-->

رواية تعويذة العشق الأبدي - بقلم الكاتبة سمر إبراهيم - الفصل الخامس

 

رواية تعويذة العشق الأبدي 

بقلم الكاتبة سمر إبراهيم





الفصل الخامس 

رواية

تعويذة العشق الأبدي 




"أنتِ لست الوحيدة التي خلقها الإله في الدنيا لكنكِ أنتِ الوحيدة التي خلقها الإله في قلبي"

《الملك أخناتون مخاطبا زوجته نفرتيتي》



يجلس في غرفته ممسكًا بهاتفه مستغلًا عدم وجود زوجته في المنزل، وتأخرها في العمل كعادتها هذه الأيام؛ ليحاول الإيقاع بتلك الفتاة الجديدة، فلقد سأم  كثيرًا من وعد وتجاهلها له منذ اختفاء شقيقتها،  فلتذهب إلى الجحيم إذن، وتأتي أخرى بل أخريات بدلًا منها، فمن وجهة نظره لا توجد فتاة يستحيل الوصول إليها، لكل منهن مفتاح وهو يملك كافة المفاتيح ويعلم كيف يدخل إليهن ويوقع بهن بمنتهى السهولة، فصدق من قال إن الشياطين ليست من الجن فقط فشياطين الإنس أكثر دهاءًا ومكرًا.


بدأ في إلقاء شباكه عليها ينتظر أن تلتقط الطُعم، وكعادته يرتدي قناع البراءة الزوج المخدوع الذي خانته زوجته وتركته من أجل رجل آخر بعد أن أعطاها كل شيء ف فقد الثقة في جميع النساء، وينتظر أن تأتي من تستطيع إخراجه من شرنقته ليستعيد ثقته ببنات حواء من جديد.


ابتسامة خبيثة لم تصل لعينيه ارتسمت على وجهه عندما وجد الفريسة قد التقطت الطعم بأكمله ومستعدة للانتقال للمرحلة الثانية مرحلة بناء الثقة وأنهما شخص واحد ولا فرق بينهما.


قطع رنين الهاتف اندماجه بالحديث مع ضحيته الجديدة فنظر إلى شاشته في لامبالاة ليرفع حاجبه الأيمن في تعجب عندما رأى شاشته تنير بإسم وعد فقلب عينيه في ملل وتركه دون أن يجيب عليها فلتتذوق إذًا ما شعر به عندما كانت تتجاهل محاولاته لمهاتفتها.


أشعل لفافة من التبغ وأخذ ينفث دخانها في استمتاع وهو يراها تعيد الاتصال به مرارًا وتكرارًا فوضع الهاتف على وضع الصامت لكي يتفرغ لذلك الصيد الجديد.



❈-❈-❈


كاد قلبها أن يتوقف من فرط سعادتها عند سماعها لصوت شقيقتها وكأنها قد عادت إلى الحياة مرة أخرى بعد ثبات طويل وبعد أن أنهت المكالمة معها كان هو أول من خطر على ذهنها فلقد تجاهلته بطريقة فظة طوال الشهرين المنصرمين ولم ترد على جميع مهاتفته حتى يئس منها وتوقف عن مهاتفتها.



طلبت رقم هاتفه وانتظرت إلى أن انتهى رنينه ولكنه لم يجيب فحاولت لعدد لا بأس به من المرات إلى أن تملكها اليأس من رده عليها  وبعد مرور ما يقرب من نصف ساعة قررت أن تهاتفه لمرة أخيرة عله يجيب عليها.


نفخت خديها في يأس وكادت أن تغلق الخط ولكن جاءها صوته في آخر لحظة، يتصنع النعاس ليجيب عليها باقتضاب وفتور أجاد صنعه.


-  ألو


ابتسامة بلهاء ارتسمت على وجهها عندما استمعت لصوته أخيرًا وردت عليه في لهفة تعكس شوقها لسماع صوته.


-  ألو، أيوة يا أحمد عامل إيه؟ آسفة لو كنت صحيتك من النوم.


قالت ذلك ونظرت في ساعة يدها لترى أن الساعة لازالت العاشرة مساءًا وليس من عادته النوم مبكرًا فأكملت قائلة:


-  الساعة لسة عشرة وأنا عارفة انك مبتنامش بدري علشان كدا اتصلت بيك.


جاءها رده بمزيد من الفتور وبلهجة يغلب عليها اللوم لتركها له كل هذه المدة وهو لم يعتاد على ذلك من إمرأة من قبل فلقد ترك جميعهن بعد أن وصل لغايته منهن:


-   عادي كنت نايم أصل فيه حاجات كتير اتغيرت في الشهرين اللي فاتوا وانتى متعرفيش عنها حاجة.


وصلتها رسالته جيدًا لتجيب عليه في محاولة منها لتبرير موقفها عما حدث:


-  غصب عني والله يا حبيبي انت عارف اللي حصل واللي كنت بمر بيه الأيام اللي فاتت دنا كنت في حالة ما يعلم بيها إلا ربنا وحقيقي مكنتش قادرة اتكلم مع أي حد نهائي.


