-->

الفصل الثامن والثلاثون - قلبي بنارها مغرم

 




 الفصل الثامن والثلاثون 



كّم كَرهتُ أن يسدلُ الليلُ بستائرهِ السوداء 

كي لا أشعر بظلام روحي وقُبح كياني بدونِكِ 


من خواطر قاسم النُعماني 

بقلمي روز آمين 

❈-❈-❈



تاهت بسحر عيناه وسَبحت معهُ داخل بحر عِشقهما العتيق، للحظة خُيل لهُ أنها تخلت عن حقدها الذي ملئ قلبها مُنذُ أن علمت بقصة زواجهُ،خُيل لهُ أيضاً انها قد تخلت عن شرطها الصّارم 

☆كّم أنتَ مسكينًُ أيها القاسم☆


فمن الواضح أنك لم تتعرف علي إبنة أبيها بَعد يا فتي،  نعم تعشقك بل تتنفسُ عشقك" لكن " عندما يتعارض عِشقها أمام كبريائها ،  إذاً فليذهب العشق حينها إلي الجحيم 



وعت علي حالها وسَحبت كف يدها من راحته وأشاحت ببصرها بعيداً عن مرمي عيناه العاشقة التي تتفحصُ كُل إنشٍ بوجهها، شعر بيإسٍ تملك من كيانه،  يا لها من صدمة عظيمة،  مُنذُ القليل كان يشعر وكأنهُ أمتلك العالم بأسّره بالحصول علي رضاها الواهي،  وما هي إلي لحظات وتملك من كيانه شعوراً بالإحباط واليأس وخيبة الأمل،  شَتان بين الشعوران 



تحدثت إلي أمل بنبرة صوت جادة وملامح قاسية صارمة : 

_ كفاية إكده يا دَكتورة 


سَحبت أمل الجهاز وفصلته،  وأستعانت ببعض المحارم الورقية وكادت أن تُجفف لها ذلك السائل اللزج الذي وضعته لها فوق أحشائها ليُسهل عملية التصوير ،  قاطعها قاسم الذي بسط يده وأخذهم منها ليقوم هو بتلك المُهمة عنها 


كادت أن تعترض،قاطعتها نظرات أمل التي تبادلتها بينهما وأبتسامتها وهي تتحدث قائلة : 

_ ربنا يخليكم لبعض 



كظمت غيظها كي لا تنفجـ.ـر وتنهرهُ وتُبعد يده من فوق أحشائها، لكنها دائماً كانت تُحكم صوت العقل أمام البشر للحفاظ علي مظهرهما كزوجان ، فـ أمل إلي الآن لا تدري ما الذي حدث في ذلك اليوم المشؤوم ، لكنها إعتقدت أن الامر قد حُل وأنتهي حين رأتهم مُتماسكان أمام الجميع ويتعاملان بطبيعية 



كان يُنظف لها السائل بإهتمام ورفقٍ وليِن ، إلتقت عيناهما من جديد، نظر لداخل عيناها وكأنهُ يترجاها بأن ترحمه وترحم ضعف قلبه الذي يإنُ من الألم 


أشارت إليه بأن يتوقف وسحبت جـ.ـسدها لأعلي و وقفت تعدل من ثيابها، 


تحدثت أملّ بنبرة جادة وهي تمد يدها كي تُعطيها الروشته  : 

_  ده فيتامن هينفعك جداً في الفترة اللي الجايه   


وأكملت بتنبيه صارم :

_ ولازم تهتمي بأكلك شوية يا صفا،  البيبي حجمه مش أحسن حاجة ولو فضل مكمل علي كده هيتولد ضعيف، ولا قدر الله ممكن يحتاج حَضانة 


مد قاسم يده وتناول الورقة وتحدث بهدوء: 

_ ما تقلقيش يا دكتورة،  إن شاء الله كل حاجة هتبقا كويسه 



إستمع الجميع لطرقات خفيفة فوق الباب فتحدثت أملّ بنبرة جادة  : 

_ إدخل 


فُتح الباب ودلف منه يزن الذي تحمحم حين وجد قاسم وصفا لكنه تماسك 

وأشار إلي أمل وتحدث بنبرة جاده : 

_ اني چاي لجل ما أوصلك علي السَكن بتاعك يا دكتورة 


واسترسل حديثهُ شارحً إقدامهُ علي ذلك التصرف وهو يتبادل النظر بينه وبين قاسم وصفا مُبرراً : 

_ الوجت إتأخر ومعينفعش تعاود لحالها علي المركز دلوك  


أومأ لهُ قاسم بإستحسان، أما صفا فهتفت بتفاخُر واستحسان: 

_ طول عمرك وإنتَ راچل صُح وعتفهم في الأصول يا يزن 


إستشاط قلب ذلك الواقف وشعر بنار الغيرة تقتحم قلبهُ العاشق وهو يري مُتيمة روحه وهي تُشعر في رجُل غيره 



إرتبكت أمل وأردفت قائلة بإعتراض مُصطنع ، حيثُ أنها تُريد من داخل أعماقها إصطحاب يزن لها لتستمتع بصُحبته وحديثهُ الشيق الذي يُسعد قلبها وكلماتهِ المعسولة التي يُنثِرُها علي مسامعها، فتأسرُ قلبها ويُشعرُها هو كّم أهميتُها لديه  : 

_ أرجوك ما تتعبش نفسك يا باشمهندس  ، وأنا أكيد هلاقي أي عربية توصلني للمركز .


