-->

الفصل السابع - قلبي بنارها مغرم

 



 الفصل السابع

تحرك زيدان عائداً بزوجتهِ وصَغيرته إلي شقتهم المتواجدة بمنطقة مدينة نصر ،،وبمجرد أن خطت أقدامهم للداخل حتي هرولت صفا سريعً مُتجهه إلي غرفتها وأوصدت بابها عليها وبدأت بالبكاء المَرير الذي إحتجزته طويلاً رٌغمً عنها،، وذَلكَ كَي لا تٌحزن والديها وأيضاً إمتثالاً لكرامتها التي تأبي الإنكسار،، فيكفي ما أٌهُدر مِنها اليوم علي يد من يُفترض حبيبها ورجٌل أحلامها ،،

 

بكت بشدة علي ما شعرت به اليوم من إهانات من ذاك القاسم التي كانت تتوقع أن يٌسمعها أحلا كَلمات الغَزل والغرام مثلما قرأت برواياتها الحَالمة التي تعشقها ،، وأيضاً ما تُشاهدهٌ في بعض الأفلام الرُومانسيه الراقية الفِكرّ والخالية من آية مَشَاهد خَادِشه للحياء،، والتي تٌشاهِدُها بصُحبة والِدتها وذلك كي تُراقب ورد ما تحتويه ما تُشاهدة طِفلتِها

 

حَلٌمت وحَلٌمت بالإهتمام وبأن ينظر لداخل عيناها ويُسمعها أرقي كلمات الغزل ،،

 

ولكن،، متيّ كان التَمني طائِع لرغباتِنا  ؟

 

أما زيدان الذي كان يتهرب من نظرات ورد المُتفحصة له والمُدققة لرصد ردة فِعله علي ما بدَرَ من إبن شقيقهُ ، ويضل السؤال قائماً ،، ما بيدة ليفعله  ؟

 

أحقاً يستطيع أن يقف بوجه أبيه هذة المّرة أيضاً ويعارضه ويُنجي بعزيزة أبيها من ذاك الحُزن الذي ينتظِرُها  ؟

 

لا والله لن يفعلها وخصوصاً أنه يَعلمُ عِلمْ اليقين آن إبنتَهُ تعشق ذاك القاسم حتي بعد كُل ما فعلة ،، وجَدها أكِيدُ من ذاك،، ولِذا إختار لها فارِسُها كي تظفر به وتنعم  ،،  لِذا فإذا تدخل سيكون هو الطرف الخاسِر داخِل تِلك المُعضِلة ،،

 

كل ما أستطاع فعله هو أن سحب ورد لداخل أحضانهْ حتي يُضمد لها جِراح روحِهَا التي أصَابتِها جَراء حُزن وآنكِسار صغيرتِها بتلك القسوة أمام أعيُنها

 

وبعد مرور حوالي ساعة كان قد تركَها زيدان مُتعمداً كي تَهدئ وتُخَرج كُل ما في صَدرِهَا حتي تستريح  ،، دقَ بابِ حُجرتِها فأذنت له ودلف للداخل،،

 

  إنشق صدرهُ لنصفين حين وجدها تجلس القُرفِصَاء فوق تختِها وعيناها مُنتفخة ، حمراء جراء كَثرة بُكائها الحَار،،

 

تحرك إليها بهدوء وجاورها الجلوس،،  ثم أمسك كف يدها وأحتضنهُ برعاية وشدد من ضَمته حتي يَبِثُ لها الطمأنينة،، ونظر داخل مِقلتَيها وأبتسم بخفوت،، بادلتهُ إبتسامتهِ بأخري مُنهزمة

 

تحمحم كي يُنظف حَنجرته وتحدث إليها مُتسائلاً بهدوء  :  جَدمتي في التَنسِيج   ؟ 

 

هزت رأسها بنفي فأكمل هو مُسترسِلاً بنبرة قوية   :  جَدمي في چَامعة القاهرة يا صفا

 

قطبت جبينها وأمالت رأسِها بهدوء بنظرة إستفهامية فأكمل هو بنبرة قوية مُساندة  :  مِن اليوم وطالع رايدك تشوفي مُستجبلك فين وتُرمَحي وراه رَمح ،، معيزكيش تعملي حِساب لأي حد مهما كانت غلاوتُه ومِجدارة عِنديكِ ،، عاوزك تُحطي مُستجبلك ودراستك في أولوياتك  ،، وزي ما آنتِ جولتي إن الدراسة في چامعة القاهرة هتعلي من شأنِك ومن تصنيفك،،

 

وأكمل بنبرة قوية ليُطمأن روحها  :  وإوعاكِ في يوم تخافي ولا تِجلَجِي طول ما أبوكي عايش وفي ضهرك ،،

 

وأكمل بإبتسامة حانية  :  ولازمن تِعرفي إنك غَالية وعَالية جَوي يا سِت أبوكي 

 

إبتسمت بسعادة وتحدثت بإمتنان وهي ترفع كف يدهُ إلي فَمِها و تُقَبٍلُها بحنان  :  ربنا يبارك لي في عُمرك وتِفضل دايماً سندي ومِنور حياتي يا أبوي

 

تنهد عَالياً براحة ثم إستطرَدَ حديثهُ قائلاً كي يُخرِجُها من حُزنها الذي أصابها   :  صفا،، أني معيزكيش تزعلي من قاسم  ،،  قاسم راچِل صِعيدي ودمُه حُر،،  مطَاجِش يشوفك واجفه مع راچِل غريب عَنيكي ،،  متنسيش كَمان إنك بجِيتي تُخصِية ولازمن يِغير عَليكِ ويخاف

 

هزت رأسها بتفهم لكن مازال قلبها مليئًُ بالخيبات والندبات التي لم تُمحيَ بمُجرد إستماعها لبعض الكلمات من عزيزها

 

وقفَ مُنتصِب الظَهر وتحدث بإبتسامَتهِ الخَلابة التي تأسِرُ قَلب بِنت أبِيها  :  يلا إفتحي المَوجَع وجَدمي حالاً في طِب القاهرة يا دَكتورة

 

