُنا وهُناك بلا توقف، يُبرع فيما يفعلهُ بل ويستمتع بهِ أيضًا، قطع عمله صديقِه الوحيد بالغُربة الذي أقتحم المطبخ قائلًا بضوضائِه المُعتادة:- أبو السيد حبيب قلبي، وحشتني يا جدع.
نظر إليه " سيد " بطرف عيناه قائلًا من بين أسنانِه:- هو أنا يابني أدم مش منبه عليك تيجي بدري النهاردة عشان ضغط الشغل اللي هيكون علينا.
أرتدى المريول الخاص بالعمل وأقترب من رفيقِه قائلًا بمرحٍ:- ياعم كُنت بصالح " ريتا؛ "، ما أنت عارف هي كانت زعلانة مني بقالها كام يوم.
سخر" سيد " قائلًا:- " ريتا "!! الله يرحم " سعدية " اللي أمك خطبهالك في البلد، والله وصاحبت ريتا يا قُلقاسة.
أنفجر " خالد " ضاحكًا بقوة ثُم هتف قائلًا من بين ضحكاته:- ياعم متفكرنيش بالمصير المهبب اللي مستنيني لما أرجع، بس أنا عندي أمل إن إن شاء الله أمي لما تشوف " ريتا " وهي شبه اللمبة " الليد " كدة تقتنع بيها وتنسى " سعدية " دي.
ترك " سيد " ما بيده ونظر إليه بذهول مُضحك قائلًا:- هو أنت ناوي تاخُد " ريتا " دي معاك البلد! يابني دة الحريم اللي هناك ممكن يحطوها في نُص رغيف أسمر ويبلعوها من غير ما يحسوا حتى إن في انسانة بين سنانهُم.
كانت ضحكات " خالد " تملىء المكان حتى كاد أن يختنق من شدة ضحكه على حديث وملامح " سيد "، قاطع حديثهُما صوت ضوضاء وصياح بالخارج أجفلهُما، ركضا الشابان إلى الخارج ليتفاجأا بوجود عدة ضُباط من مركز الشُرطة ويطلبون من الزبائن الخروج من المطعم لأنهُ مُغلق، أقترب " سيد " من أحد الضُباط قائلًا بغضب:- ماذا تفعلون يا هذا، من سمح لكُم بطرد زبائني!
أردف الضابط قائلًا بلكنته الأجنبية:- لدينا أمر بغلق المطعم حالًا، رجاءً لا تُعيق عملنا أيُها السيد.
صاح " سيد " بعصبية بالغة قائلًا:- من أمركُم بغلق مصدر رزقي!!
أجابه الضابط بلامُبالاة:- يُمكنك التوجه إلى مركز الشُرطة وهناك ستعرف التفاصيل.
نظر " سيد " إلى " خالد " بصدمة وشعر كأن عالمهُ ينهار إلا أنهُ لم ييأس، بدل ملابسه هو وصديقه وتوجها إلى مركز الشرطة ليعرف سبب ما حدث لهُ، بعد عدة ساعات بين التجول بين مكاتب المركز والحديث مع الجميع عاد " سيد " إلى مطعمه خائب الرجا، خالي الوفاض، نظر إلى اليافطة الكبيرة التي تحمل إسم مطعمه هو وصديقه بحسرة وقهر على ما آل إليه الحال، منذُ ثلاث سنوات وهو يعمل ويجتهد حتى يكون مطعمه من أشهر المطاعم بلوس أنجلوس وبالفعل خلال فترة قصيرة أصبح من أشهر المطاعم التي تُقدم أشهى الأكلات المصرية والعربية وقد أحبها أهل المجتمع الغربي بشدة لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، شعر بيد تُربت على كتفه وكما توقع كان " خالد " صديق كفاحه الذي همس قائلًا بهدوء:- متزعلش نفسك يا صاحبي، طول ما ربنا رازقنا بالصحة نقدر نبني في مكان تاني.
دمعت عيناه بقهر وما أدراكم بقهر الرجال ثُم همس قائلًا بنبرة مُتحشرجة:- أنا مش عارف إحنا عملنا إيه لكُل دة، ماشين بالحلال وبنتقي ربنا في شُغلنا، ليه بقا نتأذي كدة!
تنهد " خالد " بغضب مكبوت قائلًا:- كلُه من الظابط الزفت دة هو اللي حاططنا في دماغه.
