-->

الفصل الثالث - قلبي بنارها مغرم


 

بعد مرور سبعة عشرة عامّ

 

داخل منزل زيدان النُعماني

 

كانت الساعة قد تخطت منتصف الليل

وتلك الساحرة فاتنةُ الجمال تجلس خلف مكتبها تُذاكر دروسها لعامِها الأخير بالثانوية العامة

 

فهذا العام هو من سيحسم مستقبلها الدراسي ويحقق حٌلمً عاشت تنسج خيوطهٌ من ذهبٍ ،،  رفعت رأسها المُنكبه فوق كُتبَها مُنذُ ما يقارب من الثلاث ساعات المتواصلة،،

 

وبدأت بتدليك عٌنقها وتحسستهٌ بتألم،،ثم تحركت بتملل مٌتجهه إلي شرفتها لتقف بها تشتم رائحة عبير تفتح زهور البرتقال التي يملئ عٕبقها المكان بأكمله

 

حيث الحديقه الواسعه المشتركة بين منزل أبيها وقصر جِدها والمليئة بأشجار البرتقال والمانجو وأيضاً الليمُون

 

أغمضت عيناها ورفعت رأسها للأعلي وبدأت بأخد شهيقً طويلاً حتي أمتلئت رئتيها بعبق تفتُح زهور البُرتقال المحبب لدي روحها !!

 

وتنهدت براحه ثم بدأت بفتح عيناها تدريجياً ،، وبلحظه وبدون مُقدماتٍ إتسعت حدقة عيناها بسعادة وهي تري أمامها معشوقها،،  فارس أحلامها مٌنذُ نعومة أظافِرُها ،،حُب طفولتِها وبداية صِباهَا ،،من تعلمت علي يدة أبجديات العشق وخطت في عالمهُ أولي خطوات الغرام

 

رجٌلها ورجٌل أحلام يقظتها ،،فارسها التي تنتظر أن يأتي بحُصانهِ الأبيض ليصطحبها إلي جنة عشقها ومدينة أحلامها الوردية المنتظرة !!

 

نظرت عليه بولهٍ وعيون عاشقه مُتشوقة،، تتأملُ ذلك الواقف بشرفته المواجهه لشرفتها والتي لا يفصل بينهما إلا بِضعةُ مِترات معدودات ،،إقشعرت ملامحها وتسللت الخيبات داخل قلبها الصغير عديمُ الخِبرة،،وهي تنظر لذاك الواقف يتحدث بهاتفه ويبدوا علي وجههِ الإنسجام والراحه والسلام، غير مبالياً بالمرة لتلك الشاردة المتلهفه لطلة من عيناه

 

وبعد مده كان قد إنتهي ذلك الفارس المغوار المدعو ب قاسم قدري عتمان النعماني الحفيد الأكبر لعائلة النعماني،،والذي تخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة وألتحق بالعمل بنفس المدينة،، حيثُ إفتتح له جَدهٌ عتمان النعماني مكتب للمحاماه وذلك بعد إلحاح منه،، لغرضٍ ما داخل نفسه سنكتشفهُ لاحقاً  !!

 

 

إنتهي من مكالمتهِ الهاتفيه وهو يتنهد براحه ويبدوا علي وجههِ الإستكانة

نظر بعيناه يتطلع للأمام وجدها أمامه،، تقف كحوريه من حوريات الجنه فابتسم لها بهدوء،،نعم ولما لا وهي صفا النعماني إبنة الحسب والنسب والتي تمتلك جمالاً يفوق الخيال ورثته عن والدتها،،إبنة أبيها المدلله بل والوحيده

 

نظر لها وأبتسم وتحدث بنبرة أخوية  : أيه اللي مصحيكي لدلوك يا صفا ؟؟

 

إنفرجت أساريرها ورفرف قلبها البريئ في السماء مُعلناً عن شدة سعادته من مجرد خروج حروف إسمها من بين شفتاه وبنبرة صوته الملائكية بالنسبة لها !!

 

تحدثت بخجلٍ ما زادها إلا حٌسنً وجمالا  :  بذاكر يا قاسم

 

لدلوك يا صفا ؟  ،، سؤال طرحة قاسم

 

أجابتهُ بنبرة مرحة  :  نسيت إياك إني في ثانويه ولازمن أجيب مچموع كبير

 

إبتسم لها قاسم وتحدث بتذكر  :  إيوه صُح ،،تصدجي كُت ناسي

 

وأكمل بتساؤل  :  وناويه علي أيه ان شاء الله يا صفا ؟

هتفت بسعادة وهي ترفع رأسها بشموخ  :  طِب إن شاء المولي عز وجل

 

ضحك قاسم علي طريقتها الطفوليه وتحدثَ بحنان لإبنة عمهِ التي يعتبر حالهٌ مسؤلاً عنها كشقيقتهِ ليلي  :  ربنا ينولك كل اللي في بالك يا صفا،،إنتِ بِت حلال وتستاهلي كل خير 

 

إبتسمت لهْ وأمنت داخل نفسها ودعت الله أن يٌمنيها كل ما تتمني وأول ما تتمناه هو حضن ذاك الفارس المغوار وكفا

 

في تلك الأثناء دلفت لغرفتها والدتها التي نظرت عليها وتحدثت بنبرة مٌتسائلة حادة :  سايبه مذاكرتك و بتعملي أي عنديكي يا صفا  ؟

 

إرتبكت وأرتعبت أوصالها وأستدارت تنظر إلي الخلف لتلك المٌستشاطه

 

فتحدث قاسم وهو يرفع قامَتهِ ويطُل برأسِهِ ناظراً لزوجة عمهِ القوية الشخصيه وتحدث  :  كيفك يا مرت عمي،،زينه ؟؟

 

نظرت له ورد بإرتياب وذلك خشيةً منه علي صغيرتها التي لا تفقه شئً بعد في الحياه

 

ثم ردت عليه بنبرة قوية ودودة  :  الحمدلله يا ولدي،،حمدالله ع السلامه،، ميتا چِيت من مصر ؟

 

أجابها وهي ينظر لرنين هاتفهِ الذي بمجرد ما أن نظر به حتي تزين ثغرهِ بإبتسامه خفيفة

 

ثم نظر بشرود إلي زوجة عمهِ وتحدث  :  لسَاتني چاي من ساعتين ،،بعد إذنك،،هرد علي التَلفُون

 

ودلف لداخل غرفتهِ المقابله لغرفة صغيرتها حين شدت هي يد طفلتها وسحبتها للداخل بعنف وتحدثت بنبرة حادة وخوف ظهر بعيناها علي طفلتها ومستقبلها  :  أيه اللي مخليكي سايبه مذاكرتك وواجفه تتحدتي وَيَا أبن فايقة يا مجصوفة الرجبه ؟؟

 

تلعثمت صفا بالرد وتحدثت بإرتياب  :  تعِبت من المُذاكرة يا أماي،،رجَبتي وجعتني جولت أريحها شوي وأجف أشم هبابة هوا،،،

 

وأكملت بشفاة ممدودة للأمام دلالةً علي غضبِها  : أچرمت يعني ولا أچرمت

 