إنتفضت من جلستها بسعادة وبلحظة كانت تُلقي بحالِها داخل أحضان غَاليها وكأنها ترمي إليه ألامُها وما يُؤرِقُ روحِهَا ،، شدد هو من ضَمَتِها وكأنهُ بتلك الضمة قد سحب عنها كامِلُ حُزنها  ،،

 

  فهكذا هو الأُب يا سادة

 

فليرحم الله من كان قِطعةً من قلبي،،وبرحِيلهُ ذهب الأمَانُ من قلبي إلي أخر الدَهرِ

--

صباح اليوم التالي داخل مدينة سوهاج

 

ذهب يزن إلي أراضْ جدهِ الواسعه ليلتقي والده الذي يٌشرف علي العمال وهم يحصدون محصول الذرة في موسمهٌ الصيفي من كل عام

 

وجد أباهُ جالسً فوق مقعدةٌ تحت المَظله التي تحجُب عنهْ أشِعة شمس شهر أغسطس الحادة،، واضعً بعض الدفاتر أمامهٌ فوق تلك المنضدة الخشبية الموضوعه أمامه

 

إقترب من جلسة أبيه وتحدث بإحترام  :  السلام عليكم يا أبوي

 

نظر له مٌنتصر بإستغراب لتواجدهٌ بتلك الساعة حيث يجب أن يكون بصحبة جدهِ وهو يٌسلم محصول ثمار البرقوق للمشتري

 

وتحدث مٌنتصر بإستغراب وتعجب   :  يزن،، بتعمل أية إهني يا ولدي وفايت چِدك لحاله مع الناس اللي بيشتروا المحصُول ؟!

 

أجابهٌ صغيره بإختصار  :  الناس مَشوا يا أبوي ،، چِدي معجبوش السعر وما أتفجوش ،، مع إن عمي قدري كان هيتچنن وشويه وكان هيميل علي يد چدي ويحب عليها لجل ما يتمم البيعه ،،بس چدي صمم علي رأية ومشاهم من الچنينة خالص

 

تنهد مٌنتصر بصدرٍ مٌحمل بأثقال الهموم من أفعال أخيه الذي يعلم علم اليقين أنهٌ علي إتفاق سري خبيث مع مشتري المحصول ليُبخس من ثمنه ويأخذ هو فارق السعر في الخفاء ليضعهٌ في حساباته البنكيه هو و زوجته والذي يُخفيها عن الجميع،،

 

ولكن لسوء حظه فقد وقع خطاب إستعلامي كان مبعوث له من البنك ليعُلمهٌ كيف أصبح حسابه هو و زوجته وبالصدفه وقع هذا الخطاب في يد مٌنتصر بعدما كذب علي ذاك المندوب وأخبرهٌ أنهٌ قدري

 

حيث أن قدري كان قد أخبرهم من ذي قبل بأنهٌ لا يٌريد أية خطابات إستعلامية تصل إلي منزله ولكن لسوء حظة فقد تغيرت إدارة البنك وجرت هذة اللخبطة

 

نظر يزن إلي أبيه مٌستغربً حزنهٌ الذي أصابه فجأة وتساءل ليطمئن علي عزيزٌ عينه :  مالك يا أبوي ،،أيه اللي غَيِر وشك فجأة إكدِه ؟!

 

أجاب ولده بمراوغة كي لا يكشف الوجه السئ لأخيه أمام يزن  :  مفيش يا ولدي ،،جولي يا باشمهندس ، كُت چاي لية وعاوز أيه  ؟

 

تنفس يزن عالياً ثم زفر براحة وتحدث بنبرة حذرة   :  عاوز أتحدت ويَا حضرتك في موضوع مهم يا أبوي ،،بس عاوزك تفهمني زين وتجدر كلامي وحالتي

 

ضيق مُنتصر عيناه وتحدث بنبرة قلقة  :  فيه أيه يا ولدي ،،إنطج جَلجتِني

 

نظر لوالده بتمعن ثم أجابهٌ بشجاعة  :  أني رايد أتچوز من صفا بِت عمي يا أبوي ،،مرايدش ليلي أني ،،معحبهاش يا أبوي

 

تنهد الوالد بأسي وتحدث بإستسلام مُهين  :  خلاص يا يزن ،،جُضي الأمر وچِدك أصدر أوامرة خلاص

 

إنفعل يزن وأردف قائلاً بنبرة حادة  :  حُكم قراقوش هو ولا حكم قراقوش ؟؟

 

 وأكمل بإعتراض :  مين إدي السُلطة لچدي إنه يُحكم ويتحَكَم في مصِيرنا وجلوبنا كيف ما يحلالُه ،، بأي حَج يُحكُم علي جَلبي بالإعدام ويُجبُرني أعيش مع واحده وأني جَلبي مِلك لغيرها

 

تنهد مٌنتصر بأسي لحالة ولدهٌ البكري وعزيزهٌ وهو يري تشتت ومعاناة روحهٌ من تجبر چده

 

وأردف قائلا بنبرة حنون كي يٌسيطر بها علي غضب نجلهِ الحبيب  :  فيه حاچات أشد من العِشج يا ولدي ،، مع الأسف يا يزن ،، العادات والتجاليد هي اللي بتحكُمنا

 

إحتد وجه يزن وأردفَ قائلا بحدة وغضب   :  ملعون أبوها التجاليد دِي اللي تخليني أنسى عِشج عُمري وأدفن حَالي في حُضن مَرّه مرايدهاش ،،  وكأن إكتب علي أموت وأني لسه علي وش الدِنيي وحُضن ليلي يُبجا كَفني ومَجبرتي

 

صاح مٌنتصر بوجة ولدهِ بحده وتحدث ناهراً إياه   :  إتحشم يا واد وإنتَ بتتكلم علي بِت عمك،، وبعدين مين اللي جال لك إن صفا هترضي بيك يا حزين  ؟

صفا رايده قاسم ، وچدك وچدتك عارفين إكده زين وعشان إكده إختاروها هي بالذات دونً عن غيرها لقاسم

 

أجاب والده مفسراً   :  وقاسم مريدهاش يا أبوي ،، قاسم بيحب واحده مصراويه وأني سِمعته بودني دي وهو بيكلمها وبيحب فيها في التلفون من الچنينة  ،، صدجني يا أبوي قاسم مرايدهاش 

 

