-->

الفصل الثامن - قلبي بنارها مغرم

 



الفصل الثامن

مرت السنوات السَبع سريعً علي أبطالنا سريعً ، حاول خِلالُها قاسم جاهداً علي أن يبتعد عن مرمي عيون صفا قدر المُستطاع كي يجعلها تناساه وسط زحمة دراستها الصَعبة وآنشغالها لكنهُ كان مخطئً وبشدة ،،

فمتي ڪان للحبيب أن يُنتَسي بمجرد الإبتعاد عن النظر ، فوالله ما زادها البُعد إلا ناراً وآشتياقَ

 

إنغمست هي الآخري ووضعت كُل طاقَتِها في دراستها،، ولكنها كانت حزينة ومُستغربة لتجاهله المُتعمد لها،، حيثُ أنه لم يعرض عليها طيلة السنوات السَبع بأن يُخرجها من حبستها داخل المدينة الجامعية ولو لمرةٍ واحده ويرفه عنها ثُقل دراستها

 

 

ولكنها أرجعت ذلك التجاهل والإبتعاد إلي غضبة الشديد الذي أصابهُ حين عَلم أنها قدمت اوراقها في چامعة القاهرة متجاهلة قرارهُ بخصوص جامعة سوهاج

 

أما هو فأبعد حالهُ عن النجع مُتعمداً قدر المُستطاع وأنغمس في دوامة العمل التي لا تنتهي حتي أصبح مكتبةُ من أكبر وأشهر مكاتب المحاماة في العاصمة بأكملها،، وذلك بمساعدة عدنان وإيناس التي غيرت من خِطتها تمامً في معاملتها مع قاسم وأصبحت مثلما يُريد،، او هكذا أوهمته،،

 

فقد أصبحت شخصية أكثر عملية،، ذات خُلق ظاهري فقط أمامهُ وأرتدت الحجاب وإلي حدِ ما أصبحت ملابِسها مقبولة ومُرضية بالنسبة له

 

تزوج يزن من ليلي وفارس من مريم مُنذُ عامان تحت ضغط كبير من جِدهما ،، رُزق فارس ومريم بطفلة رائعة الجمال أسمياها جميلة تيمُناً بجمالها الخَلاب،، وعاشا معاً وحاولا كلاهما جاهدان بتناسي الماضي والعيش من جديد لأجل طفلتهما،، والحقُ يُقال الطرفان لديهما الإستعداد للتجاوب وإعطاء حالهما فرصة آخري للحياة،، ولكن،، هل حقاً سيستطيعا التغلب علي نسيان الماضي ؟

 

أما يزن وليلي فلم يُرزقا بأطفال إلي الأن تحت حُزنها وحُزن والدتها وسعيهما بشتي الطرق لتحصُلا علي مُرادهما ،، وراء الأطباء تارة،، وتارةٍ أخري تسعي كلاهما إلي الدجالين والمشعوزين أملاً في حدوث الحمل كي تضمن بقائها مع حب العمر يزن الذي يحاول مِراراً أن ينسي صفا بليلي التي تعشقه،، ولكنها وللأسف ورثت من والدتها الغباء والتعالي،، حيثُ دائما ما تغار عليه من صفا وتفتعل المشاكل معهُ بسببها

 

وما زاد الطين بَله وأشعل نيرانها أكثر هو أن جَدها أسند إليه مُهمة الإشراف علي بناء المَشفي الخَاص بصفا،، وهذا ما جعل يزن وصفا يقتربا أكثر وخلق بينهما فرصً للحديث والتواصل أكثر وكان هذا سببً كفيلاً ليستدعي غيرتها المجنونه وأشعالها

 

وقد أسند الجَد تلك المُهمة إلي يزن بعدما تأكدت ظنونة التي طالما انكرها داخلهُ بإتجاة قدري بأنه خَائن للأمانة التي أسندها لهُ،، وذلك بعدما أتي إلية تاجر فاكهه وخضروات كبير وأخبرهُ علي إستحياء أن قدري قد طلب منه بأن يأتي إلي عتمان ويطلب شراء المحصول بأقل من الثمن المستحق وهو سيقنع والدهُ بأن هذا هو السعر الحالي ،، وأن يدفع التاجر الفارق لقدري مع بعض الخصم للتاجر ،، ولسوء حظ قدري أن التاجر كان يمتلك ضميراً مُستيقظً

 

--

 

وجاء يوم ظهور النتيجة،، تصفحت موقع الجامعة وكالعادة حصُلت علي بكالوريوس الطِب بدرجة إمتياز كعادتها طيلة السنوات السَبع المُنصَرمة بجامعة القاهرة

 

 

وبرغم سعادتها الهائلة التي لم يضاهيها مثيل إلا أنها حَزُنت بشدة لعدم إكتراث قاسم وإهمالهُ حضور يومً مميزاً بالنسبة لها كهذا أو حتي مهاتفته لها كي يطمئن عليها وُيشاركها فرحتها

 

كل الشواهد كانت تؤكد أنه لم ولن يعشقها يومً ولكنها تغاضت عن شعورها ذاك وحاولت جاهدة أن لا تصدق حَدسِها وعقلها الواعي الذي دائماً ما يلحُ عليها بإصرار طيلة الوقت ويأمرها بأن تتنازل عن ذاك العشق المُدمر لروحها ،،

 

ولكن يضل السؤال،، متي كان للعقل سلطان علي قلوب العاشقين

 

اخبرت والداها عن تخرجها بتفوق كعادتها مما أسعدهما حتي انهما باتَ يطيران من شدة سعادتهما، وتحركت متجهه إلي المَشفي بعدما هاتفت دكتور ياسر وأخبرته أنها بطريقها إلية كي تُشرف علي تجهيزات المَشفي التي سيفتتحها جدها ويُسلمها إدارتها عن قريب إحتفالاً بتخرُجها

 