هتفت والدتها بنبرة حادة وضيق  :  ولما هو إكده،،أيه اللي موجفك تتحدتي وَيَا إبن فايقة في الوَجت المِتأخر دي ؟؟

 

تحدثت بقوة وشموخ ورثته عن تلك الواقفه أمامها  :  مسموش إبن فايقة ياأماي،،إسميه قاسم قدري عتمان النعماني،،واد عمي يعني مش حد غريب 

 

أردفت ورد بنبرة حنون وهي تتلمس وِجنة طفلتها التي تعشقها  :  ذاكري  يا صفا وشوفي مستجبلك لأن هو اللي باجي لك  ،،أني خايفه عليكِ يا بتي،،نفسي أشوفك دَكتورة قد الدنيي ومشرِفه أبوكِ جُدام الناس لجل ما الكُل يجول بت زيدان فلحت اكتر من الرچال

 

إبتسمت لها صفا وتحدثت بطمأنه  :  ماتجلجيش علي يا أماي،، إن شاء الله هحجج لك حلمك وحلمي وهبجا دَكتورة زي ما طول عمرك بتحلمي

 

إحتضنتها ورد وتحدثت بنبرة حنون  :  ربنا يحميكي يا بتي وينولك كل اللي في بالك

--

إنتهي قاسم من مكالمتهِ ونزل إلى الأسفل مُتجهً إلي الحديقة الخلفية حيث إجتماع شباب العائلة وسهرتهم كَكُل يوم  ،، وجلس يتوسط يزن إبن عمهُ مُنتصر،، وفارس شقيق قاسم

 

نظر إليهِ يزن وتحدث إليه بإستفسار مُداعبً إياة ٠٠٠ يا تري أخبار بنات مصر الحلوين وياك أيه متر ؟

 

 

قهقه قاسم وأردف قائلاً بمراوغة  :  واني مالي بيهم يا هندسة ،،  ربنا يكفيني شر حلاوتهم وشجَاوِتهم ودلاَلهم الزَايد عن الحَد

 

قهقه الشباب عالياً وتحدث يزن إليه  :  يعني بتعترف إنهم حلوين وبيشدوك أهو

 

ضحك وتحدث إليه بنبرة مشدودة :  بصراحه بجا وعلشان أكون مُنصف يا يزن،، بنات القاهرة ليهم سِحر وطلة بتميزهم عن غيرهم ،،  حاچة إكدة تفتح نفسك علي الحياة وتخليك تحس بالتفاؤل أول ما تشوفهم

 

صفق فارس بيداه مُتحدثً إلي شقيقهُ بدُعابه  :  حلاوتك بجَا يا متر يا مدوبهم

 

حين رد عليه يزن مُعترضً بنبرة حكيمة  : دي وچهات نظر يا قاسم،  أني عن نفسي بشوف إن البنت الصَعيدية مفيش زي عجلها وحكمتها في إدارة الأمور ،،  بشوفها شَديدة وجادرة ويُعتمد عليها  ،، 

 

وأكملَ مُفسراً  :  يعني مثلاً هل بنت القاهرة تِجدر علي تحمل المسؤلية زي بنت الصعيد اللي متربية علي الحزم والشدة

 

أجابهُ قاسم بنبرة عقلانية  :  علي فكره يا يزن،،  الست هي الست في كل مكَان ،،  الست خليط من كل شئ وعكسة ومش فارجة هي إتربت ونشأت فين ،، الفرج بيكون في النُضج الفكري وطريقة إدارتها للأمور فقط لا غير ،،  وياما فيه بنات عايشين في القاهرة وماشاء الله عليهم في تحمل المسؤلية والعكس صحيح ،،

 

ونفس الجِصة عِندينا إهني في الصعيد،،  ياما فية بنات مرفهين وميعرفوش حاچة عن تحمل المسؤلية وأكبر مثال علي كلامي هما بنات الدوار إهني ،، ليلي أختي ومريم أختك،، وحتي صفا بت عمك زيدان اللي مولودة وفي بُجها معلجة ذهب،،

 

وآسترسل حديثهُ بتساؤل  متهكم :  تفتكر واحدة زي صفا بكل الرفاهية اللي عايشة فيها دي ممكن تتحمل مسؤلية ولا حتي يكون لها فكر وإتجاه في حياتها،، دي مبتخطيش خطوة واحدة برة البيت لحالها، 

 

دي حتي المُدرسه السواج هو اللي بيوديها ويچيبها مِنيها  ،، ده عمك زيدان لو طايل يعمل لها المدرسة جوة البيت مش هيتردد

 

 

نظر له يزن مُضيقً عيناه بإستغراب وتحدث إلية معترضً  :  إنت شكلك إكدة عمرك ما أتكلمت مع صفا ولا إتناجشت معاها  ،،  يا أبني صفا دي دماغ عبجرية ماشية علي الأرض،، دي ما شاء الله عليها برغم صُغر سِنها بس تحسها موسوعة علمية مُتحركة

 

 

نظر لهُ مبتسمً بطريقة ساخرة فتحدث فارس مؤكداً علي حديثهُ  :  علي فكرة يا قاسم كلام يزن عن صفا صُح  ،، أني يمكن ما بجعدش وياها كتير بس الكام مرة اللي سمعت كلامها ونجاشها ويَا يزن إحترمتها وأحترمت فِكرها صُح 

 

إبتسم لهما وعقله غير مبالياً بحديثهما،، فعقلهِ يصب كل إعجابه وأحترامه فقط علي إيناس شريكتهُ بالعمل وعقلها الواعي البارع في إدارة عملها،، وما لها من الحكمة والجرأة حين تقف في المحكمة وتترافع أمام هيئة المستشارين بكل ثقة وهيبة

--

 

في صباح اليوم التالي

 

فاقت صفا علي صوت زقزقة العصافير التي تسكنٌ عِشُها الموضوع فوق شجرة اليوستفندي المتواجدة أمام شرفتها مُباشرةً وتأخذ منها بيتاً لها ،،

 

تمللت بنومتها وتثاوبت وهي تتمطئ بدلال فوق فراشها الوثير الناعم الدَال علي كم أن حياتها مُرفهه ،  تحركت إلي المرحاض توضأت وخرجت إرتدت إسدال صلاتها وشرعت بصلاة ركعتي الضُحي بخشوع في حضرة الرحمن ،، وبعدما انتهت جلست فوق سجادة الصلاه تناجي ربها وتدعوة أن يحقق لها أحلامها ويحمي لها أحبائها

 

 

وقفت وأرتدت أجمل ثيابها و تسمرت أمام مرأتها تتطلع برضا علي حالها مِثلها كمِثل أية مُراهقه بعمر السابعة عشر ،،فقد كانت جميلة حد الفتنه بطولها الفارع وجسدها التي تطغوا عليه علامات الأنوثة الكاملة و وجهها البض المٌنير،، وعيناها التي بلون الزُمُرد وشفتاها،،، واه من شفتاها المُمتلئة الكنزة المُهلكه لناظريها

 