تحدث إليه أبيه بيقين   :  قاسم شاب ،،مال وجاه ورچوله الله أكبر ،، وعايش في الغربه لحالة وأكيد البنات حواليه يَامَا،

 

وأشار بيده مُقللاً من الحديث  :  أهو بيسلي نفسيه وبيسلي وحدته في مصر ،،لكن لما توصل للچواز أكيد هيختار البِت اللي تِليِج له وتشَرِفه جِدام عِيلته وبلده،،والدليل علي حديتي دِي إنه وافج چدك علي جراراته ومعصهوش ولا أعترض زييك

 

تحدث يزن بيقين من داخله  :  متخدعش حالك بكلام حضرتك عارف حجيجته زين يا أبوي ،، كلنا عارفين إن سكوت قاسم وموافجته علي جَرارَات چِدي ما هي إلا طاعة عامية لتهديدات وضغط عمي قدري عليه ،، كُلنا خابرين زين إن عمي قدري طمعان في مال عمي زيدان اللي لمُه بشَجاه وتعبه طول السنيين اللي فَاتت ،، عمي قدري ومَرته حسبوها صٌح ،، يجوزوا صفا لقاسم ويستولوا علي شجا عمي 

 

تنهد الأب لعلمهِ وتيقنهُ من صحة حديث صغيره ولكن ماذا عساهٌ أن يفعل أمام جبروت أبية وتحكماتة الشديدة المٌتعصبة

فاتخذ من الصمت ملاذاً له

 

--

في مساء اليوم التالي

 

كانت تجلس داخل غرفتها حزينة شاردة تفكر فيما فعلة ذاك القاسم ،، عديم القلب ،، فاقد المشاعر والإحساس والتي لم تشعر من جانبهِ إلي الآن أية مشاعر إيجابية بإتجاهها  ،، فاقت علي طرقات تٌقرع فوق بابها بخفة

 

سمحت للطارق بالدخول فدلفت والدتها وتحدثت لِتُخبرها بهدوء   :  قاسم برة ورايد يشوفك يا صفا

 

حَزِن داخلها حين إستمعت إلي ذكر إسمة فتحدثت إلي والدتها بنبرة حزينه ومازالت مُستكينة بجلسَتِها فوق فراشها بإستسلام   :  معوزاش أشوف حد

 

تنهدت ورد وتحدثت إلي صغيرتها بإصرار   :  جومي غيري خلجاتِك وإطلعي له يا صفا،، قاسم شكلة جاي يعتذر لك عن اللي حٌصل مِنيه عَشيه

 

تنهدت بأسي وأطاعت والدتها وأرتدت ثوبً هادئً وتحركت للخارج ،، وجدته يجلس بجانب أبيها ،، ولا تدري ما الذي أصابها حين رأته ،، إنتفاضة إجتاحت جسدها بالكامل بمجرد رؤيتها لعيناه ،، فبرغم يأسها الشديد الذي تسبب لها به ،، وبرغم حٌزنها وغضبها منه إلا أنها بمجرد فقط ظهورهٌ أمامها تنتابها مشاعر جياشة تجتاحٌ كيانها بالكامل

 

وقف سريعً عند رؤيتها وأمال بجزعهِ إلي تلك المنضدة الموضوعة أمامه وألتقط من فوقها تلك الباقة الرائعة المكونه من زهور البنفسج التي تٌبهج النفس وتبثٌ بها سعادة

 

حمل الباقة وأقترب عليها وأردفَ قائلاً بإبتسامة خَلابة وهو يمد يدهٌ بتلك الزهور كآعتذاراً صريح لما بدر مِنهُ ليلة البارحة   :  كِيفك يا صفا

 

نظرت إلية بعيون مٌتسعة،، مذهولة،، سعيدة وقلبٍ ينبُضُ بشِدة ويكادٌ يخرج من بين ضِلُوعها ليرتمي داخل أحضانة ويَسعَدُ بدفأهِ

 

وأسترسل هو مٌبتسمً وهو يٌعطيها الزهور  :  أني أسف يا صفا ،، حَجك علي،، وصدجيني أني مكُنتش أجصُد أزعلك ولا أتسبب لك في نزول دمعة واحده من عيونك الغالية

 

كانت تنظر إليه فاتحة فاهها ببلاهه وهي تستمع لكلماتهِ الرقيقة التي لم ولن تتوقعها منه حالياً وبالتحديد أمام مسمع ومرأي من والديها ،  طار داخلها وشعرت بزلزلة عنيفة تسري بداخل شرايينها ،،

 

بسطَت يداها ناحيتهُ وأخذت منه باقة الزهور وبدون إدراك قربتها من أنفِها لتشتمَ عبيرها بإستمتاع ثم آحتضنتها وتحدثت بنبرة سيطرت عليها السعادة  :  مُتشكرة يا قاسم

 

إبتسم تلقائياً حين لَمحَ علي محياها كل تلك السعادة التي إرتسمت بلحظات من مُجرد تصرفهُ البسيط ذاك ،،ثم تحرك قليلاً ومال ليلتقط إطاراً كبيراً كان يضعه بجانب الأريكة وتحدث إليها بنبرة حنون  :  غمضي عِنيكي يا صفا

 

نظرت إلي والدها الجالس يترقب ما يحدث وآبتسامة حانية تملكت من ثَغرة وزينتة لتزيدهُ وسامة  ،، أشار لها زيدان بأهداب عيناه بأن تفعل ،،

 

فآبتسمت وأغمضت عيناها بالفعل بعدما أخذت الإذن من عزيزُ عيناها ،  نظر قاسم إلي عمه وشكرة بعيناه وبدأ بنزع الغطاء الورقي من فوق الإطار

 

وتحدث إلي صفا  :  ودالوك يَلا فَتِحِيهُم 

 

أفتحتهما بالتدريج وإذ بشهقة سعيده مذهولة تخرج من أعماقها وهي تري أمامها  Portrait( بورترية)  مرسومً لها بإتقانٍ شديد جعلها تشعُر وكأنها تٌحلق في السماء بجناحين من نور  

 

وكان قاسم قد هاتف عمه بعد عودته إلي سكنه وطلب منهُ أن يبعث لهُ صورة شخصية لصفا كي يذهب بها إلي رسام ويجعلهُ يخُط لها برسمة كتعويضً منه علي ما فعل

 

نظرت إلي مقلتية وألتقا بعيناها وإذ برعشة تُصيب جَسده من تلك النظرة ولا يدري بما يُفسرها هو ،، نفض من داخله ذاك الشعور سريعً وتخلص منه بحِدة ورفض،،

 

وتحدث إليها مُتسائلاً بنبرة جادة  :  أيه رأيك يا دَكتورة  ؟ 

 

إشتدت سعادتِها من مُجرد ذِكرهِ لها للقب دكتورة التي تعشقه وطالما حَلُمت بإستماعهِ من الجميع وخصوصاً هو،، وتحدثت  بسعادة  :  كُل دِه عِمِلته علشاني يا قاسم ؟!

