-->

الفصل الحادي عشر - ظلمات حصونه 2





 الفصل الحادى عشر



_ خير يا عمى!!


صاحت بها "ديانة" موجهة حديثها نحو "هاشم" بعد أن طلب منها هى و"جواد" الجلوس معه لكى يناقشهم فى أمرا هام، وشاركتهم الجلسة "لبنى" بالطبع لكى تساعد زوجها فيما يريد الوصول له، ليجيب "هاشم" على سؤال أبنة أخيه معقبا بتوضيح:


_ خير يا حبيبتى إن شاء الله، دلوقتى الفرع بتاع شركنا اللى فى لوس أنجلس فيه شوية لخبطه ومحتاجين المُلاك الاساسين لشركه، وطبعا أنتوا عارفين إن المُلاك الاساسين هما أنا وشرف وماجدة، وللأسف أنا مقدرش أسافر فى الوقت الحالى لأنى مضغوط جدا فى شوية حاجات هنا وصعب تخلص دلوقتى


رمقه "جواد" بإهتمام شديد مُدركا حجم تلك المشكلة الكبيرة التى يتحدث عنها والده، غير مُنتبها لما يقصد والده أن يقوله، وبالطبع "هاشم" لم يخبره عن مخططه بعد، ليعقب "جواد" رادفا بإستفسار:


_ طب والحل يا بابا؟!


حول "هاشم" أنظاره نحو أبنه محاولا الحفاظ على ملامحه الجادة كى لا تشك "ديانة" بأمرهم، وأجابه بنبرة هادئة موضحا ما يدور فى رأسه:


_ الحل يا جواد إنك أنت وديانة اللى تسافروا، وأصلا أنا عملك توكيل عام فى كل حاجه وأنت تقدر تتحكم فى نصيبى بالكامل، وبالنسبة ل ديانة هى كمان المتحكم الوحيد فى نصيب شرف لان أنا وعمتك أتنازلنلها عن نصيبنا ووالدتها عملالها توكيل، أصبح أنت وهى الأن المُلاك الأساسين لشركه، وبالنسبة لماجدة هى أصلا هناك


أعتلت البسمة وجه "جواد" وأخيرا توصل لما يقصده والده، بالطبع هذه لعبة صغيرة من ألاعيبه لكى يجعلم يقضيان وقتا كبيرا معا ويقربان من بعضهم البعض، ليرمق والده بكثير من نظرات الإمتنان على تلك المساعدة الكبيرة بالنسبة له، ليبادله "هاشم" الأبتسامه وغمز له بقليل من المرح دون أن تلاحظ "ديانة"


بينما "ديانة" شعرت بكثير من التخيط مما أخبرهم به عمها، هل حقا هى مضطرة لأن تسافر مع هذا الجواد!! هى لم يسبق لها أن تخرج من البلاد من قبل، كيف ستفعل الأن وتقطع كل هذه المسافة الكبيرة!! كلا يجب ان تعتذر ولكن بصورة لابقة كى لا تُزعج عمها، لتعقب "ديانة" محاولة صُنع الأعذار رادفة بإرتباط:


_ بس يا عمى أنا عمرى ما خرجت برا مصر، أقوم أول ما أخرج أسافر أمريكا!!


أتاها رد "هاشم" بسرعة البرق وكانه يضيق عليها نطاق الأعذار ويُبعد عنها فكرة الأنسحاب من تلك السفرية رادفا بهدوء:


_ وفيها أيه يا ديانة، جواد هيبقى معاكى يا حبيبتى، وكمان أنتوا هتروحوا على ماجدة على طول، يعنى متقلقيش


بالرغم من إنها لاحظت محاولة "هاشم" فى إبعاد تلك الأعذار عن رأسها، إلا إنها حاولت مرة أخرى عساها تجد مخرجها من هذا المأذق، لتعقب "ديانة" متشبثة بأخر كرت لها محاولة التهرب من تلك السفرية رادفة بإهتمام:


_ طب ونور هعمل فيه أيه!!


يبدو أن اليوم ليس يوم حظها، يبدو أن الجميع قد أتفق عليها بالفعل، بل وأتفقت معهم تلك الطبيعة التى تسير كل مرة على عكس ما تتمناه هى، ليأتيها رد والدتها مُضيقة عليها كل الطُرق رادفة بلهفة وإصرار:


_ نور هيفضل هنا معايا يا ديانة لحد ما ترجعى بالسلامة إن شاء الله، سافرى أنتى بس ومتقلقيش على نور


أغمضت "ديانة" عينيها وهى تصر على أسنانها بكثير من الغضب بسبب تدخل والدتها فى ذلك الوقت، وأيضا بسبب ردها الذى جعلها لا تستطيع أن تتحدث مره أخرى، لتفتح "ديانة" عينها وتنظر إلى والدتها بإبتسمة مقتضلة مليئة بالغيظ والإنزعاج، لاحظ "جواد" ما تفعله "ديانة" وذلك الغضب الذى أعتلاها، ليمنع نفسه بصعوبة عن الضحك وأرد ان ينهى هذا النقاش قبل أن تخترع عذرا جديد رادفا بإستفسار:


_ والسفرية دى هتكون أمتى يا بابا؟!