دلفت إلي ساحة المشفي تستقل سيارتها الفارهه التي أهداها لها والدها عندما حصلت علي درجة الإمتياز في السنة الرابعة تحت إعتراض عتمان علي قيادتها للسيارة بنفسها ومخالفتها لعادات النجع وتقاليدةُ الصارمة التي تمنع ان تقود فتاه سياره بنفسها ،، ولكنهُ كالعادة سُرعان ما تراجع عن قرارة عندما لمح حُزنها بعيناها الجميلة والتي دوماً ما يضعف أمامها،، وأيضاً تحت إلحاح زيدان وإصرارة

 

ترجلت من السيارة تحت انظار ذاك الطبيب الشاب الذي كان مُعيدها بكلية الطب جامعة القاهرة ولكنها رأت به مشروع شريِكُ ناجح لها بالمَشفي،، وتحدثت معه واقنعته بأن يتفرغ للمشفي ويعاود معها إلي سوهاج ويستقر بها ،،

وبالنسبة لتعينهُ بالجامعة إقترحت علية بأن يتقدم بطلب أنتداب لجامعة سوهاج ،، ببداية الحديث رفض عرضها بحزمٍ شديد ولكنها أغرتهِ براتبٍ شهري عالي ونسبة من الأرباح سنوياً فوافق علي الفور،، كونِها فُرصة عظيمة لشاب مِثلهِ طموح في بداية مشواره العَملي

وبالفعل أتي إلي النجع مُنذُ أكثر من شهر وأستقر به وبدأ بالتجهيزات بمساعدة يزن

 

تحدث دكتور ياسر البالغ من العمر ثلاثةُ وثلاثون عاماً والذي يمتلك من المقاومات الرجولية ما يجعلهُ شابً وسيمً ويستطيع جذب أي آنثي تقع عيناها عليهِ عدا تلك العاشقة مُتيمة قاسِمُها : يا أهلاً وسهلاً بحضرة الزميلة العظيمة

 

وأكمل وهو يُشير ببداه مُداعبً إياها : خلاص يا طالبتي النجيبة،، بقيتي دُكتورة وزميلة رسمي

 

أنار وجهها وسعادة الدُنيا إرتسمت فوق ملامحها الرقيقة وتحدثت بنبرة سعيدة : كُله بفضل الله ثم وجفتك وياي يا دَكتور ياسر

 

أجابها مُعترضً : بلاش إنكار الذات اللي إنتِ فيه ده يا صفا ،، محدش وصلك للي إنتِ فيه ده بعد ربنا غير طموحك وتفوقك وإجتهادك و إصرارك العظيم علي النجاح

 

أجابته بشكر وآمتنان : مُتشكرة ليك چوي يا دكتور ،، ودالوك يلا بينا ندخلوا المستشفي لجل ما نشوف اللي ورانا ونچهز للإفتتاح اللي هيكون في أجل من شهر إن شاءالله

 

ودلفا معاً للداخل يتفقدان العُمال وهم يعملونَ علي قدمٍ وساق بأوامر حازمة من يزن المُكلف بمباشرة الأمر بأوامر من جده عتمان

--

 

عند الغروب توجهت للعودة إلي منزلها من جديد

 

دلفت إلي حديقة المنزل وصفت سيارتها بحرفية عالية ثم تدلت وكادت أن تُدلف إلي منزل أبيها لولا صوت يزن الذي صَدح من خلفها مُحدثً إياها قائلاً بنبرة صوت سعيدة : مبروك يا دَكتورة ،، عُجبال الماسيجتير والدكتوراة ويكونوا كالعادة بإمتياز

 

إستدارت بجسدها تنظر إليه بإبتسامة واسعة وأردفت قائلة بنبرة شاكرة : الله يبارك فيك يا باشمهندس

 

إقترب منها وتحدث إليها بنبرة حماسية : أظُن إكدة معادلكيش حِجة عَاد ، الإمتحانات وخلصناها والبكالوريوس وأخدناه بدرچة إمتياز مُرتفع ،، عاوزك من بكرة تفضي لي حالك لجل ما تتابعي وياي تچهيزات المستشفي،، خلاص الأجهزة علي وصول،، بكرة أو بعدة بالكَتير وتوصل

 

أجابته بنبرة هادئة : إن شاءالله من بكرة رِچلي علي رِچلك

 

واكملت بدُعابة : وإوعاك تكون فاكر إني مكُتش متابعة التچهيزات ،، أني كُنت بتابع كل الخطوات مع دَكتور ياسر ،، وحتي الأچهزة اللي هتوصل بكرة إختارتها وياه

 

تحدث إليها مُشيداً بذكائِها : بصراحة يا صفا إختيارك لدَكتور ياسر في إنه يشرف علي تچهيزات المستشفي بنفسية كان إختيار موفق ورائع،، الراچل ساعدني كَتير ده غير إنه وفر لنا وجت ومچهود في المشاوير اللي كنا هنروحها للشركات اللي بتورد الأچهزة دِي،، ده غير إنه بمعارفه إختار لنا أفضل الأسعار الموچودة في السوج

 

أردفت قائلة بإمتنان : دَكتور ياسر حد شاطر جداً وطموح لابعد حد ،، أول ما دخلت الكُلية كان هو لساته متعين مُعيد من سنتين،، والحجيجة كان مُميز چِداً وظاهر من بين كل زمايلة ،، فضلت مراجبة تصرفاته ونشاطاته المُشرفة في الكلية من بعيد لحد ما أتوكدت إنه إنسان صادق وعلي خُلق ،

 

وبعدها عرفته عليا وجولت له علي جرار چَدي الخاص ببني المستشفي،، وعرضت علية في إنه يجدم علي إنتداب لچامعة سوهاچ وياجي يشرف علي تچهيزاتها جنب شغله في الجامعة،، وكمان يتعين إهني في المستشفي العام ، لحد ما أني أخلص،، بس هو رفض بشدة

 