 

أجابها بهدوء وصدق   :  زعلك غالي علي يا صفا ،، ومجدرش أشوفك زعلانه مني وأجَف ساكت إكدة ،، ياريت أكون جِدرت أكفر عن ذنبي معاكي وحاولت ولو بسيط أعوضك عن الرسمة إياها 

 

أجابته قائلة وإبتسامة جذابه إرتسمت علي محياها  :  وأني كفاية عليا كلامك دِه يا قاسم ، محا لي كل حُزني اللي صابني

 

تحدثت ورد إلي قاسم بإبتسامة سعيدة ناتجة من سعادة طفلتها الوحيدة  :  إجعد يا قاسم ويا صفا،   وأني هروح أعملكم أحلا عشا فيكي يا مصر

 

تحدث إليها قاسم بإعتراض لطيف  :  متتعبيش حالك يا مرت عمي ،

ثم حول بصرةُ إلي عمه وتحدث بإحترام  : أني بعد إذن عمي هاخد صفا ونتعشا برة وكمان هعزمها علي سِينما بعد العشا تعويضً مني عن اللي حُصل إمبارح

 

إنتفض داخلها ونظرت تترقب موافقة أبيها بقلبٍ مٌتلهف ، نظر لها زيدان وكاد أن يعترض إمتثالاً لنظرات ورد القلقة لكنه تلاشي كٌل الإعتبارات في سبيل سعادة طفلته التي رأها بعيناها

 

وتحدث بإبتسامة حنون  :  وماله يا قاسم ،، صفا معاك هتُبجَا في أمان كَنها معاي بالظبط

 

إبتسمت لأبيها وتحدثت بلهفة وسعادة بلغت عنان السماء  :  أني هدخُل أچيب شنطتي وهاچي حالاً

 

______

 

بعد مدة كانت تتحرك بجانِبه داخل المطعم وتوقفت حين أشار لهما الموظف المسؤل عن إدارة المكان عن موقع المنضدة الخاصة بهما

 

وقفت تنظر إلية وإنتظرت أن يسحب لها المقعد لتجلس كما تري في أفلامها وكما صور لها خيالُها الحَالم ،، لكنهٌ أحبَط عزِيمتِها وجلس علي مقعدة بمنتهي البرود حتي قبل أن تجلس هي

 

نظر لها وتحدث بنبرة باردة  :  واجفة ليه يا صفا ،  متُجعدِي

 

إستفاقت علي حالها ورجعت بخيالها لأرض واقعها المرير ، هزت له رأسها بإيمائة وآبتسامة كاذبة تٌخفي خلفها أهاااات من خزلات وصفعات تتلقاها منه مؤخراً واحدة تلو الأخري

 

جلست وجاء إليهما النادل وأملاه كلاهما ما يٌريد من الطعام بعدما قررت صفا أن تأكل مثل حبيبها ،،

 

ذهب النادل ونظر هو لشاشة هاتفة وبدأ بمراسلة أحدهم تحت نظراتها المُستعجبه ،

إستشاطت من أفعاله الغير مٌرضية لكبريائها ولشخصيتها القوية التي لم يَرَها بَعد

 

فتحدثت بنبرة حاده بعض الشئ وملامح مُقتضبة  :  مكَانِش ليها لزوم خروچِتنا دي طالما مشغول للدرچة دي 

 

ضيق عيناه مٌستغربً حدة نبرتها وملامحها الطفولية التي ظهر عليها الغضب بطريقة مٌضحكة ، إبتسم لها كي يٌهدئها وتسائل بهدوء   :   زعلتي إياك  ؟

 

اخذت نفسً عميقً واجابتة بنبرة قوية لائمة  : مبحبش حد يهمل وچودي ويتلاشاني ويهين كرامتي

 

إتسعت عيناه وتحدث إليها مستغربً بدٌعابة    :  كٌل دِه أني عِمِلته بمسكتي للتَلفون ؟

 

أجابته بنبرة حزينة تملكت من صوتها  :  مسكتك للتلفون اللي مستهون بيها دِي معناها كبير جَوي عِندي يا قاسم ،

 

وأكملت بعبرة خنقت صوتها  :  بعد إكدة لو مش حابب تُجعد وياي متُبجاش تضغط علي حالك

 

شعر بطعنة داخل صَدرِة لأجل حٌزن تلك البريئة ولام حَالهٌ وأنبها علي خِداعِةِ لتلك المِسكينة التي يعلم أنها تكنٌ له معزة خاصة ، ولكنهُ نفض من عَقلةِ فكرة عشقها له وأقنع حاله أن ما يحدث معها ما هو إلا مجرد إعجاب وتعلق من فتاة مراهقة ساذجة فاقدة للخِبرة بشخص إبن عمها لا أكثر

 

أغلق هاتفه ووضعهٌ فوق المنضدة بإهمال وتحدث بإبتسامة  :  وأدي يا ستي التَلفون اللي مزعلك ،

 

وأكمل بإهتمام كي يٌزيل عنها حٌزنها  :  بس أني معايزكيش تاخدي الأمور بحساسية إكدة يا صفا ، زعلتي وكبرتي الموضوع علي الفاضي

 

وأكمل مٌبرراً بصدق  :  كُل الحكاية إني كنت براسل زبون عِندي علي الواتس عِنديه جضيه وأتحدد مِيعاد چلستها السبوع دِي وكُنتَ بخبرُة عِنيِها مش أكثر

