-->

رواية كما يحلو لها بتول طه - الفصل الثالث النسخة العامية

  رواية كما يحلو لها 

الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه



الفصل الثالث

النسخة العامية

رواية - كما يحلو لها


ليس هناك أسوأ من أن تجبر على خوض نفس الحرب مرتين دون إرادة منك في أن تحارب من الأساس، دون اختيار منك على الاطلاق، والسخرية كل السخرية لنفسه.. هو حتى لا يدري لأي سبب يتوجب عليه أن يحارب!‏ فلقد خسر كل شيء بالفعل..

هناك من يحارب لوطنه، لعشقه، لأرضه وأهله وعقائده ومبادئه، وهو لا يملك أي من هذا، بقرارة نفسه يعلم أنه لا يستحق أن يعاني أحد من أجله، ولا هو سيفعلها من أجل نفسه!

‏ولكي يضيف لقائمة فجائعه هو يخسر في حرب لا يعلم هدفها على الإطلاق لقد طفح الكيل من تكرار نفس القصة ونفس النهاية ونفس المعاناة ‏الكئيبة التي لا تنتهي أبدًا

‏ - عمر استنا بس أطمن إنك بقيت كويس وهتمشي ما تقلقش

حاول أنس أن يبعث بعقله بعض المنطقية بعد أن لاحظ إمارات التذمر من البقاء في فراشه تشتد على ملامحه وهو لا يكف عن محاولاته في مغادرة السرير وانتزاع تلك الأجهزة الخاصة بمحاليل التغذية والتنفس قياس سرعة ضربات القلب ولم ير اما يرتديه بالفعل من ملابس المشفى واخذ نظرة تفقدية سريعة نحو وجوه الجميع وهم في حالة مختلطة لا يدري لماذا ينظرون إليه هكذا؟!

‏- أنا هروح اشوف الدكاتره واشوف عنود اتأخرت ليه

‏تحدثت "رضوى" ابنة عمه مغادرة الغرفة بينما دفعه عدي مانعًا إياه لكي لا يغادر فنظر له "أنس" ببعض اللوم على فعلته فهو لا يزال لا يفهم ما يحدث له ليقول في النهاية وهو يتأثر من فعلة أخيه وتقهقر خطوتين إلى الخلف وتكلم متهكمًا:

‏- سيبو يقوم براحتك مش فاهم تأثير أكتر من شهر ونص غيبوبة ممكن تعمل في ايه

لوهلة توقف عن كل ما يفعله وهو غير مقهى بنظرات غير مصدقة وبدأت نظرات البلاهة تتضح عليه وهو ينظر إلى صـ ــ ــدره وهو يمرر يـ ـده بهدوء في هذا المكان الذي أطلق به الرصاصة على نفسه بعد أن بدأت بعد الأحداث تلوح بعقله من جديد واستمر في صمته الذي لم يتغير ولم تتضح عليه أي من إمارات الهلع مما استمع له بل استمر في هدوئه الذي يستفز كل من حوله بينما حاول ابن عمه أن يسيطر على الموقف قليلا فتدخل قائلًا:

 

-       ‏استنا بس يا عمر هنطمن عليك وبعدين ممكن تمشي عادي، استنى شوية عشان مينفعش تقوم فجأة بعد الغيبوبة مرة واحدة

أضاف ابتسامة ودودة وهو ينظر له ثم واستطرد:

-       احنا ما كنيش عارفين إذا كنت هتقدر تصحى أصلا ول لأ، والحمد لله صحيت واطمنا وهانت ناقص حاجات بسيطة بس.. احنا اخدنا القرار ده بعد تفكير كتير واضطرينا في الاخر نفصلك عن الأجهزة، فلازم على الأقل نطمن عليك الأول ونتأكد أن كل حاجة تمام!

 

‏اسند "عدي" يــ ــ ــد يه على خصره وهو يُصدر نظرة مستاءة نحو أخيه فهو في الأساس من وضعه في هذه المواقف العصيبة المتتالية وربما عنده معرفة ما يوشك على الحدوث قد يبدأ في التصرف كرجل طبيعي بعيد عن تصرفات الطفل المتذمر التي لا يتوقف عنها!

 

‏لم يستجب لي كلمات أي منهما ونهض من على الفراش متحاملًا على هذا الصداع الغريب الذي لم يواجه مثله في حياته قط ولكنه لا يعرف بعد أن كل ما يمر به طبيعي بعد ايام ليست بالقليلة في غيبوبة كاملة وبمجرد وقوفه على قدمه، شعر بأن كل الغرفة حوله تدور بشدة وكأنه سيسقط ارضا لا محالة..

