الفصل الثامن عشر - قلبي بنارها مغرم
الفصل الثامن عشر
وزالت عَتمتي ببزوغِ فجرِكِ ، من بعد ليلٍ طويلِ غميقٍ
مُعتمِ
روز آمين
❈-❈-❈
نظر لوالدة وتحدث بنبرة رافضة :
_ أني مهخونش ثقة عمي فيا يا أبوي حتي لو علي رجبتي
وكأن بكلماتهِ تلك قد سكب مادة شديدة
الإشتعال داخل صدر فايقة الملئ بالحِقد والتي إنتفضت قائلة بنبرة خبيثة في محاولة
مِنها لإستيقاظ ضمير صغيرها
:
_ كيف يعني تسيب البِنية بعد ما ركَنتها چارك
سّبع سّنين وكُل الخَلج هناك تِعرف إنها خطيبتك ؟
وأكملت لدغدغة مشاعرة :
_ترضاها علي أختك دي يا قاسم؟
اللي منرضهوش علي بناتنا منرضهوش علي بنات
الناس يا ولدي.
أما قدري فلم يعنيه الأمر بالكثير، كُل
ما كان يعنية هو إتمام زواج قاسم من إبنة زيدان كي يضمن ورثها بين يداه وولده وهذا
ما عثر علية بالفعل ، وكُل ما يشغل بالهِ حالياً هو كيف سيقنع قاسم بأن
يطلبْ من صفا أن تتنازل لهُ عن العشرون فدان التي تنازلت بهما رسمية ووثقتهما إلي
صفا
حين تحدث فارس بنبرة حماسية مُتضامناً مع
قرار شقيقهُ : عفارم عليك يا قاسم، تفكيرك عين العجل يا أخوي، لا مَرتك ولا
عمك زيدان كانوا يستاهلوا مِنيك الغدر
رمقتهُ فايقة بنظرات نارية وصاحت بجنون :
_ يعني بِت الناس اللي وثجت فيه وأستحملت ظروفه
وتنها جاعدة چارة سّبع سنين، هي اللي تستاهل يتغدر بيها يا سي فارس ؟
أجابها قاسم مُفسراً موقفهُ :
_ غلطة وعِملتها من غير ما أحسب لها ولازمن أصلِحها يا
أمّا، وياريت تخرچي حالك براة الموضوع دِه، أني هروح لهم وهتفاهم وياهم
وهنفذ لهم كُل اللي يطلبوة كتعويض ليهم عن أي ضرر نفسي حصل لهم
هُنا لم يستطع قدري الصَمت أكثر وبالتحديد
عندما إستمع إلي ولدة وأنهُ سيفقد نقوداً أمام تلك الغلطة فتحدث بنبرة ساخطة :
_ ولما أنتَ معايزش تُغدر بالسنيورة بِت عمك، كان لازمته
أية من اللول كُل اللي عِملته ده يا شملول ؟
وأكمل لائمً:
_ في اللول كُت هتخربط لي كُل اللي جعدت عمري
كله أخطط له وأستناه، وبعديها شحطتني وياك وجعدتني ويا الراچل ومَرته اللي
كِيف الحرباية، وجعدت تؤمر وتتأمر عليا وهي متسواش ميلم أحُمر لا هي ولا جوزها
الدلدول ولا حتي البِت، ده أني شفت طمعهم فيك جوات عنيهم اللي تِدب فيها رصاصة،
وسَكت لجل ما أراضيك وأخليك تكمل چوازك من بِت زيدان،
ثم رمقهُ بنظرة مُقللة لشخصة وأردف مُتسائلاً
بنبرة ساخطة:
_مالك يا واد مراسيش علي بر ليه؟
، متفوج لحالك إكدة وإعرف
مُصلحتك وينها يا حزين
نظر له بتألم وأردف بتساءل بنبرة مُختنقة
بالعبرات
:
_صُح معارفش ولدك ماله يا أبوي ؟
وأكمل بتألم وكأنهُ كان ينتظر ذاك السؤال
بالتحديد
:
_ أني ضايع من حالي يا أبوي، معارفش أرتاح، جواتي إتنين
بيتعاركوا ومجطعين بعض طول الوجت، طول عمري وأني مجسوم نصين وضايع ، نص بيناتكم
إنتَ وأمي، والنص التاني وَيَا ضميري اللي عيصرخ ومعيريحنيش واصل ، نص بين
اللي أني رايده وعيريحني، وبين اللي إنتوا وچدي رايدينه
وأكمل بألم يمزق قلبهُ :
_ من واني عيل صِغير كان مزاچي ميال للكورة، لحد ما في يوم
حضرتك شفتني وأني بلعب في الشارع ويا العيال ، مجادرش أنسي الجَتلة اللي
كَلتها مِنيك في اليوم دِي ، جولت لي هتسيب علامك وتخيب يا قاسم ،ده
أني أدبحك بيدي يا واد، أني عايزك تُبجا دَكتور ولا مِهندس لجل ما تشرفني
جِدام چِدك وأعرفوا كيف العلام بيكون ، مش كيف زيدان ولده اللي واخد كُلية
تچارة خيبانه زييه
ضحك ساخراً وأكمل :
_ كنت دايما زارعني جار چدي لجل ما أكون جِريب
من جلبه ويحبني عشان ينسي بيا بُعده عن عمي زيدان ، چِدي من ناحية يعلمني الأصول
وكيف أحب إعمامي وولادهم وكيف أكون سند لعزوتي بعديه
وأكمل بتألم :
_ ومن الناحية التانية إنتَ وأمي تعلموني كيف أكرة ولاد
إعمامي وأتفوج عليهم كِلياتهم وأعتبرهم أعداء ليا ولخواتي، جسمتوني نصين بيناتكم ،
