-->

الفصل الثالث والثلاثون - قلبي بنارها مغرم

 



الفصل الثالث والثلاثون 



 

 

في حين تحدث قاسم وهو ينظر إلي عمهِ بنظرات يملؤها الندم والإعتذار  :

_ لو علي الأسف أني مستعد أتأسف لعمي ومّرتي وأجَضي اللي باجي من عُمري كلياتة وأني بحب علي يدهم ورچليهم لجل ما يسامحوني علي اللي حُصل مني

 

 

 

 

نظر لهُ الجميع بإستحسان وترقبوا لباقي حديثة الذي أصابهم جميعاً بالصدمة والذهول والخزلان

 

أكمل قائلاً بنبرة ضعيفة مُنكسرة:

_ بس أني معينفعش أطلج زميلتي إلا بعد ما يعدي علي چوازنا سنة كاملة

 

 

 

نظر جميعهم إلية بذهول فأكمل هو بنبرة خَافتة:

_ ده شرط بيني وبين أبوها ومهينفعش أرچع في وعدي اللي قطعتة علي حالي معاه

 

 

 

جحظت عيناي زيدان وهتف بصياحٍ عالي وبنبرة غاضبة:

لا والله أصيل يا واد، معينفعش ترچع في كلمتك اللي إديتها للغريب لكن ترچع في وعدك لعمك وتغـ.در بية وتطـ.ـعنة في ظهرة عادي  !

 

 

 

أجابة مُفسراً بنبرة يكسوها الحُزن والألم والندم :

_الحكاية ليها أصل يا عمي، وعشان تجدر تفهمني وتجَدر موجفي لازمن تسمعها ، وأني هحكي لكم الحكاية من أولها ومعخبيش عنكم حاچة واصل، لأن خلاص معادش لية لزوم ،

 

وأكمل بمرارة وغَصة مُرة تقف بحلقة:

اللي كُنت عخاف عليها وأخبي عشانها عِرفت، وبأسوء طريجة، طريجة عُمري ما أتخيلتها حتي في أسوء كوابيسي

 

 

هب زيدان واقفً بغضب من جلستة وتحدث بنبرة حادة :

_ وأني معايزش أسمع منيك غير يمين الطلاج اللي عترمية علي بِتي يا بايع ناسك لجل ماتشتري الغريب

 

 

 

وأكمل وهو ينظر إلي والدة بإحترام:

_ أظن بإكدة أني عِملت اللي عليا وعداني العيب وأزح يا أبوي، دوست علي حالي ورضيت بحُكمك رغم إنه ضد رغبتي ورغبة بِتي اللي راجدة علي فرشتها جِتة بلا روح كيف الأموات من اللي عِملة فيها حفيدك ، وافجت بس لچل ما أرضيك ولأنك أمرت بإكدة ، بس إكدة الموضوع دخل في لعب عيال إصغيرة، وأني معنديش وجت أضيعة وأني جاعد أسمع هلفطط عيال

 

 

 

 

وقف قاسم وصاح بنبرة غاضبة تنمُ عن وصولةِ لقمة غضبتة:

_ حاسب علي كلامك و مفيش داعي للغلط يا عمي،  أني راچل ليا وزني ومهجبلش بحد يغلط فيا مهما كان هو مين

 

 

 

إنفعل زيدان بحدة وكاد أن يرد لولا صوت عِثمان الذي صدح بحدة:

_ خلاص إنتَ وهو، عتتعاركوا جِدامي إياك

 

 

 

ثم نظر إلي زيدان وتحدث برجاء:

_وإنتَ يا زيدان يا ولدي، إجعد وخلينا نسمع حكاوي إبن قدري ونشوف أخرتها إية اللحكاية المغفلجة دي، وبعدها عنشوف عنعملوا إية،  وصدجني يا ولدي،  كل اللي صفا عيزاة أني عنفذهولها،  بس إلا الطلاج

 

 

 

وأكمل بتهكم وإسلوب ساخراً وهو يُشير بإشمئزاز إلي قاسم:

_إتفضل يا سي قاسم، إمسك ربابتك وغني علينا وسمِعنا

 

 

 

إبتلع قاسم إهانتة المُرة من حديث جدة المُتهكم علي شخصة،لكنةُ تحمل لأجل إستعادة صغيرتة إلي أحضانة من جديد،

بدأ بقص حكايتة علي مسمع ومرأي من الجميع، من بداية تمرده علي حياة الإجبار مِراراً بتوهُمةِ لإصابة قلبهِ بعشق زميلة دراستة، حتي خطتهُما المُحكمة بموافقتة الشكلية علي خطبتة من صفا،وبرر ذلك بخوفهِ المُبرر من أن يُصبح النُسخة المُكررة من زيدان ويفقد كل المُميزات التي يحصل عليها بكونهِ الحفيد الاكبر والاقرب لقلب عِثمان،

 

وأيضاً أخبرهم أنة مثلما خشي علي حالة وضع أيضاً صفا صوب عيناه وحرص علي حصولها لأكبر قدرٍ من المكتسبات التي ستحصُل عليها من وضعةِ لتلك الخطة،  وهي دخولها للكلية التي طالما حلُمت بها وتمنتها وكانت ستُحرم من دخولها لولاة

 

 

 

ثار زيدان بعدما إستمع إلي إعترافات قاسم المُهينة لكرامة إبنتة الأبية التي طالما عاملها بإحترام لكيانها مُنذُ نعُومة أظافرها، ودائما ما كان يزرع بداخلها أن الأنثي بلا كرامة كنهرٍ جفت مياهةُ وأصبح بلا حياة بلا فائدة،

 

 

وما جعل النـ.ـار تشـ.ـتعل بصدرهِ أكثر هو شعورهُ المُخجل عِند إكتشافةِ كَم كان أحمقً وتم التلاعُب به وبصغيرتة من ذلك الحقير الذي طالما إعتبرة ولده، لكنهُ بالمُقابل أصابهُ بالخزلان وخان وعدة

 

 

 

 

جن جنونهُ ولم يعُد في إستطاعتة السيطرة علي غضبة، فهرول إلي قاسم وأحكم من قبضتاة علي تلابيب جلبابةِ الصعيدي  وتحدث بنبرة غاضبة وهو يهز جسدهِ بعُنفٍ :

_ للدرچة دي كُنت شايفني مُغفل ومليش جيمة يا واد،  عِملت لك إية لجل ما تعمل في بِتي إكدة يا واكل ناسك،  ده أني إعتبرتك ولدي اللي مخلفتوش من صُلبي،  أمنتك علي وحيدتي اللي معِنديش أغلي منيها، وبيدي اللي عايزة جطعها دي سلمتهالك

 

 

وأكمل بجنون وهو يهزةُ بعنف أكثر تحت صمت قاسم وإنزال بصرهِ للأسفل من شدة خجلة، وعدم مقاومتهِ واضعً كفاي يداه جانبً بإستسلام:

_لية يا واكل ناسك، ليه

 

 

هرول قدري ومُنتصر وفارس إلي زيدان، محاولون تخليص قاسم من قبضة يداه الحديدية، تركةُ زيدان بصعوبة بالغة

 

 

 

 

 

حالة من الصمت إقتحمت المكان وأصابت الجميع بعد صوت عِثمان الذي صاح بهِ محذراً الجميع وإلزامهم بالصمت التام، تحدث قدري بنبرة ضعيفة مؤنبً حالة:

_ اللي حصل كُلة كان غصب عن ولدي يا زيدان،  إعتبرة ولدك وغلط وإديله فرصة تانية يا أخوي

 

 

 

 

إنتبة زيدان إلي قدري ونظر لهُ قاطبً بين حاجبية وتحدث مُتسائلاً بنبرة تڜكيكية:

_ إلا جولي يا أخوي،  إنتِ كُنت خابر بالعملة المجندلة اللي عِملة ولدك ببِتي دي  ؟

 

 

 

تنهد قدري وظهر علي ملامح وجههِ الأسي وكاد أن يتحدث بالإنكار لولا صوت قاسم القوي الذي تحدث نافيً ليعفو والده من حرج اللحظة ويُبعدهُ عن مرمي غضب الجميع ولعنتهم  :

_ أبوي ملوش علاجة بالموضوع يا عمي،  أبوي عرف إمبارح زيه زييكم بالظبط

 

 

 

 