 

‏لاحظ ابن عمه ما يحدث له فقام بالاقتراب منه ودعم جسده لكي لا يسقط أرضا وحدثه من جديد بمراعاة نظرا لحالته:

-       استنا بس نتطمن عليك وهنمشي على طول صدقني

 

‏ألقى له "عدي" تلك الملابس المطوية وهو يمطره بسيل من النظرات المغتاظة الغاضبة التي لا تريد التوقف فهو بعينيه لا يُمثل سوى طفل متذمر وكأنه لا يريد حتى أن يتحمل القليل من الاجراءات بعد أن حاول الأطباء الاطمئنان على مؤشراته الحيوية ببعض الفحوصات الروتينية الطبية لكي يقومون بإعطاء التصريح اللازم لمغادرته والتأكد من أنه أصبح بخير حتى يستطيع مغادرة المشفى والعودة إلى منزله، ولكنه كان كطفل صغير لا يريد سوى الهروب والابتعاد وكأنه يخاف من شيء ما!

ومما لا شك فيه كل من يتواجد هنا بهذه الغرفة وآتى له خصيصًا وتواجدوا أمامه بالمشفى ويعرفون من هو، لا يتمنوا سوى أن يصبح بخير حتى يمنع قضية القتل التي ستأخذ مكانا عما قريب ولن يستطيع أن ينهي هذه المهزلة سواه!

 

تحدثت "رضوى" التي وزعت نظراتها بين الجميع ثم قالت بابتسامة تلاءم الأحداث:

-       كله تمام، امشي بس على الأدوية وحاول تتابع مع الدكاتره وهتبقى كويس إن شاء الله، وهتتحسن اكتر.. كل الناس طمنوني أنا وعنود أنك فعلًا كويس والمستشفى هنا كويسة جدًا بكل اللي فيها، أنت كل اللي عليك إنك تحافظ على اللي يقولوه ليك وتتابع وتاخد ادويتك في معادها.. حمد لله على سلامتك

 

نظر "أنس" نحو زوجته بامتنان فلقد تركت كل ما لديها حتى تكون معهم وتدعمهم في هذا القرار الذي اتخذوه واستأذنت من الجميع بلباقة، وودعتهم ثم غادرت لتلحق بعملها بينما لم يكترث "عمر" لأي مما يستمع أو استمع بالفعل له، ونهض متجهًا إلى المرحاض لكي يقوم بتبديل ملابسه وكل هدفه أن يغادر هذا السجن الذي لا يكره أكثر منه في حياته وبالطبع لا أحد يعلم كيف هو شعوره أو تشويشه من كل ما يجري بعقله منذ استيقاظه!

 

‏انتظرت "عنود" إلى أن ابتعد ثم نظرت إلى أخيها وابن عمها ثم سألتهما بجدية لا تخلو من سخريتها:

-       مين فيكم اللي هيقول له؟ أصل مش منطقي واحد صاحي من غيبوبة نقوله الحق السيد الوالد بيتهم مراتك بمحاولة قتلك!! بصوا لغاية هنا وعملت اللي عليا، انما بقا الموضوع ده أنا ماليش دعوة بيه خالص لو كنتو جبتوني هنا عشان احنا قرايبه ودكاترة أنا ورضوى وساعدنا ولو شوية واحنا بنتفاهم مع الدكاترة عشان ناخد قرار اننا نصحيه فخلاص ادينا اتطمنا وصحي.. ممكن امشي بقا واشوف اللي ورايا ولا محتاجني في حاجة تانية؟!

 

استنكر "أنس" تصرفها وشدة اللامبالاة التي تتعامل بها بينما بعد إعادة النظر لهنيهة من جديد ادرك أن هذه العائلة لطالما كانت هكذا، و بكيفية التعامل أُسرة عمه "يزيد الجندي" بأكملها مع بعضها البعض، رجل مثله، أم مثل السيدة "مها الجندي"، وابنه البكري وكأنه خُلق خصيصًا وكل دوره في الحياة أن يشبه والده، لن تكون أخته الصغرى اكبر المتعاطفات معه:

-       امشي عنود ولو حصل حاجة أنا هكلمك واعرفك، وانتي كمان لو عرفتي توصلي لروان ابقي عرفينا..

 

حدثها أخيها بنفاذ صبر فهو يعلم انه هو الوحيد الذي قد جمع كل خيوط ما حدث مع بعضها البعض ولا يريد سوى أن يفوق من تلك الفضيحة الذي وجد نفسه بها دون إرادة ولا رغبة منه فهو ليس له ذنب كل هذا سوى انه الاخ الاصغر لعمر الجندي!

 

غادرت سريعا قبل أن تلتقي به من جديد فهي لا تستطيع نسيان ما حدث بينهما بآخر مرة في منزله ولا تدري هل كل ما تستمع له في الآونة الاخيرة من "عدي" عنه هو وزوجته حقيقيا أم لا.. هذه الأسرة التي هي فرد منها لا تفشل في تسبيب الذهول لها، ولم يعد هناك أسوأ من الأحداث التي يمكن أن تحدث إلا وقد تخيلت أنها ممكنة، خصوصا بسبب والديها وكل من أخويها وكل واحد منهما في عالمه الخاص وكأنها ليس لها أي دور في الحياة، لم عليها الاكتراث الآن؟!

