-->

الفصل الثاني - صرخة عشق

  



الفصل الثاني



فى إحدى الكافيهات المشهورة بمحافظة القاهرة كان يجلس "حازم" ينتظر قدومها، فهى الشخص الوحيد الذى يمكن أن يساعده على ما ينوى فعله ولم تُخبر أحد لما يُريده، لانه يعلم جيدا إنها مُتيمة به ولذلك سيستغل ذلك العشق لصالحه لكى تساعده ولم يترك تلك الفرصة تمر مرار الكرام دون الأستفادة منها 

لم يمر الكثير من الوقت حتى وصلت "مريم" إلى المقهى وقد رائها "حازم" من خلف الزجاج وهى تترجل من سيارتها متجة نحوه، ليُقابلها بأبتسامة المزيفة والتى تخطف عقلها أيضا، لتزيد "مريم" من سرعة خطواتها متجهة نحو "حازم" وما إن أقتربت منه حتى عانقها مُصطنعا الحب والأهتمام رادفا بعتاب: 

_ أيه يا حبيبتى كل التأخير ده!! ليه أتأخرتى كده؟!

قالها "حازم" وهو يسحب لها الكرسى لتجلس عليه كتعبير عن حبه وأحترامه لها، لتُجيبه "مريم" وهى تجلس رادفة بأعتذار: 

_ معلش يا حبيبى أنا أسفة جدا أصل الطريق كان زحمة أوى، وأنا أصلا مصدقتش نفسى لما كلمتنى وقولتلى إنك عايز تقابلنى وإنك عايزنى فى حاجه مهمه..

أبتسم لها "حازم" بمكر وكثير من الكذب الذى يُحاول إخفائه وراء إبتسامته المزيفة رادفا بحب مُصطنع: 

_ أيه يا قلبى!! وحشتنى قولت أكلمك وأطلب إنى أشوفك

أرتجف قلبها ل "مريم" من كثرة الفرحة بسبب ما أستمعت إليه لتوه، وهى تقسم بينها وبين نفسها إنها بالتأكيد تحلم وأن هذا الشيء الذى يحدث ليس حقيقى، لتحاول أستدعاء القوة والحزم رادفة بإستفسار: 

_ حازم.. هو أنت شارب حاجه يا حبيبى!! ولا جايبنى عشان تهزر وتتريق عليا

ألتقط "حازم" يدها برقة و بكثير من الرومنسية قبل إياها وهو يرميها بنظرة أذابتها رادفا بعشق زائف: 

_ بهزر أو بتريق عليكى عشان بقولك إنك وحشتنى وإنى كنت عايز أشوفك!!

رفعت "مريم" حاجبها بعدم تصديق، فهى تعلم "حازم" جيدا وتعلم أيضا أنه بتأكيد يريد الوصول لشيء ما بعد كل تلك الأحاديث الذى يتفوه بها، لتردف "مريم" باستفسار: 

_ لا طبعا، بس أكيد مش جايبنى هنا عشان تقولى أنى وحشتك بس، أنا متأكده إنك عايزنى فى حاجه تانيه خالص

أومأ لها "حازم" بالموافقة مستسلما لها رادفا بإبتسامة مكر وقليل من الأعجاب:

_ أكتر حاجه بتعجبنى فيكى يا حبيبتى هى ذكائك وإنك بتفهميها وهى طايرة

أبتسمت له "مريم"  بثقة فهى منذ البدايه وهى تعلم أنه بتأكيد يريد منها شيء، لتبادله "مريم" الحديث مُعقبة بدلال: 

_ أيوه كده تعلالى دوغرى، قولى بقى يا حزومى أيه هى الحاجه المهمة اللى عايزنى فيها؟!

أبتسم لها "حازم" وهو يطالعها بعشق زائف مُعلنا عن طلب المُساعدة منها رادفا بتوضيح: 

_ عايزك فى موضوع مهم أوى، مفيش حد غيرك هيعرف يعمله، ولو حصل ليكى عندى مكافأة كبيره جدا

بأدلته "مريم" الأبتسامة مُضيفة بقليل من الدلال: 

_ أنت عارف إنى متأخرش عليك أبدا يا قلبى

غمزها "حازم" بكثير من المكر رادفا بثقة: 

_ هو ده العشم بردو يا مريومه، أسمعينى بقى كويس أوى يا روحى

قص عليها "حازم" ماذا يريد منها أن تفعل وما هى خطته المليئه بالشر والحقد والكثير من الايزاء ل "ندا" و "عز"، لتصيح "مريم" بكثير من الأعجاب رادفة بصدمة: 

_ يا ابن الأيه، أيه الدماغ دى يا واد!! بس لحظة كده!! أنت عايز تعمل فيهم كده ليه؟!

بالتأكيد لن يخبر إيها بالحقيقة وأنه يريد أن يُفرق بين "عز" و "ندا" ليحصل عليها وأن تكون له، ليحمحم "حازم" مُصنعا كذبة جديدة يخبرها بها قائلا: 

_ أبدا يا حبيبتى، أنتى عارفة إننا قرايب وكان فى مشاكل بينى وبين عز، فحبيت بس أديله درس عشان يعرف مين هو حازم مختار!!

