الفصل الخامس - قلبي بنارها مغرم
الفصل الخامس
وما
أن إنتهي قاسم من سرد التفاصيل حتي نظر إليها يترقب ردة فِعلُها علي ما قام بقصهِ
علي مسَامِعُها مُنذُ القليل
أما
إيناس فظلت تستمع إلية بملامح وجه مُبهمة
ثم
تحدثت بتعقل ومنتهي هدوء : طبعاً التصرف الوحيد اللي
المفروض إني أعملة حالياً هو إني أقويك وأقول لك متوافقش علي قرار جِدك مهما حَصل
وآسترسلت
حديثها بتعقل وهدوء إستغربهُ قاسم : لكن أنا عمري ما هعمل كدة يا قاسم لسبب
واحد
وأكملت
بنظرات هائمة مُصطنعة : لأني بجد بحبك وأهم حاجة عندي هي مصلحتك
حتي لو كانت علي حِساب جَرح مشاعري
أخذت
نفسً عميقً وشّبكت كفي يداها وقامت بوضعيهما أمامها فوق المنضدة ثم أردفت قائله
بنبرة جادة عَملية : خلينا نتريس ونتكلم بالعقل يا قاسم ،، أنا
من خلال حُكمي علي شخصية جِدك اللي كَونتُه بناءً علي كلامك اللي إنتَ حَكتهُ لي
عنه قبل كده ،، أقدر أُؤكد لك إنه مينفعش حد يُقف قُدام قراراته ويعترض علي
كلامة،،
وأردفت
بأسي : و للأسف،، من الواضح كدة إنه أصدر قرارة بخصوصك وإنتهي الأمر
وأكملت
بنبرة تهديدية : لازم تعرف يا قاسم إنك لو عارضت جدك إنتَ الوحيد اللي
هتخسر،،
وأكملت
بدهاء وحِكمة : جدك شخص ذكي وعنيد لأبعد الحدود،، علشان كده لازم له
تخطيط صح علشان تتقي شرة وغضبة ،،
وعلشان
كدة لازم تلاعبُه بذكاء وتُحُبك له قصه مُعقدة تقدر من خلالها تقنعة برفضك للجوازة
دي وبكُل بساطة ،،
ورفعت
سبابتها في الهواء وأكملت : وإلا مَصِيرك هيكون زي مَصِير عمك زيدان
اللي إنتَ بنفسك حكيت لي عَنه ،، وقُلت لي عقابة كان قد إية قاسي لمجرد بس
إنه مسمعش كلامة وإتجوز علي مراتة ،، وساعتها إنتَ كمان هتخسر كل حاجه زية بالظبط
كان
ينظر لها بتيهه مُشتت العقل والكيان،، صدقاً معها كُل الحَق
فأكملت
هي بذكاء لإرعابه والضغط علي عزيمتة : عمك زيدان الحَظ كان حليفه،
وتجارته اللي بدأها من تحت الصِفر كِبرت بسرعة البرق ،،لكن إحنا يا حبيبي مِش
مُستعدين نجازف بمُستقبلنا اللي عملناه ونخسر حقك وحق أولادنا اللي هييجوا
بالسهوله دي
ضيق
ببن عيناها وتساءل عن ما تقصد بحديثها ذاك : أنا مش فاهم إنتِ تقصدي
إية بالظبط بكلامك ده يا إيناس ؟
إنتِ
عوزاني أتجوز صفا ؟
فأجابتهٌ
بذكاء وخُبث : عوزاك لما جِدك يسألك عن مُوضوع دخول بنت عمك كُلية الطِب تقول له
إنك موافق ومعندكش أي مانع ،، وأتحجج بتأجيل الجواز لبعد البنت ما تخلص كُليتها،،
وأكملت
وهي تشيح بيدها بلامبالاة : قول لُه إنك خايف علي مصلحتها وخايف كمان
من إنها متعرفش تركز في دراستها بسبب الجواز،، وده طبعاً بسبب إن دراسة الطِب صعبة
جداً ومحتاجة تركيز عالي ،، وإستحالة ده هيتحقق بعد الجواز
وأكملت
بدهاءٍ مُحكم : و وقت الجواز اللي هو بعد ماتكون خَلصت جامعتها،،
هييجي يطلب منك إنك تحدد ميعاد الفرح علشان تتمم جوازك منها
وأبتسمت
ساخرة وأردفت بغرور : وساعتها بقا هترمي له القنبلة الكبيرة اللي
هتزلزل عَرشُة وتخلية واقف قدامك وهو مِتكتف
،،
وأكملت
وهي ترفع قامتها لأعلي وتمثل التأثُر : هتقف قدامة وتفاجأه وتقول
له بكُل تأثُر وعيُون حَزينة،، أنا حقيقي أسف يا جدي،، كان نفسي أنفذ لك أوامرك ،،
بس أنا لما راجعت نفسي كويس لقيت إني مش قابل علي رجولتي ولا كرامتي إني أتجوز
واحده تعليمها وتصنيفها المجتمعي أعلي مني
وأكملت
بتأكيد : وأكيد وقتها هيقتنع بكلامك ويشوفه مظبوط جداً،، وبكدة تكون
خلصت نفسك من التدبيسة السودة دي وطلعت منها بدون أي خسائر
كان
يستمع لها بذهول وآشمِئزاز، هز رأسهُ برفضٍ تام وأجابها بإستنكار :
أنا لايمكن طبعاً أوافق علي الكلام الفارغ ده ،، دي خطة دنيئة وأساسيتها
بتعتمد علي الغِش والتلاعُب،، وأنا عمر ما كان ليا في الأساليب الرخيصه دي وإنتِ
عارفه كده كويس
هتفت
بنبرة تعقليه : مش أحسن ما يحرمك من وِرثك ويسحب منك المكتب اللي
عملهولك بفلوسه،، وقتها يا مِتر مش هنعرف حتي نأجر شقه نتجوز فيها ؟؟
وأردفت
قائلة بنبرة صَارمة : دي حَرب من أجل البقاء يا قاسم والحَرب خِدعة
،،وجِدك هو اللي إبتدي بحَربُه البارده وبالتهديد بسحب كُل إمتيازاتك