إبتسمت برضا وتحركت بإتجاه الدرج ونزلت علي عَجل ،،توقفت، ودلفت لداخل غرفة الطعام وتحركت إلي والديها الجالسان حول المائدة ينتظراها ليشرعا في تناول إفطارهما مع فلذة كَبدهما الوحيدة

 

تحركت إلي والدها وأحتضنته بسعادة وتحدثت بمرحها المعتاد  :  صباح الخير يا أبوي

 

بادلها زيدان إحتضانها له وقَبل وجنتها وتحدث بسعادة  :  يا صباح الفل علي أجمل عيون في سوهاچ كِلياتها

 

إبتسمت لدلال أبيها لها ثم توجهت إلي ورد وأحتضنتها وأردفت قائلة بنبرة حنون  :  صباح الخير يا أماي

 

أجابتها ورد بنبرة حنون  :  صباح الفل يا صفا ،،أُجعدي عشان تٌفطِري

 

تحمحمت صفا وتحدثت إلي أبيها بنبرة مُترجية  :  بعد إذنك يا أبوي،، أني حابه أروح أصبِح علي چَدي وچَدتي وأفطُر وياهم إنهاردة

 

نظر لها والدها وتحدث إليها بمعاتبة لطيفة  :  وتسيبي زيدان يُفطر لحاله من غير صفا لياليه ؟

 

 

إبتسمت وأجابته بنبرة شقية :  زيدان كفاية عليه عِطره الفواح ،،هيعمل أية بصفا ولا غيرها في وجود ورد حياته

 

إبتسمت ورد وأردفت قائلة بدُعابة  :  ياما أشطرك في الكَلام يا بِت زيدان ، هو أنتِ واكلة عجل أبوكِ من إجٌليل

 

ضحكت صفا وتحدثت بنبرة مرحة وهي تحتضن والدها بدلال  :  وزيدان علي جلبُه كلام صفا كيف العسل

 

ثم نظرت إلي أبيها وتساءلت بدلال  :  صٌح يا حبيبي  ؟

 

ردت ورد بنبرة حاده  : إتحشمي يا بت وإنتِ بتتحدتي ويا أبوكِ

 

أجابها زيدان بعيون سعيدة  : إطلعي منيها أنتِ يا ورد وخليني مني لبِتي

 

إبتسمت صفا وتحدثت لأبيها  :  معزورة بردك يا أبوي ،،بتغير عليك يا زينة رجال النُعمانيه ،، وغيرة العاشج مٌرة علجَم

 

إبتسم الجميع وأنسحبت بعدما أخذت موافقة والدها علي الذهاب

 

شردت ورد بعد خروج صغيرتها فأخرجها زيدان من شرودها مٌتساءلاً  بإهتمام  :  مالك يا ورد ،،شاردة في أيه  ؟

 

نظرت إليه وأردفت قائلة بنبرة قلقه  :  خايفه علي صفا جوي يا زيدان،،محبهاش تتعلج جوي إكدة ببيت جدها

 

نظر لها مستغربً حديثها وأردف مُتسائلاً بإستغراب   :  خايفه عليها من اهلها،،طب ده أني عُمري ما كُت أتخيل إن أبوي وأمي يتعلجوا بيها جوي إكدة ولا يحبوها بالشكل دِهْ

 

اجابته بنفي وهي تهز رأسها  :  مش خايفة عليها من چِدها وچِدتها يا زيدان ،، أني خايفه عليها من حالها

 

ضيقَ عيناها وأردفَ متساءلاً  :  تُجصدي أيه بحديتك ده يا ورد،،مفاهمكيش أني يا غالية

 

أجابته بإيضاح  :  بصراحة إكده يا زيدان،،بِتك متعلجة بقاسم واد أخوك قدري

 

إنفرجت أسارير زيدان وتحدث بتفاخر مداعبً إياها   :  والله ذوجها مليح كيف أمها البت دي

 

تأفأفت ورد وتحدثت بنبرة جادة  :  دِه وقت هزار بردك يا زيدان

 

اجابها بتعقل وهدوء  :  خليها علي الله يا زينة الصبايا واللي رايده ربنا هيكون،،إحنا فين وجواز بتك فين يا ورد

 

 

هدأت قليلاً ثم تناول هو قطعة من الجُبن ووضعها بداخل فمِها تحت حيائها الذي مازال مٌصاحبً لها رغم مرور كُل تلك السنوات

 

--

داخل سرايا عتمان النعماني

 

كان الجميع يجتمع حول مائدة الإفطار العملاقة

الجد وتجاورة الجده ،،قدري وزوجته فايقة وأولادهما الثلاث عدا قاسم الذي مازال بالاعلي  ،،فارس ،، ليلي ،، عبدالرحمن

 

مٌنتصر وزوجته نجاة وأولادهم  يزن ،،حسن ،،مريم

 

دلفت تلك الجميلة ذات الوجه الصابح وتحدثت بإبتسامتها البشوش ووجهها الضاحك التي ما أن دلفت حتي نشرت طاقتها الإيجابية داخل المكان،، فجعلت البعض يَسعد والبعض أيضاً يشتعل ناراً وحِقداً

 

دلفت تحت نظرات يزن العاشقة لُكل ما بها ،،تنفس الصعداء ودق قلبهٌ بوتيرة عالية كَكُل مرةٍ يراها بها

 

تحدثت وهي تقترب علي جدها تحاوط كتفيهِ بكفي يداها وتقبلهُ من وجنتهِ والتي لا يجرؤ سواها علي القيام بذاكَ التصرف :  صباح الخير يا چَدي

 

إبتسم لمدللتهُ الوحيده والتي تعوضهٌ عن إبتعاد زيدان عن أحضانه كَقبل وأردفَ قائلاً بدلال ونبرة حنون وهو يربت علي كف يدها الموضوع فوق صدرهِ  :  يا صباح النور علي جمر العيلة اللي لما تهل عليا الدنيي كِلياتها بتنور

 

لوت فايقة فاهها بصمتٍ تام خشيةً غضب عِتمان

وتحدثت رسمية بنبرة غائرة مصطنعة :  وچدتك ملهاش حضن هي كمان ولا أيه يابِت زيدان

 

إقتربت عليها وتحدثت بدلال وهي تحتضِنها بحنان   :  كيف تجولي إكدة وإنتِ جلبي من جوة يا چَدتي

 

بادلتها رسميه إحتضانها لها ثم أردفت قائلة بتساءل  :  أبوكِ ما جاش يٌفطر معانا ليه ،،نسي أمه خلاص

 

اجابتها بلباقه وردٍ دبلوماسياً مٌقنع  :  حد بردك يِجدر ينسي أمه يا جَده،،هو بس مش هينفع يسيب أمي تٌفطر لحالها ،،لكن حضرتك ربنا يزيد ويبارك حواليكي الكَتير من الحبايب

 

إبتسم لها عتمان وتحدثَ بإعجاب  :  كلامك زين ومترتب كيف بتوع التَلفزيون يابت زيدان

 

إجعدي كَلي يا صفا ، واجفه ليه يابتي،،جملة حنون تفوة بها عمها مٌنتصر

 