 

‏انزوى "عدي" على مقعد في ركن الغرفة وانتظر أن يغادر "أنس" الذي اتفق معه للتو أنه سيتولى هذا الامر الاخير معه فلابد أن يتدخل سريعا قبل حدوث ما لا يحمد عقباه ويكفيه ما عرفه بالفعل من "روان" وأخيها ومساعدتها الشخصية، وأكثر ما يصعب عليه تحمله هو عدم مشاركة كل تلك الأعباء بتفاصيلها مع الجميع فمن المستحيل أن ينادي بصوت جهوري أن أخيه يرتاب بخيانة زوجته له وكاد أن يقتلها ثم قتل نفسه في النهاية بعدما اتضح له انه مخطئ..

-       متأكد إنك هتعرف تفهمه كل اللي حصل من غير خناقات؟!

 

سأله "أنس" بحذر واقتضاب مباشر ليصدر له ملامح تدل على الضيق بل ولم تتغير منذ حضوره صباحًا ثم رد على سؤاله بكلمات جعلته يشعر بالإحراج وكأنه يخبره بأن هناك ما لا يستطيع أن يتدخل هو به:

-       هحاول مرة معاه، ولو ما وصلتش لحل هعرفك، عموما اللي بيني وبين مراته لازم افهمه كويس إن اللي حصل كان فاهمه من البداية غلط.. وبعدين بقا هو حر يعمل اللى عايز يعمله.. لو في حاجة هكلمك أكيد..

 

التفت له كليهما عندما خرج من المرحاض الملحق بالغرفة واتجه إلى الخارج دون مقدمات بينما لاحظ أن هناك أمرًا ما تخفيه ملامحهما ولكن هذا لم يكن سوى آخر ما يهتم به، هدفه أن يغادر بأي طريقة ممكنة، الرائحة هنا باتت تخنق أنفاسه بشكل لا يحتمل!

 

‏عقله معلق بملامح تلك المرأة التي قاربت على لفظ أنفاسها الأخيرة وهو يزهق روحها بعد أن تصبح فاقدة لعقلها بالكامل وهي تصرخ غير قادرة على صوغ كلمة واحدة بشكل طبيعي!

سار برواق المشفى يتجه إلى الخارج وهو يحاول أن يتذكر آخر ما يتوقف عنده لقد اتهمها ظلمًا بكل هذا، ولقد كان هذا المخـ ــنث يقصد أخته وليس زوجته، هل من الممكن إن كلاهما يكذبان؟ ولكن كلمات "عدي" أكدت أنه فعل وحدثه بشان "عنود"!! يا لهذه الحيرة التي ستهشم عقله!!

 

-       رايح فين استنى!!

 

‏ناداه "عدي" بينما لم يلتفت له واتجه مباشرة أن يتبين طريق البوابة للمغادرة فحاول "أنس" أن يوقفه:

-       عمر استنا أنت رايح فين أنت مش معاك أي حاجة هتروح فين من غير موبايل أو عربية

 

توقف لبُرهة وهو يلمحه بتفهم، قد تكون كلماته صحيحة، هو محق، ولكن غايته الوحيدة الآن وكل ما يتمنى فعله هو أن ينتهي هذا الصداع اللعين الذي لا يريد مغادرة رأسه ثم رؤيتها والتأكد من كل كلماتها هل كانت صحيحة أم لا؟ هل هي بخير؟ هل كانت محقة؟ اللعنة لقد أفسد كل شيء!! هل هو مجنون؟ مختل؟ هل يحتاج حقًا للعقاقير؟ كيف حالها؟ هل استطاعت أن تُصبح أفضل؟ كيف تتحمل هي بعد كل ما حدث لها؟ ما الذي تفعله بهذه الآونة؟ هل حقا كان في غيبوبة كما قالوا؟

 

-       عمر أنت مش هترد علينا وهتخلينا نجري وراك كدا ولا ايه؟! ‏

 

ناداه "عدي" بنبرة متحفزة فكل ما يحدث بسبب هو وهو حتى لا يكترث أن يتبادل ولو مجرد كلمة واحدة معه هو او غيره او حتى الأطباء له والتفت بنظرة تعجب بنفس البرود المعهود عنه وأخبره بمنتهى اللامبالاة:

 

-       محدش قال لكم تجري ورايا ممكن تسيبوني عادي!