أبتسمت له "مريم" بإعجاب وشعرت أن هذه هى فرستها لتُدمر حياة "ندا"، فهى لطالما كانت تحقد على "ندا" منذ أن دخلت الجامعة، فهى ترائ إنها تصطنع الحب والمثالية لمن حولها لكى يجتموا معها ليس أكثر، لكى تكون هى الفتاة المُميزة والمُتألقة بالجامعة وذلك لم يحدث بوجود "مريم" أبدا، وهذا لانها ترى إنها هى فقط المميزة والاروع فى كل شئ، لتعقب "مريم" موجه حديثها نحو "حازم" رادفة بمكر وحقد:

_ هو ده بس اللى أنت عايزه!! أنت تأُمر يا حزومى

❈-❈-❈


كان الجميع يجلسون فى منتهى السعادة والفرح إلى أن تاخر الوقت وقد جاء "ماجد" لأصطحاب "منى" وأولاده وأيضا لكى يرأ أبنته حتى لا تحزن بسبب عدم حضوره على العشاء، ليدلف "ماجد" المنزل رادفا بحب: 

_ مساء الخير يا جماعة

أجابه الجميع مُرحبا به بحب وترحاب، وما إن رأته "سهر" حتى أسرعت إليه مُلقية بنفسها داخل صدره مُعانقة إياها بكثير من الحب والأشتياق رادفة بلهفة: 

_ كده بردو يا بابا!! تتاخر كل ده ومتتعشاش معانا

ربط "ماجد" على كتف أبنته بحب وعاطفة أبوة رادفا بأسف: 

_ حقك عليا يا حبيبة قلبى، والله كان عندى مشكله فى الشغل وأضطريت أروح عشان أحلها

تفهمت "سهر" الأمر وتقبلته عازمة على أن تخبره هى بخبر حملها مُعقبة بسعادة: 

_ ولا يهمك يا حبيبى محصلش حاجه، المهم إنى شوفتك وليا نصيب أشوف فرحة خبر حملى فى عنيك

أتسع فم "ماجد" بأبتسامة واسعة مُعلنا عن سعادته، مُعانقا أبنته بكثير من الفرحة مُضيفا بسرور":

_ اللهم صلى على كامل النور، ألف مليون مبروك يا حبيبتى ربنا يكملك على خير يارب يا بنتى

ظل "ماجد" جالسا معهم إلى أن تاخر الوقت كثيرا وقد تخطت الساعة الثانية صباحا، ليستعد الجميع للعوده إلى منازلهم، لينهض "معاذ" ليستعد ليوصل عائلته رادفا بلهفة: 

_ أستنوا يا ماما أنا جى معاكوا عشان أوصلكوا

أوقفه "عز" مانعا إياه مما يريد أن يفعله رادفا بتنبيه: 

_ خليك أنت مع مراتك يا معاذ وخلى بالك منها، وخالتى هدى والبنات زى ما جُم معايا هيروحوا معايا متقلقش

ربط "معاذ" على كتف "عز" رادفا بمحبة وإمتنان: 

_ أنا وأنت واحد يا عم عز

صعد الجميع السيارات فى فرح وسعادة تلك الليلة بسبب خبر حمل "سهر" الذى سيُشكل فارقا كبيرا فى حياة العائلتان من حيث الفرحة والسرور 

وصل الجميع إلى منازلهم وتوجه كلا منهم إلى شقته بين نظرات غرامية بين "عز" و "ندا" دون أن يراهم أحد ولا يعلم أى منهم أن تلك السعادة لم تدوم لكثيرا من الوقت 





❈-❈-❈


أنتهت "ندا" من محاضرتها وخرج جميع الطلاب من قاعة المحاضرات، لتُسرع "مها" بالأتصال بصديقتها المقربة "مريم" لتخبرها عن أنتهاء المحاضرة، وهذا لأنها لم تاتى اليوم وبالطبع هذا من ضمن مخطط "حازم" الذى قصه عليها عندما كانوا بالمقى، لتُخبرها "مريم" بما يجب أن تفعله مع "ندا"، ومن ثم أنهت "مها" الأتصال مع "مريم" وأسرعت مُتجة نحو "ندا" مُصطنعة البكاء مُعقبة بأسف: 

_ أنا أسفة يا ندا والله بس لو سمحتى ممكن أطلب منك طلب بليز

أعتلت وجه "ندا" ملامح الزعر والفزع من بكاء "مها" هى الأخرى، لتعقب رادفة بأستفسار: 

_ فى أيه بس يا مها بتعيطى ليه كده؟!

أبتلعت "مها" بين شهقاتها بصعوبة رادفة بمزيد من البكاء المُصطنع والمزيف: 

_ ممكن يا ندا لو سمحتى تاخدى أسكتش المحاضرات ده وتوديه عند مريم فى بيتها، والله أنا كنت رايحالها بس ماما كلمتنى وقالتلى إن بابا عمل حادثه ونقلوا المستشفى ومريم مش ساكته وعايزه الأسكتش بتاعها ضرورى عشان الإمتحان بتاع بعد بكره، أرجوكى يا ندا تروحى أنتى توديهولها، أنا مش عارفع أعمل أيه؟!