أجابها
رافضً بقوة : متحاوليش تقنعيني بحاجة ضد مبادئي وعمرها ما هتحصل،، أنا
لو عملت اللي بتقولية ده هحتقر نفسي كُل يوم ألف مرة،،
وأكمل
بملامح وجة مُشمئزة : إزاي أغش بنت بريئة زي صفا وأدخلها في لعبة قذرة
لمُجَرد إني أنول رضا جِدي وأطلع من الموضوع بدون خسائر ؟
وأردف
مُتعجبً بنبرة لائمة : للأسف يا إيناس،، إنتِ فكرتي إزاي نتلاشي
ونتجنب الخُسارة المادية،،لكن نسيتي تحسبي خُسَارتي المعنوية والأخلاقية
وأكمل
بإشمئزاز من حالهِ : أنا لو فعلاً عَملت في بنت عمي كدة مش هقدر
أحترم نفسي وأبص لإنعكاس شكلي تاني في المراية
إبتسمت
بجانب فمها وأردفت قائله بنبرة ساخرة : إنتَ لية محسسني إن بنت عمك دي هتحبك
وتتعلق بيك وياحرام هتتصدم وتتوجع وتتقهر لما سيادتك تقرر تسيبها ؟
واكملت
بإستهجان : دي مجرد بنت صغيرة يا قاسم ،، يا أبني دي
واحدة جايبة مجموع طِب ،، يعني من الآخر كدة مُوس مذاكرة
و
أكملت بإستخفاف لمشَاعِر صفا : بمعني أدق دحِحَة ومعندهاش وقت للمشاعر
أصلا،، ولسه كمان لما تدخل كلية الطِب وتتسحل فيها ،، دي مش هيبقا عندها وقت
تفتكر فيه حتي إسمك
وأكملت
بدَهاء لإقناعهِ : ثم إنتَ لية بتبُص علي المُوضوع من ناحية إنك
بتأذيها ،، بُص له من الناحية الإجابية،، وهي إنك الشخص الوحيد اللي هتقدر
تساعدها في تحقيق حِلمها
ضيق
عيناه مستغربً حديثها فأكملت هي مُفسرة : تقدر تقولي لو إنتَ رفضت
موضوع جوازك منها هيكون مصيرها إية ؟
وأكملت
بذكاء : خلينا أنا أقول لك اللي هيحصل ،، ببساطة كدة جدك
هيجوزها لأخوك أو إبن عمك زي ما أنتَ بنفسك لسه قايل ده لبباك في مكالمتك معاه ،،
يعني البنت حِلمَها هيضيع ويتدمر يا قاسم ،، وتحقيقة أصبح في إيدك
إنتَ وبس
وأكملت
بتأكيد لتنويم ضميرهُ : يعني زي ما انت هتستفاد هي كمان هتستفاد وأكتر
منك كمان
ضلت
تتحدث إلية وتبرر له شرعية مُخطتها الأنانى الخالي من آية أخلاق وبدأ هو بإقتناعةِ
بصِحة حديثها رويداً رويدا ،، وبرغم عدم موافقته علي تلك الخطة إلا أنه لم يري لها
بديلاً كي يُخرجهُ من تلك الحُفرة التي وضعهُ بها عتمان بتحكماته وتسلطته
وتجبرة،، وهذا إذا أراد الخروج من عباءة جدهِ وتحكماته
نفض
رأسهُ من تلك الأفكار ثم تحدث بتساؤل جاد كي يجعلها تستفيق من غفوتِها
تلك : طب خليني فقدت عقلي وإتزاني و وافقتك علي خطتك المجنونة دي،،
تعرفي ده معناه أية يا أستاذة ؟
قطبت
جبينها وانتظرت باقي حديثه فأكمل هو بنبرة معترضة : معناه إننا مش
هنتجوز غير لما صفا تخلص كُليتها واللي هي سبع سنين ،،إنتِ مُتخيلة يعني أيه هنقعد
من غير جواز سبع سنين ؟؟
وأكمل
ليُنبِهُها : يا إيناس إنتِ عندك 23 سنه ،،يعني بعد سبع سِنين
هيكون عندك 30 سنه ،،إنتِ مُدركة للجُزئية دي ؟
تنهدت
وتحدثت بهدوء وهي تفكر بأمواله وأموال جِدهٌ الطائلة التي ستظفر بها مؤخراً وتحيي
بها حياة الأميرات بعد معاناتها التي عاشتها من قبل : للأسف يا
حبيبي،، مفيش في أدينا حل تاني ،، لازم نصبر ونتحمل علشان ننول رضا جدك علينا !!
نظر
لها مطولاً مُتعجبً لأمرها ثم هز رأسهُ بنفي وأردف قائلاً بنبرة قوية رافضة
: إنسي التخاريف اللي قولتيها دي كلها يا إيناس،، أنا لا يُمكن أعمل كده في
عمي اللي طول عمرة بيعاملني علي إني إبنة اللي مخلفهوش
وأكمل
بقوة وإصرار ظهر بمِقلتاه : أنا هروح لجِدي وهواجهه بكل قوتي ويعمل
اللي عاوز يعمله
هتفت
بنيرة غاضبة مُستوحَشة : وهتسيب له المكتب اللي ليك خمس سِينيّن
بتبني فيه يا قاسم،،هتقف تتفرج علي حِلمك وشُغلك وتعب السّنين وجدك بيهدهُ لك قدام
عِنيك ؟
هنبدا
مع بعض تاني من الصِفر وهنبني روحنا بروحنا ،، جملة قالها قاسم ليطمأن روحها
صاحت
به بغضب وكأنها تحولت إلي غُول : وأنا مش موافقة يا قاسم،،أنا مش مستعدة
أجوع وأبدأ من الصِفر تاني
أمسكت
كف يدة الموضوع فوق المنضدة واحتضنته برعاية وتحدثت وهي تتوسل لعيناه :
صدقني يا قاسم إنت مش قد الجُوع والعُوزة ،، مش هتقدر تستحمل إسألني أنا ،،
وأكملت
بغشاوة دموع صادقة تكونت داخل مقلتيها : مالك بالجُوع والعُوزة إنت يا
آبن الذُوات ،، إنت واحد مولود وفي بقه معلقه دهب.