أبتسامة ساخرة أرتسمت على وجه " سيد " قائلًا:- يأما ياخد نسبة من شقانا يا يدمرنا كدة زي ما أنت شايف.
صمت لدقيقة ثُم همس قائلًا بإصرار:- بس أنا مش هسيب حقي وهاخده حتى لو حصل إيه.
شعر بـ " خالد " يقبض على رسغه قائلًا بقوة:- أسمعني يا صاحبي، إحنا عرب وكمان مصريين وأنت عارف كويس أوي إننا في غُربة وفي بلد ناسها مش هتفكر ثانية قبل ما تدوس علينا، إحنا صحيح مظلومين بس أعتبر إن اللي حصل أشارة إن لُقمة عيشنا مش هنا وخلينا نرجع ع بلدنا أحسن ونبدأ هناك من جديد.
أطرق " سيد " برأسه يتنهد بقهر وحسرة ويُفكر في حديث صديقه وبعد تفكير أدرك أن هذا هو الحل الوحيد، رفع نظراته لصديقه قائلًا بنبرة مهمومة:- شكل كدة دة الحل الوحيد، هنصفي المحل وأنا معايا مبلغ كنت محوشه وخلينا نرجع على بلدنا نفتح مطعم صغير هناك وربنا يسهل الحال.
" سيد " شاب في نهاية العِقد الثاني، عاشقٍ للطبخ لذلك قرر أتخاذه مهنة لهُ، خريج كلية التجارة، يمتلك جسد ممشوق، طويل القامة، بشرة قمحية بعيون عسلية، كانت ملامحه شرقية بحتة، يحلم بأمتلاك سلسلة مطاعم كبيرة ومازال يسعى لتحقيق الحلم..
" خالد " شاب في نهاية العِقد الثاني صديق " سيد " منذُ الطفولة وهاجر معهُ إلى بلاد الغرب حيثُ أنهُما يمتلكان نفس الشغف للطبخ، يمتلك جسد ممشوق، متوسط الطول، بشرة بيضاء وشعر باللون البُني الداكن وعيون بلون العسل، خريج كلية تجارة..
❈-❈-❈
" مصر الساعة الرابعة عصرًا "
بداخل إحدى الكافيهات الهادئة على ضفاف النيل تجلس " نجمة " أمام صديقتها " هنا " التي هتفت قائلة بتساؤل:- أنا دلوقتي عايزة أعرف إنتِ إيه اللي مضايقك!
نظرت إليها " نجمة " بغيظ قائلة:- يعني بعد كُل اللي حكيته دة ولسة بتسألي! بقولك في عريس جاي وعايز يتقدملي وعمتي مصممة عليه أوي يا " هنا ".
تنهدت " هنا " بصبر قائلة:- وفيها إيه يا بنتي مش جايز يطلع كويس وابن حلال وتحبيه ويحبك وتعيشي معاه في تبات ونبات وتخلفي صبيان وبنات!
ضربت بكفيها الطاولة مما لفت بعض الأنظار إليها ثُم همست قائلة من بين أسنانها:- إنتِ عايزة تجننيني، ما إنتِ عارفة إني مش عايزة أتجوز صالونات!
أجابتها " هنا " ببلاهة:- طب إنتِ في حد في حياتك!
نظرت إليها وكأنها كائنٍ فضائي ثُم همست قائلة بنبرة بطيئة:- يعني دة منظر واحدة في حد في حياتها، ولو في حد في حياتي مثلًا إنتِ يا صاحبتي الوحيدة مش هتبقي عارفة بحاجة زي كدة!
أبتسمت " هنا " بغرور مُصطنع لكن أختفت أبتسامتها فور أن أردفت " نجمة " قائلة:- بت إنتِ من وقت ما أتجوزتي وبقيتي غبية أوي كدة ليه!
نظرت إليها شزرًا ثُم هتفت قائلة:- مين قال كدة بس! دة مُعدل ذكائي زاد من وقت ما أتجوزت " طروقتشي ".
رددت " نجمة " خلفها قائلة ببلاهة:- " طروقتشي "! بقيتي بيئة كدة ليه!
ضحكت " هنا " بقوة قائلة بنبرة مرحة:- لا دة في حاجة كمان عملتها لو عرفتيها هتقومي تضربيني بالنار.
هتفت " نجمة " بفضول:- إيه هي! قوليلي أنا أصلًا مش طايقاکي وعايزة أقوم أضربك.