أزداد نحيب "مها" وبكائها، بينما "ندا" فقد شعرت أنها بورطة كبيرة لا تعلم كيف تتصرف!! أتعتذر من "مها" التى أنهارت من شدة البكاء!! أم تُساعدها وتذهب لكى تُصل لها ذلك الدفتر!! ولكن كيف تذهب إلى بين "مريم" وهى حتى ليست صديقتها؟! هى حتى لا تعرف عنوان منزلها، لتضيف "ندا" شاعرة بكثير من الحرج:

_ والله يا مها أنا معرفش بيت مريم فين!! وكمان مقولتش لماما إنى هروح مكان غير الجامعة

ألحت عليها "مها" مُحاولة إستعطافها رادفة بنحيب: 

_ عشان خطرى يا ندا بالله عليكى، عايزة ألحق بابا وأنا هديكى العنوان بالظبط، هى مش ساكنة بعيد عن هنا أوى، أرجوكى يا ندا مش هتتاخرى متقلقيش

شعرت "ندا" بالحرج الشديد من إلحاح "مها" الشديد وشعرت أيضا بالأسى تجاهها، فهى تعرف مكانة الأب وكيف تكون اللهفة إذا حدث له شيئا لتؤمئ لها بأستسلام رادفة: 

_ طيب يا مها أستنى شوية، أنا هتصل بماما أقولها الأول، بردو عشان تبقى عارفه وأخد أذنها بالمره وإن شاء الله توافق

سريعا ما أخرجت "ندا" هاتفها وأتصلت بوالدتها وأخبرتها بحديثها مع "مها" وعن أمر والدها وطلب "سما" منها، لتحزن "هدى" على والد "مها" وتعاطفت معها ووافقت على طلبيها، ولكنها شرطت على "ندا" أن لا تتاخر وأنهت "ندا" المكالمة مع والدتها موجها حديثها صوب "مها" مُعقبة بأهتمام: 

_ خلاص يا مها أنا هروحلها أهو، بس أنتى أبقى طمنينى على باباكى وربنا يقومهولكوا بالسلامه يارب

أعطتها "مها" العنوان وسريعا ما توجهت "ندا" إلى منزل "مريم" بحُسن نية ولا تعلم إنها قد وقعت بالفخ، بينما أخرجت "مها" هاتفها عند تأكدها من رحيل "ندا" مُتصلة على "مريم" لتخبرها بقدوم "ندا" إلى منزلها الأن

أنهت "مريم" المكالمة مع صديقتها، بينما قامت بإرسال رسالة ما وبعدها وضعت الهاتف بجانبها ونظرت أمامها فى الفراغ وأبتسمت إبتسامة شر متخيلة ما سيحدث بعد قليل...

❈ - ❈ - ❈

لم يمر الكثير من الوقت حتى وصلت "ندا" إلى منزل "مريم"، أمتدت يد "ندا" لكى تطرق على الباب بخفوت وسريعا ما فتحت لها "مريم" بأبتسامة لابقة مرحبة بيها رادفة بزد زائف: 

_ أهلا يا ندا، أتفضلى يا حبيبتى

دلفت "ندا" منزل "مريم" وهى تشعر بالكثير من الحرج، فهى أول مرة لها أن تأتى إلى بيت "مريم" التى هى بالأياس ليست بصديقتها حتى، ولكنها عزمت على أن تُكمل ما جاءت من أجله وترحل بسرعة، لتعقب "ندا" رادفة بخجل: 

_ أتفضلى يا مريم الأسكتش بتاعك أهو، معلش بقى مها حصل عندها ظروف طارقة ومقدرتش تيجى، أدعلها بقى ربنا معاها ويقوم باباها بالسلامة

أعتلت وجه "مريم" ملامح التعاطف المُصطنعة والمزيقة مُضيفة بتأثر زائف: 

_ والله يا ندا غصب عنى، مكنتش أقدر أستنى لحد بكره عشان ألحق أذاكر للامتحان، المهم خدتينى فى الكلام ونسيت أقولك تشربى أيه يا حبيبتى؟!

هزت "ندا" رأسها بالنفى على حديث "مريم" وهى تنهض من مكانها مرة أخرى مُعقبة بهجلة: 

_ لا والله أشرب أيه مش هينفع عشان متاخرش على ماما أكتر من كده، ده يادوبك ألحق أروح

أمتعضت ملامح "مريم" بكثير من الأنزعاج المُصطنع رادفة بإصرار: 

_ لا والله يا ندا مينفعش، لازم على الأقل أعملك كوباية عصير، دا أنتى أول مره تيجى عندى فى ببتى معقول مضيفكيش!!