تعرف
إية إنت عن الجوع يا قاسم،،عارف يعني إية يبقا نفسك في الحَاجة ومتطولهاش،، نفسك
في أكلة حلوة ومتقدرش تاكلها لأن ببساطة ممعكش تَمنها
،،
وأكملت
بدموع حقيقية وقلبٍ يتمزق : أنا تعبت كتير أوي في حياتي مع أهلي يا
قاسم ،، دوقت العَوَز والحُوجة والجُوع ،، ومصدقت إني خلصت من الشعور
ده ونسيته من وقت ما أشتغلت وكبرت معاك
وشددت
علي يدهُ بقوة وأردفت بتوسل ودموع تُقطع أنياط القلب : أرجوك يا قاسم
متخلنيش أعيش التجربة المُرة وأدوق العذاب دة تاني،،أرجوك
كان
ينظر لها بقلبٍ مفطور لأجلها،،تعاطف معها لأبعد الحِدود وأردف قائلاً وهو يحسها
علي التوقف عن نوبة البُكَاء المريرة التي دخلت بها : إهدي يا إيناس من فضلك
وبطلي عياط،،
ثم
نظر حولة يتطلع إلي الاشخاص المُحاطين به داخل المطعم وهم يترقبون وينظرون
بأعيُنهم إلي تلك المُنهارة
ثم
أردف مُتعاطفً : الناس بتبُص علينا ،، من فضلك إهدي و أنا هعمل لك كُل
اللي إنتِ عوزاه
إنتفض
داخلها بسعادة وتساءلت بلهفة : بجد يا قاسم،، يعني هتكلم جدك وتقوله
إنك موافق ؟
كان
يشعر بتمزق وحرب شرسة دائرة بداخلة ،،حرب بين الضمير والبقاء ،، وللاسف
إنتصر داخلة حب الذات مِثلهِ كَمَثلِ كثيراً من البشر إلا من رحَمَ ربي
دقق
النظر إليها بتشتت وهز رأسهُ بإيجاب مُتحدثً بهدوء و تردد : حاضر يا
إيناس،، حاضر
ضحك
وجهها بسعادة وتحدثت بنبرة شاكرة وكأنها تُحلق فوق السحاب من فرط
سعادتها : ربنا يخليك ليا يا حبيبي
إبتسم
لها إبتسامة خافته تدلُ علي عدم راحته ثم أكملا عشائهما بتشتت وعاد هو إلي سكنهِ
الفخم بعد أن أوصلها لمسكنها
❈-❈-❈
داخل
منزل زيدان
كانت
تجلس بغرفتها تبكي بحُرقة قلب،، حُزنٍ عميق أصاب داخِلُها جراء أحلامها التي تسربت
من بين يديها وتبخرت بين ليلةٍ وضُحاها ،، وخصوصاً بعدما إستنجدت بوالدها
وطلبت منه العُون والوقوف بوجه جِدها ومحاولة إقناعه،، فأبلغها زيدان أن جدها ما
زال يُفكر في الأمر وبالتالي عليها ألا تقلق،، ولن يبلغها بالتأكيد حديث أبيها عن
إنتواءه لخُطبتها من قاسم
أما
بحجرة زيدان،، كانت تجاورهٌ تختهما وهي تبكي وتنتحب وأردفت قائلة
بمرارة : أني مجدراش أفهم لحد دالوك كيف طاوعك جلبك تِكسَر فرحة
بِتك وتوافج أبوك علي حديته دِه ،،
وأكملت
بصياحٍ وعدم تقبُل للوضع : كيف يعني مُستجبل بِتي وتحديد مصيرها يتحط
في يد قاسم
تنهد
بألم مٌتحدثَ إليها ليهدئ من روعها : متسبجيش الاحداث وتجَدري البلاَ
جَبل وجُوعه يا ورد ،، قاسم راچل صُح ومحترم وعَجلُه واعي وأكيد هيوافج إن
صفا تجدم في كُلية الطِب
أجابته
سريعً بتيقن : دِه لو كان الجَرار جَرارُه ومن راسه يا زيدان ،،
وأكملت
بتساؤل حزين : فِكرك يعني قدري وفايقة هيسبوة يوافج بالسَهُولة دِي
ويخلوني أفرح ببِتي ؟؟
أخذ
نفسً عميقً وأخرجهٌ لتيقنهٌ من صحة حديثها ،،
ثم
تحدث بقوة وتمرد ظهر بعيناه : لو اللي بتجولي علية دي حُوصل وجتها أني
اللي هجف في وش المدفع وهحمي بِتي بكُل جِوتي،،
وأكمل
بنبرة حزينة : حتي لو كانت دي هتُبجَا الناهية بيني وبين أبوي ،،
نظر
بعيناها وأخبرها مؤكداً : عاوزك تتوكدي إن عمر مهخلي بِتي تِتكسر
وأبوها لسَاته عايش علي وِش الدِنيي
ثم
نظر أمامهُ وأكمل بنبرة بها جبروت مدفون : ما عَاش ولا كَان اللي يذلك
ويكسر فرحتك يا بت زيدان
ثم
إلتفت لتلك المنتحبة وسحبها وأدخلها لداخل أحضانه بحنان
وأردف
قائلاً بهدوء : إطمني وإهدي يا حبيبتي وحاولي تنامي لك إشوي لجل
مترتاحي ،،عيونك دبلت من كٌتر البُكا
لم
تنطق بحرفً بل ظلت تبكي ويواسيها هو حتي غَفت بين أحضانِه ودَثَرها داخل الغطاء
بإحكام وغفي بجانبها بعد تفكير دام لساعات،، وذلك جراء حزنهِ الشديد علي ما حدث
لإبنته وشعورهٌ بالضعف المُهين أمام صَغيرته وهو يقف مُكتف الأيدي أمام ضياع
مستقبلها وقبولهٌ لأوامر والده بكل رضوخ وخُنُوع،،
ولكن
كفا،، لم يسمح لحالةِ بالرضوخ ولا بالإستسلام بعد،، هو فقط سينتظر إجابة قاسم
علي جده ،، وإن لم تكُن بالإجابةِ المُنصِفة والعادلة لصَغيرتهُ،، قَسماً سيحرقُ
الأخضرَ واليابس لأجل عيناي تلك الصفا
❈-❈-❈
بنفس
التوقيت
دلفت
مريم إلي مسكن عمها قدري بعدما إستقبلتها فايقه،، وتحركت مباشرةً بإتجاة غُرفة
ليلي المتواجدة داخل مَسكن والدها،، حيثُ أن كل رجُلً منهما يحتضن إبنته داخل
مسكنه الخاص للتأكُد من حمايتها ،، أما الشباب فلكُلٍ منهم غُرفتهُ
المُستقلة بالطابق الثالث عدا قاسم التي تتواجد غرفته والمَسكن المُخصص له بعد