أجابه "هاشم" على سؤاله وهى يتنقل بعينيه بين كلا من "ديانة" و"جواد" رادفا بتوضيح:


_ أنا عارف أنتوا الأتنين متعلقين ب ملك وإياد قد أيه وعشان كده وضبتلكم السفرية بعد كتب الكتاب إن شاء الله


لحظات من الصمت سادت المكان الجميع يُفكر فى رد "ديانة" الذى سيحسم هذا الموضوع، ليطالعها "هاشم" بإهتمام معقبا بإستفسار:


_ ها يا ديانة قولتى أيه!!


حقا لم تعد تجد أى عذرا كى تقوله لهم، إذا رفضت الأن السفر سيظنها الجميع لا يفرق معها شيء سوا نفسها فقط، وكل ما يهمها هو الإبتعاد عن "جواد" حتى ولو على حساب الجميع، لتستسلم "ديانة" لطلب عمها وهى مُدركه إنها لن يُمكنها التراجع بعد الأن رادفة بإنصياع:


_ هقول أيه يا عمى بعد كلام حضرتك؟! اللى تشوفه!!


شعر الجميع بالراحه من موافقة "ديانة"، ليتصطنع "هاشم" أنه يأخذ رأى "جواد" هو الأخر وكأنه لا يعلم أنه يحترق شوقا لتلك السفرية من الأن، ليسأله بإهتمام مُصطنع:


_ وأنت يا جواد


أتاه رد "جواد" بسرعة البرق وهو يحول نظره إلى "ديانة" وإبتسامة حماسية أعتلت شفتيه رادفا بمكر:


_ أنا معنديش مانع خالص، خصوصا إن المصلحة عامه


❈-❈-❈


كان الجميع مجتمع حول طاولة الطعام لكى يتناولون الأفطار معا، وكان "هاشم" هو من يتوسط تلك الطاولة وعلى يمينه يجلس "جواد"، بينما على الجانب الأخر تجلس "لبنى" وبجانبها "ديانة" التى كالعادة تتحشى النظر إلى "جواد" طوال الوقت، يكفى إنها وافقت على الجلوس معهم فى نفس المنزل ودائما ما تضطر أن تجتمع معه فى مجلس عائلي


بينما "جواد" لم يُنزل خاصتيه من عليها، هو دائما ما يظل يطالعها بنظراته العاشقه والنادمة فى أن واحد، كم يتمنى أن تسمح له الفرصه بالتحدث معها بإستفاضه ويخرج معها كل ما يشعر به من ألم وندم على خسراتها بهذا الشكل، نعم هذا هو الرجل الذى ظل طوال عمره يخشى الوقوع بالحب خوفا من أن يصبح أضعف ما هو عليه، ولكنه وجد أن حبه له جعله أقوى بكثير مما كان يتمنى، ولن يضيعها من يديه مهما كلفه الأمر، يكفى ما تم إهداره من الوقت، لن يظل صامتا بعد الأن، سيستغل تلك السفرية التى أخبرهم بها والده ولن يترجع عن أكتساب حبها مهما حدث أو مهما فعلت


صدح صوت جرس الباب فى جميع أنحاء القصر مُعلنا عن مجى أحدا ما، لتُسرع "حُسنة" فى الذهاب نحو الباب لفتحه ومعرفة هاوية ذلك الزائر، وبمجرد أن فتحت الباب حتى صاحت مهللة بحماس "زغرطت" رادفة بسعادة ولهفة وهى تحتضنها بشوق وحب:


_ حمدلله على السلامة يا ست العرايس


بأدلتها "زينة" العناق بحب وشوق متبادل رادفة بإمتنان:


_ الله يسلمك يا حُسنة، أومال بابا والجماعه فين!!


بينما عند "هاشم" والعائلة فهم نهضوا جميعا بمجرد أن أستمعوا إلى صوت تهاليل "حُسنة" ليذهبوا ليعلموا ماذا يحدث، ليتفاجئوا جميعا بوجود "مالك" و"زينة" أمامهم، وبمجرد أن وقعت عينى "زينة" على والدتها حتى أسرعت فى الركض نحوه وأحتضنته بكثير من الشوق واللهفة متمتمة:


_ بابا


ضمها "هاشم" جيدا إلى صدره بكثير من عاطفة الأبوبة والحنان مُعقبا بشوق انعكس على نبرة صوته قائلا:


_ حمدلله على سلامتكوا يا حبايبى


تقدم "جواد" لكى يصافح "مالك" ويرحب به وبعودتهم مُعقبا وهم يتبادلون العناق بكثير من الود:


_ مقولتوش ليه إنكم راجعين النهاردة!! كنت على الأقل جيت خدتكم من المطار!!