شعرت "ندا" بالكثير من الحرج من إصرار "مريم" عليها وعدم أستطاعتها على الرفض، لتوافقها "ندا" فى النهاية مُعقبة بإستسلام: 

_ خلاص يا مريم كوباية عصير مش هتأثر، بس بسرعه عشان ماما متقلقش عليا

أومأت لها "مريم" بالموافقة وسريعا ما دلفت إلى المطبخ وأعدت ل "ندا" كأس من العصير، ثم عادت مرة أخرى وتوجهت نحو " ندا " لتجلس معها إلى أن تتناوله، أخذت كلا منهما تتبادلان الحديث حتى تنتهى "ندا" من شُرب هذا العصير 

بعد قليل من الوقت وضعت "ندا" الكأس الفارغ على تلك الطاولة أمامها وسريعا ما نهضت مُستعدة لذهاب رادفة بأمتنان: 

_ طيب أستاذن انا بقى يا مريم، وشكرا جدا على العصير التحفه ده

أبتسمت لها "مريم" مُضيفة بأمتنان مُصطنع: 

_ العغو يا حبيبتى متقوليش كده، بتشكرينى على أيه!! ده أنا اللى بشكرك على تعبك معايا بجد وإنك جبتيلى الأسكتش

كان يودعان بعضهم وهم يتجهان ثوب باب الشقة، ولكن بدأت "ندا" تشعر بالدوار الشديد وعدم الأتزان، وسريعا ما سقطت أرضا مُغشيا عليها لا تشعر بأى شيء يحدث حولها 

❈ - ❈ - ❈

بدأ القلق يتسرب إلى قلب "هدى" وهى تُتابع الساعة التى تجاوزت الخامسة مساًء وموعد عودة "ندا" كان الثالثة بعد مرورها على زميلتها، ولكنها تأخرت أكثر مما تخيلت وما زاد قلقها أن هاتف "ندا" أيضا مُغلق منذ الساعه الرابعة!! 

شعرت "هدى" بالخوف الشديد وأخذت تدعى أن تكون الامور بخير وأن لا يصيب أبنتها أية أذى، بينما خرجت "جنة" من غرفتها لتجد والدتها قالقة للغابة، لتشعر "جنة" أن هناك أمرا ما سئ للغاية، أقتربت "جنة" من والدتها بهدوء رادفة بأستفسار: 

_ مالك يا ماما فى أيه!! شكلك قلقانة أوى كده ليه؟!

أعتلت ملامح القلق والتوتر وجه "هدى" وهى تضيف مُعقبة بعدم القدرة على التحمل رادفة برعب وفزع: 

_ أختك ندا أتأخرت أوى يا جنة، مش عارفه أيه الى اخرها اوى كده!! يارتنى ما سبتها تروح لزميلتها دى 

ضيقت "جنة" ما بين حاجبيها بأستنكار وقد تسرب بعض القلق إلى قلبها رادفة بإستفسار: 

_ زميلتها!! زميلتها مين دى يا ماما؟!

قصت عليها "هدى" كل ما حدث وعن محادثتها مع "ندا" وعن طلب "مها" من "ندا" وسبب عدم ذهابها هى، لترتاب "جنة" من هذا الأمر، ولكنها حاولت أن لا تُظهر ذلك القلق أمام والدتها حتى لا تسوء الأمور أكثر من ذلك، لتُعقب "جنة" بهدوء مُحاولة تهدئتها قائلة: 

_ طيب متقلقيش يا حبيبتى تلاقيها أعدت مع زميلتها دة شوية والكلام أخدهم وتليفونها فصل شحن غصب عنها، زمانها جايه دلوقتى

أومأت لها "هدى" بالموافقة ولكنها لم تشعر بالأطمئنان  بعد رادفة بتمنى: 

_ ياريت يا بنتى أسترها يارب 

❈ - ❈ - ❈

لاتزال "مريم" تحاول أن تُيقذ "ندا" ولكن هذه المرة سريعا ما أستعادت "ندا" وعيها غير مدركة لما حدث أو ما يحدث حولها!! لتنظر "ندا" نحو  "مريم" وهى تشعر بالدوار الشديد وكثيرا من الصداع رادفة بأستفسار: 

_ أيه ده!! هو ايه اللى حصل يا مريم؟!

زفرت "مريم" مُصطنعة ملامح القلق وعدم إدراك سبب ما حدث رادفة بإستفسار: 

_ حرام عليكى يا ندا وقعتى قلبى، مش عارفه أيه اللى حصل!! أنا لقيتك مره واحده دوختى وأغمى عليكى وبقالى ساعتين بفوق فيكى مفيش فايدة لدرجة إنى أفتكرت إن جرالك حاجه

قفزت "ندا" من مكانها بكثير من الفزع رادفة بأرتباك: 

_ بتقولى ساعتين!! ساعتين أزاى يعنى!! هى الساعه كام دلوقتى؟!