وأكملت وهي تضحك : بس أني أغريته بالمرتب اللي مهيلجهوش في أي مستشفي إستثمارية في القاهرة بحالها

 

إبتسم لسعادتها وتحدث بإطراء علي ذكاءها : خطوة موفجة يا صفا ، إنتِ كُنتي محتاچة واحد فاهم لجل ما يساعدك في التچهيزات وفي نفس الوجت مخلص وأمين

 

تحدثت إلية بتفكر : إيوا صُح يا باشمهندس جبل ما أنسي ،، عاوزاك تجعد وياه لجل ما تختاروا الدَكتورة الچديدة اللي هتتعين في تخصُص أمراض النسا ،، هو معاه ال C.V الخاصة بيهم

 

ومن بين حديثهما الشائِق إستمعا كلاهما إلي صوت تلك الغاضبة التي صدح من خلفهما وهي تتحدث إلي زوجها بنبرة حادة : ولما أنتَ إهني في السرايا معتردش علي مكالماتي لية يا يزن ؟

 

نظر إليها مُستغربً حدتها ونبرتها العالية وأردف قائلاً بتبرير : تلفوني عاملة Silent من لما كُنت مع العمال في المُستشفى الصُبح ونسيته

 

ثم تابع حديثهُ مُنتقداً إسلوبها الحاد : وبعدين حِسك عالي ليه ؟

 

و مالك داخلة فيا زي الجطر الجشاش إكده لية

 

نظرت إليه وتحدثت بضيق وبنبرة معاتبة : أني زي الجطر يا يزن ؟

 

وكادت أن تُكمل لولا مقاطعت صفا التي تحدثت بلين : صلوا على النبي وإهدوا إكدة يا چماعة

 

لم تُكمل حديثها وأبتلعته بجوفِها وذلك لحِدة تلك المُقاطعة لها التي تحدثت إليها بنبرة حاقدة : خليكي في حالك وحياة أبوكي و وفري نصايحك الخيبانة دِي لنفسك،، وكفاية إن كُل خِناجَاتنا ومشاكلنا بسببك

 

بسببي أني؟

جملة تساءلت بها صفا بتعجُب وذهول ظلُ وهي تُشير بسبابتها علي حالها

 

فأجابتها هي بصياحٍ حَاد : إيوة بسببك وبسبب مُستشفي الهَم اللي واخدة وجت جوزي كلياتُه لدرچِة إني معرفاش أجعد وياه ساعتين علي بعض

 

نهرها يزن قائلاً بحدة : وبعدهالك عَاد يا ليلي، مهتزهجيش منيه حديتك المَاسخ دِي ؟

 

وتحدث وهو يُشير إليها بيده للأمام : مَشي جِدامي علي فوج، صفا مذنبهاش حاجة في إنها تُجف وتِسمع خناجاتنا وحديتنا التافة دِي

 

تحدثت صفا إلي يزن قائله بهدوء : معلش يا يزن هحرمك من مَرتك عشر دجايج بس هنتكلموا فيهم لحالنا وبعدها تطلع لك علي طول

 

نظر إليها وتحدث بطاعة ونبرة حنون أثارت جنون تلك الليلي وأشعلتها أكثر من ناحية صفا : إنتِ تؤمري يا دَكتورة

وأكمل مُنسحبً : بعد إذنك

 

بعد صعُودهُ لدرجات سُلم المنزل ربعت ليلي ساعديها ووضعتهما فوق صدرها وتحدثت بنبرة رخيمة : خير،، جولي اللي عِندك وإنچزي عشان مفضيالكيش أني

 

تحملت صفا نبرتها السخيفه وامتصت حُزنها من تلك المعاملة التي طالما تُعاملها بها وإلي الآن لم تَعي ولا تجد سببً مُقنعً لتلك المعاملة،،

تنهدت بأسي وتحدثت بنبرة هادئة : حاضر يا ليلي،، مهأخركيش

 

وأكملت بنبرة جادة عملية : أني طلبت من دَكتور ياسر إنه يسأل لي علي دَكتور نسا وتوليد زين وهو كتِر خيرة جاب لي إسم دَكتور في القاهرة إسمة كَبير جوي ،، ولما سألت عليه زين لجيتَه ماشاء الله شاطر چداً في مجالة،، و كان سبب في إن ربنا رزج سِتات كَتير بالخِلفة بعد سنين كَتير خدوها چري من دَكتور للتاني

 

وما كان من الآخري إلا أنها شنت عليها حربً هجومية حادة قائلة بنبرة حادة : وإنتِ مالك يا جِلفة بالموضوع دِه،، تتدخلي ليه في اللي مايخصكيش ،، مالك إنتِ إن كُنت أخلف ولا ما أخلفش

 

تراجعت للخلف من شدة هَلعها من هجوم تلك المجنونه وتحدثت مُفسرة : مالي كِيف يعني يا ليلي،، إنتِ ويزن ولاد عمي يعني كِيف إخواتي بالظبط ، وحجكم عليا إني أساعدكم في حل مشكلتكم خصوصاً إنها في نفس مجالي وإني بسهوله اجدر أوصل للي يجدر يساعدكم

 

رمقتها بنظرات نارية وتحدثت بنبرة شاعلة : تِعرفي يا صفا ،، أني لو دخولي للچنة هياجي من ناحيتك ويكون لك يد فية يُبجا بلاها ومعيزهاش

 

إتسعت أعين صفا وأردفت بتعجب : للدرچة دي،، لية ده كلة يا بِت عمي ؟

عِمِلت لك إيه أني أستاهل علية مُعاملتك وكلامك دِي ؟

 

أجابتها بحدة وغلٍ دفين : أصل المحبه والكُرة دُول بياچوا من عند ربنا ،، وإنتِ سبحان الله ربنا وضع كُرهك في جلبي من وجت ما كُنا عيال صِغيرين بنلعبوا في الچنينة ،،

 

وأكملت بغلٍ وحقدٍ ظهر بعيناها : من يوم يومي وأني اطيج العَمَا ولا أني أشوفك جِدامي

