-->

الفصل الثلاثون - قلبي بنارها مغرم

 


الفصل الثلاثون

سأُعلِنك .

رواية قَاتمة أنهيتُ كلماتِها الموجعة بدموعي وصرخاتي، وطويت صفحاتها السوداء لأمحي كُل ألامي.

 

سأجعَلك

دستويّ الجديد كي يُصبح شاهداً علي خيانتك، وسأخط به كل أمجادك الدنيئة ليُصبج من الآن هو شعاري.

 

لأجلكَ

سأمزق كُل خواطري وأشعاري التي راودتني بوهم غرامك الكاذب، وسأُلقِيهم في غَياباتِ جُب النسيانِ

 

خواطر صفا النُعماني

بقلمي روز آمين

--

إهتز قاسم بوقفتة وأرتجف كامل جَسدِة عندما وجدها تقف أمامة بهيأتِها الجنونية والغير مستوعبة لما يدورُ من حولها، تنظر إلية بمقلتيها المذهولتان والكثير من الأسئلة المؤلمة تراودها وتكادُ تفتك برأسِها ، نظرت إلية وسيدان موقفها هما التشتُت والذهولِ

 

نظر قاسم إليها بذهول وبدأ صدرهُ يعلو ويهبط من شدة رُعبة، صدمة شلت حركتة وربطت عُقدة لسانة، بصعوبة حاول أن يتحرك ويسحبها بجوارة إلي الخارج ويُغلق ذلك الباب من خلفة ولا ينظر لما داخلة من حقيقة عارية لم يرد لمعشوقتة أن يُصاب قلبِها البرئ بأذي الإطلاع علي خباياةِ

 

تسمرا كلاهُما وحُبست أنفاسهُما حينما إستمعا إلي صوت تلك الإيناس الهادر من الداخل وهي تتحدث بنبرة يملؤها الدلال بإسلوب آنثوي قد إتبعتة مُؤخراً لتُجبر قاسم علي تعود آذناة لإستماع تلك الكلمات حتي يُصبح الأمر لدية عاديً وبعدها ستبدأ بجذبةِ إليها من جديد رويداً رويدا،

هكذا أوهمت حالها أنها بهذةِ الطريقة ستحصل علي إسترجاع قاسم وتملك قلبة كقبل

 

إيناس بنبرة أنثوية رقيقة :

_ لو اللي علي الباب الدليفري الخاص بالسوبر ماركت ياريت تحاسبة وتجيب لي الحاجة علي المطبخ لأني محتاجة السكر للقهوة ضروري يا حبيبي

 

وهُنا قد تأكدت تلك التي ذُبحت علي يد مُتيمها من حديث حارس البِناية الذي حدثها به مُنذُ القليل حين كانت تسألة عن إذا ما كان قاسم بالأعلي لتصعد لمُقابلتة.

 

شعرت بعالمها ينهار تحت قدميها، غصة مُرة وقفت بحلقها وكأن القصبة الهوائيّة أُغلِقت بفضلِها وإحتُجز الهواء المُفترض وصولهُ لرئتيها مما جعلها تشعر بالإختناق

شعر بطعنة قاتلة داخل صدرة شطرتة لنصفين حينما رأي صدمتِها ومعاناة روحها وذهولها الذي أصابها وظهر بعيناها

 

بصعوبة بالغة أخرج صوتهُ الواهن وأردف قائلاً بنبرة مُهتزة متعجبة :

_ صفا !

 

نظرت داخل مقلتية بتمعُن وتسائلت بنبرة مُشتتة ونظرات تائهة غير مستوعبة ما يجري من حولِها :

_ لية يا قاسم، عِملت فيا لية إكدة ؟

جصرت وياك في إية لجل ما تتچوز عليا وأني لساتني عروسة ؟!

شعر بأن ساقية لم تعُد تتحمل جسدةِ ولا روحة المُهترئة جراء الصدمة

 

وأردفت هي قائلة بقلبٍ مُحترق:

_ لما سألت بواب العمارة إذا كُنت موچود فوج لجل ما أطلع لك، رد وجال لي إن لساتة واصل من نص ساعة هو ومّرتة،

 

وأكملت وهي تهز رأسمها برفضٍ تام:

_ مصدجتش حالي وجولت أكيد الراچل دي مخبول ولا شارب حاچة متوهة عَجله

 

ورفعت بكفي يداها ولوحت بهما في الهواء بوهن وضعف:

_ جولت لحالي أكيد يُجصد حد تاني غير حبيبي،

 

مالت برأسها لليمين قليلاً وأردفت بنبرة مهزوزة وعينان تكونت داخلهما لمعة الدموع التي تُريد من يُفسح لها الطريق كي تُعلن عن عصيانها :

_مهو مش معجول حبيبي يدبحني بسكينة تِلمة ويخوني وأحنا مفاتش علي چوازنا إلا يدوب شهرين

 

إبتسمت بجانب فمها بطريقة ساخرة وأردفت بتهكم علي حالِها:

_ طول ما أني طالعة لهنية وأني بجول لحالي مستحيل الكلام الفارغ دِي يكون حجيجة، قاسم ميعملش فيكِ إكدة يا صفا، مستحيل

 

وبلحظة تحولت نبرتها الواهنة ونظرتها المُنكسرة إلي نبرة غاضبة ونظرة حادة كالصقر وتحدثت :

_ بس فُوجت من وهمي وتغفيلتي وجت ما مّرتك الچديدة نادتك بحبيبي

 

أخذ نفسً عميقً ثم أخرجةُ وتحدث بنبرة مُتألمة لأجلها :

_الموضوع مش كيف ما وصل لك يا صفا، تعالي نروح لشُجتي وأني هناك هفهمك علي كُل حاچة.

 

ضيقت عيناها وتسائلت بنبرة ساخرة :

_شُجتك؟

أومال دي شُجت مين، لتكون جاعد في شُجت المدام وعلي حسابها يا أبن النُعماني ؟

 

تنهد بأسي لحالة الذهول والألم والحسرة التي إنتابتها جراء ما أكتشفتة وتحدث وهو يُمسك كف يدها ليحثها علي المغادرة بصُحبتة :

_ إهدي يا حبيبتي وأني هفهمك علي كُل حاچة

 

نفضت يده سريعً ونظرة إشمئزاز ملئت مِقلتيها وهي ترمقةُ بها مما جعل الحَسرة تملئ داخلة وتألمت روحة لأجل كلاهُما

 

خانتها دمعة ضعيفة فرت هاربة من عيناها مما أشعل روحة وكاد أن يصرخ من شدة تمزقةُ الذي أصاب قلبة جراء دمعتها الغالية التي نزلت بفضلةِ ، إنتوت الرحيل كي لا تضعف وتزرف الكثير من الدموع ويراها بضعفها المُهين لكرامتها الشامخة

 

إستدارت وهرولت سريعً إلي موضع المِصعد إستعداداً للمغادرة ، صاح بإسمها عالياً مما جعل إيناس تخرج من المطبخ لتري مع من يهمس قاسم،

 

إتسعت عيناي إيناس وهي تري صفا أثناء وقوفها أمام باب المَصعد وهي تواليها ظهرها وتضغط زر إستدعائة تحت صياح قاسم الذي تحدث برجاء :

_ إستنيني يا صفا، هچيب مفاتيح عربيتي وأچي لك حالاً.

