-->

الفصل الرابع عشر - قلبي بنارها مغرم

 


الفصل الرابع عشر

دلفت مريم إلي الحفل وتحركت إلي المنضدة التي تلتف حولها والدتها وچدتها وليلي،، وما أن شاهدتها طفلتها الباكية حتي أشارت إليها فالتقتطها علي الفور وهي تُقبلها بلهفة وتمسح علي ظهرِها بلمسات حنون كي تُهدأها

تحدثت إليها حياة بنبرة لائمة : أية يا بِتي التأخير ده كلياته ،، بِتك مبطلتش عياط وعمالة تسأل عليكي

 

تنفست عالياً ثم زفرت بضيق وتحدثت : إسكتي يا أمّا علي اللي حُصل لي

 

وبدأت بقص ما حدث عليهم

 

فتحدثت الجده بحنان : فداكي مية دبلة يا بتي ،،ولا يهمك من بُكرة هخلي فارس يچيب لك أحسن منيها

 

إبتسمت بأسي حين تذكرت ذاك الفارس الذي لم يكترس لها من الأساس،، حتي أنهُ وصل بهِ الامر أنه لم ينتبة إلي جاذبية ثوبها أو لون حجابها الرقيق

 

شكرت جدتها وتنهدت بأسي

 

ثم تحدثت إلي والدتها بإستفهام : هي صفا مخرجتش لحد دالوك ليه يا أمّا ؟

 

تحدثت ليلي بنبرة ساخرة مُتهكمة : تخرچ كيف بِت ورد جبل ما الحاشية كلياتها تِكتمل و تنتظر ظهور السلطانة علي نار و أول ما تدخل الكُل يجف ويجدم لها فروض الولاء و الطاعة

 

إنفلتت ضحكة عالية من مريم لم تستطع الإمساك بها في حين رمقتها رسمية بنظرة مُرعبه أخرستها وجعلتها تبتلع باقي ضحكتها وتُكظمها

 

ثم حولت بصرها إلي ليلي وتحدثت بنبرة حادة لائمة : لحد ميتا هيفضل غلك ياكل في جلبك من ناحية بِت عمك يا بت قدري ؟

 

و أكملت بأسي وحديث ذات مغزي : ولا يكونش دِه وراثة هو كَمان ،،

 

واسترسلت حديثها بنبرة مُعاتبة : مش بكفياكي عاد لحد إكدة ،، البت بجت مرت أخوكي ولساتك الحقد مالي جلبك من ناحيتها لية

 

نظرت إلي جدتها بحدة وتحدثت بنبرة ساخطة : الجبول والمحبة بياجو من عند ربنا يا چدة.،، وربك والحق اني من يومي مهطيجهاش لله في لله إكدة،، وأني حُرة

 

وأكملت بتهكم : ولا تكونش هتجبرونا نحبها غصبن عنينا كُمان

 

أجابتها الجده بإقتضاب : لا يا أم لسان متبري منيكِ ،، بس علي الاجل تعامليها زين ومتبينيش كُرهك وحجدك بالأوي إكده

 

واسترسلت حديثها بنبرة يكسوها بعض الندم : بس خُديها نصيحة من چدتك العچوزة يا بِت ولدي،، الحجد معيدمرش غير صاحبة،، والجسوة بتموت الجلوب ،، ويا ويلك لو الجلب مات

 

إنتفضت من جلستها في إعلان منها عن رفض حديث جدتها و وقفت غاضبة وتحدثت بنبرة ساخطة لكل ما حولها : أني فيتالكم المطرح بحاله ،، هروح أجعد جار أمي زمناتها محتچاني چارها بعد ما الكُل سابها لحالها في ليلة فرح ولدها البكري

 

وتحركت تحت نظرات رسمية ونجاة اليائسة من أفعال تلك الليلي التي ورثت حقدها علي صفا و ورد من والدتها

 

وجهت نجاة حديثها إلي والدة زوجها لتهدئ من روعها بعدما إستشفت حُزنها الظاهر بعيناها : هدي حالك يا مرت عمي،، دي بت مطيورة و معرفاش حالها بتجول أيه،، بكرة تعجل وربنا يهديها وتعرف إنها دُنيا متفاته وممستهلاش الكُرة دي كلياته

--

أما بالأعلي داخل الغرفة المتواجدة بها صفا

أنتهت لينا من وضع اللمسات الأخيرة لصفا وتحدثت بإبتسامة : ليك دخيلو شو هالعروس يلي متل القمر،،

إسم الله عليكي بتچنني وبتاخدي العقل

وهلئ وقفي وأتطلعي عحالك بِالمْرايِة

 

كانت ترتدي ثوبً يُشبة أثواب الأميرات في رِقتهِ ورُقيه،، مرتديه حِجابً أنيقً زادها فوق حُسنِها حُسنً ،، وضعت لها لينا بعض مساحيق التجميل الهادئة وتفننت لتجعل من ملامحُها الرقيقة كلوحة فنية بديعة الصُنع،، مما جعلها كملاكٍ برئ لا تملُ العين من رؤياه

 

إبتسمت لها بوهن واعتدلت ثم وقفت بالفعل وتطلعت إلي إنعكاس صورتها بالمرأة،، وبلحظة شعرت بمرارة داخل حلقِها لم تشعر بمثيلها طيلة الخمسة وعشرون عامً المُنصرمة

وذلك بعدما رأت شدة جاذبيتها وجمالها الفتان التي شاهدتهُ في إنعكاس مرأتها

 

تمنت لو أن لها الحقُ في الإنهيار والتعبير عن ما تشعُر به من مّرارة ،، أرادت أن تصرخ ألماً بأعلي صوتها لتُعلن للجميع عن مدي عُمق جُرحها النازف،، ضغطت علي حالها بأقصي ما عِندها لتبقي ثابته لأجل أحبتِها

 

نظرت لإنعكاسِها وبدأت بحديث النفس المُؤلم،،

ماذا فعلتُ بدُنياي لحتي أُجني حصادي بكل ذاك الوجع ؟

أيُعقل أن تكون تلك هي ليلتي التي بِتُ أحلمُ بها مُنذُ نعومة أظافري ؟

لما إلهي ؟

وما الحِكمةُ من وراء ما يجري معي ؟

ما الذنبُ الذي إقترفتهُ يدي لتُذبح روحي وتندثرُ فرحتي أمام أعيُني هكذا ؟

ثم مالت برأسها قليلاً لليمين ومازالت تري إنعكاسها من خلالِ مرأتها،،،ومازال حديثُ النفسِ دائِرًُ

دائماً ما كُنت أنتظرُ ليلتي تلك

و لطالما كُنت أظُنها حقاً ليلتي

و لطالما ظَننتُ أن سعادتي بها ستتخطي عنانُ السَماء

ولكني قد نَسيتُ أن بعض الظنِ إثمُ كَبير

وها أنا الأنُ آُجني حصاد إثمِي

ولكن !!! ما هو إثمي يا تُري ؟

أنا حقاً لا أعلمهُ !