 

واسترسلت حديثها وهي تُشير بسبابتِها بنبرة محذرة : إسمعي زين يابِت إنتِ ، حياتي أني وچوزي خَط أُحمَر بالنسبة لك، تِبعدي عنينا وإوعاكِ تفتحي المُوضوع ده مع أي حد تاني وبالخصوص يزن ،، وإبعدي عن يزن أحسن لك بدل ما أحُطك في دماغي وأكَرِهِك في عِيشتك وأخليها لك چُهنم الحَمرا

 

وأكملت بتأكيد : فَهماني يا بِت ورد؟

 

كانت تستمع إليها بإستغراب تتساءل حالها بحيرة ،، لما كل هذا الكُرة،، ماذا فعلتُ لكِ لأجني كل ذاك الحقد والكرة من قلبكِ المُحملُ بالسواد أيتها الحَمقاء

 

دققت النظر إليها ثم هتفت بنبرة قوية : طول عُمرك وإنتِ بتندهي لي بِبِت ورد وكأنها وصمة عَار وشتيمة ولا عِيبة في حَجي ،، بس اللي متعرفهوش إني بحس بكياني وجِيمتي لما حد بيجول لي يابِت وَرد

 

وأكملت بقوة وشموخ ورأسٍ مرفوع بكبرياء : صُح أني بِت ورد وليا الشرف يا بِت فايقة ، بِت ورد اللي ربتني أحسن تربية وطلعتني نفسي سويه،، مش واحدة مريضة زيك ودايرة اوزع كُرهي وحِجدي علي الناس من غير أسباب إكدة

 

ردت عليها ليلي وتحدثت بحقد : أني مش مچنونه لجل ما أكرهك من غير أسباب يا دلوعة أبوكي ،، أسبابي واعرة،، واعرة جوي بس أحب أحتفظ بيها لنفسي

 

وأكملت بعيون مشتعلة : ودالوك إخفي من وشي وإياك تنسي الكلام اللي جولتهولك من شوي ،، ده لو خايفة علي حالك وعاوزة تتِجِي شَري اللي منتيش حِملُه

 

وتحركت للداخل تحت نظرات صفا المتعجبه التي تحدثت بصوتٍ مسموع لأذنيها : ربنا يشفيكي من حقد جلبك اللي هينهي عليكي يا بِت عمي

 

وأنسحبت خُلفها لداخل منزل جدها

دلفت للداخل وجدت أمامها نجاة زوجة عمها التي إبتسمت في وجهها بسعادة وتحدثت إليها مُهنئة : ألف بركة يا دَكتورة،، عُجبال الچواز يا بِتي

 

إبتسمت لها وتحدثت بحنان : يبارك في عُمرك يا مرت عمي

ثم تساءلت : چِدي وينه ؟

 

أجابتها وهي تُشير بسبابتِها إلي باب الحُجرة : چدك جاعد في المُندرة وَيّا عَمك مُنتصِر ،، إدخُلي لهم

 

تحركت بالفعل ودلفت بعد الإستئذان وقبلت يد جدها الذي تحدث بنبرة فخورة : يا مَرحب بالزينة اللي شَرفِتني وبَجَت دَكتورة جَد الدِنيي

 

إبتسمت له وأجابتهُ بنبرة سعيدة : كُلة بفضل ربنا وبفضل تشجيعك ليا يا چدي

 

ثم تحركت لعمها وتحدثت بإحترام وهي تمد يدها لمصافحته : كيفك يا عمي ؟

 

أجابها بنبرة حنون وعيون مُحبة : كيفك إنتِ يا زينة البنات

 

أجابته : الحمدلله يا عمي،، بخير

 

وجلست بجانب جدها تُحدثهُ وتُخبرهُ إلي أين وصلت تجهيزات المَشفي ،،

دلفت جدتها التي تحدثت بسعادة : مَبروك يا دَكتورة

 

وقفت سريعً ومالت بقامتها علي كف يد جِدتها لتقبله ثم تحدثت : يبارك في عُمرِك يا چَدة

 

تحدث إليها عمها مُنتصر قائلاً : أظن ما آن الأوان لجل ما نفرحوا بيكي بجا يا دَكتورة

 

رد عليه عِتمان وهو ينظر لخجل وأبتسامة غاليته : خدتها من علي طرف لساني يا مُنتصر،، چهزي حالك يا ست العرايس عشان فرحك علي واد عَمك بعد سِبوعين

وأكمل : و أني هكلم قاسم بالليل لجل ما يچهز حاله هو كمان

 

ثم نظر لزوجته وتحدث بأمر. : وإنتِ يا حاچة رسمية ،، چهزي حالك إنتِ وفايقة والحريم وشوفوا اللي لازم للفرح،، وجهزوا الشُجة عشان العزال هياچي كمان يومين

 

كانت تشعُر بأن ساقيها لم تَعُد قادرة علي حِملها ،، أرادت أن تصرخ وتدور حول حالها من شدة سعادتها،، كم تمنت في تلك اللحظة لو أن لها جناحان،، لطارت وحلقت وتراقصت بين السّحاب كي تُشاركها العصافير متغنية بزقزقتها

--

داخل مسكن فارس الذي كان يجلس غُرفته قابعً علي سريرةُ يقرأ كُتيبً بيدة

 

دلفت مريم إلية حاملة طفلتها التي بالكاد تُكمل شهرها السادس وتحدثت بإقتضاب : هو آنتَ مهتزهجش من الجَعدة لحالك إهني يا فارس ؟

 

وضع كُتيبهُ جانبً فوق الكُومود وأشار بيدة إلي طِفلتهِ الجميلة التي ما إن رأته حتي بسطت يداها مُشارة إلي عزيزِ عيناها

 

إلتقطها فارس وسُرعان ما أدخلها بأحضانه وبات يُزيدها ويُنثر عليها قُبلاتهُ الحنون بلهفة وشوق وسعادة وكأنهُ وجد العوض داخل حُضن صغيرتهُ