رفع بصرهِ سريعً ونظر بقلبٍ مفطور يإنُ ألمً ويُريد الصُراخ علي نجلهِ الذي وبرغم كّم مصائبة التي أتته علي عُجالة، مازال يحاول جاهداً أن يُخفي أمر معرفتة بالأمر كي لا يجعل الجميع ينظرون إلية بإشمئزاز وإنتقاص لرجولتة

 

 

 

صاح قدري قائلاً بعيون شبة دامعة بعدما قرر ولأول مرة المواجهه كرجُل وأن يتحمل نتائج بعض أخطائة ليرفع عن صغيرهُ كاهل الظلم الذي يقع علي عاتقة :

_ لساتك عتداري علي أبوك يا قاسم حتي بعد كُل اللي حُصل لك بسببي ؟

أني خابر زين ومتوكد إن أني السبب في توهتك دي يا ولدي،  وإنتَ بنفسك جولتها لي جَبل سابج، حجك عليا يا ولدي

 

 

ثم نظر إلي زيدان وتحدث بنبرة صادقة :

_ أني عرفت جبل دُخلة قاسم علي صفا بأسبوع واحد يا زيدان، 

وأكمل وهو ينظر أرضً من شدة الخجل:

_ أني اللي أجنعتة يتمم فرحة علي بِتك لچل ما يتفادي غضب چدة علية بعد ما كان چاي ومصمم يعترف لكم باللي حُصل ويفض خطوبتة علي صفا ويتچوز من البِت زمِيلتة

 

 

 

 

 

وأكمل تحت تعجُب قاسم وفارس اللذان ينظران لهُ والذهول سيد موقفهما،بعد إستماعهما لأبيهما الذي طالما عاش حياتة لنفسهِ ولتحقيق أغراضهِ الشخصية وفقط، ولطالما كان المثال السئ للأب الذي لا يُحتذي به ولا يدعوا أنجالهِ إلي التشرُف به، بل وكان هو السبب الرئيسي لتشتت روحيهما وضياعهما وتوهتهما بالحياة

 

 

 

 

قدري بنبرة نادمة وإستسلام:

_ لو عاوز تحاسب حد علي اللي حُصل لك إنتَ وبتك،  حاسبني أني يا زيدان،  لأن أني اللي عِملت إكدة في ولدي، أني اللي بطمعي وخوفي علية من غضب چدة وطرده من نعيم چنته، چبرتة وخيرتة بين إنه يتچوز بِت عمه وينول رضا چدة ويحفظ نصيبة من تركة العيلة ، يا إما عغضب علية وهتبرا منية ، وهددتة إني عَوصي الكُل إني لو مُت ميحضرش دفنتي ولا يُجف ياخد عزاي

 

 

 

 

نظر بعيون مُتأسفة نادمة إلي لقاسم الواقف بقلبٍ يأنُ ألمً من شدة حُزنهِ علي موقف أبيه المُخجل الذي وُضع بداخلة والخزي الذي يشعر به الآن،  كان يُريد أن يهرول إلية ويحتضنة ويطلب منه الصمت ليعفية حرج وصعوبة الموقف

 

 

 

نظر لوالده وأمال برأسهِ جهة اليمين مترجيً إياه بعيناه وتحدث بصوتٍ مُتألم لأجل غالية:

_بكفياك الله يرضي عليك يا أبوي

 

أجابهُ بنبرة صوتٍ مُحتقنة بفضل دموعهِ التي ولأول مره تحضر وتريد من يفسح لها المجال لتنطلق للخارخ مُعلنة عن حالة الفوضي والعصيان والتمرد التي أصابت داخلة :

_ لازمن أتحدت وابرئك من تهمة الخيانة يا ولدي ، لازمن أطهر حالي من ذنوبي الكَتير اللي إنتَ شيلتها بدالي

 

 

 

وأكمل وهو ينظر للجميع بجرأة جديدة علية  :

إبني ملوش ذنب يا أبوي،  ملوش ذنب يا زيدان، ملوش ذنب يا خلج، بلاش تحاكموة وتاخدوة بذنبي ، 

 

 

 

 

رمقهُ زيدان بنظرات مُتهكمة وتحدث بإلقاء تُهمة الكذب للأبن وأبية:

_ إوعاك تكون فاكرني مخبول لجل ما أصدج التمثلية الخيبانة اللي عتضحك بيها إنتَ وولدك علينا لجل ما تستغفلني من چديد ؟

 

 

 

هتف عِثمان قائلاً بنبرة صوت ضعيف نتيجة خجلة الشديد:

_ أخوك عيجول الصدج يا زيدان، 

 

 

 

وجه الجميع أبصارهم إلي كبيرهم،  حين أكمل عِثمان بقلبٍ مُحملً بثقلٍ بفضل الهموم التي تراكمت بقلبة جراء ما فعلتةُ يداه بحق حفيدهُ الأكبر وجوهرتةُ الثمينة وأوصلهُما بعنادِهِ إلي تلك الحالة المُزرية

 

 

وبدأ بقص تفاصيل تلك الليلة المشؤومة علي مسامع الحاضرين:

_ أكيد كلياتكم فاكرين زين الليلة اللي صفا دخلت لي اوضتي وبعدها قاسم حصلها، في الليلة دي صفا طلبت مني أحلها من وِعدِة چوازها من قاسم،جالت لي إنها إتفجت وياه علي إنهم يحلوا روحهم من الچوازة دي وميكملوهاش ، وجتها قاسم جالي نفس اللي جالة دلوك، إنه مجابلش علي حاله يتچوز واحدة أعلي منية،

 

 

 

وأكمل بأسي وهو يهز رأسهُ عدة مرات مُتتالية بنظراٍ مُنخفض لأسفل قدماه:

_ أني كُمَان مرحمتوش كيف أبوة ما عِمل بالمظبوط ، جولت له إني عَحرمُة من الميراث،  جالي موافج ومعايزش منيك حاچة وأني كفيل بحالي، 

 

وأبتسم ساخراً وأسترسل:

_فكركم رحَمته علي إكدة؟

جولت له هاخد منيك الشُجه والمكتب والعربية اللي چيبتهم لك بمالي ،

أكمل بنبرة إنهزامية:

_ وافج،  لما لجيته لساته مصمم هددتة وجولت له هسحب منيك كُل مِيلم في الحساب المُشترك بيناتنا في البنك،  وياريتني إكتفيت علي إكدة،  ده أني كُمان هددت صفا إني عسحب منيها المستشفي وعچوزها لحسن وِلد مُنتصر وعجعدها في البيت لو موافجتش علي چوازها منية 

 

 

 

ثم أكمل بمرارة ظهرت بصوتة :

_ بس ميتا كان الخير في الچبر، ربنا يعلم باللي كان في نيتي وجتها ناحية أغلي إتنين علي جلبي ، 

 

 

 

واسترسلَ بمرارة تملئ قلبة:

_مكُتش خابر إني بإكدة بأذية وبچبرة علي إنة يخطي برچلية أول خطوة ناحية بير الخيانة ويرمي حالة چواتة بإرادتة المچبورة

 

 

 

رفع بصره ونظر لداخل أعين قاسم وهتف بنبرة رجُل مُنهزم:

_أني اللي فشِلت يا قاسم مش إنتَ  .

 

 

أردف زيدان بتعابير وجه مصدومة :

_يا أبووووووي، يعني كلياتكم كُنتم خابرين وشاركتوا في دبـ.ــح بتي ومــ.ـوت جلبها بالبطئ، كيف رضيتوا لها بالــ.ـذُل والمـ،هانة،كيف ؟

 

وأكمل لائمً لوالده ومُتعجبً :

_وإنتَ يا أبوي، جِبلتها كيف علي حفيدتك اللي عتجول إنك عتحبها !