هل هو إثمًُ خَفيُ غير معلوم؟

أم انهُ إرثُ عائلتي !!

 

فاقت من شرودها علي دلوف ورد إليها التي أتت لتُخبرها بأن أباها ينتظرها بالأسفل ليصطحبها للخارج،، وبناءً عليه فإنها وجب عليها النزول

 

وما أن رأتها ورد حتي إنتفض داخِلُها بشدة من فرط سعادتها بفضل ما رأت وبدون سابق إنذار أطلقت الزغاريد الرنانة لتنزل علي قلب تلك الصفا وتُشعرها بقمة سعادتها رغم ما بقلبها من خيبات وألم

 

وقفت أمام إبنتها وتحدثت بعينان مبهورتان غير مصدقتان لما ترا أمامها : الله أكبر يا دَكتورة الله أكبر

حصوة في عين كل اللي شاف چمالك ولا صلاش علي سيدنا وحبيبنا محمد صلي الله عليه وسلم

 

إبتسمت لوالدتها بسعادة حين رددن جميع الموجودات : علية افضل الصلاة والسلام

 

ثم تحدثت بنبرة حنون متأثرة برغبتها التي تلحُ عليها في البكاء لكنها تحاربها وبكل قوتها كي لا تُأثر علي إبنتها : مبروك يا جلب أمك

 

أجابتها بحنان : الله يبارك فيكِ يا أمّا ،، ربنا يخليكِ ليا إنتِ وأبوي

 

ثم إلتفت ورد ببصرها إلي تلك اللينا التي تتجنبها خشيةً غضبها وحديثها القاسي وتحدثت بنبرة ودودة وأبتسامة واسعة بمثابة إعتذار : تسلم يدك يا مدام لينا ،، وحجك علي

 

إبتسمت لها لينا وصفي قلبها سريعً وتحدثت بإبتسامة لطيفة : ولو مدام ما تِحكي هيك هيدا واچبي وشِغلي ،، ألف مبروك للعروس،، الله يهنيها ويسعدا

 

تحركت صفا وأتجهت إلي الدرج لتتدلي وجدت والدها ينتظرها أسفل الدرج ،، وقفت أمامهُ تنظر إليهِ بنظرات ممزوجه بالخجل والإحتياج معاً ،، إتسعت عيناه بذهول عندما شاهد صغيرتهُ أمامهُ بثوب زفافها الذي جعل منها حورية هبطت لتوِها من الجِنان وما كان منهُ إلا أنهُ سحبها وادلفها لداخل أحضانه وبات يشدد عليها وكأنهُ يريد أن يشق ضلوعهُ ويخبأها بداخلة

 

مشاعر متناقضة إقتحمت كيان زيدان،، حب،، خوف،، سعادة،، غيرة،، رغبة في البكاء،، كمٍ من المشاعر المختلفة تمكنت منه،، تماسك من حالهِ كي لا تخونهُ عيناه وتسمح لدموعهُ الحبيسة بالإنسياب،، لم يقوي علي إخراج صوته المكتوم فأشار لها بيده كي تتشابك يده وتتحرك

 

إبتسمت بخِفة وأطاعته بعدما قرات بعيناه كل ما كان يجب أن يُقال،، تحركت بجانبهُ متجهه للخارج وخلفهما ورد التي كانت تُشاهد ذاك المشهد الصعب علي أي أب وتبكي بصمت كي لا يشعرا عليها ويلحقاها بالبكاء

 

بالخارج تحدثت فايقة بضيق إلي ليلي : هي السنيورة إتأخرت چوة لية إكدة ؟

 

وما أن أنهت جُملتها حتي إستمعا إلي صوت الموسيقي يصدح ليُعلن عن ظهور العروس بصحبة زيدان وخلفهما ورد

 

وقفن جميعهن إحترامً لتلك اللحظة وبدأن بالتصفيق الحاد وإطلاق الزغاريد تعبيراً عن فرحتهم بإبنة عائلتهم ونجعهم،، إنبهرن جميعهُن بجمال صفا الهائل وبِتنَ يتهامزن فيما بينهُن بإعجاب ،، أوصلها زيدان إلي المكان المُزين والمخصص لجلوسها

 

أحاط وجنتيها بكفيه بتملك ووضع قُبلة فوق جبينها بقلبٍ مُنفطر ثم إنسحب سريعً من امامها ليُغادر ،، وجد والدتهُ تقف قبالته

 

وتحدثت إليه بحنان وهي تُمسك يده وتُشدد عليها وكأنها تؤازرهُ لتقل له عيناها أنا معك،، وأشعر بما ينتابك من ألام مُميتة ،، قبل يدها ومقدمة رأسها وبعدها إنهالت عليه المباركات من شقيقتيه وأقربائة من نساء العائلة

 

وتحࢪك سريعاً ليُغادر فحقاً لم يعُد لديهِ القُدرة علي إحتمالية الوضع أكثر ،،

 

وما أن وصل لخارج حدود الإحتفال في طريقهُ إلي إحتفال الرجال حتي أوقفهُ صوتها الهادر وهي تُنادية بثبات : زيدان

 

إلتفت للخلف ونظر لها مضيق العينان مُستغربً حين تحدثت هي بنبرة شامتة ونظرة عين حادة كارهه : مبروك لراحة جَلب بِتك يا زيدان ،، بِتك الليلة هتنام وتِغرج چوة حُضن الراچل اللي ياما حِلمت بيه وإتمنتُه