الزواج بالطابق الثاني
دلفت
مريم إلي غرفة ليلي وجدتها تجلس فوق تختها،، مُمسِكة بقنينة طلاء الأظافر وتضع منه
فوق أظافر قدميها وهي تتمايل وتتراقص بجسدها بتناغم وتماشي مع عزف المُوسيقي التي
تستمعها من جهاز سَمَاع المُوسِيقَي الموضوع بجانبها
جلست
مريم بجوارها بوجهِ عابس وتحدثت بنبرة يكسوها الحُزن : رايجة جَوي
وعَتترجَصِي وعتحُطي مانُوكَير كُمان
ضحكت
بتشفي وأجابتها بنبرة حقودة وهي ترفع حَاجبها : ومرُوجِش وأرجُص
ليه ،، واللي كان نفسي فيِه حُصل،، و بِت وَرد شوكِتها إتكَسرت،، و
وجَعَت علي جِدُور رجَبتها وإتزَلت بعد ماكَانت عِيشَا لنا في دور الدَكتُورة
وشايفه حالها علينا هي وأمها مِن دِالوك
تنهدت
مريم بضيق وتحدثت بنبرة مَهْمُومة : أنِي خَايفه جَوي يا ليلي
،، ممطمناش لحديت چِدي اللي جاله إنهاردة
،،
واكملت
بتساؤل قلق : إشمعنا يعني إختار لها تُدخل الكُلية اللي إتِخرچ
مِنِيها قاسم بالذات
ضحكت
ليلي وأجابتها بنبرة ساخرة : معرفاش صُح ولا مجَدرَاش تُنطُجِيها يا
مريم ،، دي حَاچة باينة كيف عِين الشَمش،، چِدي جَرِر يچوز صفا لقاسم
إرتعب
داخل مريم وإكفهرت ملامحها في حين تحدثت ليلي قائلة بإطمئنان : بس أني
معيزاكِيش تِجلجي ،، بِت وَرد مهياش في دِمَاغ أخوي قاسم من الاساس
ولا
أنتِ كُمان ، وأطلقت ضحكه ساخرة إستفزت بها مريم
أردفت
مريم قائلة بتمني : بس أني حاسة إن چدي غرضة من إكدة حاچة تانية
ضيقت
ليلي بين حاجبيها وتساءلت مُستفسرة : وتطلع إية الحاچة التانية
دِي يا أم العُريف ؟
أخذت
نفسً عميقً وزفرته وأردفت قائلة بهدوء : كِليَاتنا خابرين زين كِيف چدي بيحب
قاسم وبيعتبرة كيف ولدة مش بس حفيدة اللِكبير
،،
وأكملت
وهي تضع سبابتها علي مقدمة رأسها بتفكُر : چدي معايزش حد مِنينا يعلي
علي مجام قاسم ،، ولجل إكدة بالخصوص هو مرضاش إن صفا تُبجا دَكتورة وأعلا من
حفيدُة البِكري
وأكملت
بإرتياح وإطمئنان لا تدري من أين مصدرهما : وزي ما كُلنا خابرين
العادات إهني زين ،، الحَفيد الأكبر بيتچوز الحفيدة الأكبر سِناً،،
وأكملت
بإبتسامة هائمة إرتسمت علي محياها وهي تُشير علي حالِها بسعادة :
واللي هي أني يا ليلي ،، مش صفا كِيف ما جولتي
نظرت
لها ليلي وبلحظة دبَ الرُعب داخل صَدرها ،، إنتفض قلبها وإكفهرت ملامح وجهها
بعبوس وتحدثت بنبرة مُرتعبة : دِي تُبجا وجعة مربربة لو چدك طُلع بيفكر إكدة
صُح
إبتسمت
مريم وأردفت قائلة بنبرة ساخرة : وجتها الإحتمال الأكبر إن صفا هتكون
من نصيب يزن أخوي،، إكمنها يعني وحيدة وچَدك مهيطلعش مال عمك زيدان برات البيت
وما
أن دلت بدلوها بتلك الكلمات حتي تحول وجه تلك الليلي للغضب التام
وتحدثت
بفحيح وشر : الله في سماه لو چِدك عِمل إكدة ،، لولع لهم في بِت
وَرد وهي لابسة فُستان فرحها،، وبدل ما تُبجا ليلة دُخلتها هخليها لهم ليلة
خَرچيتها
❈-❈-❈
ظهر
اليوم التالي
وبالتحديد
داخل غرفة الحاج عتمان
كان
يجلس فوق تختهِ يفكر بشرود،، قاطع شرودهُ دلوف رسميه إليه وجلوسها بجانبه وبعد مده
تحدث هو إليها : بجولك أيه يا رسميه ،،أني كُت بفكر في موضوع إكدة
شاغل بالي بجا له فترة ووصلت فيه لحل زين،، بس محتاچ لك وياي لجل ما يتم
ردت
عليه بلهفه وطاعة : عيني يا حاج،، أؤمرني يا أخوي
إبتسم
لها وأردف قائلاً بحنو : تسلم عينك يا بِت الأصول ،،
وأكمل
وهو مطأطأ الرأس بنبرة حزينة : أني مهخبيش عليكي يا رسمية ،، أني بجَا
لي فترة ضميري بيأنبني لجل اللي عملته في زيدان زمَان،،كيف جدرت أحرمة من مالي
وأحَرِم خيري عليه هو وبِته ومرته ؟
وأكمل
بنبرة مُتألمه وعِيون مُنكسرة : كِيف سمحت لحالي أجعُد أكُل علي
السُفرة ولامم عيَالي وأحفادي حوَالي وأعزهُم وأغلاهُم مجَاعِدش چَاري ؟؟
كيف
حرمت صفا من إحساسها بالدِفا وسط أهلها ونَاسها،، كيف جِدرت أحَرِمها من إنها تحِس
بعزوتها وتفتخر بيهم ؟؟
تأثرت
رسمية بحديثهِ حتي أن دموعها العزيزة الأبية إنفرطت وزُرفت رٌغمً عنها
وتحدثت
لترفع عنه كاهل حٌزنهِ : هون علي حالك يا وَاد عمي ،،اللي حٌصل
حٌصل والعِند والشِيطان دخلوا بيناتنا وفرجونا عن ولدنا
تنهد
مهمومً ثم أخذ نفسً عميقً وزفرهٌ وتحدث بنبرة جادة : لجل إكده أني
فكرت ولجيت حل زين يعدل الميزان،، وفي الوجت ذاته ميجللش من كرامتي ويهز كِلمتي
اللي جُولتها جَبل سابق
تساءلت
بترقُب : حل إية دي يا حاچ ؟
نظر
لها بتمعن قائلاً : أني عاوزك تكتبي العِشرين فدَان اللي ورثتيهم عن