تجاهلت " هنا " رغبة صديقتها في ضربها وأقتربت منها حتى أصبح وجهها مقابلًا لها ثُم همست بنبرة خافتة وكأنها ستُخبرها بسر يمس الأمن القومي قائلة:- مش أنا أشتريت بدلة رقص حمرة وبترتر.
شهقت " نجمة " بعدم تصديق مع أتساع بؤبؤي عيناها وكأن الأخرى أرتكتب جريمة لا تُغتفر ثُم همست قائلة:- بجد! إنتِ عملتي كدة! إزاي تعملي كدة يا " هنا "!
أجابتها " هنا " بدلال أنثوي قائلة:- ومعملش كدة ليه، دة جوزي ولازم أدلعه أحسن ما تيجي " سارة " السكرتيرة تدلعه هي وبعدين أجي أنا أغني ظلمُه!
" نجمة " ببراءة:- بس جوزك مش عنده سكرتيرة اسمها " سارة " جوزك مش عنده سكرتيرة أصلًا!
لكزتها " هنا " في رسغها بخفة قائلة بغيظ:- بت إنتِ أسكتي ومتحرقيش دمي، بكرة لما تتجوزي هتفهمي قصدي إيه.
هزت " نجمة " رأسها بعدم أهتمام وصمتت لكن قطع صمتهُما صوت " هنا " قائلة بتساؤل:- صحيح مقولتليش عملتي إيه في حوار المطعم اللي قولتي عليه دة؟!
أجابتها قائلة بجدية:- إنتِ عارفة إن ورث ماما الله يرحمها أستلمناه وبابا حتى مش راضي ياخُد نصيبه منه وقسمه علينا بالأضافة لنصيبنا أصلًا فقررت أشوف مكان وأفتح مطعم صغير كدة، إنتِ عارفة أنا نفسي قد إيه أحقق الحلم دة وبإذن الله هعمل كدة.
أبتسمت لها " هنا " بحُب قائلة:- بإذن الله يا حبيبتي، بس مفيش مكان مُعين في دماغك ولا لسة هتشوفي؟!
ألتقطت " نجمة " هاتفها وبعد القليل من البحث وجدت مُبتغاها ثُم ناولتها الهاتف قائلة:- خدي كدة شوفي الأعلان دة، أنا لاقيته على النت وشوفت صور المكان، مساحتُه والمبلغ اللي صاحبه طالبه فيه مُناسبين معايا، إيه رأيك!
تفحصت " هنا " الصور والتي بالفعل كانت لطيفة وأعجبتها هيئة المطعم كثيرًا ثُم همست قائلة بإعجاب:- حلو أوي فعلًا، خلاص نروح نشوفه ولو عجبك هفاصلك فيه.
ضحكت " نجمة " قائلة بعفوية:- هو أحنا رايحين نشتري بنطلون يابنتي!
وقبل أن تُجيبها صديقتها كان رنين هاتف " نجمة " يصدح وكانت المُتصلة السيدة " صابرة " عمتها، فتحت الأتصال وقبل أن تُجيب وصلها صوت الأخيرة قائلة بتعب بالغ:- ألو، إلحقيــ ني يا " نجمة ".
أنقطع الأتصال لتنتفض " نجمة " صارخة بفزعٍ:- عمتي، مالك يا عمتي، ألو!!
هتفت " هنا " بتوتر قائلة:- في إيه يا " نجمة " قلقتيني.
أجابتها قائلة برُعب وهي تلتقط حقيبتها لترحل:- مش عارفة، مش عارفة عمتي مالها، قالتلي إلحقيني والخط قطع.
أصرت " هنا " أن تذهب معها إلى منزلها لترى ما الأمر وبالفعل أستقلا أول سيارة أجرة قابلتهُما وتوجها نحو منزل " نجمة "، وصلا إلى وجهتهُما ولم تنتظر الأخيرة المصعد بل ركضت على الدرج لتلحق عمتها حبيبتها، دقائق مُرعبة عاشتها وهي بطريقها إليها، لا تتخيل أنها ستفقدها كما فقدت والدتها من قبل، لن تتحمل أكثر، هي ليست عمة بل هي أمها الثانية التي لا تستطيع العيش بدونها، فتحت باب المنزل وأندفعت إلى الداخل صارخة بهلعٍ:- عمتو إنتِ فين يا عمتو!