عقب على كلمتها الأخيرة بعلامة استفهام:


-  أي حد؟ أنا بالنسبالك  أي حد؟


أدركت مدى سوء ما تفوهت به بحسن نية منها لتحاول تبرير ما قالته:


-  لا طبعا انت مش أي حد أنا خانّي  التعبير مش أكتر حقك عليا.


لوى فمه كعلامة للسخرية  وعدم تقبله حديثها وتحدث بمزيد من اللامبالاة:


-  ويا ترا إيه اللي اتغير دلوقتي وخلاكي تتكلمي وتتعطفي وتكلميني ولا خلاص حزنك على أختك خلص وقررت تنزليني من عالرف اللي كنتي حطاني عليه.


تجاهلت لغة السخرية في حديثه لتجيبه في لهفة لتسرد له ما حدث منذ قليل:


-  مش هتصدق اللي حصل، أنا لحد دلوقتي مش مصدقة  وحاسة إني بحلم، أختي عهد عايشة الحمد لله ولسه مكلماني انا وماما دلوقتي وطمنتنا عليها، أنا فرحانة أوي، أوي يا أحمد انت مش متخيل احنا حالتنا كانت عاملة إزاي الشهرين اللي فاتوا إحنا كنا عاملين زي الأموات ومكالمتها لينا ردت فينا الروح.


لم يرد على حديثها سوى بكلمة واحدة تدل على عدم اهتمامه بكل ما قالته:


- مبروك.


تآكلها الغيظ من طريقته الفظة معها حتى بعد أن أوضحت له ما حدث فلقد كانت تظن أنه سيكون متفهمًا أكثر من ذلك ولكنها تفاجأت بطريقته تلك:


-  هو ده اللي ربنا قدرك عليه يعني الحق عليا اني مفكرتش في حد تاني  أكلمه لما عرفت الخبر عشان يشاركني فرحتي وفي الآخر ألاقي طريقة كلامك دي.


قلب عينيه في ملل من طريقتها هذه وتحدث إليها بعتاب زائف:


-  عايزاني أكلمك إزاي يا وعد؟ بعد ما حسستيني إني كم مهمل في حياتك ورفضتي وقوفي جنبك في ظروفك دي وعايزة لما تكلميني أجري أخدك في حضني من غير ولا كلمة عتاب حتى.


حاول التحدث بتلك النبرة المهتمة متصنعا اختناقه بالبكاء قدر استطاعته:


-  انتي مش متخيلة حالتي كانت إزاي الشهرين اللي فاتوا وأنا مش عارف أوصلك ومش عارف حصلك إيه؟ وليه مش بتردي عليها؟ زي ما أكون على الهامش بالنسبالك و دلوقتي جاية وعايزاني أتعامل ولا كأن حاجة حصلت؟ آسف جدا مش هقدر أعمل كده لأني إنسان مش روبوت هدوس على زرار ألغي بيه كل اللي حصل وأكلمك وكأنك معملتيش حاجة.


توقف عن الحديث ليتصنع النشيج وكأنه يبكي بالفعل ثم أكمل بصوت متقطع من كثرة بكاؤه الكاذب:


-  انتي متعرفيش كنت حاسس بإيه وأنا فاكر انك سيبتيني من غير سبب،  انتي من غير ما تقصدي رجعتيلي كل الذكريات الوحشه اللي عشتها قبلك واللي كنت فاكر إنك عمرك ما هتعيشيهالي من تاني، انتي جرحتيني أوي فوق ما تتخيلي.


تأثرت كثيرا بحديثه ونبرة صوته وبكائه التي هي السبب فيه فبكت هي الأخرى تاثرًا بحديثه وتحدثت من بين شهقاتها:


-  حقك عليا أنا مقصدتش أعمل كدا كان غصب عني والله متزعلش مني.


تحدث ولازال صوته يحمل آثار البكاء وعلى وجهه تلك الابتسامة الخبيثة التي دائما ما ترتسم على وجهه عندما يظفر بصيد جديد:


- ماشي يا وعد هحاول أسامحك بس لو الموضوع ده اتكرر تاني اعتبري كل اللي بينا انتهى انا مش عجلة استبن في حياتك.


فرحت كثيرًا لكونه سامحها أخيرًا فلقد كان قلبها يدق كالطبول لدرجة أنها كانت تسمع دقاته من كثرة سعادتها وتحدثت بحماس بالغ:


-  أوعدك يا حبيبي إني عمري ما هزعلك تاني أبدَا.


ابتسم ابتسامة لم تلامس عيناه وتحدث إليها بنبرة لا تحتمل الرفض.


- طب اتفضلي صالحيني اما اشوف هتعرفي تصالحيني ولا لأ.


احمر وجهها خجلًا لفهمها ما يرمي إليه واستجابت له في النهاية وفعلت ما يريد عله يصفح عنها جهلًا منها لما يخبئه لها هذا الذئب البشري.