قاطعتها صفا قائلة بإعتراض: 

_ إسمعي الكلام وخلي يزن يوصلك يا أمل ، الوجت إتأخر و معتلاجيش عربيات خارچة برة النچع دلوك 



أطاعتها أمل بعدما أكد قاسم علي حديث صفا وأمسكت بحقيبة يدها وتحركت وتحرك الجميع خارج الحُجرة،  





تحركت أمل بصُحبة العاشق يزن إلي خارج المَشفي،  وأيضاً صفا التي تحركت بطريقها للعودة إلي غُرفة أبيها مرةً آُخري وما أن وصلت أمام غُرفة الفحص الخاصة بها، حتي وجدت يد ذلك العاشق المجاور لها تُكبلُ يدها وتسحبها لداخل الغُرفة ويُعيد غلق بابها بعدما دلف كِلاهُما، وقف عائقً بجسدهِ العريض أمام الباب ليمنعها من الخروج ويُجبرها علي الإستماع لما يُريد 



نظرت إليه بعيون مُشتعلة بالغضب وهتفت بنبرة حادة  : 

_ كَنه عجلك طار وإتچنيت يا قاسم ،  إفتح الباب خليني أطلع 


تحرك مُقتربً عليها فتراجعت للخلف حتي إلتصقت بجدار الحائط، وأقترب هو منها وهتف بعيون غاضبة: 

_ تِعرفي لو سِمعتك عچيبتي سيرة راچل غيري تاني علي لِسانك هعمل فيكِ إيه يا صفا ؟



إرتبكت بفضل غضبه العارم فأكمل هو بنبرة تهكُمية وهو يُعيد جُملتها مُقلداً صوتها بطريقة ساخرة :

_  طول عُمرك وإنتَ راچل صُح يا يزن  


وتسائل بفحيح وهو يستند بساعديه علي الحائط ليحاوطها : 

_طب وچوزك يا بِت زيدان ، مشيفهوش راچل صُح إياك   ؟ 



إبتلعت لُعابها من إقترابه الشديد ورائحة عِطرهِ التي تسللت لداخل أنفها فذكرتها بـ لياليه الماضية التي قضتها بين أحضانهِ الحنون ، والتي برغم غضبها منه و إبتعاده إلا انها مازالت تسكُن روحها وتتغلغل بها هي وصورتهُ التي لا تُفارق عيناها لحظة،لا بصحوها ولا حتي أحلامها التي تُراودها بغفوتِها، وكأنهُ بات محفوراً بعقلها وقلبها بل وكُل كيانها   



  إبتلعت لُعابها أثر إقترابه وتحدثت بنبرة مُرتبكة  : 

_  بَعِد عني خليني أخرچ 



أجابها وهو يقترب أكثر منها : 

_ مهبعدش أني جَبل ما أتحدت وياكي 


تنفّس عالياً وتحدث بنبرة هائمة ونظرة لرجُلً يهيمُ عِشقً بحبيبته  : 

_ مجدراش تحسي بحبيبك ليه يا صفا  ؟ 


  


وأكمل بإشتياق وضعف : 

_ بُعدك هَلك جلبي ونهي علي روحي يا صفا ،  مجادِرش أني عليه البُعد دِه 



إقترب منها ومال عليها بطولهِ الفارع، أسند جبهته علي جبهتها لتتقابل عيناهم عن قُرب أهلك روحيهما وتحدث أمام شفتاها بهمسٍ عَابث أثار داخلها وزلزلهُ  : 

_ إرچعي لي وريحي جلبي اللي جايد نار يا حبيبتي 


  


مسد علي خدها بأناملهُ الغليظة وبات يتلمسها بنعومة في حركة إقشعر لها جسدها وأهتز، وهمس هو من جديد : 

_ إتوحشتك يا حبيبتي،  إتوحشت ريحتك ،  حُضنك،  ضمتك لچسمي وإنتِ عتُحضنيني وتطبطبي عليّ كِيف ما أكون وَلدك اللصغير ،  إشتاجت لك 


وسألها بنبرة هائمة مُحاولاً التأثير علي مشاعرها وسحبها لعالمه  : 

_ ما أشتاجتيش لحُضن قاسم يا جلب قاسم  ؟ 



فاقت علي سؤالهُ المُهين لكرامتها، فقد وعت علي حالها وفهمت مغزي تصرفاته، وفسرتها علي أنهُ يُريد سحبها إلي عالمه من جديد لتذوب معهُ داخل أحضانه الحانية، وتتناسي من داخلها خيانته و وضاعته وكسر وعده لها ولأبيها، 


يُريد إختزال جميع ما حدث في علاقة جسدية كي يُزيل بها الجِدار العازل الذي وضعته هي وينتهي الآمر حينها بالتنازل، 


التنازل عن كرامتها التي دُهست تحت قدماه بفعل ما قام به بحقِها ، وعن كبريائها الذي إفتقدتهْ داخل أعيُن الشامتين بها 


حينها سيسقط حقها في الإعتراض أو التعبير عن رفضها لوضعها المُهين التي جُبرت عليه، لن تكُن إبنة زيدان لو إرتضت ذلك الوضع المُهين علي حالها 


ولأجل هذا قررت الثأر منه لكرامتها ونظرت لداخل عيناه وبكل قوة وشموخ أجابته : 

_ ملعون أبو عشجك الكداب يا قاسم،  لتكون فاكرني مُغفلة لجل ما أصدج حديتك وأتلهي بيه وأدوب معاك چوة حُضنك الكداب وأنسي چواته غدرك وخيانتك ليا 



رغم غضبها وحديثها المُهين له إلا أنهُ مازال يتملكهُ حالة الهيام المُسيطرة عليه جراء قُربهُما الذي جعلهُ علي حافة الجنون من شدة إشتياقه لمالكة الروح 


  تحدث إليها بهمسٍ عابث : 

_ إنتِ خابرة زين من چواتك ومتوكدة إن عشجي ليكِ هو الحجيجة الوحيدة في حياتي،  عشجي ليكِ ساكن أنفاسي،  بتنفسه كيف الهوا وهو اللي مخليني متحمل وصابر علي الكُل  لدلوك  



وأكمل بنبرة خافتة وهو يُداعب بإبهامهِ شِفتها السُفلي بعبث جعلها ترتجف: 

_ أني عاوزك يا صفا،  مُشتاق لك شوج المسموم للترياج اللي عينچيه ويرچعة من چديد للحياة ، 


وأكمل وهو يحثها علي الذهاب معهُ:

_  تعالي نروح علي شُجتنا نتهني چوة أحضان بعضينا، وأوعدك إني عجول لك الكلام اللي يبرد نارك ويمسح من چواتك أي حُزن صابك 


وأكمل ليُطمأنها علي والديها:

_ وبعدها ناچي لهنيه لچل ما نبات مع عمي 


قرب فمه من أذنها وتحدث بهمسٍ عابث بعثر بها كيانها وجعلها كورقة في مهب الريح : 