ألتقط "ندا" هاتفها رامقة إياه، لتصيح بصدمة رادفة وفزع: 

_ يالهوى ده تلفونى كمان فاصل، ده زمان ماما قلقانه جدا

حاولت "مريم" تهدئتها وإظهار المساعدة لها رادفة بتعاطف مُصطنع: 

_ متقلقيش يا حبيبتى أنا هاجى معاكى عشان أوصلك وعشان متتاخريش أكتر من كده على مامتك 

أومأت لها "ندا" بالموافقة وسريعا ما ذهبا معا لمنزل "ندا" وها هى الخطة تسير كما خطط لها "حازم" بالضبط 

❈ - ❈ - ❈

وصلت السيارة بهم أمام منزلها، لتترجل منها "ندا" وسريعا ما شكرت "مريم" على توصيلها وعزمت عليها أن تصعد معها، ولكن "مريم" أعتذرت منها وأخبرتها إنها سنعوضها مىة أخرى، وسريعا ما صعدت "ندا" إلى بيتِها تحت أنظار "عز" الذى كان يقف بنافذة غرفته وقد أستغرب من تأخر "ندا" إلى هذا الوقت، فالساعه أصبحت الخامسة والنصف ليلا، فهو كان يظُنها نائمة عندما أتصل بها عدة مرات ووجد أن هاتفها مُغلقا، لتمتعض ملامحة مُستفسرا عن من هذا الشخص الذى يقوم بتوصيلها إلى المنزل فى هذا الوقت وأين كانت؟!

شعر "عز" بالكثير من الغضب والغيرة الحارقة وسريعا ما شرع فى الخروج ليلحق بها ويسالها، ولكنه لم يلحقها فعندما خرج كانت هى قد دلفت منزلها بالفعل، ليكذ "عز" على أسنانه بعضب شديد عازما على معرفة من يكون صاحب تلك السيارة!! 

بينما دلفت "ندا" منزلها مُتجهة نحو والدتها التى زفرت براحة عند رؤيتها وكأنها وجدة مأواها، لتصيح "ندا" بكثير من الأسئ مُعتذرة عن تاخيرها رادفة بأسف: 

_ أنا أسفة والله يا ماما أنا و....

قاطعتها "هدى" بحدة والغضب يتطاير من عينها رادفة بحدة وعتاب: 

_ أيه اللى أخرك لحد دلوقتى يا ندا؟!

أعتلت وجه "ندا" ملامح الحزن والإنزعاج من نفسها بسبب غضب والدتها وقلقها إلى هذا الحد، لتجيبها "ندا" رادفة بأسئ:

_ والله العظيم يا ماما كان غصب عنى، أقعدى بس وأنا هحكيلك

قصت عليها "ندا" كل ما حدث لها بمنزل "مريم" وعن فقدانها للوعى، بينما شعرت "هدى" بالقلق الشديد على أبنتها، لماذا فقدت الوعى وهى ليس بها شئ؟! ولم يختر ببالها أى شئ أخر سوا أن تكون أبنتها بها شيء ما، ولكنها يجب أن تطمئن حتى لا يُصور لها عقلها أشياء أخرى تصيبها بالجنون، لتصيح "هدى" مُعقبة بكثير من القلق: 

_ ولما صحبتك فوقتك لقيتى نفسك فين؟!

تفهمت "ندا" لما يدور بعقل والدتها وهذا حقها للأطمئنان عليها، لتُطمئن "ندا" والدتها رادفة بهدوء: 

_ مكان ما كنت أعده معاها فى أوضة الأنترية، الظاهر كده إنها سحبتنى لحد الأنتريه عشان تعرف تفوقنى

هدات "هدى" قليلا وخمنت لتطمئن نفسها أن ما حدث لأبنتها يُمكن أن يكون سببه إرهاقها من الاستيقاذ مبكرا وضغط الأمتحانات ، لتُأومئ لها "هدى" بالموافقة رادفة بحنان: 

_ طيب يا بنتى، روحى غيرى هدومك وأنا هقوم أحضرلك الغداء، زمانك جعانه أوى

وضعت "ندا" يدها على بطنها رادفة بأستعطاف: 

_ أه والله يا ماما دا أنا هموت من الجوع

نهضت "هدى" سريعا عازمة على الإتجاه ثوب المطبخ رادفة بعاطفة د: 

_ يا حبيبتى يا بنتى، غيرى هدومك بسرعة وأنا هحضرلك الأكل حالا

دلفت "هدى" المطبخ لكى تُحضر الطعام لأبنتها، ولكن أوقفها صوت جرس الباب مُعلنا عن قدوم أحدهم، لتتوجه "هدى" نحو الباب وصدمة كبيرة أنتباتها لما راته أماما وجهها!! 

❈ - ❈ - ❈

كان "عز" مُستلقيا على فراشه بنصف جلسة يفكر فى سبب تاخرها إلى هذا الوقت!! ومن هذا الشخص الذى قام بتوصيلها الى هنا بسيارته!! ولماذا كان هاتفها مغلق! أسئلة كثيرة تُطرح براسه لا يعرف لها جواب وبدأ ذلك الشك اللعين بالتسرب تجاة عقلة، ولكنه سريعا ما نفض رأسه من تلك الأفكار مُذكرا نفسه بمدى حبه هو و"ندا" لبعضهما، ليقطع شروده صوت رساله على هاتفه ليظن انها "ندا" قد قامت بفتح هاتفها، ولكنه وجدها أنها رسالة غريبة من رقم مجهول، ليفتحها لمعرفة على ما تحتوى تلك الرسالة!! ولكنه صُدم مما واقعت عينيه عليه 

أنها صورة ل "ندا" و"حازم" عاريان معا فى فراشً واحد لا يسترهما سوا قطعة من القماش القطنى ومستلقيان بجانب بعضهم و "ندا" تتوصد صدره ورافعة وجهها موجهته نحو وجه "حازم" الذى يُقبلها من شفتيها ويبدو عليهم انهم لتو مُتهيين من ممارسة مُحرمة، فذلك واضح على تعابير وجه "حازم" وهو يقوم بتلمس كُل جسدها بيديه القذرتان وهى غير مُمانعه لهذا ويبدو عليها الأستسلام... 