 

وأكملت بنبرة ساخرة : لچل بس متِعرف إني أحسن وأرچل مِنيك ،، مهانش علي أكسر جلب بتك العاشقة كيف إنتَ مكسرتِني وذلتني زمان

 

وأكملت بنظرة حارقة : لساتك فاكر يا زيدان ولا الزمن نساك جلب فايقة اللي حِرجته ودوست علية بجسوتك وچبروتك ؟

 

كان يستمع إليها بذهول وتيهه،، أيعقل أن تظلي متذكرة الماضي إلي الأن.؟ يا لك من إمرأة مريضة

 

عاد بذاكرتهِ للخلف

مُنذُ أكثر من ثلاثون عامً مضت

كان ذاك الشاب الوسيم ذو الجسد الرجولي الذي بالكاد بلغ عامهِ الثامن عشر يفترشُ أرضً بحديقة الفواكة الخاصة بوالده،، رأها تأتي عليه من بعيد،، تلك الفتاه الجميلة بضفائرها المجدولة الطويلة الظاهرة من تحت رابطة شعرها الصغيرة التي تعقِدُها من الخلف،، ترتدي ثوبً واسعً يهفهفُ من حولها وتتحرك إلية بدلال والعشق ينطق من داخل عيناها وهي تنظر لفارس أحلامها الوحيد

إنها فايقة، إبنة السابعة عَشر من عُمرها

 

تحدثت إليه بنبرة ناعمة : كِيفك يا زيدان ؟

 

شملها بنظرة مستغربة وتساءل مُتعجبً : فايقة ؟

أيه اللي چايبك إهني في وجت الضهرية والطريج مجطوع إكدة ؟

 

نظرت إليه متلهفة وتساءلت : خايف علي يا زيدان ؟

 

طبعاً يا فايقة،، مش بِت خالي وخطيبة أخوي،، كانت تلك جملة نطقها بطلقائية زيدان ولكن نزلت علي قلب تلك العاشقة شطرته لنصفين

 

وتحدثت بنبرة حادة رافضة : أني مش خطيبة حد يا زيدان،، وأني چاية مخصوص إهني لچل ما اتحدت وياك في الموضوع دِه

 

نظر لها بتمعن مُنتظراً تكملة حديثها فأكملت هي بتمرد : أني مريداش قدري يا زيدان ،، معحبهوش أني ولا حتي بطيج أشم ريحُه

 

ثم جلست بجوارة وبعدم حياء وضعت كف يدها فوق يدهِ وتحدثت وهي تنظر داخل عيناه بهيام : أني عَحِبك إنتَ يا زيدان،، عشجاك من سَاسي لراسي يا ولد عَمتي

 

نفض يدها سريع وانتفض من جلسته واقفً كمن لدغهُ عقرب وتحدث بعيون غاضبة : حديت أية الفارغ اللي عتجولية دي يا بِت خالي ،، إتچنيتي إياك ؟

 

وقفت لتقابلهُ وتحدثت بحدة وصوتٍ عالي : إتچنيت عشان بجولك عشجاك

واكملت بنفس نظرة العشق : إيوة عشجاك وعاشجة التُراب اللي رچلك عتخطي علية يا حبيبي

 

أجابة بعيون تطلقُ شزراً : كنك إتچنيتي صُح ،، إعجلي يا فايقة،، إنتِ خطيبة أخوي الكَبير اللي عيدخل عليكي بعد شهر من دلوك

 

أجابتهُ برفضٍ قاطع : واني معيزاهوش يا زيدان ،، معطيجش ريحُه بجولك،، أبوك خطبني لقدري إكمني الكبيرة وإختار بدور ليك عشان لساتها صغيرة ،، أني عجول لأبوي إني مريداش قدري ،، واكيد چوز عمتي عيخطب له أي واحدة من بنات العيلة ،، وبكديه قدري ومنتصر عيتچوزوا الشهر الجاي كيف ما عمي عِتمان مجرر ،،

 

واكملت بشغف ظهر بعيناها : بعدها إنتَ تطلب من أبوك يكلم ابوي ويطلب يدي،، وإن كنت شايل هم عمي عتمان وخايف لميوافجش عشان رفضي لقدري،، اني عاملة حسابي وهجول لعمتي رسمية إن أني وإنتَ عشجانين بعض وأخليها تِجنعة بچوازنا

 

كان يستمع إليها بذهول غير مصدق ما تستمعهُ آذناه ولا لما تراهُ عيناه وتحدث بعدم إستيعاب : أني ما مصدجش حالي،، معجول يطلع منيكِ كل ده يا فايقة ،، ده أنتِ كَمان مخططة لكل حاچة ومفايتكيش فوته

 

قطعت حديثهُ وهتفت بلهفة : ومستعدة أعمل أي حاچة لچل بس ما أوصل لك واعيش في چنتك وچوة حُضنك يا سيد الرچالة

وتساءلت بلهفة : ها ،، جولت أيه يا زيدان ؟

 

أجابها بنبرة حادة : جولت لا إله إلاّ الله محمد رسول الله،، عاودي يا بِت الناس علي بيتك واني إن كان علي هنسي كل التخاريف اللي جولتيها دي ومعجولش لحد واصل ،، ولازمن تعرفي زين إن قدري أخوي سيد الرچالة كلياتهُم ولو لفيتي الدِنيي بحالها معتلاجيش ضِفرة

 

بس أني عشجاك إنتَ ومعوزاش حد غيرك يا زيدان ،، جملة قالتها بإستعطاف

 

واني مشايفكيش جِدامي من الأساس ،، جمله قالها بعيون غاضبة

وأكمل بنبرة صارمة : ودالوك غوري من جِدامي وروحي علي بيتك چهزي حالك لدُخلتك علي قدري اخوي اللي صبايا النچع كلياته تتمناه

 

ادمعت عيناها بتوسل وبسرعة البرق كانت ترتمي داخل أحضانة وهي تلف ذراعيها حول عُنقه في محاوله منها بالتشبُث لتصعد إلي وجهه وذلك نتيجة طولهُ الفارع والذي يتخطاها بالكثير من السنتيمترات،،