وأكمل بنبرة مُميته مميلاً برأسهِ:
_ شرختوني يا أبوي
تساءل بعيون لامعة بالدموع شقت صدر فارس الذي
يستمع إليه بقلبٍ يصرخ متألمً
:
_ چاي دالوك تجول لي إرسي علي بر وإختار مُصلختك؟
ميتا إختارت شي بخاطري أني يا
أبوي ؟
ميتا كان ليا رأي وكِلمة بيناتكم ؟
طول عمري وأني مچبور علي كل حاچه ، طول عُمري
مِتساج ومُسير، من مِيتا أني كُنت مُخير ؟
وأكمل مُذكراً إياه :
_فاكر لما چِبت مجموع جُليل في الثانوية العامة ،
كَلت مِنيك جَتلة مناسيهاش للنِهاردة ، وجتها جولت لك هدخل تربية رياضية لجل
ما أحجج حِلمي وألعب كورة وأدرب العيال اللي عدرس لهم
وجفت في وشي وجولت لي لا،مهيحصُلش أبداً،
وكان يوم عيدك لما چدي جرر يدخلني الكُلية اللي بطلع المحامين لجل ما أمسك له
جضاياة الكتيرة بدل الأستاذ عبدالجليل المحامي
وضحك ساخراً :
_ وبعدها إختار لي شُجتي، عرببتي، حتي سَريري اللي كُت
عنام عليه كان علي ذوجه هو
وأكمل:
_ بعدت، كان نفسي أنسلخ من چلدي وأطلع من إهني بدون راچعة
وأبعد عن كل حاچة ، الكُرة والحِجد والتحكمات والظُلم اللي ماليكم
رميت حالي في ظلام أول واحدة جابلتني لجل بس
ما أهرب من چوازي من بِت عمي اللي إنتَ وأمي باصين لورثِتها مش ليها،
وأكمل بصياح :
_ كُت عايز أهرب لجل ما أحميها من حالي ومنكم ، بس
معرفتِش ، وكَن الدنيي بطلع لي لِسانها وتجول لي ميتا إختارت شي بخُطرك يا حَزين لجل
ما تاچي دالوك وتختار
.
ما أصعبهُ من شعورٍ مُميت حين تجد أقرب الناس
إلي روحك هم من يسخرون من ألامك والتي هي بالأساس مِن صُنع أيديهم
هكذا كانت نظرات قدري وفايقه الساخرة وهم
يرمقون قاسم مُقللين من حجم مُعاناته ومن شكواة ، إلا من شقيقهُ والذي يُشبههُ بالأساس،
كم كانت مُتشابهه روحيهما في التمزُق ، وكأنهُما يتقاسمان الألم ذاته، كم كان داخل
فارس مشوة دميمم كداخل شقيقهُ
!
كانت تستمع له بقلبٍ مُتيبس لا يعرف للرحمة
معني ، أما والدهُ فقد صاح بهِ بتجبر غير عابئ بحالة صغيرة التي تُقطع أنياط
القلب
:
_ده بدل ما تاچي تتشكرني وتحب علي يدي بعد كُل اللي
عِملناه علشانك دي، چاي ترمي علينا اللوم والعَتب ؟!
وأكمل :
_ أني عِملت منيك راچل ملو هدومك، چِدك بيكبرك ومهيخطيش
خطوة واحدة غير لما بياخد مشورتك فيها
وأسترسل حديثهُ بمراوغة وكذب:
_حتي بِت زيدان اللي خُفت عليها من طمع النجع والمركز
كليتاته في مال أبوها، وجولت أچوزها لك لجل ما أحميها من طمع الخلج فيها ، چاي
تتهمني إني طمعان في ورثِتها يا قاسم ؟
وتسائل غاضبً :
_ هو ده چزاتي أني وأمك بعد كل اللي وصلناك ليه ؟
ضحك ساخراً علي حاله،
أما فايقة التي تحدثت إلية بصياح وفحيح من
بين أسنانها
:
_ عِملت فيك إية بِت ورد؟
أكيد سَحرت لك كِيف أمها ما سحرت لزيدان جبل
سابج،
وتساءلت بصياحٍ حاد :
_ شَربتك إية يا ولدي، آُنطج ؟
أجابها بنبرة حزينة وعيون متألمة لأجل والدته
التي لم تشعر به قط وبحال قلبه الدائم التشتُتْ والتألم :
_ شربتني حنانها من مُچرد نظرة عِنيها وهي بتبص لي،
عرفتني إن لسه في الدنيي ناس جلوبها صافية ونضيفه،طبطبت علي جلبي من مُچرد حاچات
بسيطة عتعِمِلها بمنتهي العفوية، جابلت جسوتي وچبروتي بمنتهي الحِنية يا أمّا
تحدث قدري كي يُنهي تلك المناقشة عديمة
الجدوي بالنسبة له وخصوصاً بعدما استشف الإصرار من عين نجله والذي يتوافق مع رأيهُ
بالأساس
:
_ إعمل اللي عَيلِد عليك يا قاسم، الحكاية كِلياتها
من اللول مكانش ليها لزوم ، چِدك لو كان عِرف بالإتفاج دي كان عيشندِلنا
كلياتنا وعَتجوم جيامتنا وياه ومهنخلُصش
جحظت عيناي فايقة من إستسلام زوجها لقرار
قاسم وضياع حُلم حياتها بكسر زيدان علي غاليته، فتحدثت بإعتراض بنبرة غاضبة :
_ حديت إيه اللي عتجوله دي يا قدري ؟
رمقها بنظرة حارقة وتحدث بنبرة حادة أخرستها :
_ اللي سمعتيه يا فايقة ومعايزش رَط حريم واصل .