❈-❈-❈


أنهت حديثها معه، وخرجت من غرفتها؛ لتأخذ حمام ساخن تزيل به آثار ما فعلته منذ قليل، ثم ذهبت لترى هل لازالت والدتها مستيقظة أم جفاها النوم مثلها، وبالفعل وجدتها مستيقظة، تجلس على سجادة الصلاة تصلي وتشكر ربها على كرمه معها لتشعر وعد بغصة في قلبها واعتراها إحساس بالذنب لأنها بدلًا عن فعل ذلك كوالدتها ذهبت وفعلت ما فعلته.


ظلت تراقب والدتها في صمت لتراها بعد أن أنهت صلاتها تحضر ألبوم صور خاص بعهد كان موضوع بجوارها وأخذت تشاهد الصور وهي تبكي وتضحك في نفس الوقت ولم تشعر بمن تقف تشاهدها على باب الغرفة.


 ذهبت لتجلس بجوارها وأخذت تربت على ظهرها ثم مسحت دموعها وحدثتها بنبرة حنونة:


- إيه يا ماما بتعيطي ليه دلوقتي؟ مش الحمد لله اطمنا على عهد لازمته إيه العياط  بقى؟ و منمتيش ليه لحد دلوقتي؟


نظرت إليها بحب وعلى وجهها ابتسامة غابت لمدة طويلة:


- دي دموع الفرح يا بنتي، أنا والله مش مصدقة اني سمعت صوتها وإنها بخير وخايفة أنام واصحى ألاقي دا كله كان حلم.


مسدت على يدها بعطف وتحدثت إليها بمرحها الذي غاب لمدة طويلة في محاولة منها  أن تبث بها بعض الطمأنينة:


- متخافيش يا حبيبتي دا حقيقة مش حلم وعهد بخير والحمد لله، فرفشي بقى يا سموحتي  وقومي معايا يلا نقعد في الصالة وهاتي ألبوم الصور ده معاكي و هعملك شوية فشار إنما إيه عنب ونقعد بقى نتفرج عالصور وتحكيلي حكاية كل صورة وعهد اتصورتها ازاي.


جلسا سويًا يتسامران ويضحكان لعدة ساعات دون أن يشعرا بالوقت إلى أن تعدت الساعة الثالثة صباحًا ليقطع حديثهما صوت باب الشقة وهو يُفتح ويظهر منه هذا الذي دخل يترنح لا يستطيع الوقوف أو السير بشكل صحيح ليتفاجأ بجلوسهما أمامه ينظران إليه نظرات مبهمة فارتد خطوتين للخلف وتحدث بدهشة:


- سلام قولًا من رب رحيم، إيه اللي مقعدكم زي عفاريت العلبة كده؟ قطعتوا خلفي الله يقطع خلفكم.


قامت سميحة لتأخذ بيده تحاول أن تقعده على أقرب مقعد ولكنه أبعد يدها عنه بعنف وتحدث بتلعثم وهو يترنح وينظر إليها بعيون حمراء للغاية من كثرة ما تناوله من هذا المخدر المشهور في المناطق الشعبية والمعروف باسم "الحشيش" والذي اعتاد على تناوله يوميًا منذ سنوات عديدة إما بالمنزل أو مع أصدقائه:


- جرا إيه يا ولية انتي فكراني كبرت وعجزت وعايزة تسنديني ولا إيه؟ لا دنا لسة بصحتي واقدر اتجوز الصبح بدل الواحدة تلاتة.


قال ذلك وهو يخبط بقبضته على صدره ليصيبه سعال شديد فأخذت سميحة تضرب على ظهره حتى يهدأ وسايرته في الحديث فهي تعلم أنه لا يعي معظم ما يقول:


- طبعا يا خويا قطع لسان اللي يقول عليك كبرت دنا بس كنت عايزاك تقعد علشان أقولك خبر هيفرحك أوي وخوفت يجرالك حاجة من كتر الفرحة.


لوى ثغره ونظر إليها بلامبالاة وتحدث بسخرية:


- وهو انتوا يجي من وشكم أخبار تفرح خير يختي اشجيني.


لم تعلق على حديثه المتهكم وحدثته بفرحة عارمة:


- عهد يا سي عادل عهد.


لم يدعها تكمل وقطع حديثها بتحفز:


- مالها مقصوفة الرقبة؟ إيه لقوا جبتها أخيرًا ولا لسة؟


لم تصدق ما سمعته منه لترد عليه باندفاع وهي تضرب بيدها على صدرها:


- يالهوي على كلامك بعد الشر عليها تف من بوقك.


أمسك يدها بقوة وهو يهزها بعنف:


- ما تخلصي يا ولية وتقولي مالها ست زفته طيرتي الحجرين من نافوخي جاتك القرف في سحنتك.


أمسكت بذراعها بألم وتحدثت وهي تحاول تخليصه منه:


-  عهد كلمتنا يا خويا وهي كويسة وبخير الحمد لله مجرالهاش حاجة.


