-->

اقتباس - الفصل الثاني والأربعون - نعيمي وجحيمها

 





اقتباس


الفصل الثاني والأربعون 



بس انتِ امبارح كان شكلك مسخرة والنعمة .

- أنا يا جاسر؟

قالتها بخضة استغلها هو ليكمل بضحكاته:

- ايوة انتِ، وشك دا كان احمر جامد بلون الطماطم اللي قدامك دي. 

قالها هو واتسعت عيناها بانتباه وتوقفت عن مضغ الطعام بفمها، فزادت بداخله الحماسة ليردف وهو يشير بيديه:

- الانتفاخات بقى كانت منتشرة هنا وهناك وعينكي دي كدة مش قادرة تفتحيها ولا مناخيرك. 

- مالها مناخيري كمان؟

هتفت بها بأنفعال لم يخفى عليه فرد ضاحكًا :

- كبرت كدة فجأة وبقت ولا قد البطاطساية مش عارف ازاي؟

شهقت مخضوضة غاضبة تضربه بيديها على ذراعه تنهره:

- بس بقى، والنعمة هازعل منك بجد يا جاسر.

حاوطتها ذراعيه وهو يقهقه بالضحك منتشيًا بإخراجها عن طورها، وهي تقاومه باعتراض حتى قبلها على وجنتيها ليهمس بصوته الدافئ بجوار أذنها :

- بس برضوا كنتِ قمر، ما انا بعشقك في كل حالاتك يامجنونة انتِ، ولا انتِ مش واخدة بالك ولا إيه بس؟

هدأت حركتها وهي تذوب من كلماته الجميلة التي تخرجها من واقعها على الأرض، وتدخلها لبراح عالمه الجميل؛ عالم جاسر الريان الذي اخترق حصون قلبها وقرب المسافة بينهم وكأنه أتى إليها من مدن خيالها، وهي اللي لم تقتنع يوم بتحقق الأحلام. 

ختم بجملته الاَخيرًا يطمئنها:

- مش عايزك تقلقي أبدًا كل حاجة هاتمشي زي ما انت بتحبي وأكتر، خليك فاكرة .

قال الأخيرة وأعاد بوضع قبلة بصوت عالي على وجنتها قبل أن ينهض من جوارها يتمتم:

- اقوم انا بقى افوق كدة أصلي واخدلي شور كويس على ما يجي ميعاد الشغل، تكوني جهزتي انتِ كمان .

أوقفته بقولها:

- بس انا مش هقدر اروح معاك الشغل النهاردة يا جاسر.

تحركت شفتيه وهم ليعترض ويُجادلها ولكنها تابعت :

- مش عشان موضوع امبارح والله، بس بجد انا جسمي تعبان كله النهاردة، وحاسة نفسي عايزة أشبع نوم .

استجاب لها يرد بابتسامة عاشقة:

- زي ما تحبي ياستي، ريحي النهاردة، مديرك الغلس سامحلك بإجازة.

توسعت ابتسامة رائعة على ثغرها اسعدت قلبه وهي تتمتم بكلمات الإمتنان قبل أن تدعوه قائلة:

- طب ما تيجي تفطر معايا قبل بالمرة تفتح نفسي كدة وتشاركني.

ألقى نظرة نحو الطعام الموضوع أمامها فضحك بصوت عالي مرددًا بمرح:

- عايزني افطر ع الصبح بمحشي فراخ ومكرونة فرن؟ دا انا نفسي مستغرب أكلتك من ساعة ما قعدت بس طبعًا مديلك عذرك .

زامت شفتيها حانقة من كلماته قبل أن ترد وهي تتناول بفمها قطعة من المحشي :

- ماشي ياعم الرشيق، ياللي خايف على جسمك، انا بقى عاجبني الأكل المسبك والمحشي كمان، دا طعمه جميل ويجنن.

عاد بخطواته ومال بجسده نحوها مستندًا بكفه على طرف طاولة الطعام وقال بمشاكسة:

- يعني بذمتك مش خايفة لا تزيدي ولا تتخني؟ 

صمتت وتباطئ مضغ الطعام بفمها، تنظر إليه بشرود عن إجابة سؤاله، قبل أن تُجفله بوقفتها فجأة أمامه لتسأله:

- بصراحة بقى أنا عندي شك فعلا إن اكون تخنت، لكن أنت إيه رأيك ياجاسر؟

تخصر في وقفته يقيمها بنظرة متفحصة من أسفل عند أقدامها، ثم ترتفع أنظاره للأعلى ببطء حارق، وتتوقف على بعض الأماكن ، فينقل إليها ابتسامة خبيثة تزيد من توترها، وهي تهتف باستعجاله:

- ماتقول بقى يا جاسر وتطمني.

هزهز رأسها يرد بمرح :

- إنتِ عايزني اطمنك واقولك إيه بالظبط؟

- تقولي الحقيقة، إن كنت تختنت زي ما انا حاسة كدة ولا لأ؟




قالتها بسرعة ودون تفكير لتزيد من مرحه وازداد اتساع ابتسامته وهو يميل برأسه نحوها يسألها:

- والحقيقة بقى هي اللي هاتطمنك ولا هاتزيد من قلقك أكثر، وضحي عشان احدد إن كنت اقول ولا اصرف نظر.

وصلها مغزى كلماته فسقطت بجسدها على مقعدها تعاود الجلوس وتردد بإحباط:

- كدة فهمت، يبقى انا فعلًا تخنت.

قالتها وعيناها تسمرت نحوه بنظرة معبرة تترجاه لتكذيبها، كبح انطلاق ضحكاته حتى لا يغضبها، وصمت يقلب عيناه أمامها بابتسامة مستترة كإجابة عن السؤال، ليزداد بداخلها اليأس، فتابعت تسأله:

- بس انت بتحب الستات الرشيقة؟صح يا جاسر مش كدة؟

ظل صامتًا لبعض اللحظات مستمتعًا بمناكفتها وعبوس وجهها بشكل طفولي تطور  ليتخذ منحى للحزن ، فلم يطاوعه قلبه أكثر من ذلك، فاقترب يحاوطها براحتي كفيه على صدغيها يقول بحزمه المرح:

- يا مجنونة يا للي هاتجنيني معاكِ، إمتى بقى تفهمي، 

  قعدتي على وزنك ده عجباني، خسيتي وبقيتي رفيعة برضوا عجباني، أما بقى لو تختني؟.......

،- إيه؟

سألته بلهفة فاتفجأت بخطفه لقبلة قوية من شفتيها ثم قال بصوت صاخب بمشاعره:

- برضوا هاتفضلي عجباني ومجنناني كمان. 




يُتبع..