_ الشوج جايد في جلبي ومشعلله نار يا صفا 


تمالكت من حالها وسيطرت عليها لأبعد الحدود كي تقاوم ذلك الشعور اللعين الذي يُسيطر علي كيانها ويوشي لها بل ويأمرها بأن تُلقي بحالها لداخل أحضانه وتتناسي بداخلهما ماحدث، ولتترك لهُ زمام أمورها وتُسلمهُ حالها ليمحو عنها حُزنها وألمها وجرح إنوثتها وهدر كبريائها الذين أصابوها جراء فِعلته الشنيعة بها  


هتفت بنبرة قوية ورأسٍ شامخ بعدما وعت علي حالها: 

_ رُوح لمّرتك اللي فضلتها عليّ لچل ما تطفي لك شوجك ونارك 




مليش مّرة غيرك عشان أروح لها،  جُملة نطق بها بصدقٍ وعيون عاشقة وهو ينظر لداخل عيناها بتأكيد 

  


أردفت قائلة بقوة وأبتسامة ساخره وهي تحاول إزاحة جَسدهِ عنها: 

_ أباي عليك يا مِتر ، عتِنكر وچود حُب عُمرك اللي جعدت خاطبها ثَمن سنين بحالهم وإتچوزتها عليّ وأني لساتني عروسه  ؟ 


أجابها وهو يلتصق بها أكثر ويتمسك بكتفاها ليقوم بتثبيتها عن الحركة: 

_مليش حبيبة غيرك يا صفا، چوازي منيها مش كيف ما خيالك صور لك ،  ده مُچرد حِبر علي ورج،  إنچبرت عليه لچل ما أسدد ديني الجديم وأكفر بيه عن ذنوبي اللي عِملتها في حَجك وحَج نفسي 



إبتسمت بجانب فمها ساخرة، وأردفت قائلة بقوة : 

_ للدرچة دي شايفني غبية جِدامك لچل ما تستغفلني بحديتك الخيبان دِي 


أردف قائلاً بثبات : 

_ وحياة صفا ما لمستها ولا جَربت منيها ولا حتي شُفتها جِدامي حُرمة،  


وأكمل هائمً: 

_عيوني مشيفاش غير صفا وبس ،  إنتِ الوحيدة اللي جِدرتي علي جلب قاسم الجامح ورودتيه،  چوة حُضنك لجيت اللي عيشت عُمري كله أدور عليه 



هتفت بقوة وأعتراض مُكذبه حديثهُ :

_ كذاب وممصدجاش ولا كلمه من اللي عتجولها   


نظر لمقلتيها وأردف بعيون صادقة:

_  بصي چوة عِنيا وإنتِ تعرفي إني عجول الصِدج 



أردفت بنبرة غاضبة مشتشهده بماضيها معه :

_ جبل إكده بصيت چوة عيونك اللي عتجول عليهم دول وسألتك جبل متجرِب مِني وجولت لك،  


وأكملت بقوة لتذكيرهُ بتلك الليلة : 

_  جولت لك كُنت تجصد إيه لما جولت لي مش أني الراچل اللي يسمح لغيره يختار له المّرة اللي عتنام في حُضنه 


وأكملت بتذكره: 

_ فاكر اليوم دِه يا قاسم،  يوم ما چيتني من مّصر بنفس حالتك دي وطلبت جُربي و ودي ،  وجتها سألتك جبل ما أسلمك حالي وجولت لك،  فيه واحدة تانية في حياتك ؟


وأسترسلت بملامح محتقنة بالغضب :

_  بصيت في عنيا وبكل چبروت رديت وجولت لي لا،  كذبت عليا وإنتَ عينك في عيني لچل ما تُملك چسمي وتنول غرضك الدنيئ مني. 


أردفت قائلة بقوة وثبات : 

_عتطلب مني كيف أصدجك دلوك وأني واعيه وخابرة ومچربه كذبك وخداعك اللي عيچروا في دمك يا ملك التخطيط 



إقترب منها ونظر لها بترجي وعيون متوسلة 


فأكملت بنظرات كارهه وهي تدفعهُ عنها بقوة وشراسة: 

_ يا بچاحتك، چاي تطلب مني أنسي اللي فات وأرمي كرامتي تحت چزمتك وأترمي في حُضنك وأسلمك چسدي كيف الچواري والغواني ! 


ودقت علي صدره تدفعهُ من جديد وتسدد لهُ عِدة ضربات متتالية وتفوهت بشراسة وقوة و وعيد : 

_ حُضني بجا أبعد لك من نچوم السما يا حضرة الأفوكاتو،  


أمسك يداها وتحدث بقلبٍ مُتألم محاولاً تهدأتها : 

_ إهدي يا جلب قاسم،  إهدي 


سألتهُ بعيون تائهه غير مستوعبة بَعد،برغم مرور كل هذا الوقت فعقلها دائماً يقف ويرفض التصديق لما فعلهُ بها ذلك المُتيم : 

_ عِملت لك إيه لچل ما تهيني وتدوس علي كرامتي بچزمتك وتخليني مسخرة الكِل ؟

وأكملت بتعجُب: 

_جِبلتها عليا إزاي لو صُح حبتني كِيف معتجول ! 


وأسترسلت بقلبٍ ينزفُ دمً:

_ ده أني حبيتك وسلمتك جلبي وحالي وأمنتك علي روحي، نِمت چارك وأديت لك الأمان،


وأكملت وهي تدق بيدها بقوة علي صدرها:

_ خدتك چوة حُضني وعاهدت حالي إني عكون لك السَكن والسكينة اللي كُت عتدور عليهم ،  عكون الزوجة المُطيعة والحضن الدافي اللي عتلاجي فيه راحتك وترمي فيه أوچاعك وهمومك ، عاهدت حالي إني عُمري مزعلك وشيلتك جوات عيوني وجفلت عليك برموشي لجل ما أحميك،  عشت معاك شهرين عمري ما جولت لك لا علي حاچة ولا كسرت لك فيهم كِلمة 


وأكملت بدموعها التي إنهمرت رُغمً عنها:

_ نسيت رفضك ليا في اللول ونسيت مُعاملتك معاي وإهانتك لإنوثتي يوم دُخلتك عليّ  


سألته بهوان وضعف ودموع: 

_جولي علي حاچة واحده عِفشة عِملتها معاك أستاهل عليها اللي چرا لي منيك؟



كان يستمع إليها بقلبٍ صارخ يتمزق لأجلها ويلعن حالهُ ويسِبها علي ما أوصلها إليه، تحدث بنبرة ضعيفة:

_ بكفياكِ تجطيع في جلبي يا صفا،عتوچعي جلبي عليكِ بحديتك دِي 


وأمال برأسهِ لليسار وهتف بعيون راجية:

_ معتحملش أني إكده يا جلب قاسم 



مّدت كفاي يدها سريعً نحو وجنتيها وجففت بهما دموعها ثم نظرت إليه بكُره وأكملت بنبرة تهديدية وهي تُشير بسبابتها في وجهه :

_ وحج كُل لحظة جضيتها چوة حُضني وإتهنيت بيها وأستبحت فيها چسمي وإنت مستغفلني،  لأدفعك تمنها غالي، وغالي جوي يا قاسم،  




إقترب منها وأمسك كف يدها وهتف برجاء: 

_إهدي يا صفا وإفهميني زين ،  جولت لك ملمستهاش ومشفتهاش جِدامي حُرمة ، وحياة مالك ما لمستها 



صاحت به ودفعته من أمامها وهتفت بنبرة حادة: 

_ متحلفش بحياة ولدي كِذب لجل ما تبرر لحالك خيانتك وندالتك وعمايلك السُودة 


جحظت عيناه وتحدث رافضً بقوة : 

_كَنك إتچنيتي يا صفا،  بتشككي في حبي لولدي وإني ممكن أحلف بحياته باطل لجل ما أكسب رضاكي؟ 



إبتسمت ساخرة فاقترب منها من جديد وتحدث بقسم : 

_ مجدراش تفهمي ليه يا صفا،  الله وكيلي عمري ما حبيت ولا جلبي دج وعِرف العِشج غير علي يدك 


دفعته عنه وتحدثت وهي تتحرك بإتجاه الباب: 

_  لو عاوزني أصدج حديتك صُح نفذ شرطي وبعدها نجعد ونتكلموا كيف مجولت لك جَبل سابق 


  


خرجت وصفقت خلفها الباب بقوة دون إنتظار إستماعها للرد، تاركه خلفها ذلك المُستشاط وقلبهِ المُشتعل بنار العشق  ،  قبض علي يده وضرب بها الحائط بقوة ألمته ،  إعتدل بوقفته وزفر بضيق ومسح علي شعر رأسهِ بطريقة عنيفة كاد بها أن يقتلع خُصلات شعره ، أخذ نفسً عميقً لضبط النفس وتحرك إلي الخارج ليلحق بتلك العنيدة التي من الواضح أنها ستُذيقهُ العذاب ألوانً حتي ترضي 


❈-❈-❈

عودة إلي يزن وأمل 

بعد خروج كلاهُما من المّشفي،  تحركا معاً حتي وصلا إلي مكان السيارة، تحرك سريعً وسبقها بخطوة وفتح لها باب السيارة كـ رجُل أرستقراطي راقي الخُلق ، نظرت إليه بإحترام وأبتسمت بهدوء ،إستقلت السيارة وانتظر حتي إعتدلت بجلستها وأغلق لها الباب برفق 


وتحرك إلي الجانب الآخر وجلس بجانبها وقاد محرك السيارة وتحرك بها ثم نظر لها وتحدث:

_ منورة عربيتك يا دَكتورة 


إبتسمت له وتحدثت بنبرة هادئة حنون :

_ ميرسي لذوقك يا باشمهندس 


وأكملت بتوصية: 

_ ممكن بقا تبطل حركاتك اللي بتحرجني بيها قدام الناس دي وتحاول تتعامل معايا عادي، 


وأكملت برجاء:

_  علي الأقل لحد ما تخلص موضوع ليلي مع جدك ويبقي فيه بينا حاجة رسمي 


أجابها بنبرة جادة وهو يُتابع قيادة السيارة: 

_ متُبجيش حساسة جوي إكده يا أمل وتدي للحاچة أكتر من حجمها، قاسم وصفا عارفين إن دي طبيعتي ولجل إكده محسوش بحاچة ولا علجوا علي الموضوع أساساً 


وأكمل شارحً موقفهُ :

_  بصي يا أمل، هو بعيداً عن إنك حبيبتي وإني عخاف عليكِ كيف ضي عيني  ، بس لو كانت أي واحدة من اللي عيشتغلوا في المستشفي مكانك ومتأخرة عن سكنها، مكُنتش عسيبها إلا لما أوصلها وأطمن عليها إنها طلعت لمطرحها،  



واسترسل حديثهُ بتأكيد: 

_ اللي ما أرضهوش علي مريم أختي ، مرضهوش علي بنات الناس 


نظرت إليه بإحترام وإعجاب لرجولته وأردفت بنبرة فخورة: 

_ إنتَ راجل أوي يا يزن، إنسان بجد وأنا محظوظة إني عرفت حد محترم زيك 


نظر لها وغمز بعينه وأردف قائلاً بنبرة جريئة:

_ هو أنتِ لساتك شوفتي حاچة من الرچولة يا حبيبتي 


أشاحت عنه بنظرها خجلاً وتابع هو قيادته للسيارة تحت سعادته 

بعد حوالي نصف ساعة توقف يزن أمام إحدي مَحال المصُوغات الذهبية  


  نظرت له أمل بإستغراب وهتفت بتعجُب: 

_ وقفت ليه يا يزن  ؟ 


نظر لها بحنان وتحدث بنبرة حماسية:

_ عاوز أچيب لك هدية يا أمل 


هتفت مُسرعة بنبرة رافضة:

_ مش هينفع قبل ما يبقي فيه حاجة رسمي بينا  


أجابها بنظرات مترجية: 

_ عشان خاطري توافجي يا أمل،  نفسي أحس إني راچلك وإنك مسؤلة مني،  عاوز لما أبص في يدك ألاجي حاچة من ريحتي لمساكي ومحوطاكي 



نظرت إليه بتردد فأكمل هو: 

_ أني هنفذ لك كُل اللي إنتِ عوزاه يا حبيبتي،  بس الكلام دِه عياخد شوية وجت ،  مهيكونش جبل أسبوعين علي الأجل عشان ظروف عمي زيدان اللي إنتِ وَاعية لها زين  


كانت تنظر إليه بملامح وجه يغلب عليها الحيرة والتردد 

، فنظر لها مترجيً إياها بعيناه،  لانت ملامحها وأبتسمت له بموافقة بعدما شعر قلبها بصدق مشاعره 