لم يظهر عليه أي رد فعل سواء فرحة أو غيره وقام بدفعها بعيدًا عنه لتقع بعنف على الكرسي الذي كان بجوارها:


- وهو ده بقى الخبر اللي يفرح جاتكم البلا في أخباركم اللي ذي وشكم قال وانا اللي قولت كسبنا مليون جنيه ولا حاجة.


قال ذلك ثم نظر إليها بِشَر:


- وكانت فين مقصوفة الرقبة المدة دي كلها أكيد كانت بتتسرمح على حل شعرها ما هي مالهاش ظابط ولا رابط.


شهقتين خرجتا من وعد وسميحة في وقت واحد لتتحدث سميحة وهي تضرب على صدرها ضربات متتالية:


-  يامصيبتي انت اللي بتقول كدا عن عهد وانت تعرف برضه انها ليها في المشي البطال. 


- أومال كانت فين يختي بقالها شهرين من غير لا حس ولا خبر؟


أجابته بتأثر وعينان اغرورقت بالدموع:


-  دي كانت يا قلب أمها بين الحيا والموت عملت حادثة وطول المدة دي كانت في غيبوبة ومش دريانة بالدنيا.


رد عليها وهو يتجه نحو غرفته ويشير بيده كعلامة على عدم اهتمامه:


- طيب يختي حمدلله على سلامتها، تعالي معايا الأوضه بقى علشان عايزك في حاجة.



قال ذلك وهو يلقي إليها نظرات ذات مغزى لتشعر بالحرج الشديد لقوله ذلك أمام ابنتها وذهبت خلفه دون أن تتفوه بكلمه.


كان كل ذلك على مرأى ومسمع من وعد التي لم تتدخل في الحديث تجنبًا لرد فعل والدها التي تتحاشاه بكل الطرق، وقامت من مقعدها وهي تضرب كف على كف متعجبة وناقمة على ما استمعت إليه؛ لتستمع لصوت والدتها أثناء مرورها من أمام الغرفة الملاصقة لغرفتها هي وعهد  وهي تتحدث بصوت منخفض:


- يا راجل عيب ميصحش كده البت قاعدة برا استنى شوية على ما تدخل اوضتها.


ثم استمعت لصوت أبيها المرتفع نسبيًا:


- ولا يصح ولا ميصحش انجزي يا ولية ومتبوظيش الليلة اكتر من كده مش كفاية طيرتي الحجرين بكلامك الماسخ.


هزت رأسها يمينًا ويسارًا في سخط منا سمعته ودخلت غرفتها وهي تستمع لصوت الفراش الخاص بوالديها وهو يهتز بقوة كعادته عندما يحدث بينهما علاقة كما اعتادت على سماعه منذ أن كانت طفلة غير مدركة لما يحدث.




❈-❈-❈




في اليوم التالي.


كانت تعد الساعات بل الدقائق حتى يأتي الصباح؛ لتذهب على أول طائرة لرؤية صديقتها، فهي إلى الآن لا تصدق أنها على قيد الحياة بعد أن تملك منها اليأس، وصدقت أنها قد فقدتها إلى الأبد؛ فعهد بالنسبة إليها بمثابة شقيقتها التي لم تنجبها أمها فلولا وجودها في حياتها كانت ستعيش وحيدة دون أشقاء، أو أصدقاء، فلقد اعتادت على وجود أصحاب المصالح حولها في كل مكان ينشدون صداقتها طمعًا في منصب والدها سيادة الوزير.


 كانوا جميعا يتملقون لها ويخطبون ودها فقط من أجل والدها أما عهد فهي الوحيدة التي لم ترد منها أي شيء، ورغم سوء حالتها الاجتماعية إلا أنها دائمًا ما كانت عزيزة النفس تأبى أن تأخذ مساعدة من أحد، وكانت كلما عرضت عليها أن تساعدها بأي طريقة كانت ترفض بإباء وعزة نفس قَلما وجدت في هذه الحياة.


هبطت الطائرة في مطار الأقصر وذهبت مباشرة إلى الفندق الذي أعطتها عهد عنوانه وعندما وصلت للبهو هاتفتها فأرسلت إليها الممرضة لتحضرها إليها والتي أوصلتها إلى باب الغرفة ولم تدخل معها لتترك لهما مساحة للتعبير عن مشاعرهما.


لم تصدق عينيها عندما دخلت الغرفة ورأتها أمامها  فقامت بإلقاء الحقائب من يدها وركضت إليها  وعانقتها وهي تبكي بلا توقف وتحدثت من بين شهقاتها دون أن تفرق عناقهما:


-  انتي قدامي بجد ولا  بيتهيألي؟ أنا لحد دلوقتي مش مصدقة انك عايشة بعد ما كلنا فقدنا الأمل إننا نشوفك من تاني انا من ساعة ما كلمتيني امبارح وانا خايفة أنام خايفة يكون حلم وأصحى منه ألاقي كل ده محصلش وانتي مش موجودة. 