أكمل مباشرة في تبين طريق البوابة للمغادرة ‏و‏عقد "عدي" قبضتيه وهو كل ما يفكر به أن يقوم بلكمه بوجهه الذي يتضح عليه إمارات الإرهاق الشديد ولكن شفقة على حاله لم يرد أن يفعلها الآن.. قرر أن يُأجل الأمر قليلا إلى أن يتحسن، ولكنه سوف يفعلها حتما عندما يشعر انه بدأ في كونه طبيعيًا بعد كل ما عانى منه مؤخرًا!

تدخل ابن عمهما سريعا لكي يتفادى هذا الشجار الوشيك الذي على وشك الحدوث بينهما فملاحمهما توضح ذلك بتجلي هائل فقال:

-       ‏ما يصحش يا عمر، أنت ما تعرفش عدي عمل ايه عشانك الفترة دي كلها، تعالى بس نقعد نتكلم وكل حاجة هتبقى تمام.. وبعدين ناوي تروح فين من غير أي حاجة معاك، تعالى نقعد في أي مكان او حتى نروحك البيت ترتاح ونطمن عليك ونجيبلك أدويتك وممكن نبقى نتكلم هناك براحتنا!

❈-❈-❈

في نفس الوقت بفرنسا ..

شردت بصحنها والكثير من الذكريات التي لا تعتبرها سوى أسوأ ما قد تتذكره لا تنفك تعبث مع عقلها حتى الطعام اصبح حرام عليها أن تتناوله دون أن يدخل ليعوق أبسط أفعالها اليومية!

 

تارة تذهب إلى رجل هادي لائق مثالي، وتارة يصاحب مخيلاتها هذا الحقير الذي كان يطعمها مثلها كمثل حيوان أليف، ويأتي واقفًا بين كليهما هذا الوغد المجرد من الرحمة وهو يلقي لها بالأرز الأبيض خالي الطعم والرائحة لتجد نفسها تلتهم كل ما في صحنها بطريقة سريعة بالرغم من انعدام شهيتها ولكن فكرت أن تحصل على كل ما تريده وتلك التفاصيل الصغيرة التي كان يفرض سيطرته عليها بها، كان بالنسبة لها بمثابة تحقيق انتقام بينها وبين نفسها، أن تقوم ولو بأمر بسيط وتافه كهذا وهو حتى لا يراها كان انتصار مؤقت ضئيل لها!

وجدت هاتفها يهتز فوق الطاولة المتواجدة في هذا المطعم الفندقي لتلمحه بتحفز فوجدت أن المتصل هو "بسام" أخيها فأجابته على مضض وهي تعلم أنه لن يتوقف عن إلحاحه عليها بالعودة:

‏- إزيك يا بسام

-       وحشتيني اوي مش هتيجي قريب عشان أطمن عليكي

 

ألمها بنبرته الحزينة من أجلها وهي تعرف منذ زمن كم هو متعلق بها وهي بمنتهى الغباء شديد كانت تجعل هذا الوغد أولوية قبل الجميع قبل عائلتها وعملها وأي شيء أو شخص اعتادت أن تكترث به، وكل هذا من أجل العشق؟ تبا للعشق ملايين المرات، ذاك العشق الذي لا يلحق سوى الخيبة المتواصلة بصاحبه قررت لم تعتد تحتاج لمثله!

 

حاولت أن تهدأ من غضبها الشديد مؤخرا مع أخيها بطريقتها التي تدرك أنها باتت فظة للغاية ثم أخبرته بمصداقية:

-       أنت كمان وحشتني اوي كل يوم بالليل بيبقى نفسي تكون معايا غصب عني بس معلش فترة وتعدي واكيد هرجع وهكون كويسة!

-       طيب ممكن تطمنيني بقيت عاملة إيه دلوقتي

 

سألها لتتنهد هي وعسليتيها تتراقص بسخرية على ما وصلت إليه مؤخرًا ثم حاولت أن تطمئنه فقالت:

-       يعني بقيت أحسن شوية بقيت أعرف انام حبة، باكل احسن من الأول، بشتغل كمان أحسن من الأول، طمني على مامي عاملة ايه دلوقتي؟

استمعت لتنهيدته المذعنة باستسلام أمام كلماتها التي لم يقتنع بها وهو يجيبها بتلقائية:

-       الحمد لله مامي بقت أحسن بكتير، بس روري أنا ليه حاسس أن أنتِ مش بتقوليلي الحقيقة، بتحسسيني إنك عمرك ما هتبقي زي الأول ليه حاسس إنك عمرك ما هتحكي أي حاجة، أنت ناوية تفضلي كده لغاية امتى؟

 

‏تنهيدة حارة انعكست في شكل أنفاس طويلة من معاناة لا تدري متى لها النهاية منها وأخبرته مجيبة بانزعاج ونبرة لا تحتمل النقاش بغضب لم تستطع التحكم به تفلت منها بعفوية:

-       أرجوك يا بسام بطل تكلمني في الموضوع ده، أنا لما ابقا كويسه هارجع واحكي واتكلم وكل حاجة هتبقا تمام طمني بتعمل كل اللي قلت لك عليه ولا لا؟

 

رد عليها مجيبًا بالرغم لكل ما تفعله أخته:

-       بعمل كل حاجة زي ما اتفقنا، باخد بالي من مامي، وبذاكر عشان أخلص من السنة دي، بس أنا عايز اطـ

-       اوعى تنسى موضوع المحامي اللي قولتلك عليه، تتابع كل حاجة معاه وتخلي مامي يومها تمضي على كل حاجة!

