-->

الفصل الرابع - القانون لا يحمي المغفلين





الفصل الرابع



كانت الصدمة تحتل وجوه الثلاث شباب، شعور بأن الأرض تهتز من أسفلهُم لكن " سيد " هو أول من تماسك وصاح هادرٍ:- " نجمة "! مين " نجمة " دي كمان!


لم يكُن يتوقع الصوت الذي هدر من خلفهُ بنبرة حادة قائلًا:- أنا " نجمة " أنت اللي مين! 


ألتفت الثلاث شباب ليتفاجئوا بفتاة قصيرة، ممتلئة الجسد قليلًا، بشعر أسود قصير وملابس شبابية لا تمت للأنوثة بصلة تنظرُ إليهُم بنظرات حادة تكاد ترديهُم أرضٍ، أرتسمت البلاهة على وجه " كرم " و " خالد " لكن " سيد " هدر قائلًا بنبرة خطيرة:- إنتِ مين وبتعملي إيه هنا! 

عقدت حاجبيها بعدم فهم وتبادلت النظرات هي و " هنا " بتعجُب لكنها أعادت النظر إليه قائلة بثبات:- أنا صاحبة المطعم دة. 


=صاحبة إيه يا عينيا!! 

تفوه بهذه الجُملة بذهولٍ وعدم إستيعاب لحديثها بينما صديقيه كادت أفواههُما أن تصل إلى الأرض مع إتساع بؤبؤي عيناهُما، صاحت " نجمة " قائلة بغضب:- ما تحترم نفسك ياعم أنت بقولك صاحبة المطعم، إيه اللي مش مفهوم في كلامي! 

كاد أن يقتلع خصلات شعره من منابتها وهو يهدر قائلًا بعنفٍ:- صاحبة المطعم إيه! أنا صاحب المطعم وإنتِ واحدة نصابة. 

أتسعت عيناها وليست وحدها بالحقيقة بل جميع من كان بالمكان أصابهُم الذهول من هذه المسرحية الهزلية التي تحدث الأن، لكن " نجمة " كانت أكثرهُم غضبٍ وهي ترى أن حلمها على وشکِ أن ينهار، هدرت قائلة بعُنفٍ أشد:- أنت اللي نصاب وستين نصاب كمان، بقولك أنا صاحبة المطعم ومعايا الورق الرسمي اللي يثبت كدة. 

أخرج العقد من جيب سترته قائلًا بغضب وجسد ينتفض:- وأنا كمان معايا عقد يثبت كلامي، أهو أتفضلي. 

نظرت " نجمة " إلى " هنا " بتوتر وغضبٍ شرس لتتحرك الأخيرة بأتجاه " سيد " وتلتقط منهُ العقد تتفحصهُ وبعد دقائق قليلة تنظرُ إلى صديقتها قائلة بصدمة:- العقد شكلُه سليم يا " نجمة "، هو كمان صاحب المطعم. 

شعرت وكأن العالم يدور من حولها، الأرض تهتز من تحت قدميها بينما ضربات قلبها تكاد تصم الأذان، فتحت حقيبتها بأصابع مُرتعشة وبحثت بها حتى أخرجت العقد الخاص بها أيضًا ثُم هتفت قائلة بأرتعاش:- ودة كمان العقد بتاعي، أنا أشتريت المطعم دة من صاحبه أستاذ " عاصم ". 

أقترب منها " خالد " وألتقط العقد يتفحصهُ لينظر إلى صديقه قائلًا بصدمة:- العقد دة كمان شكلُه سليم. 

كانت نظراتُه شرسة ومُخيفة لكنها لم تُردعها للحظة بل ستُقاتل إذا أضطررت لذلك، صاحت " هنا " قائلة بعدم فهم:- أنا مش فاهمة حاجة، العقدين بأسم أستاذ " عاصم ". 

هتف " خالد " قائلًا بشک:- أنا حاسس إن في نصباية في الموضوع. 