عمي الله يرحمه لصفا ،،وأنا هكتب لك غيرهم من أرضي من غير ما حد يدري،،وبكدِه
أبجَا رضيت ربنا وسكت ضميري اللي مهيريحنيش واصل ،، وأديت لزيدان حجُه في
ورثتي من غير ما أرجع في تهديدي ليه،،
وأكمل
: وأني هبجَا أحُط لصفا جرشين بإسمها في البَنك لجل ما اضمن لها مستجبل زين
وأكون وفيت بديني في حَج زيدان للآخر
نظر
إليها مترقبً قرارها فهتفت رسمية بإستحسَان : عين العَجل يا وَاد عمي
،،كلامك زين
إطمئن
بموافقتها وهز لها رأسهٌ وهتف قائلاً : ناوليني التَلفون دِه لجل ما
أتصل بقاسم وأخليه ياجي بكرة عشان أخبره بموضوع چوازه من صفا وأخد رأيه في الكُليه
اللي هي ريداها
اطاعته
وأخذ هاتفهٌ وتحدث إلي قاسم وطلب منه الحضور في الصباح الباكر،، وكالعادة أطاعهٌ قاسم
بإحترام
*
☆*☆ * ☆*☆*
روايه
قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ بقلمي روز آمين
في
الصباح الباكر
توجهت
صفا إلي الخارج بعدما قررت عدم الإستسلام والرضوخ للأمر المفروض عليها ،، ذهبت
مُتجهه إلي إمام المَسجد المُجاور لمنزل والدها كي تشتكي لهٌ هَمها بحُكمهِ صَديقً
مُقربً لجدها ويحترمهُ عِتمان كثيراً ويُقدرةُ ،،
طلبت
العَون منه والتدخل والذهاب إلي جَدها لمحاولة إقناعة كي يسمح لها بالإلتحاق بكلية
الطب وتحقيق حٌلمها بأن تٌصبح طبيبة وتداوي جراح المَرضَي وتٌسكن ألامهم بفضل الله
،،
وبالفعل
إنساق الشيخ إلي رغبتها وذهبَ علي الفور إلي منزل جدها للتحدث إليه
تحدث
الحاج عتمان إلي الشيخ حَسان بنبرة صوت مُوقرة لهذا الشيخ الجليل وذلك بعدما إستمع
منه لطلبهْ : خطوتك تِعز علي يا شيخ حَسان، وعشان إكده أني
هجُول لك علي اللي في دماغي ومش هدارية عليك ،،
وأكمل
بنبرة مُحملة بالهموم : إنتَ خابر زين إن صفا وحيدة ومهيبجا لهاش ضهر
يحميها بعد أبوها ،،وأني بعد ما فكِرت زين لجيت إن قاسم وَاد قدري ولدي هو الوحيد
إللي أجدر أئتمنه علي صفا وأموت وأني مطمن عليها ،،
وأكملَ
مٌفسراً : وزي ما أنتَ خابر إن قاسم مُحامي جَد الدِنيي،، بس
بردك صفا لو بجَت دَكتورة هتُبجا أعلي مِنية ،،وأنتَ أدري الناس بعوايدنا إهني
،،لازمن الراچل منينا يُبجا أعلي من مَرته في كُل حاچه ،،
وأكمل
مٌبرراً بإبتسامة هادئة : أومال كيف يا سيدنا الشيخ ربنا جَال في
كتابهِ العزيز،، الرچال چوامُون علي النِسَاء
تحدث
شيخ المَسجد بإحترام بعدما أعَطي لهُ المجال من الإنتهاء من حديثة :
أولاً ربنا يبارك في عُمرك وف عُمر أبوها وتفضلوا سَندها بعد ربنا يا حاج عتمان،،
وأكمل
مُعترضً : ولو إن البنت المِتربية صُح بتُبجا سَند لحالها وسواعي
لأهلها كُمان ،،
ثانياً
بَجا إحنا فاهمين الجَوامه اللي ربنا سُبحانة وتعالي ذَكرها غلط وبنفسروها علي
مزاچنا ،،
وأكمل
مُفسراً بهدوء وأستكانة : ربنا سُبحانه وتعالي لما جَال في كتابهِ
العزيز
بسم
الله الرحمن الرحيم
الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ
وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ
كان
يقصد جلالته إن الراچل يسعي لمصلحة الست ويحميها ويجوم علي خِدمتها في الأمُور
اللي فيها مُصلحة ليها ،،وأظن يا حَاچ عِتمان إن مفيش مُصلحة أكتر من إن صفا تُبجا
دَكتورة وتخفف عن أهل بلدها ألامهم وأوچاعهم ،،
وأكمل
بذكاء كي يستدعي حماسهُ : ده أني كُمان طامع في كرم أخلاج حضرتك في
إنك تبني لها مِستشفي في النجع إهني لخدمة أهل بلدك لچل ما تطيب جراحهم وتداويها
بيد بِتنا صفا ،،
نظر
لهٌ وقد شعر بأهمية ما نطق به وتحدث بإعجاب وآستحسان : والله حديتك زين يا
شيخ حَسَان ويستحج التفكير ،، وأني إن شاء الله هكلم قاسم وأشوف رأيه أيه وربنا
يعمل اللي فيه الصالح للچميع
هَم
الشيخ حسان بالوقوف وهو يتحدث بإنسحاب : إن شاء الله يا حاچ
،،أستأذن أني
وقف
عِتمان وأردفَ قائلاً بإستماته : والله ما يحصل ولا يكون جبل ما
تتغدا وياي،،ده أني دابح خروف وجَدي عَشان مِچية قاسم من مصر ولازمن حضرتك تشرفني
وتتغدي وياي
وبعد
جدال طال إستسلم الشيخ الجليل وأنساق لرغبة عتمان وأنتظرَ يتسامران لحين وجوب وجبة
الغداء
*
☆*☆ * ☆*☆*
روايه
قلبيّ بنارِهاَ مٌغرمٌ
أما
داخل منزل زيدان
دلف
يزن بعد الإستئذان وجد والدته تجلس بجانب زوجة عمه وتربت علي كَتِفها في محاولة
منها لتهدأتها مما أصابها من خيبة أمل وصدمة جراء ما حدث بالأمس
تحدث
يزن لزوجة عمهِ لإهتمام : صفا وينها يا مَرت عمي
أجابتهُ
بدموعَها : حابسة حالها في أوضتها من وجت اللي حُصل ،، دمعِتها
مفارجتش خدها ومداجتش للزاد طَعم من عَشِية