 

قاطعت كلماته بنبرة نافذة للصبر دون أن تسمح له بمتابعة نفس تلك الكلمات الرتيبة منه التي باتت معتادة عليها مؤخرًا، فبكل مرة يهاتفها لا ينفك عن تكرار نفس الكلمات واسترسلت بعدها برسمية شديدة وكأنها تُلقي بالأوامر التي تنتظر من الجميع تنفيذها:

-       يوميها علا هتيجي البيت مع المحامي، وهيدوها الورق اللي عملت فيه التنازل، وأول ما تتم الواحد وعشرين كل ده هيتنقلك! وريني هتعمل ايه في كل الإجراءات دي.. لازم تبدأ تتعود على كل حاجة من دلوقتي!

 

زفر متأففًا بضيق ثم عقب قائلًا:

-       أنا مش عايز كل ده، طول عمري كان نفسي إنك تعتمدي عليا في حاجات كتيرة بس المهم إنك ترجعي واشوفك كويسة زي زمان، وبعدين أصلًا اتكلمنا في كل الكلام ده كذا مرة وكل مرة عمالة تتكلمي عن الشغل وورث بابي وكل الكلام ده ولما باجي بس اطمن عليكي بتـ

-       ما خلاص بقا يا بسام! احنا كل شوية هنعيد الكلام ده؟

 

قاطعته بحدة شديدة ليرد عليها بنفس مقدار الحدة:

-       آه كل شوية لغاية ما اشوفك كويسة، مينفعش إن يبقا فيه حاجة كبيرة حصلتلك ومتحكيليش ولا تحكي لمامي، وأنا طول عمري نفسي اشوفك سعيدة وفرحانة، وبعد ما شوفتك وانتِ مش عارفة تنامي ساعتين على بعض أو حتى تاكلي يبقا الأهم هو انتي مش الشغل ولا أي حاجة تانية!

 

ازدادت تشنجاتها بقسوة والغضب يصاحبها وشعرت أنها لا تستطيع التحكم في هذه النوبة الشديدة من القلق، هي تعرف أن كل ما تفعله، على صعيد صحتها النفسية لن يُفيد، وكل ما تحاو أن تتجاهله مما حدث سيعصف بها لاحقًا، هذه كانت كلمات طبيبان وليس واحد، وتلك العقاقير لا تعمل سوى مُسكنات وقتية لها، فامتدت يدها لتتناول واحدًا من الأدوية الموصوفة لها عندما تواجه مثل هذه الحالة وابتلعته بالقليل من الماء ثم أكملت ردت على كلماته مطنبة بصياح غاضب:

-       اللي حصل إني كنت عايزة أطلق من زمان عشان أنا وعمر مش متفاهمين ومامي رفضت وقالتلي اكمل معاه، وبعد ما حاول يقلبكم عليا بخبثه وطريقته الزفت لقاني مصممة على الطلاق، فطبعًا ده معجبهوش واتخانقنا خناقة كبيرة بس في الآخر وصلت للي أنا عايزاه! يا ريت تتعلم أنت كمان من اللي حصل معاه، وفي يوم لو اتجوزت بنت ابقا اختارها شبهك وفاهماك وتعرفها كويس وتكون صريح معاها من الأول، متبقاش تختار واحدة وتصمم تغيرها بين يوم وليلة وتوافقك على كل حاجة وتنسى كل اللي اتربت عليه، ابقا اعرفها كويس قبل ما تتجوزها ومتظلمهاش، ويوم ما تطلب منك أنكم تنفصلوا بتفاهم ابقا خليك راجل وطلقها!

 

اتسعت عينيها في ذهول وأنفاسها لا تهدأ ثم أنهت المكالمة سريعًا على فداحة غبائها الشديد، فهو لا يستحق أن تتحدث له بمثل هذه الطريقة ووضعت يدها على جبينها لتدلكه بشدة مما تلفظت به، بأي حال من الأحوال أخيها آخر من يفترض أن تعامله هكذا بعد دعمه الهائل لها.. ولكن الإلحاح لا ينفع معها أبدًا..

