-->

رواية قلبي بنارها مغرم - للكاتبة روز أمين - الفصل الثاني والاربعون

 

 رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين




تعريف الرواية

سلامْ الله على العزيزٌ قلبيّ !

من الألم ، من الوجع ، من الإنشطار !

أما ذاكَ الذي طعنني غادراً وتسببَ لي بإنشطار روحي ،

وجعل كياني مٌشتتً ما بين قلبيّ المٌعلق بعشقهِ اللعين ،

وما بين عقليَ المٌعلق بكرامة الأنثى بداخلي

فلا سلامْ الله عليه ولا رضاهْ !


تصنيف الرواية

روايات صعيديه، رومانسيه، اجتماعية، اجتماعيه، روايات واقعية، قصص واقعية، مصريه، عاطفية


حوار الرواية

صعيديه، مصرية، عاميه


سرد الرواية

اللغة العربية الفصحى 

❈-❈-❈


الفصل الثاني والاربعون


صرخت أحلام وتحدثت بنبرة مُرتعبه: 

_ أنا هقول علي كُل حاجة ياباشا،  ما أنا مش هلبس الليلة لوحدي والقاتل الحقيقي يخرج منها زي الشعرة من العجين 


سألها الضابط مُتعجبً بإستغراب : 

_ هو أنتِ ليكِ شريك يا أحلام  ؟! 


أجابتهُ وهي تبكي بإنهيار: 

_ يا بيه أنا بِت غلبانة،  لا ليا في القتل ولا عُمري فكرت فيه،  أنا أه مش هنكر إن كُنت بغير من ماجدة من بعد ما أتجوزت اللي إسمه قدري ده كمان ،  وده لأنه كان معيشها في هّنا وستتها بعد الشقي والهم اللي شافته معايا،  كان دايماً عيني علي الذهب والهدوم الغالية اللي بيجبها لها وكنت بتمناها لنفسي ،  بس إني أفكر أقتـ.ـلها ورحمة أمي ما حصل 




وأكملت بشرحٍ وافي : 

_من فترة كده، ييجي من عشرين يوم مثلاً،  جالي راجل وقال لي إنه عايزني في شغلانة هاكل من وراها الشهد،  فرحت وقولت أخيراً الدنيا هتنصفني وهتديني حقي أنا كمان 


وأكملت: 

_ المهم لما سألته قالي إنه تبع راجل كبير أوي هنا في سوهاج،  والراجل ده ليه تار عند عيلة قدري وعاوزين ياخدوه منهم بس مش عاوزين يظهروا في الصورة،  وقالي إنهم لما دوروا ورا العيلة كلها ما لقوش ولا غلطة غير جواز قدري من ماجدة،  


وأكملت بدموع ولهفة قائلة: 

_ بس أنا وحياة النعمة ما كنت فاكرة إن الموضوع هيوصل للقـ.ـتل يا بيه ،  المهم،  الراجل ده إداني عشرين ألف جنية ربط كلام،  وطلب مني أقرب أوي من ماجدة وأسألها دايماً عن قدري، وأبلغه بكل تحركاتها،  من حوالي إسبوع ماجدة إتصلت بيا وكانت منهارة، وطلبت مني أجيب لها نجار وأخليه يشتري معاه كالون من الغالي للباب،  لأنها إتخانقت مع قدري وخايفة منه وعاوزة تغير الكالون 

  

ولما روحت لها لقيتها مرعوبة،  المهم النجار غير لها الكالون ومشي،  وهي قعدت معايا وحكت لي كُل اللي حصل بينها وبين قدري 

وأسترسلت وهي تبكي : 

_ مشيت من عندها وأنا الفرحة مش سيعاني لسببين،  أولهم إن أخيراً قدري هيرميها رمية الكـ.ـلاب وهترجع تتمرمط في الشغل زيي من تاني، وتاني سبب إن الراجل كان واعدني إن كل خبر هقوله له هيديني عليه مبلغ مُعتبر،

كلمت الراجل ده وقابلته، إداني خمسين ألف جنية،  ماصدقتش عنيا لما شفتهم في إديا ،  وبعدها لقيته بيطلب مني إني ألبس نقاب وأروح لماجده شقتها 



ونظرت للأمام تتذكر كُل حدث 


عودة لما قبل عشرة أيام 

دق جرس الباب فتحركت ماجدة إلي الباب، تنظر من العين السحرية للكشف عن هوية الطارق قبل أن تفتح له خشيةً من أن يكون الطارق قدري، وجدت أمامها إمرأة منتقبة وملتزمة بزيها الإسلامي الفضفاض، إرتعب داخلها وأستغربت، فسألت من خلف الباب قائلة  : 

_ مين اللي برة  ؟ 


كشفت أحلام عن وجهها برفع النِقاب وتحدثت بنبرة هادئة لطمأنت صديقتها: 

_ أنا أحلام يا ماجدة إفتحي 



إستدعي تصرف ماجدة إلي إستغراب صديقتها وفتحت لها الباب الموصد بالمفتاح وعدة ترابيس، وتحدثت بإستغراب: 

_ وعاملة في نفسك كده ليه يا منيلة  ؟


وأكملت بنبرة تهكُمية ساخرة : 

_ ولا يكونش ربنا تاب عليك وبطلتي شغل التلات ورقات بتاعك ! 