دلفت لداخل المَحل تجاور الخُطي لذلك الذي يشعر بفخر وأعتزاز وهو يتحرك بجانب إمرأته التي إختارها بذاته وبكامل إرادته لتؤنس وحدته وتُدفئ لياليه البارده بنار عشقها الذي أشعل صدره وتُجاورهُ رحلة طريقهُ 



وقف أمام مالك المحَل وتحدث بنبرة حماسية سعيدة، قائلاً بشعور بالفخر والتملك  : 

_ عاوزك تچيب لي أغلا وأجيم طجم دهب عِنديك لمّرتي 


نظرت إليه سريعً بدقات قلب مُتسارعة من نُطقهِ لكلمة زوجته التي أشعرتها بالحماية والإنتماء،  لكنها قاطعته قائلة بنبرة إعتراضية:

_ لا طقم إيه، كفاية أوي خاتم بسيط 


قاطعها مُعترضً قائلاً بتصميم: 

_ الدنيي كِلياتها تحت رچلين مّرت يزن النُعماني. 


إبتسم الرجُل وتحدث بنبرة حماسية كي يُقنعها ليبتاع لها زوجها أكبر كّم من الذهب : 

_ الباشا عنده حق يا أفندم،  عيلة النُعماني معروفه بالكرم والجود مع الغريب،  فما بالك باللي منهم 


جلب لهم الصائغ أجمل القطع وأندرها وأثقلها وزنً،  لكنها إعترضت وأنتقت إسوارة هادئة مُزينة بفصوص باللون الأزرق،  وكذلك خاتمً علي شكل فراشة رقيقة كرِقة قلبها 


تحدث إليهما الصائغ ليري ما إن كان المقاس مناسبً أم لا : 

_ مبروكين عليكي يا هانم،  إتفضل لبسها الخاتم يا يزن بيه عشان أشوف المقاس 


جذبت يدها وألصقتها بصدرها بحماية وتحدثت بإعتراض:

_  أنا هقيسه بنفسي 


شعوراً بالفخر والراحة تملكا من كيانه وحينها تأكد أنه آُختير الزوجة المناسبة التي ستحمي عرضهُ وتحافظ علي شرفه أثناء غيابهُ قبل حضورة 


إرتدت الخاتم والإسوارة تحت سعاده يزن التي تخطت عنان السماء 


تحركا من جديد مستقلين سيارته وقادها من جديد حتي وصلا لمقر مسكنها، نظر لها وتحدث بنبرة هائمة :

_ عحبك يا أمل 


خجلت من نظراته الولهه وفتحت الباب وتَرَجَّلت سريعً وتحركت في طريقها للداخل لولا صوت ذلك العاشق الذي جعلها تتوقف حين أردفَ مُناديً عليها بنبرة حنون : 

_أمل 


إلتفتت تنظر إليه بترقُب،  فهتف بنبرة عاشقة وعيون ولهه: 

_ خلي بالك علي جلبي،  أني شايله أمانه عنديكِ لجل ما تطبطبي عليه وتنسيه مُر زمانه اللي شربه جَبل ما يشوفك 



إبتسمت بعيون لامعة بفضل دموع السعادة التي تكونت داخل مقلتيها من تأثُرها بكلمات ذلك الفارس


  أشار لها بيده بإتجاه الأمام وأردف قائلاً وهو يحثها علي الدخول  : 

_ تصبحي علي خير يا ست البنات


تحدثت بنبرة حنون:

_  خلي بالك علي نفسك وإنتَ سايق،  وأول ما توصل بالسلامة كَلمني وكمني عليك 


إشتعل داخلهُ من شدة سعادته وهتف قائلاً بتفاخر: 

_متخافيش علي حبيبك يا دَكتورة 

  


إحمرت وجنتيها خجلاً تأثراً من كلماته ونظراته العاشقة وتحركت سريعً إلي الداخل تحت نظراتهِ الهائمة وقلبهُ النابض بعشقها الطاهر 



❈-❈-❈

عودة إلي قاسم الذي خرج خلفها وتحرك في طريقهُ إلي غُرفة زيدان، وجد فارس يجلس أمام الغرفة ويتحدث بهاتفهُ،  وقف أمامهُ وإستطرد قائلاً بنبرة جادة بعدما أغلق فارس هاتفه : 

_جوم روح لمّرتك وبِتك يا فارس


رد فارس علي شقيقهُ مُعترضً: 

_ معينفعش أسيب مكاني يا قاسم، أني جاعد بجابل الناس اللي عتاچي تزور عمك. 


قاطعهُ قاسم بنبرة تعقلية: 

_ الوجت إتأخر ومحدش هياچي دلوك خلاص،  جوم يا حبيبي نام في فرشتك وريح چسمك، إنتَ من ساعة اللي حُصل وإنتَ مسبتش المستشفي إلا عشان تروح تاخد حمام وتغير هدومك وترچع طوالي 


كان من داخلهُ يُريد الذهاب الفوري ليعود إلي حبيبته ويرتمي داخل أحضانها التي إشتاقها حد الجنون،لكنهُ تحدث علي إستحياء:

_معينفعش أفوتكم بايتين لحالكم إهنيه يا أخوي  



أجابهُ قاسم بنبرة حنون:

_ محناش لحالنا يا حبيبي،  يزن راح يوصل الدَكتورة أمل وهيرچع لهنيه تاني، وحسن جاعد بره في الچنينه وشويه وهيدخل يبات چنبي إهنيه 



إقتنع بحديث أخيه وتحرك قاصداً الخارج، وجد بوجههِ دكتور ياسر الذي تهرب من نظراته المُتفحصة له وأسرع يختبئ من ذلك الوحَش الكاسر داخل غُرفته لينأي بحاله من نظراتهِ الفتاكة 


نظر فارس لباب الغرفة المُغلق وتحدث بصوتٍ مسموع لأُذناه فقط من بين أسنانه: 

_ جَبر يِلم العِفش 


وأكمل بتوعد غاضب :

_ إصبُر عليّ يا أبن المركوب، إن ما جطعت رچلك من المستشفي والنچع كلاته مبجاش أني فارس النُعماني 


همس بكلماته الغاضبه وتحرك تاركً المشفي بأكملها ليستقل سيارته عائداً إلي حبيبته ليتنعم داخل أحضانها الذي إفتقدها وذاب حنينً من الإشتياق إليها 