 

نظرت له ومازالت تكشيرة وجهها موجودة فتحدث هو بدعابة  :  خلاص بجا عاد ، يلا إبتسمي وريني الضحكة الحِلوة لست البنات

 

إبتسمت له وأنار وجهها وضل قاسم يتحدث معها بإهتمام حتي اتي النادل بالطعام وانزلهٌ وبدأو بتناوله وبعد الإنتهاء ذهبا سوياً إلي السينما وقضت معه أسعد ليلة بحياتها حيثُ غمرها بإهتمامه ك تكفير منه عن ما أقترفهُ بحقِها،، وبعدها أوصلها إلي منزلها و ودعها و عادَ إلي محل إقامته

 

--

في اليوم التالي داخل محافظة سوهاج

مازال زيدان وورد وصغيرتهما بالقاهره ،،جمعت الچَده قدري ومٌنتصر وزوجتيهما وأنجالهما ،، وقد إتفقت بوقتٍ سابق مع عتمان أن لا يأتي علي الغداء ويبقا بحديقة الفواكة ،، كي يٌعطي لها فرصة إخبارهم بإنتوائها لإكتتابها بالعشرين فدان التي تملكٌهما إلي صفا

 

نظرت لها فايقة وتحدثت بنبرة حاده لائمة  :  بس اللي بتجولية دِه إسميه ظٌلم يا عمه ،،، إشمعنا صفا اللي تكتبي لها العشرين فدان ورثتك ،  أيه،، ملكيش أحفاد غيرها إياك ؟

 

وأكملت ليلي ونار الغل تنهش بصدرها   :  كُل حياتكم بجت ظلم وإفتري ، مفيش علي الحِچر غير الست صفا وچلعها الماسخ ، حتي في الورث وشرع الله هتخالفوة لچل عيونها !!

 

أخرصتها الچده بصياحٍ عارم  :  إخرصي يبت وإتحشمي وإنتِ بتتحدتي وياي ،، شرع أيه اللي هخالفه يا مجصوفة الرجبة إنتِ ،،

 

وأكملت بتجبر وعِناد  :  ورثتي وهديها لبت زيدان ،، أيه اللي يزعلكم في إكده مفهماش ؟

 

تحدثت مريم بنبرة مُعترضة تأكيداً علي حديث ليلي   : هو اللي يجول الحَج في البيت ده تخرصوة ؟

 

وأردف يزن بنبرة جاده وذات معني ومغزي  : خلي بالك يا چَدة ،، إنتِ بتصرفك دِه مبتفديش صفا ،، لا،،،إنتِ بإكدة بتأذيها أكتر وإنتِ مدريناش  !!

 

وتلاهٌ مٌنتصر الذي تحدث مٌعترضً  :  اللي بتِعمليه دِه غلط وحرام شرعاً يا أماي

 

نظرت إليهم الچده بنظرات ثاقبة وتحدثت بنبرة حادة وهي تتنقل النظر بين الجميع   :  لما أنتوا فيكم إلسنه إكده وبتعرفوا الحلال والحرام  متحددتوش وأعترضتوا ليه لما زيدان أبوه حرمه من ورثته زمان ،، ولا عشان ده كان عيصب في حِچاركم سَكتوا وطرمختوا علي الموضوع  ؟؟

 

أجابها مٌنتصر مذكراً إياها :  مين اللي سكت يا أماي ؟؟

 

وأكملَ ليٌذكرُها  : كام مّرة أني حاولت أتدخل وأصلح بين أبوي وزيدان ،، بس إنتِ أكتر واحده أدري بأبوي وبدماغه الناشفة ،، أبوي بجرارة ده خالف شرع ربنا ،، بلاش تخالفيه إنتِ كَمان بعملتك دِي يا حاچة رسمية

 

تحدثت فايقه بتأكيد بنبرة حاده  :  كلام مٌنتصر صٌح يا عمة ،، ده غير إن زيدان إتعاجب لأنه غِلط وخالف عادات وتجاليد العيله وحرم نفسه وحرمكم من الواد اللي عيشيل إسمة وإسم أبوة من بعديه ،، ولجل إكده إتحرم من ورثتُه ،،

 

وأسترسلت بنبرة معاتبة  :  لكن إحنا وأحفادك بتعاجبينا وتحرمينا من خيرك ليه ؟!

 

كان يجلس يبتسم من داخله علي قرار والدته والذي يصبُ داخل مصلحتهٌ هو وولدهٌ البكري ،، فقد زين لهٌ الشيطان أفكارة بأن يجعل قاسم يستغل عشق صفا له بعد زواجهما ويٌجبرها علي التنازل لهٌ بالعشرين فدان ،،

 

ثم بعد ذلك يجعل قاسم يتنازل هو الأخر له عن تلك الورثه التي طالما حلٌمَ بها مِراراً،، والتي ستكون رُمانة الميزان بالنسبة له،،وستحقق لهٌ حٌلمة بأن يٌصبح ذو مال وجاة يُعادل جاة ومال زيدان 

 

نظر لتلك الغبيه التي أثارت غضبتة وتحدث بهدوء عكس ما يدور بداخلة ليهدأها ويجعلها تنظر لذاك القرار من جهة آخري  :  وإنتِ إية اللي مِزعِلِك جوي إكده يا فايقة ،، هي صفا دي مش هتُبجا مرت ولدك وكُله عيصُب في الآخر في حِچرة وحِچر ولاده ؟

 

إتسعت حدقة عيناها منتبهه لصحة حديثهُ التي كانت تغفل عنه،، وبلحظة تحول غضبها الداخلي إلي سعادة لا توصف من شدة جشعها

 

وضع مٌنتصر ساقً فوق الأخري وتحدث بتعجب ساخراً وهو يحُك ذقنهِ بيده :  هي بجت علني إكده يا قدري ؟!

 

ضيق عيناه لشقيقهٌ وتساءل بعدم إدراك لمعني حديثه  :  أيه هي اللي بجت علني دي يا واد أبوي ؟

 

أجابهٌ بحده  : الطمع يا قدري ،، الطمع اللي مالي عنيك في مال زيدان ومال بِته !!