لم تهتم بما قاله وهي تصرخ قائلة بغضب:- لو في نصب يبقا منكُم وأنا مُتأكدة إن العقد بتاعكُم دة مزور. 

صاح " سيد " قائلًا بعصبية:- يا سلام، يعني إحنا نصابين وإنتِ من العشرة المُبشريين بالجنة، وليه ميكُنش إنتِ اللي نصابة وإن عقدك هو اللي مزور! 


=إحترم نفسك ياجدع أنت بدل ما أمد إيدي عليك. 


نظر إلى طول قامتها وهيئتها ثُم إلى طول قامتُه وهيئتِه وأعاد النظر إليها قائلًا بنبرة خطيرة:- واضح إن قلبك ميت يابت! 

نظرت إليه بشراسة وكادت أن تجيب لكن قاطعها " كرم " الذي هدر قائلًا:- هو دة وقت خناق، إحنا في مُصيبة يا جماعة! 

تدخلت " هنا " قائلة بذهولٍ:- دي شكلها عملية نصب رسمي! 

هدرت " نجمة " قائلة بعدم تصديق لما يحدث:- هُما اللي نصابين يا " هنا " مش إحنا. 

صاح " خالد " قائلًا بجدية:- يابنت الحلال هننصُب عليکِ ليه، إحنا شباب مُحترمة وتعبانين وطلعان عينينا في الفلوس اللي حطيناها في المطعم دة، دة شقى عُمرنا كلُه يا ناس. 

كان الغضب هو المُسيطر على الأجواء لذلك حسم " كرم " الأمر قائلًا بجدية:- مفيش غير إننا نتفضل كُلنا على أقرب قسم وهما اللي هيحسموا الأمر بينا. 


❈-❈-❈


بعد عدة ساعات بداخل قسم الشُرطة كانت تجلس " نجمة " بجانب والدها خارج غُرفة التحقيق، ترتعش من الغضب والتوتر لكنها كانت تتصنع الجمود، شعر بها والدها الذي أحتضن كفها بكفهُ قائلًا بحنو:- متقلقيش يا حبيبتي، إن شاء الله خير. 

وكأنها كانت تنتظر هذه اللمسة الحانية لتدمع عيناها وتهمس بنبرة خافتة:- أنا خايفة يا بابا، دة حلم حياتي اللي تعبت في تحقيقه وفجأة ألاقيه بيضيع مني. 

أبتسم لها السيد " صابر " قائلًا بحكمة:- ربنا مش بيعمل حاجة وحشة في حد وأكيد ليه حكمة في كدة، أنا عايزك ترمي حمولك على ربنا وهو مش هيخذلك. 

أومأت لهُ بهدوء وشددت من قبضتها على كفهُ كنوعٍ من الراحة بينما السيد " صابر " نظر إلى " سيد " الذي يقف أمامهُ على الجانب الأخر يستند على الجدار شاردٍ ويبدوا عليه الهَم والحُزن ثُم هتف قائلًا ببشاشة:- أقعد يابني شوية وريح رجلك، أنت واقف من وقت ما وصلنا. 

كان " سيد " شاردٍ فيما أصابه لكن ما لفت أنتباهه هو دعم والد هذه " النصابة " من وجهة نظره لها، أشتاق كثيرًا إلى دعم والديه، من بعد وفاتهُما وهو أصبح وحيدًا حتى ترك البلاد برفقة صديقه إلا أن مشاعر الأهل شيءٍ أخر، أنتبه إلى حديث الرجُل فتنحنح قائلًا بهدوء:- أنا مرتاح كدة. 

نظرت إليه " نجمة " بشر كتهديد ليتحدث مع والدها بأدب لكنهُ تجاهل نظرتها وأنتبه إلى والدها الذي وجه إليه الحديث مرة أخرى قائلًا بأبتسامة هادئة:- أنت شكلك مُحترم وابن ناس، متقلقش بإذن الله خير. 