أحمرت عينان "عز" من شدة صدمته وأصبحت الدموع مُتحجرة فى عينيه مما رأه لتو، لا يصدق عينيه هل هذه حقا "ندا"!! كلا بالطبع لا، هى لا تستطيع أن تفعل ذلك، كيف لها أن تفعل ذلك!! أكانت تخدعه كل تلك الفترة الطويلة!! والأن يراها نائمة بأحضان رجل أخر!! لماذا فعلت هذا!! وكيف؟! 

شعر "عز" بكثير من الاختناق والضيق فى صدره ولم يعد يستطيع أن يأخذ نفسه بصورة طبيعية وضربات قلبه لم تعد مستقرة، يشعر بغليان الدماء داخل عروقه وكأنه قارب على أن يزفر أنفاسه الأخيرة، ليتجه سريعا نحو النافذة الخاصه بغرفته لينتبه لتلك السيارة التى لم تُغادر بعد إن قامت بتوصيل "ندا"، ليدقق النظر بها مُحاولا التعرف عليها، هو يشعر وكانه رأها من قبل!! وسريعا ما تذكر "عز" أن تلك السيارة ملكا ل "حازم"، فهو رائها يوم زفاف "سهر" و"معاذ" فشعر بالغضب الشديد وتلك الافكار السيئة التى لا ترأف به 

أوشك "عز" على أن يفقد عقله من كثرة التفكير، ولكنه لن يتوقف، ماذا يحدث أهذه حقيقية أم خدعة للأقاع بينهم!! كلا هذه ليست خدعة هذا يبدوا وكانه حقيقى!! وإن لم يكن حقيقى ماذا تفعل سيارت هذا الوغد هُنا الان؟! أشتعل "عز" بنيران الكراهية ليعزم على النزول إلى ذلك الحقير ويقسم أن يقتله بيده، ليوقفه صوت رنين هاتفة بنفس ذلك الرقم المجهول، ليسرع "عز" بالرد عليه، ليأتيه ذلك الصوت الأنثوى رادفا بسخرية: 

_ أيه رائيك فى حبيبة القلب وهى فى حضن حازم!! بذمتك مش حلوين أوى؟!

أستشاط "عز" مما قالته تلك العاهرة، ولكنه حاول قدر أستطاعته تمالك أعصابه رافا بأستفسار: 

_ أنتى مين وعايزه أيه؟!

زفرت تلك الفتاة بكثير من الملل مُضيفة بمزيد من الوقاحة قائلة: 

_ أنا واحده أنت متعرفهاش أصلا بس أنا أعرفك وأعرف الانسة ندا، أو المدام ندا أصلى أشك فى موضوع أنسه ده بعد الفديو اللى بعتهولك ده، ولا أنت أيه رائيك؟!

قالت جملتها الأخيرة بنبرة ساخرة ولازعة، ليفقد "عز" قدرته على تمالك أعصابه رادفا بأسنان مُلتحمة: 

_ أنتى مين يا بت الكلب أنتى وعايزه منى أيه؟!

ضحكت تلك الفتاة ضحكة ساقطه لا تفعلها سوا العاهرات رادفة بدلال وأستفزاز: 

_ بلاش غلط طيب يا أستاذ عز، يعنى أنا الحق عليا أنى بنورك وغرضى مصلحتك، مهانش عليا أسيبك بقرون كده ومخدوع فيها زي ما أنا كمان كنت مخدوعه، أصل أنا حبيبت حازم واللى سرقته منى الست ندا بتاعتك

صاح "عز" بكثير من الغضب والكراهية رادفا بصراخ: 

_ أنتى كدابه ووسخة، مستحيل ندا تعمل حاجة زى دى، أكيد دى لعبه وأنا هعرف أزاى أوصلك وهطلع عين أهلك يا زبالة يا بنت الكلب

ضحكت تلك الفتاة ضحكة أستفزازية بصخب شديد مجيبة إياة بكثير من الثقة: 

_ أهدى كده بس على نفسك شويه ليطقلك عرق يا زوز، أنا عندى الفديو كامل بس قولت أمهدلك الأول عشان متروحش فيها من الصدمة، وعندى كمان مقاطع أشكال وألوان هبعتهالك وأكيد هتعجبك أوى، لو تحب تشوفها وتتأكد ندا عملت كده فعلا ومش تركيب، لو لسه مش مصدقنى أنا ممكن أديك أمارة بتحصل دلوقتى حالا، حازم وولدته عند ندا فى البيت بيطلبوا أيد ندا لحازم عشان يصلحوا المصيبه اللى حصلت دى، أنت عارف دول مهما كان قرايب بردو ومينفعش يسيب قربته بعد ماااا.... أنت فاهمنى بقى، بس أنت عشان صعبت عليا مينفعش تفضل متعلق بواحده زى دى وقلبك يتكسر، أنا لو منك أبعد أحسن ما أعيش طول عمرى دكر فى البطاقه بس