أكدها جدها الذي تحدث بحنان وهو يقتسم بيده جزءً من الشطيرة الموضوعه أمامه ويضعها بصَحنها وهو يتحدث بإهتمام وحب ويٌشير إليها لتجلس بجوارةِ  :  تعالي أُجعدي جاري لجل ما تفتحي نِفسي علي الوَكل

 

إبتسمت له وتحدثت الجده وهي تقف وتٌفسح لها المجال :  تعالي أُجعدي مكاني عشان ده مكان قاسم

 

إبتسمت لها وجلست وجاورتها الجده تحت إستشاطة الجميع،، فايقة ومريم وليلي اللتان تغار من معاملة جدهما بكل هذا الود والحنان لتلك الصفا لا غيرها

 

تحدثت ليلي التي تكبُر صفا بعامان بنبرة مٌحتقنه بالغضب مُعترضة :  طبعاً يا چَدي ،،صفا الوحيدة اللي من حجها تُجعد چَارك وهي اللي عتفتح نِفسك علي الوَكل ،، إنما إحنا شكلنا إكدة بنسد نِفسك

 

تحدثت إليها رسمية بنبرة حاده  : إتحشمي يابِت وإتحدتي زين ويَا چدك

 

غضبت ليلي من حديث جدتها أما صفا فقد شعرت بالحرج لأجل إبنة عمها فتحدثت بإبتسامة كي تهدئ من ثورتها وتلطف الأجواء  : أكيد يا ليلي چدي بيحبنا كلياتنا زي بعض،،كل الحكاية إنكم موجودين معاه طول الوجت ،، لكن أني مش موجوده إهني دايما

 

لم تَعر لحديثها أية إهتمام وحتي لم تكلف حالها عناء النظر لوجهها مما أحزن صفا وأخجلها

 

في تلك الأثناء كان يتدلي من فوق الدرج بطولهٌ الفارع وجسدهِ العريض تحت نظرات الجميع حيت كان يرتدي الجلباب الصعيدي الذي يزيدهُ هيبه فوق هيبته ،،مُصففً شعرهُ الفحمي بعناية فائقة،، نظرت إليه ورعشه وأنتفاضة سرت بجسدها بالكامل كَكُل مرةً تراهٌ فيها

 

 

وما كان حال مريم إبنة عمها مٌنتصر ببعيدٍ عنها ،، فقد كانت تعشق قاسم وكان عشقهٌ سببً في أن لم تُوفق مريم في تحصيل مجموع عالي بالثانوية العامة مٌنذٌ عامان والتي التحقت بفضلهِ بمعهد خدمة إجتماعية مما أحزن والدتها كثيراً

 

 

تحرك إليهم وتحدث بوجهٍ بشوش :  صباح الخير 

 

أجابهٌ الجميع وتحدثَ الجد بنبرة متساءلة  : إتأخرت لية إكده يا قاسم ؟

 

أجابهٌ بنبرة جادة   : معلش يا چَدي ،،كنت بعمل شوية تلفونات مهمة خاصة بالشغل

 

 

ثم نظر لتلك الجالسه تنظر إليه ببلاهه بفاهٍ مفتوح وعيون مٌتسعه مٌسلطه فوقه بإنبهار  :  أزيك يا صفا

 

إنتفض قلبها عشقً ككل مرة تستمع لإسمهِا من بين شفتاه المٌهلكه لروحها وأجابت بنبرة صوت هادئة  :  الحمدلله يا قاسم،،حمدالله على السلامه

 

أجابها وهو يسحب مقعداً مقابلاً لها بجانب جدهٌ مشيحً عنها ببصرة  :  الله يسلمك

 

كانت فايقة تراقب عن كثب نظرات صفا العاشقه لصغيرها وقلبها يتراقص فرحً لغرضٍ ما في نفسها،، سنعلمهٌ فيما بعد

 

تحدث إليةِ الجد متساءلاً بإستفسار  :  عِملت إية في الجضية بتاعت المحَجر يا قاسم  ؟

 

نظر إلي جده بإهتمام وتحدث بنبرة واثقة وظهرٍ مفرود  :  إتحددت جلسِتها السبوع الچاي

وأكمل بنبرة مطمأنة  :  مش عاوز حضرتك تجلج،، الجضية أني ضمنها في يدي ومتوكد إن الحُكم السابج هيسجت وهناخد فيها براءة

 

هز لهُ رأسهُ بإطمئنان وأجابهُ بفخر وثقة :  مِن ميتا وأني بجلج من جضية في يدك يا سبعي

 

وقفت مريم سريعً وتحركت وهي تٌمسك بصَحن الطعام وتستعد لسكب البعض منه في صَحن قاسم وتحدثت بإبتسامه مٌشرقه سعيدة  :  الفول بالطحينه اللي عتحبه يا قاسم

 

أشار لها بيده وتحدث بنبرة باردة دون النظر إلي وجهها   :  مش عايز فول يا مريم ،، متتعبيش حالك

 

ثم نظر إلي طبق صفا وتحدث وهو ينظر بتشهي إلي الشطيرة الموضوعة ذات اللون الذهبي  :   أنا هاكل مع صفا من المِشلتت اللي جِدامها

 

شعرت وكأن روحها تٌحلق في السماء من شده سعادتها بمجرد نطقهِ بتلك الكلمات البسيطة ،،

 

وأمسكت بصَحنها وبسطت ذراعيها إلية وقدمته قائلة بإبتسامة بشوش  :  بألف هنا علي جَلبك يا قاسم

 

إبتسم لها وأمسك الشطيرة وأقتسمها بينهما وأخذ نصفها وتحدث لها بإبتسامة جذابه نهت علي ما تبقي من صبرها المٌصطنع  :  أني خدت نصها وإنتِ كُلي النص التاني

 

 

إبتسمت خجلاً بينما كان الجَد يتابع ما يدور حولهٌ بإهتمام وعيون سعيدة وغرضٍ ما في داخل نفسه

 

تحدثت الجده بسعادة وهي تناول قاسم شطيرة كاملة  :  خد يا جلب چِدتك فطيرة بحالها أهي ،،عوزاك تاكُلها كلياتها لحالك

 

ثم نظرت إلي صفا وتحدثت بعيون سعيدة لأجلها وحديث ذات مغزي  :  بس تدي منيها حتة لصفا،، زي ما خدت من صَحنها تحط لها فيه تاني من نايبك

 

إبتسم لها وأجابها وهو يقتطع جزء كبير من شطيرته ويضعها داخل صَحن صفا   :  بس إكده  ،،غالي والطلب رخيص يا حچه رسمية

 

 

ووجهَ حديثهٌ إلي صفا وهي يضع لها قطعة الشطيرة  :  إتفضلي يا ست صفا ،، بألف هنا

 

أما تلك التي مازالت واققه مٌمسكة بطبق الفول والحزن تعمق من داخلها وأمتلكهُ لما رأتهٌ من إهتمام مٌبالغ به لتلك الصفا وتجاهل الجميع لها وخاصةً قاسم 

 

تحدثت إليها فايقة بنبرة ساخرة وأبتسامة شامتة  :  أُجعدي كملي وكلك يا مريم ،،ملهاش عازة وجفتك دي يا نضري