رمقتة بعيون تطلق شزراً تحت نظرات قاسم وفارس
المُتعجبة من حالة تلك المُشتعلة ناراً من ذاك القرار
فاق فارس علي حاله وتحرك إلي شقيقهُ وتحدث
بنبرة حزينة لأجله
:
_ يلا عاود علي شُجتك يا قاسم، وأول ما
ترچع مصر حل الخطوبة اللي مكانش عيچي لك من وراها غير مشاكل ربنا وحده اللي عالم
كانت هترسي علي إية يا أخوي
إنسحب مع شقيقه للخارج تحت قلب فايقة
المُشتعل بنار الحِقد وأرتياح عقل قدري من ناحية غضب أباه، وبدأ تخطيطهُ لما هو أت
وكيف سيستفيد
فاق علي حالهِ ونظر علي تلك التي ترمقهُ
بنظرات نارية كارهه، نظر لها بتدقيق وتحدث مُهدداً إياها :
_إسمعيني زين يا فايقة وحُطي الكلمتين دول حلجة في ودانك
عشان متاجيش بعد إكدة وتجولي إني مخبرتكيش ونبهتك ،
ولجل كُمان ما تتجي شري اللي معتجدريش علية
لو خربطي لي اللي في دماغي وعَرتب له من سنين
وأكمل مُفسراً :
_ أني عارف ومتوكد إن غيرت الحريم جتلاكي ونفسك ومُني عينك
تشمتي في ورد حتي لو كان علي حساب ولدك ومستجبله
وأكمل مُهدداً بسبابته:
_ بس الله الوكيل ما تحاولي تُحشري حالك وتتصلي
بالمّرة بتاعت مَصر دي لكون خاربها علي دماغك ودماغ اللي عيتشدد لك كُمان ، سمعاني
زين يا بِت سّنية؟
رمقته بنظرات نارية لو خرجت لحولته إلي رماد
في التو واللحظة، وتحركت إلي الخارج تاركة إياه لحالهِ
❈-❈-❈
دلف إلي مسكنه وكل ما يجولُ بخاطرة هو الوفاء
بوعد عَمه له والمحافظة علي تلك الصافية وكرامتها من الإهانه مهما كلفهُ الآمر ،
إستمع إلي صوت حركة خافتة تأتي من المطبخ فعلم أنها بداخله، شعر براحة إجتاحت
داخلة وتحرك إليها كي يري ما تفعلهُ
إقترب من الباب وتفاجأ بجسدها اللين يرتطم
بجسدهِ الصلب بشدة، تهاوت بوقفتها ووقع من بين يديها ذاك الوعاء المملوء بالفيشار
وتبعثرت حباته وانتشرت فوق أرضية المطبخ ، أما هي فتهاوت بوقفتها وكادت ان تنبطح
أرضً لولاه، إنحني سريعً بجزعهِ وألتقط خصرها وضمهُ إلية محاوط جسدها بالكامل بين
ساعديه
ثواني، ما هي إلا ثواني فاتت عليهما كدهرٍ ،
نظر لداخل عيناها ذات اللون العجيب الذي إكتشف أنه لم يرهما بإتقان من ذي قَبلّ ،
إبتلع سائل لُعابهُ حين أنزل ببصرةِ وأستقرت مقلتيه فوق شفاها المُنتفخة بلونها
الوردي والذي أقسم بداخلهُ أنهُ لم يري بحياتِهِ أكثر منهما سِحراً ، تمني
لو مال عليهما وألتقطهما بين شفتاه وذاب معها برقة إلي البعيد والبعيد ليتناسي
بهما كُل ألامه التي تسكنهُ
وما كان حالُها ببعيدٍ عنهْ، فقد أصابت
جسدُها وسرت بِهِ قشعريرة لذيذة، تمنت لو ان لها الحق لترتمي داخل أحضانه وتضل
تشتم لرائحة جسدة التي طالما تخيلت رائحة المحبوب وعبقه، ثم تذوبُ معهُ داخل
عالمهُ الذي مازال عليها مُحرمُ
وبلحظة وعت علي حالِها وأنتفض عِرق الكرامة
وثار بداخلها حين تذكرت كلماتهِ المهينة لها التي لم ولن تُفارق خيالها وباتت كظلة
مُنذُ ذاك اليوم المشؤوم
إبتعدت عنه مجبرة وتحمحم هو كي يُنظف حنجرته
ثم تحدث مُتسائلاً بإهتمام اسعدها
:
_إنتِ كويسه ؟
سحبت بصرها عنه سريعً وتحركت لتُجلب أدوات
التنظيف كي تُلملم تلك الفوضي التي حدثت أثناء إصطدامهُما ، وأجابته بنبرة هادئة :
_ أني زينة الحمد لله
أراد ان يُخرجها من خجَلِها ذاك فتحدث
مُداعِبً إياها
:
_ شكلك مصدجتي خِلصتي مني وچربتي عِملتي فِشار لجل متروجي
علي حالك بعيد عن خِلجتي العِكرة
إبتسمت رُغمً عنها أثر دُعابتهُ وأردفت قائله
بدعابه مُماثلة
:
_ وأهو إندلج وإتفرش علي الأرض من كُتر نبرك
قهقه عالياً برجولة مما جعلها تترك ما تفعلهُ
وتنظر إلية بترقب وعيون مُنبهرة أثارته هو شخصياً وتحدث بإنبهار لم يستطع مُداراته :
_ تِعرفي إن عيونك حلوين جوي ولونهم عچيب !