كان على وشك أن يبتسم لهُ مُجرد أبتسامة طفيفة لكنها قاطعتهُ وهي تهتف قائلة بتذمر طفولي:- بابا أنت معايا ولا معاه، دة نصاب! 

نظر إليها بغضب بينما والدها هتف قائلًا بعتاب:- " نجمة " عيب كدة، أنا برضُه ربيتِک على سوء الظن! 

زمت شفتيها بضيق وأومأت بمعنى " لا "، لوهلة شعر " سيد " بأنها طفلة بالمدرسة تتلقى التوبيخ من والدها لأنها رسبت بالاختبار لكنهُ أنتبه إلى نفسه سريعًا وعادت ملامحه للغضب من جديد.. 


=يعني إيه يافندم اللي بتقوله دة! 

تفوه بهذه الجُملة " سيد " بذهول وهو ينظر إلى الضابط الذي يجلس أمامهُ على المكتب ليُجيب الأخير قائلًا بجدية:- يعني زي ما سمعت يا أستاذ، العقود دي هتتعرض على خبير تزوير والعقد اللي هيكون مزور صاحبُه هيتعمله قضية ويتحاكم ولو العقدين مش مزورين يبقا دي عملية نصب واضحة حضراتكُم وقعتوا فيها. 

صمت لثوانٍ يتفحص ردود الأفعال التي تسودها الغضب بالتأكيد ثُم هتف قائلًا:- إحنا هنعمل أستدعاء لـ " عاصم " دة اللي باع ليكُم المطعم وهنتأكد من موضوع سفرُه اللي قولتوا عليه. 

هتفت " نجمة " بقهرٍ قائلة:- والموضوع دة هياخُد وقت يافندم؟! 

أجابها الضابط بلامُبالاة قائلًا:- والله على حسب بس تقدروا توكلوا مُحامي يتابع الموضوع. 

نظرت " نجمة " إلى " سيد " بشراسة قائلة:- أكيد هوكل مُحامي ولو ليا حق هاخدُه ومش هسيبُه. 

فهم هو نظراتها لتحتد نظراته هو الأخر ويهدر قائلًا:- أنا كمان هجيب مُحامي ولو ليا حق هاخدُه وهحبس وهمرمط اللي يفكر ينصُب عليا. 

نظرت إليه بأستخفاف أغاظه منها بينما الضابط كان ينظر إليهُما بذهولٍ، وكأن من أمامهُ أطفالًا وليس أشخاصٍ ناضجين، وقبل أن يشتد العراك هتف قائلًا بحزم:- تقدروا تتفضلوا دلوقتي. 

سحب السيد " صابر " " نجمة " إلى الخارج دون حديث ومن ثُم خارج مركز الشُرطة بينما " سيد " كان " خالد " و " كرم " بأنتظارِه خارجٍ، أقتربا منهُ ليهتف الأخير قائلًا بقلقٍ:- ها عملت إيه!! 

تنهد " سيد " بضيق وقص عليهُما ما حدث بالداخل ليصيح " كرم " قائلًا بغيظ:- البت دي هي اللي نصابة وعاملة الفيلم دة كلُه. 

أجاب " خالد " قائلًا بجدية:- البت دي مش نصابة، البت دي أتنصب عليها زيها زينا. 

أبتسم " سيد " بسُخرية قائلًا:- ومالك بتدافع عنها كدة ليه، لاتكون عجبتك! 


=عجبتني إيه ونيلة إيه يابني أدم، البنت فعلًا شكلها محترمة وأنا أتكلمت شوية مع والدها قبل التحقيق وفهمت منُه إنها أشتريت المطعم دة من ورث والدتها الله يرحمها لأنها حلمها تفتح مطعم من زمان بس دي كُل الحكاية. 

تنهد " سيد " قائلًا بتعب:- على العموم كُل حاجة هتبان قُريب. 