 

وقفت الچده وتحدثت بحده لتٌنهي ذاك الصراع الدائر بين ولديها  :  بكفياكم عاد يا ولاد عِتمان ،، هي حَصلت كمان إنكم تتعاركوا جُدامي ؟

 

وأكملت بنبرة صارمة  :  جراري أخدته وخُلص الحديت ،، العشرين فدان هكتبهم لصفا وهبلغ قاسم إنهاردة يعملي بيهم عَجد تنازل ليها  ،،

 

وأسترسلت حديثها بتفسير صارم  :  وأني إن كنت ببلغكم فده لجل ميكون عنديكم خبر،، مش عشان تشاركوني جراري وتحاسبوني عليه

 

وأكملت بحدة وصرامة  : يلاااا كل واحد يتكل علي الله ويشوف مصالحه ،، وإنتِ يا فايقه إنتِ وحياة ،، خدي البنِته وأدخلوا المطبخ جهزوا العشا للرچالة

 

وتحركت إلي حُجرتها وتركت الجميع كٌلٍ ينظر للأخر بغضبٍ عارم لو خرج من داخلهم لأشعل في المنزل بأكملة

 

تحدث مٌنتصر إلي قدري بعيون تٌطلق شزراً  :  لعِبتها صُح إنتَ ومرتك يا قدري ،، بس خلي بالك زين ،، لأني بعد إكده أني هجف لك بالمرصاد ومش هنولك اللي في بالك واصل

 

وتحرك للخارج وتلاه يزن الغاضب وبشدة 

وأنفض الإجتماع وتحرك كٌل إلي وجهته

نظر فارس إلي والديه بحزنٍ عميق وتحرك لأعلي متجهً إلي غرفته

 

--

 

كان يجلس داخل مكتبه الخاص يدرس بعض القضايا المهمة بإهتمام ،، دلفت إليه إيناس بعدما دقت بابه للإستئذان ،،

 

إقتربت وجلست أمامه فوق المكتب بوضعية مٌثيرة ووضعت ساقً فوق الأخري بدلال وتحدثت  :  وحشتني

 

إبتسم لها بخفوت وأردف قائلاً بنبرة خالية من أية مشاعر  : وإنتِ كمان

 

تنفست بهدوء وتساءلت  :  عمك وبنته رجعوا لسوهاج ولا لسه هنا ؟

 

أجابها مهمومً وهو يتنفس الصعداء   : حچزت لهم رحلة بكرة الساعة عشرة الصبح

 

تنفست الصعداء وأردفت قائلة بضيق  :  أخيراااا ،، ده أنا من وقت ما جم وأنا مش عارفة أتلم عليك يا قاسم ،، كل يوم يا خارج معاهم يا إما بتزورهم في شقتهم،، بجد حاجة تُخنق

 

أجابها بتملل ونبرة حادة أربكَتها :  خلاص يا إيناس ،، قولت لك هيسافروا بكرة وقفلي بقا علي الموضوع ده،،

 

وأكمل مُهدداً  :  وتاني مرة ما تتكلميش عن حد من عيلتي بطريقتك المُستفزة دِي لاني مش هسمح لك بكدة

 

تلبكت من حدته وبلحظة قررت إعادته إلي عالمها من جديد فتحدثت بنبرة أنثوية مٌهلكة :  إنتَ زعلت مني علشان بغير عليك يا قاسم ؟

 

تحدث إليها بنبرة حادة وعيون غاضبة متسائلة  :  بتغيري عليا من مين يا إيناس ، من صفا ؟!

 

صفا العيلة الصٌغيرة اللي إنتِ مٌتأكدة من جواكي إني عمري ما شفتها ولا هشوفها غير إنها أختي الصغيرة ؟!

 

أخذت نفسً عالياً ثم تحدثت بهدوء وهي تتلمس ذقنهِ النابت بدلال إنثوي مٌثير  :  طب ممكن حبيبي يهدي شوية

ثم تابعت بأسي مصطنع  :  علشان مش بحب أشوفك زعلان

 

إنتفض من جلسته ووقف وأمسك يدها وأبعدها سريعً بحدة عن ملامسة وجهه وذلك كي لا يدع الفرصة للشيطان بأن يتملك منه بعدما إرتعش جسدة بلذة من ملامستها تلك،،وذلك طبيعي أن يحدث لأي ذَكراً عندما تُلامسهُ أنثي بكل ذاك الدلال

 

تحدث متحمحمً بالصعيدي بعدما فقد سيطرته من تصرفاتها التي تستشيطة غضبً   :  وبعدين وياكِ يا بِت الناس ،، مهطبتليش إسلوبك الغريب دِه ؟

وأكمل بنبرة حاده  :  ده أني لولا إني عارفك زين وعارف أخلاجِك كٌت جُولت عليكي واحده لعبيه ومش تمام

 

إتسعت عيناها بصدمة من كلماته المهينة ووقفت سريعً تنظر إليه وتحدثت بغصة مؤلمة  : إنتَ بتقولي انا الكلام ده يا قاسم ؟

وتساءلت بعيون مٌلتمعه بالدموع  :  وليه ؟

علشان بحبك وحابة نتقرب من بعض وناخد علي بعض أكتر قبل الجواز  ؟

 

وأكملت بعيون عاشقه   :  أنا بحبك يا قاسم ونفسي نعيش سِننا ونتمتع بحياتنا اللي إنتَ مضيقها علينا وحارمنا من كل مٌتعها

 

وأكملت بتذمر  :  مش كفاية إننا لا بنسهر ولا بنسافر مصايف سوا ، ده حتي ممنوع عليا أسهر معاك وتاخدني في حضنك ونرقص سوا زيي زي أي بنت في سني مخطوبة وبتحب خطيبها ونفسها تحس معاه بلذة الحياة

 

تنفس عالياً وأجابها بهدوء كي لا يحتد عليها مجدداً ويرتفع رنين صوته ويخرج لأسماع الخارج من الموظفين والعملاء  : وأنا قٌلت لك قبل كده إن كل الكلام ده بِدع وحرام وأنا عمري ما هسمح لنفسي أعمل حاجة تغضب ربنا مني ويكون فيها هلاكي

 