 

لم يشعر بحالة إلا وهو يُبعِدُها عنهُ ويُزيحها بحده ثم رفع يدة ونزل بصفعة قوية فوق وجنتها كي تعود إلي وعيها ،، مما جعل رأسها تلتف للجهه الاخري ،، تهاوت علي أثرها حتي انها وقعت أرضً

 

جحظت عيناها غير مصدقة لما جري للتو،، وضعت يدها تتلمس أصابع يده التي علمت بوجنتِها ،، ثم رفعت وجهها ونظرت إليه بكُرةٍ وحقد وتحدثت بنبرة يملؤها الغِل : خليك فاكر الجَلم ده زين جوي يا زيدان ،، عشان هردهُ لك الطاج عَشرة،،

ورب الكعبة لردهولك يا ولد عِتمان النُعماني

 

وتحركت عائدة إلي منزلها وما أن دلفت حتي أخبرت والدتها أنها أصبحت جاهزة لزواجها من قدري،، وبعد أقل من شهر تزوج قدري ومنتصر بنفس اليوم وبات زيدان يتجنب التعامل مع فايقة ويبتعد عنها وعن اية مكان يجمعهما قدر الإمكان لتجنب الشُبهات

 

أما هي فقد تحول عشقها الهائل لزيدان إلي منتهي الكُرة والحقد وأصبح كل همُها في الحياة هو تدمير قلب زيدان بشتى الطُرق ،، حتي أنها نقلت حِقدها إلي قدري ونجحت بالفعل ان تجعل من قدري شخصٍ حقودٍ طامع يحقد علي شقيقهُ ويكرههُ بدون أسباب ،، لكن قدري شعر بأنها تكِن لشقيقهُ شئً ما داخل صدرها،،وذلك بعدما فضحتها عيناها التي مازالت تشتاق رؤياه بتلهف رُغم الكُرة الكبير

 

عودة للحاضر

نظر لها زيدان وتساءل بعيون مستغربه : يااااه يا فايقة علي سواد جلبك وحجدة ،، لساتك فاكرة لدلوك ؟

 

وضعت يدها علي وجنتها وكأن ألم صفعتِها مازالَ مُشتعلاً ولم ينتهي إلي الأن وتحدثت بحقد : عمري ما نسيت ولساتني عند وعدي ليك يا زيدان

 

وتساءلت بإبتسامة شامته : فاكر وعدي ليك يا زيدان ولا نسيتهْ كيف ما نسيت وچع جلب فايقة ؟

 

إبتسم ساخراً وأردف قائلاً بنبرة متهكمة : لما تتحدتي ويا زيدان النعماني تُبجي تتكلمي علي جدك يا فايقة،،

 

واكمل ناصحً لها : إعجلي يا بِت الناس وإعملي حساب لعيالك اللي بجوا رچالة يسدوا عين الشمش

 

ورمقها بنظرة مُقللة من شأنها وتحرك دون إستئذان فتحدثت بصوتٍ مسموع إليها وهي تتبع أثره بعيون سعيدة ونبرة شامتة : إضحك يا زيدان ،، بس الشاطر هو اللي عيضحك في الأخر ،،

 

وأني اللي عضحك من كُل جلبي واني شيفاك بتتجطع من الوچع علي جهرة جلب بتك الوحيدة وإنتَ واجف تتفرج عليها وهي بتموت بالبطئ جدام عنيك

 

وتحركت إلي الداخل من جديد

 

--

بعد مرور مدة كبيرة من الوقت قضتها صفا جالسة فوق مقعدها المُزين والمخصص لها وكأنها ملكة تجلس علي عرشِها في يوم تتويجها ،، دلف إليها قاسم بصحبة فارس و زيدان كي يُقدم لها شبكتها ويُلبسها إياها أمام العَلن كما هو العُرف المُتبع بنجع النُعماني

 

كان يتحرك بجانب عمهِ وشقيقهُ بهيئة خطفت أبصار جميع الموجودات،،رافعً قامتهِ لإعلي بطولهِ الفارع وجسدهِ الرياضي الممشوق،، ناهيكَ عن شياكتهِ وجاذبيتهِ التي لا تُقاوم ،،حيثُ كان يرتدي حلةٍ سوداء برابطة عُنق باللون القُرمزي،،ويعتلي كتفيهِ عباءة باللون البُني قد أهداهُ عتمان إياها خصيصاً لذاك اليوم

كان يُشبه أميرُ الأساطيرُ حقاً بطلتة تلك

 

تحرك في طريق الوصولَ إليها مع إطلاق الزغاريد المُهنئة من النساء اللواتي إصطفين علي جوانب الصفين ينظرن عليه ويتطلعن علي حُسنهِ ورجولته

 

كان يتحرك وينظر إلي مقعدها مُتلهفً شغوفً لرؤيتها وهي بثوبِ زِفافها،، لكن وجود والدتها وعماتها أمامها حجب عنهُ رؤيتها وما أن إقتربَ حتي إبتعدن الواقفات ليُفسحن لهُ المجال

 

و آزيحَ الستار من أمام عيناه ليظهر لهُ وجهها البهي وكأنهُ قمراً مُنيراً يشعُ ضياءً ويطغي بريقهُ بإشراقٍ ليُضئ المكانُ ويطفو عليه بسحرٍ وجاذبية

 

تسمر بوقفتهِ حين نظر إليها ،، أسرتهُ بجمالها الأخاذ وعيناها الساحرة خاطفة قلوب العُشاق بوهلتِها الأولي ،، شعر بشئٍ غريبً يحدث داخلهُ ،، هزة عنيفة إقتحمت قلبهُ فزلزلتهْ ،، رعشة سرت بداخل جسدهِ بالكامل ،، رغبه مُلحة تُطالبهُ بسحبها لداخل أحضانه وإشتِمام عَبيرُها ،،

 

نظر برغبة لشِفاها المُنتفخة بلونها القُرمذي المُميز والتي تُشبه حباة الكَرز الناضجة وتنتظر مُتذوقها ،، ومن غيرهُ سيتذوقها ويغوصُ بها ليأكُلها بتلذُذ وإستمتاع ،، إبتلع ريقهُ حين رفع ببصرهِ وهو يدقق النظر داخل عيناها الزرقاويتين الصافيه كمياة البحر