 

نهضت بانزعاج وهي تجذب حقيبتها وتوجهت لركن المشروبات بنفس المطعم الذي يقع في الفندق الذي تمكث به وملامحها يُسيطر عليها الوجوم وتعرف أن الوقت ما زال مُبكرًا لما تقدم عليه وأنها عاهدت نفسها أن تتناول المشروبات بعطلات نهاية الأسبوع فقط ولكنها احتاجت لمزيد من ذلك السائل الحارق لعلها تثمل وتنسى كل ما تعرضت له لتتحدث بالفرنسية باقتضاب:

-       كوكتيل بوبي بيرنز مع جرعة مضاعفة من الويسكي!


❈-❈-❈

ألقى بهذا الشطيرة المغلفة له بداخل حقيبة بلاستيكية تحمل مسكن لصداع رأسه بصحبة الأدوية الأخرى وقنينة صغيرة من المياه ليلتقط الحقيبة منه بردة فعل فجائية بينما أخبره بنفاذ صبر:

-       كل وخد دواك عشان متقوليش مصدع!

 

رمقه بتحفز بينما استمر "عمر" في صمته وتفقد ما احضره له وهو يستند على سيارة أخيه وبدأ في تفقد هذه اللعنة، لم يكن يومًا من معجبين المأكولات السريعة، هذا ليس طعام، بل دعوة صريحة للغثيان! أهم شيء الآن أن يتناول ما يُسكن صداع رأسه فلقد أصبح هذا الألم غير قابل للاحتمال!

 

-       بص أنا ما صدقت مشيت أنس عشان نعرف نتكلم براحتنا، مظنش إن بعد كل الفضايح دي هتبقا حاجة كويسة تزود فضايحك، ركز كده كويس معايا عشان مش هاعيد كلامي مرتين، وزمان بابا هيتجنن من اللي احنا عملناه!

 

تناول نفسًا مطولًا ثم بدأ في قص كل ما حدث بمنتهى الاختصار:

-       روان كانت بعتتلي رسايل وفجأة لما جيت افتحها مالقتهاش، بعديها بيومين المربية بتاعتها كلمتني، ووصلتني لعلا، أنت الكاميرات جابتك وأنت بتخدرها وأنت بتتكلم معاها.. والفيديو ده موجود مع البنت نفسها.. وساعتها ابتديت ادور عليكم أو افهم انت ليه عملت كده والمُربية بتاعتها مكنتش تعرف غير ان فيه ما بينكم مشاكل وخلاص!

 

نظر له باحتقار وغضب لا يوصف وتابع والكلمات تتقاذف من فمه بتقزز تجلى على ملامحه:

-       سمعت اللي في الفيديو، وعرفت موضوع الورق اللي مع علا، وحاولت بأي طريقة اخليها متقدمش بلاغات أو تاخد أي اجراء وخوفت وروحت قولت لبابا.. وكان كل رد فعله إنه سألني فين الفيديو فبدل ما اؤذي البنت اللي بتشتغل عندها قولتله إنه معايا، يومها كان عدا حوالي ست أيام، وهددني إن الفيديو ده لو وصل لحد يبقا بتحداه وإنه هيأثر على سمعته مش سمعتك أنت بس!

 

ست أيام بالإضافة إلى يومين، ما الذي كان يحدث لها وقتها؟! لقد أحضر لها عقربًا ليلدغها في ذلك الوقت بعد أن مكثت بتلك الغرفة البيضاء، يا تُرى كيف تخطت كل ما حدث؟!

 

لاحظ أخيه شروده فناداه لأكثر من مرة بينما لم يستجب له فقام بلمس كتفه:

-       عمر، قولتلك ركز معايا عشان مفيش وقت.. أنت سرحان وأنا بكلمك ولا كأني قدامك؟

 

انتبه له وهو ينظر له نظرات مختلطة مستفهمة، لا يدري هل يستغرب شروده أم يستغرب ما سمعه، وعلى النقيض من تفكيره سأله باقتضاب:

-       هي بقت كويسة؟

 

لأول مرة ينطق بشيء منطقي نوعًا ما، ولكنه لا يدري بم يجيبه، هو لا يعرف حتى كيف له أن يحدد هذا:

-       مش عارف.. بس سيبني اكملك عشان أنت اللي هتعرف تتصرف مع بابا، وكمل اكلك وحاول تفوق شوية!

 

نظر له بشفقة ممزوجة بانزعاجه من نفسه، لقد كان قاسيًا معه منذ استيقاظه ولكن كل ما حدث له بسببه بتلك الأيام الماضية لم يكن بشيء هين على الاطلاق فزفر ثم تابع:

-       في نفس اليوم اللي روان بعتتلي فيه الرسايل يونس قابلني الصبح، وكنا اصلًا اتقابلنا كذا مرة كنت فاكره عايزني في شغل، بس في الآخر قالي إنه من يوم ما شاف عنود على العزومة اللي كنت عاملها لينا كلنا وهو معجب بيها وعايز يتقدملها وحاول الأول مع روان إنها تكلمها وبعدين حاول معاها هي كمان وموصلش لحاجة!