 

ثم نظر لتلك التي تضُم شفتيها بحُزن وتساءل ساخراً : مالك يا مريم علي المسا ،، جالبة خِلجتك لية إكدة ؟

 

 

أجابته بإقتضاب : زهجانة يا فارس ،، نفسي أخرُج من السجن دي ونسافر لحالنا لأي مكان نتفسحوا فيه

 

قطب جبينهُ فأكملت وهي تُجاورهُ الجلوس : تعالَ نسافر مصر ونُجعد لنا جَد إسبوع في شُجت عمك زيدان،، نفسي أتفسح وأروح السينما يا فارس، نفسي أشوف دُنيا غير دنيتنا المجفولة دي

 

أجابها بعدم إهتمام لحالتها : ما آنتِ خابرة زين أني مفاضيش يا مريم ،، إبجي روحي مع عمك زيدان لما ياچي يسافر هو وصفا ومرته

 

أجابته بنبرة حادة : مبرتاحش وَيَا صفا وإنتَ عارف إكدة زين ،، الكام مرة اللي سافرتهم وياهم كُت بحس حالي مخنوجة وممرتحاش،

 

أردف بنبرة حادة معاتبً إياها : يادي صفا اللي حطاها فوج راسك وزاعجة إنت وليلي ،، البت في حالها ومبتجربش منيكم ،، مالكم بيها سبوها في حالها

 

حزنت من طريقته الحادة معها وتحركت إلي الشُرفة ووقفت بها تاركة إياه بصحبة إبنته والذي بدأ بمداعبتها وملاطفتها تحت ضحكاتها العالية التي تُعبر عن مدي سعادتها المفرطة

--

 

دلفت إلي منزلها عائده من منزل جدها بقلبٍ وروحٍ هائمة،،وجدت والدتها تَخرج من المطبخ فتساءلت بنبرة لائمة : كُل دِه تأخير يا دَكتورة ؟

أبوكِ مداجش الوَكل وجاعد مستنيكي لجل ما يتغدا وياكي

 

أردفت قائله بذهول : جاعد لحد دالوك مستنيني،، ده المغرب جَرب يأذن يا أماي

 

تحدثت إليها ورد علي عُجالة : طب يلا إندهي لأبوكي من الأوضة علي ما أچهز السُفرة أني وصابحة

 

أطاعت والدتها وتحركت إلي حُجرة أبيها،، وقفت وطرقت بابها بهدوء،،

إستمعت إلي صوت أبيها قائلاً : إدخلي يا دَكتورة

 

دلفت وطلت برأسها وأبتسامة خلابه ظهرت علي محياها وتحدثت لذاك المُمسِك بهاتِفهِ يتصفحهُ : وكيف عِرفت إن أني اللي علي الباب مش أمي

 

إبتسم لها وأردف ساخراً : عشان إنتِ الوحيدة اللي عتخبطي علي الباب جَبل ما تُدخُلي يا جلب أبوكي ،، لكن أمك عتدفع الباب دَفع كيف المُخبرين لما يَاچو يجفِشوا المُچرم وهو مُتلبس بچرِيمته

 

أطلقت ضحكة عالية وتحدثت وهي تقترب علية : طب ولما حضرتك صَاحي وجاعد علي التلفون،، حابس حالك إهني لية،، مجعدتش في البراندا في الهوا ليه يا أبوي

 

أجابها مُفسراً : ما آنتِ عارفة أمك،، عطيج العمي ولا تطيجش تشوفني ماسك التَلفون وجاعد علي الفيس بوك

 

عتحبك وتغير عليك يا زينة الرچال ،، جملة قالتها صفا مفسرة

 

أجابها بهدوء : علي أية بس يا بِتي،، هو أني عَاد فيا حاچة لجل ما تغير عليا بيها

 

تحدثت بإستهجان : إنت زيدان النُعماني زينة رچال نجع النُعمانية كلياتهم ،، وعتفضل إكدة ،، معتشوفش حالك في المراية إنتَ إياك ؟

وأكملت بتفاخر : طب ده أني صحباتي لما شافوك معاي لما چيت لي الچامعة مصدجوش إنك أبوي ،، جالولي يابخت أمك بيه

 

قهقه عالياً ثم جلست بجانبة وتحدث هو مُتسائلاً بنبرة جادة : أخبار تچهيزات المُستشفي إية ؟

 

أجابته بنبرة عملية : الأچهزة اللي جِدي مُتكفل بيهم هيوصلوا وهيتركبوا بُكرة إن شاء الله

وأكملت : أما بجا أچهزة غرفة العناية المُركزة اللي حضرتك إتبرعت بيها هتوصل بعد إسبوع ،، وكمان الأجزخانة اللي حضرتك عِملتها جِدام المستشفي لغير الجادرين،، الدَكتور ياسر جال لي إن شركات الأدوية هتوصل جبل الإفتتاح بيوم وتچيب المطلوب كِلياته

 

وأكملت بإمتنان : ربنا يچعلة في ميزان حسناتك يا حبيبي ويعطيك ويزيدك من فضلة

 

إبتسم لها وتحدث مُتمنياً : تسلمي يا بِتي،، ربنا يجعلها فتحة خير عليكي إن شاءالله

 

أردفت مُكملة : تسلم يا أبوي،،. چدي جَال لي أخلي الكَشف لأهل النچع الغير جادرين مجاناً،، وكمان النچوع اللي حوالينا أي حد هياجي يكشف ويجول إنه غير جادر هيكشف من غير مايدفع حاچة ،، لكن سعر الكشف للجادرين هيكون عادي

 

وتحدثت وهي تقف لتحِسهُ علي التحرك للخارج : أمي زمناتها چهزت السُفرة ،، يلا بدل ما تِطُب علينا ووجتها مهنخلصوش

 