أغلقت "مريم" الأتصال سريعا قبل أن يتفوه بكلمة أخرى، بينما سقط الهاتف أرضا من يد "عز" من شده صدمته، ليلحق "عز" به مُتهاويا على الأرض غير مُسوعباً لما قالته تلك الفتاة، ليُصيح بعقله مؤكدا لنفسه أن "ندا" لم تفعل هذا الشيء، ولكنه رأى بعينه تلك الصور!! وهذا الذى يُدعى "حازم" عندهم الأن بالفعل، هذه الفتاه لا تكذب بل "ندا" هى من تكذب وتخدعه وأصبح هو ذلك الشخص الأحمق التى خدعته فتاة مثلها، لماذا فعلت به هذا الشيء؟! أخذ يبكى بحرقه على قلبِه المنكسر على حبيبة عمره الذى أكتشف لتو خيانتها له، لتشتعل عينيه بالكراهية عازما على أن يجعلها تندم أشد الندم على خداعها له واللعب معه 

❈ - ❈ - ❈

جلست كلا من "نجلاء" و"حازم" برفقة "هدى" لتنفيذ ما جائوا من أجله، لتُعقب "نجلاء" متفوهة بمكر شديد قائلة: 

_ قولتى أيه يا بقى يا هدى!! أكيد مش هتكسفينى فى طلبى ده وطبعا مش هتلاقى عريس زى حازم ل ندا

أبتلعت "هدى" بأرتباك لا تعلم ماذا تقول لها، فالأمر ليس بيدها هى بل بيد "ندا" وهى فقط من لها الحق فى ان تقرر مصيرها، لتجيبها بكثير من الحيرة: 

_ بصراحة يا نجلاء الموضوع ده رده مش عندى للاسف، ده عند صاحبة الشأن، أدينى وقت أسالها وأسيبها تفكر براحتها وأبقى أرد عليكى بعدها، متأخذنيش يا أختى أصل ده جواز مش لعبة

تنهت "نجلاء" بغطرسة وأستعلاء مُنزعجة من طريقة "هدى" وتأمرها عليها هى وأبنتها، ولكنها لم تخرب خطة أبنها وأصطنعت الموافقة رادفة بتاكيد: 

_ حقك طبعا يا حبيبتى ولازم تاخدى رائيها وتاخدوا وقت تفكروا فيه كمان، بس مطوليش عليا لحسن حازم مستعجل أوى

أومأت لها "هدى" بالموافقة رادفة بصفى نية: 

_ من عنيا يا حبيبتى واللى فيه الخير يقدمه ربنا بعون الله

أبتسمت "نجلاء" بمكر ونظرت نحو أبنها ليبادلها الأخر الأبتسامة، فهى الان نفذت مهمتها لإرضاء أبنها الحقير وسريعا ما ذهبا، ليتركا "هدى" تُفكر بالأمر وتبحث عن طريقة تفاتح بها أبنتها وتقنعها بهذا الأمر 

❈ - ❈ - ❈

أستيقذت "ندا" من نومها وسريعا ما خرجت من غرفتها، لتجد والدتها وشقيقتها يجلسان معا أمام التلفاز فتوجهت لتجلس معها ملقية عليهم تحية الصباح رادفة بصوت غالب عليه أثار النوم: 

_ صباح الخير يا حبايبى

بادلتها كلا من "جنة" و"هدى" التحية، بينما عقبت "هدى" مُضيفة بأستفسار: 

_ صباح النور يا قلبى، أيه نموسيتك كحلى النهارده ليه كده معندكيش محاضرات النهارده ولا أيه؟!

تنهدت "ندا" بأرهاق شديد خشية من ما هى مُقبلة عليه، فبداية من الأسبوع القادم ستبدا أمتحانات نهايه العام وعليها الأستعداد لها جيدا، لتجيبها "ندا" رادفة بتعب: 

_ لا كان عندى محاضره النهارده الساعة تسعة بس أتفقت مع واحده صحبتى تبعتهالى عشان أنا تعبانه أوى وقولت أريح نفسى النهارده عشان الأمتحانات هتبدا من أول الأسبوع الجاى إن شاء الله

أومأت لها "هدى" برأسها موافقة إياها على ما فعلت فبالطبع هى تحتاج لقليل من الراحة خصيصا بعد ما حدث ليلة أمس، لتجيبها "هدى" رادفة بأتفاق: 

_ خير ما فعلتى يا بنتى، أنتى فعلا محتاجه ترتاحى شوية وتهدى أعصابك

شعرت "هدى" أن هذا هو الوقت المناسب لتتحدث مع "ندا" عن موضوع "حازم"، ولكن الحديث فى مثل تلك الأمور يكون على إنفراض،  لتلتفت "هدى" نحو "جنة" رادفة بأبتسامة هادئة: 

_ بقولك أيه يا جنة يا حبيبتى، ما تقومى تعمليلنا الفطار عشان أنا جوعت أوى ومش قادره أقوم أحضره

أنزعجت "جنة" من طلب والدتها، فهى لا تكره بحياتها شئ كالمطبح، لتزفر بضيق وحنق رادفة بتأفف: 

_ يوووه بقى يا ماما، ما تخلى الست ندا هى اللى تقوم تحضره، هو أنا عشان الصغيره كله جى عليا كده!!