أجابه "مالك" وهو يفصل العناق مُعقبا بإبتسامة هادئة:


_ مفيش حبينا منتعبكوش معانا وكمان نخليها مفاجاه


أبتسمت له "ديانة" بكثير من الشوق واللهفة وهى تقترب منه رادفة بحماس:


_ أحلى مفاجأة


كادت "ديانة" أن تحضتنه كما تفعل دائما، نعم فهى معتادة على معانقة أخيها دائما بعد عودته من أى سفرية عمل، وهذا ما كان يصدر منها هى و"ملك" على طول السنوات الماضية ولكن الأن قد تغير كل شيء، لتجد يد "جواد" تفصل بينها وبين "مالك" بعد أن كان لم يعد بينهم سوا خطوة واحدة..


لتدرك "ديانة" ما كادت ان تفعله، ف "مالك" يبقى بالنسبة لهم شخص غريبا عنها وما كادت أن تفعله بالطبع سيكون شيئا خاطئ بالنسبة لهم، حتى أن "زينة" يمكن أن تنزعج منها، عليها أن تراعى مشاعر الجميع، معادا ذلك الوغد الذى سمح لنفسه أن يضع يده أمام جسدها بهذه الطريقة، هو لا يحق له لمسها من الأساس، لتدفع "ديانة" يده ل "جواد" بعيدا عنها بإنزعاج شديد


بالطبع لاحظ "مالك" كل ما حدث وهو بالفعل يلتمث العذر ل "جواد" فهى فى النهاية زوجته وهو بالنسبة لهم شخصا غريبا عنها وليس له الحق فى معانقتها، وبالطبع لن يتفهم أو يتقبل مشاعره الأخوية تجاه "ديانة"، لتمتد يد "مالك" سريعا محاولا تهدئة "ديانة" عن ثورة الغضب الذى رائها فى عينيها تجاه "جواد" وكأنه يخبرها أن لا تفعل ذلك لأن هذا حقه ل "جواد"، وهى سريعا ما تفهمت ما يعنيه


لينهى ذلك التوتر صوت "لبنى" وهى تحتضن "زينة" بكثير من الحب الصادق وعاطفة الأمومة الطاغية قائلة:


_ نورتى بيتك يا حبيبتى


بأدلتها "زينة" العناق بود وحب شديد رادفة بإمتنان كبير:


_ منور بيكى يا طنط


أمتدت يده ل "جواد" بعد أن خرجت "زينة" من عناق "لبنى"، وسريها ما جذبها إلى صدرة محتضنا إياها بحب وقليل من المشاكسة رادفا بشوق:


_ البيت مكنش ليه حس من غيرك يا زئرده


كسرت "زبنة" سريعا العناق بملامح منزعجه وغاضبة وضرب "جواد" على صدره بطفولية على ذلك الوصف الذى نعتها به، وسريعا ما ذهبت لتحتضن "ديانة" بشوق مُعقبة بمرح مشابه له قائلة:


_ ليه أنتوا حاطين ديانة على الصامت ولا أيه!!


بأدلتها "ديانة" العناق رادفة بمزيد من المرح هى الأخرى:


_ هو نور سايب فرصه لحد يطلع صوت غيره!!


أتسعت بسمة "زينة" بكثير من السعادة والفرح صائحة بلهفة مُعقبة بإستفسار:


_ بجد!! هو نور هنا!!


أومأت لها "ديانة" بالموافقة والبسمة تملأ وجهها رادفة بتوضيح:


_ اه يا ستى، بقاله يجى شهر أهو


صاحت "زينة" بكثير من الحماس مُتشوقة لرؤية ذلك الرضيع رادفة بلهفة:


_ عايزه أشوفه أوى العسل ده


أمسكت "ديانة" بيديها مُصطحبة إياه لتوجه إلى الدرج لكى يصعدوا إلى غرفة طفلها مُعقبة بحماس:


_ تعالى معايا أوريهولك


أوقفتهم "لبنى" لأفتة إنتباهم رادفة بحزم:


_ أستنوا بس، تعالى الأول أفطروا وبعدين شوفيه براحتك، وعقبال ما تفطروا أخلى حُسنة تنظف أوضتكم


تدخل "مالك" سريعا مُجيبا على حديث "لبنى" قبل أن ترد "زينة" وتخرب عليه تفكيره، ليعقب بإبتسامة لأبقة رادفا بهدوء وأمتنان:


_ ربنا يخليكى يا طنط أحنا سبقناكم، وبالنسبة لموضوع الأوضة فملهاش لازمه


ضيق "جواد" ما بين حاجبيه بإستنكار غير مُدركا لما يدور فى رأس "مالك" ليتدخل رادفا بإستفسار:


_ يعنى أيه ملهاش لازمه!!