إستدعي تهكم ماجدة غضب أحلام لكنها تمالكت من حالها وهي تدلف إلي الداخل وتتحرك لتجلس علي الأريكة بجسـ.ـدٍ مُرهق : 

_ لا وإنتِ الصادقة  ،  متخفية من اللي ما يتسمي صلاح النمس،  قارفني في الرايحة والجاية من وقت ما نهيت معاه اللي بينا وقلت له إننا ما ننفعش نتجوز 



إستغربت ماجدة جلوس أحلام بثيابها السوداء ونقانها المرفوع وتسائلت بتعجُب : 

_ هو أنتِ هتفضلي قاعده لي باللبس ده؟ 


أجابتها أحلام بنبرة مُرتبكة: 

_  أصل أنا مش هطول في القاعدة كتير،  شوية كده وهنزل علي طول،  أنا بس قولت أجي أكل معاكي لقمة بسرعة كده وأونسك، وأنزل علشان عندي مصلحة شغل هقضيها 



نظرت لها ماجدة وتحدثت وهي تلتقط هاتفها المحمول من جوارها : 

_ طب إستني أما أكلم البواب يجيب لنا فراخ مشوية من تحت 



أشارت أحلام بيدها سريعً لإيقافها:

_ ما تكلميش حد، أنا طلبت الأكل دليفري وأنا جاية، وزمانه علي وصول 



نظرت لها ماجدة بتعجُب من أمرها وتحدثت متهكمة  : 

_ مالك يا أحلام،  إنتِ عيانة ولا إيه يا بت،  دي أول مرة من يوم ما عرفتك تعزميني  ! 


ضحكت أحلام وهتفت ساخرة:

_  وشكلها هتبقا الآخيرة وحياتك 


أردفت ماجدة قائلة : 

_ طب إقلعي الجوانتي اللي لابساه في إيدك ده وقومي إغسليها علشان تعرفي تاكلي 



إرتبكت بجلستها عندما إستمعت إلي صوت بهاتفها يوحي بإستقبال رسالة نصية،  قرأتها وعلمت أن الشخص المنتظر قد أتي،فتحدثت بإرتباك :

_ هقلعة لما أفتح للدليفري وأحاسبه 


إستمعت إلي صوت الجرس فتحدثت إلي ماجدة بإرتياب :

_ أهو الأكل وصل، قومي بقا هاتي لنا كام طبق علي معلقتين وكبايتين علشان ناكل فيهم 



أومات لها ماجدة ودلفت إلي المطبخ وهرولت أحلام تفتح الباب للرجل المتخفي في زي عامل دليفري ويرتدي قفازات بيداه ،أشارت لهُ علي باب المطبخ بدون حديث ، فتحرك الرجل سريعً إلي الداخل، وجد ماجدة موالية ظهرها إلي الباب وتُمسك بيدها باب المطبخ لتُجلب منه الصُحون،



وقف خلفها وكمم فمها سريعً وبسرعة البرق قام بذبح عُنقها، ثم قام بطعنها عدة طعنات في موضع الكُليّ مما أدي إلي وفاتها بالحال وأرتماء جسـ.ـدها علي الأرض جثةً هامدة 



جرت أحلام علي غرفة النوم وفتحت الخزانة وأخذت منها كل المشغولات الذهبية وأنتقت بعض قطع الثياب التي كانت تروق لها، ثم وضعتهم داخل حقيبة وتحركت بصحبة الرجل تاركين ماجدة جثة هامدة غارقة بوسط دمائها دون أية بصمات أو عنف يدل علي دخول أحد غريب داخل الشقة، وبهذا يكون المتهم الأوحد هو قدري 




عودة إلى الحاضر

كانت أحلام تقص ما حدث علي مسامع وكيل النائب العام بحضور قاسم الذي تحدث بإتهام : 

_  أنا بتهم كمال أبو الحسن بإنه وراء إرتكاب الجريمـ.ـة وتلفيقها لموكلي يا أفندم 


بالفعل تقدم قاسم ببلاغ ضد كمال أبو الحسن، وبعد التحريات وتعرف أحلام علي الرجل الذي أظهرت التحقيقات أنه إبن عم كمال وكان يساعدهُ لأخذ ثأر ولدهُ الذي قُتـ.ـل بسبب عائلة النعماني  ،  وذلك لعدم إستطاعة كمال لأخذ الثأر بيده نظراً لوجودهُ داخل السجن  



طالب قاسم بالإفراج الفوري عن والدهُ وبدون أية ضمانات وذلك لثبوت التهمة علي أحلام وشريكها بتحريض من كمال أبو الحسن التي أُضيفت جريمـ.ـة قـ.ـتل عمد مع سبق الإصرار والترصد إلي جرائمة العديدة والتي وبالتأكيد سينال حكمً بالإعدام عليها 




خرج قدري من النيابة بقلبٍ حزين مهموم، وجلس بغرفة في الطابق السفلي معتزلاً الجميع حيث أُصيب بحالة من الإكتئاب الحـ.ـاد بعدما حدث له وفضيحة عائلتة علي يده،  وأيضاً كانت فايقة سببً مباشراً في عُزلتة، وذلك لغضبها الشديد منه،  حيثُ أنها وصل بها الآمر إلي عدم نزولها من أعلي وعدم إستقباله عند خروجهُ من الحجز،  وذلك ما أصابهُ بالإحباط 


❈-❈-❈


بعد مرور يومان علي خروج قدري وبرائتهُ من قضية قتـ.ـل ماجدة 

كانت تقف داخل غرفة الكشف أمام إحدي الأسِرة، تتابع فحص  أحد الأطفال التي يتمسك بيد والدتهُ،،  إستمعت إلي طرقات سريعة فوق الباب، 