بحثت عنها بالمنزل حتى وجدتها بغُرفتها المُخصصة لها في المنزل، كانت مُمددة على فراشها بملامح مرهقة ويبدوا عليها التعب بشدة، أقتربت منها " نجمة " برُعب قائلة وهي تُحاوطها بذراعيها:- عمتو إنتِ كويسة، إيه اللي حصلك!
أعتدلت السيدة " صابرة " بمُساعدة " نجمة " و " هنا " ثُم همست قائلة بتعب:- مش عارفة إيه اللي حصلي يابنتي، أنا فجأة دوخت وعيني زغللت والدنيا لفت بيا روحت قعدت على سريري وكلمتك.
هتفت " نجمة " بتوتر:- دة ممكن يكون الضغط، أخدتي البرشامة بتاعتُه طيب!
السيدة " صابرة " بتوتر:- ها، أة أة أخدتها، أنا بقيت كويسة لما شوفتك يا حبيبتي خلاص.
أحتضنتها " نجمة " بقوة وهي تكاد أن تبكي من شدة خوفها عليها بينما "هنا " كانت تعرف ما تمُر بهِ صديقتها لذلك حاولت أن تُغطي على أجواء التوتر تلك وهتفت قائلة بمرحٍ:- ألف سلامة عليكي يا طنطي، إنتِ شكلك عايزة تعرفي غلاوتك عندنا ولا إيه!
طبعت " نجمة " قبلة على رأسها قائلة بحنان:- هي عارفة غلاوتها من غير حاجة.
أبتسمت السيدة " صابرة " ببعض التوتر وعلى الرغم من الندم الذي أصابها لأنها أفزعتها عليها بهذه الطريقة إلا أنها كان يجب عليها أن تستكمل مسرحيتها للنهاية، تنحنحت قائلة بنبرة وديعة:- " نجمة " حبيبتي!
" نجمة " بهدوء:- نعم يا عمتي.
أبتسمت ببراءة وهي تهمس قائلة:- مش طنط مامت " أشرف " كلمتني النهـ اا.
قاطعتها قائلة بتعجُب:- " أشرف " مين!
= " أشرف " العريس.
زمت شفتيها بضيق قائلة:- مممم، كملي وعايزة إيه أُم " أشرف ".
تنهدت وتوكلّت على الله قائلة بأندفاع:- عايزة تيجي النهاردة.
أنتفضت " نجمة " بغضب قائلة:- تيجي فين، وتيجي النهاردة إزاي يعني!
هتفت عمتها بلهفة لم تستطيع أن تخفيها قائلة:- تيجي النهاردة عشان يشوفوکي ياقلب عمتك، يمكن ربنا يجعل في وش " أشرف " القبول.
جزت على أسنانها قائلة:- بس أحنا متفقناش على كدة!
تصنعت السيدة " صابرة " الحُزن قائلة:- هو إنتِ مش وافقتي الصُبح إنك تقابلي العريس، رجعتي في كلامك ولا إيه!
كادت " نجمة " أن تُخبرها برفضها لكن أدركتها " هنا " قبل أن تفعل وصاحت قائلة بنبرة ذات مغزى:- لا إزاي يعني يا عمتو هي تقدر ترفُضلك طلب! طبعًا موافقة وهتقابلُه النهاردة كمان.
نظرت إليها " نجمة " نظرة كالصاعقة فردت إليها صديقتها النظرة بأُخرى ذات مغزى وكأنها تُخبرها أن تُراعي حالة السيدة المريضة، تنهدت بضيق وهتفت قائلة:- ماشي أما نشوف أخرتها معاكي يا عمتو.
أنتفضت العمة بسعادة قائلة:- أخرتها فُل يا حبيبتي إن شاء الله بس إنتِ أفردي وشك دة شوية.
نظرت إليها ابنة أخيها بشك بدأ يغزو قلبها بأمر مرضها المُفاجيء هذا ولكنها أثرت الصمت وقررت أن توافق على تلك المُقابلة وستعمل فيما بعد على " تطفيشه "..
❈-❈-❈
" منزل آل شندويلي مساءً "
وصل السيد " صابر " والد " نجمة " و " قمر " و " سما " إلى المنزل قبل حضور الضيوف بقليلٍ من الوقت، أستقبلتهُ السيدة " صابرة " شقيقتهُ قائلة بسعادتها العارمة:- حمدلله على السلامة يا " صابر " يا خويا، أحضرلك الغدا!