إبتسمت وتابعت ما تفعل ساحبه عيناها عن
ناظرية وتحدثت بهدوء
:
_ كُل اللي عيشوفني لأول مرة عيجولي إكدة
إشتعل جسده ناراً وتصلبت جميع خلايا جسدة
وصاح بنبرة عالية مُتسائلاً بحدة وعيون تُطلق شزراً :
_ ومين بجا إن شاء الله اللي عيجول لك عيونك
حلوين يا هانم ؟
كانت مُنحنية بجسدها تلتقط حبات الفيشار
بالجاروف ، رفعت عيناها إليه تنظر لهيئتهِ المُخيفة وعيناه الجاحظة بإستغراب
وتساءلت بداخِلُها، بما تفوهت حتي يستشيط
غضبً وتشتعل عيناهُ هكذا ؟
ازاحت ببصرها عنه وأنتصبت مُتحركة إلي سلة
القمامة، وضعت بها ما في يدها
وذهبت إلي الحوض كي تغسل كفاها لكنها إنتفضت
عندما إستمعت لصياحهِ المُرعب قائلاً بنبرة غاضبة :
_معترديش علي سؤالي ليه، مسمعانيش إياك ؟
إستدارت إلية متسائلة بملامح وجه حادة :
_ چري لك آية يا قاسم ، عتعلي صوتك لية إكدة
، خلعتني
إقترب عليها ووقف قُبالتها وسألها بجنون
وغيرة شاعِله ظاهرة بداخل عيناه المُتسعة :
_ مين اللي عيجولك عيونك حِلوه ؟
ربعت يداها ووضعتهما فوق صدرها وأجابتهُ
بعِناد
:
_ كل اللي عيشوفني عيجولي إكدة
سألها بنظرات حادة كنظرات الصقر :
_الدكتور، ولا زمايلك في الچامعه ولا مين بالظبط يا
صفا، إنطجي ؟
أجابتهُ بنبرة إستفزازية كي تحرق روحهُ :
_ أظن ده شيئ يخصني لحالي، عتحشر حالك وتدخِلها لية في
خصوصياتي يا متر ؟!
أجابها بقوة وتملُك :
_ حالك هو حالي يا دَكتورة، ولا نسيتي عَاد إنك
مّرتي ؟
أمسكت وعاء كان مُمتلئ بالفيشار وموضع جانبً
كانت قد صنعتهُ لأجلة، وضعته بين كفيه بحدة وتحدثت وهي تنظر داخل مقلتاة بتحدي :
_ صوري يا مِتر ، مّرتك بشكل صوري، إوعاك
تنسي إتِفَاجنا ؟
وتحركت خطوتان للأمام أمسكها من كتفها ولفها
إلية ذاك الغاضب بعدما فهم مغزاها وأراد أن يتسلي ويُزيد من نارها وأردف بوقاحة
غامزاً بعيناه
:
_ طب وبالنسبة للي حُصل بيناتنا ليلة الدُخلة، دي كمان كان
صوري ؟
إبتلعت لعابها فتجرأ هو علي التقرب منها أكثر
وألتصق بجسدها محاوطً خصرها بساعدية بعدما وضع وعَاء الفيشار فوق المنضدة :
_طب إية رأيك نعيد توثيجة دالوك لجل ما نتمِمُ الإچراءات
الناجصة ونخلوة رسمي وفهمي ونظمي كُمان.