 

ذلك اليوم صباحًا، يا لها من ذكرى سيندم عليها، هو يتذكر صباح ذلك اليوم بكل ما يحمله من تفاصيل، كان وقتها يظن أنه امتلك العالم بأكمله بين يديه بعد أن تغيرت علاقتهما كثيرًا، ألا يمكنه العودة لذلك اليوم؟ سيبقى معها للأبد ولن يذهب أبدًا!!

 

لوهلة ارتاب عقله المريض ما إن كان هذا الأمر مُخطط له ثم سأله باقتضاب:

-       وبعدين؟

 

وجد أنه بدأ يستجيب لحديثه فأكمل:

-       ليلتها روحت سألت عنود، وقولتلها تفكر وتديني، وخصوصًا إني شايفه راجل كويس وشاطر ومش خنيق، وساعتها دماغي راحت في إنك اخترت العيلة دي واكيد هم ناس كويسة، وعلى فكرة عنود عرفتني بعدها إنه راحلها مرتين الجامعة وهي كانت بترفض تكلمه وحاول مرة يخليها تقابله وروان كانت معاهم وفي اليوم ده أنت روحتلهم وكلكم روحتوا على البيت!!

 

بدأت كل تلك الأحداث التي حدثت تبدو منطقية بعض الشيء وعقله يتذكر يوم أن قام رجال الأمن بإخباره أنهما كانا معًا، بعد أن آتى لزيارتها فجأة بالمنزل، يا لغبائه، لقد كانت أخته ترتجف هذا اليوم وكلماتها بأكملها متلعثمة والخوف يتضح عليها، لماذا لم يُثر هذا ريبته تجاه وجود شيئًا ما بينها وبين "يونس"!! هذا المخنـ ث اللعين!!

 

-       ببساطة عشان مطولش في كلام كتير، حاولت الاقي أي حاجة في البيت عندك توصلني ليك معرفتش، ودخلت الأوضة الغريبة بتاعتك!

 

توقف عن الكلام وأمسك لسانه وهو ينظر له بالعديد من التساؤلات ومزيج من احتقار وتقزز لم يمكنه أن يتغاضى عن اطلاقه من عينيه ثم حدق بالأرضية مُكتفيًا بما فعله وتابع كلماته:

-       هدى قالتلي إن روان عرفتها إن أنس ورضوى ممكن يساعدو لو حاجة حصلت، واضطرينا ندور من ورا بابا عشان مفيش حاجة تحصله، وقدرنا نوصل لغاية العربية اللي سيبتها وبدلت وركبت عربية تانية.. وغصب عني كل المكالمات من أهلها ومربيتها وعلا لقيت نفسي متعصب وأنا مش عارف الاقي حل والأيام بتعدي روحت وشديت معاه في الكلام..

 

تريث لبرهة وتفقد ملامحه المستكينة للغاية وهو بالكاد يُكمل شيء من طعامه فأردف لكي ينتهي من هذا الحديث:

-       كلم مامتها يومها وهداها بكلمتين.. وبعدها كل حاجة عدت بسرعة، روان رجعت وعرفنا إنك في غيبوبة، وبابا راحلها، حاولت افهم منه حصلها ايه كالعادة طلعك أنت الصح وهي الغلط من غير حتى ما يفهم فيه ايه..

 

تنهد مترددًا من المتابعة في حديثه ولكن كان عليه أن يوصل كل المعلومات كاملة حتى يُمكنه في التصرف مما أوشك على الحدوث:

-       حاولت اروحلها أنا وأنس ورضوى وعنود، سمعناها بتصرخ واخوها قالنا انها مبتنامش وكل ما تحاول تنام تصحى على كوابيس من يوم ما رجعت وتعبانة ومش بتاكل ومامتها لما شافت منظرها جالها أزمة قلبية!

 

عقد حاجباه وهو يبتلع مما استمع له وآلاف من الأفكار تلاطمت على ثنايا عقله مما توصلت له، وابتلع وهو يلقي ما تبقى من طعامه بتلك الحقيبة وشاهد أخيه صدمته الواضحة على وجهه ثم أخبره:

-       بابا ميعرفش إنك كلمتني قبل ما تعمل اللي عملته، وكنت مستني افهم من روان ايه اللي حصل أو حتى افهم بابا أتكلم معاها في ايه بس ساعتها كانت منهارة وشكلها مش طبيعي وقالت انكم اتطلقتو ومبقاش فيه حاجة تربط بينكم وانك حاولت تموت نفسك.. تقدر تقول طردتنا برا بيتها!