إنتفـ.ـض جسـ.ـدها رُعـ.ـبً عندما فوجئت بالباب يُفتح بطريقة عنيـ.ـفة وتظهر أمامها الممرضة التي تحدثت إليها بهلع  : 

_ إلحجينا يا دَكتورة ،   فية حادثة جطر واعرة جوي جُصاد النَجع ورچالة البلد لحجو المصابين ونجلوهم إهني ومحتاچينك برة ضروري 


نظرت إلي والدة الطفل وحالها البالي وجرت إلي مكتبها وتحدثت علي عُجالة وهي تكتب إليها  : 

_ إبنك عِنديه إلتهاب شديد في اللوز  ،،  عتدي الروشيتة دي للدكتور اللي واجف في الصيدلية برة وجولي له إنك تبعي،  وهو عيصرف لك الدوا كلياته من غير فلوس 




وتركتها وجرت مسرعة إلي الخارج،، وجدت يزن أمامها يحمل طفلاً ويسرع به داخل الرواق ليصله إلي إحدي الغرف وتحدث إليها  بنبرة صارمة وهو يرتعب لأجلها :

_  ماتجريش للعيل يجري له حاجة يا صفا

وأكمل علي عجالة  : 

_ شوفي دكتور ياسر والدَكتورة أمل فينهم وبلغيهم بسرعة 


هتفت صفا إلي الممرضة رُقيه علي عُجالة  :

_  خلي صادق يچمع كل الممرضات والدكاترة اللي في النچع لجل ما يساعدونا،  وچهزي لي إنتي ونرجس كل السراير وإتوكدوا إن الأچهزة شغالة زين 



ثم أشارت بيدها إلي إحدي الغُرف إلي الرجال وهم يحملون المرضي بين ساعديهم كي ينقذوا أرواحهم  :

_  دخلوهم في الأوضة دي بسرعة يا رچالة 



وجدت أمل وياسر يأتون مهرولين إليها وتحدثت صفا إلي أمل علي عُجالة   :

_  چهزي لي غرفة الإنعاش حالاً يا دَكتورة عشان نستجبل فيها الحالات الحرچة  ،،  وإنتَ يا دَكتور ياسر،، إفحص المرضي وشوف الحالات الحرچة لجل ما ننجلها بسرعة 

وأشارت بيدها إلي الممرض الواقف  :

_  خرچ ترولات برة لجل ما يحطوا عليها المصابين ليكون حد مأذي في عظامة ولا عمودة الفجري ويتأذي اكتر 



وجرت إلي إحدي الغرف سريعً وبدأت بفحص المرضي وتقديم الرعاية اللازمة إليهم 


حالة من الهرج والمرج أصابت المشفي الصغير الذي إستقبل أكثر من ثلثمائة مُصاب ، ما بين جريح بجروح طفيفة وبين حالات حَرِجة أُحتِجزت داخل العناية المشددة وما بين حالات متوسطة وكسور بالعِظام 

تحدثت صفا إلي أمل الواقفة بثبات: 

_ فيه حالات چروح في الإستجبال محتاچة لخياطة يا دكتورة، من فضلك تاخديهم علي أوضتك وتعملي لهم اللازم 

أومأت لها أمل بطاعة ، وكادت أن تتحرك أوقفها يزن الذي سألها مستفسراً بإستغراب: 

_ عتخيطي لهم الچروح كيف يعني  ! 

وأكمل برسمية حيث أنهُ قرر معاملتها رسمياً وبمنتهي الرسمية ليعاقبها علي رفضها لإتمام زيجتهم والتخلي عن شرطها العنيد:

_  مش حضرتك المفروض دكتورة أمراض نسا !  

نظرت إليه والحُزن ملئ عيناها جراء معاملتهِ الجافة معها وتحدثت إليه بصوتٍ ضعيف: 

_ وحضرتك ناسي إني بعمل عمليات قيصرية،  يعني عمليات جراحية وبقوم بخياطة الجروح بمنتهي الدقة 


أومأ لها بلامبالاة ثم هرول إلي الخارج لمساعدة طاقم التمريض في جلب المزيد من المصابين من الخارج لتقديم المساعدة الطبية لهم 


بعد حوالي النصف ساعة كانت المّشفي تإجُ بأهالي النجع الكرام الذين أتوا إلي تقديم المُساعدة بكل صورها وبشتي أنواعها ، فمنهم من تطوع لحمل المرضي ونقلهم إلي الغُرف بمساعدة طاقم التمريض ، ومنهم من تبرع بالدماء بعد فحوصات لتأمين عملية النقل إلي المريض 

الجميع أثبت حقاً أن أهل الصعيد هم أهل مروءة وأنسانية كعادتهم 


خرجت صفا سريعً من غرفة الفحص وتحدثت إلي يزن  : 

_ باشمهندس يزن، إتصل حالاً بمستشفي سوهاچ المركزي لجل ما تشيع لنا عربيتين إسعاف مُچهزين  ،  جول لهم عِندينا تلات حالات حرچة وللأسف ملهمش مكان إهني ولازم نجلهم حالاً للعناية ، 

وأكملت بتأكيد:

_ جولهم يتحركوا بأقصي سُرعتهم عشان لو لا قدر الله إتأخروا ممكن يفجدوا حياتهم 


أومأ لها بموافقة وتحدث وهو يُسرع إلي الإستقبال  : 