 

وما كان حالُها ببعيدٍ عنه،، بل علي العكس كانت تزيدُ عليه وتتخطاهُ بالعديدِ من المراحل ،،

إنهُ العِشقُ يا سادة

 

نظرت لداخل عيناه وجدت بهما إعجابً لا،، ليس إعجابً بل هو إنبهارٍ وسِحراً بكل ما تحملهُ الكلمة من معني عميق ،، تمنت لو أن لها الحق في أن تنتفض من جلستها وتُلقي بحالِها داخل أحضانه والتي طالما حلُمت بها وتمنت

 

أخرجهما مما هُما علية صوت صباح التي صدح بإطلاق الزغاربد المُتتالية وهي تتحدث وتُجذبهُ من يدهُ ليجلس بجانب عروسِهْ الجميله : تعالي لبِس عروستك الشبكة يا قاسم

 

إستجمع حالهُ وتحمحم بشدة لينظف حنجرتهِ ثم نظر إلي عيناها ومد يدهُ إليها ليحتضن بها كفها الرقيق ويتلمسهُ بنعومة أذابت جسدِها ثم أردف قائلاً بنبرة هادئة : مبروك يا صفا

 

إبتلعت لُعابها وأجابتهُ بنعومة وهي تسحب بصرها عنه خجلاً : الله يبارك فيك

 

تحدث زيدان وهو ينظر إلي قاسم ليحثهُ علي التسرُع : يلا يا قاسم لبسها شبكتها بسرعه لجل ما تطلع علي شُجتها عشان ترتاح ،، يومها كان طويل والچو بدأ يبرد

 

أكدت علي حديثهُ عَليه التي تحدثت بنبرة قلقة علي إبنة غاليها : إيوة يا ولدي الله يرضي عليك خلص وطلعها لشُجتها حاكم الحريم كلوها بعنيهم اللي تندب فيها رصاصة

 

أومأ لهما برأسهِ وجلس بجانبها حين أمسكت ورد عُلبة من بين اربعة عُلب مليئة بالذهب البُندقي الخالص التي حَظيت بها صفا كهدايا،، بعضها كشبكتها من قاسم التي إختارتها هي بنفسها بصحبته مغصوبً ،، وبعضها هدية من چدتها رسمية والبعض من والدها زيدان

 

أمسك قاسم عُقداً قصيراً وجهزهُ لوضعهِ حول عُنقها حين إستدارت هي بظهرها لتعطي لهُ المجال وأقترب هو منها كثيراً حتي أنهُ إلتصقَ بها فقشعر بدنها سريعً وأنتفضت فضحكت ورد وصباح عليها،، أما هو فقرب شفتاه من آذنها وهمس لتهداتها : إهدي يا صفا ومتخافيش

 

إنتفض داخِلها وثار عليها وكادت أن تفقد وعيها من مُجرد همسهِ داخل آُذنها وكَرر تلك العملية مِراراً، ثم جاء دور خاتم الخُطبه الذي يجب أن يتم نقلهِ من اليد اليُمني إلي اليُسري حسب العُرف السَائر

 

إرتجفت يدها بمجرد لمستهِ،، لكنهُ أخرجها من حدة صوتهِ وهو يتحدث بتملل لكثرة ما تبقي من ذهب يجب عليه إلباسها إياه : خلاص يا چماعة كفاية اللي لبسته لحد دالوك،،

 

واكمل وهو يُشير إلي العُلبتان المتبقيتان بضجر : ملوش لزوم الباجي ده كلياته ،، مهنستعرضوش إحنا جِدام الخَلج

 

تحدثت إليه صباح بإعتراض : مهينفعش يا قاسم،،لازمن تلبس عروستك كُل الدهب وإلا هيُبجا فال شوم،، وبعدين لجل ما حريم النچع يشوفوا دهب بِت زيدان النُعماني زين

 

هتف بنبرة صارمة مُعترضً علي تلك العادات البالية : واني جولت كفاية لحد إكدة يعني كفاية يا عمة

 

غضبت صفا وحزن داخلها من تمللهُ وفسرت إعتراضهُ علي تلك العادات انهُ مل من تواجدهُ بجوارها ولم يطق الجلوس ولمسها أكثر ،،

 

وما زادَ الطينُ بله ما تفوهت بهِ عَمتِها علية قائلة بنبرة مُلامة خشيةً من مهاترات الحاضرات : وه يا ولدي،، اللي يشوفك يجول عليك مطايجش الجاعدة جار عروستك،،

 

وأكملت وهي تضحك غير مُبالية بتلك المذبوحة : ده الشاب من دول ما بيصدج يمسك يد عروسته ويجعد يتلكك لجل ميطول الجاعدة چارها،،

وأكملت وهي تحثهُ : يلا أومال يا عريس لبسها باچي الشُبكة

 

زفر بضيق لعدم تقبلهُ تلك المراسم والعادات العجيبة وايضاً كان يخشي عليها من تحَمُلها لثُقل وزن الذهب بيديها وعُنقِها فأمسك يدها وتحدثت بضيق موجهً حديثةُ إلي عمتهِ عَلية : خلصينا يا عمة وناوليني الدهب اللي فاضل

 

إستشاط داخلها وأشتعلت النيران بقلبها من جراء تقليلُ شأنها أمام عمتيها والجميع وهذا ما وصلها من حديثهُ المهين،، وما شعرت بحالها إلا وهي تسحب يدها من بين راحتيه بشده وعُنف وهي تهتف بنبرة غاضبة : بَعِد يدك ،، خِلصنا خلاص معيزاش ألبس حاچة تاني وكفيانا جلة جيمة ومسخرة لحد إكدة

 

قطب جبينهُ ورمقها بنظرة غاضبة وكاد أن يتحدث أسكتهُ صوت زيدان الذي كان يستدعي المُصورة الفوتغرافية التابعة لتنظيم الحفل،، ولم يسعهُ الحظ كي يري حرب العيون ورمي القذائف الكَلامية التي حدثت بين صفا وقاسم مُنذُ القليل