إنتفض جسدها ووضعت ساعديها كسدٍ لتُبعدهُ بكل
قوة لكنها لم تستطع حتي أن تُزحزحهُ عن إلتصاقه بجسدِها إنشً واحداً فتحدثت بتلبك :
_ سيبني في حالي يا قاسم
أجابها بثقة وحديث ذات معني مؤكداً لنفسهِ
قبلها ملكيتهُ لها
:
_ حالك هو حال چوزك يا عروسة
إبعد يا قاسم وبطل هزارك البايخ دي : جملة
تفوهت بها صفا
فأجابها بقوة :
_بس أني مبهزرش يا صفا ، أني چوزك وليا عليكي حجوج
وأقترب من شفتاها وتحدث :
وأني بجا عاوز حجوجي و دالوك
تفوهت بقوة وهي تنظر لعيناه :
_ وأني معيزاش يا قاسم، عتاخُدني بالغَصب
إياك ؟
وأكملت لتذكيرهُ :
_ ومتنساش، إنتَ وعدتني إنك معتجربش مني تاني، ووعد
الراچل دين عليه، ولا إية يا وِلد عمي ؟
إبتسم لها ليطمأن روحها عِندما رأي مدي
إنزعاجها وغضبِها، فك وثاقهِ من حول خَصرِها ليُعطي لها حرية التحرك وتحدث بنبرة
هادئة
:
وأني لسه عند وعدي ليكِ يا صفا، أني بس حبيت
أهزر وياكي
خجلت منه ومن حالها وتركته وتحركت إلي غرفتها
سريعً
زفر بقوة وأبتلع لعابهُ من حالة النشوي التي
أصابت روحه في قربها منه، إلي متي سيظل هكذا، يشتاق ضمتِها،
قُبلتِها، النظر داخل ساحرتيها دون أن تمنعه وتُعاقبهُ بسحبهما بعيداً عن
مرمي بصرة، إلي متي سيظلُ مطروداً من نعيم جنتِها
تحرك مُجبراً إلي البهو وجلس فوق مقعداً
وأمسك جهاز تحكم التفاز وبدأ بالتقليب دون تركيز، كانت نظراتهِ مُثبتة فوق باب
غرفة نومهما يترقب خروجها إلية لتؤنس وحدته الموحِشة التي بدأت تُصيبهُ في
إبتعادها ، لكنها خيبت أماله ولم تُعيرهُ أدني إهتمام
لم يستطع تفسير ما يحدث معهُ حين تبتعد
عنه، هل هو تعود علي وجودها ولكن ، كيف ومتي تعود، كان يفرك فوق
مقعدهِ بعدم راحه، كاد يجن من إبتعادها، وقف منتصب الظهر وأغلق التلفاز
بعدما حسم أمرهُ وتحرك ينتوي الذهاب إليها كي يُنهي حيرته وعدم راحته فى إبتعادِها
تحرك وطرق باب غرفتها من باب الأدب ودلف
إليها ، وجدها تجلس فوق مقعداً بالشرفة مُمسكة بيدها بكُتيب باللغة
الإنجليزية مُندمجة في قرائتهِ إلي أبعد حد، أو هكذا تحاول أن توهمهُ
تحرك إليها وتحمحم كي تنظر إليه، لكنها ضلت
ناظرة بكُتيبِها
سحب مقعداً وجلس بقُربها وتسائل :
_عن الطِب الكتاب اللي في يدك دي ؟
أجابته بهدوء دون النظر إليه مما أشعل قلبه :
_ دِه كتاب في الأدب الإنچليزي
أردف قائلاً بنبرة حنون أثارت داخلها :
_ معتبصليش ليه، للدرچة دي زعلانة مني يا
صفا ؟
رفعت بصرها ونظرت إلية وتحدثت بقوة :
_ طول عُمري وأني محبش اللي يجلل مني ويتمسخر
علي
قطب جبينةُ وتسائل مُستفسراً بتعجب :
_ ميتا جَللت مِنك أني؟!
إبتسمت ساخرة بمرارة وأردفت بوجع ظهر بداخل
عيناها
:
_غلط يا وِلد عمي، صيغة سؤالك مِتجالة بطريجة غلط، السؤال
الصُح هو ميتا مجللتِش مني، ميتا إحترمتني وعاملتني علي إني بني أدمه ليا مشاعر
وعِندي كرامة وبحس
أوجعه حديثها ومزق كيانهُ، حتي أنهُ أراد أن
يسحبها لداخل أحضانه ويضمها بشدة كي يُشعِرُها بالأمان ويمحي عنها كل ألامها
الساكنة بأعماق قلبها والتي هي من صنع يداه، لكنهُ خشي إبتعادها عنه من جديد
وضع يدهُ فوق أناملها الرقيقة، إرتجف الكُتيب
من يدها أثر لمستهُ الحنون وتحدث بعيون حنون ولأول مرة بحياته :
_ حجك علي يا غالية ، إعتبريني كُت معمي ومشايفش الصورة
واضحة جدامي
وشفتها يا قاسم ؟ سؤال خرج منها
بمرارة
أومأ بتأكيد ونبرة نادمة :
_ شُفتها يا صفا
وأكمل بحماس كي يُخرجها من حُزنها :
_ أني جعان، إية رأيك أعمل لك مكرونة
بالوايت صوص والمشروم وقطع الفراخ
نظرت له بإستغراب فأكمل مُتحمساً بدُعابة :
_ لا، معايزكيش تُبصي لي النظرة المُشككة في جدراتي دي
تسائلت مُستفسرة بجبينٍ مقطب مُتلاشية حُزنها :
_ إنتَ صُح بتِعرف تطبخ ؟
أجابها مبتسمً :
_ جربيني وأحكمي بنفسك
نظرت لهُ ب حيرة فأكمل هو مُداعبً وهو يسحبها
من كف يدها
:
_ إنتِ خايفة من إية مفاهمش أني، إنتِ مش دَكتورة
وعتشُجي بطن الخَلج وتشرحيهُم كِيف جتالين الجُتلة ، يعني أكيد مش هتغلبي
وهتِعرفي تلحجينا لو حصل لنا شوية تلبُك مّعوي
إبتسمت رُغمً عنها وهو يسحبها خلفهُ بحماس،
ثم أجلسها فوق المقعد وبدأ هو بالطهي كمُحترف
وضعت كف يدها تحت ذقنِها مُستندة بساعديها
فوق المنضدة وتسائلت بتعجب
:
_ ميتا إتعملت تُطبخ إكدة ؟!
