اقتباس - الفصل السادس والثلاثون - نعيمي وجحيمها
اقتباس
الفصل
السادس والثلاثون
انتفضت فجأة لتلتف بجـ ــسدها مجفلة على دفعة قوية لباب غرفة مكتبها لتفاجأ به
أمامها بوجهه المتجهم الغاضب، ليصفق الباب بعد
ذلك ويغلقه بنفس القوة السابقة،
ارتجفت على غير توقعها وهي تتطلع إليه بهذه الهيئة الغريبة عنها وهو يتقدم
نحوها كفهد بري، حلته السوداء وقميصه ألاسود والبنطال بنفس اللون لتكتمل الصورة
بطوله المهيب وجـ ــسده العريض، عيناه الحمراء وذقنه الغير حليقة مع صوت انفا سه
الهادره الذي تصل إليها فيبث بقلبها الخوف بشدة، وهي تجاهد وتدعي التماسك حتى خرج
صوتها اخيرًا:
- إنت ازاي
تخش كدة؟ مش تستأذن الأول ؟
وكأنه لم يسمعها اقترب أكثر ليميل بوجهه قائلًا بهدوء مريب:
- ليه؟
حركت رأسها تدعي عدم الفهم وهي ترد:
- ليه إيه بالضبط
مش فاهمة؟
اقترب اكثر لترتد هي غريزًا للخلف تراقب قوله وهو يكز على أسنانه:
- بلاش
تستهبلي انت عارفة انا بسألك عن إيه؟
- استهبل دا
آيه؟ مش تخلي بالك من كلام...... ااه.
صرخت بها وقد أجفلها بقبضه على مرفقيها بقوة ليقربها نحوه بعنف هادرًا:
- بصي في
عيوني كويس ياكاميليا وقولي، فضلتيه عليا ليييه؟
أجفلها حجم غضبه وجنونه ولكنها تمسكت بكبريائها الزائف لتردف له بدفاعية
تُخفي بها جزعها منه:
- انت بينك
اتجننت باين ولا إيه؟ سيب إيـ ــديا ياطارق،
انا مش عايزة اتصرف واعملك فضيحة.
هزهزها بقبضتيه غير مبالي بصياحها:
- ردي
ياكاميليا وبلاش استعباط انا على اَخري، بتعشميني بقربك بعد ما حكيتي عن أدق
اسرارك ليا وبعدها، تطعنيني في ضهري بخطوبتك من كارم، مين أحق؟ انا ولا هو عشان
تفضليه عليا؟
تمالكت نفسها قليلًا قبل أن تعود لطبيعتها العنيدة، فقالت بتحدي :
- انا
ماحكتلكش عشان اقربك، انا حكيت عشان تفهم من نفسك السبب اللي واقف بيني ومابينك.
انعقد حاحبيه بشدة يستوعب قبل أن يهتف بغضب حارق:
- قصدك انك
شايفاني في صورة جوز امك؟ هو دا اللي تقصديييبه؟
أكملت بتشفي رغم الاَم ذراعيها حتى توقفه بالحُجة:
- وانت تفرق
إيه عنه ولا انت مش واخد بالك من نفس الصفات اللي قولتها؟
ازداد عنفوان ثورته مع ازدياد ضغط قبضتيه على مرفقيها يهدر بألم قلبه:
- هي دي
الصورة اللي رسمهالي في عقلك عشان تبعديني عنك، انا عمري ما كنت خاين ولا خدت ست
من جوزها، انا عمري ما بصيت لمر ات صاحبي، انا عمري ماغدرت بحد حتى لو كان عدوي......
- بس بتاع
نسوان.
قالتها مقاطعة بحدة، لتصل إليه وكأنها نصل سكينًا حامي اخترق عظام صـ ــدره،
فرد بصوت متهدج:
- تمام يا
كاميليا زي ماقولتي كدة بتاع نسـ ـــوان
صرخ بعدها بتقرير
:
- يعني عندي
خبرة ياحلوة خلتني اكشفك واعرف انك بتبادليني نفس الشعور.
نفت برأسها تحركها بعنف رافضة،
واستطرد هو:
- لا
ياكاميليا صدقي، رعـ ــشتك في ايـ ــدي تأكد كلامي، نظرتك ليا تأكد كلامي، قلبك اللي بيصرخ
بأسمي دلوقتِ وانا سامع صوت دقاته كلهم بيأكدوا كلامي .
توسعت عيناها بجزع تناظره بصدمة وانفاسِ متلاحقة، وهذه الحقائق التي يلقيها
بوجهها مع هذا القرب الذي فرضه عليها، ليُلفهم الصمت للحظات، جعلته ينسى نفسه
وغضبه ليُضعف أمام فتنة وجهها القريب من وجهه، فزادت خفقان قلبه وارتكزت عيناه على
شفتيها حتى دنى برأسه نحوها بدون تفكير وقبل ان يتمكن من فعل ما صرخ به وجدانه،
افاقته هي بدفعه بكـ ــفيها على صـ ــدره لنتمكن من افلات نفسها والابتعاد عنه وقد ارتخت
ذراعيه وأعصابه ، حتى ذهنه تشتت، فزرأت هي بعنف وقوة اكتسبتها مع مرورها بتجارب
مشابهة قبل ذلك:
- اتفضل اخرج
برا وماشوفش وشك هنا تاني، اخرج برا يا طارق عشان ما ابلغش عنك حالًا.