 

وتحدث زيدان بإبتسامة حانية : يلا يا ولاد لچل متخدو لكم كام صورة مع بعض للذكري

 

رفعت قامتها للأعلي حين تحدثت تلك الفتاة القاهرية قائلة : ممكن يا عريس تاخد عروستك وتتفضل معايا في الركن اللي مجهزينه علشان الفوتوسيشن

 

أني شايفة إنه ملوش لزوم للفوتوسيشن من الاساس،، جملة تفوهت بها صفا بملامح وجه مقتضبة

 

تمالك من حالهِ لأبعد حد كي لا ينفجر بها لحدتها وطريقتها الساخرة لإدارة الحوار،، وأيضاً إحترامً لعمهِ وزوجته التي طالما عاملاه كإبنً لهما

 

رسم إبتسامة مُزيفة فوق شفتاه وتحدث بهدوء جاهد في إخراجة : كيف يعني ملوش لزوم،،

 

واكمل بإبتسامة سمجة ليستحضر غضبها،، يبدوا وكأنهُ أعجبهُ غضبها العارم الذي يجعل منها كقطة شرسة لذيذة تُشعرةُ بالتسلي والتلذُذ : دي الليلة ليلتك يا عروسة ولازمن نچلعوكي علي الآخر

 

إبتلعت لُعابها من هيئتة التي وبرغم غضبها العارم منه إلا أنهُ ما زال فارس أحلامها،، مالك كيانها التي تتناسي حالها في حضرته ويذوبُ قلبها عِشقً من مجرد نظرة رضا داخل عيناه

 

وقف هو مُهندمً ملابسهُ وربط زر حلتهِ ثم بكل وسامة وجاذبية بسط ذراعهُ بإتجاهها وفرد كف يدهُ ناظراً إليها في دعوة منه صريحة لإصطحابها،، وما كان منها إلا أنها بسطت يدها واضعه كفها الرقيق بين راحتيه وهي ناظرة لعيناه كمسحورة بجسدٍ مُتخدر مُنوم مُنساقٍ معه

 

رفع يدها لأعلي ليحثها علي النهوض فوقفت قُبالتهِ مسلوبة الإرادة وتحرك بها إلي حيثُ المكان المخصص لهما لجلسة التصوير

 

تحركت بجانبة و وقفا حيثُ مكانهُما المخصص ،، وضع ذراعهُ حول خَصرِها ونظر داخل عيناها وذلك حسب ما طلبتهُ منه المُصورة ،،

 

غاصَ بعيناها وأردف قائلاً بعيون مسحورة : يخربيت چمال عِنيكي ،، كِيف مشُفتش لونهم اللي كيف موج البحر دي جَبل إكده

 

ومين اللي ضحك عليك وفهمك إنك عتشوف من الأساس يا مِتر ،، جملة ساخرة تفوهت بها صفا لتحرق روحه وترد له بعضً من إهانتهِ لها

 

كظم غيظهُ من حديثها وتوعد لها من بين أسنانهِ : جولت لك جَبل سابج لسانك سليط ،، و وعد مني جَطعة عيكون علي يدي يا بِت زيدان

 

إبتسمت ساخرة من حديثه مما إستشاط غضبه

 

تحدثت المصورة إليهما : يا ريت نبدل الوضع يا عرسان وبلاش كلام لو سمحتم وإهتموا بالنظرات أكتر

 

وقف خلفها وجذبها بعنفٍ حتي إلتصق بجسدِها مما جعلها تهتز مُنتفضة ،، قرب فمهِ من آُذنِها وهمس بوقاحة : للدرچة دي هيهزك جُربي منيكِ وممتحملاش

 

إستشاط داخِلُها وتحدثت بنبرة حادة : إنت جليل الأدب

 

قهقهَ برجوله وهمس من جديد بآُذُنها : جِلة الأدب اللي علي حَج هوريهالك فوج في شُجتنا يا عروسة ،، متستعجليش علي رزجك إكدة

 

ثم لفها من جديد وأمسك كف يدها ليأخذا وضعً أخر لإتخاذ صورة آُخري

 

إبتلعت لُعابِها وأنتفض جسدها رُعبً أثر تليميحاتهِ الوقحة

 

أما ذلك العاشق المذبوح المسمي ب فارس الذي سُجنَ داخل حكاية غرامهِ الفائت،، فاتخذ من الصمت والحزن مسكنهُ الجديد

 

نظر بعينان مستسلمتان وقلبً يصرخ ألماً وروحً تئنُ وجعً،،علي من ملكت روحهُ وأستحوذت علي كيانهِ كاملاً،، حين بادلتهُ تلك المتيمة نظراتهُ بآُخري صارخة متألمة،، إنها " أشجان " إبنة خالتهِ بدور التي لم ولن يجدُ لها البديل بحياته،، حتي وبعد أن تزوج وأنجب طفلتهِ الجميلة إلا أن دائماً " للقلب أحكام"

 

وما كان حالها أفضل منه فقد شعرت بإنتفاضة داخل قلبها ورعشة سرت بجسدها بالكامل من مجرد نظراته،، وبرغم انها تزوجت رُغمً عنها من إبن عمتها إلا أنها مازالت تتنفسهُ عشقً

 

تزوجت وحملت في جنينها الأول وأنجبته عن قريب

 

نظرت إلية وأمالت برأسها قليلاً وحدثتهُ داخل نفسها،، أسعيدُ أنتَ لما وصلنا إليه بفضل ضعفك وأستسلامك ؟

لما تركتني فارس،، لما لم تتمسكُ بي كما كُنت دائماً توعدني،، أولم تقل لي لم أتركك مهما حدث،، ما الذي حدث يا رجُل حتي تسحب عهدك لي؟

 

كان يصرخُ ألماً من نظراتها المُلامة التي جعلتهُ يشعُر بعجزٍ مُهين لرجولتهِ

 

فقط ليس هما من يتألمان وحدهما ،، كانت عيونها تراقب لقاء السحاب هذا بقلبٍ يتمزقُ ألماً،، إنها عيون مريم التي تتمزق من الجهتين ،، السبب الاول وهو زوجها الذي لم يوليها أية إهتمام مُنذُ أن تزوجها وإلي الأن،، وعشقهِ الهائل لإبنة خالتهَِ الذي ما زال يستولي علي قلبهِ بالكامل وذلك ما آستشفتهُ للتو من بين نظراتهِ المتلهفه لها