 

قال جُملتة علي أمل أنها ستنتظرة وتستمع بطاعة إلي حديث زوجها، كما عودتة مُدة الشهرين المُنصرمين

 

دلف سريعً للداخل تحت سؤال إيناس التي إستغلت الفرصة التي أتتها علي طبقٍ من ذهب دون السعي إليها :

_ فية إية يا حبيبي، مين دي؟

 

نزلت كلمات تلك اللعوب علي قلبها المغدور شطرتة ومزقتة وهدمت ما تبقي من كبريائها وشموخها العالي ،أغمضت عيناها بألم ونزلت دموعها عِنوةً عنها، لُحسن حَظها أتي المصعد في غصون ثواني وذلك لأنهُ كان يقف بالدور الأعلي لشقة قاسم مباشرةً،

كانت إيناس تترقب إلتفاتِها إليها كي تري وجة تلك القبيحة فاقدة الإنوثة مثلما اخبرها عدنان، تعجبت لإنوثة جسدها الخلفي، أما صفا التي أصّرت علي عدم إستدارتها لعدم قدرتها علي المواجهة مع تلك الشمطاء خاطفة زوجها الخائن ،

كم ودت أن تلتفت لتري تلك التي سحرت مُتيمها وجعلتة يرمي بوعودهُ لها ولأبيها وجدها عرض الحائط، منعها إقترابها من حافة الإنهيار التي لم ولن تسمح لأياً كان بأن يراها علي تلك الحالة المُزرية، في غصون ثواني كانت تدلف إلي المصعد وتضغط زر الإغلاق وهي تواليها ظهرها ويلية زر الهبوط دون الإستدارة مما أحبط إيناس التي كانت تتشوق لرؤياها

 

خرج سريعً بعدما إلتقط مفاتيح سيارتة وجاكيت حِلتة الذي خلعةُ عنة أثناء حضورة ووضعةُ علي مقعد المكتب بعناية خشيةً إفساد مظهره، شعر بإحباط عندما وجد المَصعد يتحرك للأسفل، جن جنونة وهرول إلي الدرج يتدلاه سريعً كالذي يُسابق الريح تحت صياح إيناس وأسألتها التي لم يُعر حالةُ حتي عناء النظر إليها

 

مما إستشاط داخل تلك التي شعرت بأمرٍ غريب، هرولت سريعً إلي الداخل واتجهت إلي الشُرفة المُطلة علي مدخل البناية لتري منها كيف هي هيأة تلك الصفا

 

خرجت صفا من المصعد وهي تُهرول إلي الخارج، ولحُسن حظِها وجدت سيارة تمُر من أمامها فأشارت لها سريعً وتوقفت، صعدت وتحدثت إلي السائق:

_ مدينة نصر لو سمحت

 

وجدت من يخرج من مدخل البناية ويُشير إلي السائق ليتوقف، تحدثت سريعً:

_ إتحرك بسرعة من فضلك

 

وتحرك تحت صياح قاسم الذي شعر بحُزن تملك روحة، قبض علي يدة وشدد عليها حتي أبيضت يده وظهرت عروقها ثم. نفضها في الهواء بحركة تدل كّم الغضب والجنون اللذان إنتاباه تحت نظرات إيناس التي تشتعل بالأعلي علي اللهفة التي رأتها بداخل عين قاسم،

دبت بأرجلها الأرض غضبً لعدم إستطاعتها رؤية تلك التي إرتدت نظارتها الشمسية ودلفت سريعً داخل السيارة وهي تنظر بوجهها أسفل قدميها، ولكن ما لفت إنتباهها هي أناقة تلك الصِعيدية وتناسق ألوان ثيابها وخطواتِها المتناسقة التي تدُل علي ثقة وثبات تلك الصفا، وهذا ما تعارض كُلياً مع وصف عدنان لها

 

تحرك قاسم سريعً لداخل الجراچ الخاص بالبناية واستقل سيارتة وتحرك بإتجاة الطريق التي سلكتة صفا، بات يدور بعيناة باحثً عن السيارة، دق بكف يده طارة القيادة بعُنفٍ حينما لم يجد للسيارة أية أثر، زفر بضيق، ثم أخرج هاتفة وضغط علي رقمها ليُهاتفها

 

أخرجت هاتفها وضغطت فوق رقم أمل التي عادت إلي داخل الفندق مجدداً إستعداداً لمغادرتة بسيارة النقابة التي ستقلهم إلي محطة القطار المُتجة إلي مدينة سوهاج

 

تحدثت إلي أمل بصوتٍ واهن ضعيف :

_ إنتِوا فين يا أمل ؟

 

إستغربت أمل نبرتها وأجابتها بهدوء:

_ إحنا وصلنا الفندق وبنتجمع ومستنيين الميعاد اللي هنتحرك فية لمحطة القطر

هتفت صفا برجاء:

_ متخليش السواج يتحرك بيكم للمحطة إلا لما أچي ، أني في الطريج وإن شاءالله نص ساعة بالكَتير وهكون عِنديكم

 

سألتها أمل مُستغربة:

_ إنتِ مش قولتي إنك رايحة لجوزك وعملاها لة مفاجأة وهتباتي معاه إنهاردة ، إية اللي خلاكي تغيري رأيك بالسرعة دي يا بنتي؟

 

تنفست عالياً وأجابتها بنبرة مُختنقة:

_ مجادراش أتكلم دلوك يا أمل

 

بالكاد أنهت مكالمتها، وما أن وضعت الهاتف بحقيبة يدها حتي إستمعت إلي صدح صوتةُ لتُخرجةُ من جديد لتري بشاشتة نقش إسم ذابح روحها الذي هاتفها أكثر من سّبع من المّرات أثناء هذا الوقت الضئيل، ضغطت زر الرفض بنظرات حادة وقلبٍ يغلي

 

فصرخ ذلك الذي يستقل سيارتة ويتحرك بها كالمجنون وهو يبحث بعيناة داخل الشوارع عن سيارة الاجرة التي إستقلتها، ما عاد يعلم وجهتة وإلي أين يذهب ليعثُر علي جوهرتة

 

نظر أمامة وحدث حالة بألم:

_ إلي أين رحَلتي وتركتي فؤادي يحترق حُزنً عليكِ غاليتي، ألم تشعُري بإحتراق روحي وقلبي الصارخ لأجلِكِ،