تچوزها لواحد كارهها ومچبور عليها لية يا أبو قدري  ؟

 

 

 

أنزل عِثمان بصرهِ هاربً من عيناي زيدان المملوئة بالمعاتبة وإلقاء اللوم

 

 

 

هتف قدري برجاء:

_خليك رحيم كيف ما أتعودنا دايماً منيك يا زيدان، ولدي رايد بِتك وبيتمني لها الرضا ، رچعها له وخلية يعيش فرحتة بحَبلها وإبنه يتولد علي إدية

 

 

 

أما زيدان الذي خالف جميع التوقعات كباقي أشخاص الجلسة الإستثنائية التي ستُكتب بتاريخ العائلة لغرابتها، فتحدث بشموخ ورأسٍ مرفوع بكبرياء ضاربً كُل ما قِيل من تبريرات بعرض الحائط وكأنهُ لم يستمع إليها من الأساس :

_ بِتي مهياش مُلزمة لجل ماتصلح وتدفع من كرامتها وكبريائها تمن أغلاطك إنتَ وولدك يا قدري،  من إنهاردة كُل واحد عيحاسب علي غلطة،  وبِتي مغلطتش وياكم في شئ،  غلطها الوحيد إنها أمنت وسلمت للي ميستاهَالش،  يُبجا الحج بيجول إنها تطلج منية وتكملوا حياتها مع واحد إبن حلال يعرف جيمتها  ويستحجها بچد.

 

 

 

 

إتسعت أعين الجميع وكادت أعصاب قاسم أن تنفلت منه لولا فارس الذي تحرك إلية وأمسك ذراعه وهمس له وطالبهُ بالصمت كي لا يُزيدُ من حدة وضخامة الوضع

 

 

 

تحدث الجَد متوسلاً إلي زيدان:

_ إهدي يا زيدان وخلينا نتحدتتوا بالعجَل،  ولِد أخوك غلط وإنچبر وعطي وعد لراچل غريب عنينا، وكان لازمن يطلع راچل جِدامة بعد ما إترچاه لچل مايُستر عرض بِته اللي كانت عتتفضح بعد ما ولد أخوك جعد خاطبها سبع إسنين بحالهم،

وأكمل وهو ينظر إلي قاسم بإحتكار:

_ اوعاك تكون فاكر إن بحديتي دي ببرر للخاين عملته السودا في حجنا وحج مّرتة ،  أني بس حطيت حالي مطرح أبوها الدلدول اللي جِبل بوضع مهين ليه ولبيتة ، واللي منجبلوش علي بناتنا منجبلوش علي بنات الناس يا زيدان،

واسترسل بإقناع زيدان:

_ أجولك، خُدها من باب السَتر للبِت يا ولدي وربنا بإذن الله هيچازيك خير النِية

 

 

 

 

وأكمل بترجي :

_ ودالوك أني اللي عترچاك يا ولدي، رچع الدكتورة لشُجتها وسبها منيها لچوزها واني واثج من عجلها زين ، إعمل إكدة لچل خاطري يا زيدان

 

 

 

نظر لأبيه وتحدث بنبرة صارمة رافضة ذكرت الجميع بنفس موقفة بالماضي بقصة زواجة علي ورد:

خاطرك غالي علي يا أبوي وفوج دماغي ،  بس متأخذنيش،  أني سمعت كلامك ونفذتة جبل إكدة،  وادي النتيچة جِدامكم كلياتكم

 

 

تحدث مُنتصر بتعقل:

_ طب مش تسأل بِتك اللول يا زيدان،  مش چايز صفا حابة ترچع لچوزها وتربي ولدها في حُضن أبوة  ؟

 

 

 

اجاب شقيقهُ مُتشبثً برأية:

_ وإنتَ فِكرك إني عتكلم من حالي إكدة من غير ما أكون مِتفج مع بِتي وعارف رأيها زين يا مُنتصر ؟ 

 

وأكمل بنبرة حادة ناظراً إلي قاسم  :

_إسمعني زين يا وُلد أبوك، أني دلوك اللي عحِلك وهفك جِيدك من الچوازة اللي مكناتش علي كيفك ولا من مجامك يا حضرة الافوكاتوا، 

وأكمل بنبرة قاطعة تدُل علي مدي حسمةِ لقرارة:

_طلج بِتي يا قاسم ودلوك

 

 

 

نظر له وتحدث بنبرة ضعيفة نتيجة تأثرهُ بما يدور من حوله من إعترافات المُذنبين بحقة:

_ أني يمكن في اللول عِنادي ورفضي لفكرة إني أنچبر علي حاچة صورت لي إني رافض ومطايجش الموضوع ،  بس ربنا يعلم إن من اليوم اللي كتبت فيه كتابي علي صفا، وهي بجت كِل دنيتي وبجت عنيا اللي عشوف بيها ونبض جلبي اللي ععيش لية ،  أني مجدرش أبعد عن صفا لاني من غيرها كيف السمك لما يخرچوة من الماية 

ورفع كتفاه وأنزلهما وأردف بإستسلام:

_معتفهمش لية يا عمي، معجدرش علي بُعادها أني 

 

 

 

 

أجابهُ بعناد:

_عطلجها يا قاسم لاني مهأمنش عليها وياك بعد إكدة

 

 

هتف قاسم بنبرة أكثر عِناداً:

_جولت لك معطلجهاش ولو علي موتي يا عمي، وعاوزك بس تعرِف،  إن محدش في الدِنيي دي كلياتها عيحب صفا ويخاف عليها ويحميها كدي

 

 

 

تحدث فارس مُترجيً عمه بإستعطاف:

_ سامح قاسم لجل خاطري عِنديك يا عمي

 

هتف عِثمان بنبرة حادة بعدما رأي العِناد والرفض القاطع بعين ولده :

_ وبعدهالك عَاد يا زيدان  ، أني ساكت ومراضيش أتحدت وسايبك تخرِچ كُل اللي چواتك لچل مترتاح،  لازمتها إية كلمة الطلاج اللي عمال تعيد وتزيد فيها دي وإنتَ خابر زين إنه معيحصُلش،

 

 

إتسعت عيناي زيدان وتحدث إلي والدةُ بطريقة حادة غير لائقة:

_ يعني إنتَ يا أبوي عاوز ترخص بِتي من چديد وترچعها للي چبل عليها الكَسره والمذلة؟

 

 

وبعد جدال طال من الجميع إقترح مُنتصر بذهاب الجميع إلي صفا وعرض الموضوع عليها من جميع الجوانب كي تفهم المغزي من تصرف قاسم،  وإقناعها بالرجوع،  وبالفعل ذهب الجميع إليها حتي قاسم الذي سمح لهُ زيدان بمقابلتها في حضور الجميع وذلك بعد إلحاح عِثمان عليه

 

ذهب الجميع عدا عِثمان الذي نكس رأسه وبات يؤنب حاله ويجلدها،  فمهما بين قوتة وصمودةُ أمام الجميع، إلا أنه كُسر عندما شعر بالفشل الزريع لقيادتة لعائلتة والوصول بأحفادة لبر الأمان الذي كان يراه صوب عيناه، وأكتشف انه كان سراب،،مجرد سراب لا أثر له  ،  حتي زيدان الذي يعلم عِلم اليقين أنهُ علي حق، ويُبرر لهُ كل الأحقية في الدفاع المُستميت عن غاليتة ،لكنةُ يضغط علية ويدعوة للتنازل والتسامح فقط من أجل تماسك العائلة وعدم إعطاء الفرصة لشماتة المترقبين للعائلة  

❈-❈-❈



 

دلف من باب الغُرفة التي تقطنها صغيرتة، إنتفض قلبهِ وثار علية عِندما رأها أمامة تجلس فوق فراشها والإجهاد والتعب يظهران بشدة علي ملامحها ، ودّ الإسراع إلي أحضانها وسحبها إلية ليضُمها إلي صدرة المُلتاع بالإشتياق، ويُطيب جَرحها النازف بفضلة،

 

 

 

تمنيّ لو أن له الأحقية بأن يُخرج الجميع ويبقيا بمفرديهما، كي ينزل لمستوي قدميها ويُقبلهما بندمٍ ليُطهر حالةُ من الذنب العظيم الذي إقترفةُ بحقها، أراد أن يُريها بعيناها كّم أصبحت قيمتها عِندة للحد الذي يجعلهُ يتنازل عن عزة نفسهِ وكرامتة ويقوم بإذلال حالهِ عند الرضوخ تحت قدميها وتقبيلهُما طلبً للعفو والسماح

 

 

 

تحدث وهو ينظر إليها بوله وبصوتٍ مُتألم لأجلها:

_ كيفك يا صفا.