إبتسم لها وتحرك إلي الخارج ليتناول غدائةُ وسط حبيبتاه ومبتغاه من الحياة

 

--

إقتحمت ليلي حُجرة والدتها وتحدثت إليها بنبرة مُتذمرة : وبعدهالك عَاد يا أماي،، عتفضلي سيباني لحد مِيتا وموضوع الخِلفه مِعلج إكدة ؟

 

خليتي سيرتي لبانة في حَنك اللي تسوي واللي متسواش وچرأتي العالم الرِمَم عليِا

 

هتفت بها فايقة بنبرة مستفسرة : خَبر إية يا بِت خلعتيني ،، مالك داخلة شايطة ومشعلِلة كِيف البوتچاز إكدة

 

اجابتها بنبرة غاضبة : عايزاكي تشوفي لي حل ،، لازمن تَاجي معاي بُكرة عِند الشيخ مصيلحي لجل ما يعمل لي عمل تاني بدل الخيبان اللي عِملهولي ومچابش نتيچة دِي

 

تنهدت فايقة بأسي وتحدثت بنبرة مهمومة : والله شكل كسرتي هتكون علي يدك إنتِ يا ليلي ،، شكلك إكدة عتشمتي فيا كِلاب العيلة والنچع كلياته

 

حزنت ليلي وأمتلئت عيناها بعبرات الدموع ،، فتحدثت إليها فايقة كي تُطمئنها : إهدي يا بِت ،، لسه بكير علي البُكا والنواح يا حزينة

أني هروح وياكي بكرة للمحروج اللي إسمية مصيلحي ولو العمل بتاعه مجابش نتيچة هروح ل أبونا الجَسيس ،،

 

وأكملت بإشادة : عيجولوا اللي يتوه فيها الكُل عيخلصها هو بجعدة واحدة

 

إتسعت أعيُنها ببريق أمل وتحدثت بنبرة حماسية : ولما هو واصل إكدة ساكته كُل دِه وسيباني ألف علي الدچالين والنصابين و وصفاتهم اللي هتچيب أچلي دي لية ،، ولا الدكاترة اللي هروني شكشكة وهروا معدتي من الأدوية اللي من غير فايدة

 

أجابتها بشرود : كِل شي بأوانه يا بِتي،،كل شي بأوانه

--

 

مساءً

كان يتحرك داخل رواق مکتبه الذي أصبح من أشهر وأكبر مكاتب المحاماة في العاصمة ويرجع ذلك لذكاء قاسم الخارق بمجاله وأيضاً مساعدة إيناس وعدنان له ، كانت تخرج من مكتبها المخصص لها بجوار عميل هام للغاية لتوصيلهُ كنوعٍ من التقدير والإحترام له

 

نظرت لذاك الذي يتحرك داخل الرواق أتياً عليها بطلتهِ وهالته الساحرتان ، وقف مقابلاّ لها كي يُرحب بالعميل الذي تحدث إليه بتقدير : أكيد أنا حظي من السما إنهاردة علشان شفتك يا قاسم بيه

 

إبتسم له قاسم ومد يدهُ ليصافحةُ بحفاوة قائلاً بتِرحاب : مُهاب باشا،، أنا اللي زادني شرف إني إتشرفت برؤية معاليك يا سعادة الباشا

 

وأكمل بتساؤل : أتمني تكون سعادتك راضي عن شغلنا المتواضع بالنسبة لقضايا شركتك في الفترة الآخيرة

 

إبتسم الرجل وتحدث إلية : كل الرضا يا متر

وآسترسل حديثهُ بإطراء وإعجاب : الحقيقة إني لازم أعترف إن شغل مكتبك ممتاز ويعتبر إنت وباقي فريقك من أكفئ الناس اللي تعاملت معاهم في مجال المُحاماة في مصر كلها ،

 

وأكمل مُتذكراً : وبالمناسبة أحب أهنيك علي قضية كارم عبدالسلام اللي شاغلة كل الوسط،، لدرجة إن الناس اليومين اللي فاتوا ملهمش سيرة غير في الكلام عنها ،، وعن مرافعتك اللي كانت عالمية والبراءة اللي جبتها له بعد المؤبد الحَتمي اللي كان لابسة بالتأكيد

 

ثم حول بصرهِ إلي إيناس وتحدث بإطراء مُشيراً إليها بتعظيم : وطبعاً ده الطبيعي لما يكون وراء رجل عظيم زيك إيناس رفعت عبدالدايم

 

إبتسم قاسم وأقتربت إيناس من وقوف قاسم وأردفت قائلة بشكر : ميرسي يا أفندم علي المجاملة الرقيقة دي

 

ثم نظرت إلي قاسم وتحدثت بإعجاب وإطراء : بس الحقيقة أنا اللي محظوظة إني أكون شريكة قاسم النعماني في الشغل وكمان في الحياة

 

ضل الجميع يتبادلن المجاملات وبعد مدة تم توديعه ثم تحرك قاسم بصحبتها إلي داخل مكتبه الخاص

 

وبمجرد دخولهما تحدثت هي بعملية : عندك مقابلة مع سليم النحاس كان نُص ساعة بالظبط

 

كاد أن يرد عليها قاطعةُ صوت رنين هاتفهُ الشخصي ليعلن عن وصول مكالمة من أحدهم

 

نظر لها وأردف قائلاً : دي أمي

 

أجابته بعملية كعادتها : طب رد عليها شوفها عاوزة أيه؟

 

وبالفعل ضغط على زر الاجابة وتحدث الى والدته باحترام : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أزيك يا أمّا،، أخبارك إيه

 

على الطرف الأخر ردت عليه فايقه وهي في قمه سعادتها لإقتراب تحقيق حُلمها التي عاشت تُنسج خيوطهُ بين يديها : أني بخير يا ولدي، حبيت أفرحك وأخبرك إن شهاده صفا بانت إنهاردة الصُبح وچِدك جال إنه هيكلمك عَشِية لجل ما يحدد ويَاك معاد الفرح وتشوفوا وَيَا بعض هتتمموه مِيتا