 

 

نظرت نجاة إلي فايقة بضيق ثم تحدثت بنبرة غاضبه لائمة لإبنتها  :  أدخلي علي المطبخ جولي ل حٌسن تعمل الشاي لجدك وأعمامك

 

نظرت إلي والدتها بغشاوة دموع كست علي عيناها ثم وضعت ذاك الصَحن فوق المنضدة وتحركت للداخل سريعً

 

أمسكت صفا إحدي اللٌقيمات وغمستها بصَحن العسل الأبيض وقربتها من فمها علي أستحياء وهي تنظر إلي قاسم بنظرات عاشقة ظاهرة للجميع

 

تحدث يزن وهو ينظر إلي صفا بإهتمام  :  معيزاش أي مساعدة في المنهج يا صفا ؟؟

 

إبتسمت له وتحدثت بنبرة رقيقه  : شيلاك لوجت عوزه يا واد عمي

 

إبتسم لها وتحدث بسعادة  :  أي متعوزي أي حاچة في أي وجت أني تحت أمرك

 

نظر لهٌ قدري وتحدث بنبرة حادة  :  هنسيبوا شغلنا ونجعدوا ندرس للست صفا إحنا بجا يا باشمهندس

 

إرتبكَ يزن من حديث عمهِ الحاد وتحدث بنبرة مُفسراً حديثهُ  : أكيد يعني مش هجصر في شغلي يا عمي

 

إشتعل داخل ليلي وزاد حقدها علي تلك الصفا عندما لاحظت إهتمام يزن بها

 

وتحدث فارس شقيق قاسم الموالي له ترتيبياً   :  يزن طول عمرة شاطر وبيعرف يوزن أمورة زين يا أبوي وأكيد هيعرف يوازن بين شغله ومذاكرته لصفا

 

ثم غمز إلي يزن وتحدثَ بحديث ذات مغزي لكونهِ الوحيد الذي يعلم بسرهِ  :  مش إكده ولا أيه يا يزن

 

إبتسم يزن لمداعبة إبن عمه له ثم حول فارس بصرهِ إلي صفا وتحدثَ بأخوة صادقة  :  وأني كَمان تحت أمرك في أي حاچَه تحتاچيها يا صفا

 

تحدث الجد بنبرة حادة أمرة للجميع  :  كل واحد يخليه في حاله وفي شغله وميشغلش باله بصفا،،،صفا أبوها جايب لها أحسن أساتذة في المركز كلاته

 

ثم وجه نظرهِ إلي قاسم الغير مبالي بالمرة بما يٌقال ويتناول طِعامة،، وأكمل بحديث ذات مغزي  :  ولو أحتاجت حاجه تُبجا تطلبها من قاسم

 

تهللت أساريرها وأنشرح صدرها بسعادة

نظر لهٌ قاسم وتحدث بهدوء ومجاملة  :  أني تحت أمرها طبعاً يا چدي ،،بس أني كُنت أدبي وصفا علمي علوم،، يعني دراستي غير دراستها خالص

 

إسمع كلام جدك يا قاسم ،، وبعدين إنتِ ماشاء الله عليك محامي جد الدنيا واللي تعرفها محدش يعرفها بعديك  ،،، كلمات نطقت بها فايقه وهي تنظر إلي ولدها بتفاخر وكبرياء

 

ثم نظرت إلي صفا ونطقت بنبرة تشجيعيه مُصطنعة  :  عندينا كام صفا أحنا علشان نچلعوها

 

نظرت لها نجاة مضيقة العينان مٌتعجبه حديثها ولكنها تعلم خطتها علم اليقين وتحدثت بنبرة ساخرة  :  طول عٌمرك تعرفي في الأصول زين يا فايقة،،  وخصوصي ناحية صفا وأمها

 

إبتسمت لها ذات القلب الصافي وتحدثت بوجهٍ بشوش  :  تسلمي يا مرت عمي،،وتسلموا كلياتكم ،،بس أني الحمدلله بفهم زين من المدرسين اللي أبوي جايب هم لي

 

دققت فايقة النظر علي ساعديها وتحدثت بإستفهام والغل يتأكل من داخلها  :  جديدة الأساور اللي في يدك دي يا صفا ؟

 

أجابتها بإبتسامة وهي تتحسيهم بسعادة :  أبوي چابهم لي أولة إمبارح من مصر ،،وچَاب زيهم لأمي

 

إبتسمت لها نجاة وأردفت قائلة بنبرة حنون صادقة  :  مبروكين عليكي يا صفا،،يعيش ويچيب لكم

 

إشتعلت النار داخل فايقه وليلي التي تحدثت بنبرة حقودة لم تستطع السيطرة عليها  :  اللي يشوف عمايل عمي ليكي إنتِ وأمك يفتكركم ساحرين له يا چلوعة أبوكِ

 

حزنت صفا من حديث إبنة عمها التي تنبذها ودائماً ما تتعمد إهانتها وبدون أسباب،،

 

نظرت لها رسمية وتحدثت بحده  :  وه ،،أيه الكلام المَاسخ اللي عتجوليه دي يا بت ،،سحر أيه وكلام فارغ أيه،، إحنا بتوع الحاچات العِفشة دِي بردك  ؟

 

وأكملت بنبرة مُلامة  :  ده بدل متجولي لبت عمك مبروكين عليكِ

 

وقفت ليلي وتحدثت بنبرة حاده  :  كفايه چلعكم ليها ومباركاتكم

 

وتحركت للأعلي غاضبه تحت نظرات الجميع

--

عند الغروب

كان يجلس داخل غُرفته ،،أمسك هاتفهٌ وضغط علي زر الإتصال وأنتظر الرد 

 

بالقاهرة

داخل شقة متوسطة الحال ،،كانت تجلس داخل صالة الإستقبال بصحبة أبويها وشقيقها المٌحامي والذي يعمل معها هي وقاسم داخل مكتب المحاماه الخاص بقاسم

 

إنها إيناس،، تلك الفتاه التي تصغر قاسم بثلاثة أعوام حيثٌ تعرفَ عليها من خلال شقيقها عدنان صديقهٌ المقرب بالدراسه ،،تعرف عليها وهو بالصف الأخير بكلية الحقوق جامعة القاهرة حيث كانت إيناس طالبة بالصف الأول بنفس الجامعة

 

وأعجب بها وبسرعة البرق أوقعتهٌ بشباكها صَريعً بغرامها وذلكَ لإختلافها في نظرهِ عن باقي الفتيات التي رأها طيلة حياته

 

وجدت هاتِفها يرن مٌعلناً عن وصول مكالمه ،أمسكته وأبتسمت حين رأت نقش حروف إسمهِ تُزين شاشة هاتفها

 

إبتسمت بغرور ثم وقفت منتصبة الظهر وتحركت نحو غرفتها تحت تساءل والدتها المٌبتسمه  :  ده قاسم ؟

 

إبتسمت لوالدتها وأجابتها دون حياء او خجلاً من والدها وشقيقها الجالسان  :  أه يا ماما قاسم ،، عن أذنكم

 