_ حالاً يا دَكتورة 


حالة من الرعب والهلع أصيب بها الجميع أثر تلك الفاجعة وهم يرون كل هؤلاء البشر بإصاباتهم المختلفة وهُم يتألمون أمامهم، ولكن بفضل الله وجهود تلك القرية الصغيرة التي كانت مِثالاً يُحتذي به أمام الجميع إستطاعت صفا وزُملائها إجتياح تلك المحنة بجدارة 



كانت تخرج من إحدي الغرف كي تدلف لأخري لمتابعة الحالات 

وجدت والدها يدلف إلي المّشفي علي عُجالة وهو يتفحصها بشمول من قمة رأسها إلي أخمَص قدميها ، إقتربت عليه وتحدث وهو يمسك بكفيها برعاية وإطمئنان  : 

_  إنتِ زينة يا صفا  ؟  



أجابته سريعً كي تُطمئن هلعهُ الظاهر بعيناه  :

_  أني زينة يا أبوي،  متجلجش عليّ يا حبيبي 



أومأ لها وتحدث بهدوء  :

_  ريحي حالك إشوي لجل اللي في بطنك ميتإذيش يا بِتي 




نظرت إليه بتألم وتحدثت بضمير مهني :  

_ معينفعش أشوف الناس تعبانه ومحتاچة لي وأجف آتفرچ عليهم من بعيد لجل ما أريح حالي يا أبوي  



ثم ضغطت علي مسكت يده لتطمئن هلعه وهتفت  : 

_ متجلجش عليا يا حبيبي،، أكيد معسيبش حالي لحد ما أجع من طولي يعني   ،  روح إنتَ شوف مصالحك وأني هبجا تمام إن شاءالله 



وأكملت برجاء : 

_ بس بعد إذنك يا أبوي ، ياريت تخلي أمي وصابحة يعملوا شوربة سخنة وكام فرخة إكدة لجل المصابين لإن معظمهم مسافرين من أسوان للقاهرة وأكيد أهلهم يا إما من أسوان يا من القاهرة وفي الحالتين معيعرفوش ياچوا دلوك واصل 




أومأ لها وأردف قائلاً  :

_  متعتليش هم الموضوع دي  ،  أني عكلم أمك في التلفون وعكلم كُمان چدك عِثمان وإن شاء ماحدش عيحتاج لحاچة 

وأكمل شارحً  : 

_ بس أني معينعش أسيب إهنيه ،  ناسية إني بجيت عضو مجلس شعب إياك ولازمن أبلغ المركز بالحادثة وأجف ويا الناس 

واسترسل شارحً  : 

_ده غير إن ضميري معيسمحليش أروح وأفوت الناس المصابة دي كلياتها،  حتي لو مكتش نايب في البرلمان،  فانا إنسان يا بِتي 

نظرت إلي والدها بنظرات ممزوجة بالحنان والفخر والتباهي،  لهذا الأب بدرجة الإنسان،  حقاً هي فخورة به وكثيراً 




بعد مرور عدة ساعات هدأ الوضع قليلاً ، خرجت صفا إلي رواق المّشفي وجلست بإرهاق شديد ظهر علي وجهها وهي تستند علي المقعد بساعدها لتجلس بهدوء خشيةً أذية صغيرها ، تحرك إليها يزن وبسط يدهُ وأعطاها عبوة عصير مُغلفة وتحرك إلي الداخل إلي أمل ليُعطيها عبوة عصير كي تمدها بالطاقة، فبرغم حُزنهُ الذي أصاب قلبه منها إلا أنهُ ما زال يعتبرها مسؤولة منه ويرتعب عليها 

بدأت بإرتشاف العصير، ثم وجدت من يأتي إليها وبيده مايك ،  ويبدوا علي وجههُ أنهُ مُراسل لإحدي القنوات التلفزيونيه الشهيرة 


تحدث إليها بإستفسار وهو يُسجل معها مباشر علي الهواء :

_  مساء الخير يا دكتورة ،  ممكن نطمن منيكي علي حالات المصابين  




أشارت بيدها رافضة التصوير وتحدثت بقوة  : 

ممنوع التصوير لو سمحت  ،  الوضع لا يُحتمل لعبكم بمشاعر الناس ومتاچرتكم بألامهم ومصايبهم  ،  مشايفش بعينك المصيبة اللي إحنا فيها إياك 


تحدث إليها المذيع متفهمً الأمر  :

: حاشي لله يا دكتورة  ، انا مش جاي أخد سبج صحفي ولا أتاجر بمشاعر الناس زي ما حضرتك فهمتي.


وأكمل مُفسراً وهو يصور مباشر  :

_ المصابين معظمهم من القاهرة وأهاليهم سمعوا عن الحادثه من المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاچتماعي ، وأكيد  معظمهم في الطريج جايين لذويهم، وأكيد كمان حالتهم صعبه جداً وعاوزين أي خبر يطمنهم عن حالة  أهلهم الصحية  




أومات لهُ بتفهم وتحدثت بهدوء وثبات إنفعالي تُحسد عليه: 

_  أحب أطمن كل الأهالي وأجول لهم ميجلجوش ،  ولادكم وأهاليكم بخير وفي إيد أمينة،  البلد كلاتها إهنيه وأتبرعوا لولادكم بالدم،  وأحب أطمنكم وأجولكم إحنا أهاليهم لحد ما توصلوا بالسلامة  


سألها المذيع بإستفهام : 

_ هي المستشفي دي حكومي ولا خاصة يا دكتورة   ؟ 


أجابته بنبرة هادئة: 