 

وما بين إعتقادها أنها لو تزوجت قاسم كانت ستحيي حياةً طيبة علي الأقل ان قاسم لم توجد بحياتهِ إمرأةٍ آُخري ك فارس،، وهذا ما تعتقدهُ هي إلي الآن

 

إنتهت جلسة التصوير الخاصة بالعروسان وتحرك بها قاسم متجهً إلي المنزل كي تصعد هي إلي مسكنها الجديد ويعودُ هو إلي الإحتفال الخاص بالرجال الذي سيطول ما يتخطي الساعة

 

كانت تتحرك بجانبهِ متشابكه الأيدي معه وعلي الجانب الآخر تتمسك بيد أبيها الحنون ومن خلفهم جميع نساء العائلة اللواتي يزفهن بالأغاني التُراثية المتوارثة لدي نجعهم ،،

 

و ما أن إقتربوا من بوابة المنزل حتي وقفت الجَدة وتحدثت إلي نساء النجع والعائلة بوجهٍ صارم و هي تُشير بيدها للأعلي : بكفياكم لحد إكدة،، شرفتونا ونورتونا وعچبال عنديكم كلياتكم ،، يلا كل واحدة علي دارها لجل ما العرسان يرتاحوا

 

أماءت لها جميع الحاضرات و قاموا بإطلاق الزغاريد بحفاوة ثم أنطلقن كُلن علي دارها ،،

وكاد قاسم أن يتحرك بجانب صفا إلي الداخل أوقفتهُ الجَدة قائلة بنبرة حادة : و إنتَ كمَان يا قاسم بكفياك لحد إهني،، سيب صفا مع أمها تطلعها الشُجه وتطمن عليها براحتها وإنتَ عاود مع عمك زيدان لفرح الرچالة ،، زمان الضيوف عيسألوا عليكم

 

هز لها رأسهُ بموافقة ودلفت صفا بجانب ورد التي أمسكتها من يدها وعمتيها ونجاة وفايقة

 

أما الچدة ما زالت واقفة بجوار قاسم وزيدان وفارس الذي لازم شقيقةُ ولم يتركهُ وحيداً في ليلتة

 

وكاد قاسم أن يتحرك أوقفهُ زيدان قائلاً : إستني يا قاسم،،عايزك في كلمتين

 

نظر لهم فارس وأستأذن منهم وتحرك عائداً إلي الحفل ووقفت رسمية تتابع ما سيقال

 

أمسك زيدان كتف قاسم وتحدث بعيون متوسلة : أني إنهاردة ما سلمتكش بِتي لا،، أني سلمتك روحي ،، حتة من جلبي،، سلمتك أغلي حاچة في حياتي كلياتها ،،بتي وبت عمري كلاته ،، جلب أبوها الزينة الغالية ،، خلي بالك عليها زين يا قاسم

 

وأكمل بنبرة صادقة : طول عمري وأني بعتبرك كيف إبني اللي مخلفتوش ،، وعارف إنك عتحبني كيف أبوك ،، بس لو حَج عتحب عمك زيدان صُح وغالي عليك تحط صفا چوة عنيك ،، من إنهاردة إنتَ مش بس چوزها،،لا،، أني عايزك تُبجا أخوها وأبوها وخليلها وكل دِنيتها

 

واكمل بنبرة مختنقة بعبرة وقفت بحلقة وتحجرت بعيناة إمتثالاً لأوامر كرامته : صفا غلبانة وملهاش لا أخ ولا أخت يا قاسم،، عوضها وكون لها السند لجل ما أموت وأني مطمن عليها يا ولدي

 

وهُنا نزلت دموع رسمية الابية التي لم تزرُفها من قبل حتي علي أغلي الغوالي،، نزلت تأثراً بحديث صغيرها الغَالي التي حتي وان أظهرت جحودها وغضبها عليه إلا أنهُ مازال غاليها وصغيرها المفضل والمقرب إلي قلبها

 

إقتربت منه وأمسكت كف يده وشددت عليها كدعمٍ منها سعد هو به وشعر براحة كبيرة عندما نظر لعيناها ورأي بهما نفس ذات نظرت الحب والحنان الذي إفتقدهما لسنوات

 

عاد بنظرهِ مرةً آُخري إلي قاسم الواقف متأثراً بتلك اللحظة وأكمل زيدان ومازال ممسكً بكتف قاسم بكف يدهِ مشدداً عليه واليد الآخري تُمسكُها رسمية بدعم

 

زيدان مُطالباً قاسم بوعد وقسم : أوعدني إنك هتحافظ علي بِت عمك وتصونها و تحطها چوة عنيك يا ولدي

 

إنتفض داخل قاسم مُتأثراً بحديث عمهِ الصادق الذي وصلهُ من بين نبراتهِ الصادقه ،، خوف الأب علي إبنتهِ خشيةً من تقلبات الزمان

 

وما كان من قاسم إلا أنهُ أنزل كف عمهِ ومال علية مُقبلاً إياه بإحترام وتحدث بتودد و وعيد : اوعدك يا عمي ،، وعد عليا إني عمري ما هجرحها ولا ههينها وهكون لها بعد ربنا وبعدك الأخ والسند

وأكمل مبتسماً : إطمن يا عمي

 

إبتسم له وأردفت رسمية قائلة لتطمئن ولدها : متجلجش علي بتك يا زيدان ،، أبوك إختار لها قاسم مخصوص عشان عارف إنه راچل صُح وهيعرف يصونها ويحطها في حبابي عنية

 

_____

 

أما بالداخل فمنذُ أن دلفت صفا للداخل وتحركت بجانب ورد وعمتها متجهه إلي الدرج حتي اوقفتها فايقه التي سدت الدرج بجسدها وهي تقف وتضع يدها متحدثه بكبرياء : يلا يا مرت ولدي ،، ميلي وطاتي براسك وخطي من تحت يدي لچل ما أرضي عنيكي وتكوني تحت طوعي