❈-❈-❈


=يا عيني عليکِ يابنتي، ياللي ملكيش حظ لا في شغل ولا في جواز يابنتي، يابختك المايل يابنتي. 


كانت السيدة " صابرة " تجلس بصالة المنزل تتوسط أريكة صغيرة وبجانبها " نجمة " أو بمعنى أخر تحتضنها وهي " تولول " كما تفعل الأن بينما الأخيرة تبكي على حظها العثر حقًا كما تقول عمتها، صاح السيد " صابر " قائلًا بضجر:- كفاية بقا يا " صابرة " صدعتي دماغي ودماغ البت ودماغنا كُلنا. 

نظرت إليه بغيظ قائلة:- أنا بس نفسي أعرف إزاي تسيبوا النصاب دة يمشي من غير ما تحبسوه! 


=الولد دة شكلُه مش نصاب، دة شكلُه منصوب عليه زي الهبلة بنتي كدة بالظبط. 

رفعت " نجمة " رأسها من بين أحضان العمة " صابرة " قائلة ببُكاء طفولي:- أنا مش هبلة يا بابا بعد إذنك، أنا أخدت كُل أحتياطاتي وخليت مُحامي يشوف العقد قبل ما نمضي ونشتري المطعم، صح يا " هنا "! 

كانت " هنا " تجلس بجانب " قمر " و " سما " في حالة ذهول مما حدث وحُزن لما أصاب " نجمة "، أجابتها الأولى قائلة بجدية:- أيوة والله يا عمو " نجمة " أخدت كُل أحتياطاتها بس هو الحظ بقا. 


=ياحظك المهبب يا بنتي، قوليلي بس شكلُه إيه النصاب دة! 


نظرت إليها " نجمة " من بين عِبراتها قائلة ببلاهة:- يعني إيه شكلُه إيه يا عمتو! 

رُغمٍ عنها وكأيّ أم مصرية أصيلة رأت بذلك " النصاب " عريس المُستقبل دون أن تنتبه لكونه " نصاب " وهتفت قائلة بلهفة:- قصدي يعني راجل حلو كدة وشاب طول بعرض بأرتفاع ولا كبير في السن وقصير وأقرع بكرش زي أبوکِ! 

نظر إليها شقيقها بذهول وعدم إستيعاب لمجرى سير الحديث وضرب كف بالأخر قائلًا وهو ينهض:- وأبوها عملكُم إيه دلوقتي، أنا أحسن حاجة أعملها إني أسيبلكُم القاعدة دي وأقوم أشوف حاجة أعملها بعيد عنكُم. 

رحل السيد " صابر " لتنظر " نجمة " إلى عمتها قائلة بغيظ:- وأنا مالي ومال شكلُه هو أنا هناسبُه! 


=ياريت. 


نظرت إليها " نجمة " نظرة شريرة لتزم شفتيها بتبرُم قائلة:- خلاص مش عايزة منك حاجة.. ألتفتت إلى " هنا " قائلة بلهفة:- قوليلي إنتِ يا " هنا " هو حلو ولا لا! 

ضحكت " هنا " قائلة بأعجاب:- بصراحة يا طنط هو شاب وسيم وزي القمر. 

أتسعت أبتسامتها ولكن قبل أن تُجيبها صاحت " نجمة " قائلة بشراسة:- حرام عليكُم أنا في إيه وأنتوا في إيه، أقوم أولع في نفسي عشان ترتاحوا! 

تدخلت " قمر " بالحوار قائلة بضحكة مكتومة:- خلاص يا جماعة سيبوها في حالها مش وقتُه كلام في الموضوع دة. 

هتفت السيدة " صابرة " قائلة بأحباط:- خلاص هنسكت وأهو لو طلع نصاب أبقي أحبسيه. 


=ولو مش نصاب! 


=إتجوزيه. 


عم الضحك بأرجاء المكان لكن " نجمة " صاحت قائلة بعويل:- آآآآة يا غُلبي ياني!!