لم تستطع عهد أن تمنع دموعها هي الأخرى وربتت على كتفها تحاول تهدئتها وحدثتها من بين بكائها:


-  بطلي عياط بقى يا بت انتي منا قدامك أهه كويسة وزي الفل، عمر الشقي بقي يا ستي واختك زي القطط بسبع ترواح راحت واحدة فاضل ٦ متخافيش قاعدة على قلبكم هروح فين يعني؟


هدأت قليلًا ورفعت رأسها تنظر إليها لتلاحظ شحوب وجهها ونزول وزنها بشكل ملحوظ للغاية ولكن ذلك غير مهم طالما هي على قيد الحياة فتحدثت وهي تبتسم ابتسامة مختلطة بالبكاء:


-   طب بذمتك انتي عندك دم؟ يعني كنا هنموت من خوفنا عليكي وانتي ليكي نفس تهزري دا انتي غلسة يا شيخة.


قالت ذلك واتبعت قولها بضربة خفيفة على رأسها من الخلف لتتألم عهد ولكنها لم تظهر ذلك وحدثتها بخفة دمها المعهودة:


-  ما بالراحة يا حاجة إيدك دي ايه مرزبة راعي إني لسة قايمة من غيبوبة ضربة غبية زي دي كمان هترجعني ليها تاني ويا عالم هفوق منها امتى وانتوا حرين بقى وقد أعذر من أنذر.


ضحكت رهف من بين دموعها واحتضنتها مرة أخرى وقالت وهي تمسح على ظهرها:


-  بعد الشر عليكي يا حبيبتي ان شالله اللي يكرهك.


هدأت قليلًا واعتدلت في جلستها وحدثتها في لهفة:


-  احكيلي بقى بالتفصيل الممل إيه اللي حصل من آخر مرة اتكلمنا فيها مع بعض قبل اختفائك بيوم لحد دلوقتي؟


تنهدت بقوة وبدأت تقص عليها ما حدث منذ افتتاح المقبرة وسقوط البروفيسور ويليام إلى أن فاقت من تلك الغيبوبة بالأمس لتجد نفسها في ذلك الفندق بدلًا من المشفى ولكنها غفلت عن إخبارها بما حدث لها داخل المقبرة ولكنها أخبرتها عن تحدثها بتلك اللغة الغريبة عندما وقعت عينيها عليه وبذلك الحلم الغريب الذي حلمت به أثناء نومها لتتعجب رهف كثيرًا من ذلك ولكنها حاولت طمأنتها حتى لا تشغل تفكيرها بتلك الأشياء:


-  يمكن ده من أثر الغيبوبة متاخديش في بالك بكرة لما تخفي وتستعيدي صحتك إن شاء الله كله هيبقى تمام.


حاولت أن تقنع نفسها بهذا الكلام علها تهدئ من تلك الأفكار التي تتواتر على عقلها منذ استيقظت من نومها، وتحدثت بكثير من التأثر وهي تسألها عن حال عائلتها:


-  المهم طمنيني على ماما ووعد عاملين إيه؟ وحالتهم كانت عاملة إزاي في غيابي؟


ظهر التأثر على وجه رهف عند ذكر والدتها وشقيقتها فلقد كانوا في حالة يرثى لها بالفعل وأجابتها بصدق:


-  والله يا عهد كانت حالتهم صعبة جدا الله يكون في عونهم ماما سميحة كانت مبتبطلش عياط ليل ونهار ووعد كانت ديما قافلة على نفسها وانعزلت عن العالم وبطلت تكلم الناس أو تروح الشغل لفترة كبيرة لولا…


سكتت من تلقاء نفسها قبل أن تكمل حديثها وتخبرها بما فعله والدها عندما رفضت وعد الذهاب إلى العمل فجعدت وعد جبهتها وحثتها على الحديث قائلة:


-  سكتي ليه؟ لولا إيه؟


لتقرب ما بين حاجبيها عندما نظرت إليها رهف نظرة هي تعرفها جيدا وعقبت في غضب:


 - أوعي تقوليلي أن عادل اتعرضها، أو مد إيده عليها.


علمت الإجابة من صمت صديقتها و نظرها للأسفل لتستشيط غضبَا وتتحدث من بين أسنانها:


-  ماشي يا عادل ال… افوق بس وأرجع لك وساعتها هشوف ازاي تمد إيدك على واحدة منهم.


حاولت رهف تغيير الموضوع حتى لا يؤثر ذلك على صحتها وتمرض مرة أخرى فهي لم تتعافى بعد فتحدثت بكثير من الحماس:


-  نايمة انتي في العسل ومعرفتيش اللي حصل في المقبرة في غيابك.


استجابت عهد لمحاولة صديقتها علها تهدئ من غضبها قليلًا وتحدثت بكثير من الفضول لمعرفة تفاصيل ما حدث:


-   قرأت حاجات غريبه على النت وكلام أهبل كدا عن لعنة فراعنة ووقف الشغل وقفل المقبرة كلام عجيب كدة مفهمتش منه حاجة احكيلي إيه اللي حصل بتفاصيل التفاصيل.