 

جحظت أعين صباح التي تحدثت بحدة ناهرة إياها : كنك إتچنيتي يا مّرة ،، بجا عايزة الدَكتورة صفا بچلالة جدرها تميل وتخطي من تحت دراعاتك ؟

 

هتفت ليلي وهي تُربع ساعديها وتضعهما أمام صَدرها : وهي عشان بجت دَكتورة تتكبر علي عوايدنا وسِلو بلدنا إياك ؟

وتحدثت بنبرة حادة أمرة : يلا خلصينا يا صفا وطاتي

 

تحدثت ورد وهي تلف ذراعها حول صغيرتها بحماية وآحتواء و أردفت بنبرة غاضبة : عادات ماتت من زمان وإندفنت،، جايه تحييها إنتِ وأمك دالوك ليه يا ليلي ؟

 

أجابتها فايقة وهي ترفع من قامتها عالياً بتفاخر : أني واحدة بِت عيلة وماسكة في العادات والتجاليد زين يا ورد ،، واني بجا مصممة بِتك معتطلعش فوج غير لما تطاطي براسها وتعدي من تحت طوعي

 

تحدثت إليها نجاة بنبرة توسلية : إعجلي يا فايقة وفوتي الليلة علي خير ،، أومال اني موجفتش لبتك إكدة ليه

 

أجابتها بصرامة : إنتِ حُرة في تصرفاتك يا نجاة واني كمان حُرة ،، واني بجا كِبرت في نفوخي وبِت ورد مهتخطيش برچلها لفوخ غير لما تطاطي تحت يدي

 

إنتفض جسد فايقة من إستماعها لصوت رسمية التي صدح من الباب وهي تتحدث بصياحٍ عالي : هي مين دي اللي عتاطي وتعدي من تحت يدك يا واكلة ناسك إنتِ ،، عتتشرطي علي بِت ولدي وتتحكمي فيها في بيت أبوها ،، كنك إدبيتي في عجلك يا مّرة

 

إرتعبت فايقة عندما نظرت إلي عمتها الغاضبة ويجاوراها زيدان بعيناه التي تُطلق شزراً وقاسم بنظراتهِ المُلامة لوالدته

 

وتحدثت بتلبك : أني مطلباش غير الأصول والعادات يا عمه،، ومحدش يجدر يغلطني في طلبي دِه

 

تحدث إليها زيدان بنبرة حادة : فايقة ،، بلاش نبتديها عِند ومُكايدة من اولها عشان إنتِ معتجدريش علي غضبي لو مسيتي شعرة واحدة من بِتي

 

تحدث قاسم إلي عمه كي يُنهي الجدال الدائر : بعد إذنك يا عمي،، إرچع إنتَ الفرح عند ضيوفك وسيب لي أني الموضوع دِه واني هحله بهدوء

 

وأخيراً تحدثت صفا بنبرة غاضبة تنمُ عن مدي وصولها لقمة غضبها : وأني ممستنياش حد ياچي يحللي مشكلتي،، أني كفيلة وجَد حالي

 

وبحديثها الحاد إليه أستدعت غضب ذاك العصبي من جديد

 

تلاشت نظراتهِ المتوعدة لها ثم احالت بصرها إلي فايقة وتحدثت بقوة وصلابة ورأسٍ شامخ مرفوع : بعدي يدك يا مرت عمي لجل ما أفوت،، ولازمن تِعرفي إن اللي بتعملية ده مفيش منية فايدة عشان لو السما إنطبجت علي الارض أنا مهتاطيش،،

واكملت بكرامه: صفا زيدان مهطاطيش غير للي خلجها وبس،،، ولساته متخلجش اللي يخليني اطاطي راسي وأنحني له

 

تسلم البطن اللي شالتك ويسلم اللي رباكي يا دَكتورة،، كانت تلك جملة تفوهت بها رسمية بتفاخر

 

ثم تحدثت بنبرة حادة : بعدي يا مّرة وخلي ليلتك تعدي علي خير وياي

 

شعرت بنارٍ تسري بجسدها بالكامل لتُشعلهُ نار الهزيمة وخسارتها بجولتها الأولي أمام زيدان وإبنته

 

تحركت جانبً وهي تنظر إلي صفا وورد وترمقهما بنظراتٍ غاضبة تحت آشتعال قلب ليلي التي قُهرت من إنتصار صفا عليها

 

وأمرت الجدة زيدان وقاسم بالرحيل وبالفعل تحركَ

وانفض الاجتماع بعدما صعدت ورد وصباح وعلية بجوار صغيرتهم كي يطمأنوا عليها ويُطمأنوا روحها

 

ضلت نجاة وفايقة وليلي والجده التي تحدثت بحدة ناهرة إبنة أخيها وهي تشير إليها بسبابتها بتهديد : إسمعيني زين يا بِت سَنية وحطي الكلمتين بتوعي دول حلجة في ودانك لجل ما تتجي شري اللي إنتِ مش جَده

 

إوعاكِ تجولي لحالك إني هستفرد ببت زيدان وأذلها لجل ما أنتجم فيها في اللي عملته أمها زمان لما زيدان فات اختك بدور بسببها

 

واكملت بتحدي وهي ترمقها بنظرة حارقة : ده أنتي تُبجي مِخبلة وغلبانة جوي لو فكرتي إني هسيبك تمرمطي في بت ولدي واجف اتفرج عليكِ ،، إعجلي يا بت سَنية وإحسبيها بعجلك وأشتري رضاي بدل ما أجلب علي الوش اللي عمرك ما شفتيه،، وساعتها عتتمني إن ربنا مكانش خلجك لجل ما ترتاحي من عمايلي السودة فيكي

 

ورمقت الجميع بالغضب وتحدثت بأمر : ودالوك يلا فوتي منك ليها علي المطبخ چهزوا الوكل اللي فايض من الطباخين لجل ما تخلوا البنات توزعوة علي بيوت العيلة وعلي اليتامي والمساكين

 

وانسحبت لداخل غرفتها تحت إستشاطة قلب فايقة التي شعرت ولأول مرة بتخلي عمتها عنها وإصطفافها بالجانب المُعادي لها

يُتبع..