اقتباس- نعيمي وجحيمها
اقتباس
نعيمي وجحيمها
عادت ترتجف بتذكرها ماحدث، وجاسر الذي تهاوت من داخله كل قوته، أصابه الزعر أيضًا وهو يتخيل المشهد أمامه ، ورؤيتها طفلة تتعرض لهذا الرعب لتفقد بعدها أعز مالديها، شدد عليها بين ذراعيه وأصابته عدوى الإرتجاف هو الاخر ولكنه كان تأثرًا وانفعالًا بما حدث لها، يوزع قبلاته على رأسها وما يصل إليه من وجهها، حتى اذا هدأ قليلًا سألها:
محدش خدك لدكتور يشوف حالتك دي .
- خالي طبعًا لف بيا ع الدكاتره كتير أوي بعدها، عشان ساعتها كنت فاقدة النطق، بس بعد محاولاته المستمرة معايا هو وستي ربنا فك عقدة لساني، ربنا مايحرمني منهم يارب.
أمم خلفها من قلبه، وتابعت هي:
- الكابوس دا في الأول مكانش بيفارقني والصورة في دماغي ليل ونهار، لكن بعد كدة بقيت اندمج في الدراسة والحياة ، وشوية شوية بقى يروح من دماغي ، حتى انه مابقاش يجيني غير لما ازعل قوي أو اضايق.
استدرك منتبهًا على عبارتها الاَخيرة، ليُخرجها من حضنه فجأة ويتطلع إليها عاقدًا حاجبيه بشدة يسألها:
- يعني الليلادي نمت وانتِ زعلانة يا زهرة، طب ليه؟ وايه اللي يوصلك لكدة؟
أسبلت أهدابها تحاول الهرب بعيناها عنه ولكنه لم يستسلم ورفع وجهها إليه يحاصرها بعينه قائلًا بحدة:
- قولي يازهرة، عشان انا مش هسيبك من غير ما ترودي النهاردة وتريحني.
أمام إلحاحه اضطرت صاغرة للرد، فسألته مباشرةً:
- انت ممكن تخوني ياجاسر؟
- إيه؟
تفوه بها مندهشًا ليتابع بسؤاله:
- انتٍ إيه اللي حط الفكرة دي في دماغك؟ مين اللي قالك يابنتي إن ممكن اعمل حاجة زي دي أصلًا؟
لعقت شفتيها لتُجيبه بتوتر:
- بصراحة بقى البنت دي اللي.. كانت بتلاغيك قدامنا كلنا في قاعة الفندق، سمعتها وانا رايحة الحمام، كانت بتتكلم عن ليلة قضتها معاك، هي كلامها صح ياجاسر؟
استمع منها ثم أشاح بوجهه عنها يزفر بضيق، وتابعت بالسؤال مرة أخرى بإلحاح رغم تنامي شعورها بصدق الفتاة والذي أكده هو بقوله:
- حصل فعلًا يازهرة، بس الموضوع دا عدى عليه كتير اوي يجي أكتر من سنة، يعني قبل ما اشوفك ولا اعرفك حتى.
تطلعت إليه قائلة بصدمة:
- بس خونت مراتك ياجاسر، يعني ممكن تخوني انا كما....
قطع جملتها بوضع كفه عل فمها:
- بس بقى ماتكمليش وافهمي، ميريهان غيرك انتِ خالص، يعني هي اخونها وتستحق الخيانة كمان، لكن انتِ لو خنتك أبقى بخون نفسي، علاقتي مع البنت دي تمت في ليلة وانتهت في نفس ليلة، زي ماعملت مع غيرها كتير، دي كانت فترة صعبة في حياتي وانا حرمت بعدها وزهدت في كل الستات لحد ماشوفتك وروحي رجعتلي من تاني، انا يوم ما هأذيكي يازهرة؛ روحي هاتتأذي قبلك، فهمتي بقى.
وصلها صدق حديث عينيه مع ما تفوهت بها شفتيه، ليُنبت بقلبها الراحة والاطمئنان، همت لتريحه هو الاخر ولكن غليها فضول النساء لتسأله:
- طب انت شوفتها ولاعرفتها فين؟
اعتلت شفتيه ابتسامة متسلية:
- وانت عايزة تعرفي ليه؟
اضطربت تجيبه وهي تتلاعب بقماش مئزرها تقول:
- يعني ياجاسر، اهو عايزة اعرف وخلاص.
جذبها لتعود لمسكنها بداخل أحضانه، وأجاب:
- ياستي شوفتها في نايت كلاب، وامبارح اتفاجأت بوضعها داخل فندق كبير زي ده، بس انا متأكد من أخلاق مصطفى، لكن اللي زي دي ما تغلبش، أكيد لافت على مسؤل مهم في الفندق .
- استغفر الله العظيم يارب، ماتقولش كدة مش يمكن وصلت بمجهودها؟
اطلق ضحكة مجلجلة في قلب السكون، يقول مقهقهًا بشقاوة:
- مجهودها اه! عارفه انا مجهودها ده.
فهمت مغزى كلماته فلكزته على ذراعه تنهره بعضب:
- بطل بقى قلة أدب.
استمر بضحكاته يشاكسها بقوله:
- من عيوني ياقلبي، هابطل أدب هههههه.
يتبع