الرحمة أميرتي فقلبي لم يحتمل فكرة البُعاد،

عودي لقلبي قبل أن يفقد دقاته رُعب من فكرة رحيلك عنة

 

قلبي يا اللة يشتعل ناراً، ساعدني ولا تتركني بتيهتي وغربتي وحيداً

طرأت بمخيلتة فكرة توجهها إلي المطار،فهي بالتأكيد ستذهب إلية لتستقل الطائرة المغادرة إلي سوهاج،

 

تنهد وعلي الفور عدل وجهتة ليتجة إلي المطار وحدث حالةُ بتفاؤل:

_مليكة فؤادي وأسرت قلبي،

أنا أتيً إليكِ مولاتي وسأخر راكعً تحت قدماكِ

ولن أكِلُ عن طلب السماحِ حتي تحني عليّ وتوهبيني العفو والغفرانِ

وحينها قسماً برب السمواتِ لأشُق أضلوعي ولأدخلنك بأعماق صدري حتي أخبأكي عن عيون الناسِ

 

--

من نافذة السيارة، إستمعت لرنين هاتفها فنظرت إلي شاشتة وجدتها والدتها التي أرادت أن تطمئن عليها وما أن ضغطت صفا زر الإجابة حتي هتفت ورد وتسائلت بإهتمام ولهفة :

_ طمنيني يا نور عيني، وصلتي عِند قاسم ؟

 

ما أن إستمعت لصوت والدتها الحنون حتي شعرت بحاجتها المُلحة للبكاء التي تحتجزةُ بكل ما لديها من قوة، لكنها تحاملت علي حالها وتحدثت بنبرة ضعيفة لم تستطع إخراج غيرها:

_ وصلت يا أم صفا

 

سألتها ورد من جديد بنبرة حماسية:

_ جولتي لهُ يا صفا؟

 

إبتلعت غصة مُرة داخل حلقها وشعرت بوجع شديد تملك بصدرها، ثم أخذت نفسً عميقً وتحدثت بجمود:

_ مجولتش حاچة يا أمّا.

 

ردت ورد بنبرة لائمة:

_لية يا بِتي مجولتلوش لحد دالوك؟

ثم فاقت من حالة الحماس وشعرت بصوت إبنتها ، فمُنذُ أن نطقت بحروفها الأولي داخل المكالمة وهي تشعر بشئٍ غريب بإبنتِها لكنها فسرتة علي أنةُ مجرد إرهاق سفر بفضل حالتها ليس إلا

 

سألتها بنبرة قلقة:

_ مالك يا بِتي، فيكِ إية، ليكون قاسم زعل إنك سافرتي من غير عِلمة ونكد عليكِ ؟

 

نطقت بضعف وصوتٍ يُريد أن يصرخ ويُعلن عصيانة علي الجميع :

_مجدراش اتكلم دلوك يا أمّا، أني چاية في الطريج ولما أوصل هحكي لك علي اللي حُصل

 

أغلقت ورد الهاتف ثم وضعت كف يدها علي صدرها وتحدثت بإرتياب:

_ جيب العواجب سليمة يارب

 

وهُنا خارت قوي صفا ولم تعُد تستطع التحمُل بعد، نزلت دموعها بغزارة وكأنها شلال كان مُحتجز وأُطلِق له العنان، نظر لها سائق السيارة وتنهد بألم علي حال تلك الحزينة لكنةُ فضل الصمت إحترامً لقُدسية اللحظة

ضلت تبكي وتبكي بمرارة وشهقت بألم حين تذكرت السبب الذي أتت من أجله

 

عودة إلي السابق

--

قبل يومان من الأن

صباحً

كانت تفتح باب شقتها لتستعد للمغادرة إلي المشفي لمتابعة عملِها ككُل يوم، وجدت مريم تنزل من الدرج الأعلي وهي تُجاور فارس الذي يضُم خصرها إلية ويهمس إليها بوجةٍ هائم وعينان عاشقتان تلتهمها بنظراته التي تُقابلها مريم بخجل ممزوج بالسعادة الهائلة

 

إنفرج فاه صفا وسعد داخلها بشدة حين رأت السعادة تهيم علي هذا الثُنائي التي تحمل لهما داخل قلبها البرئ كل التقدير والمحبة والإحترام، وما زاد من فرحتها هو التغيير الشامل الذي أصاب فارس وحالة الإهتمام المُفاجئ التي بات يغمر به مريم ولاحظةُ الجميع حتي ليلي التي إشتعلت لهذا

 

خجل فارس وسريعً قام بسحب ذراعة الذي يُحيط به خصر مريم وتحدث مُتحمحمً إلي التي وقفت تنتظر ذلك الثنائي بإحترامً :

_ صباح الخير يا مّرت أخوى، كيفك

 

إبتسمت بسعادة لمناداتة بزوجة أخي التي تعشقها لشعورها بتملك قاسم لها بتلك الكلمة وهذا الوصف، تحدثت إلية بإبتسامة عريضة بينت صفي أسنانها من شدة سعادتها :

_ صباح النور يا فارس

وسألتهما بإستغراب:

_ أومال چميلة فين؟

 

أجابتها مريم بهدوء :

_چميلة بايتة مع أمي

 

نظر فارس لكِلتاهما وجد بعيونهم كلماتٍ مُحتجزة تُريد الخروج فأستأذن وتحدث إلي مريم بنبرة حنون تدل علي مّدي عشقة الذي تملك منه :

_ أني هسبجك بس مهكولش من غيرك، متتأخريش عليا

 

إبتسمت له بوجةٍ بشوش وهزت رأسها بإيمائة خجلة أشعلت بها نارة الذي لم يعد لدية القدرة علي السيطرة عليها كُلما نظر لعيناها وكأنة يعوضها وحالة علي ما فاتهما سابقً

 

تحرك للأسفل تحت رعاية عيناي تلك العاشقة التي لم تُحيل بناظريها عنة حتي إختفي طيفة من امام عيناها الهائمة ، ونظرت من جديد إلي صفا وجدتها تبتسم بسعادة وهي تنظر لها بتمعن،

أمسكت كف يدها وتحدثت بنبرة بالغة السعادة:

_مبروك يا مريم، مبسوطة جوي من حالة الإنسجام اللي باينة عليكِ إنتِ وچوزك،

وأكملت بإستحسان:

_ فارس راچل صُح ويستاهل جلبك اللي كيف الذهب.