جلس السيد " صابر " على أول مقعد قابلهُ بإنهاك قائلًا:- أيوة ياريت بس قبل الغدا قوليلي إيه حكاية العريس دة! و " نجمة " أقتنعت إزاي!
أقتربت منهُ تهمس بفرحة:- دة أبن " سهام " صاحبتي، مُهندس وكان قاعد في السعودية ونزل عشان يتجوز وبعدين هيرجع تاني يقعد سنة كمان وهينزل مصر يستقر هنا.
السيد " صابر " بذهول:- و " نجمة " وافقت على حاجة زي كدة، دة يستحيل يكون حصل!
توترت السيدة " صابرة " وتلجلجت بالحديث مما جعل الشك ينهشَ قلب شقيقها الذي هتف قائلًا:- أوعي تكوني مش قايلة للبت الكلام دة!
أومأت لهُ بملامح بريئة على الرغم من توترها مما جعلهُ ينتفض هادرٍ بعصبية:- إزاي يا " صابرة " تعملي حاجة زي كدة!
زمت شفتيها قائلة بضيق:- أمال كنت مستنيها توافق لو كنت قولتلها كل دة!
ناطحها بالقول قائلًا:- وهي يعني مش هتعرف، ما هي مسيرها تعرف والنهاردة كمان ووقتها محدش هيسلك الواد من بين سنانها.. صمت للحظات ثُم همس قائلًا بنبرة خافتة:- ولا هيسلكنا أحنا كمان.
نظرت إليه شقيقته بنظرات متوترة وابتلعت ريقها بقليل من الخوف لكنها هتفت قائلة بثبات واهي:- بقولك إيه جمد قلبك كدة معايا، دة أنت أبو البنات وحظك الأسود خلاك تخلف تلات بنات ماشاء الله عليهم كل واحدة فيهم أقوى من التانية، ولو سيبناهم لهواهُم مش هنفرح بيهُم خالص وبالذات يعني.. إن بناتك مش بيفكروا في الجواز أصلًا وأنا نفسي أشوف عيالهُم.
أطرق برأسِه قليلًا يُفكر بكلامها بشكل جدي وبمدى منطقيته ووجد أنها مُحقة بكل كلمة قالتها، رفع رأسِه ونظر إلى الصورة المُعلقة على الحائط الذي أمامهُ، صورة تجمعهُ مع زوجتِه الراحلة وبناتِه، كانت الضحكة تملأ وجوههُم جميعًا والسعادة تغمرهُم حتى أتى اليوم الذي تذوق بهِ من كأس الفراق، تركتهُ حبيبتهُ وصديقة رحلتهُ وحيدًا مع ثلاث فتيات أشقياء كأمهُن، تنهد السيد " صابر " بحُزنٍ ثُم همس قائلًا بخفوت:- الله يرحمك يا " فلك "، مشيتي وسيبتي ليا تلات مصايب مشيبين شعر راسي.
أبتسمت السيدة " صابرة " بحنو قائلة وهي تُربت على كتفه:- الله يرحمها ويخليك لولادك يا حبيبي.
ألتقط كفها وطبع قُبلة أخوية حنونة عليه قائلًا بأبتسامة:- ويخليكي لينا إنتِ كمان يا " صابرة "، هو حد شالني أنا والبنات بعد المرحومة إلا إنتٍ!
بادلتهُ الأبتسامة بأُخرى حانية دليل على حُبها الشديد لشقيقها وأولادِه، لم ينعم الله عز وجل على السيدة " صابرة " بالذُرية ولكنهُ أعطاها الفرصة لتُمارس أمومتها مع أبناء شقيقها الغالي حتى أصبحت أُمٍ لهُن..
بعد عدة ساعات صدح صوت رنين جرس المنزل، توجه السيد " صابر " ليفتح الباب وكما توقع كانت السيدة " سهام " صديقة شقيقته برفقة ابنها " أشرف "، رحبَّ بهُما ودعاهُما إلى الصالون، دقائق قليلة وأتت السيدة " صابرة " التي رحبت بهُما بحفاوة ثُم هتفت موجهة حديثها إلى " أشرف " قائلة:- بسم الله ماشاء الله، كبرت يا " أشرف " يا حبايبي لا وشكلك راجل يفرح القلب.