 

حك نهاية شعره وملامحه تحولت تلقائيًا للشفقة على حاله ولكنه لم يغفل عن كل ما حدث بسببه وهو يتذكر ملامحها المنهارة وتلك الطريقة التي كان أخيها يحدثه بها اثناء مكالمتاهما وأطنب:

-       الموضوع كان صعب، أهلها مش عارفين فيه ايه واخوها كان هيموت من القلق عليها، وأنت في غيبوبة، مكونتش عارف اتصرف في أي حاجة.. ساعتها كلمت رضوى وأنس تاني عشان مراته تحاول تتفاهم مع الدكاترة، قالوا إنك في غيبوبة ولازم حد ياخد القرار، وأنت مش موصي بأي حد قريب ليك ياخد القرارات دي بدالك، وبما إن بابا هو اللي نقلك المستشفى كان القرار في ايده.. وفضلنا أيام نفكر نعمل حاجة زي دي ولا لأ، وبابا اصلًا هيوافق ولا لأ.. وعلى ما قدرنا نوصل لحد جوا المستشفى كل ده اخد وقت طويل.. وكنا مترددين نعمل حاجة زي دي لأن كنت ممكن متفوقش.. عمر بص..

 

توقف عن الكلام وهو ينتقي كلماته بعناية وهو يوصل إليه الأخبار السيئة وأكمل بعقدة حاجبان من شدة تأثره بذلك اللغم الذي أوشك على الانفجار:

-       بابا عايز يتهم روان بمحاولة قتلك، واحنا عرفنا الموضوع ده بطريقة غير مباشرة.. واللي عارفه عنه إنه مكنش هياخد القرار ويفوقك إلا لما يمشي في القضية! وروان سابت البلد كلها ومشيت.. بس قبل ما تمشي كلمتني مرة واحدة بس!

 

ابتلع وهو لا يريد أن يخبره بالمزيد، فالأهم الآن هو أن يحاول منع والده عن اكمال هذه القضية وايقافها بأي طريقة من الطرق تمكنه من انهاء هذه المهزلة:

-       أنت لازم تلحق بابا وتفهمه إنها مالهاش ذنب واننا كان لازم نفوقك.. وأنا فاهم إنك ظلمتها، يا إما مكونتش كلمتني وسألتني على موضوع يونس وعنود.. أنا اكتر واحد عارف أنت بتغير ازاي من أيام ما يمنى كانت معاك في الجامعة! روان مكدبتش مش كده؟ أنت فعلًا اللي حاولت تضرب نفسك بالمسدس وكنت عايز تنتحر؟

 

لم ير على ملامحه سوى الوجوم والغرق في التفكير بعد أن أخذ كل هذه التفاصيل دفعة واحدة دون هوادة ولم يجد إجابة على اسئلته سوى بعد مُدة طويلة وهو يقول بصوت بالكاد يُسمع:

-       مش عارف!

 

عقد حاجباه وهو يرمقه باستغراب ليستنكر منه ساخرًا:

-       يعني ايه مش عارف، انت طلقتها وحاولت تموت نفسك ولا لأ؟

 

تذكر ما حدث يومها وهو لا يدري كيف فعلها، نعم هو يتذكر الأحداث، ولكن اندفاعه الشديد يومها باتخاذ هذه القرارات سريعًا من طلاق وقتل لنفسه وذلك التشويش الشديد عند معرفة أمر "يونس" وأخته جعله كل شيء يندفع، يا ليته نجح بقتل نفسه لكي ينتهي من كل هذا!

 

-       ايوة أنا عملت كده بس..

 

ابتلع وهو يحاول صوغ المزيد من الكلمات وعقله لا يواكب ما يستمع له بسهولة ليزفر بإرهاق وسأله:

-       هي روان سافرت فين؟ هربانة يعني؟ وهي قالتلك ايه لما كلمتك؟

 

تفقده بغلٍ شديد لبُرهة من الوقت وتذكر مكالمتها معه ثم اجابه بتساؤل:

-       حاسس إنك احسن؟

 

أومأ له بالموافقة وبدأ صبره في النفاذ وألقى بالحقيبة داخل السيارة ثم سأله مجددًا:

-       قالتلك ايه؟

 

تذكر ذلك الثأر بينهما منذ آخر مرة رآه بها وكل ما عايشه بسببه ليتأكد مرة ثانية:

-       متأكد إنك بقيت كويس والصداع راح ومبقتش دايخ ولا تعبان؟

 

أطلق تأتأة واجابه حانقًا:

-       بقيت كويس، اخلص، هي قالتلك ايه قبل ما تسافر!

 

أومأ له بالموافقة وتمتم:

-       طيب حمد الله على السلامة!

 

اقترب منه ليتفقده "عمر" باستغراب لاقترابه ليباغته الآخر بلكمة قوية بوجهه جعلت صداع رأسه يعود من جديد ليرمقه بغضب وأسنانه كادت على التهشم من فعلته وبداخله لم يُرد سوى أن يرد الصاع له أضعافًا مضاعفة بينما الآخر شعر بالراحة الهائلة لتلك اللكمة التي يستحق الكثير منها على ما فعله!


يُتبع..