إبتسمت لها وتحدثت بخجل:

_ الحمدلله

وأكملت بحماس:

_تعرفي يا صفا، حاسة حالي عايشة جوات حِلم چميل جوي وخايفة اصحي منية

 

إبتسمت لها وطمأنتها ثم تسائلت بجدية:

_ صُح هتسيبي شُغلك ومهترجعيش المستشفى تاني يا مريم؟

 

أجابتها بنظرة رضا:

_ فارس عاوز إكدة، وحجة عليا إني أطيعة ومزعلهوش مني

أردفت بتساؤل حزين:

_وإنتِ يا مريم، فين حَجك ، بسهولة إكدة تستغني عن حِلمك لجل ما تريحي سي فارس؟

 

تنفست براحة وتحدثت بنبرة هادئة مُستكينة:

_ فاكرة يا صفا لما عرضتي عليا إني أشتغل وياكِ في المستشفى، وجتها فرحتي مكانتش سيعاني، حسيت إني أخيراً هيُبجا لي عازو وجيمة بين الخلج وأحس بكياني،

وأكملت بأسي ظهر بعيناها:

_ فارس مكانش معتبرني موچودة في حياتة يا صفا، وده خلاني أفجد الثجة في حالي وحسسني إني جِليلة جوي بين الناس

 

وبلحظة تحول الأسي إلي تفاؤل وهتفت بسعادة :

_ لكن دلوك فارس بُجا بيهتم بيا وإعترف لي إني حبيبتة ومبجاش جادر يستغني عن جُربي واصل ،

وأكملت وهي تضحك بسعادة:

_ أني وچميلة بجينا چوات حُضن چوزي طول الوجت، هعوز إية من الدنيا تاني يا صفا

 

كانت تستمع إليها بوجةٍ مُشرق سعيد لأجلها

وفجاة توقفت مريم عن الإبتسامة ونظرت إلي صفا بتردد وسألتها:

_ كيفة دَكتور ياسر ؟

 

أخرجت صفا تنهيدة حارة دلت علي كّم الوجع التي لمستة من روح ذلك العاشق معدوم الحظ:

_ شاغل نفسة طول الوجت في الشغل، ربنا معاه

ثم تفوهت بإستحياء:

_مريم، هو أنتِ كُنتِ عارفة إنة بيكن لك مشاعر چواتة ؟

 

تنهدت بأسي وتحدثت بنبرة حزينة:

_ كُنت حاسة من نظراتة ،

 

وأكملت بتبرير:

_بس والله يا صفا ما ليا ذنب في كُل اللي حُصل دِي، أني عُمري ما عَشمتة بحاچة ولا شجعتة بنظرة علي إنة يتمادي في مشاعرة ناحيتي، ولولا إني خچولة ومليش كلام مع الرچالة كُنت جولت له لجل ميفوج من غفلتة اللي كان حابس حالة چواتها دي ،

 

بس لما لاجيتة بيخلج الفرص لجل ما يتجرب مني ويتحدت وياي ، أخدت جرار إني لازمن أخبرة، وبالفعل كُنت مستنية أي فرصة لجل ما ألمح جِدامة وأخبرة إني سِت متچوزة عشان يشوف حالة بعيد عني

 

وتنهدت بأسي وأكملت:

_ بس ربنا كان مرتب إنة يعرف بالطريجة دي، وأكيد ربنا لية حكمة في إكدة.

 

تنهدت صفا وتحدثت وهي تُشير لها بالتحرك:

_ الحمدلله علي كل حال، دكتور ياسر راچل مُحترم وأكيد هيحارب إحساسة وينسي الموضوع كِلاتة، هي بس مسألة وجت

 

تمنت مريم هذا وتحركا ثم سألتها وهي تنظر إليها بتمعُن:

_ مال وشك يا صفا، لونك مِتغير بجالك يومين

أنزلت بصرها للأسفل وتحدثت بنبرة خجلة:

_ معارفاش أجول لك إية يا مريم، شكلي إكدة حامل

 

أمسكت مريم يدها لتحثها علي الوقوف وهتفت بسعادة:

_جد حامل يا صفا ؟

 

وضعت سريع يدها فوق فمها لتحثها علي الصمت وأردفت قائلة:

_ وطي صوتك يا مريم لحد يسمعنا ، أني لسة متوكدتش، هروح إنهاردة أخلي أمل تعملي تحليل لجل ما أتأكدت وبعدها هجول للكُل

 

حضنتها مريم بسعادة وتمنت لها الراحة والاستقرار مع زوجها

 

--

بعد مرور حوالي الساعتان

داخل مسكن فايقة التي لم تخرج منة مُنذُ كشف خِطتِها وفضحها أمام الجميع وذلك بناءً علي تعليمات قدري بذاتة وذلك بعدما أخجلتة وجعلتة يظهر أمام العائلة بصورة لا تمت بصلة لنجل النُعماني الكبير، وما أثار خجلة وجعلهُ يستساطُ غضبً وينقلب عليها هو شعورةُ بنبذ الجميع له حتي نجلاه ، تحرك هو للأسفل ومنهُ إلي الباب الخلفي للمنزل المُطل علي الحديقة الخلفية وتحرك للخارج مباشرةً من الباب الخلفي للحديقة كي لا يصطدم بأبية

 

تحركت هي الآخري إلي الطابق الأعلي واتجهت إلي مسكن ليلي الزوجي والذي أصبح فردي بعدما أصدر يزن أوامرة للعاملات وجعلهم يجمعون جميع اغراضة ونقلوها بغرفتة السابقة كي يستقر بها بشكل مؤقتً إلي أن يجلس مع حالة ويُعيد ترتيب أحوالة

 

باتت فايقة تدقُ جرس الباب حتي ملت من الإنتظار الغير مُجدي بالنفع ، شعرت بالخطر علي إبنتِها فنزلت إلي مسكنها من جديد وتناولت المفتاح الخاص بمسكن إبنتها ودلفت إلي غرفتها سريعً لتتفقدها ، وجدتها تجلس القُرفصاء فوق تختها مُحتضنة ساقيها وتبكي بمرارة

 

تنهدت براحة حين وجدتها تجلس بصحة تامة أمامها ، وبرغم قلقها الذي أصابها علي إبنتها إلا أنها لم تجرأ علي التحرك إليها إنشن واحداً وجذب إياها وإدخالها إلي أحضانها كي تُطمئن روح صغيرتها وتبث داخلها شعور الراحة والسكينة، تلك هي فايقة، لا يوجد بقاموس حياتها ما يُسمي بالحنان ودعم من تحبة، بل تعتبرة هذة التصرقات ضعفً لها

 

تحركت إلي الشرفة بخطوات ثابتة وفتحتها لتُنير تلك الغرفة شديدة الظلام،

ثم نظرت إليها وهتفت بنبرة حادة :

_ عامله في حالك لية إكدة يا بِت ؟

الدنيي كانت خلصت إياك ؟

 

رمقتها تلك الغاضبة بمقلتها الحادة النظر وهتفت بنبرة ساخطة :

_ معايزاش أشوف حد، همليني لحالي وإطلعي برة

 

زفرت فايقة بضيق وتحسرت علي حال صغيرتها التي تتملك منها روح الإستسلام سريعً عكس والدتها، تحركت وجلست بجوارها وتحدثت:

_ أهملك تموتي حالك إياك، أني مش جولت لك جبل سابج معحبش اشوفك ضعيفة وخايبة إكدة

وأكملت بملامة:

_عتشمتي فيا حريم الدوار يا حزينة

 

إتسعت عيناها بذهول وهتفت بحدة:

_ إنتِ محساش بالمصيبة اللي وجعتيني فيها؟

أني بسببك إتحكم عليا إني مبجاش أم طول حياتي، مهعرفش أشيل چواتي حتة عيل من چوزي، ده غير حبيبي اللي عِشت عُمري كلياتة أحلم بالليلة اللي هيضُمني فيها لچوات حُضنة ويبجا مِلكي لحالي، حتي دي إستكترتية عليا وضيعتية من يدي بعمايلك السودة ، أني بجيت وحيدة يا أمّا، هجضي اللي باجي لي من حياتي في الأوضة الضلمة دي لحالي ،

 

وخبطت بكفاي يداها علي فراشِها وتحدثت بصراخ:

_ حبيبي مهينامش في فرشتي تاني بسببك ، إتحكم عليا أعيش لحالي علي فرشة باردة،ناجصها روح حبيبي

 

وإنتِ كُل اللي هامك وشاغل بالك ورد ونچاة اللي عيشمتوا فيكي؟

ملعون أبوهم علي أبو تفكيرك وغضبك وحِجدك اللي خلاني ماشية وراكِ كيف العامية

 

وأكملت بتساؤل مشمئِز:

_ نفسي أعرِف جلبك دي مصنوع من إية؟

حجر صوان؟

 

أجابتها برأسٍ مرفوع وعينان تشبة حدة الصقر خالية من المشاعر :

_ومين جالك إني عندي جلب من الأساس، الجلب دي للناس الضعيفة،الجلب يضعف ميجويش، الجلب يخلي صاحبة ذليل كيفك إكدة يا بِت قدري، واكبر دليل علي حديتي دي حالتي أني وإنتِ

 

وأكملت وهي تتحرك بالغرفة و تُشير إليها:

_ بصي لحالك في المرايا وشوفي جلبك العاشق وصلك لإية،

وأكملت وهي تنظر إليها بوجةٍ غاضب وعينان مُخيفتان من شدة إتساعهما:

_ العشج خلاكي ضعيفة وخلاكي عبدة ذليلة عِند راچل ميسواش كيف إبن المركوب اللي إسمية يزن، إبن نچاة لما شاف عِشجك ولهفتك علية ساج دلالة وشاف حالة عليكِ يا حزينة

 

ثم أردفت قائلة بتفاخر وكبرياء:

_ وأني جِدامك أهو، عُمري ما بليت ريج أبوكِ بكلمة زين ولا حتي نظرة رضا، ومع إكدة عيموت عليا وعيتمني لي الرضا أرضي وأظن دي شيفاه بعينك كيف الشمش

 

بكت بضعف وتحدثت بوهن :

_ يزن غير أبوي

 

كلياتهم واحد، رچالة ناجصة خسيسة ، الواحد منيهم أول ما يحس ويشوف العِشج في عين الصبية، يبعد عنيها وتسجت من نظرة، ويروح يدور علي واحدة مهتعبروش ولا شيفاة جِدامها لجل ما يرسم عليها ويخليها تحبة ويحس إنة بكدية بُجا راچل رغم إنة بيتحول لعبد ذليل عِنديها، كِلياتهم صنف واحد، صنف واطي ميستاهلش دمعة واحدة من عين حُرمة

 

وتحركت إليها من جديد وسحبتها من يداها وتحدثت بعدما وجدت هدوئها وإقتناعها بحديثها:

_ جومي إسَبحي وإلبسي خلجاتك لجل ما نروح للشيخ عِرفان،

 

وأكملت بنبرة حماسية وصلت إلي ليلي:

_ عيجولوا عِندية خادم عيخلي الراچل خاتم في يد مّرتة وطايع لأوامرها

 

وأكملت بوعيد:

_ وحياتك عِندي يا غالية ما هيرتاح لي بال غير وأني چايبة لك إبن نچاة ومخلياة ذليل وراكع تحت رچليكِ

 

إتسعت عيناي تلك البلهاء بذهول وهتفت مُتسائلة بلهفة:

_ صُح الحديت دي يا أمّا ؟

هتخلي يزن يرجع لي بچد؟

 

إبتسمت لها فايقة ووضعت يدها فوق شعر رأسها تتلمسة وتحدثت بنبرة قوية:

_ ميتا أني جولت لك حاچة ومحصُلتش ؟

 

إنتفضت ليلي من جلستِها بحماس وتحركت سريعً إلي المرحاض لتنفيذ أوامر والدتها كعادتها

 

وبعد حوالي ساعة كانت تتدلي الدرج بتفاؤل، بجانب والدتها، وما أن لمحتها رسمية التي كانت تخرج من المطبخ بجانب ورد التي تحمل صنية فوقها ثلاثة أكواب من مشروب الشاي الساخن

 

حتي صاحت بنبرة حادة:

_ لابسة ورايحة علي وين يا غندورة؟

 

كظمت غيظها الشديد من لكنة عمتها الساخرة بداخِلها، وتحدثت بنبرة هادئة:

_ رايحة أني وبِتي لجل ما نطُل علي أمي العيانة يا عمة

 

رفعت رسمية وجهها إليها وتحدثت وهي تُشير بسبابتها إلي الأعلي:

_ إطلعي علي شُجتك وإتلمي فيها يا مّرة يا سّو، وإحمدي ربك إن لساتك جاعدة في الدار بعد عمايلك الشوم دي كلياتها.

 

وأكملت بنبرة تهديدية غاضبة وهي تُشير بيدها :

_ الله الوكيل لولا إن أخوي وصاني عليكِ جبل مايموت، لكنت جتلتك بيدي دي وخلصت عيلتي من شرك يا واكلة خيرنا وناكراة

 

تحدثت ليلي بحدة مدافعة عن والدتها :

_ ملوش لزوم الكلام دي يا چدة، وبلاش تكوني ظالمة، أمي من حَجها تزور چِدتي العيانة

 

تنهدت رسمية بأسي لعلمِها أن حفيدتها تتحرك بأوامر من والدتِها بلا عقل كالتابع، وحزنت كثيراً علي حال ليلي التي يبدوا علي هيأتِها أنها لم تستوعب الدرس التي تعرضت له بمنتهي القسوة، يبدوا أنها لم تستفق إلا علي كارثة كُبري ستحرق معها الأخضر واليابس بحياتها البائسة

 

تحدثت رسمية إلي حفيدتها بقلبٍ مُنفطر لأجلِها:

_ تعالي معاي يا ليلي، چدتك العچوز رايدة تتحدت وياكِ شوي

 