اعتدلت في جلستها على الفراش أمامها واضعة ساقيها فوق بعضهم البعض لتستعد لسرد ما حدث:


-  والله يا بنتي ما حد عارف حاجة من يوم اختفائك واللي حصل للبروفيسور ويليام ومحدش عرف يدخل المقبرة تاني وكل اللي يدخل يخرج بعد دقيقتين على نقالة إيه السر في كده؟ الله أعلم وكأن المقبرة رافضة أي حد يدخلها والكلام كتر بقى وكل واحد برأي اللي يقول لعنة فراعنة واللي يقول سحر اسود واللي يقول مفيش حاجات من دي، دي كلها غازات سامة علشان المقبرة مقفولة من آلاف السنين.

الحقيقة فين من ده كله الله أعلم وجابوا علماء ودجالين وعملوا كل حاجة ممكنة وبرضو مفيش فايدة وآخر ما زهقوا وقفوا الشغل فيها لأجل غير مسمى.


تعجبت كثيرا من حديث صديقتها فذلك شيء غريب لا تستطيع تصديقه وكيف تصدقه وهي بنفسها قد دخلت وخرجت دون أن يحدث لها شيء فتحدثت في دهشة شديدة:


-  أنا بصراحة مش قادرة أصدق اي حاجة من دي منا أهو قدامك دخلت وخرجت ومحصليش أي حاجة ولا يمكن عفاريت المقبرة هما اللي خبطوني بالعربية وانا مش واخدة بالي.


قالت ذلك وهي تلوي فمها بعدم تصديق لكل هذا فعقبت رهف على حديثها قائلة:


-  اهو انتي بالذات بقى اللي أكدتي للناس موضوع اللعنة ده لما اختفيتي ومعظمهم ربط اختفائك باللي بيحصل في المقبرة وقالوا إن يا إما الجن أخدك تحت الأرض، يا إما تم تقديمك قربان لفتح المقبرة بما إنك الوحيدة اللي دخلتي وخرجتي وخدي عندك بقى كلام وإشاعات وهبد للصبح.


احتارت هل تبكي أم تضحك من هول ما سمعته ولكنها كان لها رأي آخر في ذلك الأمر واعتقدت أن ذلك كله من تقاسيم القدر حتى لا يضيع المجهود الذي بذلته في العثور على تلك المقبرة سدى.


❈-❈-❈


لم يستطع النوم طوال الليل خاصة بعد ذلك الحلم الغريب الذي بات يؤرقه فلقد أصبحت تغزوا أحلامه ويقظته وتسيطر على تفكيره بصورة غريبة لا يعلم سببها.


أشعل لفافة أخرى من التبغ دون أن ينتبه أن الأولى لازالت مشتعلة ولم تنتهي بعد ليغضب بشدة عند انتباهه لذلك فخلل شعره بأصابعه وأخرج الهواء من صدره بعصبية شديدة وقام بإطفاء اللفافتين في المنفضة ودخل الشرفة ليستنشق بعض الهواء النقي عله يهدأ قليلًا.


قام بتذكر حديثها معه وغضبها التي لها كل الحق به


"يعني انت عايز تفهمني انك لما خطبتي بعربيتك ودخلت المستشفى محدش بلغ عن غيابي ولا انت بنفوذك  عرفت تطرمخ على  الموضوع وقدرت تخليهم ميعرفوش عني حاجة"


ليضرب سور الشرفة بقبضته في غضب فهي محقة فلقد سيطر عليه غروره وأنانيته ولم يفكر في شيء سوى نفسه فقط فلقد كان عليه على الاقل البحث عن عائلتها وطمأنتهم عليها ومحاولة التوصل إلى اتفاق معهم يرضي جميع الأطراف علّ ذلك كان سيخفف كثيرًا من ردة فعلها العنيفة تجاهه والتي لا يعرف إلى أين ستصل بهما.


قام بمهاتفة مروان ليقص عليه ما حدث فأتاه صوته ضعيفًا يتضح عليه آثار النعاس:


-  إيه يا يونس؟ بتصحيني الصبح بدري أوي كده ليه؟ فيه مصيبة حصلت ولا الأميرة النائمة بتاعتك جرالها حاجة.


لا يعلم لماذا غضب عندما سمعه يلقبها بذلك اللقب فحمحم قليلًا قبل أن يجيبه:


- معلش يا مروان لو كنت صحيتك من النوم بس حقيقي كنت محتاج اتكلم معاك.


نبرة صوته الجادة التي تنبئه بحدوث شيء جعلته يعتدل في فراشه وذهب النعاس من عينيه ليحدثه بجدية وبنبرة قلقة:


-  مال صوتك يبني؟ فيك إيه؟ فيه حاجة حصلت؟ هي جرالها حاجة بجد ولا ايه؟


سكت قليلا ليشتعل الآخر قلقًا ويتحدث بعصبية:


-  ما تنطق يا أخي قلقتني زيادة حصل ايه؟


تحدث بصوته الرخيم الذي يظهر عليه الارتباك:


-  البنت فاقت امبارح.