أجابها متحمسً لإنسجامِها :
_ إنجبرت أتعلم من لما سكِنت لحالي في شُجتي بعد ما
أتخرچت،
ونظر لها وأشار بأصبعي السبابة والوسطي :
_كان جُدامي حل من إتنين، يا أتخلي عن حلمي في
العيشة جوة القاهرة وإن يُبجا لي مكتب من أشهر مكاتب المُحامين فيها، يا
إمَا أرچع لإهني تاني وأفتح مكتبي في سوهاچ وأتخلي عن حلمي بإني أكتب إسمي بالدم
بين أسامي الحيتان الكُبار
وأكمل بدُعابه وهو ينظر لها مُبتسمً :
_وكل التضحية دي لجل ما أكُل الوكل البيتي اللي عَحِبه
وأبعد عن الوكل الچاهز اللي كلياته أمراض وطعمه ميتاكلش أصلاً
وأكمل بنبرة حماسية :
_ ومن إهني حصلت المُعچزة، قاسم اللي مكانش بيعرف
يملي لحالة كُباية مّي لجل ما يشربها، بَجا بيُطبخ ولا أجدعها شِيف
كانت تستمع إلية بحماس وأستمتاع ولاحظ هو
ذاك، كان يعرف أنها تكِنُ لهُ إحترامً. وتحمل داخل قلبها عِشقً هائلاً له،
لكنهُ أهان كيانها غير عابئ بقلبها العاشق، وليعلم الله أن البُعاد والتجاهل كان
لأجل حمايتها لا لأجلهِ، يعلم أنهُ ظلمها وقام بشطر قلبِها العاشق بدون
رحمة، ويعرف أن طريق السبيل إلي أرضائها والنيل منهُ صعبً، ولكنهُ سيسلُكهُ
ويصل بالتأكيد، ولكن بالصبر والمصابرة،
بعد مدة كان يجلس مُقابلاً لها مشيراً إلي
صَحنها الموضوع أمامها بعناية وهو يتحدث بنبرة حماسية :
_ إتفضلي دوجي وجولي لي رأيك
كانت تشعر بالكثير من السعادة لمحاولاته
للتقرب منها وإرضائِها بشتي الطرق وهذا ما وصلها من تصرقاته، إبتسمت لهُ
بسعادة وأمسكت بيدها الشوكة وبدأت بتذوق حبات المعكرونة وذُهلت من طعمها اللذيذ
نظرت إلية وتحدثت بإنبهار :
_ براڤوا عليك يا مِتر، المكرونه لذيذة جوي
مرر لسانهُ فوق شفتاه وهو ينظر إلي شفتاها
بتشهي ومد يدهُ سريعً و وضعها علي جانب شِفتِها ومسح بإبهامة جُزءً من معجون
الصلصة البيضاء كانت موضوعة بجانب شفتاها بشكل مُغري له ، مسح الصلصة بإبهامهِ
وادخلهُ بفمهِ وأمتصهُ بين شفتاه بإستمتاع وهو ينظر لها بعيون صارخة راغبه مُطالبة
بإلتهام شفتاها
إبتلعت لُعابها وإرتعش جسدها، سحبت
بصرِها عنه سريعً وقامت بتناول طعامها في صمتٍ تام وخجل
حين إبتسم هو بخِفة وتنهد بسعادة علي حيائها
الذي يُزيد من تعلقهُ الزائد بها وإثارت مشاعرهُ تجاهها
بعد مده كانت تتمدد فوق الفراش، تعطيه ظهرها
وتنظر أمامها، تبتسم بشرود وتتذكر فعلته وحديثهُ وتصرفاتهُ ناحيتها التي تدلُ
جميعها علي بداية عِشقهِ لها، هي ليست بفتاة ساذجة كي لا تُفرق بين الإعجاب
والرغبة وبين العشق، وتأكدت هي من عشقه لها
أما ذاك الذي يُجاورها النوم وتفصل بينهما
تلك الوسادة الملعونه، كان ينظر لشعرها المفرود فوق وسادتها بجنون، تتغلغل
رائحتُها العطرة أنفهِ وتدغدغ مشاعرهُ تجاهها وتجعلُها هائجة، زحفَ برأسهِ قليلاً
حتي تلمس بأنفهِ خُصلة من شعرها، أغمض عيناه وبدأ بأخذ نفسً عميقً إحتبسهُ بصدرة
وأبتسم، تمني لو يسحبها ويحتضنها بقوة حتي يسحق عِظامها داخل أحضانه ويُذيقها من
الشهد ألوانً، لكنهُ تمالك من حالهِ لأبعد الحدود كي يُنهي خطبته من إيناس
أولاً، وينتهي من ذاك الكابوس كي يرجع لحبيبته ويُذيقها من العشق الوانً بما يليق
بتلك الجميلة
❈-❈-❈
فاقت من نومِها مُبكراً وتحركت من جانبه
بهدوء كي لا تُزعجهُ بنومته،دلفت إلي المرحاض توضأت وخرجت وأرتدت الرداء الخاص