دلف قاسم بعدما طرق الباب واستمع إلي إذن الدخول ،  وجد عمه وزوجته مازالا يجلسان ويتسامران بودٍ و وجوة سعيدة، من يراهُما يظنهما ثُنائي عاشق يجلسان بإحدي الكافيهات ويتغزلان ببعضيهما داخل جولة عشقية 




وتلك العنيدة المُمسكة بهاتفها تتصفحه وهي جالسة فوق الأريكة، حيثُ بعثت لخفير السرايا كي يأتي لها بها من منزل أبيها ويُحضرها كي تُفردها ليلاً وتجعل منها تختً لها لتغفو فوقه ، 


وكل هذا كي تبتعد عن ذلك الذي إستغل وجودهم بالمشفي ليُجبرها علي النوم معهُ داخل إحدي الغُرف المجاورة لأبيها، بحجة عدم تقبلهُ لنومها بغرفة أبيها، 

ويرجع ذلك لدخول ياسر ليلاً لمتابعة الحالة بالتناوب معها،  وبعدما تحسنت حالة أبيها شئً ما وطلبت هي من ياسر عدم المجئ لمتابعة الحالة وستكتفي هي بالمتابعة الليلية،  فكانت حجته عدم وجود تخت لترتاح به،  لذا فقد أتت بها لتقطع عليه كل السُبل للتقرب منها 




نظر لتلك الأريكة بغيظ وأقسم بداخلهُ لو أن الآمر بيده أو سنحت له الفرصة سيحطمها ويمحو وجودها من الأثر


إغتاظ داخلهُ من تلك التي لم تُعير لدخولهُ إية إهتمام وتُشيح بناظريها عنه وتحرمهُ النظر من وجهها ، تحرك إلي المنضدة الصغيرة المصنوعة من الحديد وإلتقط من فوقها زجاجة من العصير الطازج الذي جلبهُ وتحرك بها إلي مالكة الفؤاد وتحدث بنبرة حنون وهو يُبسط لها يدهُ : 

_ إشربي العصير دي يا صفا 


لم تُعير لتصرفه إهتمام وتحدثت دون عناء النظر إلي وجهه: 

_ معيزاش 


وضعها بجانبها بهدوء ليحثها علي تناولها بوقتٍ لاحق بعد خروجه


ثم نظر إلي عمه وزوجته وهتف قائلاً بنبرة حماسية كي يستدعي إنتباهها وإرغامها علي مشاركتهِ الحديث  : 

_ شكلك مجولتيش لعمي ومّرت عمي علي الخبر الحلو اللي لساتنا عارفينه من إشوي 


رمقته بنظرة حادة فتحدثت ورد مُستفهمه بحماس: 

_ خبر إيه دي يا صفا  ؟ 


وضع قاسم يداه داخل جيباي بنطاله واعتدل بوقفته وتحدثت بسعادة بالغة: 

_ عملنا سونار وعرفنا نوع الچنين 


نظر لهُ زيدان و ورد بترقُب شديد ، وانتظرا باقي حديثهُ بقلوب مُتلهفة، فأكمل قاسم وهو ينظر لحبيبته بعيون هائمة:

_ إن شاء الله ربنا هيرزُجنا بـ مالك قاسم النُعماني 


تهللت أسارير وجه ورد وهتفت بفرحة وهي تنظر لوجه صغيرتها بسعادة بالغة:

_مبروك يا بِتي، ربنا يجومك إنتِ وهو بالسلامة ويجعله سندك إنتِ وأبوه 


أما زيدان الذي شعر بأن ذاك الطفل هو طفله، وبأن الله مّن عليه به ليعوضهُ عن حرمانه من الشعور بفرحة الذكر، نظر لها وسعادة الدنيا أُختزلت بعيناه وتحدث إليها:

_ مبروك يا بِتي، ربنا يجعله بار بيكِ وبأبوه 


 

شعرت بسعادة الدُنيا لأجل سعادة والديها وتحدثت بنبرة حنون: 

_ الله يبارك فيك يا حبيبي 


وبرغم غضبه منه بشأن ما فعل بغاليته إلا أن مشاعر السعادة التي إنتابته بفضل إستماعهُ لذلك الخبر السعيد جعلته يتغاضي عما حدث مؤقتً، نظر إليه وتحدث بنبرة أبوية  :

_مبارك ما چالك يا ولدي، ربنا يچيبه بالسلامة ويبارك لك فيه   


تمزق داخلهُ وتألم حينما رأي نظرات عمه الحنون، تمالك من حاله وتحدث بنبرة خافتة: 

_ الله يبارك فيك يا عمي،  

وأكمل جابراً لخاطرة هو و ورد: 

_مالك مش بس هيُبجا ولدي،  دي ولدك وولد مرت عمي وإنتوا اللي هتربوة معايا أنا وصفا إن شاء الله 

إنتفض داخل ورد من مجرد تخيُلها لكلمات قاسم عن تربيتها وإحتضانها لطِفل إبنتها، والذي سيعوضها حرمانها من الإنجاب بعد صغيرتها الوحيدة، فتحدثت قائلة لقاسم بعيون حنون: 

_ربنا يچبر بخاطرك يا ولدي 

تحمحم وتحدث بإهتمام: 

_ أني هنام علي الكنبة اللي برة جِدام الأوضة، لو أحتاچتوا أيتوها حاچة إندهوا عليّ 

تحدثت ورد بنبرة حنون معترضة  : 

_ يا ولدي نام في الأوضة اللي چارنا،  ليك ليلتين بتنام علي الكنبة اللي تجطم الوسط دي ،  إكده ضهرك عيتأذي 


حين أردف زيدان بنبرة ضعيفة: 

_  إسمع الحديت ونام في الأوضة علي السَرير يا قاسم،  إحنا عنام خلاص ومهنعوزش حاچة 

تحدث بإصرار وهو يتحرك إلي الباب بعدما ألقي نظرة علي تلك الغير مبالية بحديثهم وتتصفح بلامبالاة وكأن الآمر لا يعنيها: 

_ اني عكون مرتاح أكتر وأني نايم جِدام الأوضة يا عمي، 

وأكمل وهو يُدير مقبض الباب ويفتحه إستعداداً للخروج:

_  تصبحوا علي خير 

خرج وأغلق الباب خلفهُ بهدوء،  شعرت بغصة داخل قلبها من شدة خوفها عليه،  وارتعب قلبها خشيةً إصابة ظهرهُ بمكروة أو فقرات عُنقه جراء نومه علي تلك الاريكة المصنوعة من الحديد والمخصصة لأثاث المّشفي 

ودت لو أن كرامتها تسمح لها وتُعطيها إذن الرحيل، لهرولت إليه وربتت علي قلبه التي تشعر بحُزنهِ ويصل لعمق قلبها، ولكانت أخذته وسحبته من يده إلي أن اوصلته إلي التخت وأجبرته علي التمدد عليه ليستريح ظهره ويستريح معهُ قلبها المرتعب عليه 

تنهدت بألم تحت نظرات ورد وزيدان اللذان يترقبا ملامح وجهها ويلاحظان تشتت روحها وصراعها الداخلي،  ومن غيرهما يشعر بألام روحها المُوجعة 

نظرت إلي والديها وتحدثت بنبرة خافتة وهي تتمدد فوق الاريكة : 

_ تصبحوا علي خير 

تنهدت ورد لحال صغيرتها المُتألمة وتمددت ورد بجوار زيدان فوق التخت وبات الثلاث ينظرن لسقف الغرفة لوقتٍ طويل حتي غلب عليهم النُعاس 


❈-❈-❈

في اليوم التالي 

ذهب قاسم إلي المركز وكانت التحقيقات مازالت مستمرة 

إستغل قاسم ذكائةُ وحَدس رجُل القانون بداخلة وتحرك بإتجاة البحث وراء الشائعة التي تحدثت عن إحتمالية تجارة كمال أبو الحسن المشبوهة،  والتي تتضمن إتجارهُ في الأثار،  وقد قام بتأجير رجُلين من بِلدة كمال كي لا يُلفت الأنظار إليهما بحُكم أنهما من نفس البِلدة، وغمرهم بالمال الوفير وحثهم علي مراقبة حسين شقيق كمال الأصغر حيثُ أن كمال يأتمنهُ علي كل أسرارة ويشاركهُ أيضاً بجميع أعماله المشبوهة 

توصلا الرجُلان من خلال المراقبة الدقيقة التي إستمرت أربعة أيام إلي مكان بعيد جداً في أعلي الجبل،  حيثُ تردد عليه شقيق كمال وابناء أشقائهم يومان متتاليان، واستنتج قاسم حينها أنهُ بالتأكيد المخزن الذي يحتوي علي الأثار 


أبلغ قاسم السُلطات وداهمت الشُرطة المخزن أثناء تواجد شقيق كمال وأبناء أشقائهم أثناء تسليمهم دُفعة من الأثار لأحد المسؤلين عن تهريبها للخارج، وقد عثروا أيضاً علي أسلحة وذخيرة وايضاً بعض العُملات التي يحصلون عليها مقابل بيع الأثار 

قُتل أحد أبناء كمال أثناء المداهمة حيثُ قاوم الشرطة وقام بإطلاق النار عليهم فأطلقوا علية النار وقاموا برميهِ برصاصة داخل رأسه وقع صريعً فور تلقيها، وقُبض علي شقيقهُ وباقي أعوانه من العائلة وغيرها 



داخل قسم الشرطة التابع لهُ نجع النُعماني ، يجلس قاسم أمام مكتب وكيل النائب العام الذي أتي للتحقيق في القضية، واضعً ساقً فوق الآخري وظهرهُ مفروداً بثبات وثقة، ويُقابلهُ محامي الخِصم 

ينظر عليه بغِلٍ وحقد المتهم كمال أبو الحسن المُقيد بقيدٍ من حديد حيثُ يقف ويجاورهُ شقيقهُ حسين الذي لا يقل حقداً من شقيقهُ علي قاسم 

تحدث وكيل النائب العام متسائلاً لكمال:

_ رأيك إيه في التُهم المنسوبة إليك في المَحضر يا كمال  ؟

أجاب كمال بصمود وهو يرمق قاسم بنظرات كارهه: 

_محصُلش يا بيه،  دي مكيده من أعدائي مُدبرة لجل ما ينهوا علي تاريخي المُشرف في مجلس الشعب وخدمتي لأهل دايرتي، واللي كُل المركز يشهد لي بيها   


نظر لهُ قاسم بنصف عين وأبتسم ساخراً مما أشعل داخل كمال وشقيقهُ حسين 

نظر لهُ وكيل النائب العام ثم إستكمل حديثهُ بسؤاله قائلاً:

_ مكيدة إيه اللي بتتكلم عنها وأخوك و أولادك وباقي عيلتك مقبوض عليهم متلبسين، وكمان ضربوا نار علي الشرطة وأصيبوا أحد أفرادها 



نظر كمال إلي قاسم وتحدث:

_علي حسب الحديت اللي بلغني بيه المحامي بتاعي، إن اللي قدم البلاغ عن المخزن يُبجا محامي الخِصم،  واللي هو قاسم النُعماني اللي جاعد جِدام سيادتك، واللي إتهمني بإني حاولت أجتل عمه اللي مِترشح جُصادي في الإنتخابات يا بيه 


تقصد إيه بكلامك ده يا كمال! 

سؤال وجههُ وكيل النائب العام إليه 

فتحدث كمال بثقة: 

_ بجصد إن كل التُهم دي ملفجة من عيلة النُعماني لجل ما يسوئوا سُمعتي ويزيحوني من جدام زيدان النُعماني . 