أجابه "مالك" بقليل من الحرج من أن ينزعج أحد من حديثه رادفا بتوضيح:


_ قصدى يعنى أنا وزينة أتفاقنا نعيش فى شقتى، وتقريبا كده هيكون أفضل بالنسبه لينا وهنكون مرتاحين أكتر


الوغد اللعين، متى أتفقت معه على هذا الشيء!! هل يسمح لنفسه الأن أن يقرر بالنيابة عنها، وكأنها ستتبع خطاه كالدمية فى يد صاحبها!! لم يُحرز جيدا، سوف توقفه عند حده الأن وليحدث ما يحدث


كادت "زينة" أن تصيح به موبخة إياه عما قاله، ليوقفها صوت والدها الذى وافقه على إقتراحه رادفا بهدوء:


_ خلاص يا أبنى اللى يريحوا أعملوا، مدام كده هتكونوا مبسوطين


أغمضت "زينة" عينيها بغضب كبير، الأن هى مُضطرة لأن تذهب مع ذلك الحقير وتعيش معه فى منزله وستكون معه بمفردهم، اللعنة عليك "مالك" وعلى أقترحاتك الغبية، تحركت "زينة" بإقتضاب مع "ديانة" نحو الدرج لكى تصعد إلى غرفة "نور" وهى تُفكر فى حياتها وكيف ستسير فى الأيام المُقبلة


بينما تقدم كلا من "هاشم" و"جواد" و"مالك" للجلوس فى باحة الأستقبال بالمنزل، لينظر "جواد" نحو "مالك" محاولا السيطرة على غضبه، هو الأن سيسأله عن ذلك الطفل الناتج من تلك العلاقة المحرمة التى أنتهك بها جسد شقيقته، على الرغم من أنه يعلم حقيقة ما حدث وسامح "مالك"، إلا أنه يشعر بفوران الدماء فى عروقة من مجرد التفكير بالأمر، الان علم لماذا لا تسامحه "ديانة" على فعلته تلك


_ قررتوا أيه فى موضوع الطفل اللى فى بطن زينة؟!


تنحنح "مالك" وسريعا ما وضع وجهه فى الأرض بكثير من الخذى والندم على تلك الفعلة التى ستظل تضح حد بينه وبينهم طوال العمر، ليجيبه وهو لايزال على تلك الحالة رادفا بهدوء:


_ أحنا هنروح نطمن ماما وبابا وبعدها نروح على شقتنا وبعد يومين هعلن عن خبر حمل زينة وهقول إنها حامل فى شهر من جوازنا


لاحظت "لبنى" توتر الأجواء وسكوت "هاشم" وذلك الحزن الذى أعتلى وجهه، لتدخل محاولة تغير مجرى الحديث رادفة بحماس:


_ حلو أوى وبدل الفرحه يبقوا فرحتين


يبدو إنها بالفعل نجحت فى تخفيف ذلك الضغط وتهدئة الأجواء ولفتت إنباه ل"مالك"، ليعقب بإهتمام رادفا بإستفسار:


_ فرحتين أيه!!


لُجيبه "هاشم" على سؤاله مُعقبا بتوضيح:


_ أصل يا سيدى إياد أعد مع والدك وطلب منه يقدم معاد الفرح ويخليى بعد شهرين وكتب الكتاب يكون أول ما أنت توصل بالسلامه أنت وزينة


ضيق "مالك" ما بين حاجبيه بإستنكار من رد والده على طلب "إياد" شاعرا بالتعجب من موافقته، ليتمتم بإستفسار:


_ معقوله وبابا وافق بسرعه كده!! ده كان مصمم أن الفرح يكون بعد تخرج ملك؟!


لتتدخل "لبنى" مجيبة على إستفسار "مالك" مُعقبة بهدوء:


_ هو فيه يا أبنى حد يكره يفرح بعياله ويشوف عيالهم!!


أومأ لها "مالك" متفهما لما قالته "لبنى" رادفا بتأكيد:


_ معاكى حق يا طنط، على خيرة الله وربنا يسعدهم يارب



❈-❈-❈



_ خير يا ماجدة حاجه أيه المهمه اللى قولتى عايزانى فيها


صاح بها "عامر" وهو يجلس فى مقابلة "ماجدة" بغرفة نومهم، لتجيبه "ماجدة" على سؤاله مُعقبة بهدوء:


_ ديانة وجواد هيجوا عندنا هنا كمان أسبوع


صاح "عامر" مُرحبا بتلك الفكرة ولكنه سريعا ما شعر بالدهشة والغرابة من تلك الزيارة ليعقب مستفسرا:


_ يا سلام ينوروا، بس غريبه خير فيه أيه!!