_  المستشفي بناها چدي عِثمان النُعماني هدية لأهل بلدهُ ولأهل المركز كلياته،  وكمان الحاچ زيدان عِثمان النُعماني نائب مجلس الشعب  مُتبرع بصيدلية خارچ المستشفي، والصيادلة اللي موچودين فيها بيصرفوا الدوا للمرضي بالمجان 


تحدث المذيع إليها بإستحسان : 

_ ربنا يزيدهم من فضله،  حاچة چميلة إن الناس تستخدم فلوسهم في خدمة الناس الغلابة،  ياريت كل الناس تعمل إكدة مكانش هيبُجا فيه حد محتاچ ولا هيُبجا فيه عوز واصل 

أردفت قائلة بنبرة جادة: 

_ محدش مچامل الناس بحاچة، كله مال الله وراح لأهل الله 

وأكملت بيقين:

_ ربنا ممحتاجش منينا حاچة، إحنا اللي محتاچين لرضاه علينا ، ومحتاچين لكل عمل يجربنا منيه لچل مانوصل لبر الأمان وياه 

  

أردف قائلاً بهدوء وهو ينظر إليها بإعجاب واستحسان : 

_ عنديكِ حج يا دكتورة 



أتت الشرطة وأطمأنت علي المصابين وأخذت أقوالهم في الحادثة ،  وحضر جميع أهالي المصابين إلي النجع وأطمأنوا علي ذويهم،  خرجت معظم الحالات المستقرة وأصحاب الإصابات الطفيفة ورحوا عن النجع شاكرين لأهلهِ الكِرام وحاملين ذكري عطرة ستبقي في أذهانهم  ،  وضل أهالي الحالات الحرجة في ضيافة وكرم نجع النعمانية 




ليلاً 

داخل سرايا النُعماني 

كانت جميع العائلة مجتمعة عدا صفا ويزن اللذان مكثا داخل المّشفي ليتابعا الحالات ويقوما علي رعايتهم وتقديم الخدمة الصحية لهم 


كانوا جالسون وهم يشاهدون وينظرون بتمعُن علي شاشة التلفاز بفخرٍ وأعتزاز وهم يرون برامج التوك شو والقنوات الإخباريّة جمعاء،  تتناقل فيما بينهم الخبر الأبرز علي الساحة، حادثة القطار بالتأكيد، ويشيدون بشهامة ومروئة أهل الصعيد ككُل، وبنجع النُعماني خاصةً،


  وذلك بعدما حدث اليوم ونقلتهُ الكاميرات التي كانت عين شاهد علي الترابط والتكافل المجتمعي والوقوف كأيدٍ واحدة لمواجهة تلك الفاجعة الكُبري 



إستمع عِثمان إلي الفيديو الخاص بصفا وحديثها المُنمق الذي يدعو إلي التفاخر، كادت عيناه أن تزرف دموعها الحنون حين إستمع إلي حديثها وهي تُشيد بجدها في بنائة للمشفي الخيري 



تنهد بأسي وتحدث وهو ينظر إلي زيدان بعيون أسفة نادمة وكأنهُ يعتذر له عن كل ما مضي  :

_ البِت اللي جاطعت ولدي بسببها سنيين وجولت له يتچوز علي أمها الأصيلة لچل ما يچيب لي الولد اللي يخلد إسمه وإسم عيلتي  ، هي اللي رفعت راسي وشرفتني جِدام الدنيي كلاتها،  خلدت إسمي وربطته في عجُول الناس بعمل الخير والمروئة 


وأكمل بأسي وهو ينظر أرضً دلالةً علي شدة خجلهِ من حالة قاصداً بحديثهُ واقعة قضية قدري : 

_ في الوجت اللي رجالتي ركبوني فيه العار وخلوني لأول مرة أطاطي راسي جِدام الخلج كلاتها،  تاچي هي وترفعهالي من چديد،  

وأكمل مُتباهيً بها تحت إستشاطة ليلي وغليان قلبها الأسود : 

_كيف متكون بحديتها دي عطبطب علي جلبي وتجولي إرفع راسك يا چدي، إنتَ عِثمان النُعماني،  متليجش بيك المهانة وكَسرة النِفس 



تنهد الجميع بأسي وشعر عِثمان حينها أنهُ أضاع عمرهُ هباءً في الحفاظ علي عادات وأفكار ما أنزل الله بها من سلطان،  بل خلقها البشر بأياديهم كي يصنعوا منها أدواتً لتدمير أنفُسهم وعدم الحصول علي الراحة أو العيش بهناء  

❈-❈-❈


بعد مرور يومان علي الحادثة 

بعد الغروب داخل حديقة النُعماني 

وصل ذلك العاشق إلي نجع النُعماني يتطلع إلي رؤيا متيمتهُ كي يُشبع روحهُ وقلبهُ المُلتاع من شدة الإشتياق ، فحقاً إشتاق رؤياها حد الجنون، أتي علي أمل النظر إلي مقلتيها الفيروزية كي يٌشبع روحةٌ المُشتاقة 




دلف من البوابة الحديدية بسيارته الخاصة، وجدها تجلس فوق مقعداً وسط الحديقة كشمس صيفٍ ساطعة فرضت أشعتها علي كل ما حولِها فآٌنارتة وجملتة وأعطت لهٌ رونقً خاصً  ،، لم تكتمل سعادتهُ حين تفاجأ بجلوسها بجانب ذاك اليزن المجاور لها وأمامهما بعض الأوارق اللذان يتابعاها بجدية 