وأكمل بسؤال خبيث يريد به تشتُت عقل وكيل النائب العام : 

_وبعدين يا باشا هو ينفع الحكومة تتحرك وتجبض علي أخواتي بناءً علي بلاغ متجدم من محامي الخِصم  ؟ 


نظر لهُ قاسم وتحدث بنبرة واثقة: 

_ انا مواطن مصري شريف ورجُل قانون، والقانون بيديني الحق في إني أقدم بلاغ في أي حد أكتشف إنه بيضر البلد وبيشتغل في أعمال مشبوهه 

وأكمل مُستغربً:

_ وبعدين إنتَ بتكابر وبتنكر إيه،  قضية محاولة قتلك لعمي غير قابلة للتشكيك ، رجالتك إتقبض عليهم متلبسين بالعربيه والسلاح اللي ضربوا بيه عمي والطب الشرعي أثبت ده ، والقضية كلها تمت تحت إشراف وبناءً علي تعليمات من سعادة مدير الآمن شخصياً  



أما بقا المخزن فالشرطة قبضت علي إخوك وولادك وباقي المتهمين وهما متلبسين جواه 


هتف حسين بنبرة حادة وكاذبة وذلك لتضليل وكيل النائب العام : 

_كل ده تم تحت تخطيتك إنتَ، إنتَ اللي بعت لنا ناس لچل ما يِجنعونا ( يقنعونا )  إنهم هيبيعوا لنا حِتة أرض كبيرة في الصحرا، ولما وصلنا إستدرجونا للمخزن اللي فيه الآثار واللسلاح اللي لجوة الشرطة 



إبتسم قاسم ساخراً، ثم حول بصرهِ إلي وكيل النائب العام  قائلاً بنبرة صوت واثقة وقويه : 

_سيادة وكيل النائب العام،  أرجو من سيادتكم تحويل القضية إلي محكمة جنايات أمن الدولة ليتم محاسبة وعقوبه هؤلاء المجرمين وعدم النظر لهم بعين الرحمه،  

حيث أن المتهمين قاموا بعدة قضايا تُعد من أخطر القضايا المحرمة دولياً



وأستطرد قائلاً بنبرة صارمة وملامح وجه حادة: 

_ أولاً: قاموا بقطع الطريق علي مواطن لا حول له ولا قوة،وقاموا بإرهابة ومحاولة قتله عمداً مع سبق الإصرار والترصُد ،حيث أنهم أطلقوا النار عليه وكانوا بطريقهم إلي قتله لولا ستر الله وتواجدي أنا شخصياً في الوقت المناسب 



واكمل: 

_ وبالنسبة للقضية الثانية فهي قضية أمن دوله من الطراز الآول، حيثُ أنها تمس سيادة الدولة، حيث أن المدعو كمال أبوالحسن وشركائهُ قاموا بتهريب أثار البلد ونقل خيرها وبيعها إلي الخارج 

واسترسل بمهنية:

_ والقضية الثالثة،  الإتجار في العُملة وده بيضر البلد ويترتب علية أضرار جسيمة بتضر بالإقتصاد،  ده غير السلاح اللي الشرطة عثرت علية أثناء مداهمتها للمخزن المملوك للمدعو كمال أبو الحسن وده بشهادة الحرس اللي كانوا بيحرسو المخزن ،  ده غير أخوه وباقي أهله اللي إتقبض عليهم داخل المخزن متلبسين 

وأكمل مستطرداً: 

_ ده غير إطلاقهم للنار علي الشرطة أثناء المداهمة وإصابة أحد أفراد الأمن 


ونظر إلي وكيل النائب العام وتحدث: 

_أظن مفيش دلائل أكتر من كده يا سيادة النائب،  وكل ده مُثبت في محضر الشرطة والتحقيقات اللي قدام حضرتك واللي تمت تحت رعاية سيادة مدير الآمن وبحضور مأمور القسم شخصياً 


باشر وكيل النائب العام التحقيق بحرفية عالية وذلك بتوصية من النائب العام بذاته لكونها قضية أمن دوله من الطراز الآول وأيضاً لحرفية قاسم العالية وتجهيزه للقضية بشكل لم يقبل التشكيك بها ، ونطق قائلاً  : 

_ تحول القضية إلي محكمة جنايات أمن الدولة 



صاح حسين شقيق كمال وأردف قائلاً بنظرات كارهه يرمق بها قاسم: 

_ ورحمة أبوي في تُربته ما أني سايبك يا قاسم يا نُعماني،  هخلي رچالتي يربوك ويچيبوك ولو كُت في بطن أمك 

هتف قاسم قائلاً بمنتهي الحرفية ونبرة قوية موجهً حديثهُ إلي وكيل النائب العام : 

_ من فضلك يا سيادة النائب، يا ريت تثبت لي تهديد المدعو حسين أحمد أبو الحسن عند حضرتك ،  وبطلب من حضرتك نسخة من التحقيق علشان هقدم بيه بلاغ للشرطة، وهمضيه هو وأخوه علي محضر عدم تعرض، وتحملهم المسؤلية الكاملة لأي أذي أتعرض له أنا أو أي شخص من عيلة النُعماني بأكملها 



بالفعل قام وكيل النائب العام بإثبات تهديد حسين داخل التحقيقات ، بل وقام باستدعاء أحد ضباط أفراد الشرطة من الخارج، حيثُ أن وكيل النائب العام أتي إلي مركز الشرطة لمباشرة عمله بناءً علي طلب من مدير الآمن شخصياً، وذلك ليقوم بإنجاز العمل وإغلاق ملف القضية ونقلهِ لمحكمة الجنايات في أسرع وقت ممكن، 

خشيةً وتجنبً لقيام عِثمان بعمل متهور للثأر لنجله، وحقنً  للدماء وإثارة الفِتن وهذا ما أبلغهُ به قاسم سابقً ، وقام الضابط بتحرير محضر بعدم التعرض وتحميل المسؤلية الكاملة علي كمال وحسين


مما جعل كمال يُصيب بحالة من الهياج والجنون وهتف بنبرة حادة: 

_اللي بيحصل ده منتهي الظلم،  أنا راجل إبني إتجتل غدر من خطة دنيئة إتعملت علينا من إبن النُعماني،  وبدل ما الحكومة تچيب لي حجي وحج ولدي منيه ،  تمضيني علي محضر عدم تعرض ليه ولعيلته ،  يعني لو حد منيهم چرا له حاچة بالصدفة تحاسبوني أني وأخوي  ؟ 

تحدث المحامي الخاص به كي يهدأ من روعه وهو ينظر إلي قاسم بغيظ حيث أنه لم يترك له المجال كي يقوم بالدفاع عن موكله، وذلك لحِنكة قاسم وترتيبهُ الدقيق لحديثه واتهاماته وحبكتهِ للقضية  : 

_ إهدي من فضلك يا كمال بيه،  إحنا لسه قدامنا المحاكمة، واني واثج من الجضاء المصري ونزاهته 


إبتسم قاسم وتحرك إلي الخارج تحت إشتعال روحي كمال وحسين اللذان سُحقا وانتهي أمرهما من تحت ذلك الشيطان المُسمي بقاسم النُعماني 




يُتبع..