هزت له "ماجدة" رأسها مُضيفة بهدوء:


_ هفهمك


••


_ عاملة أيه يا ماجدة، وحشتينى أوى


هتف بها "هاشم" بكثير من الحب عبر مكالمته الهاتفية موجها حديثه نحو "ماجدة" مُعبرا عن مدى أشتياقه له، وسريعا ما أجابته "ماجدة" بحب وأشتياق مماثل له مُعقبة بلهفة:


_ وأنت كمان يا هاشم، أزيك وأزي لبنى والاولاد!!


طأطأ "هاشم" رأسه بهدوء محاولا أنتقاء كلماته مُمهدا لسبب الأساسى وراء تلك المكالمة، ليجيبها بهدوء:


_ كلنا كويسين يا حبيبتى، ولبنى بتسلم عليكى كتير


أبتسمت "ماجدة" بود كبير مُعقبة بمحبة كبيرة:


_ الله يسلمك ويسلمها يارب


تنهد "هاشم" مُستعدا للبدأ فى ذلك الموضوع الهام الذى يريد التحدث معها فيه طالبا منها المساعدة والدعم مُضيفا بهدوء:


_ بقولك يا ماجدة، أنا كنت قصدك فى خدمة كبيرة أوى محدش هيعملهالى غيرك


أنبهت "ماجدة" جيدا لما قاله شقيقها وأخذت تستمع له بإهتمام شديد مُعقبة بإستفسار:


_ أنت تأمر يا حبيبى، خدمة أيه؟!


أجابها بهدوء مُلقيا عليها ما يريد أن يفعله رادفا بتوضيح:


_ عايز أبعت ديانة وجواد يقضوا عندك أسبوع كده أو عشر أيام


أبتسمت "ماجدة" وصاحت بكثير من الترحاب بما قاله "هاشم" مُعقبة بحماس:


_ يا سلام ينوروا يا حبيبى، ده إن الأرض مشالتهمش أشيلهم أنا فى عنيا


هتف "هاشم" بكثير من الحب والأمتنان لترحابها بما قاله محاولا توضيح باقى حديثه لها مُعقبا بهدوء


_ تسلم عنيكى يا ست الكل، بس فيه حاجه كده عايز أقولك عليها


خطف إنتباهها للمرة الثانية مُعقبة بإهتمام:


_ خير يا حبيبى


زفر "هاشم" بإنزعاج وضيق شديد مما سيقوله ومدى أستيائه مما يحدث لعائلته، ليحاول توضيح الأمر لها بإختصار شديد لعلها تستطيع مساعدته:


_ ديانة مصممة على الطلاق من جواد بسبب اللى حصل بينهم واللى أنتى عارفه بسبب هناء الله يجازيها، بس جواد متمسك بيها ومش عايز يسبها، لكن هى مصممه جدا وهما حاليا بعيد عن بعض تماما وده برغبة ديانة للأسف


شعرت "ماجدة" بكثير من الحزن والضيق على ما يمر به أبناء أشقائها بسبب ما فعلته بهم تلك المرأة المهوسة، يبدو أن أثار ما فعلته "هناء" لن يزول بسرعة كما توقعت، ولكنها سريعا ما ضيقت حاجبيها بإستنكار مُعقبة بإستفسار:


_ أومأل هيجوا هنا مع بعض أزاى!!


أجابها "هاشم" موضحا لها ما يقصدة مُعقبا بقليل من المرح:


_ ديانة فاكره إنك متعرفيش حاجه عن الموضوع وإنك فاهمه إنهم زوجين عادين وعشان كده مكنتش بتبين حاجه قصادك أنتى وعامر وعشان كده أنا قولت أستغلكوا بقى بصراحه


ضحكت "ماجدة" بصخب على نبرة شقيقها المارحة، كم أشتاقت لذلك المُزاح بينهم، لتضيف بقليل من المشاكسة:


_ تستغلنا أزاى يا أبو مخ ألماز؟!


أتاها صوت "هاشم" موضحا لها ما يدور فى رأسه مُلقيا عليها ما يرده منها من مساعدة معقبا بحماس:


_ أخليهم يجوا يقعدوا عندكوا الكام يوم دول بحجة شوية شغل لشركة، وبما إنهم هيبقوا قصادكم على طول ودايما مع بعض كده هيبقوا قريبين من بعض أكتر، وفى نفس الوقت يحاول جواد يصلح اللى نيله ده


أومأت له "ماجدة" بالموافقة على قاله ضاربا برأسها كثير من الأشياء الذى ستقدم المساعدة بها ل "جواد" فى إصلاح ما تم إفساده مُضيفة بحماس:


_ بس كده يا هاشم!! من عنيا، أنا هخليهم يرجعوا من هنا يسلموا عليكوا ويجولى تانى عشان يقضوا شهر العسل بتاعهم عندى


أبتسم "هاشم" بسعادة من مجرد تخيله لهذا الأمر متمتما بتمنى:


_ يسمع من بؤك ربنا


•••


صاح "عامر" بكثير من التهليل مُعبرا عن مدى أعجابه بتفكير "هاشم" مُعقبا بمدح شديد:


_ طول عمرى بقول هاشم أخوكى ده الدماغ الوحيده اللى فى العيله دى


أبتسمت "ماجدة" بفخر شديد لمدحه فى شقيقها، لتضيف بقليل من الغرور المُصطنع مُضيفة بمرح:


_ طبعا يا حبيبى مش أخويا


ألتقط "عامر" يدها وسريعا ما جذبها نحو فمه مُقبلا إياه مُصاحبها الكثير من المدح والغزل مُتمتما بعشق طاغى على نبرة صوته:


_ دا دى أحلى حاجه حصلتله فى حياته، إنك أنتى أخته يا حبيبتى


أحمرت وجنتى"ماجدة" بخجل شديد من تلك النبرة المُغازلة التى يتحدث بها "عامر"، لتشعر وكأنهم عادوا لأفعال المراهقة تلك من جديد، لتحاول "ماجدة" تصليط الأهتمام على موضوع "جواد" و"ديانة" مُتهربة من مُغازلة "عامر" لتضيف بهدوء:


_ طب تعالى بقى لما أقولك هنعمل أيه بالظبط



❈-❈-❈


ها قد وصلا إلى منزلهما وها قد سمحت لها الفرصة بإخراج كل ذلك الغضب والإنزعاج التى ظلت حابسة إياه داخلها طول اليوم بداية من زيارتهما إلى منزل والدها وما تفوه به هناك، نهاية بزيارتهم لمنزل عائلة هو الأخر الذى أعاد بمنزلهم نفس الحديث مما جعلها تتمنى صفعه أمام الجميع، ولكنها تمسكت بأخر ذرة صبر عندها لكى لا تلفت الإنتباه لهم، ولكن الأن لا يوجد من يرحمه من شياطينها


بمجرد أن دلفوا إلى شقتهم نزعت "زينة" ذلك الوشاح الذى كانت ترتديه فوق فستانِها من على جسدها وألقت به على الأرض أمام قدم "مالك" بإنزعاج شديد، مُغبرة عن مدى غضبها وعن تلك الحرب الذى ستبدأ الأن مُعقبة بحدة:


_ أنت مين اللى أداك الحق إنك تقرر بالنيابه عنى!! هو أنت خلاص نسيت نفسك على الأخر؟!


ضيق "مالك" ما بين حاجبيه بإستنكار شديد غير مٌدركا ما تتحدث عنه تلك المرأة الغاضبة والتى تشتعل عينيها بالنيران، ليعقب بإستفسار:


_ أنا قررت بالنيابة عنك فى أيه؟!


ضربت "زينة" الأرض أسفلها بقدميها وهى تتخذ خطوتها إلى الأمام مُتقدمة نحوه ولايزال غضبها يتصاعد دون توقف رادفة بحدة وحزم:


_ أنا أمتى أتفقت معاك إننا نعيش فى شقتك هنا!!


ها قد أدرك الأن سبب كل هذا الغضب والإنزعاج، وبالطبع هو كان مُتوقع هذا منها وأنها سترفض المجئ معه إلى هنا، ولذلك قرر أن يفاجأها بهذا الأمر أمام الجميع لكى لا تناقشه فيه، ولكنه بالطبع لن يقدر على قول هذا لها الأن، فيبدو إنها غاضبة للغاية وأى كلمة تزيد من هذا الغضب سوف تُحاولها إلى قطعة من الجحبم


ولكن لحظة واحدة!! ما المانع بقليل من العبث معها، فهو يعشق العبث معها ورأيتها وهى تشتعل غضبا منه، ليجيبها "مالك" وهو يضع يده فى جيبه مُعقبا بإستفزاز:


_ مش قد المقام ولا أيه يا بنت الأكابر؟!


رمقته "زينة" بكثير من الإحتقار والأشمئزاز على ما تفوه به من سخافات، فهو يعلم جيدا إنها لا تنظر للأشياء بهذا المنظور ولكنه يريد إثارة غضبها فقط وها قد نجح فى ذلك، ليُقابل إذا ما أقمع نفسه فيه، لتفترسه "زينة" بنظرة إحتقار وكأنها ترى شيئا قذر أمامها مُضيفة بنبرة إشمئزاز:


_ إن جيت للحق مش الشقه هى اللى مش قد المقام


بالفعل هو يعلم جيدا إنها تثير إستفزازه كما فعل معها ولكن ما قالته الأن ألمه للغاية، وخاصة تلك النظرات التى تفحصته بها، ليصر على أسنانه بغضب وغيظ مما قالته مُضيفا بحدة:


_ تمام، كده نبقى خالصين، تعالى بقى أوريكى أوضتنا


ضحكة ساخرة أندلعت من بين شفتيها وهى لازالت تطالعه بتلك النظرات المتحقرة مُرددة بسخرية وأستهزاء:


_ أوضتنا!!، مش بقولك نسيت نفسك على الأخر؟!