 

أغمض عيناه و زفر بضيق وأخذ نفسً عميقً ثم وضع كف يده فوق شعره وسحبه للخلف بشدة في حركه تدل على مدى غضبه وضيقة و تحدث إليها بلا مبالاة : بعدين يا أمّا ،، إجفلي دالوك ونتكلم بعدين في الموضوع دِه

 

أجابته فايقة مُستغربه مدى حِدة صوته وتحدثت إليه بحنق وضيق : إيه هو اللي بعدين دِه يا قاسم ؟

 

وأكملت بتعجب : أما آنتَ أمرك عچيب صحيح ،، بجول لك چِدك عايزك لجل ما تتكلموا في تمام زواجك علي بِت عمك اللي إنتظرناه من سبع سنين علي نار،، تجوم تجول لي بعدين

 

هُنا لم يستطع تمالك حاله وأرتفعت نبرة صوته بحده وغضب قائلاً : جُلت لك بعدين يا أمّا ورايا شغل مُهم ومش فاضي أنا للكلام الفارغ ده

 

ردت فايقة بصدمه : كلام فارغ ؟

هو أية ده اللي كلام فارغ يا قاسم ، بكلمك عن فرحك اللي مستنياه بفارغ الصبر بجالي ياما وإنت تجول لي كلام فارغ ؟

وأكملت متساءلة بذكاء : مترسيني علي اللي في دماغك وتجول لي ناوي علي أية يا وَاد بطني ؟

 

أجابها بحدة ونبرة صريحة : أرسيكي يا أم قاسم ، أنا مش هتچوز صفا حتي لو إنطبجت السما علي الأرض، لأني بحب واحدة زميلتي في المكتب وهتچوزها والكلام ده أنا هاجي بنفسي وهجوله لچِدي وللچميع

 

وبعد إذنك مُضطر أجفل السكة علشان ورايا شغل كَتير وحضرتك معطِلاني عَنيه

 

وأغلق الهاتف تحت ذهول فايقة التي نظرت إلي قدري الذي دلف للتو من باب الحُجرة وتساءل بإهتمام : بتتخانجي ويا مين في التلفون علي المسا يا فايقة ؟

 

تحدثت إلية ومازالت تنظر بهاتفها بذهول : تعالّ شوف المُصيبة اللي وجَعت وحطَت فوج روسنا يا قدري

 

إتسعت عيناه وشعر برجفة تسري بجسدة وهو ينظر لهيئتها المُخيفة التي تشير بوجود كارثة كُبري بالفعل : مُصيبة أية يا مّرة كفانا الشر

 

أجابته بتقطيم : ولدك البكري ، حضرة المحامي العاجل المُحترم اللي دماغة توزن بلد

 

وبدأت تقص عليه ما دار بينهما تحت ذهول قدري وإستشاطته وغليانه من أفعال نجله الذي يريد الإطاحة بحلمه في أن يستحوذ علي أملاك زيدان أجمع

 

--

 

أما عند قاسم الذي حَزن داخلة لأجل صفا وما سيعود عليها من ذاك الخبر

 

جلست إيناس فوق مقعدها واضعة قدمً فوق الأخري وتحدثت بهدوء : إهدا من فضلك يا قاسم وخلينا نرتب الكلام اللي هتقوله لجدك علشان ما يغضبش عليك ويعمل معاك زي ما عمل مع عمك

 

أجابها بحده ونبرة رافضة لحديثها : أنا لا هرتب كلام ولا هتكلم مع جدي من أصله واللي حابب يعمله يعمله

 

وأكمل بنبرة حزينه : أنا كل اللي فارق معايا في الموضوع ده هي صفا ومشاعرها اللي ممكن تتأذي

 

نظرت إليه بضيق وغيرة ولولا علمها بأنه لا يَكِن لها أية مشاعر لغضبت ولاشعلت الحوار بينهما

 

وأكمل هو بنبرة عاقلة : أنا هسافر سوهاج حالاً وهتكلم مع صفا وهقولها إنها تستاهل حد أحسن مني وهخليها هي بذات نفسها اللي تروح لجدي وتطلب منه فسخ الخطوبة

 

أردفت إيناس مُتساءلة بنبرة قلقة : وتفتكر إن جدك هيسمع لها وفعلاً هيوافق علي فسخ الخطوبة بالسهولة دي؟

 

أجابها بيقين وتأكيد : جدي هيتفهم الموقف وخصوصاً إنه هيبقا طلب صفا ، هو صحيح جدي راجل صعب وصارم وشديد وبيفرض أوامرة علي الكل من غير نقاش،، لكن بييجي لحد صفا ويقف ،، دايماً بيعاملها بلين وبيحاول يرضيها علي قد ما يقدر ، وأكبر دليل علي صحة كلامي ده هو تراجعه في موضوع دخولها كلية الطِب بعد ما كان رافض

 

ضيقت عيناها بإستغراب وتساءلت بإهتمام : وإشمعنا يعني صفا هي اللي جدك بيعاملها بالطريقة اللينة دي ؟

 

نظر لها بتعمق وأردف قائلاً بشرود : تعرفي إن طول عمري بفكر في إجابة للسؤال ده،، إشمعنا صفا هي الوحيدة اللي جدي بيعاملها بالطريقة الرحيمة دي دونً عن كُل أحفادة

 

وجهت سؤالها إليه : وياتري لقيت لسؤالك ده جواب ؟

 

هز رأسه بإيماء وأردف قائلاً : بعد حيرة وتساؤلات كتير أخيراً لقيت السر لإجابة سؤالي في عيون جدي

 

نظرت إلية بإستغراب مضيقة العينان فأكمل هو : لقيت إجابتي لما شفت جدي الراجل القاسي الحكيم اللي طول الوقت نظرت عيُونه صارمة وتشبة عيون الصقر في حدتها وشرها وقسوتها،،

 