غلي
الدم بعروقهِ وشعر بغَصةٍ مَريرة إقتحمت صَدرهِ جراء ما حدث لصغِيرته ،، شعر
بحاجتهِ المُلحة في أن يصعد إليها ويحتضنها والأن كي يُضمد جراح قلبها النازف،،
لو
كان الآمر بيده لشَق صدرهُ لنصفين وأدخلها بين ضلوعِه كي يُخبأها عن عيُون البشر
والعالم بأسرهِ
حدث
حالهُ بتألُم وهو ينظر للأعلي بمرارة،،،
آهٍ
وآهٍ عليكِ صغيرتي،،
لو
كان الآمرُ بيدي لأختطَفتُكِ من ذاك العالم الذي لا يمتُ لأرواحِنا السَابحة بصِلة
ولا يُشبِهُهَا ،،
وفَرِرتُ
بكِ حيثُ الخلود ،،لنحيي حياةً تليقُ بقلوبِنا وأرواحنا الحَالمة،،
ما
أصعبُ آن يشعُر المّرء بالعجز والإنكسار أمام إمرأتهِ،، آهٍ عَليكِ وآهِ علي
غَاليتي
إنتابهُ
شعورٍ سئ وتملك منهُ الغضب،، تحدث بنبرة غاضبة حادة : أني هروح أتحدت
ويا چدي وهجوله إن اللي بيعملة فينا دِي حرام وأكبر ظُلم كَمان ،، وإنه بإكدة
بيُخنُجنا وبيجتل أرواحنا وبيدمِرها ،، وإننا خلاص مهنسكتوش علي الظلم
والإفتري دي أكتر من إكدة
إلتفت
ناحية الباب وكَاد ان يتحرك إلي الخارج،، إنتفضت نجاة من جلستها وجرت عليه
وأمسكته من ذراعة وتحدثت بتوسل : رايح فين يا يزن ،، إعجل يا
ولدي بدل ما يغضب عليك ويخَرچك من الدَار كِلاتها ،، وساعِتها مهتلاجيش مكان
يلمك يا حَزين
نفض
ذراعهُ من يد والدته وتحدث بروعنة شباب : سبيني يا أمّا أروح له
و أواچهُه بحجيجته المُرة وأعريه جِدام روحه
وقفت
ورد وتحركت إلي يزن سريعً وهي تُجفف قطرات دمعاتها وتحدثت إلية : إسمع
حديت أمَك يا يزن وإستهدي بالله يا ولدي،، إصبر لحد مانشوف چدك هيجول إية في
الإچتماع اللي عاملهولنا عشيا دِي
إبتسم
بجانب فمهِ ساخراً وتحدث : فِكرك هيغير رأية في موضوع صَفا ؟
، چدي عِتمان دي چبروت ماشي علي الآرض ومهيتراچعش عن جرارة إلا أما
حد منِينا يُجف في وشه ويفوجه من الغيبوبة اللي حابس حالة وحابسنا وياه فيها دِي
باتت
السيدتان تهدأه بكلماتهم وبالكَاد إقتنع وهدأ قليلاً ،، ثم ذهب إلي أبية في
إحدي الأراضي الزراعية كي يُشرف علي العمال ويتابع جنيهم للثمار
❈-❈-❈
في
المساء إجتمع جميع أفراد العائلة في بهو منزل الحاج عتمان بناءً علي رغبته وذلك
ليستمعوا إلي قراراته المهمه التي أتخدها بشأن أحفاده الغوالي
كانت
رسميه تجلس وسط زوجات أولادها وجميع أحفادها إلا من صفا ووالدتها التي بعثت لهما
حٌسن لتُخبرهم أنه وجب عليهم الحضور وذلك حسب أوامر عِتمان
أما
الحاج عتمان فكان بداخل حُجرته الخاصه بصحبة أبناءه الثلاث حيث كان يخبرهم بما
إتخذه من قرارات بشأن أحفاده كتحصيل حاصل ليس إلا ،،
فهكذا
هو عتمان النُعماني وهذة هي شخصيتهٌ المٌتجبرة
دلفت
صفا بجانب والدتها مطأطأت الرأس حزينة لما أوت إليه من إنهيار حُلمها الذي تبخَر
بين ليلةٍ وضُحاها بعدما كان أقرب إليها من حبل الوريد
نظرت
ورد إلي وجوة الحاضرين المُترقبه والقلق والتوتر يسيطران علي ملامحهم جميعً،، إلا
من تلك الجالسه براحة وأبتسامة نصر تظهر فوق ملامحها،،إنها فايقه لا غيرها
ألقت
ورد التحيه علي الحضور فردها الجميع
إنتفض
يزن من جلسته واقفً وتحدث إلي تلك التي إنتفخ وجهها من كَثرة بُكائها
المُتواصل : كيفك يا صفا ؟
لم
تستطع رفع وجهها إلية وأكتفت بهز رأسها وهي تنظر أرضً بإنكسار وردت بنبرة
خافتة : الحمدلله
إحترق
داخل ليلي من ذاك الإهتمام وتلك اللهفة التي رأتها بداخل أعيُن حبيبها بل ومُتيم
روحِها والذي تعتبرهُ مِلكية خاصة ،،
تمالكت
من حالها لأبعد الحدود كي لا تَطِع أفكارها الشاذة التي تُطالبها بإلحاح بالوقوف
علي الفور والتحرك لتلك المشعوذة وجلبها من شعر رأسها والبطح بها أرضً كي
تُبرِحُها ضربً وتشفي منها غليلُها
تحدثت
رسميه إلي ورد بإحترام ولكن من الداخل مازالت تكنٌ لها غضبً وكرهً لظَنِها طِيلة
الوقت أنها هي من حرمتها من أن تسرٌ بصَرها وتٌسعد قلبها بذكرِ لزيدانها الغالي
قبل أن تواراي الثري وتذهب عن هذا العالم ويفني جسدِها
،،
وكان
ذلك بفضل وشَي تلك الأفعي المُسماه بفايقة لها،، والتي توشَي لها طِيلة الوقت
بأحاديث كاذبة كَي تُزيد من كُره رسمية ل ورد وتجعلها تحقد عليها أكثر
تحدثت
إليها رسميه قائله بنبرة إحترام : إجعدي يا وَرد
وأكملت
وهي تفتح ذراعيها علي مصرعيهما لإستقبال غاليتها وتحدثت مٌبتسمه :
تعالي في حضن چِدتك يا بِت الغالي
تحركت
إلي جدتها بساقان بطيئتان وما أن جلست بجانبها حتي سحبتها رسميه لداخل أحضانها وربتت
علي ظهرها بحنان
مما