 

 

لم تُعر لسؤاله ولا لوجوده من الأساس أية إهتمام، وكأنهُ أصبح هواء أو مجرد سراب ليس لهُ وجود، عذرها وكظم أهاتة وألامة بداخل صدرهِ المهموم

 

 

 

تحدث مُنتصر إليها قائلاً  :

_ چِدك باعتنا ليكِ لچل ما تاچي ويانا وترچعي لشُجة چوزك يا دَكتورة،  عيجولك إنه واثج في عجلك اللكبير وإنك عتحطي مُصلحة العيلة وتحلي الموضوع بالراحة بينك وبين چوزك من غير محد يدري من النچع ونشمتوا فينا الخَلج

 

 

 

 

 

إبتسمت بخفوت حين تحدثت رسمية بنبرة أكثر تعقُلاً قائلة:

_ وهي ست البنات عتجول إية غير إنها موافجة ترچع وتعيش ويا چوزها لچل ما يربوا ولدهم اللي چاي بيناتهم ،

بس طبعاً مش دلوك يا مُنتصر،  هي عتجعد في دوار أبوها كد إسبوع إكدة لچل ما أمها تغذيها وتغذي ولدها زين،  وبعدها قاسم هياچي ياخدها علي شُجتها كيف الملكة

 

 

وأكملت متسائلة بإبتسامة:

_ مش إكدة يا زينة البِنتة؟

 

 

 

ضحكت بخفة وتحدثت بنبرة ساخرة:

_ لا يا چِدة مش إكدة،  أني بنفسي اللي هاچي لحد السرايا وأحب علي رچل حفيدك اللكبير واتأسف له وأطلب منيه السماح والمغفرة، بيتهئ لي دي يرضيكم أكتر

 

 

 

ثم نظرت إليهم بغضب وتحدثت  :

_ إنتوا عتتكلموا چد ولا عتهزروا،  أصلكم لو عتتكلموا چد تُبجا مصيبة وعيبة كَبيرة جوي في حجكم يا نُعمانية

 

 

 

 

 

تحدث مُنتصر بنبرة حنون مُقدراً وضع إبنة اخية النفسي:

_ أني عارف إنك غضبانة ومحدش يجدر يلومك علي إكدة يا بِتي، بس فيه حاچات كتير حصلت قاسم عيحكي لك عليها ويتأسف لك جِدام الكل ويحب علي راسك ويدك كُمان

 

 

 

أجابت عمها بنبرة صارمة  :

_ هو كان داس علي رچلي من غير مايجصد إياك يا عمي لچل مايعتذر لي ويحب علي راسي  ؟

 

وأكملت بشموخ:

_ اللي عيعتذر وينجبل إعتذارة، هو اللي بيعمل الغلط من غير مايجصد يهين أو يچرح بيه غيرة  ،

وأكملت بنبرة صارمة :

_لكن إبن أخوك خطت وجرر ونفذ في سبع سنين بحالهم ،  يعني چريمة كاملة مُكتملة الأركان ومع سبج الإصرار والترصد، كيف مابيجول الأفوكاتوا اللكبير وهو بيترافع في المحكمة جِدام الجاضي

 

 

 

 

هتف بنبرة هادئة قاصداً بها إمتصاص موجة الغضب التي تتملك منها :

_إهدي يا صفا علشان خاطر ماتتعبيش تاني ، وخلينا نجعدوا لحالنا وأني عفهمك علي كُل حاچة ، فية تفاصيل إنتِ متعرفيهاش ولازمن أجولها لك لوحدينا

 

 

 

إبتسمت ساخرة وتحدثت بنبرة تهكُمية:

_ معايزاش أتعبك وياي يا مِتر،  وفر مبرراتك وجهدك اللي عتضيعة في كلام فاضي مهيفرجش معاي،

وأكملت وهي ترمقهُ بنظرة إشمئزاز:

ولا هيخليني أرچع أشوفك في عيني راچل من تاني.

 

 

 

إشتعلت النار بصدرهِ من إهانتها له وما شعر بحالهِ إلا وهو يهتف بنبرة غاضبة:

_ صفاااا،  ما تستغليش وضعك وغلاوتك چوة جلبي وتجولي كلام تتحاسبي علية بعد إكدة يا دكتورة

 

 

 

 

ضحكت ساخرة مما زادَ من إشتعاله وتحدثت هي بتهكُم :

_ هو إنتَ لساتك عتحاسبني يا مِتر،  ده انتَ يا راچل حاسبتني علي اللي حتي معمِلتوش،

وأكملت بنبرة حادة وملامح وجة صارمة :

_ روح لحالك ويلا كلياتكم برة عشان عاوزة ارتاح، وجولوا لچدي لو السما إنطبجت علي الأرض أني مهرچعش للي خان وغدر وأدي له من تاني الأمان،  جولو له كمان صفا عتجولك مش عترچع مش بس لو سحبت منيها المستشفي،  لااا،  أني مهرچعش حتي لو جطع من چسمي حتت ورماها للكلاب،

 

 

 

ثم رمقت قاسم بنظرة غاضبة وهتفت بنبرة حادة:

_وإنت،  لو لساتك راچل وعِنديك نخوة تطلجني دلوك

 

إتسعت عيناة من هول ما أستمع وتحدث بنبرة حادة وهو يجز فوق اسنانة:

_ ماشي يا صفا،  حسابنا بعدين علي كُل الغلط دي،  مش وجتة

 

 

 

حين هتفت رسمية بنبرة حادة:

_ عيب الحديت اللي عتجوليه لچوزك ده يا صفا

 

 

أجابتها بنبرة صوت حادة:

_ العيب للي يعرفوا العيب ويخشوة يا چدة،  ودلوك يلا فارجوني، معيزاش أشوف حد منيكم إهنية

 

 

 

وأكملت بنبرة حادة وصريخ يدل علي عدم إتزانها ووصولها لمدي غضبها:

_ إطلعوا برة كلياتكم، جايين بوش مكشوف وعين بجحة جوية تچبروني لچل ما أرچع للي غدر بي واتچوز علي وأني لساتني عروسة مفرحتش حتي بهدوم چوازي  ؟ 

 

 

 

ثم نظرت إلي مُنتصر الواقف بخزيً وهتفت بنبرة غاضبة:

_لو كانت مريم اللي چوزها غدر بيها ورخصها كيف ماعمل وياي وِلد أخوك؟، كُنت هتجولها بردك ترچع لچوزها يا عمي  ؟، كت هترضي بالذل والمهانة علي بِتك، ولا كُنت عتخرب الدنيي وتطربجها علي دماغ الكُل كليلة عشانها

 

 

 

 

وأكملت وهي تُفرق نظراتها الكارهة للجميع بإشمئزاز  :

_ يا عيب الشوم عليكم وإنتوا چايين وهزين طولكم لچل ما تاخدوني وترموني كيف الچارية تحت رچلين سي قاسم النُعماني،لجل ما يكمل ذل ومهانة فيا أكتر

 

 

 

 

تحدث زيدان الذي كان واقفً عند مدخل باب الحُجرة كي لا يُقال أنه كان يؤثر علي قرارها:

_ معرفيش لسه الچديد يا بِتي،  قاسم بيه اللي چايين اهلك لچل ميرچعوكي ليه، معيطلجش مّرتة المصراوية،  عيجول إنه ميجدرش يطلجها جبل سنة عشان مدي وعد لأبوها ، 

 

 

نظرت إلية وهتفت بعيون تطلق شزراً:

_ طلجني يا قاسم وخلي عنديك كرامة

 

أجابها بهدوء في محاولة منه لإمتصاص غضبها العارم :

_ جولتها لعمي وهجولهالك تاني يا صفا،  مهطلجكيش لو علي موتي لأني مهعرفش أعيش من غيرك ، هصبر عليكي لحد ما تهدي وترضي،  مش هزهج من إني أچي لك كل يوم وأطلب منيكي السماح والرضا لحد مترضي يا غالية ،  وعاوزك تتوكدي إن انا وإنتِ مهينفعش نبعد عن بعض، لأني مصدجت لجيتك ولجيت روحي الضايعة وياكِ

 

 

وأكمل بنبرة صوت مُختنقة بفضل رغبتة في البكاء:

_ خلي بالك من نفسك يا حبيبتي

 

قال كلماتة وهرول سريعً إلي الخارج متجهً إلي الإسطبل، إمطتي حِصانة العربي الأصيل وتحرك بهِ منطلقً إلي الخارج

 

 

 

 

أما هي فكانت تنظر بصمود أمامها في نقطة معينة علي الجُدران ،  تركها الجميع وتحركوا للخارج تاركين لها المجال كي تختلي بحالها، حتي ورد

 

 

 

 