كان المدعو تعيس الحظ " أشرف " شاب في بداية العِقد الثالث، يجلسُ بجانب والدته يضع قدمٍ فوق الأخرى، يتطلع حوله بنظرات عادية وعندما توجهت إليه دفة الحديث لم يفعل بل أكتفى بأبتسامة ثقيلة أرتسمت على محياه، ذُهلت السيدة " صابرة " من سماجة الشاب وهمست قائلة بينها وبين نفسها:- يادي المصيبة، وأنت بسماجتك دي هتاخد غلوة في إيد القادرة اللي جوة!
نظر إليها السيد " صابر " ببعض التوتر وحاولا تلطيف الأجواء، مرت عدة دقائق أُخرى ونهضت السيدة " صابرة " لتأتي بـ " نجمة "، طرقت الأخيرة على باب الغُرفة طرقتان ثُم أقتحمت الغُرفة دون أن تنتظر الإذن بالدخول، كانت ترتدي بنطال واسع باللون الأسود وقميص طويل باللون الأبيض وچاكيت بلا أكمان قصير باللون الأسود وتركت شعرها القصير حُرًا ولم تضع أية مساحيق تجميل على الرغم من مُحايلات عمتها إلا أنها لم تمتثل إليها، كانت جامدة الملامح وتخطو خطواتها نحو والدها بثقة وثبات وليس كأيّ عروس خجول في هذا الموقف، أبتلع السيد " صابر " ريقه بقلق قائلًا بينهُ وبين نفسه:- آآآخ، الداخلة دي مش مُريحة إطلاقًا، ربنا يعدي اليوم دة على خير.
وصلت إلى والدها وبعد أن جلست همست قائلة ببرود:- سلام عليكُم.
لكزها والدها في مرفقها حتى تُحسن من طريقتها التي لاحظتها السيدة " سهام " لكنها تجاهلتها وأبتسمت قائلة:- ماشاء الله، زي القمر يا " نجمة " يا حبيبتي.
أبتسمت " نجمة " أبتسامة بسيطة قائلة:- شكرًا يا طنط.
دلفت السيدة " صابرة " إلى الغُرفة وهي تحمل صينية العصير وألقت نظرة زاجرة لـ " نجمة " لأنها طلبت منها أن تحملها هي ولكنها رفضت رفضٍ قاطعٍ، بعد القليل من الأحاديث العامة هتفت والدة " أشرف " قائلة بأبتسامة واسعة:- طب نتكلم بقا في المُهم اللي جاين عشانُه، أنا هسيب " أشرف " ابني يتكلم هو.
ألتفتت جميع الأنظار إلى " أشرف " الذي نظر إلى " نجمة " نظرة بها إستعلاء لم تُعجبها وكادت أن ترُدها لهُ لكنهُ سبقها وتحدث قائلًا بنبرة جافة تصطبغُ بالغرور:- أحب أعرفك بنفسي يا أنسة " نجمة "، أنا المُهندس " أشرف " عندي 30 سنة، شغال في السعودية ولما نتجوز هرجع هناك لمُدة سنة أو سنتين وهرجع هنا تاني، إحنا عندنا بيت كبير وأنا ليا شقتي في البيت وإنتِ هتقعدي مع أُمي طول فترة غيابي، أنا عارف كمان إنك مش بتشتغلي ومتخرجة من قُريب ودة اللي شجعني إني أتقدم لإني عايز واحدة مُتفرغة لأُمي وليا وقت ما أرجع من السفر، أنا خلصت كلامي وموافق مبدأيًا عليکِ شوفي لو تحبي تسألي على حاجة تاني.
بعد أن أنتهى من حديثه كانت هُناك ثلاثة أفواه تكاد أن تصل إلى الأرض من شدة ذهولها، أولهُم السيد " صابر " الذي همس قائلًا ببلاهة وتلقائية:- وهي كانت لحقت تسأل يا قلب أبوها على حاجة أولاني.
ثانيهُم السيدة " صابرة " التي همست بينها وبين نفسها برُعبٍ:- منك لله يا " سهام " هو دة اللي ابني زي البلسم، دة لسانُه بينقط زفت!
وأخرهُم " نجمة " التي أزاحت ذهولها جانبًا بهذه اللحظة وأنتصبت من جلستها وهي تنظرُ إليه بنظرات قاتمة ثُم هتفت قائلة بسُخرية:- حضرتك مش عايز DvD كمان!