إشتعل جسدهٌ وتملكت منه نار الغيرة التي باتت تٌشعل داخلة بالكامل وتألمة،  نعم تصالحا هو ويزن وتسامحا،  لكنهُ حبيبته،  معشوقة عيناه الذي يتـ.ـمزقُ من شدة الغيرة عليها حتي من أبيها 

كظم غيظهُ بداخله كي لا يظهر عليه ويفقدهُ الكثير من هدر كرامته مجدداً علي يداها،  صف سيارتهُ وتحرك إلي تلك التي إنتفض داخلها وبات قلبها يتراقص ويتغني عندما هلّ بدرُها الغائب عن سمائة، 

وقف قبالتهما وتحدث بجمود:

_  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

ردوا عليه السلام ووقف يزن إحترامً لحضورهُ واختضـ.ـنهُ بأخوة، بادلهُ إياه قاسم بحب واحترام رغم غيرته الشديدة منه، 

ثم نظر إليها وتحدث بملامح وجة جامدة  :

_ كيفك يا دكتورة 

أجابته بنبرة صوت ضعيفة تدل علي هيامها  : 

_ الحمدلله 

إبتلع لُعابهُ وغصة مُرة تملكت من قلبه، وهو ينظر إلي بطنها المُنتفخ جراء وصولها علي مشارف شهرها السادس، تظاهر بالتماسك وتحدث متسائلاً  :

_ الولد زين؟، 

اومأت له بعيناها لتطأنتهُ وأكمل هو مُبرراً :

_  جلجت عليكم يوم الحادثة لما شفت الاخبار وكنت عاوز أنزل لجل ما أطمن عليكم، بس ظروف شُغلي ما سمحتش  . 


هزت رأسها دون إجابه حين تحدث يزن قائلاً  :

_ الحمدلله يا قاسم عدت علي خير ، ده كان يوم الله لا يعوده إلا بالخير  

أومأ قاسم ثم تحدث وهو ينصرف ليدلف لداخل السرايا:

_ الحمدلله 

قال كلماته وتحرك سريعً إلي الداخل تحت حُزن قلب تلك العاشقة لعدم إهتمامه بها الواضح، وكأنها أصبحت لا تُعني لهُ شئً علي الإطلاق 


صعد إلي الأعلى بعدما تبادل السلام مع الجميع وأطمأن علي والده الذي بدأ يخرج من حالة الإكتئاب التي أصابته،  دلف لداخل غرفة نومه،  خلع عنه ثيابهِ والقاها أرضً بغضب وغيظ وغيرة،  دلف لداخل المرحاض ووقف تحت صنبور الماء البارد كي يُطفئ نـ.ـار قلبهُ الشـ.ـاعلة التي هبت بكامل جسـ.ـدهِ حينما رأها تجلس بصحبة يزن،  ضل يغمر جسـ.ـده تحت الماء علهُ يُهدئ من إشتـ.ـعال روحه التي وصلت للمنتهي 

ليلاً،  كان يقف بشُرفة غُرفته يتحدث من خلال الهاتف إلي إحدي موكليه،  كان يتحدث بنبرة هادئة،  وجد من تخرج إلي شُرفتها سريعً بعدما إستمعت إلي صوت معشوقها،  وقفت تتطلع حولها وكأنها تستطلع السماء وتستنشق الهواء النقي،  كادت أن تُصيب بالجنون عندما وجدت منه المبالاة وعدم التقدير لخروجها ولو حتي بنظرةٍ واحدة 

تعمد ذلك التجاهُل كي يُشـ.ـعل روحها ويُجبـ.ـرها علي الإستسـ.ـلام والخضـ.ـوع إلي قلبها وندائاتهُ وترتمـ.ـي داخل أحضـ.ـانهُ حين يستدعيها هو 

أنهي مكالمتهُ ودلف إلي الداخل دون أن يُعيرها إية إهتمام وكأنها سراب،  إشـ.ـعل داخلها بالغضـ.ـب وانتفضت،  دلفت إلي غرفتها وجلست علي تختها وكذلك هو ،  بات كلاهما ينتفضُ بجسـ.ـدٍ يشـ.ـتعلُ نـ.ـاراً من شدة الإشتياق والغضب والغيرة علي حبيبهُ،  لا يفصلهما علي بعضيهما سوي بضعة مترات،  لكنهُ الكبرباء لعنة الله عليه 


❈-❈-❈

بعد مرور إسبوع علي حادثة تصادُم القطار 

دلف دكتور وائل بسيارتهِ الفارهة إلي مدخل مشفي الصفا،  ترجل منها تحت إستغراب كُلً من يزن الذي كان يقف داخل الحديقة بصحبة العُمال المسؤلون عن عملية صيانة الكهرباء والإنارة بالمشفي والذين كانوا يقومون بالكشف الدوري الشهري 




تحرك وائل بأناقته وجاذبيتهُ المُلفتة للأنظار وتحدث إلي الجَمع  : 

_ لو سمحتم،  مش دي المستشفي اللي شغالة فيها دكتور أمل عبدالحميد ؟ 


قطب يزن جبينهُ ورمقهُ بنظرة إستغراب وتسائل مستفسراً : 

_  إنتَ مين،  وعاوز الدَكتورة أمل في إيه  ؟ 



ضيق وائل بين حاجبية بإستغراب لحدة ذلك المتداخل، وأجابه بنبرة هادئة: 