هم ليغادر الفراش وهو يمطره بوابل من الاسئلة:


-  بجد؟ وبعدين؟ هي كويس؟ ولا فيها حاجة؟ وعملت إيه لما فاقت؟ عرفت اللي حصل ولا لسة؟ ما تنطق يا أخي بوظت أعصابي.


-  اهدى يبني وبطل اسئلة شوية علشان اعرف أرد عليك.


-  ماشي يا خويا سكت أهه اتكلم بقى.


قال ذلك وهو يضع يده على فمه كعلامة على التزامه الصمت وكأنه يرى ما يفعله.


-  هي كويسة الحمد لله الدكتور طلب أشعة وتحاليل عشان يتطمن وكمان في الغالب هتحتاج علاج طبيعي علشان رجليها مش هتقدر تمشي عليها بسرعة بسبب الكسر وطول الغيبوبة إنما الشكل العام كدا بيقول إنها كويسة، و ايوة عرفت اللي حصل واتعصبت وبهدلت الدنيا وحقيقي مش عارف هي ناوية على  إيه ربنا يستر بقى.


  

-  خير ان شاء الله متقلقش وانا هحجز على أول طيارة وأجيلك.


تنهد بقليل من الارتياح:


-  ماشي مستنيك.


❈-❈-❈




يجلس على ذلك المقعد الوثير يضع قدم فوق الأخرى وممسك في يده ذلك السيجار الضخم يفكر في الحال الذي وصل إليه مع ابنه الوحيد الذي قرر الاستقلال عنه وترك أعمال العائلة ليعمل بمفرده مع ابن صديقه السابق عدوه الحالي، التفت عندما سمع وقع أقدام ذلك الحذاء الأنثوي ليجدها زوجته التي حيته بابتسامة:


يا جلال Bonjour -


بادلها التحية باقتضاب وابتسامة لم تصل لعينيه مع تنهيدة حارقة خرجت من صدره.


- Bonjour يا سوزي.


رفعت إحدى حاجبيها وحدثته بتعجب:


- مالك يا جلال؟ فيك ايه؟ بقالك كام يوم متغير ومش في مودك الطبيعي أبدًا.


تنفس من سيجاره ونفث دخانه في وجوم ثم تحدث وهو ينظر في الفراغ بعد تنهيدة عميقة منه:


-  يونس يا سوزي مش عاجبني حاله وبعده عننا بالشكل ده، انتي عاجبك اللي بيعمله ده؟ رايح يحط إيده في ايد ابن فؤاد وسايب أبوه.


زفرت بضيق وتحدثت بقليل من الحدة:


- انت السبب في بعده يا جلال وانت عارف كدا كويس الولد فضل سنين يحلم بمشروعه وقالك عليه أكتر من مرة وانت كنت بترفض كان هيعمل إيه يعني؟ وآدي انت شوفت أهو إنه كان على حق والمشرع نجح والفندق بتاعه في شهرين اتنين بس قدر يخلى الناس كلها تبقى مورهاش غير سيرة الاوتيل الجديد،  نفسي تعترف مرة واحدة بس انه كان معاه حق، ونتيجة طريقتك معاه إيه؟  ابنك الوحيد بعد عننا دا حتى من قبل افتتاح الفندق بيوم مكلمنيش وكل ما اكلمه يرد عليا بكلمتين مش أكتر ويقفل السكة ابننا بيروح مننا بسببك.


نفرت عروقه من شدة الغضب وصاح بصوت مرتفع:


-  دلوقتي بقيت أنا السبب مش انتي اللي كنتي موافقاني على كلامي ورأيك انه مشروع فاشل وهيخسرنا فلوس كتير ولا دلوقتي خلاص عايزة تطلعيني انا اللي وحش وانتي الأم الطيبة اللي زعلانة على بعد ابنها.



تحدثت بارتباك وكأنها تريد أن تبرر موقفها من رفضها للمشروع هي الأخرى:


-  مهو، مهو، منكرش اني مكونتش متحمسة للمشروع في الأول خصوصًا بعد السياحة ما انضربت من بعد ٢٠١١م والمناطق الأثرية أكتر بلاد اتأثرت بقلة السياح وبعدين انا كنت هعرف منين ان البلد هتهتم بالأقصر بالشكل ده ويحصل الانتعاشة دي في الوقت القليل ده.


قالت ذلك واقتربت منه ووضعت يدها على كتفه صعودًا وهبوطًا في دلال يناسبها:


-  وبعدين يا سيدي احنا فيها تعالى نسافر له ونعملها له مفاجأة ونحاول نرجعه لحضننا من تاني ونفوت الفرصة على فؤاد وابنه إنهم يخسرونا ابننا.