أتخذ "مالك" خطوتين نحوها وقد أشتعلت عينيه بكثير من الغضب من أسلوبها معه ونبرتها الساخره، مُضيفا بحدة وأسنان مُلتحمة:


_ من غير طولة لسان، أظن كفاية لحد كده، أنتى عايزه أيه دلوقتى؟!


لا تُنكر إنها قد أرتابت من تلك النظرة وتلك الخطوات التى أتخذهم نحوها، كم تمنت أن ترجع إلى الخلف كى تُحافظ على تلك المسافة بينهم، ولكنها لم تفعل هذا لكى لا يلاحظ تأثيرها بما فعله ويتمادى فيه، لتجيبه بنبرة ثابتة وواثقة من نفسها رادفة بحزم:


_ أنا هنام فى أوضة غير اللى أنت هتنام فيها، وياريت تلتزم حدودك لحد شهرين الحمل دول ما يعدوا على خير، لان بعدها كل واحد فينا هيروح لحاله


ألتفت لكى تستعد لذهاب لأختيار غرفة أخرى غير تلك الخاصه به، لتقع عينيها على ءلك المكان التى كانت تقف وتتناقش فيه معه قبل دخولهم لتلك الغرفة وحدوث ذلك الشيء، لتلتمع عينيها بقليل من الدموع وتعود لتنظر له مرة أخرى بإنكسار شديد مُعقبة بغصة مؤلمة فى حلقها مُتمتمة:


_ شكرا إنك جبتنى هنا تانى، أصلى كنت قربت أنسى اللى أنت عملته فيا


تركته وتوجهت إلى غرفة أخرى سوا تلك الغرفة التى تتذكرها جيدا ولا تقوى على دخولها من الأساس، وبمجرد أن دلفت "زينة" غرفتها وصفعت الباب ورأها بشدة، ضرب "مالك" على جبهته مُعاتبا نفسه على إحضارها إلى هنا مرة أخرى، فهو لم ينبه إلى ذلك الأمر، ليركل الأرض أسفل قدمه بغضب مُتمتما بصخب:


_ غبى


❈ - ❈ - ❈



_ ها جهزت كل حاجه يا عريس ولا لسه


قالها "جواد" موجها حديثه نحو "إياد" وهما جالسان معا فى الشركة بعد الإنتهاء من يوم كامل ملئ بالإجتماعات والصفقات، نعم ف "جواد" يريد أن ينتهى من كل شيء قبل سفره هو و"ديانة" التى بالمناسبة لم تأتى اليوم بسبب إنشغالها ببعض الأشياء الخاصة بكليتها، تريد هى الأخرى أن تنتهى من بغض الأمور قبل سفرهم الذى تتمنى أن تجد طريقة لتتهرب منه


ليزفر "إياد" بكثير من الراحه بسبب إنتهأه كل شيء وابإستعداد لهذا اليوم الموعود، ليجيب على صديقه وبداخله يتمنى أن يمر كل شيء كما خطط له بالضبط:


_ كل حاجه جاهزه وحجزت معاد مع المأزون وقررنا إننا هنكتب الكتاب عندهم فى البيت، وبعد كتب الكتاب على طول هنبدأ فى تجهيز الشقه وهغير كل حاجه حتى لون الحيطان والسراميك، هخليها تختار كل حاجه على زوقها


أومأ له "جواد" راسه بالموافقة مُتمنيا داخله السعادة لصديقه وأن يصل إلى ما يريد، ولكنه بالفعل لن يفصح عما بداخله، فهو ليس بهذا الشخص الدرامى، ليضيف بقليل من المشاكسة والمرح رامقا إياه بنظرات الشك:


_ المهم مترحوش الشقه تانى بعد كده لوحدكوا، أصل أنت مش مضمون الفترة دى


قابله "إياد" بإبتسامة ساخرة مُتفهما ما يحاول صديقه أن يلقى به، ليجيبه بنبرة مماثلة لبسمته مُضيفا ببعد من الإقتضاب:


_ لا أطمن يا حبيبى، هى اللى مش هتسمح نروح هناك تانى لوحدنا، المهم أنتوا هتسافروا أمتى؟!