زفرت بضيق وشعرت بنارٍ شاعلة تقتحم صدرها حين علمت صحة ما أخبرتة به تلك الشمطاء المسماة بليلي، وتذكرت حديثها المسموم التي أخبرتها به قبل الساعتان من الآن

 

 

 

عودة إلي قبل ساعتان من الوقت الحالي

كانت ليلي تقف بداخل شُرفتها تحتسي مشروبً بارداً وتنظر علي منزل زيدان بتشفي بعدما عادت إلية صفا مثلما خرجت، إشتعل صدرها عندما وجدت مريم تحمل صغيرتها وتدلف إلي منزل عمها، تجهزت سريعً وهبطت الدرج بعدما إنتوت الذهاب إليهما كي تُفسد عليهما جلستهما

 

 

 

دلفت إلي الغرفة الجانبية التي سكنتها صفا مؤقتً كي لا تصعد الدرج حتي لا يتأذي جنينها مثلما أخبرتها أمل وحذرتها الحركة وتجنبها لصعود الدرج  ،  وجدت ورد ومريم يجاورا صفا التي تجلس بملامح وجه حزينة مهمومة

وقفت ورد وتحدثت إلي ليلي بوجة مُقتضب:

_ خطوة عزيزة يا ليلي،  أني هدخل المطبخ أكمل العشا

 

 

وأكملت وهي تنظر إلي مريم بحديث ذات مغزي:

_ وإنت يا مريم، خلي بالك على بِت عمك ومتتعبيهاش بالحديت

تفهمت مريم حديثها وأومات لها، في حين جلست ليلي وتحدثت غير مبالية بحديث ورد التي تعلم أنها المقصودة بمغزاه :

_ عاملة اية دلوك يا صفا،  الله يكون في عونك يا بِت عمي في المصيبة اللي حطت علي دماغك ،  أني لو مكانك كُنت روحت فيها

 

وأكملت بنبرة شامتة ووجهٍ مُبتسم:

_ أصلها واعرة جوي علي الواحدة منينا إنها تعرف إن چوزها اللي إتمنتة من صُغرها وحلمت يكون راچلها، وفكرت بغبائها إنها مَلكتة لما إتچوزتة،  يطلع عشجان لغيرها وواجع فيها لشوشتة، وكُمان إتچوزها عليها وهي لساتها في شهر العسل،  ومش بس إكدة، ده كمان بيموت في التراب اللي عتمشي عليه التانية وبيتمني لها الرضا ترضي

 

 

 

كانت تستمع لها بقلب يتمزق ألماً ، نهرتها مريم قائلة بنبرة حادة:

_ إجفلي خاشمك وبطلي حديتك السم دي يا ليلي، إنتِ شايفة إن دي وجت الحديت دي؟

 

 

 

إدعت الحزن وتحدثت بنبرة خبيثة:

_ مش بوعي بِت عمي وأرسيها علي الموضوع بدل ماتفضل علي عماها إكدة،

 

 

ثم نظرت إلي صفا وهتفت بخبث:

_ اسكتي يا صفا، ده الموضوع طلع من ياچي تمن سنين وإحنا مدريانينش، أتاري قاسم أخوي كان خاطب زميلتة المحامية دي من سبع سنين وواقع لشوشتة فيها

 

 

 

جحظت عيناها بذهول حين صاحت مريم قائلة:

_بكفياكِ عاد يا ليلي، يلا جومي من إهنية، الدكتورة جالت صفا لازمن ترتاح

 

 

 

 

تحدثت صفا بنبرة جادة وملامح وجه صارمة:

_ سبيها تكمل يا مريم، اني عاوزة أسمع

 

 

إبتسمت ليلي وبدأت بقص ما أخبرتة عنه والدتها بشأن قصة غرام قاسم لإيناس بل وزادت علية، ضاربة بتنبية والدتها لها عرض الحائط، فقط كي تُشفي غليلها وهي تنظر بشماتة لتعابير وجة صفا التي تتألم عند إستماعها لكل كلمة من حديث تلك الحية الرقطاء

 

 

بعدما إنتهت تحدثت مريم:

_ خلاص يا ليلي، إرتاحتي إكدة لما بخيتي سِمك وسممتي بية بدن المسكينة

 

 

تحدثت بتاثر مُفتعل قائلة :

_يعني بردك طلع الحج عليا يا مريم  ؟

 

 

وتنفست براحة وتحدثت إلي مريم كي تُسمم علاقتها بزوجها هي الآخري:

_ حجك تحمدي ربنا كل يوم يا مريم وتشكرية علي چواز أشجان بِت خالتي،  لولا إكدة كان زمان فارس أخوي سابج قاسم وواخد حبيبة اللي عاش عمرة كلة يتمني تراب رجليها جواة حُضنة ومخلف منيها كُمان

 

 

 

نزلت تلك الكلمات المُسممة علي قلب مريم البرئ احرقتة،  حيت هتفت ليلي إلي صفا بنبرة شامتة:

_كُنت هنسي يا صفا،  مبروك عليكِ الحَبل اللي ملحجتيش تفرحي بية، أكيد العروسة الچديدة هي كمان حامل وهتچيب لقاسم أخوي الواد،

وأكملت بنبرة حاقدة:

_ وإنتِ أكيد مهتچبيش غير بِت وتجطعي علي إكدية كيفك كيف أمك بالمظبوط،  ما هو المثل عيجول،  إكفي الجدرة علي فمها،  تطلع البِت لأمها

 

 

 

نظرت لها صفا وتحدثت بنبرة حادة:

_ كان نفسي أرد عليكِ الرد اللي يليج بعجربة زيك،  بس حظك إني متربية وبخاف ربي ومعشمتش في عطاياة ومنحة اللي عيدهالنا علي شكل مِحن،  روحي لحالك الله يسهلك بعيد عنينا،  وياريت ماتكرريش الزيارة دي تاني، لاني مبجتش أطيج أشوفك جِدامي

 

 

 

ضحكت بشدة وتحدثت ساخرة :

_ متخافيش،  الزيارة مهتتكررش يا دلوعة أبوكِ،  وإن كُنتِ إنتِ معطجيش تشوفيني جدامك جيراط، أني معطيجش ابوص في خِلجتك أربعة وعشرين،

 

 

وأكملت بشماتة تدل علي شخصيتها المريضة الغير سوية:

_أني بس حبيت أجي وأعرف كل واحدة فيكم مُصيبتها وخيبتها التجيلة، فرحانين بالحبل والولادة وإنتوا رچالتكم مچبورين علي عشرتكم السودا، كل واحد فيهم عندية عشيجة مالية جلبه وعجلة وهيجبر حاله لجل ما يبص في خِلجتكُم العكِرة

 

وأطلقت ضحكة شريرة وخرجت تاركة قلبي كلاهما ينزف ألمً

 

 

عودة إلي الحاضر

 

سقطت دمعة هاربة من عيناها مسحتها سريعً، وذلك لإمتثالها لوعدها التي قطعتة لحالها علي عدم ضعفها لمن دهس كرامتها حتي أصبحت هي والارض سواء

❈-❈-❈


 

 

دلف إلي المنزل عند بزوغ الفجر بعدما قضي ليلة وهو يمطتي حصانةُ العربي ويجوبُ به كالمجنون في الأراضي الواسعة المملوكة لچدة، وذلك بعد رفض زيدان القاطع لرجوع صفا إليه وإخبارة لوالده انهُ قرر هو وصفا بقائها في منزلة حتي نهاية العُمر لو لم يتم الطلاق

 

 

 

 

تحرك إلي غرفة إجتماع العائلة بعدما رأي نورها مشتعل وتأكد من وجود جدةِ بها، فهو دائماً يقضي صلاة الفجر ويتحرك إليها ليجلس فوق مقعدةِ المخصص له ويُمسك مسبحتة ويقوم بذكر الله حتي بزوغ الشمس وظهور أول خيط ذهبياً لها

 

 

 

 

أمسك مقود الباب وتنفس عالياً ليستعد لحديثة ثم أدارهُ وفتح الباب بعد طرقِة بخفة،  ونظر علي ذلك الجالس ورأسهِ مُنكس يُبصر لأسفل قدمية والحُزن والأسي والخزلان يتملكوا من ملامح وجهة المُجعدة بفضل ما فعلت به السنوات

 

 