أشعل غضب ليلي ومريم وهما تنظران لها بإحتقان وغيرة
خرجت
من بين أحضان جدتها ونظرت إلي رسمية وتحدثت بنبرة توسلية : لو
أني غالية عنديكي صُح كِيف ما بتجولي تكلمي چدي وتقنعيه يتراچع عن جرارة ويخليني
أجدم في كُلية الطِب
أجابتها
رسمية وهي تبتسم وتنظر إلي قاسم الجالس بملامح وجهٍ مُحتقنة بالغضب مُكفهرة
: موضوع كُلية الطِب دي مبجتش في يد چَدك خلاص،،بجت في يد حد تاني
نظر
لها يزين وتملك الرُعب من داخله حين فهم مغزي حديث جدته وهي تنظر بعيناها إلي قاسم
وتحدث بحده : تجصدي أيه بحديتك ده يا جدتي ؟
وليه
من الاساس چدي رافض دخول صفا كُلية الطب ؟
نظرت
لهٌ فايقة وإجابته بإبتسامة ساخرة لعلمها ما يكِنهُ ذاك اليزن داخل قلبهِ البرئ
لتلك الصفا : إتجل وأصبر علي رزجك يا يزن،، متبجاش مسرُوع إكدة
أما
ليلي التي تحدثت إلي صفا بنبرة شامته كي تنتقم منها : يا خسارة
تعبك وسهر الليالي اللي راحوا علي الفاضي يا صفا،،
وأبتسمت
وأردفت ساخرة : يظهر إن كُلية الطب ملهاش نصيب تفتخر وتتشرف بدخولك
ليها يا بِت عمي
إبتسمت
فايقة بشماته أما الجده فرمقت ليلي بنظرة نارية أرعبتها ففضلت الصمت خشيةً إثارة
غضب جدتها أكثر
وحزنت
ورد علي ما أصاب صغيرتها من خيبة أمل وشماتت أصحاب النفوس الضعيفة بها
أما
قاسم فكان جالساً يغلي داخلياً وخصوصاً بعد حديث والديه إليه وتهديده بأن يقبل بكل
ما يُقال من جده وحديث إيناس أيضاً الذي يراه غير أخلاقي بالمرة ولكن ما بيده
ليفعله ،،فقد وضعه جده للمضي قدماً داخل هذا الطريق بعد أن سلبه عتمان حق الإختيار
خرج
عتمان أمام أنجاله فوقف الجميع إحترامً وتقديراً له ،،جلس برأس الجلسه وأشار إليهم
بالجلوس
تحدث
بوقار وجبروت لا يليق إلا به : طبعاً كلكم خابربن زين إن إنتوا عزوتي
اللي طلعت بيها من الدنيي دي وأني بتمني أشوفكم أحسن الناس
هز
الجميع رأسه بطاعه وموافقة فأكمل هو : وزي ما أنتوا خابرين زين إن
عوايد النُعمانيه بتمنع نچوزوا بناتنا بره العيله والعكس ،، عشان إكده أني
جعدت مع أبهاتكم وإتفجنا علي اللي أني شايفه صح ومجبول وفي صالحكم كلياتكم
نظر
إلي قاسم وتحدث بإبتسامةهادئة قائلاً : نبدأ بحفيدي الكبير
العاجل،، زينة شباب النُعمانيه ،،وعشان إكده إختارت له أغلي الغوالي علي جَلبِي
ثم
حول بصرة إلي صفا الباكية الحزينه وأكملَ : صفا الغاليه
وفجأه
توقفت عن البكاء وإنتفض داخلها بسعاده وأتسعت عيناها غير مستوعبه ذاك الخبر التي
إنتظرته مٌنذ أن أصبحت شابه وفهمت معني العِشق، ولكن برغم تلك الفرحه تظل فرحتها
ناقصة غير مكتملة
وأكمل
الجد وهو ينظر إلي يزن الذي يكاد يصرُخ ويعترض علي إنتساب معشوقته لغيرة،، ولولا
رُعبهٌ من جده لو قاطع حديثه لصرخ وأسرع إليها وجذبها إلي صدرهِ بحماية أمام
الجميع وليحدُث ما يحدث ،،لكنه تمالك من حالهِ وفضل أن ينتظره حتي يفرغ ما
بجعبته دفعتً واحده وبعدها سيعترض
وأكمل
عِتمان : والباشمهندس يزن زينة الشباب هيچوز ليلي
نظرت
له ليلي بسعادة لم تستطع مداراتها
أما
تلك المريم التي نزل خبر خطبة قاسم وصفا علي قلبها ومسامعها كصاعقة كهربائية زلزلت
كيانها بالكامل فنظر لها جدها وتحدث : وست البِنته مريم هتتچوز من
فارس
نزلت
تلك الجُمله لتكمل علي ما تبقي من صبرها وتماسكها الهَش فبدأت ببكاءٍ مَرير
إستغربهٌ جميع الحضور ،،
وجحظت
عين فارس وكان أول المعترضين،،وذلك لعشقهِ الجارف لإبنة خالتهِ حين تحدث بنبرة
غاضبه : ومين جال لحضرتك إني رايد أتچوج دالوك ولا رايد أتچوز من
الاساس يا چدي
نظر
عتمان إليه وتحدث بنبرة ساخرة : هتترهبن إياك يا وُاَد قدري ؟
وتلاه
يزن الذي تحدث بنبرة معترضه : وأني كَمان مُموافجش علي الطريقه
المُهينه اللي هتعاملنا بيها دي يا چدي ،،يعني أيه متاخدش رأينا في الحَريم اللي
هتعيش ويَانا وهنكملوا ويَاهُم باجي حياتنا ؟؟
ثم
نظر إلي صفا وتحدث مُعترضً : وليه صفا بالذات تختارها لقاسم
،،ليه متكونش من ٠٠
نظرت
له بعيون مُتسعه وقاطع حديثه عتمان بضيق وهو يدق بعصاه الأرض ناهراً إياه بعنف :
ما شاء الله عليك يا أبن مٌنتصر ،،كِبرت يا وُاد وطلع لك حِس وعتعليه علي چَدك
وتراچعه في جراراته
نظر
قدري إلي مٌنتصر وتحدث مٌستغلاً الوضع لصالحه كعادته : متشوف ولدك
وتوعيه وتعلمه كيف يحترم چِده ويوجرة يا مُنتصر
تحدث
مٌنتصر بتلبك وهو ينظر إلي يزن بنظرات تحذيريه مُعتزراً لأبيه : يزن
ميجصدش يا أبوي ،،ما عاش ولا كان اللي يراچع حديتك، كلامك وجراراتك سيف علي
رجابنا كليَاتنا
زفر