تنهد "جواد" بهدوء محاولا السيطرة على تلك السعادة البلهاء التى يحصل عليها بمجرد تخيله بأنه سيسافر مع "ديانة" بمفردهم بعيدا عن الجميع وكيف سيستغل تلك السفرية جيدا، ليجيبه بملامح رضا وإمتنان:


_ بعد كتب كتابك بيوم على طول إن شاء الله


غمز له "إياد" بمشاكسة وكأنه يردها له مُعقبا بتمنى:


_ أيوه يا عم فرصه من دهب، على الله تنصفنا المره دى


زجره "جواد" بقليل من الإنزعاج خوفا من أن تخترع "ديانة" بعض من أعذارها وترفض المجئ معه، مجرد الفكرة تصيبه بالغضب الشديد، ليهتف فيه بهجوم وحنق:


_ أنبر فيها بقى لحد ما الست ديانة تطلعنا بحجه وتقول مش هعرف أسافر


ضحك "إياد" بشدة على إنزعاج صديقه وخوفه الشديد من إفساد تلك السفرية، ليجيبه بسرعة كى لا يثير غضبه أكثر من ذلك مُعقبا بلهفة:


_ لا يا عم وعلى أيه!! تروحوا وتيجوا بالسلامه


طرق أحدهم على الباب ليسمح له "جواد" بالدخول، لتتقدم المساعدة الخاصه به نحوه فى تحفظ وأحترام مُعقبة بهدوء:


_ جواد بيه، فارس برا وعايز يقابل حضرتك


نظر "جواد" نحو "إياد" بسرعة بنظرات مقتضبة وهو يتفرس شفتيه بكثير من الغيظ هاتفا بحدة وضيق:


_ بركاتك يا وش السعد، دخليه بسرعه


قالها "جواد" بعد أن أعاد نظره نحو مساعدة، لتومئ برأسها موافقة على حديثه وسريعا ما خرجت لكى تُنفذ أمره، بينما "إياد" قد ألتزم الصمت خوفا من أن يحدث شيء يجعل "جواد" يُصلط عليه كامل غضبه


وسريعا ما أتاهم صوت طرقات "فارس" على باب المكتب مُستأذنا من "جواد" وبالفعل سمح له بالدخل مُعقبا بلهفة وأستفسار:


_ خير يا فارس


أجابه "فارس" بهدوء وإختصار مُحاولا إنتقاء كلماته وهو يتحدث إلى سيده رادفا بتحفظ:


_ خير يا جواد بيه، فيه حاجه كده حصلت أمبارح بليل وأحنا بنوصل الأنسه ملك البيت، قولت لازم أبلغك بيها


ألتفت إنتباه "إياد" هو الأخر وزاد أهتمامه لمعرفة ما سيلقى عليهم ذلك الشاب، وكاد "إياد" أن يستفسر عن الأمر ليسبقه "جواد" مُعقبا بإندفاع:


_ حاجة أيه!!


حاول "فارس" أن يختصر حديثه مُلقيا عليها بالأمور الهامة فقط كى لا يثير غضب "جواد" الذى يبدو عليه عدم الصبر وسرعة معرفة الأمر، ليجيبه بإحترام شديد:


_ وأحنا فى الطريق مدام ديانة جالها إتصال من نفس الشخص اللى أسمه أدهم واللى قدرت أفهمه من كلامهم إنه طلب يقابلها وهى قالتله إنها مشغوله فى تحضيرات كتب كتاب الأنسة ملك وإنها هتسافر بعدها على طول، وإن ممكن يتقابلوا بعد ما ترجع من السفر


أشتعلت النيران فى أعيُن "جواد" وأصبحت هيئته كمن خرج من الحجيم لتو، ذلك "الأدهم" لن يتراجع ويبتعد عن "ديانة" إلا إذا تسبب له "جواد" فى ضرر كبير يجعله يعجز عن النظر لأى إمرأة أخرى وليست "ديانة" فقط، ليلاحظ "إياد" إشتعال "جواد" ليُكمل هو الحديث مع "فارس" ويجعله ينتهى منه قبل أن ينفجر "جواد" أمامه:


_ وبعدين، أيه اللى حصل!!


أجابه "فارس" ملاحظا هو الأخر تحول ملامح "جواد" المُعبرة عن مدى أشتعاله، ليعقبا مُحاولا الإنتهاء من الحديث بسرعة والخروج من المكتب قبل إنفجار "جواد" الذى يعرفه جيدا:


_ بس كده حضرتك وقفلت الكلام معاه وهى بتعزمه على كتب الكتاب


أنته كلا منهما إلى ذلك الذى هب قائما بسرعة البرق وعلى وجهه تلك الملامح التى لا تُبشر بالخير، فمن يرأه الأن يقسم أنه ذاهب لإرتكاب جربمة ما، وبالفعل هذا ما يقسم عليه "جواد" الأن، لقد طفح الكيل سيضع حدا لتلك المهزلة وينتهى من هذا الأمر اليوم...


يتبع