=نعم!
نظرت إلى والدها الذي غمزها بمعنى " تمهلي قليلًا أرجوکِ " إلا أنها كانت قد أتخذت قرارها بالنهاية، عادت بنظراتها إلى تعيس الحظ " أشرف " ووضعت قدمٍ فوق الأُخرى وأنتصبت بجلستها لتتطلعُ بهِ بنظرات قوية قائلة بأبتسامة ساخرة:- لا نعم إيه بقا يا راجل! دة أنا مش بس أجيبلك DvD لا تحب أحُطلك شوية كاتشب ومايونيز أو تومية على الأوردر اللي أنت طالبه!
ناظرها " أشرف " بضيق قائلًا:- أنسة " نجمة " أحفظي لسانِك ومتتخطيش حدودك في المُناقشة.
تجاهلت حديثه وصدمته وهي ترفع قدمها وتقوم بخلع حذائها ذو الكعب العالي وتُلقيه بجانبها بأهمال، همس هو قائلًا ببلاهة:- إنتِ بتعملي إيه، إيه قلة الذوق دي!
زمت شفتيها بضيق قائلة بتبرُم:- يعني أنت بوظت الجوازة من أول ما فتحت بوقك وجات بقا على قرمط الغلبان وهو بيقلع الكعب العالي اللي قضى على صوابع رجلي وبقيت قليلة الذوق، يا شيخ أتلهي!
أنتفض " أشرف " بغضب هادرٍ:- لا أنا أتهانت في البيت دة ولو أخر واحدة في الدنيا مش هتجوزها.
أنتفضت هي الأُخرى قائلة بنبرة سوقية بحتة:- حوش حوش أنا اللي دايبة في دباديبك وهموت عليك يا " توم كروز " الشرق الأوسط، يا ننوس عين مامتك أنت.
كان الجميع ينظرون إليهُما بصدمة وببلاهة ولكن لم يجروء أحد على الحديث، لم يُجيبها " أشرف " بل توجه نحو الباب ليرحل لكنها أوقفتهُ بصوتها العالي قائلة:- أستنى يالا نسيت أمك.
نهضت السيدة " سهام " خلف ابنها وفور أن قام الأخير بفتح باب الغُرفة حتى صُدِم الجميع من وجود " قمر " و " سما " أمام باب الغُرفة تتصنتان، جز على أسنانه وسحب والدته معهُ ورحل بعيدًا عن منزل المجانين هذا، بينما " سما " صاحت قائلة بمرحٍ:- مع السلامة يا ننوس عين مامتك.
ضحكت " قمر " بقوة وقاما بضرب كفيهُما معًا بمرحٍ بينما " نجمة " نظرت إلى والدها وعمتها بقوة قائلة من بين أسنانها:- مين فيكُم كان عارف باللي قالُه الواد دة وسابُه برضُه يجي!
رفع السيد " صابر " كفيه بحركة أستسلام مُضحكة قائلًا بقلقٍ:- مش أنا يا حبيبة بابا، بقا أنا برضُه هعمل فيکِ كدة وأجيب الواد العرة يتجوز بنتي " نجمتي " حبيبتي!
نظرت إليه السيدة " صابرة " بذهول قائلة:- بتبيعني يا " صابر "!
نظر إليه بأستعطاف وقبل أن تتحدث صاحت " نجمة " هادرة:- كفاية بقا عرسان مُهزقة، مش كل أسبوع هطفشلكُم عريس.
ثُم أعادت أنظارها إلى عمتها قائلة بتبرُم:- هو دة اللي " عريس لُقطة يا قلب عمتو " لما دة لُقطة أمال الرجالة الحلوة اللي بجد إيه!
ألقت إليهُما نظرة أخيرة وتخطت شقيقتيها لترحل إلى غُرفتها بينما بداخل غُرفة الصالون تنهد السيد " صابر " براحة قائلًا:- الحمدالله كنت خايف تزعل مني وتبقا ليلة نكد.
أطرقت السيدة " صابرة " برأسها تُفكر ثُم همست قائلة بنبرة وصلت إلى مسامع شقيقها جيدًا:- طب أشوفلها ابن " إلهام " طالما ابن " سهام " طلع عرة!
نظر إليها شقيقها بعدم إستيعاب ثُم رفع كفيه إلى السماء قائلًا بدُعاء:- توب عليا يارب من بيت المجانين دة..
يتبع