_  أنا دكتور زميلها وجاي لها من القاهرة، ومحتاج أقابلها ضروري 



كاد أن يتحدث لولا أن سبقهُ ذلك المتداخل المدعو بـ سلامة، الموظف المسؤول عن الإستقبال قائلاً بترحاب وهو يُشير إليه ويدعوهُ إلي الدخول: 

_  إتفضل وياي يا باشا وأني هدلك علي مكتب الدَكتورة 



تحرك وائل بصحبة سلامة إلي الداخل تحت إحتـ.ـراق كيان يزن وإشـ.ـتعال النـ.ـار بقلبه العاشق وتوعدهُ للفتك بسلامة حين تحن إليه الفرصة 

وقف بجسـ.ـدٍ ينتفض غضبً ما بين ناريـ.ـن،  نـ.ـار الغيرة التي تنهـ.ـش داخلهُ علي إمراته ويريد الدخول الفوري إليها ليري ويعرف من ذلك الغريب،  ونـ.ـار كبريائهُ وكرامة الرجل التي أُهينت علي يد تلك الحبيبة وتمنعهُ التدخل 



شعور غريب تملكهُ بأن ذلك الرجُل هو زميلها الذي تخلي عنها وغـ.ـدر بها،  نـ.ـار شـ.ـاعلة لم يستطع إخمادها 




في الداخل،  إستمعت تلك القابعة خلف مقعدها إلي بعض الطرقات، سمحت للطارق بالدخول،  دلف سلامة قائلاً بإبتسامتهِ السمجة  : 

_  فيه ضيف چاي لك من مصر وطالب يجابل حضرتك يا دَكتورة 



قطبت جبينها وترقبت الدخول،  إتسعت عيناها وأنتفض قلبها غضـ.ـبً عندما رأت ذلك الحقيـ.ـر بائع الود والعهد،  وائل الذي أتي لها بعدما علم مكان إقامتها من القنوات التلفزيونية والصحف الإلكترونية التي اذاعت خبر الحادثة، أتي إليها وكلهُ حنين وأشتياق إلى الماضي الجميل، أتي علي أملٍ أن توافق علي الرجوع إليه من جديد ويهرول عائداً إلي القاهرة كي يُطلق ريماس ليتزوج من أمل مثلما كانا إتفاقهم بالماضي ،  وكأنهُ يُبدل أحذيتهُ وليست زوجات بعقدٍ مقدس من الله 



كانت تستمع إليه بملامح وجه مُبهمة وهو يشرح لها كّم معاناته في إبتعادها عنه،  وكم أنهُ أساء الإختيار وندم عندما فضل المظهر عن الجوهر، بات يتحدث ويعتذر دون الإستماع لكلمة واحدة منها تُعبر عن ما بداخلها ،  كانت تنظر إليه وتستمع بهدوء وملامح مُبهمة غير مفسرة 




إستمعت إلي طرقات خفيفة وبعدها فُتح الباب دون إنتظار الرد بالسماح ،  وجدت أمامها ذلك العاشق بعيناه المشـ.ـتعلتان بنـ.ـار غيرة العِشق،  لم تدري لما أصاب قلبها رعشة عنيفة وشعور بالراحة والإطمئنان وكأنها وجدت أمانها وحِصنها المنيع 



تحدث ذلك العاشق بعدما قرر التخلي عن كبريائهِ أمام جنون الحُب ولتذهب الكرامة أمام عشقهِ الهائل إلي الجحيم،  هتف متسائلاً بنبرة صارمة  : 

_  ممكن أعرف مين الأستاذ وچاي ليه؟ 




نظر لهُ وائل مستغربً غضـ.ـب ذلك الرجل،  في حين تحدثت أمل إليه بنبرة باردة: 

_  ده دكتور كُنت شغالة معاه زمان 




ثم وقفت وتحركت إلي يزن وبدون مقدمات أحتضـ.ـنت كف يدهِ برعاية وحنان ونظرت إلي وائل بقوة وشموخ وتحدثت:

_  أحب أعرفك بالباشمهندس يزن النُعماني، 


ثم حولت بصرها إلي يزن وتحدثت بإبتسامة حانية وفخر ظهر علي ملامحها  :

_ خطيبي 


إتسعت عيناي يزن وانتفض قلبهُ وبات يتراقص علي أنغام كلماتها التي تخطت بروعتها أعظم السمفونيات العازفة 



إشتعل داخل وائل وتسائل مصدومً  :

_ خطيبك  ؟


أجابهُ ذلك الذي إحتضـ.ـن كفها برعاية وتملُك لرجُل عاشق حتي النُخاع: 

_  إيوة خطيبها، والفرح بعد شهر واحد من دلوك 

  

ثم نظر لعيناها وتحدث بنبرة عاشقة وعيناي هائمـ.ـة أحرقـ.ـت قلب وائل من الغيرة، وأشعـ.ـلت قلب أمل بعشق حبيبها  : 

_ مش إكده يا حبيبتي 



إبتسمت بسعادة هائلة وأجابتهُ بموافقة وعيناي تنطقُ عِشقً وأحتياج: 

_  أيوه يا يزن 



بات صـ.ـدرهُ يعلو ويهبط من شدة سعادته والشعور بالإحتياج،  ،  إحتـ.ـضنت الأرواح وتعانقت الأعيُن بإشتياقٍ جارف، وقالت العيون ما لم يقلهُ حديثَ،  كل هذه المشاعر الهائلة ظهرت تحت إحـ.ـتراق روح وائل الذي تأكد بأنهُ إفتقد فُرصة الرجوع وخسارتهِ لحبيبتهُ وإلي الأبد 