بالصلاة وتحركت إلي الصالة كي تقضي صلاة الضُحي، وأثناء سجودها خرج هو للبحث عنها
بعدما فاق وتحرك ليبحث عنها كالطفل الذي يفتقد والدتهُ،
تسمر بوقفته حين رأها ترفع كفيها وتُناجي
ربها بخشوع،ما أجملها بعيناه فقد بات يراها ساحرة فائقة الجمال بكل حالاتها
، ختمت صلاتِها ووقفت ممسكة بسجادة الصلاة تتحرك بها،
تعجبت من ذاك الساند مُتكِئً علي الحائط
ويُربع ساعدية أمام صدرة وينظر لها بإبتسامة وعيون منبهرة
إبتسمت له بوجهها المُشرق وأردفت :
_صباح الخير ، ثواني وهچهز لك الفُطور
وتحركت إليه كي تدلف إلي غرفة النوم لتخلع
عنها رداء الصلاة وأثناء مرورها بجوارة وجدت من يُمسك كف يدها واعتدل مُقابلاً لها
وتحدث بإبتسامة عاشق
:
_ صباح الچمال، صباح الرضا
إبتسمت بخجل وتحركت للداخل كي تخلع رداء
الصلاة، تلاها هو ودلف إلي المرحاض كي يتوضأ ويؤدي صلاة الضُحي
جهزت سفرة الإفطار وجلست تنتظرة، أتي بعدما
أنتهي من صلاتة وجلس مُقابلاً لها وبدأوا بتناول الطعام، تحمحمت هي وأردفت بنبرة
مُستأذنة
:
_ بعد إذنك يا قاسم، أني هنزل بعد الفطار عِند چدي
عشان عاوزة أتحدت وياه في موضوع خاص بالمستشفي
لا يدري لما إنقبض قلبه وشعر بغيرة عنيفة
حينما ذُكر إسم المَشفي ، تنفس عالياً كي يُهدئ من روعه حتي لا يُخزنها من جديد
وتحامل علي حاله وتحدث بدُعابة كي يلاطفها ويجعلها تعتاد علية أكثر :
_ موافج بس بشرط
ضيقت بين حاجبيها بإستغراب فتحدث هو بإبتسامة
هادئة:
_ تعملي لنا فِنجانين جهوة من يدك ونشربوهم وَيا بعض في
البلكونة وبعدها تنزلي علي كيف كِيفك
.
إبتسمت وتحدثت بنبرة هادئة تلقائية :
_بس إكدة، من عِيوني.
رد عليها بنبرة حنون مراوغة:
_يسلمولي عيونك
إتسعت عيناها تنظر إليه بإستغراب حالة
وتصرفاته الجديدة الطارئة علي شخصيتة المعروفة بالجدية والغموض ، ووقفت سريع
كي تصنع إلية القهوة مع نظراته المتفحصة لها من الخلف ، تفاجأ بها تضع فوق
الحامل ثلاث أقداح ممتلئين بالقهوة
بسطت إلية ذراعها وتحدثت بأدب:
_إتفضل
تحدث إليها بإبتسامة وهو يتناول قدحه:
_ أني صحيح جولت لك إني أدمنت الجهوة من يدك بس مش لدرچة
تعملي لي فنچانين بحالهم
إبتسمت وتحدثت وهي تنسحب خارج المطبخ ساحبه
معها الهواء الذي يتنفسة
:
_ دي جهوة عِملتها لچدي وأنا هشرف جهوتي وياه
اجابها معترضً بدعابة :
_ بس دي مكانش إتفاجنا خلي بالك، لما تطلعي عتعملنا
جهوة وهنشربوها في البلكونة كِيف إتفاجي وياكي.
إبتسمت بسعادة وتنهد بأسي وهو يتابعها وهي
تخرج من باب الشقة وتُغلقهُ خلفها ومعها بسمته ومرحةُ ،
حدث حالهُ مُتعجبً
ما بك قاسم؟
ما الذي يحدث معكَ يا فتي !
أأصابتكَ لعنةُ سِحرٍ ؟
لا، بل أصابك عِشقً يا رجُل
أُصِبتُ بسهمُ عيناها المُسممِ
ولابد من الحصولِ علي الترياقِ
ترياقُها في شهد شفتاها المُولعة
شَربهً هنيئة من عسلها كافية
لتُشفي العلةِ وترد العليلِ إلي الحياةْ
فآاااه وأه من لذةِ شهدُكِ يا أمرأة
هزت كياني وجعلت عرشي الواهي مُزعزعِ
❈-❈-❈
تدلت من فوق الدرج وجدت حُسن تخرج من إحدي
الغرف التي كانت تقوم بتنظيفها، إستقبلتها حُسن بترحاب شديد ، سألتها صفا عن جدها
فأرشدتها إلي وجودة داخل حجرة الإستقبال لحاله
دلفت إلية حاملة القهوة وهلت عليه
بإبتسامتِها الصابحة التي يعشقها ذاك العِتمان ويستبشر برؤياها
وتحدثت بنبرة حنون :
_ صباح الخير يا چدي، أني چاية لجل ما أصبح عليك
وأشرب جهوتي وياك.