ودلفت إلي غرفتها وأوصدت بابها عليها

 

أما والدها رفعت عبدالدايم الموظف البسيط بإحدي شركات الغاز فتحدثَ مٌستفسراً  :  هي بنتك ما قالتلقيش البيه ده هييجي يخطبها رسمي أمتي ؟

 

إبتسمت كوثر قائلة بتفاخر  : أصبر يا رفعت ،،الولد عاوز يعمل إسم لنفسه في عالم المحاماة ويثبت جدارته قدام جده وأهله علشان يكبر في عيونهم  ،، وبعدها هيجيب أهله وييجي يطلب إيدها رسمي

 

تحدثَ عدنان شقيق إيناس بنبرة مطمأنة لوالده  :  متقلقش يا بابا،،قاسم حد محترم جداً ويتوثق فيه ،،ده عشرة أربع سنين دراسه وزيهم شغل في نفس المكتب

 

 

وأكملَ بنبرة عملية خالية من المشاعر  :  وبصراحه كدة يا بابا ،،قاسم وفلوس عيلته يستاهلوا الصبر والتأني ،، إيناس لو أتجوزت قاسم هتتنقل نقله تانيه خالص،،وإحتمال كمان تنقلنا معاها

 

 

أكدت كوثر علي حديثهُ قائلة  :  عندك حق يا عدنان،،إذا كان من الوقتِ مغرقها في الهدايا الغالية والذهب،، وبيديها مصروف شخصي بيكفيها طول الشهر وبتحوش منه كمان ،،أومال بعد ما يخطبها رسمي هيعمل معاها أيه

 

تنهد رفعت وأردف قائلاً بنبرة قلقه  :  مقولتش حاجه يا كوثر،،بس أنا خايف لبعد ما كل الناس عرفت إنها خطيبته وخارجه داخله معاه يسيبها وتبقا خطوبه وأتحسبت عليها

 

أجابته كوثر بكلمات مٌطمأنه  :  متقلقش يا رفعت،، بنتك ذكيه والولد بيحبها ومش هيقدر يستغني عنها تحت أي ظروف

 

تنهد وصمت ليٌكمل مشاهدتهٌ لإحدي البرامج العلميه التي يشاهدها عبر جهاز التلفاز

 

______

 

أما داخل غرفة إيناس التي نظرت إلي هاتفها بغرور وتحدثت بصوتٍ أنثوي وهي تتمدد فوق تختها وتنظر إلي سقف غرفتها  :  ألو

 

أجابها ذاك الجالس فوق تخته بدعابة ولكنة قاهرية  :  أحلي وأجمل ألو سمعتها في عمري كله 

 

ضحكت بإنوثه زلزلت بها كيانه وأردفت قائلة بنبرة حنون  :  وحشتني أوي يا حبيبي ،،يلا تعالي بقا علشان مش قادرة علي بٌعادك أكتر من كدة

 

أخذ نفسً عميقً وزفرهٌ بإستمتاع وتحدثَ بنبرة عاشقة   :  وإنتِ كمان وحشتيني أوي يا إيناس ،،إن شاء الله هاجي بكرة

 

 

ثم تساءل بنبرة جاده  :  أخبار شغل المكتب أيه ؟

 

أجابته بنبرة عمليه وكأنها تحولت إلي ألة  :  كُله تمام ،،إنهارده كان ميعاد النطق في قضية مهران العيسوي،، وكالعادة أخدت فيها حكم بالبراءه

 

أردفَ قائلاً بنبرة فخورة  :  برافوا عليكِ يا إيناس،، طول عمرك شاطرة ويعتمد عليكِ

 

إبتسمت وأجابتهْ بتفاخر  :  تلميذتك النجيبه سيدي الفاضل

 

ضحك برجوله أذابتها وتحدثَ  :  تلميذة أيه بقا ،،ده أنتي أستاذة ،،  ما هي اللي تخلي قاسم النعماني اللي عمر ما فيه ست هزت فية شعرة،، ييجي علي بوزه ويحب بالشكل ده تبقا أكيد أستاذه

 

ضحكت بأنوثة وكبرياء وأكملا وصلة عشقهما

 

 

بعد قليل إستمعَ لدقات فوق الباب فتحدث لها مٌعتذراً  :  الباب بيخبط مُضطر أقفل وهكلمك تاني

 

أجابته بهدوء  :  أوك يا بيبي

 

أغلق معها وتحدث للواقف خلف الباب  :  أدخل

 

دلف فارس مطلاً برأسهِ قائلاً  :  فاضي نتكلم شوي؟

 

إبتسم لأخاه وأجاب  :  ولو مش فاضي أفضي لك حالي مخصوص يا فارس باشا

 

إبتسم فارس لمداعبة شقيقهٌ ودلف وأغلق خلفهٌ الباب وأتجه لأخاه ثم جلس بجواره وتحدثَ  : أخبار شغلك أيه يا متر  ؟

 

ربع قاسم ساقيه وأعتدل بجلسته وأجابهٌ : كله تمام يا فارس ، شغل المكتب ماشي كويس جوي،، وكل يوم بيكبر عن اليوم اللي جبله وأسمي الحمدلله بدأ يتعرف

 

ثم أكمل بتساؤل وأهتمام  :  المهم طمني عليك إنتَ ،،ناوي علي أيه بعد متخلص كلية العلوم السنة دي

 

زفر فارس بضيق وأجابهْ  :  هعمل أيه يعني،،هشتغل مع أبوك وأمسك له حسابات المُحجر ،،هو وجدك جرروا إكده وأني ما عليا إلا التنفيذ والطاعة العمياء

 

نظر لشقيقهٌ بحزن وتحدث مٌنتقداً إستسلامهُ  : أيه نبرة الإنكسار والإستسلام اللي في صوتك دي ،،ليه متجعدش مع أبوك وجدك وتجول لهم إنك حابب تشتغل في مجالك ويبجا لك كيانك وكاريرك وتستجِل بنفسك

 

إبتسم ساخراً وأردفَ قائلاً بنبرة تهكميه  :  ليه،، هو أني كنت قاسم عشان يسمعوا كلامي وينفذوة

 

أخذ نفسً عميقً وتحدث بنبرة مُستسلمه مُفسراً له   :  صدِجني يا فارس حتي أني لولا شغلي نفعهم ومسكت لهم كل جضايا المحجر والأرض الزراعيه اللي باعوها علي إنها أرض مباني ما كانوا فتحولي المكتب في القاهرة ولا سابوني أشتغل في مجالي اللي درسته وحبيته

 

وأكمل بإستسلام  :  نصيبنا إكده يا فارس،،ربنا رزجَنا بجِد مُتحكم حتي في النفس اللي عنتنفسه،، وبيحددهولنا ناخدة أمتي وكيف وإزاي

 

نظر إليه فارس وتحدث مٌتذكراً بنبرة جاده  : بمناسبة تحكم چدك في حياتنا ،، أني من كام يوم كُت داخل لچِدك أوضته وسمعته وهو بيقول لچدتك إنه ناوي يچوزك لصفا بعد متخلص الثانويه السنه دي

 