ثم رمقت فايقة بحدة وصاحت بها عالياً:

_ وإنتِ يا واكلة ناسك، إطلعي علي فوج ومشوفش خِلجتك تحت واصل

 

نظرت لها بعيون حادة كالصقر وهتفت بنبرة حاقدة وهي تنظر إلي ورد التي تُجاور نجاة الجلوس فوق الأريكة بهدوء، وهي تنتظر مجئ رسمية للبدء في تناول مشروبهم سوياً،وما زاد حِقدها عليها هو جلوسها بأريحية وملامح وجة يظهر عليها الإرتياح والسكينة وكأنها أصبحت سيدة القصر الأمرة الناهية بعد السلطة التي أعطاها لها كُلً من رسمية وعِثمان :

_ حاضر يا عمة، أني عسمع حديتك وأطلع أغير هدومي وأنزل لجل ما أباشر علي تچهيز الغدا في المطبخ

 

إتسعت عيناي رسمية نتيجة غضبها العارم وهتفت بقوة:

_ هو أنتِ يا مّرة محساش بالمصيبة اللي وجعتي حالك فيها وطبجت علي راسك؟

كيف عتنزلي وتُجعدي وسطينا من تاني بعد ما سكينة غدرك رشجت چوة جلوبنا كلياتنا يا حزينة

وأكملت بإستغراب:

_ وبأي عَجل يا مّرة يا خرفانة مفكرة إني عخليكي تخطي برچليكِ اللي تنكسر المطبخ من تاني، شيفاني مّرة مدبوبة لجل ما أمن لك علي وّكل ولادي وأحفادي بعد العملة المنيلة اللي عِملتية في يزن ؟

 

وأكملت بنبرة حادة:

_ مطبخ العيلة إتحرم عليكِ من اليوم اللي إتكشفت فيه خيانتك وخِستك وجلة أصلك، ودي أوامر كَبير العيلة يا واكلة ناسك.

 

كانت تستمع بقلبٍ يشتعلُ غضبً وهي تُشاهد قذائِفها التي تخرج من فمِ عمتِها وتتجة إلي صدرها لتُفتك به وتُزيد من إشتعالة، فقد تحولت رسمية وأصبحت جلادتها التي تسعي دائماً لتضئيل حجمها أمام الجميع، بعد أن كانت الداعم الرئيسي لها والتي كانت دائماً ما تستمد منها قوتها، وهذا ما تسبب في تجبرُها وطُغيانها علي الجميع

 

تحدثت إلي رسمية وهي ترمُق ورد بنار شاعلة :

_ بلاش تُحكمي عليا وتشمتي فينا اللي يسوي واللي ميسواش من غير متسمعي أسبابي يا عَمة

 

رمقتها ورد بنظرة حادة لعلمها أنها تقصدها لا غيرها بحديثها المُهين ، في حين هتفت رسمية بنبرة قوية:

_ اللي عملتية ممحتاجش تفسير يا أم عجل ناجص، واللي متسواش هي المّرة اللي الغدر عيچري في دمها وفتنت ووجعت بين الإخوة وبعضيها،

ثم حولت بصرها إلي ورد وتحدثت بنبرة نادمة:

_ أني دلوك عِرفت الفرج بين الذهب الخالص الأصيل، وبين اللمعة اللي كانت بتضوي في الضلمة ومن خيبتي كُنت فكراها دهب خالص،

وأكملت وهي تحول بصرها إلي فايقة وهتفت بنبرة حادة ورمقتها بنظرات مُشمئِزة:

_ لكن طلعت لمعة صفيح ومصدية كُمان

 

ونهرتها بشدة جعلتها تتحرك إلي الأعلى عِنوةً عنها بقلبٍ يغلي من شدة إشتعالة بنار الغيرة، أما رسمية فتحركت بجانب ليلي وسحبتها إلي حُجرتها كي تتحدثا بعيداً عن الكل، واستها ونصحتها بحنان بالإبتعاد عن أفكار والدتها التي ستُقضي علي ما تبقي بينها وبين يزن، وذلك بعدما إحتوتها داخل أحضانها وشددت من ضمتها لتطمئن روحها، جارتها ليلي بحديثها لتجعلها تطمئن لها

 

ثم تحركت إلي مسكن والدتها وقصت لها ما دار بينها وبين جدتها ووعدت والدتها أنها لم ولن تتخلي عن حقها في إمتلاك قلب وجسد وروح يزن، ولهذا ستفعل كُل ما بوسعِها لتحصل علي مُبتغاها، مما أسعد فايقة لعدم تخلي وريثة عرش حِقدها عن إنتقامها وعدم التخلي عن الإمتلاك المَرضِي،تلك الصفة المُشتركة بين كلتاهُما

 

--

داخل المشفي بعد الظهيرة

تحركت صفا داخل غرفة الكشف الخاصة بدكتورة أمل، وقد أخبرتها بما يجري لها من تغيرات هيرمونية وجسدية ، أخبرتها أمل أن جميع البوادر تُشير إلي حملٍ مؤكد ولكن يجب عمل فحص دم للتأكُد

 

سحبت منها عينة دم وأجرت فحصها وبعدها تحركت صفا لتُباشر عملها من جديد، وبعد حوالي نصف ساعة تحركت أمل إلي مكتب صفا وجلست فوق المقعد تنتظر،حيثُ كانت تُجري فحص مريضة، إنتظرت حتي خرجت الحالة وتوجهت إليها مباشرةً لتزفُ لها البشارة وهتفت بنبرة حماسية :

_ مقولتليش يا دكتور، نفسك في ولد ولا بنوتة رقيقة شبة مامتها ؟

 

نزلت تلك الكلمات علي قلبها البرئ كهطول الماء علي نبتة صالحة فأروتها وترعرعت و تراقصت أوراقها، هتفت بنبرة مُتلهفة:

_ إنتِ متأكدة من كلامك ده يا أمل؟

 

ثم وضعت كف يدها سريعً فوق أحشائها وتحسستها بشعور غريب ولأول مرة ينتابها، شعور رائع لم تستطع كُل الكلمات المُكتشفة وصفة

 

إقتربت أمل عليها وتحدثت بإبتسامة سعيدة لأجل تلك الخلوق:

_ مبروك يا دكتورة

 

رفعت وجهها إليها وتسائلت بعيون لامعة بفضل تجمع دموع السعادة بها :

_ البيبي عِندية كام إسبوع يا أمل؟

 

أجابتها أمل بنبرة عملية:

_ السونار هو اللي هيجاوبك علي سؤالك ده

توجهت كلتاهُما إلي غرفة الكشف، فحصتها أمل وأخبرتها أن جنينها يبلغ من العُمر شهران مُكتملان، أي أنةُ وُضع داخل رحَمِها مُنذُ ما حدث بينها وبين محبوبها ليلة الزفاف،إبتسمت بخجل