صمت للحظة وكأنه يفكر في حديثها وتحدث بقليل من التردد:


-  تفتكري زيارتنا ممكن تجيب نتيجة؟


ابتعدت عنه قليلًا لتتحدث بحماس:


 - أفتكر طبعا،  انت عارف يونس طيب وبيحبنا إزاي، وإيه رأيك ممكن نعرض عليه نشاركه وبدل الفندق الواحد يبقوا اتنين واحد في الأقصر والتاني في أسوان أو في البلد اللي يختارها هو.


فكر قليلًا قبل أن يبدي موافقته على اقتراحها ليجدها تكمل حديثها بنفس الحماس:


-  وإيه رأيك كمان ناخد سيلين معانا يمكن يقربوا من بعض شوية انت عارف إنها بتحبه من زمان وهو مش حاسس بيها خالص يمكن بعد المدة اللي مشافوش بعض فيها دي لما يشوفها قدامه فجأة يغير رأيه ومشاعره تتحرك ناحيتها.


تحمس كثيرًا لاقتراح زوجته ولما لا وسيلين ابنة شقيقه وتمتلك جزء لا يستهان به من أسهم الشركة والفنادق وهو نصيبها من إرث والدها وبزواجها من ابنه يضمن ألا تخرج الثروة من بين يديه كما أنه يعلم بعشقها له منذ أن كانوا أطفال ولولا صد يونس لها لكانا تزوجا منذ سنوات.


تحدث إلى زوجته وهو يتجه لغرفة مكتبه ويشير إليها بيده الممسكة بالسيجار:


-  فكرة حلوة أوي كلميها تحضر نفسها وقولي للشغالين يحضروا شنطنا وأنا هحجز على أول طيارة.


تركها وذهب لتبتسم لما أبداه زوجها من حماس مبالغ به وقامت بالنداء على اثنتين من العاملات بالمنزل وأمرتهم بنبرتها المتعالية التي اعتادت عليها ليقوما بتحضير حقائبها هي وزوجها واتجهت للأعلى لكي تهاتف سيلين وتستعد لسفر.




❈-❈-❈




كانت تسير بين الأزهار اليانعة الموجودة في حديقة القصر تستنشق عبيرها الأخاذ وخلفها اثنتين من وصيفاتها يتأخران عنها ببضع خطوات حتى إذا احتاجت لشي يكونان في خدمتها.


تفاجأت به يقف أمامها بهذا الحضور الطاغي الذي يخطف أنفاسها والابتسامه الرزينة وقبل أن تذهب من أمامه وجدته يقف معترضًا طريقها يمنعها من المرور مع الحفاظ على المسافة بينهما ثم حمحم  وتحدث إليها وهو يتلفت حوله يمينًا ويسارًا ليرى هل يراه أحد الحراس أم لا وعندما اطمأن ألا أحد يراه تحدث وهو ينظر في عيناها تلك النظرة التي جعلت القشعريرة تسري بطول عمودها الفقري وهي تجهل ما يحدث لها كلما رأته:


-  كيف حالك مولاتي أرجو أن تكوني بخير.


لم تعرف بما تجيبه فنظرت أرضًا  وتكلمت بتلعثم:


- بخير، بخير شكرًا لك.


قالت ذلك وهي تحاول المغادرة أو الفرار كما تفعل دائمًا ولكنه وقف أمامها مرة أخرى ليمنعها من الذهاب بجرأة أكثر وحدثها بنبرة تقطر حبًا وخشية من أن تصبح نبرته متلجلجة وشعر بالهيبة لو انهارت ثقته أمامها لينعكس في النهاية صوته على مسامعها وكأنه يتحدث بنبرة ملكية واثقة:



-  لماذا تهربين دائمًا كلما رأيتني هل أبدو قبيحُا لدرجة تجعلك لا تتحملين رؤية وجهي؟.


ارتبكت كثيرًا من حديثه هذا ونظرت خلفها لتجد الوصيفتان ينظران لبعضهما البعض وهما يبتسمان لترتبك أكثر ولا تعلم بما تجيبه فوجدت نفسها تتلعثم وتخرج الكلمات من فمها دون تحكم منها:


-   لا، لست قبيحًا أبدًا بل على العكس من ذلك.


زادت ابتسامته الساحرة ووجد قلبه ينبض بصخب لمجرد سماعه لكماتها ووجد نفسه تلقائيًا يقترب منها بخطوات قليلة حتى لا يتخطى الحد المسموح به معها وتحدث بثقة لا تليق بسواه بالرغم من هذا التوتر الذي عصف بداخله لمجرد رؤيتها وسماعه لنبرة صوتها:



-  هل معنى ذلك أنكِ ترينني ذو وجه وسيم.


دون شعور منها وجدت نفسها تنظر إليه بوله شديد لتنتبه على صوت إحدى وصيفتاها وهي تنبهها باقتراب الحراس من المكان الذي يقفون فيه لتهرول من أمامه تاركة إياه  شاردًا في جمالها وبراءتها الشديدتين لترتسم على وجهه ابتسامة عاشق ووجد قلبه يخفق بعشقها لأول مرة في حياته.


يتبع