جحظت أعين قاسم وتحدث ساخراً  :  أني بردك كُنت حاسس إنه بيفكر في إكدة ،،مش هو بس ،،دي أمك كمان مبتسيبش فرصه إلا وتحاول تجربني فيها من صفا،،بس ده بعدهم ،،أني مش هتچوز غير اللي إختارها قلبي وعشِجها

 

 

وأكملَ غاضبً   :  مش هتوصل كَمان إنه يختار لي المَرة اللي هتنام في حُضني ؟

 

تحدث فارس وهو يحس شقيقهٌ علي التمسك بقراره والصمود أمام جبروت ذاك المتسلط المسمي بجدهُ   :  چدع يا قاسم ،،خليك دايماً جوي قدامهم إكدة لجل ما يخشوك

 

نظر قاسم أمامهٌ بشرود

 

--

ليلاً داخل منزل زيدان النعماني

 

كانت ورد تُجهز طاولة العشاء وتحدثت إلي صفا الجالسه في الفِراندا تتطلع بعيون معلقه بغرفة فارس أحلامها التي لم تراه طيلة اليوم مٌنذٌ الصباح

 

نظرت إليها ورد وحَزن داخِلُها وهي مٌشفقه علي حال صغيرتها من ذاك العِشق المُدمر لقلبها الصغير  وأردفت قائلة بنبرة يائسة  : صفا،،أدخلي صحي أبوكِ لجل ما يتعشي

 

لم تٌجب والدتها لعدم إنتباهها لحديثها نتيجة لشرودها

 

زفرت ورد وأعادت علي مسامعها حديثها مرةً أخري بصياحٍ عالي  :  صفااااا

 

إنتفضت بجلستها وألتفت بجسدها ناظرة إلي تلك الغاضبه وأردفت قائلة بنبرة مٌرتبكه  : نعم يا أماي

 

تنهدت ورد بإستسلام وأعادت عليها الحديث مرةً أخري  : أدخلي صحي أبوكِ وجولي له إن العشا چاهز

 

أماءت لها بطاعة وبسرعة البرق تحركت نحو غرفة أبيها ،،جلست بجانبهِ ووضعت أنامِلُها الرقيقة فوق وجنتهِ بحب وهمست بجانب وجههٌ بنبرة حنون  :  أبوي،،أبوي،،إصحي يا حبيبي العشا چاهز

 

بدأ زيدان بفتح عيناه بهدوء ثم أبتسم لرؤيتهِ لطفلتهِ الجميله التي تشبه والدتها حتي بنعومتها ورقتها

 

أمسك كف يدها وقبلهٌ بحنان،،ثم أعتدل وجلس مٌستنداً بظهرةٌ علي ظهر تختهِ ،،وفتح ذراعه مٌشيراً لها بدلوفها داخل أحضانه،، و ما كان منها إلا السعادة البالغه والإنصياع لنداء غاليها والإرتماء داخل أحضان والدها الحانية التي تٌشعرها بأمان الكون بأكملة

 

إرتمت بأحضانه وخرجت تنهيدة من صدرها وتحدثت إلي أبيها بنبرة حنون  :  تِعرف أني بحبك جوي يا أبوي

 

إبتسم زيدان وشدد من إحتضانها وقبل وجنتها وتحدثَ  : أني بجا حبيتك إنتِ وورد أكثر من حالي وذاتي يا صفا ،،لدرچة إني أكتفيت بحُبكم عن الدِنيي بحالها

 

خرجت من داخل أحضانه بلهفة وأردفت قائلة بإستفهام  :  صٌح چَدي وچَدتي كانوا عاوزينك تتچوز علي أمي عشان تخلف الوَاد ؟!

 

إبتسم لها وأردفَ مٌتسائلاً  :  مين اللي جال لك الكلام دِه ؟

 

أجابته بهدوء   :  عمتي صباح هي اللي جالت لي لما سألتها إشمعنا أبوي اللي ليه دوار لحاله دونً عن أعمامي كلاتهم

 

أخرج تنهيدة طويله من داخل أعماقهِ وأجابها بهدوء   :  دي عوايد وتجاليد يابتي ، عندينا في الصعيد إهني الراچل لازمن يُبجا له وَاد يورث إسمه من بعده

 

ضيقت عيناها وتساءلت مُستفسرة  : وليه حضرتك مسمعتش كلامهم وأتچوزت علشان تچيب الوَاد ؟

 

إبتسم لها ونظر داخل عيناها وتمعن بهما وأردف قائلاً بحنان  :  تِعرفي يا صفا،،  البصه في عيونك دول عِندي بالدنيي كِلياتها ،،وبعدين مين اللي جال لك إني مجبتش الوَاد

 

وأمسك كف يدها مقبلاً إياه وتحدث بنبرة صادقه حماسيه  :  إنتِ عِندي بألف وَاد يا صفا ، إنتِ اللي هتشرفِيني وتخليني أتفاخر جِدام النچع كِلاته وأجول لهم أني أبو الدَكتورة صفا النُعماني

 

إبتسمت له بسعادة وأكملَ هو بترجي  : بس أني معايزكيش تزعلي من چَدك وچَدتك لجل السبب دِي يا صفا ، عاوزك تعزري تفكيرهم يا بتي

 

دلفت لداخل أحضانه وشددت منها وأردفت قائلة بنبرة صادقة  :  أكيد عمري مزعل منيهم وخصوصي إنهم بيحبوني جوي ويمكن أكتر واحده في أحفادهم كَمان

 

وأبتسمت وأردفت بنبرة حنون  :  طبعاً بعد قاسم

 

إبتسم بعدما أستمع إلي ذكرها لحبيبها بتلك النبرة الحنون وتساءل بتخابث  :  و إشمعنا قاسم يعني اللي چيبتي سيرته ؟

 

خرجت من داخل أحضانه وتحدثت بنبرة سعيده حماسية :  عشان هو المفضل عند چدي وچَدتي،،دِه چِدي بيكَبرة و بيستشيرة في شغله أكتر ما بيستشير عمي قدري وعمي مٌنتصر

 

إبتسم لها وكاد أن يٌجيبها لولا دلوف تلك الغاضبة التي أردفت بصياحٍ غاضب  :  أني بعتاكي تصحي أبوكِ عشان العَشا ولا تُجعدِي في حُضنه تدلعِي وتتمَسخِري علية  ؟

 

مدت شفتاها الكنزة بغضبٍ مٌصطنع وتحدثت تشتكي لأبيها  :  شايف يا أبوي ،،مطيجانيش أجعُد جَارك وأنام في حضنك

 

حاوط زيدان وجنتها بكف يداه برعايه وتحدث إليها بدُعابه  :  أعُذريها يا صَفا ،، الغيرة علي الحبيب مٌرة بردك يابتي

 

وضعت ورد يدها في خصرها كحركة إعتراضيه علي حديثه وتحدثت بنبرة معترضة مٌتذمرة  :  غيرة،،  علي مين إن شاء الله الغيرة دي ؟

 

إتسعت حدقة عيناه وتحدث مٌعترضً  :  عليا يابِت الرچايبة،، ولا زيدان النعماني مهيستاهلش تغيري عليه ؟