ضربتها "ندا" بخفة على راسها رادفة بمرح: 

_ ما تقومى يا بت وأسمعى الكلام بقى، وأعمليلى كمان معاكى كباية نسكافية

زفرت "جنة" بحنق وإنزعاج ونهضت من مكانها مُتجة صوب المطبخ رادفة بضيق: 

_ حاضر يا أختى، منا أصلى الخدامة الفلبنية بتاعتك أنتى كمان، خلصنى بقى يارب من البيت ده عشان أنا أتخانقت منهم أصلا

جلست "ندا" بجانب والدتها لتشاهد معها التلفاز بعد أن ضحكت بشدة على إنزعاج شقيقتها، بينما شعرت "هدى" أن هذه هى فرصتها وهذا هو الوقت المناسب لمُحادثة أبنتها فى هذا الأمر، لتعقب رادفة بحب: 

_ بقولك أيه يا ندا، فى موضوع كده كنت عايزه أتكلم معاكى فيه وأعرف رائيك فيه أيه؟!

أعتلت وجه "ندا" الكثير من ملامح الأستفسار رادفة بكثير من الفضول والإهتمام: 

_ موضوع أيه يا ماما؟!

❈ - ❈ - ❈

مُستلقيا "عز" على فراشه أحمر العينين شاحب الوجه، بالطبع فهو لم ينم منذ ليلة أمس ويحاول أن يفرغ بعض من غضبه بأحراق السجائر ونثر الدخان حوله لعله يستطيع أن يهدأ من تلك النيران المُشتعلة داخل صدره 

لاحظت "منى" باب غرفة "عز" مفتوحا، لتسترق النظر لتجده مُستيقظا، لتطرق الباب دالفة الغرفة ليعتدل فى جلسته وأطفئ تلك السجارة التى لا يتذكر أهى المئة أم المئاتان، لتجلس معه "منى" التى شعرت بالقلق حيال جلسته وهيئته تلك لتردف بأستفسار: 

_ مالك يا عز فى أيه!! مطلعتش تفطر معانا ليه النهاردة!! وعنيك حمرة كده ليه؟! شكلك منمتش طول الليل!!

وقعت عيناها على مطفأة السجائر شاهقة بفزع مُضيفة: 

_ وأيه كمية السجاير دى؟! مالك يا عز فى أيه يا أبنى!! 

أغمض "عز" عينيه بألم كبير، كم يتمنى أن يلقى بنفسه داخل صدر والدته ويبكى بكل ما به من قوة!! ولكن ماذا سيقول لها!! هل يقول لها أن أبنها تم خداعة وخيانتة وكُسر قلبه من قبل الفتاة الوحيدة التى ظل يحبها منذ سنوات طويلة؟! لا لن يفعل ذلك لم ينهار أبدا، أبتلع "عز" ألم قلبه مُجيبا إياها بضيق: 

_ مفيش حاجه يا أمى أنا كويس متقلقيش، مشكلة بس فى الشغل وبكره هتتحل إن شاء الله

ضيقت "منى" ما بين حاجبيها بعدم تصديق لما يقوله أبنها مُضيفة بأستفسار: 

_ طب ليه مطلعتش تتعشى معانا أمبارح كمان؟!

أشتعلت النيران بداخل "عز" عن تذكر ما رائه ليلة أمس وصور "ندا" مع ذلك الحقير وتلك المكالمة التى تلقها، ليتملكه الغضب والكراهية تجاه "ندا"، كم يريد أن يحرق هذا العالم بأثره، ولكنه سريعا ما تمالك نفسه حتى لا تلاحظ والدته شيئا، ليجيبها رادفا بهدوء زائف: 

_ معلش يا أمى مكنش ليا نفس

أدركت "منى" أن أبنها يكذب ولكنها لاحظت أيضا ذلك الضعف بعينيه وعدم إرادة فى التحدث بالأمر، لُتفضل عدم الضغط عليه هذه المرة، ليُسرع "عز" ناهضاً من فراشه مُتجها صوب المرحاض مُحاولا إخفاء تلك الملامح التى أقل ما يُقال عليها إنها تعود لشخص على وشك أن يفقد حياته، لتُتابعه "منى" بعينها بأسئ وهى تشعر أن هناك أمرا كبير وأن ذلك الأمر الذى يُزعجه أكبر من نطاق عمله بكثير جدا، لتتمتم "منى" رادفة بتمنى: 

_ ربنا يسترها عليك يا أبنى، أنا قلبى مقبوض وحسه بحاجه وحشه هتحصل، جيب العواقب سليمة يارب



يُتبع..