بعد ذلك الوقت بقليل رحلت " هنا " وتوجهت كُل فتاة إلى غُرفتها بينما بغُرفة " قمر " كانت تجلس تُفكر في المرة الأخيرة التي رأت بها " شهاب "، منذُ أن رأت عيناه الدامعة بسبب رفضها لهُ وهو لا يُفارق خيالها ليس لأنها أحبته أو شعرت تجاهه بشيءٍ ولكنها تشعرُ بالندم وبأنها كانت قاسية معهُ، كان من المُمكن أن ترفضهُ بطريقة أفضل، تأففت بضجر قائلة:- وأنا هتعب نفسي ليه! اللي حصل حصل خلاص وهو كان لازم يفوق ويعرف إني مش بحبُه عشان ميعلقش نفسه بيا، خلاص بقا كفاية تأنيب ضمير. 

وعلى هذا الأساس نامت " قمر " غافلة عن أخر يجلس بداخل غرفتِه يبكي بقهرٍ للمرة الأولى بحياتِه بسببها وبسبب حُبه البائس لها، يبكي وحيدًا بين جدران هذا المنزل الضخم ولا يجد من يحتويه.... 


❈-❈-❈


مرت عدة أيام صعبة على الجميع وقد توقف العمل بالمطعم مؤقتٍ لحين البث في الأمر، حتى أتى اليوم الذي سيعرفون بهِ النتيجة، أستيقظ " سيد " أو بمعنى أصح لم ينم ليلته من شدة القلق والتوتر، بداخله هاجس يخبره أن تلك الفتاة بريئة لكن هذا أمرٍ أكثر بشاعة، إذا كانت بريئة والأمر برمته عبارة عن عملية إحتيال فماذا ستكون الأوضاع بينهُما، ما هو مصير المطعم ولمن سيعود! أثناء شروده أقتحم " خالد " غرفته قائلًا بهدوء:- شكلك منمتش من إمبارح! 

أبتسم بسُخرية قائلًا:- قال يعني أنت اللي نمت! 

تنهد " خالد " بتعب وجلس بجانبه قائلًا:- مش عارف أنام من القلق. 


=وأنا كمان! 


=هو يعني.. يعني لو الموضوع كلُه نصباية ولبسنا فيها كُلنا هيبقا إيه الوضع وقتها! 


زم شفتيه بضيق قائلًا:- أنا برضُه كنت بفكر في كدة وموصلتش لأي حل، إحنا حطينا كُل فلوسنا في المطعم دة والمُعدات اللي أشتريناها مش مستوعب إننا مُمكن نخسر كل حاجة في لحظة. 

هتف " خالد " قائلًا بهدوء:- إن شاء الله خير، إحنا تعبنا وشقينا عشان ناكُل لُقمة حلال وربک مش هيضيع تعبنا أبدًا. 

آمن " سيد " على حديثه وبعد قليل وصل " كرم " الذي كان أكثر تفاؤلًا عنهُما، نظر إليه " خالد " بتعجُب قائلًا:- إيه يالا سر السعادة اللي على وشك دي! 

أجاب " كرم " بأبتسامة واسعة:- أصل أنا حلمت حلم حلو أوي أوي. 

أستبشر الشابين خيرًا وهتف " سيد " قائلًا بلهفة:- حلم إيه أحكيه! 

شرد " كرم " بعيدًا وأبتسم أبتسامة رائعة ثُم هتف قائلًا بنبرة هادئة:- خير اللهُم أجعله خير، حلمت إنك يا " سيد " كُنت ماشي في طريق واسع وكله زرع أخضر في أخضر ولابس أبيض في أبيض، بتتأمل المكان حواليک بأبتسامة واسعة و.. وبعدين فجأة وقعت في بلاعة وااا.. 


=يابني متخلنيش أتغابى عليك، بلاعة والحلم يبقا حلو طب إزاي! 