أجابته بطريقة تفكيرها المتحرر المخالفة لشرع الله وإتباعها لخطوات الهوي والشيطان  :  وأيه بقا اللي بنعمله يغضب ربنا يا متر ، إحنا مخطوبين يعني أي تقارب يحصل بينا عادي

 

نظر لها بعيون مستغربه حديثها وتحدث إليها ساخراً  : إنتِ متأكدة من كلامك ده يا حضرة المحامية يلي دارسة شريعة وقانون

 

أجابته بثقة مُتبجحة :  ما لا يٌدرك كله لا يٌترك كله يا قاسم ،، دينا نفسه بيقول كدة

 

أجابها بحده  :  بلاش تخدعي نفسك وتفسري الدين علي هواكي يا إيناس ،، الحلالٌ بين والحرام بين يا بنت الناس

 

ودي أخر مرة هنبهك وهقولك الكلام ده،، الموضوع ده لو إتكرر تاني إنسي إتفاقنا وكل واحد فينا يروح لحاله

 

ووقف بعيداً وأشار لها بيده إلى الباب  :  والوقت إتفضلي علي مكتبك لأن عندي شغل كتير محتاج أخلصه

 

إبتلعت لعابها وتحركت إلي الخارج بعدما إنتوت تغيير خطتها مع قاسم كي لا تستدعي غضبهُ من جديد ويضطر هو لتنفيذ تهديدة لها

--

بعد يومان داخل محافظة سوهاج

كانت تجلس بداخل حديقة منزل العائلة ترجع برأسها للخلف ساندة علي ظهر المقعد بمظهرٍ يجذب ،، تنظر بإسترخاء إلي السماء تتأمل عظمة الله في صنعه

 

قاطع شرودها يزن الذي إقترب عليها ينظر إلي كٌل إنشٍ بوجهها بإشتياقٍ جارف لحبيبته الصغيرة وجمالها البارع الذي تفنن الله سبحانة وتعالي في صُنعه وإبداعهُ ،  دق قلبهٌ بوتيرة عالية وأبتلع لعابهٌ من شدة إشتياقة

 

وتحدث إليها كي تتطلع إليه بمقلتيها الساحرة وتنعش روحه وتعطيها دفعة أمل  :  كيفك يا صفا

 

إعتدلت سريعً وهي تٌعدل من جلستها ثم نظرت إليه وتحدثت إلية بإبتسامة ساحرة ونبرة رقيقة  :  الحمدلله يا يزن

 

سحب مقعداً وجلس بجانبها وتساءل بإهتمام  : إنبسطي في القاهرة يا صفا  ؟

 

تهللت أساريرها وتغيرت معالم وجهها للسعادة وتحدثت بنبرة حماسية وعيون لامعة  :  جوي يا يزن ، قاسم عزمنا علي الغدا علي مطعم عايم في النيل ، وتاني يوم عزمني علي العشا برة و وداني بعدها سينما  ،، وأبوي أخدني لمكتبة كَبيرة وإشتريت مِنيها مچموعة كُتب جيمة جوي، هبجا أديك مِنيهم كِتاب تجراه،، متوكدة إنه هيعچبك جوي

 

كانت تتحدث بعيون سعيدة ونبرة حماسية أحبطت ذاك العاشق الذي تساءل بهدوء  :  إلا جولي لي يا صفا ، إنتِ أية رأيك في موضوع خطوبتك من قاسم دِي  ؟

 

إرتبكت وتلونت وجنتيها باللون الأحمر الداكن من شدة حيائها ،وتحدثت علي إستحياء  :  أبوي وچدي موافجين وأكيد هما أدري بمصلحتي مني

 

نظر لها يزن وتهللت أساريره حين أجابته هكذا ظناً منه أنه لا فرق لديها بين قاسم او غيره وسألها باهتمام ولهفة  :  أفهم من إكدة إنك مش فارج معاكي تكوني مخطوبة لقاسم أو غيره يا صفا ؟

 

تلبكت وارتبكت بجلستها ولم تدري بما ستُجيبه وفجأه إستمع كلاهما إلي صوت فايقه الحاد وهي تقترب عليهما، حيثُ أنها كانت تنظر من شرفه غرفتها فوجدت يزن يقترب من جلسة صفا ولأنها خبيثة وذكية ومُلمة بحال الجميع كانت تراقب تصرفات ونظرات الجميع عن كثب وفي صمتٍ تام، تيقنت بفِطنتها عشق يزن الجارف إلي صفا،

 

ولهذا سبقته بخطوة وحدثت عَمتها عن رؤيتها صفا زوجة مناسبة لولدها البكري قاسم ، ولكنها تفاجأت بأن عتمان كان قد قرر مُسبقاً إنتوائة لزواج قاسم من حفيدته وذلك كي يحفظها ويحميها من غدر البشر وتقلبات الزمن ،

 

جن جنونها عندما غزت أفكارها بأن يحاول يزن اللعب علي قلب تلك البلهاء عديمة الخبرة ويجعلها تتخذهُ حبيبً بديلاً عن ذاك القاسم الذي ييبس رأسه ولا يستمع إلي نصائح والدته ويقترب أكثر من تلك المراهقة ويستحوذ علي تفكيرها وجميع حواسها أكثر وأكثر ،   جرت الى الاسفل بجنون لتمنع يزن من الاعتراف لها بعشقه

 

تحدثت بنبرة حادة إلي يزن  :  سايب عمك لحاله في الأرض مع الانفار و واجف عنديك بتعمل أية يا يزن  ؟

 

نظر لها بضيق وتحدث بحده مُماثلة :  جري أية يا مرت عمي،  مالك فتحة لي تحجيج إكدة ومحسساني إني تلميذ خيبان وأتظبط وهو هربان وعم ينط من سُور مدرسته ؟

 

ثم أني خلصت شغلي اللي مطلوب مني وجيت علي البيت أريح راسي شوي  ،  ولا يكونش منعوا الراحة إهني واني مدريانش.؟

 

إبتسمت بجانب فمها بطريقة ساخرة وتحدثت بحديث ذات مغزي :  ممنعوهاشي ولا حاچة يا يزن ،  بس اللي ممنوع إنك تحاول تلعب وتِغَير  في ترتيبات اللُكبار،  وجتها هتكون بتغلط غلط كَبير جوي مش بس في حجك،  لاء،  ده في حج أبوك كَمان،، ودي لوحديها فيها عجاب كبير جوي يا واد الأصول