 

نظرت صفا إلي الأمام بتفكُر، وتذكرت المؤتمر الطبي المُقرر إقامتة بعد يومان داخل محافظة القاهرة والتي كانت قد أخبرت ياسر وأمل أنها ستعتذر عن حضورة وذلك لما بدأت تشعر بهِ مؤخراً من إرهاق شديد والخمول الذي غزي جسدها بالكامل، وهذا ما جعلها تُقدم علي قرار عدم حضورها المؤتمر الهام لها كطبيبة،

 

لكنها الآن قد قررت الذهاب بعدما أصبحت علي دراية لما يحدُث لها من تغيُرات ولسببٍ أهم، وهو إنتوائها بمفاجأة حبيبها بوجودها أمام عيناة وإسعادة وهي تزُفُ لهُ بشارة خبر قدوم من سيأسر قلبيهما ويجعلهما أكثر ترابُطً مما هما علية

 

هتفت بنبرة حماسية :

_بجول لك يا أمل، أني قررت أسافر وياكم واحضر المؤتمر بعد بكرة

 

ضيقت أمل عيناها وأردفت بإستفسار:

_إنتِ مش بلغتينا إمبارح أنا وياسر إنك مُرهقة ومش هتحضري، إية اللي خلاكي تغيري رأيك بالسُرعة دي ؟

 

تنهدت بسعادة وأردفت شارحة :

_ حابة أعمل مفاجأة لچوزي وأشوف رد فعلة وأني بخبرة عن الحَمل

 

قامت أمل بالإثِناء علي تفكيرها وشجعتها علي إتخاذ الخطوة وهتفت بنبرة عملية:

_ أوكِ يا صفا، بس كدة هنضطر نلغي تذاكر الطيران ونحجز في القطر المُكيف، لأن الطيران خطر علي الحمل في أولة

 

وافقتها صفا الرأي، وغادرت المشفي سريعً وتحركت بلهفة لتُخبر والدتِها وهي في قمة سعادتها، أما ورد التي لم يسعها عالمها شدة فرحتها بهذا الخبر السعيد وقابلتة بدموعها الساخنة ، طلبت صفا من والدتها عدم إخبار والدها بهذا الخبر لحين سفرها إلي قاسم وإعلامة، ثم بعدها ستخبر الجميع،

 

وأتفقت مع والدتها ألا تُخبر أحدّ من أهل المنزل وذلك لجعل سفرها مفاجأة لمُتيم روحها، أخبرت والدها بسفرها للمؤتمر عبر الهاتف وذلك لتواجدةُ خارج المنزل لمتابعة أعمالة التي تتزايد وتتوسع بشكلٍ كبير للغاية، أخبرتةُ بذهابها للمؤتمر فقط وأخذت منة السماح وطلبت منة سرية الخبر ، ثم تحركت إلي عِثمان الذي كان يأخذ قِسطاً من الراحة بحُجرتة وأخبرتة بسفرِها وايضاً أكدت علية السرية التامة، وتحججت بعدم إثارة غضب وحِنق فايقة وليلي عليها، وإثارتهما وأفتعال المشاكل إذا علما أنها ستسافر لحضور مؤتمر خاص بعملها وذهابها بعد ذلك لمفاجاة قاسم ، لكنها لم تخبرة ولا أبيها عن خبر حملِها،

وافق عِثمان بعدما إقتنع بحديث حفيدتة الذي يتسم بالعقلانية وسعد داخلة لتطور علاقة صفا بقاسم وأثني علي تقرُبها لزوجها تحت خجل صفا الشديد من جدها

--

بنفس التوقيت داخل مدينة القاهرة

قررت إيناس اللعب مع قاسم بوضع خطة مُحكمة لإستدعاء مشاعرة إليها من جديد كذي قَبل، ولكن بطُريق مختلفة وذلك بعد محاولاتها الكثيرة التي بائت جميعُها بالفشل الذريع،فحينها تأكدت أن لا أمل للوصول لقلبة عن طريق إثارة رجولتة وإغرائة بإنوثتها.

 

فقررت اللعب علي عقلة من الإتجاة العملي، وبعد التفكير والفحص الدقيق إستقرت علي صيدها الثمين ، ذهبت إلي شركة كبري لصاحبها رجُل الأعمال الشهير، الذي يُدعي أمجد التُهامي والذي لُفقت له من قِبل مُنافسية عديم الشرف قضية إعطاء مبالغ مالية كرشوة لموظفين بالدولة

 

مما سوء سُمعتة وآُلقي القبض علية وتم معةُ التحقيق بحضور أكبر محامي إسماً بالبلاد ومازال التحقيق جاريً، وخرج هو بكفالة مالية كبيرة وبضمان محل إقامتة، وقررت النيابة عدم السماح لهُ بمغادرة البلاد لحين إنتهاء التحقيقات وثبات التهمة أو نفيها عنه، مما جعلهُ يغضب من محامية ويطلب منه التحرك بأقصي سُرعة وأن يفعل كل ما بوسعة كي يُثبت برائتة ويُحسن من وضعة أمام الرأي العام،

 

طلبت إيناس من سكرتيرتة الخاصة السماح لها بمقابلتة وأعطتها بطاقة التعريف الخاصة بعملِها

نظر بها أمجد وتحدث إلي سكرتيرتة بلا مبالاة وهو ينظر داخل البطاقة مُضيقً عيناهة :

_أيناس عبدالدايم، ودي عايزة مني إية دي كمان ؟

 

اجابتة بعملية:

_ما أعرفش يا أفندم، كُل اللي قالتهولي إني أبلغ حضرتك إنها محتاجه تقابلك ضروري بخصوص قضية حضرتك، وقالت لي أبلغك إن حل قضيتك عندها.

 

إستغرب إستماتتِها لمُقابلتة ثم طلب منها أن تسمح لها بالدخول، دلفت وتحدثت وهي تُبسط ذراعها إلي الذي وقف إحترامً لها:

_ سعيدة جداً بوجودي قدام قامة عظيمة ومثل مُشرف في عالم الاعمال زي حضرتك يا أمجد بية

 

أماء لها بإستحسان وتحدث بنبرة عملية جادة:

_ أهلاً أستاذة إيناس، ياريت تدخلي في الموضوع علي طول نظراً لوقتي الضيق.