فاق يزن من حالة العشق العـ.ـنيف الذي أصابهُ وأقتـــ.ـحم كيانهُ بالكامل،  حول بصرهِ علي ذلك الجالس ينظر عليهما والألم والحسرة يملئان قلبهُ ويظهران بعيناه وتحدث بنبرة صارمة شبه طارداً له  : 

_ شرفت يا دَكتور، وياريت الزيارة دي ما تتكررش تاني 

وأكمل مهدداً: 

_وإلا رد فعلي عيكون عنيـ.ـف ومعيعجبكش واصل 



وعي وائل علي حاله وتحامل ووقف ثم تحرك إلي وقفتهما وتحدث بنبرة مُنكسرة إلي أمل: 

_  مبروك يا دكتورة 



قال كلماته وانسحب سريعً وأغلق خلفهُ الباب،  نظر لها متلهفً ليستشف من عيناها إذا كان ما تفوهت به مُنذ القليل تقصدهُ حقاً،  أم أنها تفوهت به كناية في ذلك الوائل ليس إلا 



فنطقت تلك العاشقة التي رأت حيرتهُ داخل عيناها وهي تُشدد من ضـ.ـمة يدها ليده: 

_ بحبك وما أقدرش أستغني عنك، وهتجوزك تحت أي ظروف وغصب عن أي حد 




إتسعت عيناه وشعر وكأن روحهُ حُلقت في السماء وباتت تتراقص من شدة سعادته،  وهتف بنبرة شديدة السعادة  : 

_  وأني عاشجك وعاشج الهوا اللي عتتنفسية يا أمل 


وأكمل مبتسمً بإعتراف : 

_  ويكون في عِلمك،  أني كُنت عارف إن جلبك عيلين ويرچع ويحن لحبيبه ،  مهو مش معجول جلبي يعشجك جوي إكده وإنتِ تفوتيه ينكوي بنـ.ـارك، 


واكمل ضاحكً: 

_  وعشان إكده موجفتش بُني البيت اللي عيُبجا مملكتك يا ست البنات


نظرت لداخل عيناه وتحدثت بعينان شبه دامعه: 

_ بحبك يا يزن،  بحبك أوي 

كان يشعر وكأنهُ إمتلك العالم إجمع، نظرت إلية بترقُب ثم أردفت قائلة بنبرة مُترددة: 

_  يزن،  ليلي جت لي هنا وهددتني 


جحظت عيناه واتسعت وتسائل مُتلهفً: 

_  هددتك كيف يعني؟ 

وبات ينظر عليها ويتطلع بذعرٍ وتسائل :

_ عِملت لك حاچة  !  أذتك يا أمل،  إنطجي 



أشارت سريعً إليه بيداها لطمأنتهُ بعدما رأت ملامحهُ المذعورة: 

_ أنا كويسة يا يزن أرجوك ما تقلقش،


وأكملت بنبرة حرجة:

_   أنا مكنتش ناوية أقول لك، بس بصراحة بنت عمك دي شكلها شرانية ومش سهلة،  أكتر حاجه قلقتني إن تهديدها ليا حسيته أوي، يعني حسيت إنها ممكن فعلاً تنفذ تهديدها وتعمل أي حاجة

سألها متلهفً:

_ هددتك بإيه يعني ، جولي يا أمل 



هزت رأسها بلامبالاة وتحدثت:

_ مش مُهم التفاصيل ،  صدقني أنا مكنتش هقول لك علشان ده مش طبعي ،  لكن اللي شجعني أعرفك هو إني شفت الرُعب في عيونها لما قولت لها إنها لو ما خرجتش من المستشفي حالاً هتصل بيك وأخليك تيجي تاخدها بنفسك،  وكمان تهديدها الصريح ليا إني لو عرفتك إنها جت هنا واتكلمت معايا خلاني أتأكد إنها فعلاً خايفة منك 



قالت كلماتها وتحدثت برجاء:

_ من فضلك يا يزن،  ياريت تتكلم معاها بهدوء وتفهمها إن اللي عملته ده لا يليق بيها ولا بمكانة عيلتها 


هتف مطمأناً إياها برجوله وحماية: 

_ إطمني يا حبيبتي،  معايزكيش تخافي طول ما أني چنبك، وليلي أني هعرف أوجفها عِند حدها 



أرادت أن تُخرجهُ من حالة الحُزن التي أصابته جراء ما فعلتهُ إبنة عمه لحبيبته فتحدثت بنبرة حنون أثـ.ـارت جنونهُ وأشعلتـ.ـه: 

_ أخاف إزاي وإنتَ راجلي يا يزن،  

وسألته بدلال جديد علي شخصيتها الجادة   : 

_ مش إنتَ قولت لي إنك راجلي وأماني  ؟ 



جن جنونهُ وبات قلبهُ يدُق بوتيرة عالية كطبول الحرب،  أجابها بعيون تصرخُ عِشقً: 

_ إيوه أني راچلك وأمانك وحمايتك يا أمل،  وإنتِ مّرتي الحلوة اللي عتنسيني چوة حُضـ.ـنها مّر الأيام،  عكون لك الراچل والسند والحماية ، وعتكوني لي الكِتف الحنين اللي علاجي فيه راحتي 


إبتسمت بسعادة فتحدث هو بعيون هائمة تقطرُ غرامً : 

_ عاشجك يا أمل 


يُتبع..