 

إستشاط داخله من تلك الأفعي الرقطاء التي تتحرك داخل عقول الجميع وتبثُ سُمها داخل افكارهم دون رَدعٍ من أحدهم

 

إبتسمت له بسماجة ثم حولت بصرها لتلك الواقفه لا تفقه شئ مما يحدث أمامها ويرجع ذلك إلي شِدة برائتها

 

وتحدثت إليها بنعومة كالأفعي :  أني كنت لسه داخله عنديكم يا صفا عشان أبلغكم إن قاسم هياجي كمان يومين وهندلوا معاه أني وإنتِ وأمك للمركز لجل ما ننجوا شبكتك يا عروسة

 

نزلت كلماتها تلك علي قلب تلك العاشقة أنعشتها واعطتها دافع للحياه،  ظهرت قمة السعادة علي وجهها وصمتت خجلاً ثم نظرت فايقة إلي يزن الذي تملك الحزن من داخلة عندما رأي كل تلك السعادةعلي وجه هذة البريئة وتأكد حينها أنها تريد ذاك القاسم لا غير

 

وجهت فايقة حديثها ذات المعني إلي يزن قائله   :  شفت يا يزن فرحت بِت عمك بخبر شبكتها جد إية  ؟ 

 

واكملت بنبرة شبه أمرة  :  چهز حالك إنتَ كمان عشان جدك أمر إن إنتٓ وفارس هتدلوا  بكرة المركز وتنجوا شبكت عرايسكم

 

في تلك الأثناء خرجت ورد كي تبحث عن إبنتها،، إرتعبت أوصالِها حين رأتها بصُحبة تلك الحية،، تحركت سريعً إلي وقفتهم  ،، حين أبلغتها تلك الشٕمطاء لأوامر عِتمان وأن عليها التأهب ،، وتركهم يزن بقلبٍ مُنكسر وتوجة للداخل

--

كان يتحرك بقلبٍ مُنكسِر وخيبة أمل أصابته جراء ما رأهُ من سعادة داخل عيون صفا،،، ناراً شاعلة بجسدة بالكامل،، مُتجةً إلي الدَرج ومنهُ إلي حُجرتهِ  ،،

 

وجد من توقفهُ بنِدائَها العالي وتُسرع إلية بخطواتها حتي توقفت أمامهُ وتحدثت بنبرة سعيده حماسية  :  كَيفك يا يزن،، عِرفت إن چِدك أمرّ بإننا ندلوا كِلياتنا للمركز بكرة لجل منجوا شبكتنا أني ومريم  ؟

 

نظر لها بنصف عين وأردف قائلاً بنبرة ساخرة  :   مبروك عليكي،،  بس أُبجِي خُدي چِدك وياكي لجل ما يكمل أوامرة ويختارلك شبكتك بنفسية

 

حزنت وأقشعرت ملامحُها بعبوس وتحدثت بنبرة حزينة  :  أني عارفه إنك معتحبنيش ولا كُت رايدني من الأساس  ،،

 

واكملت بنظرة حاقدة  : وخابرة كَمان مين اللي كانت السبب في إكدة

 

وأسترسلت بنبرة حماسية  :  بس أني ريداك وعشجاك يا يزن وهعمل كُل چُهدي لجل ما أخليك تعشجني وتريدني كيف ما أني عاشجة تُراب رچليك

 

نظر لها مستغربً تبجُحِها وعدم حيائها وتحدث إليها بنبرة فظة  :  ماتتحشمي يا بِت،، چيباها منين البچاحة اللي إنتِ فيها دي  ؟ 

 

إبتسمت لهُ بسعادة وأردفت بنبرة عاشقة  :   إنتَ عتسمي عِشجي ليك بچاحة؟

 

أنقذهُ من تلك الحية صوت فارس الجَهوري الذي يتدلي من فوق الدرج حيثُ تحدث بنبرة حادة  :  واجفة عِنديكي بتعملي إية يا بِت

 

رفعت بصرها للأعلي تُطالع شقيقها وتحدثت بنبرة باردة  : كُت ببلغ يزن بإننا هندلوا بكرة كلياتنا علي المركز لجل ما نشتري شبكتنا

 

وما ان إستمع ذلك الفارس حتي إشتعلت النيران بجسده هو الأخر وتحدث إليها ناهراً إياها  :  شبكة الندامة عليكِ يا بَعيدة  ،،  غوري إنچري علي المطبخ إعملي كُباية شاي

 

نظرت لذاك اليزن وتحدثت بنعومة  :  وإنتَ يا يزن،،  تحب أعمل لك إية  ؟

 

نفض جلبابهُ بغضب وأردف ساخراً  : عايزك تعتجيني لوجة الله يا ليلي  ،،  تعرفي تِعمليها دي  ؟

 

إبتسمت إلية وكأنها لم تستمع إلي توبيخها وأردفت قائله بنبرة هائمة  :  هعمل لك شاي وَيَا فارس وأطلعهولك في البرَاندا

 

قالت كلماتها وأنسحبت مُتجهَ إلي المطبخ بعدما نظرت إلية وتنهدت بحرارة

 

إقترب فارس من يزن وأمسك كتفهِ وتحدث بنبرة ساخرة وهي ينظر لتلك التي تتحرك بدون خجل :  ياتري عِملت إية في دُنيتك يا حَزين لجل ما ربنا يبتليك بالبلوة السُودا دي  ؟

 

أجابهُ بإقتضاب  :  إتولدت في العِيلة الهَم دِي،،  هو دِه ذنبي الوحيد اللي شكلي إكدِة هعيش اللي باجي لي من حياتي لجل ما أكفِر عنية 

 

تنهد فارس بأسي وتساءل بجدية  :  هنعملوا إية في المُصيبة اللي حَطت فوج روسنا دي يا يزن  ؟

 

أجابهُ بنبرة بائسة مُحبطة  :  أني خلاص مبجاش فارج لي،، ليلي بجت شبه غيرها

 

ثم نظر لهُ وتحدث بنبرة مُتألمة  :   صفا طلعت رايده قاسم وعشجاة يا فارس

 

يُتبع..