 

أمائت لهُ بتفهُم وجلست بعدما أشار هو لها وتحدثت بنبرة واثقة:

_ كان الله في العون يا أفندم، علي العموم أنا جاية ومحضرة كلامي المُختصر لاني عارفة ومقدرة مشغوليات ووقت حضرتك الثّمين

وأكملت:

_ أنا جاية أأكد لحضرتك إن خيط حل قضيتك أصبح في إديا

 

أرجع ظهرةُ للخلف وقضب جبينةُ ونظر لها بتمعُن وأستغراب وهو يُحرك مقعدةُ يمينً ويساراً،

فأكملت هي بثقة عالية:

_ ما تستغربش حضرتك، أنا ليا إسبوع ببحث وبدور بطُرقي الخاصة لحد ماوصلت لبداية الخيط، وتقدر تقول إن قضيتك أصبحت منتهية وفي إنتظار إطلاع هيئة القضاء الخاصة بالقضية علي الأدلة اللي هتخليهم يُحكموا بالبرائة من الجلسة الأولي

 

سألها بنبرة صارمة وملامح وجة جامدة:

_إنتِ متأكدة من الكلام اللي إنتِ بتقولية ده ولا جاية تعملي شّو وتضيعي وقتي، بس قبل ما تتهوري وتجاوبي، إنتِ عارفة الأول إنتِ قاعدة قدام مين؟

وأكمل بنبرة تهديدية:

_ وعارفة لو كلامك ده طلع فنكوش أنا ممكن أعمل فيكي إية ؟

 

تنهدت وأجابتة بثقة:

_ أنا مش صُغيرة ولا غبية يا أفندم علشان أجي ألعب مع حد بحجم حضرتك،

 

وأكملت بكبرياء وهي تتحدث عن قاسم:

_ أظن حضرتك سمعت عن مكتبنا، وعن إسم قاسم النُعماني اللي كان حديث المدينة طول المُدة اللي فاتت، وده بعد ما أترافع في قضية المُستشار عصام مجدي اللي كان مُتهم بغسيل أموال، وبفضل جهودة وذكائة حولها لقضية رأي عام وكسبها بشرف ونزاهة في وقت قياسي

 

تنفس عالياً وأجابها بثناء :

_ وده السبب الرئيسي اللي خلاني أسمح لك بمقابلتي بعد ما السكرتيرة قالت لي إنك من مكتب قاسم النُعماني

 

تحدثت إيناس بتفاخر وهي ترفع قامتِها للأعلي:

_ انا مش مُجرد محامية في مكتب قاسم النُعماني، أنا مراتة وشريكتة في كل نجاحاتة اللي وصل لها ،

 

وأسترسلت حديثها بثقة عالية أعجبت أمجد:

_ وصدقني يا أمجد باشا، أنا لولا مُتأكدة إن برائة حضرتك هتظهر للعلن في خلال إسبوع واحد بس بعد تولي مكتبا ليها، ما كُنتش جيت لحضرتك وعرضت عليك إننا نتولاها،

وأكملت لتُزيدهُ من الشعر بيت :

_ ومش بس كدة، إحنا هنكشف قدام الرأي العام كُل شخص كان لية يد في الخطة الدنيئة اللي إتعملت لتسويئ سُمعة حضرتك الطيبة ، وهنرفع لك قضية رد شرف وتعويض مادي كبير.

 

تحدث إليها أمجد قائلاً بوعد:

_ عارفة لو الكلام اللي بتقولية ده إتنفذ زي ما بتقولي ، أنا هكافأك بمبلغ عُمرك ما كُنتِ تحلمي بربعة.

وأكمل بنبرة عملية:

_ إعتبري ملف القضية إتسحب من هشام عبدالجواد وأصبح علي مكتب قاسم النُعماني، وأنا هتصل بية بنفسي وأخلية ييجي لي هنا علشان نتكلم في تفاصيل الواقعة

 

سال لُعابها وسعد داخلها من وعدة وتحدثت قائلة:

_ المكافاة دي شئ مفروغ منها يا باشا، أنا بتعامل مع أمجد باشا التُهامي، بس أنا ليا طلب خاص عند حضرتك

 

أشار لها بالحديث فأكملت:

_ أنا عاوزة حضرتك تأكد علي أستاذ قاسم إني أشتغل في القضية دي معاه

 

ضيق عيناه مُستغربً وهتف قائلاً :

_ حضرتك بتطلبي مني اتدخل وأطلب من جوزك إنة يشغلك معاه في القضية؟

مش غريبة شوية دي؟

وبعدين إزاي بتقولي إنك بحثتي ولقيتي طرف الخيط، إنتِ إشتغلتي علي القضية بدون علمة ولا إية ؟

 

أجابتة بنبرة قوية:

_ دي تفاصيل صُغيرة مش عاوزة أشغل حضرتك بيها، كل اللي ممكن أقولهولك إن أستاذ قاسم جاد جداً في شغلة وفاصل بين حياتنا الخاصة والشغل، وهو مؤخراً حابب يبعدني عن مشاركتي لية في القضايا علشان حياتنا الخاصة متتأثرش، ونقعد طول الوقت نتكلم عن القضايا حتي في البيت.

 

أجابها أمجد :

_ يظهر إن أستاذ قاسم راجل حكيم وبيحب الإستقرار المنزلي وبيحبك، بدليل إنة عاوز يعيش حياة هادية معاكِ

 

إبتسمت بغرور وتحدثت بتأكيد مُزيف :

_ ده حقيقي، لكن أنا مش حابة قرارة ده وشايفة إن مشاركتنا في قضايا المكتب بيزدني خبرة ويعلي من مكانتي وإسمي في المكتب معاه

 

إقتنع أمجد بحديثها الموضوعي وبالفعل هاتف قاسم وحدد لهُ ميعاد وطلب منه إصطحاب إيناس رفعت معه مما أثار إستغراب قاسم ، ذهب بالفعل بصُحبتِها وبعدما إتفق معاً طلب منة مشاركة إيناس معه وبرر ذلك بأن إيناس لديها المعلومات، وصَارحهُ أنها هي التي أتت إلية وطلبت منه تحويل ملف القضية إلي مكتب قاسم فلهذة الاسباب أصبحت مُشاركتها بالقضية مشروعة

 

في بداية الآمر رفض قاسم هذا الشرط بشدة إستغربها أمجد، لكنة وبعد إصّرار أمجد عليها إضطُر علي الرضوخ والموافقة، نظراً لما ستُحققةُ هذة القضية من مكاسب معنوية وشُهرة واسعة لمكتبة وتجعل من إسمةِ مُرتفعً فوق جميع نُظرائة

 

حقاً كان من الصعب علي قاسم رفضة لشرط أمجد التهامي رجل الأعمال ذو الإسم الرنَان والشُهرة الواسعة والسُمعة الطيبة، وما جعل قاسم يتنازل ويقبل بهذا الشرط هو سحب ملف القضية من مكتب قامة كبيرة في عالم المُحاماة وإرسالها لمكتبة الذي لا يُضاهي مكتب هذا المحامي الشهير ، وهذا كفيل بأن يرفع إسمة لعنان السماء، وإنةُ لمن الغباء رفض تلك الفُرصة التي أتت إلية علي طبقٍ من ذهب ولن تتكرر


يُتبع..