واللي هي هي في نفس الوقت أول لما بيشوف عمي زيدان داخل علينا بلاقي فيهم حب وعطف وحنان عمري ما شفتهم وهو بيبص لأي حد فينا،،

 

وأكمل بشرود : وكأنه إتحول وبقا راجل تاني أنا ما أعرفهوش ،، ساعتها بحس إنه نفسه يجري عليه وياخدة في حضنه بس كبريائة وعِنده ودماغة الصعبة هم اللي بيمنعوة من إنه يعمل كدة

 

نظرت إليه وتساءلت : بس اللي أنا فهمته منك إن علاقة جدك بعمك عمرها ما رجعت تاني زي زمان من بعد ما عَصا أمرّة

 

أومأ لها بإيجاب : ده اللي ظاهر لينا كُلنا وحتي لعمي زيدان نفسه،، برغم إني مُتأكد من جوايا إنه سامحه وقلبه صفي من ناحيته

وأكمل وهو ينظر أمامهُ بشرود : يمكن خايف من نظرات الكُل ليه ولومهم لما يلاقوا كبيرهم اللي عمرة ما رجع في كلمه قالها أو أصدر حُكم ورجع تاني فية،،

 

أو يمكن خوف مثلاً من إنة لو سامحه يبقي كدة بيدي مبرر وفرصة لباقي العيلة إنهم يتمردا علي قراراته ويعصوها

 

وآسترسل حديثهُ بتأكيد : بس اللي أنا متأكد منه هو إن جدي بيعامل صفا المعاملة اللي كان نفسه يعاملها لعمي زيدان،، يعني لما بياخدها في حُضنه ويضُمها جامد بحس إنه بيضم عمي زيدان وبيحضنه هو ،،

 

جدي بيعوض حرمانه من إبنه في صفا ،، واكبر دليل علي كلامي ده الأرض اللي جدتي كتبتها لصفا،، واللي انا متأكد من جوايا إن جدي هو اللي طلب منها تعمل كده علشان يرضي ضميرة ناحية إبنه اللي كبريائة مانعه من إنه يعلن للكل إنه سامحه وعفا عنه ويرجعه تاني لحضنه زي زمان

 

تحدثت إلية بإستغراب : بصراحه يا قاسم من كتر كلامك عن جدك وتفكيره الغريب ده إبتديت أخاف منه وأستغربه في نفس الوقت

 

أخذ نفسً عميقً ثم زفرهُ و وقف وتحدث إليها وهو يُلملم اشيائهُ الخاصة من فوق المكتب : أنا لازم أسافر الوقت حالاً سوهاج علشان أتكلم مع صفا وأنهي الموضوع مع جدي

 

تحركت إليه وتحدثت بنبرة تحذيرية : أوعي تتهور وتخسر جدك ورضاه عليك يا قاسم

نظر إليها مستغربً حديثها ثم تحرك للخارج

 

--

 

تحرك بسيارته متجهً إلي مطار القاهرة الدولي وفي طريقهُ قرر أن يُهاتف صفا كي تنتظره وينهي معها تلك الحكاية التي أرهقت كيانه وأشعرته بالدُونيه وعدم الإرتياح طيلة السنوات السَبع الماضية

 

وما أكد داخلة شعور أنه يمضي بالطريق الصحيح هو زيجات فارس ويزن وتعاستهما وروتينية حياتهما التي يحياها كُلً منهم مع شريكة الذي فُرض علية جَبراً،، فصمم اكثر علي أن ينأي بحالهِ وصفا من تلك الزيجة التي لم يجني كلاهُما منها غير التعاسة كالبقية

 

أمسك هاتفهُ وضغط علي زر الإتصال برقم تلك التي كانت تجلس بالفرندا الخاصة بمنزل والدها ، تنظر أمامها بشرود وحزن لأجل عدم تقدير ذاك الحبيبُ لها،، إستمعت إلي رنين هاتفها يصدح معلناً عن وصول مكالمة، نظرت بشاشته وإذ برعشة قوية تغزو قلبها وتهز جسدها بالكامل وزُين ثغرها بأجمل إبتسامة لأرق عاشقة

 

وبلحظة كانت ضاغطه علي زر الإجابه وهي تتحدث بنبرة حزينة مُنكسرة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

تنهد وحزن داخلة لنبرتها الحزينة وأجابها : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، كيفك يا صفا وكيف أخبارك

 

أجابته بمعاتبة لطيفة : تهمك أخباري صُح يا قاسم ؟

 

أجابها بنبرة صادقة : طبعاً تهمني وربي شاهد يا صفا،، أني عارف إنك زعلانه علشان مكلمتكيش وباركت لك علي التخرچ

 

وأكمل مفسراً بنبرة زائفة كي لا يُحزنها : بس غصب عني،، الشغل في المكتب كتير جوي اليومين دول وعندي كام قضية مهمين شاغلين دماغي وجلساتهم جربت وواخدين كل إهتمامي

 

حزنت من داخلها علي حديثهُ الرسمي معها والذي تتبعه معها منذ أن تمت خطبتهما إلي الآن وأردفت قائلة بنبرة مستسلمة : ربنا يجويك يا متر

 

شكرها ثم تحدث بنبرة مُترددة : صفا،، أني چاي سوهاچ بعد ساعتين إكده إن شاءالله ،، عِندي كلام يُخصك ولازمن تسمعية مني

 

إستغربت نبرة صوته المُرتبكة وأردفت مُتسائلة : كلام أيه دي يا قاسم اللي عاوز تكلمني فيه ؟

 

أجابها بنبرة صارمة : لما أچي هتِعرِفي يا صفا ،، المُهم عاوزك تستنيني في الچِنينة من ورا لجل ما نتكلموا براحتنا وأجول لك علي كُل اللي جواي

 

أغلقت معه الهاتف وتساءل داخلها عن ماذا يريد منها قاسم في ذاك الوقت المُتأخر ؟

 

يُتبع..