كان هذا صوت " سيد " الذي قاطعهُ بعصبية ليزم الأخر شفتيه بضيق قائلًا:- ما أنت موقعتش فعلًا وفي حد لحقک. 


=طب ما تقول كدة، مين الحد اللي لحقني بقا! 


= " نجمة ". 


أتسعت عيناه وصرخ قائلًا:- مين!! 

أجاب " كرم " قائلًا بتوجس:- والله هي اللي لحقتك، هي فجأة ظهرت في الحلم وهي بتشدك من إيدك بعيد عن البلاعة وأنت بصتلها وضحكت وفجأة لاقيتك مربوط بحبل كبير حوالين جسمك وطرف الحبل في إيدها وبتسحبك منه وبتجري بيك وأنت بتجري معاها وأنت بتضحك وفرحان، مش عارف على إيه الصراحة. 

كان " سيد " ينظر إليه بنظرات قاتمة بينما " خالد " يكتم ضحكته على هذا الحلم الغريب، ليهتف الأول قائلًا بنبرة بطيئة وشرسة:- أطلع برة يالا أنت، أطلع مش عايز أشوف وشك. 


=ياعم وأنا مالي، هو أنا هتحكم في أحلامي كمان! 


=أحلام منيلة بنيلة شبه صاحبها بالظبط! قال أنا ربطاني بحبل وسحباني وراها زي الجاموسة لا وضحكتي واصلة لودني كمان! 


تدخل " خالد " بالحوار قائلًا بضحك:- مصيبة سودة لا الحلم يتحقق زي العادي بتاع أحلامك ياض يا " كرم ". 

نظر إليه " سيد " بغيظ قائلًا:- أنت هتستعبط يالا، حلم إيه دة اللي يتحقق! 

أجاب " خالد " بتلقائية:- أنت ناسي يوم ما حلم بيا أنا وأنت إننا أتحولنا لحمامتين باللون الأبيض وطايرين في السما وبعدها بكام شهر سافرنا أمريكا! 

نظر " سيد " إلى " كرم " الذي أبتسم لهُ ببلاهة ثُم هتف قائلًا بشرٍ:- عارف لو حلمت بيا تاني أنا هعمل فيك إيه! 

هز رأسه سريعًا بمعنى " لا لن يحلم مُجددًا " بخوفٍ من بطش صديقه.. 


بعد ساعة كان الثلاث شباب يقفوا أمام الضابط وبجانبهُم السيد " صابر " و " نجمة "، كان القلق يعصف بالجميع بينما الضابط يتفحص عدة أوراق بين يديه وبعد أن أنتهى منها نظر إليهُم قائلًا بجدية:- للأسف يا جماعة العقدين مش مزورين، العقود سليمة وأنتوا أتعرضتوا لعملية نصب من الراجل اللي أسمه " عاصم " دة، واللي ساعده في كدة موظف الشهر العقاري اللي قدم أستقالته وأختفى بعد ما تمت عملية البيع لحضرتك يا أستاذ " سيد " ولغاية دلوقتي موصلناش ليه، أما بالنسبة لـ " عاصم " نفسه فهو فعلًا سافر برة مصر وفص ملح وداب. 

كانت معالم الذهول والصدمة ترتسم على وجه الجميع، لا أحد يصدق ما يحدث، هتف " سيد " قائلًا بعدم إستيعاب:- يعني إيه يافندم، يعني إحنا فعلًا أتنصب علينا، طب والحل! 


=يبقى الوضع كما هو عليه والقضية هتفضل مفتوحة لحين العثور على الجاني. 


صاحت " نجمة " قائلة بذهول:- يعني إيه الكلام دة، طب والمطعم وضعه إيه! 


=بتاعكُم إنتوا الأتنين. 


" نجمة "/ " سيد " بوقتٍ واحد:- يعني إيه، مستحيل! 


أجابهُما الضابط قائلًا بنبرة قاطعة لا تحمل المرح:- يعني القانون لا يحمي المُغفلين يا سادة... 


يتبع