تهللت أسارير عِتمان وتحدث بترحابٍ عالي وهو
يُشير إليها بالجلوس
:
_ هَل هِلال الجَمر يا بِت زيدان، تعالي آجعدي چاري
وأكمل وهو يلتقط قدح القهوة من يدها :
_ مع أني لساتي شارب جهوتي بس هشرب تاني لجل عيونك يا
غالية
تحدثت بنبرة قلقة علية :
_ خلاص يا چدي، طالما شَربت جهوتك بلاش تشرب الفنجان دي
عشان ما يضركش ويعلي الضغط عِنديك
أجابها بنبرة حنون كي يُطمإن هلعها الذي ظهر
بعيناها:
_ اللي ياچي من يد الحبايب ميضُرش أبداً يا بِتي،
اللي عيضر الجَسوة والفِعل العِفش
إبتسمت له وجاورتهُ الجلوس وبدأت بإرتشاف
قهوتها معه ثم تحدثت علي إستحياء
:
_ چدي، أني ليا عِنديك طلب وأتمني متكسرش بخاطري فيه
وتساعدني لجل ما يُحصُل
نظر لها مستغربً، فهذة هي المرة الأولى
بحياتِها التي تطلب منه شئً، فتحدث ليُشجعها :
_ ما عليكي إلا إنك تؤمري وبإذن الله كُل طلباتك مُجابه
ضحكت لدلال جدها لها وانصياعهُ الدائم
لرغباتِها، عدا موضوع زواجها ولأسباب هي تعلمُها،
فتحدثت بنبرة راجية :
_ أني محتاچة مريم بِت عمي وياي في المستشفي، وهي كُمان
زهجانة من جعدت البيت ورايدة تشتغل وتحجِج ذاتها، بس هي خايفة وحاسة إنك مهتوافجش،
بس أني وعدتها إني هفاتحك في الموضوع وأخليك كمان تأثر علي فارس وتخلية يوافج
ونظرت إليه وتسائلت بدلال كسابق عهدِها معه
وهذا أسعدهُ كثيراً
:
_ ها، جولت إية يا حبيبي، هتجف وياي،
ولا هطلعني صِغيرة جِدام بِت عمي ؟
قهقة عالياً وأردف بإستحسان :
_ طول عُمرك عتغلبيني بكلامك اللي ياكُل العجل ويدوب الجلب
يا بِت زيدان
تسائلت بنبرة حماسية :
_يعني موافج يا چدي، هتجنع فارس؟
أجابها بدُعابه ليجعلها تتناسي ما حدث منه ف
السابق
:
_ فارس مين دي كمان اللي أجنعه، إعتبري اللحكاية
خلصت خلاص وأني عكلم يزن وأخلية يوظفها وبمرتب زين كُمان، مبسوطة يا دَكتورة ؟
وضعت ما بيدها وأقتربت منه وبدون سابق إنذار
رمت حالها داخل أحضانهُ الحانية، شعر بالكثير من السعادة والرضا وحاوطها بساعديه
وربط فوق ظهرها بحنان مما أسعدها وجعلها تُحلق في سماء الرِضا من شدة سعادتِها
❈-❈-❈
في إحدي الشوارع الهادئة والمتواجدة داخل نجع
النُعماني، كان يتحرك ذاك المسحور يتلفت هُنا وهُناك باحثً بعيناه عن الحورية التي
أبهرتة من أول طلة لهُ داخل عيناها الساحرة ، ومُنذ ذلك اليوم وهو يجُوب الشوارع
بحثً عنها علهُ في ذات مرة يلتقيها صُدفة
فوجئ بوجود فارس أمامه حيثُ تحدث إلية بوجهٍ
بشوش
:
_ دَكتور ياسر، ده إية الصُدفة الچميلة دي !
إبتسم له ياسر وتحدث مُرحبً:
_ أزيك يا أستاذ فارس، أخبار حضرتك إية ؟
أجابهُ فارس بإبتسامة بشوشة :
_أني زين الحمدلله،
وأكمل مُتسائلاً بإستفسار :
_ خير يا دَكتور، ماشي لحالك في الشارع وعم
تتلفت حواليك لية إكدة، بتدور علي حاچة إياك ؟
أجابهُ ياسر بإنكار ومراوغة :
_ لا طبعاً هتدور علي إية ، كُل الحكاية إني لقيت
نفسي قاعد فاضي وزهقان، فقُلت أتمشي شوية من ناحية أفك الزهق وأمارس رياضة المشي
المفضلة عندي ، ومن ناحية تانية استكشف معالم البلد اللي أنا قاعد فيها
وضع فارس كف يده علي كتف ياسر وربت عليه
وتحدث بنبرة أخوية
:
_ لما تلاجي حالك جاعد زهجان تعالي عِندينا في
السرايا، بنجُعد كلياتنا نسهروا بالليل ونتونس بالحديت، إبجا تعالي إجعد
ويانا وشرِفنا
إبتسم ياسر وتحدث شاكراً بإمتنان :
_ مُتشكر جداً علي دعوتك الكريمة يا أستاذ فارس، ولو إني
مبحبش اتطفل علي حد في بيته، بس إن شاء الله هلبي دعوتك في أقرب وقت لأن شرف ليا
أقعد معاكم وأشارككم الحوار، وأنا هبقا أبلغ الباشمهندس يزن لما أنوي الزيارة
أجابهُ بترحاب :
_بإذن الله يا دَكتور،
وأكمل بتساؤل وهو يتأهب للمُغادرة :
_ تؤمر بحاچة؟
أردف ياسر بإمتنان :
_ مُتشكر جداً لذوقك يا أفندم.
إنسحب فارس ماضيً بطريقةُ وتحرك ياسر أيضاً
عائداً إلي مَسكنه بعدما فقد الأمل في لقائها ، تحرك حيثُ الإستراحة
المتواجده بالمشفي والتي بُنيت لهُ خصيصاً وكانت من ضمن الإمتيازات التي أغرتهُ
بها صفا لقبولهِ ترك موقعه المُميز بالقاهرة