تحرك بخطوات بطيئة وساقان يجرهما حتي وقف أمامة، لم يكلف عتمان حالةُ عناء النظر لوجهةِ وضل ثابتً علي وضعة، وبلحظة خر بساقية رامياً جسدةِ بإستسلام تحت ساقاي عثمان كملكٍ مهزوم أرهقتةُ كثرة المعارك الخاسرة  ،  رفع رأسة وهو ينظر لعيناي چده الذي يحيل بهما عن ناظرية وكأنةُ يُعاقبة بتلك الطريقة

 

 

 

إقشعر جسد عِثمان وانتفض عندما رمي قاسم رأسهِ فوق ساقاي جدة وتنهد بألم وأستسلام ،  شعر بتيهة روح حفيدة وعلم أنهُ وأخيراً رفع راية الإستسلام من حالة العِند والمكابرة  

 

 

 

رغبة مُلحة كانت تُطالبهُ أن يضع كف يده الأصيل علي رأس حفيده ويطمأن روحةُ التائهة، لكنة ضل علي وضعة كي يُشعرة بقُبح ما أقترفت يداه بإبنة أبيها الغالية وأثمن جواهر عِثمان

 

 

 

 

همس قاسم بترجي وهو مازال مُلقي برأسه فوق ساقاي جده يتمسح بهما كقطة سيامي:

_ أني عاوز مّرتي يا چدي، أحب علي يدك ترچعها لي

 

 

 

أخذ عِثمان نفسً عميقً ثم أخرجةُ بهدوء وتحدث بصوتٍ مهزوم حزين:

_ ماكانت وياك،  إختارت لك أغلي چواهري وأندرهم، حطيتهالك چوة حُضنك بالغصب وأني عارف إنها هي اللي عتمسك بيدك وعترچعك من أرض التيهة اللي رميت حالك فيها وبجالك ياما عتلف فيها من غير ما تمِل ولا تكِل،

 

وأكمل بنبرة ضعيفة:

_جولت لحالي بنت أبوها الزينة هي اللي عتردك لأصلك وأرضك، عِملت إية، بدل ما تمسك يدها وتتبت فيها وترچع لي، مسكت خنچر مسموم ودبيتة في جلبها البرئ وكسرت بيها ضهر أبوها اللي أمنك عليها، وكسرتني في شيبتي

 

 

 

 

رفع رأسهُ لهْ ينظر إلية بتيهة وهتف بصوتٍ يإنُ ألمً:

_ معجدرش أعيش من غيرها ولا هي هتعرف تعيش بعيد عن حُضني، أني عاوز مّرتي لجل ما أضمها جوة حُضني وأطيب چراحها

 

 

رد علية عِثمان بنبرة قاسية:

_ميتا كان الجاتل هو الطبيب يا أبن قدري

 

 

سأل جدهُ بنفس النبرة الضعيفة :

_أول مرة تجولي يا أبن قدري ؟

 

 

أجابهُ جده قائلاً بتفسير :

_ عشان لأول مرة أحس إن كُل اللي عِملتة معاك راح مع أول ريح عاتية، وكأني كُنت ببني بيت علي الرملة وجت الريح هدت ومسحت معاها كل تعب السنين

 

 

 

تنفس عتمان وأكمل بتذكر :

_ زمان لما أبوك چابك إهنية ورماك تحت رچليا كيف جعدتك دي بالظبط، جالي خد قاسم يا أبوي وحطة تحت چناحك وعلمة لجل ما يكون راچل زين شبهك

 

 

فرحت ببك لأنك كُنت چاي لي في أشد إيامي وأصعبها،  كُنت لساتني خالع ولدي الخلوج أبو جلب كيف الذهب ورامية برة أرضة بيدي،  كانت روحي مدبوحة وچيت إنتَ طيبتها بنظرتك البريئة اللي تشفي العليل،  شُفت جوات عنيك نفس بصة عمك الحنينة،طيبت چراحي بضحكتك اللي كانت عتهون عليا كتير، خدتك تحت چناحي وكبرتك علي المبادئ والأخلاج والخشي من الله، شفت فيك خلفي وجهزتك لجل ما تكون كبير عيلتك الحكيم وأسلمك زمام عيلتي من بعدي، 

 

 

 

واسترسل حديثهُ قائلاً  :

_ إتمردت وشردت عن أصلك،  جولت سيبة يا عِثمان ومتخافِش علية،  ده تربية يدك ومهيشردش كَتير،  عيرچع،

 

 

لما كَبرت وبجيت أفوكاتوا جد الدنيي واختارت تعيش لحالك في مصر، جولت سيبة يا عِثمان، عيرجعة أصلة وترببتك الزينة لية،

واكمل بنظرة رجُل زادتة تجاعيد وجهه خبرة ومعرفة يصعب علي غيرة إكتشافها :

_ كُنت عشوف عشج بِت عمك ساكن چواك وإنتِ بتدوس علية وتخنجة بكل جوتك عشان تدفنة ،  مَكُنتش عشوف ضحكتك ووشك اللي عينور غير لما تاچي سِت البنات وتُجعد جُصادك وتاكل، مكنتش تبص إلا للي في صَحنها لجل ما تجسم وياها لُجمتها وتاكل منيها وتحس بطعم وحلاوة اللُجمة في حَنكك.، كنت بشوفك وإنتَ عتهرب بعيونك وتجفلها لجل ما تمنعها إنها تبص عليها وتتملي في صُنع ربنا اللي أبدع في چمال روحها جبل وشها

 

 

 

كان ينظر إلية بعيون مُتسعة من شدة ذهولها، يستمع إلية ويسترجع ذاكرتة ومواقفة التي تمُر أمام عيناة كشريط سينمائي ، ذُهل من حقيقة مشاعرة التي كانت تائهة عنة كروحةُ،

الأن وفقط فهم مغزي شعورةُ الهائل وهو ينظر لبحر عيناها العميق ليلة دُخلتة عليها، الآن فهم معني إستكانة روحهِ وسلامة الداخلي الذي شعر به عندما إمتلك روحها ووضع صك ملكيتة الذي شهد علي عِفتها وطهارتها ونقاء روحها الطاهرة  

 

حين أكمل عِثمان حديثهُ:

_ تمردك وعصيانك عليا وعلي عيلتك، منعك حتي تعترف بعشجها بينك وببن حالك،  ولما لجيتك سايج في العوج،  جبتهالك بيدي ودخلتها جوة حُضنك

 

 

 

ثم نظر له وتحدث بإنهزام:

_ بس إنتَ طلعت كيف أبوك بالظبط،  أبوك هو كمان راح رمي حالة في حُضن حُرمة مهشكة،  بس أبوك لية عذرة،  كان عيدور علي راحتة اللي ملجهاش عِند بِت سَنية اللي مفضياش غير لرسم الخطط ،  كان عيدور علي هيبتة اللي إتهرست تحت رچلين عشج أمك الملعون

 

كان يستمع لجدهُ بذهول،  والأن عرف بسر والده ولم يستغرب كونهِ خائن،  فقد علم بأنها چينات قد ورثها عن أبية 

 

 

أكمل عِثمان بنبرة لائمة:

_لكن إنت ليه قاسم، ده أني إختارت لك فرسة أصيلة لجل ما تطاوعك وتكون وياك علي الحلوة والمُرة ، ولما تشرد بيها تچمح وتعصي عليك لجل ما ترچعك لعجلك تاني ولأصلك

 

 

 

تحدث مترجيً بإستعطاف:

_طب رچعها لي وأني أوعدك مهخليش النسمة تعدي من چارها،هشج صدري وأحطها چواتة لجل ما أخبيها من العيون وأحافظ عليها

 

 

إبتسم عِثمان واجابهُ بخفوت:

_فرستك جمحت وأعلنت عصيانها عليك، روح رچعها وخُدها من حُضن أبوها لو تجدر

 

 

نظر لهُ مُستعطفً وهتف بنبرة مترجية:

_إنتَ هتساعدني وترچعها لحُضني من تاني، عمي زيدان معيجدرش يرفض لك طلب،  زمانة هدي وعيفكر بعجل ويسمع كلامك

 

 

 

أجابهُ بنفي :

_تُبجا متعرفوش، عمك زيدان دلوك كيف الأسد المجروح، اللي هيجرب من بِتة عيجطعة بسنانة مهما كان هو مين،

واكمل متسائلاً:

_ فكرك زيدان سلمني زمام بتة لية ؟

 

 

نظر له ينتظر تكملة حديثة فتحدث عثمان:

_ عشان كان متوكد إني مهفرطش في أغلي جواهري، وعارف إني عسلمها لراچل زين عيصونها ويحطها چوة عِنية

 

 

ثم هز رأسهِ مراراً وتحدث بنبرة إنهزامية:

_ لكن إنتَ مطلعتش جد الوعد ، خُنت وغدرت وطعنت في الضهر يا ولّد أبوك، طلعت كيف أبوك بالظبط

 

 

 

 

إنتفض من جلستة ووقف سريعً ودار بالغرفة مثل الأسد الجريح وصاح بنبرة غاضبة:

_ أني مش كيف أبوي ولا عُمري هكون زيية،  أني قاسم النُعماني،  شبية حالي وبس، ومهسمحش لحالي أكون نسخة مكررة من حد،  سامعني يا چدي،  أني مش زي حد،  وبلاها كمان من مساعدتك دي،

وأكمل بنبرة أكثر حِدة:

_ ومّرتي أني هعرف أراضيها وأرچعها لحُضني من تاني،  وهاخدها هي وولدي ونبعد من إهنية،  هعيش وياها بجانون قاسم النُعماني وبس ، جانون الرحمة وعدم الإچبار، هربي عيالي منيها علي الحرية وإن كل واحد منيهم يعمل اللي يشوفة صح من وجهة نظرة هو وبس

 

 

كان يستمع إلية ويبتسم بخفة ثم تحدث بنبرة مهمومة  :

_ لساتك مشبعتش تيهة وشرود يا قاسم ، لساتك عتكابر وعاوز تُهرب من أصلك يا ولدي

 

 

ثم تنهد وتحدث بنبرة تعقُلية :

_ مفيش دنيا بتمشي من غير جوانين وكل واحد يعمل اللي علي كيفة يا ولدي، إكدة نُبجا عايشين في غابة

 

 

 

ثم تنفس عالياً وتحدث:

_ إنتَ الوحيد اللي جادر تعرفنا كلياتنا إنك مش كيف أبوك، مستني أشوف حفيدي اللي رببتة علي العجل والحكمة والاخلاق عيخرچ حالة كيف من الورطة اللي وجع حالة فيها بيدة، ورينا عترچع بِت أبوها العالية كيف

 

نظر إلي جدهِ بغضب وخرج كالإعصار وصعد إلي الأعلى سريعً  

❈-❈-❈


  

بعد مرور إسبوع

داخل قاعة المرافعات الخاصة بمحكمة النقض

وبالتحديد داخل إحدي الجلسات المُنعقدة لبحث قضية رجُل الأعمال الشهير "أمجد التُهامي" والذي لُفقت إلية تلك القضية من قِبل أعدائة عادمي الضمير داخل سوق العمل المُشترك بيهم

 

 

 

كان يقف أمام هيئة المُحلفين المكونة من قاضي جليل وهيئة إستشارية مُتخصصة، يتحدث إليهم بكُل طلاقة وجسارة كعادتة،  فدائماً كانت المرافعات تُمثل لهُ الحياة واللذة والنجاح الحقيقي والوحيد الذي إستطاع تحقيقة  ، فدائماً ما يشعر وهو يترافع أمام هيئة المُحلفين بأنهُ داخل إحدي ساحات المعارك العُظمي التي طالما خرج منها كملكٍ مُنتصرْ

 

 

 

أنهي قاسم حديثهُ الصارم والذي كشف بهِ لهيئة المحكمة برائة موكلةُ وأن القضية مُلفقة ويوجد ورائها دافع الحقد والغيرة وقصد الإضرار بالمدعو أمجد التُهامي

 

 

 

 

هتف قاسم بثقة وجسارة وهو يرفع قامتة منتصب الظهر واثقً بحالة كعادتة :

_ وبعد إطلاع هيئة المحكمة الموقرة علي المُستندات والأدلة التي لا تقبل الشك والتأكُد من صحتها ، أرجو من سيادتكم الحكم ببرائة موكلي من التهمة المنسوبة إلية وفوراً ، وذلك لثبوت برائتة من تلك التهم التي لُفقت إلية من خلال منافسية عديم الشرف والمروئة ، حيثُ قاموا بها بدافع الإيقاع بموكلي والإضرار بسمعتة الطيبة التي دائماً ما أتسمت بالنزاهة والشرف ، 

وأكمل بثقة عالية:

_ لذا أرجو من عدالتكم تنفيذ القانون وفوراً لتأخذ العدالة مجراها الصحيح من خلال حُكم عدالتكم الحَق،  وشكراً لسعة صدركم لمرافعتي

 

 

 

 

كان أمجد يجلس وهو ينظر علية بإعجاب لطلاقتة بالحديث وثقتهِ العالية رُغم صِغر سِنةِ الذي لم يتعدي الرابعة والثلاثون

 

 

جلس بجانب إيناس الحاضرة لكونِها شريكتة بالقضية والتي تحدثت بنبرة حماسية:

_ هايل يا دكتور،  مرافعة تاريخية تنضم لتاريخ مرافعاتك المُميزة،  أكيد هيئة المُستشارين هيحكموا بالبرائة

 

 

 

 

وأكملت بنبرة أكثر حماسة برغم إشاحة قاسم ناظرية عنها وعدم تكليف حاله عناء النظر إلي وجهها البغيض بالنسبة له:

_ عندي إحساس قوي، إن القضية دي هتكون نقلة كبيرة لمكتبنا في دخولة الحقيقي من أوسع الأبواب لعالم قضايا كريمة المجتمع وصفوتة

 

 

إبتسم بخفوت وأجابها بحديث ذات مغزي:

_ هي فعلاً هتكون نقلة كبيرة وليكِ أكتر يا أستاذة

 

 

 

إبتسمت بغباء غير مُدركة لما يتم تخطيطهُ لها من قِبل ذلك الغامض الذي يجاورها ويبدوا علي ملامح وجهةِ الهدوء

 

 

 

قاطعهم صوت حاجب المحكمة الذي نطق بصرامة جُملتة الشهيرة :

_ محكمة 

 

 

وقف الجميع وخرج القاضي وبجانبة المستشارين المصاحبان له وبعد الجلوس تحدث القاضي :

_ بعد الإطلاع علي المستندات والأدلة وصحة ثبوتها، قررنا نحن ببرائة المُدعي علية أمجد أحمد حسين التُهامي، الشهير ب أمجد التُهامي من التُهم المنسوبة إلية ،  رُفعت الجلسة

 

 

 

حالة من الهرج والتصفيق الحاد ملئت القاعة من قِبل أنصار أمجد، أما قاسم فقد إنتابتة حالة من السعادة وتنفس بإنتشاء يدل علي مدي راحتة

 

 

 

وقف أمجد وبسط ذراعة موجهةُ نحو قاسم وتحدث بإبتسامة خافتة وثبات إنفعالي رهيب يُحسد علية، فمن يراهُ الأن لم يُصدق أن ذاك الرجل ذو الملامح الحادة الباردة قد حصُل للتو علي حُكمً بالبرائة من قضية كادت ان تزجُ بهِ داخل السجن ويقضي بهِ عدة أعوام ليست بالقليلة

 

 

تحدث أمجد بنبرة واثقة:

_ مبروك عليك شهرتك وقضايا شركتي اللي هنقلها كلها لمكتبك يا مِتر

 

 

إبتسم قاسم ببرود مماثل له وتحدث بلباقة:

_ شرف كبير لمكتبي نقل قضايا شركة سعادتك أمجد باشا، وألف مبروك علي البرائة

 

 

 

وشكر أمجد ايضاً إيناس بإمتنان وتحرك ثلاثتهم خارج القاعة وتحركوا داخل رواق المحكمة ليتفاجاوا بوجود الكثير من الكاميرات التي تلتقط لهم الصور ووجود بعض مذيعي بعض القنوات التلفزيونية الذين حضروا لينقلوا تبعيات آخر مستجدات المحاكمة الخاصة برجُل الأعمال الشهير بالعاصمة وايضاً بعض رجال الصحافة

 

 

 

تحدثوا إلي أمجد الذي تحدث عن نزاهتة وأشاد بثقتة المُطلقة بنزاهة القضاء المصري ، وأشاد أيضاً بقاسم ولم يخلو الأمر من التفاخر وكسب إحترام المشاهدين له حيثُ تحدث بنفاق :