عتمان بغضب ثم نظر إلي قاسم وتحدث بحده : وإنتَ يا قاسم ،،مهتعترضش
إنتَ كُمان علي حديت چِدك الخَرفان ؟
نظر
قاسم لأبيه فرمقهٌ قدري بنظرات تحذيريه فحول قاسم بصرة مرةً أخري إلي جده وأجابه
بنبرة صوت حاده وملامح جامده خاليه من أية تعبير يدل عن ما بداخله :
العفو يا چَدي،، أني موافج علي كل اللي حضرتك تؤمر بيه
طار
قلب تلك العاشقة وحلق بالسماء
حين
إبتسم الجد وتحدث بتفاخر : عفارم عليك يا قاسم ،، عمرك مخيبت ظني بيك
تفاخر
قدري ورفع قامتهُ لأعلي وتحدث لإرضاء والده : اومال يا حاچ،،
قاسم دي راچل صُح،،، رباية يد الحاچ عِتمان بصحيح
تنهد
زيدان مهمومً وتحدث إلي أبيه مُتساءلاً بجدية : وموضوع چامعة صفا يا
أبوي ؟
نظر
الجد إلي قاسم وتحدثِ بإبتسامة : موضوع كلية صفا أصبح في يد
قاسم ،،جولت أيه يا قاسم ؟
تنفس
عالياً وبدا علي وجههِ علامات الضِيق ثم حول بصرةِ إلي تلك الحابسه أنفاسها تترقب
جوابه وتحدث بهدوء : جدمي في الكُلية اللي إنتِ رايداها يا صفا،،أني
عمري ما هجف عَجبه في طريق تحجيج أحلامك
إتسعت
عيناها بذهول وأردفت متسائلة بنبرة سعيدة غير مستوعبة : صٌح موافج يا
قاسم ؟
لا
يدري لما شعر بالخجل من حاله لإقبالة علي المشاركة في خداع تلك الملاك
البريئ،،ولكن ما بيده،،ألا لعنة اللهِ علي الظالمين،،
فابتسم
بمرارة وأجابها : صٌح مُوافج يا صفا
إبسمت
ورد ونظرت بعيون سعيده إلي زيدان الذي تخطت سعادته بذاك الوقت عنان السماء والجد
والجده لم يكن حالهما بأقل منهما سعادة
أما
تلك الفايقه التي إنتفضت بجلستها كمن لدغها عقرب وهي تنظر إلي قاسم بنظرات ذات
معني ومغزي وتطالبهُ بأن يُنفذ ما أمرتهُ به
وأردفت
قائلة بنبرة كسي عليها الغل والغضب والتي لم تستطع مٌداراتهما عن أعين
الجميع : موافج كيف يعني يا قاسم ،،موافج إن مَرتك تُبجا أعلي مِنيك
في العَلام ؟
ظهر
الضيق علي ملامحه من حديث والدتهٌ المُصره علي أن تهدم لصفا أحلامها لمجرد
معاندتها لزوجة عمه وإفساد سعادتها بإبنتها
تحدث
موجهً حديثهٌ إلي والدته بحنقٍ وبرود : يا أمّا الدِني إتغيرت ومبجاش
حد بيبص علي الطِب والهندسه علي إنهم أعلي من باجي الكليات لمجرد إنهم بيجبلوا من
مجموع أعلي ،،
وبعدين
الطب مهنه سامية ودِه حلم صفا من زمان،
وأكمل
صادقً : يُبجا ليه أخنج حِلمها وأضيعه لمجرد فرد السيطرة والهيمنه
الذكورية الكدابه
نظر
عتمان إليه بإعجاب وتحدث معظمً إياه : طلعت راچل صٌح يا قاسم وأثبت لي إن
إختياري ليك في إنك تُبجا سَند وظهر لبِت عمك كان في محلُة صٌح
وصدق
زيدان علي حديث والده : عِندك حج يا أبوي ،، تسلم وتعيش يا قاسم
وأكملت
ورد علي حديثهما بتأكيد قائلة بنظرات يُغلفهما الشكر والعرفان : ربنا
يبارك فيك ويحميك لشبابك يا ولدي
نظرت
الجده بسعاده إلي صفا التي لم تعد معهم إلا بجسدها فقط،،أما روحها فقد سرحت في
السماء هائمة من شدة سعادتها فقد تلقت للتو خبر تحقيق أسعد حُلمان كان يراوداها في
صَحوها قبل منامها
وتحدثت
الجده مهنئة غاليتها ومدللتها : مبروك يا نور عين چدتك ،،مبروك يا دَكتورة
وقعت
الكلمه علي قلبها فزادت من شدة سعادته التي إرتفعت ووصلت إلي عنان السماء وأجابتها
بفرحه : الله يبارك في عمرك ويخليكي ليا يا جدتي
إبتسم
داخله لسعادة الجميع التي رأها بعيونهم وخصوصاً صفا،،وقد خففت سعادتها تلك من
شعورةٌ المميت بالذنب تجاهها
أما
تلك الفايقه التي أشرفت علي إصابتها بذبحه صَدريه عندما إستمعت إلي لقب،، دكتورة،،
نظرت
لذاك القدري بنظرات تحذيريه كي يتدخل ويمنع تلك المهزله ،،فتحمحمَ قدري بعدما قرر
التدخل كي يرحم حاله من الدخول داخل جولة نكدية مؤكدة لا محال من تلك الغاضبه ذات
الطابع القوي المُتجبر
وأردف
قائلاً لقاسم وهو يغمرهٌ بنظرات ذات معني ليحسهٌ علي التراجع الفوري :
كلام أيه اللي عتجوله ده يا قاسم ،،كيف يعني تجبل إن مَرتك تُبجا دَكتور وتشتغل في
المستشفيات وتتحرك بين الرچال وتنهشها عيون اللي يسوي واللي ما يسواش ؟!
لو
إنتَ جابلها علي حالك أني مجبلهاش علي مرت ولدي ،،،جملة قويه تفوة بها قدري مهدداً
بها ولده
تراخت
عضلات جسد فايقه بجلستها بعد حديث قدري القوي الذي نزل علي صَدرِها وأثلجهُ ونظرت
إلي قاسم تترقب جوابه
وليس
فايقه وحدها هي من ترقبت جوابه ،،بل الجميع أصابهٌ صمتٍ تام ينتظر إجابت قاسم بلا
أو نعم
أما
صفا التي إرتعبت وأهتز داخلها وبدأ الرعب يتسلل لقلبها البرئ وهي تنظر إلي قاسم
بنظرات مُترجية مُتوسله زلزلت داخله
يُتبع..