 

ضحكت صفا وأنتفضت من جلستها وتحركت بإتجاه الباب وتحدثت بدٌعابة  :  أطلع أني مِنيها بجا ،،بيتهئ لي أني إكدة عِملت اللي علي

 

نظرت لها ورد وأردفت قائلة بغضبٍ مٌصطنع  :  وزياده يابِت بطني

 

ضحكت صفا وخرجت وتحرك زيدان مٌتجهً إليها ،،كادت أن تخرج تلك الغاضبة ولكن يدهٌ سبقتها إلي الباب وأوصدهٌ ثم شدها إليه بعنفٍ إرتضمت علي أثرهِ بصدرهِ العريض ،،

 

لف ساعديه حول خصرها الممتلئ بعض الشئ وألصقها بجسدهِ بشدة وتحدث بنبرة مٌلامة  :  بجَا مبجتيش بتغيري علي زيدان يا ورد ؟

 

نظرت له وتحدثت بنيرة مٌلامة مُتذمرة :  مش إنت اللي واخد بِتك في حُضنك ونسيت بيه حُضن ورد

 

إبتسم بتفاخر ثم تساءل :  عتغِيري عليا من بتك  ؟!

 

أجابتهْ بحدة وغيرة قاتلة ظهرت بعيناها  :  وأغير عليك من الچَلابية اللي عتِلبسها يا جلب ورد من جوة

 

إشتعل داخله من نظرة عيناها العاشقه ونبرة صوتها الهائمة،،مال علي شفتاها ووضع لها قٌبلة شغوفه أطال بها وبث لها من خلالها مشاعره المتوهجة التي لم تهدأ يومً مٌنذُ أن رأها صدفة بحفل زفاف صديقه ،،

 

                ويا حلوها من صدفة

 

إنجرف وراء مشاعرة وبات يتذوق قٌبله تلو الأخري بشغفٍ وهيام ،، شدد من إحتضانه لضمتها ، شعرت بإنجراف مشاعرة بإتجاهِ أخر

 

فتمللت داخل أحضانها قائلة بضجر  :  زيداااان

 

أجابها هامسً بجانب أذنها بنبرة مسحورة أذابت كيانها  :  عيون زيدان وجلبه

 

إبتسمت لدلاله وكلمات عشقه وأردفت قائلة بنبرة حنون لتذكرة  : صفا برة مستنيانا علي العشا

 

أجابها وهي يشرب من شهد شفتاها المميز  : مجادِرش يا زينة الصبايا،،وحشاني ومجادِرش أبعِد

 

أبعدته بساعديها بشده وتحدثت بنيرة هائمة : لو وحشاك جيراط ،،إنتَ واحشني أربعة وعشرين ،،بس بالعجل يا زيدان،،تعال نتعشا مع صفا وبعدها ندخلوا أوضتنا وأدوجك شهد ورد ورحيجها اللي عتعشجوا منيها يا واد النعماني

 

إبتسم لها وتحدث بطاعة :  ماشي يا زينة الصبايا،،بس بشرط

 

أجابته بهيام  :  أؤمرني يا ضي عيني

 

أجابها بنبرة مٌشتاقه  :  مهصبُرش غير وجت العشا وبس،،وبعدها تتصرفي مع بتك،،فهماني يا ورد ؟

 

إبتسمت له خجلاً وهزت رأسها بإيماء ثم تحركا للخارج معاً إلي غرفة الطعام وجلس ثلاثتهم حول مائدة الطعام المليئة بخيرات الله عليهم،،،وما أن أشرعوا بتناول الطعام حتي إستمعوا لصوت جرس الباب ليعلن عن زائر

 

فتحت العاملة الباب وجدته قاسم فتحدثت  :  يا أهلاً وسهلاً يا سي قاسم ،،إتفضل

 

تحدث قاسم إليها متسائلاً  : عمي موچود يا صابحة ؟

 

إستمعت هي من الداخل إلي صوت معشوقها ،،إنتفض داخلها وأشتعلت وجنتيها وتحول لونهما إلي اللون الوردي الداكن لاحظته ورد وتنهدت بأسي علي حال صغيرتها التي لم تكُن تريد لها هذا المصير أبدا

 

أردف زيدان مٌنادياً عليه بنبرة صوت مرتفعه  : تعالَ يا قاسم

 

دلف قاسم خلف العاملة وألقي عليهم السلام  :  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

وأردف قائلاً بنيرة معتذرة  : أني شكلي إكدة چيت في وجت مش مناسب

 

أردفت ورد التي وقفت وتحدثت بنيرة حنون  :  حديت أية اللي عتجوله ده يا ولدي

 

 

وسحبت لهٌ مقعداً وتحدثت بنبرة ودوده : اُجُعد يا ولدي أتعشا ويَاَ عمك

 

ونادت بصياحٍ علي العامله   :  صابحه،،هاتي طبج نضيف من عِندك لقاسم بيه

 

تحدث قاسم بنبرة خجلة  :  ملوش لزوم يا مرت عمي،،أني هستني عمي في الچنينة علي ما تخلصوا عشا   ،، عشان واحشني وعاوز أجعد وياه شوي

 

حدق بهِ زيدان وتحدث مٌلاماً له  :  چري أيه يا قاسم،،هي الجعده في مصر لحالك نستك الأصول والعادات ولا أيه،،مالك يا وَاد بجيت بخيل ليه إكدة

 

تحدثت صفا بدعابه لتحثهٌ علي الجلوس  :  شكله إكدة مش عاچبة وكل أم صفا يا أبوي

 

نظر لها مٌضيق العينان مٌستغربً شقاوتها الجديدة علية وتحدث بدعابه  : طب ليه إكده يا بت عمي،، بجا متجيش غير منك إنتِ ؟

 

إبتسمت بشقاوة وجلس هو وتحدثَ بإحترام  : دِه حتي نفس مرت عمي معروف في العيله كلاتها إن مفيش زيه

 

اجابته وهي تناولهٌ قطعتان كبيرتان من اللحوم وتضعها داخل صَحنه  :  تسلم يا ولدي ،،يلا مد يدك وسمي الله

 

وقام زيدان بوضع فخدة كبيرة من لحم البط اللذيذ داخل صَحنهِ

 

كانت تبتسم وهي تراه مٌحدق العينان لكل ما يٌوضع أمامه في وجبة عشائة التي بالتأكيد لم يتناول منها كُل هذا

 

تناول الجميع العشاء تحت سعاده صفا التي وصلت لعنان السماء وقضت معظم الوقت في إستراق النظر إلي وجة قاسمها

--

ليلاً داخل غرفة صفا

إنتهي اليوم وصعدت لغرفتها ،،كانت تتمدد فوق تختها شارده في طيف حبيبها تتساءل مع حالها ،،كيف سيكون شكل مستقبلها معه وهل حقاً سيكون من نصيبها كما لمحت لها جدتها رسميه من ذي قبل

 

 

تنهدت بحنان وباتت تحلم بحياتها معهً حتي وقعت صريعة للنوم

 

تري ما المستقبل الذي ينتظر صفا؟

 

يُتبع..