_انا لما أختارت قاسم النُعماني علشان يمسك لي القضية،  إختارتة من باب تشجيعي للوجوة الشابة وإعطائهم فرصة النجاح والظهور ،

وأكمل:

قولت لنفسي، أظن كفاية كدة علي الحيتان الكبار اللي ليهم سنين مُحتكرين المهنة، وواخدين كل قضايا البلد لحساب مكاتبهم الكبيرة ،  جه الوقت علشان الشباب تثبت جدارتها وتاخد فرصتها 

كان يستمع له ويبتسم من داخلة علي نفاق ذلك المدعي الذي لم يُفلت تلك الفرصة كي يستغلها لصالحة حتي لو بالكذب والتلفيق ، 

 

 

 

أما قاسم الذي نُقل إليه الحديث حيث وجة لهُ وسألهُ أحد المذيعين عن الإجراءات التي سيتبعها بعد، فتحدث بثقة نالت إستحسان أمجد بجدارة :

خطوتي الجاية إني هقدم بلاغ للنائب العام أتهم فية كل من لهُ يد وثبُت تأمرة علي تشوية سُمعة موكلي عن عَمد،  وهنطالب بمحاكمتهم أمام المجتمع لكي يكونوا عبرة لمن تُسول لهم انفسهم بتشوية سمعة الناس بالباطل،  وبعدها هنطالب بتعويضات مالية ضخمة تعويضً عن ما سببتة القضية من أضرار نفسية واجتماعية وقعت علي موكلي

 

 

 

قامت إحدي المذيعات بسؤال قاسم قائله:

_ إحنا عرفنا إن فية محامية من مكتبك ساعدتك في القضية دي،  وسمعنا كمان إنها مش أول قضية تشتغلوا عليها مع بعض،

وأكملت:

نقدر نفهم من كده إن حضرتك بتؤمن بنجاح المرأة وبعقلها الواعي وإستحقاق إعطائها الفرص الكاملة لإثبات ذاتها داخل سوق العمل  ؟

 

 

نظر إلي إيناس وابتسم بخفوت واشار لها وتحدث:

_ أكيد طبعاً بأمن بدور المرأة الفعال في نجاح أي عمل بتشترك فيه

 

إبتسمت إيناس ورفعت رأسها بشموخ، أعادت المذيعة توجية السؤال مرة أخري إلي قاسم قائلة:

_ يا تري هنشوفكم مع بعض مّرة تانية في قضايا تشغَل الرأي العام وتكون حديثة زي قضية رجُل الأعمال أمجد التُهامي  ؟

 

 

 

إبتسم بخفة وشد جسدهِ لأعلي بصلابة وتحدث بما جعل إيناس توشك علي إصابتها بسكتة دماغية من شدة فورانها :

_ للأسف الشديد ، ده كان آخر تعامُل بيني وبين الأستاذة إيناس، بس فيه مفاجأة حلوة تخصها مستنياها بكرة، وهو إفتتاح مكتبها الجديد هي والأستاذ عدنان أخوها، وده هيكون جزء بسيط كتقدير مني وتعبيراً علي تعبهم معايا طول السنين اللي فاتت في المكتب بتاعي ،

 

 

وأكمل مُفسراً أمام الكاميرات:

_ ماحبتش أكون أناني وأفضل مُحتكر موهبتهم الفزة، وحابس ذكائهم جوة إسم مكتب قاسم النعماني

 

 

 

 

ونظر لتلك المذهولة التي تنظر إلية بعيون مُتسعة بشدة أثر هبوط ذلك الخبر علي عقلها كصاعقة كهربائية كادت أن تودي بحياتها ،وهي تتنفس بصدرٍ يعلو ويهبط من شدة إشتعالة،

وتحدث هو ببرود وأبتسامة سَمجة:

_ مبروك المكتب الجديد يا أستاذة   

 

 

 

فـ.ـجرَ قُنبلـ.ـتة وارتدي نظارتة الشمسية وأنسحب بلباقة قاصداً الخارج تحت قهقهة أمجد التي لم يستطع كظمها بعد إعجابه الشديد بذلك الذي فعل ما برأسهَ، ضاربً بكل شئ عرض الحائط  ، رغم تخطيط إيناس بجعلهِ مُكبلاً بقيدها

 

 

صاحت بإسمة بعد أن إستوعبت صدمتها، وأنسحبت بإبتسامة مزيفة أجادت صُنعها بصعوبة بالغة حفظاً لماء وجهها، هرولت خلفةِ بخطوات واسعة لتلتحق به وتجاورهُ الحركة، وهتفت مُتسائلة بنبرة غاضبة:

_الكلام الفارغ اللي قُولتة للمذيعة جوة ده حقيقي؟

 

 

 

أجابها ببرود وهي يتحرك للأمام بخطوات واثقة:

_ من إمتي وأنا بهزر في شغلي أو في حياتي عموماً علشان أقول خبر مهم زي ده من غير ما يكون فعلاً حقيقي !

وأكمل مُعللاً:

_ المفروض إنك حافظة شخصيتي بحكم السنين الكتير اللي قضيناها مع بعض في الشُغل يا أستاذة  .

 

 

 

أجابتة بجنون :

_ مش من حقك تمشيني بالشكل المُهين ده بعد كُل اللي عملته علشانك، وعلشان المكتب يوصل لمكانته اللي أصبح عليها بفضل مجهودي

 

 

 

 

توقف عن الحركة ونظر إليها ثم أجابها بمراوغة وبرود أشعل روحها:

_ وهو أنا لاسمح الله كُنت طردتك من المكتب ! ده أنا كافأتك علي تعب السنين ومجهودك زي ما بتقولي

 

 

 

ونظر لها وابتسم ساخرا وأردف قائلاً بما جعلها تشتعل :

_ هي دي كلمة شكراً علي المُفاجأة اللي ليا أكتر من إسبوعين بجهز لك فيها  ؟!

 

 

 

نظرت له وتحدثت بلغة التهديد وثقة زائدة عن الحَد   :

_مش هتقدر تنفيني من المكتب بالطريقة المهينة دي يا قاسم،  أمجد التُهامي اللي أنا تعبت لحد ما وصلت له وأديتك الخيط اللي إنتَ مشيت علية علشان تكسب القضية اللي خلت المذيعين والصحفيين يتسابقوا علشان يسجلوا معاك ويشيدوا بنجاحك المُبهر ده ، 

 

وأكملت بتهديد:

_ هو اللي هيأمرك بإنك تلغي كل الترتيبات اللي تعبت نفسك في تجهيزها دي وترجعني تاني لمكتبك وإلا،  هخلية يسحب كُل قضايا شركتُة اللي أنا كنت السبب فيها،  وساعتها هيبقي شكلك وحش أوي قدامي يا قاسم، وإنتَ بتترجاني علشان اخلية يرجع التعاون بينة وببن مكتبك تاني

 

 

 

قهقه عالياً بطريقة إستفزازية وتحدث بما أحرق كيانها واشعل غضبها :

_ إنتِ مش واخدة بالك من كلامي ولا إية،  أنا قولت لك إني بجهز لك في المكتب ده بقالي أكتر من إسبوعين، يعني من قبل ما جنابك تتحفيني وتتفضلي عليا بقضية التُهامي،

وأكمل بما زاد من إشتعالها :

اللي بالمناسبة مبقاش فارق لي خلاص وجود التعاون ما بينا، لأني ببساطة أخدت منها كُل اللي أنا عاززة،

وأشار إلي الصحافة:

_وأظن إنتِ شفتي ده بعنيكِ من شوية ، ولو علي تهديدك بإنك هتروحي له وتخلية يسحب التعاون.

أشار لها علي أمجد الذي مازال واقفً مُنغمسً داخل حديثهُ إلي الصحافة وتحدث مُتهكمً :

فهو عندك أهو، يلا بسرعة روحي وقولي له واشتكي له من الراجل الغدار اللي غدر بيكِ وشوفي هيرد عليكِ بإية

 

 

 

قال كلماتة بباطنها المُقلل والمُهين لشخصها وتحرك لخارج مبني المحكمة واستقل سيارتةُ وقادها تحت ذهول إيناس وسّبها لهُ ونعتهِ بأقذر الألفاظ ، ولعنِها أيضاً لحالها ولغبائِها الذي صور لها رضوخ قاسم ومُضيهِ بإكمال الطريق الذي اجبرتة هي بالمُضي به  .

يُتبع..